رواية مريم والغامض الفصل الخامس 5 بقلم بسمة هلوان
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية مريم والغامض الفصل الخامس 5 بقلم بسمة هلوان
البارت الخامس
_ايه؟ طالب ايدي ازاي يعني؟ قولي والله؟
كنت متوترة جدا لدرجة إني حاسة الكلام مش حقيقة، مصدومة ومستنكرة في نفس الوقت.. يبقى كان قصده عليّ فعلا في قعدة العيلة! دا كان بيلمّح؟؟
أنا ازاي كنت غبية ومفهمتش كل نظراته دي كدا؟
سابوني بعد ما قالوا لي معايا مهلة أسبوع أكر براحتي، و”كريم” جه قعد معايا، حكى لي كل شيء عنه.. وكل اللي حصل في ماضيه حسب ما يتذكر..
اللي حصل مع والده ومع الوصيّ اللي كان بينبذه، اتعاطفت معاه، علشان كدا شكله هادي وبيبتسم كتير.. حاساه شبهي، بس معاناتنا مختلفة!
أنا اخترت الهدوء علشان مش لاقية حد أخرج له اللي في قلبي أو أحكي له مشاعري اللي كنت بحس بيها بتقتلـني كل يوم! وهو اختار الهدوء علشان واثق.. إن ورا كل شر كان فاكره فيه خير كبير.
حاسة إني حللت له شخصيته من قعدتين وبس، أومال لما أقعد معاه في القعدة الشرعية هعمل ايه! اه صحيح أنا موافقة من دلوقتي، أنا كبرت خلاص.. كنت رافضة الجواز لإني حاسة كل الرجالة زي بعض، ومفيش راجل مش هيعايرني بطلاق بابا وماما.. عندي عقدة لحد دلوقتي من صغري.
بس بما إن “بارّ” حس برضه وعاش معاناة، عمره ما هيفكر يأذيني.. يمكن يكون لي الاحتواء الذي أتمناه وأنا كمان أعالج جروحه، أنا بقيت حكيمة ليه فجأة؟
فوقي يا “مريم”!
اتعدلت على السرير وقاعدة في الضلمة بفكر، مش قادرة مفكرش بل الموضوع خد كل تفكيري طول الأسبوع، ابتديت أرسم أحلام وردية.. وشكوك.. خوف من الجاي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مرّ الأسبوع و”كريم” أخويا بلغه ييجي الرؤية الشرعية ويتقدم رسمي، عرفة إنه ملوش عيلة وهييجي لوحده وكلنا عارفين، وبالفعل جه واللي جابه من تحت “كريم” ووصله لحد أوضة الضيوف خلاص.. وأنا قاعدة باكل في ايدي من كتر التوتر والخوف.
لبست فستان بسيط كان عندي، محتشم، محطتش أي حاجة في وشي وبقيت بنفس ملامحي، عيون بني، بشرة ما بين القمحي والأبيض، وأنف مستقيم لايق مع باقي ملامحي وعيوني الواسعين.
بابا فضل يتكلم معاه و”روان” و”هاجر” كانوا جنبي مساندينني، اتكلموا عن الشغل والسياسة وحاجات كتير.. مش فاهمة ايه المميز في الكلام اللي بيتكلموه دا.. كلام رجالة بصحيح!
حسيت بالزهق في نص القعدة ونسيت توتري خالص، مكنش “بار” مركز معايا فعلشان كدا أخدت راحتي وأنا بظهر ملامح الزهق على وشي وسندت راسي على كتف “هاجر” جنبي وكنت في ركن معين بحيث ميشوفنيش.
وأخيرا خلصوا القعدة وكل واحد راح لحاله وخرجوا برة.. نعم؟ يعني هو قصادي دلوقتي وأنا وهو لوحدنا؟؟؟؟
عيوني اتشتت وأنا ببص بصدمة، وهو ما زال بابتسامته البسيطة وبيبص لي، بعدت عيني عنه فلاقيته بيقول بهدوء يليق بيه:
_بصي لي، حاسة بالقبول من ناحيتي؟
_أنا حاسة بتوتر.
قلتها من غير حتى ما أفكر وملامحي كانت قلقانة وعلى حالها، ضحكته الرجولية طلعت في المكان.. هو يا إما تافه علشان يضحك على جملة بسيطة زي دي.. يا بيحبني أوي بقى!
بتّريق متاخدوش في بالكوا.
ركزت عيني عليه شوية لما هو بدأ يتكلم ويحكي لي عن نفسه، وأنا مركزة مع ملامحه وبس، عمري ما هقدر أنسى العيون الزرق دول أبدا، وايه الشعر الطويل الناعم دا؟ دا أنعم من شعري! وايه الرموش دي يا “بار”!
اتنهدت وأنا بقول لنفسي بدون تركيز:
_ قل أعوذ برب الفلق.
_فيه ايه؟ بتصرفي عفريت؟
انتبهت له وركزت في الكلام اللي طلعته من بُقي، دايما بندم لما بتكلم أصلا! ماينفعش أسيب لساني في مكان تاني والله؟؟
سألني بهدوء وهو بيتجاهل الموضوع بابتسامة:
_حكيت لك أهو، احكي لي بقى عن هواياتك وحياتك.
هو حكى؟ حكى ايه؟ أنا مسمعتش حاجة، مكنتش مركزة غير في.. شعره وعيونه؟
يا لهوي الراجل دا فتنة ماشية على الأرض مينفعش كدا..
_أستغفر الله أستغفر الله.
بص لي باستغراب:
_ايه يا آنسة “مريم”، هو أنا بقول حاجة عيب؟؟
يخرم جيب لساني اللي هيوديني في داهية دا!
اتعدلت وأنا بقول له بكل جدية:
_لا لا مفيش حاجة، أحكي لك عن هواياتي وحياتي؟ حاضر.
سكتت ثانية وأخدت نَفَسي وأنا بحكي له عن حياتي، وازاي بشتغل وبرسم وبروح الجيم، تقريبا حكيت له كمان ازاي بلفّ ورق العنب! وهو قاعد مستمع مبتسم هادي وصبور..
حلو دا لما نيجي نتخانق في يوم هيبقى الطرف المُحتَوي.
ضحكت فجأة على نفسي وأنا بفكر فبص لي بصدمة ممزوجة بابتسامة وهو بيسأل بتعجب:
_اتجننتِ؟
ايه السؤال الجريء دا؟ ازاي يقول لي كدا؟ بصت له بضيق وأنا بقول:
_أنا أصلا عندي (ADHD) وتشتت وانعدام تركيز فمتسألنيش بعمل ايه فجأة كدا، كنت بكلم نفسي.
أنا ليه صريحة؟ الصراحة هتاكل مني حتة!
وهو بيضحك بخفة وبيبص بيأس، ابتسمت بشكل لا واعي غضب عني وأنا شايفاه بيضحك.. وبعدين هو بص لي وقال بضحك:
_أنتِ متتعوضيش، اقبلي الجوازة بسرعة علشان محتاجك في حياتي.
ضحكت، كنت حاسة بالفخر من جوايا، وإن شخصيتي بكل العك اللي فيها قدرت تنال إعجابه، خلصت المقابلة وخلاص مشي، كنت حاسة بالفرحة.
وأنا وافقت ماما وبابا على الفور في موضوع الجوازة وهم ضحكوا عليّ وبابا قال:
_دي شكلها وقعت ومحدش سمى عليها!
ماما ردت عليه بخبث:
_أنا عارفة بقت منشكحة كدا ازاي بعد الرؤية، تحس إنها دخلت بوش وخرجت بواحد تاني.
_الله؟ أنتوا هتاخدوني محتوى القعدة بقى؟ أنا رايحة أوضتي.
اتلككت وسيبتهم ومشيت بسرعة على أوضتي، وأول ما دخلت مسكت المخدة وصرخت فيها من كتر الفرحة وأنا حاسة بفراشات في بطني، ايه الأفعال الطفولية اللي بعملها دي؟
أنا عندي 28 سنة! يلا فداه.. مش قادرة معملش كدا.
نمت على السرير بفستاني وأنا بفتح البلكونة وسبت ستايرها فالهواء دخل لي وحسيت بانتعاش، ففرحت أكتر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطوبة مستمرتش أكتر من شهر نظرا لإن كل حاجة جاهزة واحتا خلاص كبار وناضجين قدرنا نميز شخصيات بعض بسهولة، أهدافنا مشتركة.. واحنا الاتنين عاوزين ننجح وننجح وننجح مهما كان المجال اللي بنشتغل فيه، وجوده جنبي بيشجعني أكتر.
واحنا ماشيين بعربية الفرح للبيت و”كريم” هو اللي بيوصلنا، كانت العربية متزينة وهي في الأساس بتاعة “بارّ” بس هو بيوصلنا بس، و”بارّ” قاعد جنبي وأنا حاسة بتوتر.
بس خوفي اختفى، أول ما لقيته أخد راحته ونام على الكرسي وهو حاطط راسه على رجلي، يمكن تكون وضعيته مش مريحة ليه.. بس حاسة بكل الدفى كأنه ابني وهو نايم بالشكل دي.
مكنش نايم بالمعنى الحرفي، عيونه كانت مفتوحة.. باصص لي وهو ماسك ايدي وشدها حطها على شعره، ابتديت ألعب في شعره وأنا مبتسمة وحاسة بتوتر بس حاولت أخفيه.
وهو باصص لي ومبتسم ابتسامته الهادية، مكنتش ابتسامة عادية.. كانت ابتسامة اطمئنان.. اتحرم من عيلته وهو صغير، اتنبذ وكان حاسس إنه قليّل ولا شيء..
فرحت إنه حس بالاطمئنان معايا، وساب همومه وراه ونسيها.
شهر الخطوبة عدى بسرعة أوي، محستش بنفسي غير وهم بيحددوا الفرح وأنا مصدومة في النص، بس في الآخر وافقت لإن كل شيء جاهز بالفعل ومفيش داعي للتأخير.
فتح معايا الكلام وقال وهو مغمض عينه لما كنت بلعب في شعره:
_من النهاردة مفيش شغل، أنتِ مسؤولة مني ماشي؟
اتنفضت وأنا بتعدل فهو قام مخضوض وأنا ببص له بدهشة:
_شغل ايه اللي أسيبه؟ دا أنتَ قلت لي هنشتغل مع بعض وأسيب شركتي وآجي عندك!
_لازم شغل يعني؟ مش فاهم فايدته ايه!
اعترضت وبصيت بعيد بتجاهله علشان مطلعش غضبي دلوقتي فيه، لقيته بيتنهد وهو بيقول:
_حاضر، هتشتغلي بس بشرط.
_بتتشرط عليّ يا “بار”؟ يا ابني يكفي إن اسمك خمّارة أنت متتشرطش!
كنت عارفة الحاجة الوحيدة اللي بتجننه وهو اسمه اللي زهقته بيه، وهو اتعصب وبص لي وهو مقوس حواجبه وقال بحدة:
_اسمها “بارّ” من البرّ يا “مريم”! من البر!
ضحكت وأنا ببتسم علشان أستفزه وبقول:
_حاضر يا خمارة.
_بت!!
ـخلاص خلاص متتحمقش، قول الشرط ايه؟ ولو في مقدرتي هعمله، لو مش هقدر عليه يبقى تتشرط على نفسك بقى.
دايما لساني سابق تفكيري وأنا بتكلم بس هو اتعود، مرتحتش لابتسامته اللي باصص لي بيها دي، وقال:
_تكوني سكرتيرتي بدل ما تكوني مُديرة الحسابات.
ضحكت فجأة بصدمة وبعدين قلت بيأس:
_هو دا الشرط؟ حاضر يا حبيبي من عيوني، دا السكرتيرة أرحم حتى تكون عيني عليك طول اليوم.
رجع لوضعيته الأولى وهو بيقول:
_أحسن برضه، علشان مش برتاح غير في وجودك.
قالها وهو بيبوس كف ايدي فـ”كريم” بص له من المراية وهو بيقول:
_ما خلاص يا عم النحنوح! بقى بذمتك أنت عندك 30 سنة أنت؟
رد عليه بهدوء بس رده كان كله استفزاز مبطن:
_برجع 7 سنين لما بكون مع أختك.
_الله يشفيك! بطل كلامك دا وإلا والله أوصلك المـقابر بدل بيتكم!
كتمت ضحكتي بالعافية و”بارّ” بيبص لي ويتضايق:
_اضحكي اضحكي ما هي ناقصة، عيلة كلها يرفعوا الضغط.
_نعم يا حبيبي قلت ايه؟
قلتها له بتهديد فابتسم وهو بيغازلني بهزار:
_أحلى حبيبي دي ولا ايه!
بيغير الموضوع في ثانية، سمعت صوت أخويا وهو بيلف لنا وضربه على صدره بحدة:
_ما قلنا خلاص!!
خلص اليوم ما بين ضحك وهزار، وخلاص بقيت في بيته ومراته.. مكتوبة على اسمه، مكنتش متخيلة إن مجرد لقاء بيننا في فرح أخويا كان هينتهي بإني اتدبست في جوازة من اللي اكتشفت إنه طفل ولازق فيّ طول الوقت زي العيّل الصغير.. بس أحلى تدبيسة دي ولا ايه؟
احم.. واضح إن بقى فيّ من طبعه كتير.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع….
- لقراءة باقي فصول الرواية اضغط على (رواية مريم والغامض)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)