رواية ما وراء البئر الفصل الثالث 3 بقلم بسمة هلوان
رواية ما وراء البئر الفصل الثالث 3 بقلم بسمة هلوان
البارت الثالث
_هل من الممكن إغلاق الباب أولا؟
ابتسم لي وراح بالفعل يقفل الباب وأنا وراه بكتم ضحكتي ومسكت سكينة من على الترابيزة، وهو قرب مرة كمان وأنا من جوايا بقول له بسخرية.. قرب قرب دا أنا هوريك..
وبمجرد ما قرب بمسافة كافية لفيته وكان سهل التحكم فيه وحطيت السكينة على رقبته، وقلت بتهديد وأنا بضحك أخيرا:
_أنت بجد فاكر أنك ليك حكم عليّ؟ امشي يا جدو دا أنا لو كنت اتجوزت بدري كنت جبت عيّل قدك.
وبعدين اتحركت بيه علشان مايتحركش ويفتح الباب، كان بينادي على الحراس بس ماقدروش يفتحوا الباب، فلقيته بيقول بغل:
_ستندمين على ذلك.
ابتسمت له باستفزاز وأنا بحط السكينة على مكان التلج اللي عند الشباك وبكسره بضربة واحدة، وهو نظراته كلها حدة وغضب، وأنا بمجرد ما الشباك اتكسر رميته في الأرض وجريت من الشباك..
بس كانت صدمتي!! بيني وبين الأرض مسافة 30 متر!! هعمل ايه؟؟
بصيت لورا لقيت القاضي العجوز دا بيبص لي بكل حدة وراح يفتح الباب للحراس، وأنا بتابع اللي يحصل بصدمة، هو يا إما الموت يا إما الموت؟؟
يبقى أموت بكرامة بقى!!
بصيت لتحت بتوتر، وبصيت للحراس اللي بيقربوا من ورايا وبأسلحة حادة، كنت في صراع قوي، ازاي أقدر أخرج حية؟؟
نطيت وسلمت أمري لله، غمضت عيني وحاسة بجسمي هيندفع في الأرض بس على عكس المتوقع، حسيت بيه اتسحب مرة واحدة ففتحت عيني بصدمة وأنا قلبي دقاته بتعلى..
لقيت فيه شخص لابس أسود في أسود، بنفس طولي، كان هو اللي سحبني وأنقذني من الوقوع، كنت لسة هتكلم وأسأله عن هو مين؟
بس سمعت صوت القاضي اللي كان بيؤمر الحراس بقتلي فورا..
بصيت للشخص اللي معايا، كانت عيونه بس اللي باينين، وفجأة لقيته مسك ايدي وجري بيّ لحد ما وصلنا لتحت بطريقة غير معقولة، كان فيه منحنيات جليدية على القصر وهو كان محترف فعرف ازاي نستغلها صح.
نزلنا ووصلنا للأرض، وكان قدامنا دلوقتي أننا نهرب من القصر بس.
وهل دا كان سهل؟؟
ممكن تسميه سهل لو ماكانش فيه عشرات الحراس بأسلحة بيواجهونا وجايين لنا من كل مكان واحنا عُزَّل ماعاناش أسلحة!!
الشخص الغريب اللي لابس أسود ومغطي نفسه خالص، بص لي بصة عميقة وكانت نظرة حادة، بس فجأة جري وأنا جريت معاه، نطينا من على السور بصعوبة بالنسبة لي.
وفضلنا نجري وسط الغابة لحد ما اختفينا عن الأنظار، رميت بضهري على الشجرة اللي ورايا وقلت وأنا باخد نفَسي بالعافية من الجري اللي جريته:
_لعنة الله عليهم، عالم بيئة.
وهو كان واقف، بص لي، استغربت نظراته فقلت:
_مالك بتبص لي كدا ليه؟ لا تكون أنت التاني ناوي على شر، مين الأستاذ؟
= وربي لأربيكِ يا “رضا”.
ا.. ايه؟ ايه اللي سمعته دا؟ أنا سمعت صح؟
لسة بستوعب الجملة اللي قالها في دماغي،
دا بيتكلم زيي؟؟ لا والأسود من كدا.. عارف اسمي؟؟
_أنت مين؟
سألته بصدمة، لقيته نزِّل القناع اللي كان مغطي بيه وشه، ونظراته كلها حدة، أنا عارفة العيون السودا دي كويس!!
_عبد الله؟؟
= اه عبد الله يا متهورة، ايه اللي جابك هنا؟؟
دا عبد الله! صديق الطفولة!
احنا من سن بعض، نشأنا في دار أيتام مع بعض، وربتنا المربية وكنا أخوات في الرضاعة، عاملتنا كأننا عيالها بس احنا سيبناها وكل واحد فينا شق طريقه..
معرفش إن الحال هينتهي بينا.. لهنا!
_أنت اللي ايه جابك هنا؟ ماشفتكش من ساعة ما سيبت الدار، للدرجة دي ناسيني؟
كنت باقولها له بسخرية علشان أداري على وجعي، أصل أخويا الوحيد وصديقي اللي كان بيديني الأمل ضاع مني وضيعني.
لقيته اتنهد، وفجأة بدون إنذار أخدني في حضنه، كان عارف دايما الطريقة اللي بتسكتني، وأنا حاولت أحارب نفسي، مش هزعل، ومش هسامح، أنا نسيت كل الماضي ورميته ورايا، مش هخلي أي ذكرى ترجع.. حتى لو كانت أخويا.
بعدته عني، لقيته استغرب، بس غير الموضوع فجأة حاول ياخد منحنى جديد:
= وبعدين سايباني ماسك ايدك وأنتِ مش عارفاني؟ افرضي كنت شخص غريب.. عادي؟؟
ضيقت عيني وأنا بقول بتهكم:
_وهو أنا كنت في ايه ولا في ايه؟؟ ماكانش موقف حد يركز فيه في حاجة أصلا.
وبعدين كملت كلامي وأنا بقول بتهكم أكتر:
_وبعدين ايه العالم اللي احنا فيه دا؟ هو دا سر البير؟ دا أنا هكشفه لكل الناس علشان ييجوا يقبضوا على المختل زير النساء اللي هنا دا.
قال لي بلهفة ماكنتش أتوقعها:
= أنتِ عارفة نخرج من هنا ازاي؟
استغربت، المفروض إن طريق الدخول هو طريق الرجوع! لازم أدوَّر على موضع النهر اللي جيت منه، بس أنا مش عارفة أي حاجة هنا.. الوحيديين اللي يعرفوا وأنقذوني كانوا الحراس اللي خرجوني من المياه.
حكيت كل حاجة لـ”عبد الله” يمكن يلاقي حل، بس بص لي وهو بيغمض عينيه
وبيقول:
= حتى المشكلة اللي كنت فاكرها اتحلت بشوفتك، كبرت مش اتحلت.
بصيت له باستنكار وقلت:
_لا والله؟ ليه يا أخويا وأنت بقى لك قرون هنا؟ دا لسة مكتشفين البير من كام يوم.
ضحك بسخرية وهو بيقول باستهزاء:
= بالله ماتقوليليش، أنتِ مفكرة إنهم أول ناس اكتشفوا البير؟
رفعت حاجبي وقلت:
_أكيد مش أول ناس، بس أول ناس دخلوا مستكشفين يشوفوا ايه عمقه.
ضحك أكتر باستهزاء بطريقة نرفزتني، فقلت له:
_أنت مخبي عني ايه؟ وبقى لك هنا قد ايه؟
= 3 سنين.
_يعني مش مدة طويلـ.. يا نهار أبيض!! 3 سنين؟؟؟
أول ما أدركت اللي قاله كنت هأُصاب بانهيار، بس تمالكت نفسي وأنا شايفاه بيبتسم ابتسامة أليمة، بعدت وشي عنه وقلت:
_وليه قاعد هنا المدة دي كلها؟ ايه اللي خلاك هنا أصلا؟ مادوّرتش عن طريق الرجوع ليه؟
= كنت بدوّر كل يوم وكل ساعة في الـ3 سنين، ومن أيام يئست لإني بحثت وغصت في كل نهر موجود، وفي النهاية مالقتش المخرج، بس لما شفتك حسيت بأمل..
وبعدين قال بسخرية من نفسه وهو ماسك غصن بيلعب بيه في الأرض:
= طلع كداب في الآخر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخدني معاه لمكان مستخبي في الغابة، كان مستخبي ومخفي عن العيون حرفيا مش مجازيا!!
ماكنتش هاشوفه لولا إني تخطيت الحاجز مع “عبد الله” وشفت المكان الفعلي بعينيّ، كان مكان أخضر، فيه بيوت من خشب أكيد استعملوا إشجار الغابة في العملية دي، بس البناء مُتقن بطريقة بديعة.
ناس موجودين في كل مكان، مختلفين أشد الاختلاف عن بعض، أقوام مختلفة، اللي قزم واللي طويل واللي زينا، اللي ليه قدرات سحرية واللي ليه قدرات أشد من سحر العين، حاجات مناقضة لعالمنا ولقوانين الفيزياء اللي نشأنا عليها..
فعرفت إن مش كل شيء حقيقة نُسلّم بيها، فيه حاجات النهاردة تبدو لنا حقيقة ومنطقية، بس بعد سنين هنكتشف كم الأخطاء اللي وقعنا فيها.
ماكنتش مصدقة حاجة من اللي شايفاها، ولكن “عبد الله” بص لي وقال لي بابتسامة:
= صعب تصدقي، بس دا مجتمع بنيته.. كل شخص من هنا ليه قصة مختلفة ومؤلمة، مستحيل تلاقي شخص متقبل ماضيه.. بل بنحاول مع بعض نصلحه.
كانت صدمتي كبيرة فاستوعبت اللي حواليّ واحدة واحدة، وبحاول أفكر نفسي إني مش في حلم، مافيش حلم حقيقة للدرجة دي، ولا فيه حلم بنحس بوجع حقيقي فيه.. أكيد مش حلم.. طلع الكون مخبي لنا أسرار كتير، عندي فضول أكتشفها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راح يعرفني على الأشحاص الموجودين، كانوا بيتكلموا بلهجات ولغات مختلفة، ولكن اللغة الوحيدة اللي الكل مُتقنها هي العربية الفصيحة، كانت لغة التواصل بيننا.
عرفني عليهم، فبنت منهم قالت لي بسخرية:
= فتاة أخرى؟ ألا تصاحب سوى الفتيات إلى هنا “عبد الله”؟
ابتسامتي اختفت، رفعت حاجبي بتحدي وقلت:
_وهل يخصكِ ذلك؟ أنتِ فتاة أيضا ولكن تحدثينه بطريقة غير لائقة البتة.. مما يدل على تربيتكِ.
الكل شهق من المناظرة اللي قاعدة بتحصل، ولقيت “عبد الله” ماسك ايدي وبيقول:
= بس يا “رضا” ماتكلميهاش كدا.
اتشنجت وقلت:
_ماكلمهاش كدا؟ طب وهي بتكلمك كدا ليه كإنك ابنها ولا جوزها، وهي مالها أصلا؟
ضرب راسه بايده بيأس وقال بغيظ مكتوم:
= علشان دي مراتي فعلا.
_مراتك؟؟؟ أنت عملت عيلة هنا كمان؟
بصيت للبنت اللي كانت قاعدة تبص لي بحدة وبتكز على أسنانها، وبتقول:
= وما شأنكِ أنتِ به الآن؟ نعم أنا زوجته.
لا.. وعارفة لهجتنا كمان؟ يا ربي!
قلت لها بكل حدة وتحذير:
_وأنا شقيقته! مالكِ الآن؟
كانت نظرات التحدي بيننا قدام الكل بتدل على إننا دخلنا معركة، ولازم واحد منا يطلع خسران!
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية ما وراء البئر)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)