روايات

رواية مملكة الصعيد الفصل السادس عشر 16 بقلم سالي دياب

رواية مملكة الصعيد الفصل السادس عشر 16 بقلم سالي دياب

 

البارت السادس عشر

 

خرجت النساء مسرعات من السرايا حين دوّى صوت احتكاك عجلات السيارة في الخارج بعنف، وما إن رأين المشهد حتى شهقن بصدمة: لقد نزلت عنايات وهي تسحب ريناد من السيارة بوحشية.
2
يا إلهي… كيف أصف ما تراه عيناي الآن؟! ما يحدث أمامي تجاوز كل معاني الجبروت والافتراء.
هذه المرأة التي نزعت الرحمة من قلبها واستبدلتها بحجر صلد لم تعبأ بسمعة شقيقها أو بستر عرضه، بل جاءت بالفتاة المسكينة التي تحاول أن تخفي جسدها عن أعين الرجال. جاءت بها بهذا الثوب القطني القصير الذي بالكاد يسترها، وبشعر منكوش وحال يرثى له، حافية القدمين، وجهها الملائكي الشاحب ملطخ بدموع القهر.
3
اتسعت عينا شعبان حين رأى زوجة كبير المملكة بهذه الهيئة الفاضحة، فالتفت حوله مرتبكًا، ثم انسحب ببطء متسللا من بين الرجال، محاولا ألا يلحظه أحد.
أما عنايات، فكانت تجرّ ريناد بخطواتها العرجاء إلى الداخل، بينما النساء مذهولات، وقد أيقن أن الفتاة لم تمت كما اعتقدن، بل ها هي حية ترزق، وبطنها المنتفخ يُعلن أن الجنين ما زال على قيد الحياة.
صرخت ريناد بألم عندما دفعتها عنايات على الأرض فسقطت على جانبها الأيسر، وضعت يدها على بطنها ونظرت إليها بخوف من بين دموعها، فإذا بعنايات تنحني فوقها رافعة طرف ملاءتها السوداء، تقول بصوت مرعب
“لساكي عايشه يا بت الكلب؟! كيييف رد يا وكلا ناسك؟! كيف ده حصل؟! فلطحي مطرحك!”
2
حاولت ريناد النهوض، لكنها ما إن صحت بوجهها حتى جلست مجددًا منهارة وهي تصرخ
– .. ” ما اعرفش يا صالح … هو … هو اللي كان حابسني في المكان ده… كان بييجي كل فترة … والله ما اعرفش حاجة تانية… والله ما غلطتش مع حد… أنا ما عملتش حاجة.”
تبادل النساء النظرات في صدمة، بينما نظرت عنايات إلى بطنها المنتفخ، ثم قالت بلهجة هادئة تنذر بالخطر:
3
“وصالح ما يعرفش إن اللي في بطنك ده ولده؟”
1
هزت ريناد رأسها نافية بقوة، فابتسمت عنايات بسخرية وهي تعتدل واقفة، ثم صاحت:
” بت يا بهيه تعالي خدي ستك ريناد تريح چتتها شوية… لحد ما أشوف آخرتها إيه، هي ولد المرحوم”
3
توقفت ريناد عن البكاء وحدقت فيها بذهول، ثم تمتمت بصوت متقطع وهي تتشبث بيد بهيّة التي ساعدتها على الوقوف:
“م.. مين؟ مين المرحوم؟ وصالح فين؟!”
التفتت بعينيها بين النساء، فراعها أنهم جميعًا يرتدون السواد. عندها التفتت نحو عنايات التي ابتسمت باستهزاء وقالت:
– ” يا مراري… إنتي ما تعرفيش؟! صالح مات من سبوعين. لاااه لاااه لاااه… والله يا شعبان زعلني إزاي ما قالكيش إن راجلك مات؟!”صدمت ريناد أكثر، وتوقفت الكلمات في حلقها، بينما أشارت عنايات إلى بهيّة بأن تأخذها إلى الأعلى فسحبتها بهية في حين ظلت الفتاة منهارة، غير قادرة على استيعاب ما سمعته. كيف مات؟ ومتى؟! لا تعلم شيئًا، فقط تشعر أن حياتها كلها قد انهارت.
أما عنايات، فبقيت في الأسفل، تتابع صعودها بعينيها المرعبتين. رفعت طرف ملاءتها ثم اتجهت إلى مكتبها بخطواتها العرجاء، وما إن جلست على المقعد حتى دخلت ثلاث نساء وأغلقن الباب خلفهن بإحكام. بادرت نعمات بالقول باستياء:
2
ـ “إيه الحديت ده يا عمه؟! البت لسه حبلى؟!”
صرخت سحر بجزع ولطمت وجهها
– “يا مراري! أكده صالح لو عرف إن اللي في بطنها ولده… الدنيا هتقوم مش هتقعد!”
قالت فتحية ببرود:
2
ـ “وحتى لو عرف… صالح همل الدنيا ورمح. ما حدش يعرف عننا حاجة … حتى شعبان ما يعرفش وين أراضيه.”
نظرت سحر إلى عنايات بارتباك وسألتها:
ـ ” هو صالح مات صح يا عمه؟”
1
ابتسمت عنايات بثقة وأجابت:
1
– “لااااه.”
صعق الثلاث نساء، بينما ضيّقت عنايات عينيها وقالت بهدوء خطر
– “أنا أول كنت شاكه إن صالح غايب بمزاجه… ودلوقتي اتأكدت.”
1
تطلعن إليها بعدم فهم، فتابعت:
ـ “صالح بيخطط لحاجة وعرة جوي… ومعنى إنه يسيب البت دي عايشة يبجى بيحبها وما جدرش يقتلها. وده اللي ما كانش في صالحنا… واللي خططنا له كله هيضيع لو ابن صالح طلع للدنيا.”
ارتدت سحر إلى الوراء فزعة وقالت بذعر:
2
“أنا ما ليش صالح بالحكاية دي ! إنتي اللي غويتيني صالح لو رجع… هيجتلنا كلياتنا لو عرف إحنا عملنا إيه”
تدخلت فتحية بارتباك:
” هو صالح هيعرف منين؟! معروف إن العيب منيها!”
قاطعتها نعمات باستهجان
” إنتي هتكدبي الكدبة وتصدقيها؟! ما كلنا عارفين إن صالح ما فيهوش حاجة … وكل اللي حصل كان متخطط له!”
1
عندها نظرت فتحية إلى عنايات وقالت بخوف:
” يعني إيه يا عمه؟! ما كانش ده اتفاقنا من الأول؟! إحنا أه خدنا فلوس… بس مش مستغنين عن روحنا.”
1
بينما كن يتحدثن في ارتباك ورعب، كانت عنایات تتابعهن ببرود كأنها لا ترى فيهن سوى دمى تتحرك بخيوطها. لقد خططت لكل شيء بدقة منذ زمن بعيد، حتى صالح الصاوي نفسه كان يسير
على خطاها. لكن عندما دخلت ريناد ، التي لم تكن ضمن حساباتها ولا تحت سيطرتها، قررت أن تنهيها.
استدارت نحو النافذة بعينيها الغاضبتين وقالت بغل:
– “كل حاجة كانت ماشية على كيفي… صالح كان بيتجوز اللي أنا أختارها. واللازم، البت اللي أجيبها له، تكون من عيلة واطية … وما عندهاش أصل!”
1
تبادلت فتحية وسحر النظرات بينهما، بينما نظرت إليهما نعمات بطرف عينيها بابتسامة ساخرة، ثم التفتن جميعا نحو عنايات التي تابعت حديثها بلهجة حادة:
– “الفلوس هي كل حاجة… لما تملى عين بنت فاجرة بالفلوس تبقى مداس تحت رجلك. وده اللي عملته معاكم… دفعتلكم فلوس عشان تهننوا أخويا، بس خلفه؟ لااااه… بعد الحادثة اللي حصلت مع صالح وهو عنده خمس وعشرين سنة، رشيت الحكيم وخليته يوهمه إن الحادثة أثرت عليه كراجل. ولما اتجوز نعمات… جت من عند ربنا وما بتخلفش.”
– ⁠خفضت نعمات عينيها إلى الأرض، ولمع الحزن داخلهما، فهي حقا امرأة عقيم.
2
تابعت عنايات بلا رحمة:
– “طلجتها… كنت خايفة تلمع في عين بنت ناس ما أقدرش أسيطر عليها، فجبت له سحر بنت الغفير. دفعت لأبوها ملايين وهي عاشت في هنا تحت طوعي. وبرضه… ما خلفتش. خليتها تاخد حبوب منع حمل… عشان لو كانت خلفت، كنت هجصف عمرها هي واللي في بطنها. صالح رجع يفتح موضوع الخلفة وقال لي: يا خيتي أنا لازم أروح لدكتور سبقته ورحت القاهرة… عند أشطر دكتور هناك، دفعت له فلوس وخليته يوهمه إن العيب فيه. وصالح صدق… وقاللي: أسافر بره؟ قلت له: رجلي على رجلك. وكل مكان يروحه… كنت أوهمه بالفلوس وبالمسكنة إنه راجل عقيم ما يخلفش. ومن هنا… صالح يئس وما بقاش يدور على الخلفة.”
2
فجأة، ضربت بكف يدها على المكتب بقوة حتى ارتج، فانتفضت النساء الثلاث، ثم قالت من بين أسنانها بغل:
– “كل حاجة كانت ماشية زينة وعلى هوايا… كان يجي يتخبى في حضني ويحكيلي على كل حاجة تخص الشغل وبرا الشغل…
– ⁠لحد ما جت بنت المركوب دي ما كانتش من اختياري، وأول ما لمعت في عين صالح، قلت: لأ … دي هتكون خطر علي.”
2
رفعت رأسها وحدّقت فيهن بعينيها الحادتين، وأكملت:
– “عملت اللي ما فيش واحدة فيكم قدرت تعمله… خلت قلب صالح الصاوي ملكها من يوم ما حسّ عليا واتكلم معايا بالطريقة الشينة دي… قلت لازم أتحرك ذليتها في المطبخ، عشان لو حبلت تسقط من كتر الشغل. ما هي واحدة زي دي… باعت كل حاجة وضحت بروحها عشان مرات أبوها … أكيد مش هتملاً عينها فلوس. وفي المرة ديك…” …
فلاش
كان صالح كالعادة يذهب لإحضار ريناد من الجامعة ليعودا معًا إلى المنزل. جلسوا إلى طعام العشاء ثم صعدوا إلى الطابق الأعلى. جلست عنايات تحدق في يد ريناد التي لا تمتد إلا نحو “المخللات”. ضيقت عينيها وهي تتأمل ملامحها… وجهها متورد على غير العادة، وجسدها ازداد امتلاء بعض الشيء.
وضعت الملعقة بهدوء من يدها، ونظرت بحدة إلى شقيقها عندما قال لريناد برقة:
“بكفاياكي حوادق…”
أبعدت ريناد الزيتونة عن فمها بخجل، وأنزلت رأسها إلى الأرض. تنهد صالح وقال بنبرة يغلفها الحنان:
“زمجانتي ليه دلوك… خير ربنا كثير على السفرة وإنت ماسكة في المخلل؟ فين الأكل اللي يروم عضمك… خدي، كلي الفرخة دي.”
1
قال هذا وهو يضع قطعة من الدجاج أمامها، لكنها أبعدتها بوجه مشمئز قائلة:
– “لا لا… مش عاوزة… مش عاوزة فراخ.”
عقد حاجبيه باستغراب:
– “ليه؟! خلاص… كلي لحمة … قولي أي حاجة غير الحوادق”
– ⁠فأبعدت الطبق أمامها بتقزز، ثم أمسكت بوعاء السلطة وقالت:
” هاكل سلطة …”
فضرب كفا بكف وهو يبتسم مغلوبًا على أمره:
“لا بتاكلي لحوم… ولا عايزة سمك … وعندك حساسية من عصير المانجا… إنتي عايزة إيه؟! كله تاكليه؟! أطفحي يا هلاكي !”
ابتسمت ريناد بخجل وهي تحدق في وعاء السلطة، بينما ابتسم صالح بدوره وأكمل طعامه غير عابئ بنظرات زوجاته. لكن عيني عنايات اتقدتا بشرر، فقد فهمت السبب الآن…
1
باك
أغلقت قبضتها بإحكام وقالت بغل:
– ” من يوميها وأنا عرفت إنها حامل في الأول شكيت… إزاي بتشرب الكباية اللي مليانة برشام وما تتعبش، ولا حتى يحصل لها نزيف؟! قلت: البرشام مغشوش. رحت للحكيمة… وأكدتلي إن البرشام هيعمل لها تسمم في المعدة مع الوقت، وتضطر تروح المستشفى. وقتها الحكيمة تشيل لها الرحم … ولا من شاف ولا من دري بس طلعت بتتحسس من المانجا… وكل العصير اللي كان بيطلع لها فوق ما كانتش بتشربه. وعرفت بعد فوات الأوان… لما بقيت حبلى. قلت: لااااه … مش بعد كل ده تيجي حتة عيلة واطية تهدني!”
3
ثم تابعت بنبرة حاقدة:
– “اتصلت بأحمد وقلت له يلاقيها ورا سرايا صلاح. هو التاني كلب فلوس، ونفذ. خليت البت بهيّة تصورهم وهو واخدها في باطه. وبكده يبقى عندي الدليل إنها خاينة… وصالح صدق. وفكر إنه قتلها … لكنها طلعت بعد كل ده عايشة هي وولدها!”
2
رفعت الهاتف وضغطت على رقم ما، بينما عينيها تقدحان نارًا جعلت الأخريات يرتعبن سمعنها تقول ببرود قاتل:
“افتح الجبانة… عندنا ميت.”
(الجبانة: المقبرة).
2
وضعت هاجر يدها على فمها تكتم شهقتها المذعورة. كانت تقف خلف الباب تستمع لكل شيء، غير مصدقة أن شقيقتها تحمل هذا الشر كله. لا … يجب أن تفعل شيئًا.
ركضت مسرعة إلى الطابق الأعلى، وقلبها يخفق رعبًا. اقتحمت الجناح الذي تجلس فيه ريناد، فانتفضت الأخيرة فزعًا. اقتربت منها هاجر بسرعة، أمسكت بيدها وسحبتها بعنف، وهي تقول باللهاث:
2
ـ “جومي بسرعة… هيجتلوك إنتي وولدك!”
1
وقفت ريناد تبكي وقد ملأ الخوف قلبها، وقالت بصوت مرتجف
انتي بتقولي إيه مين دول اللي هيقتلوني؟
1
نظرت إليها الأخرى والدموع تنهمر من عينيها، ثم جذبتها بقوة وهي تقول:
– ما فيش وقت… لازم ترمحي من هنا… يلا لازم تهملي السرايا.
لم يكن أمامها خيار سوى أن تذهب معها. نزلتا مسرعتين إلى الأسفل، وسحبتها نحو الباب الخلفي، لكنهما توقفتا فجأة حين رأتا “بهية”، التي ما إن وقع بصرها عليهما حتى صرخت:
2
– الحقووو يا ست عنایات الست هاجر هتهر بهااا!
2
دفعاها بقوة فسقطت على الأرض، ثم هرولتا نحو الباب الخلفي للسرايا. قادت هاجر ريناد إلى الإسطبل وأخرجتها من باب صغير يؤدي إلى الأراضي الزراعية، ثم دفعتها للخارج وهي تقول بخوف
ارمحي يا ريناد… ابعدي بعيد وما ترجعيش هنا تاني… لو شافوكي هيقتلوكي… ارمحي يلا رووووحي
لم تتردد ريناد، وضعت يدها على بطنها وركضت بكل قوتها.
أما في الداخل، خرج القوم من غرفة المكتب، واتسعت أعينهم حين سمعوا بهيّة تقول وهي تضع يدها على رأسها:
– الست الصغيرة هربت… مرات الكبير
شهقت النساء، بينما هرولت تلك المتجبرة ” عنايات” بخطواتها العرجاء حتى وصلت إلى أعلى الدرج، ورفعت وشاحها الأسود بيديها، وصرخت بصوت يشق أرجاء السرايا
يا لهووووي مرات صالح هربت مع عشيجها اللي يلاجيها يقتلها يا خلق شرف الكبير يا ناس… انتقموا لكبير المملكة يا خلقججج یا مراررررك يا عناااايات
3
لم يحتج الرجال سماع المزيد، فرفعوا أسلحتهم واندفعوا للبحث عن تلك “النجسة”.
وفي الوقت ذاته، كان كبير المملكة قد نزل من الطائرة ليستقل السيارة التي تنتظره أمام المطار، فانطلق بها مسرعًا لينقذ زوجته وابنه قبض على هاتفه بقوة حين وصله الخبر من شعبان، الذي كان يقول بارتباك:
– الست هربت يا كبير… والست عنايات بتولول وبتجول إنها هربت مع عاشجها.
2
صاح بها – روح وراهم يا شعبان… مراتي وولدي لو حصل لهم حاجه هجتلكم كللللكم … هم يا ولد الفرطوس رووووح وراهم…..
3
مراتك ولدك…امممم… كيف ذلك… لا يهم… مرتك الان تفر هاربه …. ركضت بأقصى ما لديها… لم تلتفت خلفها، بل فرت هاربة بكل ما أوتيت من قوة تحاول الابتعاد لأقصى مسافة ممكنة عن تلك المملكة… لم تكن مملكة الصعيد، بل مملكة الجحيم.
لم تهتم بملابسها الممزقة ولا بقدميها الحافيتين اللتين امتلأتا بالجروح والخدوش من الحجارة والأشواك، كانت فقط تركض… تركض نحو المجهول.
2
وأخيرًا وصلت إلى الطريق الأسفلتي، وفور أن خرجت عليه، اتسعت عيناها برعب حين رأت سيارة مسرعة تقترب منها بشدة …. وواااااا….
صرخة شقت سكون الليل… توقفت السيارة بصوت احتكاك قوي لعجلاتها بالأرض، ووقفت هي متسمرة أمامها، تتنفس بصعوبة، ويداها تحتضنان بطنها المرتجف كأنها تحمي جنينها من الخطر القادم…
نزل من السيارة رجل وزوجته، صرخت الزوجة بفزع عندما رأت الفتاة تنهار على الأرض فاقدة الوعي، ركضت نحويها برفقة زوجها، ثم قالت بهلع…
– مروان… هي.. اا.. ماتت
7
انحنى مروان بسرعة، وضع يده على عنقها ليتحسس النبض، ثم رفعها بين ذراعيه وقال لزوجته بحزم:
– افتحي الباب بسرعة!
أسرعت أروى وفتحت باب السيارة الخلفي، فوضع مروان الفتاة بداخله، وجلست أروى بجانبها، بينما اتجه هو نحو مقعد القيادة وانطلق بسرعة نحو سرايا الجبالي. وضعت أروى يدها على بطن
الفتاة، ثم نظرت لزوجها والدموع تنهمر من عينيها، وقالت بصوت مختنق…
2
دي حامل يا مروان…
ألقى عليها نظرة خاطفة ثم عاد ببصره إلى الطريق وقال بحزم….
– طب اهدي انتي كمان حامل… هي بس اغمى عليها من الصدمة …..
لم تمض لحظات حتى دخلت سيارة مروان إلى فناء سرايا الجبالي. حمل الفتاة مرة أخرى بين ذراعيه واتجه بها إلى الداخل، وفور أن رآه عثمان الجبالي، والد مروان، برفقة الفتاة أصيب بالدهشة وقال….
مين دي يا يونس…
1
دخل بها مروان إلى إحدى الغرف في الطابق الأرضي، وضعها على الفراش، ثم أمر أحد الحراس أن يذهب فورا لإحضار الطبيب. لم تمض دقائق حتى كانت الطبيبة تفحص الفتاة، في
حين كانت أروى قد أحضرت لها ملابس محتشمة بديلة عن ملابسها الممزقة.
نظرت اروي إلى مروان الذي يقف عند الباب، ثم قالت بشك…
– مروان… إنت متأكد إنك ما خبتش… لا .. مخب..تش..
1
ابتسم رغم توتر الموقف على حديثها وقال وهو يرفع حاجبه…

والله ما خبطتها، هي وقعت من الخضة… وبعدين إنت مش واثقة فيا ولا إيه … کی ہویاں
ردت عليه أروى بهمسة غاضب..
– ما هو انت ما كنتش مركز في السواقة…
ابتسم بخبث دون رد، ثم التفت فجأة عندما خرجت والدته “وردة” من الغرفة بعينين متسعتين، وقالت بصوت صادم…
– انتو عارفين مين دي … دي مرات كبير مملكة الصعيد…
1
سقط الخبر على رؤوسهم كالدلو البارد… فمن في الصعيد لا يعرف كبير المملكة….
صرخت أروى بخوف وقفزت في حضن زوجها عندما دوى صوت الأعيرة النارية القادمة من الخارج، فأبعدها مروان برفق واتجه نحو الخارج يرافقه والده عثمان.
لطمت وردة وجهها بعويل وقالت…
– هيهجموها حرب… الراجل ده ما بیرحمش..
التفت الاثنان للداخل بسرعة، وقد صدموا عندما رأوا الفتاة تحاول الوقوف وهي تبكي بصوت ضعيف…
– هيقتلني… هيموتني أنا واللي في بطني…
نظروا لبعضهم بدهشة وذعر، بينما في الخارج كانت قطعة من الجحيم تنفجر في محيط قصر الجبالي…
3
يونس الجبالي، الشهير بـ”مروان” كوبرا” ، يقف برفقة عدد مهول من رجاله، وإلى جانبه والده عثمان الجبالي. ومن الجهة الأخرى، انقسم الرجال وفتحوا الطريق لظهور الرجل الذي يرعب الصعيد بأكمله… كبير المملكة.
2
خطواته وحدها كانت كفيلة بإثارة الرعب في قلوب الجميع، وعيناه الحادتان ترسلان نظرات تقتل …. وقف أمام مروان وعثمان وقال بصوته الغليظ…
– ــ ليا عندكم امانه…..
ن أشعل كاد عثمان أن يتحدث ليهدئ الموقف، لكن مروان أشعل الفتيل حين قال بنبرة لا تقل حدة …
– والله لو هي عايزة ترجع معاك، إحنا ما عندناش مانع… بس لو مش عايزة، يبقى في كلام تاني…
اقترب الكبير خطوة وقال بجمود…
1
يبجى تتشاهد على روحك….
وفقط… صمتت الألسنة … وبدأت البنادق تتكلم . رفع كبير المملكة سلاحه في وجه مروان، ولم يتأخر مروان، فرفع سلاحه هو الآخر، لتشتعل لحظة توتر قد تشعل حربًا لا هوادة فيها بين كبار الصعيد.
هرول الجميع من الداخل عندما سمعوا صوت الطلقات اللتين دوی صداهما في المكان…وووو…
1
…مروان –
1
لم تتحمل الفتاة ما رأته، سقطت مرة أخرى فاقدة الوعي، وعم الصراخ والرعب أرجاء القصر ……

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية ملاكي المجهول الفصل الأول 1 بقلم ملك شكري

 

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *