رواية ليلى وريان وخالد الفصل السادس 6 بقلم الاء محمد حجازي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية ليلى وريان وخالد الفصل السادس 6 بقلم الاء محمد حجازي
البارت السادس
-ماما، أنا عايزة أطلّق!
~الام بتنتفض وتصرخ:
إيه؟! إنتي اتجننتي يا هالة؟! عايزة تفضحينا وسط الناس؟!
إحنا ما عندناش بنات في العيلة بتتطلّق، هتكسفي أخواتك وأبوكي اللي في القبر؟!
الناس هتقول علينا إيه؟!
-هالة بزعيق،و دموعها نازلة:
الناس؟! أنا مالي بالناس يا ماما؟!
الناس كانوا فين وأنا كل يوم بانام على دموعي؟
كانوا فين وهو بيهني وبيكسرني؟
كانوا فين وأنا باجري على قرش علشان أأكل وألبس ابني وهو بيعد الفلوس عليا زي الغريب؟
~الام بتشدها من دراعها وتحاول تهديها:
استحملي يا بنتي، عندك عيل، الراجل مهما كان بيفضل سند، واهو ظل راجل ولا ظل حيطة!
هالة بتشيل إيدها بعنف، وعينيها حزينة:
هو ده اللي راجل يا ماما؟!
هو ده اللي حيطة؟!
ده لا راجل ولا حيطة، ده نار مولعة في قلبي كل يوم!
أنا بعيش معاه زي الميتة، مش عايشة ولا ميتة.
بتقف قدام أمها تبص في عينيها بقهر وصوتها بيتهز بس قوي:
أنا مش حيطه يسند عليها حد، أنا إنسانة عندي كرامة!
اللي انتوا بتقولوا عليه ظل راجل، ده سيف بينزل على ضهري كل يوم.
أنا تعبت واتبهدلت واتكسرت، ومش هسكت تاني!
~الأم بتبص لها وساكتة، دموعها بتنزل، وهالة تنهار على الأرض وهي ماسكة وشها وتقول بصوت مبحوح لكنه قاطع:
أنا هطلّق يا ماما، حتى لو الدنيا كلها وقفت ضدي.
~الام بصوت متوسّل:
يا بنتي استحملي بس، عشان خاطر ابنك يا هالة، عشان يعيش وسط أبوه وامه.
-هالة بحدة، وصوتها بيرتعش:
عشان خاطر ابني؟! ويفيد بايه يا ماما؟!
ابني هيعيش يشوفني مكسورة ومهانة كل يوم؟
هيكبر يفتكر إن الست جارية، وإن الرجولة ضرب وإهانة وبخل؟
أنا مش هطلّع ابن مش ساوي نفسي يا ماما، أنا مش هربيه على الذل زي ما أنا اتربيت على السكوت!
~الام بصوت هادي فيه رجاء:
يا بنتي إهدي بس،و فكري تاني، الراجل مهما كان برضو سند.
-هالة بتبص لها بحدة، وصوتها مليان وجع:
سند؟!
ده مش سند يا ماما، ده حبل مشنقة أنا متعلقة فيه كل يوم.
مش هقبل أعيش مع واحد بخيل وأناني، يحسب اللقمة قبل ما يحسب كلمته، مش هقبل ابني لما يكبر يشوفني بنضرّب كل يوم زي ما أنا كنت بشوفك وإنتي بتتضربي.
الأم تحاول تتكلم لكن هالة تقطعها وتكمل، دموعها بتنزل وهي مصممة:
إنتي طول عمرك كنتي ساكتة عشاننا، بس إحنا شوفنا كل حاجة، شوفنا الضرب، شوفنا القهر،و شوفناكي وإنتي بتنهاري بالليل.
السكوت ما حاماش حد يا ماما، ما علّمناش غير الخوف والوجع.
الأم بتسكت، وتبص في الأرض ودموعها تنزل.
-هالة بصوت هادي لكنه موجوع:
أنا مش هعمل في ابني زي ما اتعمل فينا.
مش هسيبه يكبر يشوف أمه مكسورة، وبعدين يطلع فاكر إن دي الحياة.
أنا هوقف ده دلوقتي، عشان ابني يكون راجل بجد، مش نسخة من اللي بيكسرني كل يوم.
أنا مش هربي ابني على الذل، ولا على السكوت، ولا على إن الست تتحمل علشان بس يبقى فيه راجل في البيت.
اللي إنتي كنتي ساكته عليه أنا مش هسكت عليه.
الأم تبص لها بعينين كلها دموع، تحط إيدها على وشها وتهمس لنفسها:
يمكن عندها حق، يمكن أنا اللي علمتها الخوف بسكاتي، يمكن اللي بتمشي فيه هو الصح.
و أنا كل السنين دي كنت فاكرة إني بعمل الصح، ساكتة ومستحملة علشان العيال.
مكنتش أعرف إني بسيبها تشوف نفس اللي شفته.
يارب أنا اللي زرعت فيها الخوف من الناس، وهي طلع عندها حق.
~الام بصوت حاسم، لأول مرة في حياتها:
خلاص يا بنتي، كفاية اللي استحملتيه.
أنا في ضهرك، واللي ييجي عليكي ييجي عليا الأول.
أنا اللي عايشة العمر كله ساكته ومكسورة، عارفة يعني إيه الوحدة والخوف والناس اللي ما بيرحموش.
مش هسيبك تمشي نفس السكة اللي مشيت فيها.
-هالة تبص لها مذهولة.
~الام تكمل، بصوت قوي:
اللي يريحك اعمليه، عايزة تطلقي؟ اطلقي.
أنا معاكي في كل كلمة، واللي يقولوا الناس يرموه في البحر.
إنتي وبس اللي يهمني.
إنتي وابنك اللي عايزة أشوفكم مرفوعين الراس، مش مطحونين زي ما أنا اتطحنت.
~الأم تمسح دموع بنتها، وتشدها في حضنها بقوة وتقول بهمس لكنه مؤثر:
إنتي مش لوحدك يا هالة، طول ما أنا عايشة، أنا ضهرك وسندك.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
بتدخل هالة البيت وهي عزمة علي قرار الطلاق:
بتلاقي جوزها قاعد على الكنبة ماسك الموبايل ببرود. بتدخل بخطوات تقيلة، ثابتة،و عينيها كلها غضب وبتقول بصوت ثابت:
أنا عايزة أطلّق.
•جوزها يرفع عينه من الموبايل بسخرية:
–إيه؟قولي تاني كدة؟! هو إنتي فاكرة نفسك مين؟! قومي اعمليلي أكل.
-هالة بحدة:
لا، المرة دي مش كلام وبس.
أنا عايزة أطلّق، وهتطلّقني.
•جوزها يقوم يقف قصادها، ويشدها من دراعها:
مفيش حاجة اسمها طلاق، إنتي بتلعبِي معايا ولا إيه؟!
-هالة بتشيل إيده بعنف، وتبص له بثبات:
إوعى تمد إيدك عليا تاني، أنا مش الجارية اللي كنت ساكتة.
أنا لو ما طلقتنيش بالذوق، هرفع عليك قضية وأطلع فضايحك للكل.
•جوزها يتنرفز،و يرمي الموبايل على الترابيزة ويقول بعصبية:
قضية إيه؟! إنتي فاكرة الناس هتصدقك؟!
-هالة ترفع صوتها:
أيوه، هيصدقوني.
هيصدقوا إني عايشة مع واحد بخيل، بيعد اللقمة عليا، بيخليني أشحت حقي، ويمسح بكرامتي الأرض.
هقول للناس كلها إنت مين، وهخليك أضحوكة في الشارع اللي إنت فارض نفسك عليه.
•جوزها بيتلخبط،و يحاول يمسك أعصابه:
طيب، طب وابنك؟ هتضيّعيه؟!
-هالة بعصبية ودموعها في عينيها:
أنا اللي هربيه، بعيد عنك وعن بخلك وأنانيتك!
مش هسيبه يكبر يشوفني مكسورة زي ما أنا شفت أمي، مش هكرر الغلطة دي.
•جوزها يتنهد بقرف، يزهق وهو ماشي رايح جاي ويقول برفض:
خلاص، موافق أطلقك، بس من دلوقتي لا تقوليلي مصاريفك ولا مصاريف الواد، ولا تطلبي مني حاجة.
-هالة تبتسم بسخرية لأول مرة، دموعها تنزل وهي واقفة قوية وتقول بصوت ثابت:
أنا مش عايزة منك حاجة
أنا ما صدقت أغور من وشّك.
تسيبه واقف مكانه مصدوم، وتدخل أوضتها بخطوات ثابتة.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
بعد الطلاق وهالة قاعدة في شقة بسيطة بس دافية بتلعب مع ابنها الصغير محمود فجأة يبص لها بسؤال بريء.
محمود ببراءة:
ماما، هو إحنا مش هنعيش مع بابا؟ ليه؟
-هالة تسكت لحظة، تاخد نفس عميق، تبص لابنها بحنان وتحطه في حضنها وتقول بهدوء:
بص يا حبيبي، في رجالة بتبقى موجودة في البيت، بس قلبهم مش موجود معانا.
أبوك، كان واحد منهم.
أنا وإنت محتاجين بيت فيه حب وراحة، مش بيت فيه صريخ وزعل.
محمود يبصلها باستغراب، كأنه لسه مش فاهم:
يعني هو وحش؟
-هالة تهز راسها:
لأ يا قلبي، مش عايزاك تقول عليه وحش.
بس أبوك ما عرفش يكون السند اللي كنا محتاجينه.
وانا مش هخليك تكبر وتشوف أمك مكسورة، أنا عايزاك تكبر وتشوفني واقفة على رجلي، عشان إنت كمان تبقى راجل يسند مراته وما يكسرهاش.
محمود يحضنها، وهي تمسح على شعره وتقول بابتسامة حزينة:
إوعى تنسى يا حبيبي، الست مش جارية، الست قلبها كبير، ولو اتوجع، الدنيا كلها بتتوجع.
لما تكبر، خلي مراتك تعيش مرفوعة الراس، زي ما أنا بحاول أعيش مرفوعة قدامك.
-هالة في نفيها:
يمكن هو صغير ومش فاهم دلوقتي، بس أنا واثقة إن يوم هييجي وهيفتكر كل كلمة، وهيبقى راجل بحق وحقيقي.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
بعد عشرين سنة»»»»».
محمود ابن هالة كبر وبقى راجل، مش أي راجل، راجل اتربّى على إيد أمه، اتعلم منها يعني إيه احترام، يعني إيه ست ليها كرامة.
في يوم عادي رجع من شغله، أول ما دخل البيت راح على أمه، ست كبيرة لكن عينيها لسه فيها نفس القوة، وقبّل راسها بحب.
وبعدها باس دماغ مراته وقعد جنبها، اللي كانت بتبصله طول الوقت بدهشة كأنها مش مصدقة النعمة اللي في إيدها.
سارة تميل عليه وتتكلم بتأثر:
محمود، هو إنت جايب الحنية دي كلها منين؟
انت عمرك ما رفعت صوتك عليّا، عمرك ما خليتني أتحوج لحد، أي حاجة نفسي فيها بتعملها حتى لو على حساب نفسك.
إنت مش زي باقي الرجالة، بجد أنا محظوظة بيك.
محمود يبتسم، يمسك إيدها، ويبص ناحيّة أمه بفخر:
أنا كده، عشان أمي.
هي اللي علمتني إن الست مش جارية، وإن الرجولة مش بالصوت العالي ولا بالقسوة، الرجولة بالرحمة.
هي اللي زرعت فيا إن الست لما تتعب لازم تتسند، مش تتكسر.
كل حاجة حلوة فيا، هي من دعوة منها.
محمود يقوم، يبوس دماغ أمه تاني، يرجع يقعد جنب مراته. يمد دراعيه وياخد الاثنين في حضنه.
محمود بصوت هادي مؤثر:
طول عمري هافضل أقول، أنا ابن ست علّمتني إن الكرامة ما تتباعش، وإن الحب قوة مش ضعف.
لو أنا راجل النهاردة، فالفضل ليها.
كل ده و هالة دموعها بتنزل بابتسامة فخر.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
لكل ست:……..
إوعى حد يقنعك إنك لازم تستحملي عشان العيال.
إوعى حد يقولك “ظل راجل ولا ظل حيطة”…
لأن الراجل اللي ما بيحافظش عليكي، اللي بيكسرك بالكلمة والنظرة، ده مش ظل، ده ظلمة بتدفنك وإنتي عايشة.
العيال ما بيتربوش بالسكوت، بالعكس، السكوت بيورّث القهر.
الولد اللي يشوف أمه مكسورة، بيكبر شايل نفس الكسر جواه.
والبنت اللي تشوف أمها بتتذل، بتفتكر إن ده الطبيعي، وبتكرر نفس الدائرة.
إوعى تظني إنك لما تسكتي “عشان خاطر العيال” إنك بتحميهم…
إنتي بالعكس بتكبريهم في بيت مليان خوف ووجع.
واللي بيتربى على الخوف، ما بيعرفش يبني بيت سوي.
لكن لما توقفي وتاخدي قرارك، لما تختاري الكرامة، إنتي مش بس بتنقذي نفسك، إنتي بتنقذي جيل كامل.
بتربي ابنك يبقى راجل بحق، يعرف يعني إيه الرجولة رحمة مش قسوة.
وإن الست تتسند وتتحب مش تتكسر وتتهان.
أنتي القوة، وأنتي السند…
الست لما تختار تمشي مرفوعة الراس، هي بتعلّم ابنها إزاي يرفع راس مراته.
وبتعلّم بنتها إزاي ما تسمحش لحد يكسرها.
ما فيش ست اتخلقت تعيش جارية.
الست روح وكرامة، ولو راحت كرامتها، بيروح معاها كل حاجة.
فـإوعي……..
إوعي تقبلي العيشة اللي تكسر قلبك وتدوّس على روحك.
إوعي تسمحي لابنك يشوفك منتهية، وبنتك تشوفك ساكتة.
خليكي واقفة، عشان نفسك، وعشانهم.
خليكي سند، عشان هم يكبروا ويبقوا أحسن.
لأن الأم لو وقفت، تقدر تغيّر الدنيا كلها.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
“ودي كانت حكاية هالة مع ظل الراجل…
علّمتنا إن الست ما ينفعش تعيش مكسورة باسم السند.”
وبكده تكون خلصت سلسلتنا…
حكينا عن ليلى اللي المجتمع حكم عليها بكلمة “عنوسة” وحاول يقلل من قيمتها.
وحكينا عن روميساء اللي وجعها غدر جوزها وخيانته.
وعن ملك اللي أبوها باعها وضحّى بيها كأنها مش روحه.
وعن مريم اللي أمنت لصاحبتها وفتحتلها قلبها، لكنها كانت خيانة وطعنة من أقرب الناس.
وحكينا عن ضحى، اللي ما سمعتش كلام أبوها، وقررت تمشي بطريقها، يمكن اتوجعت، لكن علمتنا إن كل بنت ليها الحق تختار، حتى لو غلطت، لأن الغلط أهون من حياة مفروضة.
قصص مختلفة، لكن الوجع واحد.
وجع بنات بيتحملوا ظلم، وبيسكتوا غصب عنهم، وبيعيشوا تحت شعار “استحملي عشان العيال” أو “ظل راجل ولا ظل حيطة”.
لكن الحقيقة اللي اتعلمناها من كل الحكايات دي إن:
الست مش محتاجة تبيع كرامتها عشان حد.
ولا محتاجة تعيش مكسورة عشان عيالها.
السكوت مش ستر، السكوت كسر.
والقهر مش قدر، القهر حاجة لازم نوقف ضدها.
الست لو وقفت على رجليها، مش بس بتنقذ نفسها.
دي بتنقذ أولادها، وبتبني جيل مختلف، جيل يعرف يعني إيه الرحمة، ويعني إيه الرجولة الحقيقية.
يمكن دي آخر سطور في السلسلة…
لكن الحقيقة إن الحكايات لسه مكملة.
ولسه في آلاف البنات اللي جواهم حكايات ما اتقالتش ولسه مستنين يتسمع صوتهم.
خلصت الحكايات المكتوبة، بس لسه الحكايات اللي جوه البيوت ما خلصتش.
ولسه في دموع بتتسطر، ولسه في قلوب موجوعة، ولسه في أصوات محبوسة.
لكن يمكن كلمة واحدة، أو خطوة واحدة، تغيّر المصير.
يمكن حكاية واحدة، زي حكاياتنا دي، تدي قوة لواحدة تانية تقول:
“كفاية، أنا أستاهل أعيش مرفوعة الراس.”
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
- لقراءة باقي الفصول أضغط على (رواية ليلى وريان وخالد)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)