رواية مغرم مجنون الفصل الثامن عشر 18 بقلم خديجة أحمد - The Last Line
روايات

رواية مغرم مجنون الفصل الثامن عشر 18 بقلم خديجة أحمد

رواية مغرم مجنون الفصل الثامن عشر 18 بقلم خديجة أحمد

 

 

البارت الثامن عشر

 

سمير رفع راسه وبصله بثبات، وقال بنبرة فيها عناد:
— بس مش هقولك غير لما نتفق الأول.
راكان بصله بحدة، صوته بدأ يعلى:
— نتفق على إيه؟
سمير بابتسامة خفيفة فيها تحدي:
— تخرجنا من هنا.
ضحكة قصيرة طلعت من راكان، ضحكة كلها سخرية واحتقار:
— هتفضل وسخ طول عمرك، مبتعرفش تعمل حاجة غير لما تقبض تمنها، حتى لو اللي قدامك بيتحرق!
كمل بصوت حاد ونظراته كلها تحدّي:
— أوعدك، لو كلامك طلع صح، هخرجك إنت والزبالة اللي جنبك من هنا.
نيهال رفعت عينيها له بضيق وقالت بحدة:
— بس إحنا مش واثقين فيك، إنت ممكن تغدر ومتخرجناش.
إيه اللي يضمنلنا إنك مش هتغدر؟
راكان ابتسم بسخرية وقال بنبرة غيظ:
— مفيش حاجة تضمنلكوا…
زي ما مفيش حاجة تضمنلي إن أمي لسه عايشة.
وقف قدامهم خطوتين، عيونه بتقعد فيهم وحدة وحدة:
— اللي أضمنهلكم دلوقتي إنّي هروح العباسية وأشوف بعيني. هاتوا اسم المستشفى، رقم الملف، واسم المريضة اللي سجلتوها بيه — دلوقتي.
سمير وقع منه نفس طويل، وقال:
— اسم الملف … مش باسمها أصلاً، سجلناه باسم «منى عبدالله »، رقم الملف 3890، قسم الأمراض النفسية
راكان بص في وش سمير بنبرة تهديد ما فيهاش هزار:
— وخلّوا بالكم، لو طلعت الكذبة دي حقيقية، أنا هطلعكم من هنا… ولو طلعت مش كده، هتعرفوا معنى كلمة “عقاب”.
وخرج راكان وقفل الباب وراه بقوة، صوت القفل وهو بيتقفل دوّى في المكان وساب وراه صمت ثقيل.
خطواته كانت سريعة وغاضبة وهو ماشي في الممر، عروقه باينة في رقبته من شدة العصبية.
قبل ما يروح، وقف قدام باب غرفة هاجر.
مسك مقبض الباب بثبات، تنفس بعمق كأنه بيحاول يسيطر على غضبه…
وبهدوء دخل.
كانت هاجر قاعدة في هدوء قدام الشباك، ضوء الشمس داخل خفيف على وشها، والسكينة مغلفة الأوضة.
لما لمحت راكان داخل، ابتسمت له ابتسامة دافية خففت من قلقه لحظة.
راكان وقف عند الباب وقال بصوت منخفض:
— يا رب تكوني بخير.
هاجر بابتسامة بسيطة:
— الحمد لله… بقيت أحسن دلوقتي.
قرب منها بخطوات بطيئة، وقعد على السرير، ملامحه فيها حزن واضح وقال بنبرة مبحوحة:
— أنا متوتر أوي يا هاجر.
هاجر استغربت نبرته، قربت منه وقعدت مقابله، عينيها بتدور على السبب:
— من إيه؟
اتنهد وقال بعد تردد:
— سمير قالي إن أميرة… لسه عايشة.
هاجر فتحت عينيها بصدمة:
— إزاي؟!
راكان بص لتحت، صوته مليان قلق:
— معرفش… قال كلام غريب. بيقول إنها في مستشفى للمجانين… وأنا مش عارف أصدق ولا لأ، بس قلبي خايف
هاجر بصت له بنظرة مليانة قلق وحزن:
— خايف يكون كلامهم صح وتشوفيها في الحالة دي… ولا خايف يكون كلامهم غلط ويختفي منك الأمل اللي كان باقي عندك؟
راكان اتكتم شوية، وعيونه بترمش ببطء وهو بيفكر:
— الاتنين… خايف أشوفها في حالتها دي، خايف ما تفتكرنيش ، وما تتقبلنيش…
وخايف برضه يكون كلامهم غلط، وتضيع مني فرصة أشوفها تاني.
سكت للحظة، وبص بعيد من الشباك، وكأن قلبه بيتقسم بين الألم والأمل.
هاجر قربت منه وحطت إيديها على يده بلطف، عيونها مليانة حنية:
— راكان… حتى لو كلامهم صح، مش لوحدك. أنا معاك، وهتلاقي طريقة تواجه كل ده.
راكان شال إيدها بحذر، وابتسامة ضعيفة ظهرت على وشه رغم القلق اللي جوّه:
— بس … لو اتغيرت … لو ما قدرتش تفتكرني؟
هاجر هزّت راسها بثقة:
— مش هيتغير شيء… المواقف واللي جوّا قلبها مش هيتمسحوا بسهولة.
— وأنا هنا… عشان أتأكد إنك مش هتكون لوحدك في كل ده.
راكان بص لهاجر بعينين مليانين أمل وقلق:
— تيجي معايا نشوفها؟
هاجر ابتسمت بابتسامة هادئة:
— المقابلة دي خاصة بيك إنت ومامتك… لازم تاخدوا راحتكم مع بعض من غير أي عائق بينكم.
راكان ابتسم بخفة:
— وجودك عمره ما كان عائق.
هاجر هزّت راسها بخفة:
— فاهمة… بس برضه لازم تكون اللحظة خاصة بيك إنت وهي بس… ومفيش حد تالت معاكم.
راكان نفخ نفسه شويّة، وفهم الرسالة:
— تمام… أنا هروح دلوقتي. ادعيلي.
هاجر ابتسمت بحنان:
— إن شاء الله هترجع مجبور الخاطر.
وقف راكان عند الباب، قلبه مليان قلق وأمل في نفس الوقت، وبخطوات ثابتة خرج عشان يواجه الحقيقة اللي منتظراه عند أميرة.
ركب راكان عربيته، شغّل المحرك وبدأ يتحرك في الطريق، لسه ذهنه مشغول باللي جاي.
قطع شروده صوت الموبايل، كان عبدالرحمن بيتصل.
راكان رد وهو بيحاول يخفف توتره بابتسامة:
— الحمد لله بخير، إنت؟ إيه الدنيا؟ روي مضايقك تاني؟
عبدالرحمن ضحك وقال:
— لا يا عم، دا بيحبني أوي!
راكان ضحك وقال بنغمة سخرية لطيفة:
— آه ما أنا عارف، بأمارة العضّ اللي كان بيعضّهولك وإنت بتأكّله!
عبدالرحمن ضحك وقال:
— إيش فهمك إنت؟ دي محبّة!
راكان ضحك أكتر، وقال وهو بيعدّل في المراية:
— يا عم ماشي، ع العموم أنا رايح مشوار كده، وبعدها هرجع آخده، هاجر أكيد وحشها… أفرّحها شوية.
عبدالرحمن:
— اشطا يا عم، مستنيك.
قفل راكان الموبايل، والابتسامة لسه ع وشه، بس عيونه كانت رايحة بعيد… ناحية المستشفى اللي فيها الحقيقة كلها.
عند عبدالرحمن
كان قاعد على الكرسي، بيبص لـ روي اللي كان واقف قدامه، عيونه كلها شر خفيف وكأنه ناوي يعضّه.
عبدالرحمن رفع إيده بحذر وقال بخوف:
— لا، بقولك إيه… كفاية عض النهارده!
روي بدأ يقرب منه بخطوات بطيئة، فـ عبدالرحمن اتراجع وهو بيحاول يضحك بخوف.
مد إيده بسرعة، خد شوية دراي فود من العلبة، وحطهم قدامه على الأرض.
روي شمشم فيهم، وبعد لحظة بدأ ياكل.
ابتسم عبدالرحمن وقال بنبرة مزاح:
— أهم حاجة رضاك يا باشا.
وفجأة، قطع كلامه صوت الباب وهو بيخبط جامد.
وقف عبدالرحمن متوتر، اتجه ناحية الباب بخطوات حذرة…
ولما فتح، الصدمة اتجمّدت على وشه وهو بيبص قدامه:
— إنت؟!
عند هاجر
كانت قاعدة في أوضتها، بتكتب حاجة في مذكرة صغيرة .
خلصت آخر سطر وسكرت القلم، تنهدت وقالت لنفسها بهدوء:
— زهقت.
وقفت وخرجت من الأوضة تتجول في الفيلا، لحد ما وصلت للجنينة.
الهوا كان لطيف، وريحة الورد مالية المكان.
البودي جاردز كانوا لسه واقفين قدام البوابة الكبيرة، لكن هي ما اهتمتش.
اتجهت ناحية كرسي خشب تحت شجرة، وقعدت عليه بهدوء، عينيها سرحت في السماء، بتفكر في كل حاجه ف حياتها الجايه ف وجعها ف مرضها ف العزله اللي هي عايشة فيها هي آه مستريحه لكن برضه حاسه ان في حاجه ناقصاها .
عيون هاجر كانت متركزة قدامها، سرحانة في اللا شيء…
لكن فجأة، لمحت من بعيد باب حديد رمادي غامق، مقفول بإحكام.
رفعت حاجبها باستغراب، قلبها دق بخفة وهي بتقول في نفسها:
_باب حديد؟ هنا
الفضول شدّها غصب عنها.
الفيلا كلها أبوابها خشب عادي، نفس اللون ونفس الشكل…
إلا الباب ده، شكله غريب ومختلف كأنه بيخفي وراه سر محدش يعرفه.
قامت من مكانها بخطوات بطيئة، كل ما تقرب منه بتحس إن الجو حواليها بيهدى أكتر، كأن الصمت نفسه واقف بيتفرج عليها.
قربت هاجر من الباب الحديد، مدّت إيدها ناحية المقبض لكنها لاحظت إنه مقفول من برّه بقفل كبير.
تنهدت بخيبة أمل وبدأت ترجّع خطوتها الورى…
لكن فجأة، سمعت صوت جاي من جوّا الغرفة!
اتجمدت مكانها، قلبها بدأ يدق بسرعة.
قربت تاني من الباب، حطّت ودنها عليه، وإيدها بترتعش من التوتر، بتحاول تميّز الصوت.
وفجأة…
اتسعت عينيها بذهول!
الصوت ده… صوت نيهال!
آه، متأكدة منه، حافظاه حرفيًا… ومعاه صوت رجولي!
عمو سمير!!
شهقت بخوف وحطّت إيدها على بقها بسرعة عشان ما يطلعش صوتها.
دموعها لمعت في عينيها وهي بتحاول تستوعب اللي سمعته.
رجعت خطوة، وبعدها جريت بعيد عن الباب، قلبها هيولع من السر اللي شافته وسامعاه.
اتجهت بسرعة ناحية البوابة، نفسها متقطع، وصرخت للبودي جاردز:
— افتحولي الباب! أنا عايزة أخرج من هنا فورًا!
أحد البودي جاردز قال بثبات:
— عندنا تعليمات إن حضرتك ما تخرجيش من هنا.
هاجر بصوت عالي ومرتجف:
— أنا بقولكم خرجوني من هنا!!!
بودي جارد تاني قال بخوف واضح:
— والله يا فندم دي تعليمات، ولو خالفناها… عيشنا ممكن يتقطع!
هاجر بصتلهم بعيون مليانة قلق ورعب، رجعت خطوتين لورا، نفسها بدأ يتسارع، وعقلها بيجري بألف فكرة.
إزاي نيهال وسمير هنا؟!
هو راكان مش خلّص انتقامه خلاص؟ مش كشفها قدامي؟!
ولا اللي حصل كان مجرد البداية بس؟!
حست بخوف غريب بيزحف جواها، إحساس إنها يمكن تكون الدور الجاي…
رفعت عينيها ناحية البوابة اللي مقفولة بإحكام، قلبها بيخبط في صدرها وهي بتفكر:
يا ترى… هيعمل فيا كده زي ما عمل فيهم؟!
الهوى بقى تقيل، وكل صوت حواليها اختفى، كأن الفيلا كلها حبست نفسها في صمت مرعب.
عند عبدالرحمن
فتح الباب وهو مش متوقع حاجة… لكن لما شاف ياسمين قدامه، اتجمد مكانه.
عيونه اتسعت، وكأن الزمن وقف لحظة.
ياسمين…
اللي عمره ما شافها غير في صورة البنت الهادية، المرتبة، اللي كل تفصيلة فيها محسوبة — دلوقتي واقفة قدامه، باصة في الأرض، شعرها منكوش، هدومها شبه مقطوعة، ووشها كله كدمات.
اتسحب صوته وهو بيقول بصدمة ووجع:
– ياسمين؟ إيه اللي حصل لك؟!
هي ما ردتش، بس دموعها كانت كفاية رد.
مد إيده ناحيتها بخوف، وكأنه بيخاف تتهشم لو لمسها.
عبدالرحمن دخلها بسرعة، وقعدها على أول كنبة قريبة، عيونه ما سابتش وشها لحظة.
قعد جنبها وهو بيقول بصوت مليان قلق:
— إيه دا؟ إيه اللي حصلك يا ياسمين؟
مدّ إيده ناحية الكدمة اللي على خدّها، لكنها سحبت نفسها بخوف واضح.
وقف لحظة، وبصوت أهدى قال:
— طيب اهدي… احكيلي، إيه اللي حصل؟
فضلت ساكتة ثواني، وبعدين صوتها اتكسر، والدموع نزلت من غير سيطرة.
— ابـ… ابن عمي جه البيت… قالّي لازم أعيش معاهم، وإني مينفعش أفضل لوحدي بعد ما بابا وماما ماتوا.
بلعت ريقها بصعوبة، وكملت بصوت بيترعش:
— لما رفضت… شدّني جامد، كان عايز ياخدني بالعافية، ولما قاومت… ضربني…
غطّت وشها بإيديها وهي بتبكي بحرقة، وصوتها اتكتم بين شهقاتها.
عبدالرحمن كان واقف مش قادر يصدق، الغضب والوجع متحاربين في عينيه.
عبدالرحمن بصّ لها باستغراب ممزوج بقلق:
— بس باباكي ومامتك متوفين بقالهم كتير… إيه اللي فكره بيكي دلوقتي؟
ياسمين هزّت راسها بسرعة، ودموعها بتنزل من غير ما تحاول تمسحها:
— معرفش… معرفش، يمكن عشان سمع إني بشتغل، يمكن عايز مني حاجة… أنا مش فاهمة حاجة يا عبدالرحمن!
قالت الجملة الأخيرة بصوت عالي مليان قهر، وقامت من مكانها وهي بتتمشى في الصالة بخطوات متوترة.
عبدالرحمن وقف ببطء، قرب منها وقال بهدوء وهو بيحاول يطمنها:
— خلاص يا ياسمين، اهدي. طالما انتي هنا، محدش هيقدر يقربلك… أنا مش هسيبك لوحدك تاني، تمام؟
بصّت له بعينين حمرا من البكا، وقالت بصوت واطي:
— أنا خايفة… خايفة يرجع تاني.
عبدالرحمن شدّ نفسه وقال بصرامة وهو بيبصلها بثبات:
— لو رجع… هيكون هو اللي لازم يخاف.
عند راكان
وصل المستشفى أخيرًا، قلبه مقبوض من التوتر والقلق.
دخل بخطوات بطيئة، كل خطوة كأنها تقربه من الحقيقة اللي خايف يشوفها.
الممر الطويل كان ساكت، صوت خطواته يتردد على الأرضية المبلطة، والهواء جاف وريحه المطهر تعبّيه.
بدأ يتجول بخفة بين الممرات، يبص على الأبواب، يحاول يفتكر كل كلمة قالها له سمير عن الغرفة والرقم.
كل ثانية كانت بتزيد قلقه، وكل غرفة كان بيعديها حس قلبه يدق أسرع.
وقف عند الباب رقم 3890 نفس الرقم اللي عنده من الورقة.
مدّ إيده ناحية المقبض، تنفس بعمق، وهمس لنفسه:
— يا رب تكوني بخير… ويارب متكونيش تعبتِ طول الوقت ده.
وببطء فتح الباب…
يتبععع

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *