رواية ليلى وريان وخالد الفصل الخامس 5 بقلم الاء محمد حجازي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية ليلى وريان وخالد الفصل الخامس 5 بقلم الاء محمد حجازي
البارت الخامس
•إزاي يعني يا راجل؟ البت لسه طفلة.. ما بتعرفش تعمل حاجة غير إنها تلعب بالعرايس وعايز تجوزها؟
-الأب بهدوء مصتنع:
يا وليه اسكتي، الواد متريّش ومعاه فلوس، هيعيّشها عيشة مرتاحة، إيه ناقصنا؟
•الأم بصوت مخنوق:
بس الولد كبير! داخل ع التلاتينات، وهي لسه ما كملتش ١٤ سنة!
-الأب يرمي كباية الشاي على الطبلية بعصبية:
وإيه يعني؟! ده ستر يا وليه، ستر! وبعدين ما تنسيش إنك كنت في نفس السن لما اتجوزتي.
جرس الباب يرن فجأة.
-الأب يقف بسرعة، يعدل جلابيته، ويبص لمراته:
العريس جه، قومِي جهّزي البت.
الأم تبص له بتردد، بعدين تمشي بخطوات تقيلة ناحية أوضة البنت
•بتدخل الأم بحزم:
قومي يا بت! كفاية لعب عيال، العريس تحت، وعايز يشوفك دلوقتي.
~ملك بصوت مهزوز:
يا ماما بلاش، أنا عايزة أذاكر! نفسي أكبر وأبقى دكتورة، أساعد الناس.
•الأم بضحكة سخرية وهي تحط الفستان على المكتب فوق الكراسة:
دكتورة إيه يا بت؟ هو التعليم جاب لنا حاجة؟ الجواز ستر، والراجل مش هقصّر معاكي.
وبعدين هو التعليم اللي هينفعك؟ ولا الشهادة اللي هتشبعك؟ الجواز ستر، والراجل هيعيشك ملكة.
~ملك بقهر:
أنا نفسي ألبس البالطو الأبيض وأعالِج الناس، مش عايزة أتجوز دلوقتي.
•الأم ترفع صوتها:
كفاية أحلام فاضية! الراجل هيجيبلك دهب وفساتين، وبيت جديد. هتبقي ست الستات. هو في بنت في سنك ييجي لها عريس متريّش كده؟
~ملك تمسك الكراسة بسرعة، تحاول تخبيها:
لكن أنا لسه صغيرة، عايزة أتعلم، مش أتجوز.
•الأم بقسوة، وهي تسحب الكراسة من إيدها وترميها عالأرض:
صغيرة إيه! أنا كنت في سنك واتجوزت. اسمعي الكلام، الراجل متريّش، هيجيبلك بيت لوحدك، وفساتين جديدة كل يوم. أحسن ما تفضلي قاعدة هنا زي العيال.
~ملك تصرخ بدموع، ماسكة العروسة من الأرض:
أنا طفلة يا ماما، دي عروستي لسه معايا!
•الأم بصوت قاطع، وهي تدفع الفستان في إيدها:
من النهارده انسي الكلام الفاضي ده، وهتسيبي لعب العيال ده. هتبقي ست بيت، مش عيلة. قومي البسي، العريس مش هيستنّى.وكمان عاوزكي زي القمر.
بتخلص ملك لبس وبتدخل الاوضة اللي قاعدين فيها:
الأب واقف يستقبل العريس: رجل في أوائل الثلاثينات، لابس بدلة بسيطة، . يدخل بابتسامة واثقة.
-الأب بحماس:
أهلاً وسهلاً يا عريسنا، البيت نور.
“علي. بابتسامة:
الله يخليك يا حاج، دي ليلة مباركة إن شاء الله.
فجأه تدخل ملك الأب يقوم بحماس:
اتفضل يا علي. دي بنتي ملك، زي القمر زي ما قلتلك.
•الأم بتردد:
هو يعني يا علي، إنت شاب لسه في عز شبابك، ليه ما تتجوزش واحدة من سنك؟
” علي يبتسم ابتسامة واثقة ويقول ببرود:
علشان أنا عايز واحدة صغيرة أربيها على إيدي، تتعود على طباعي من الأول، وتبقى زي ما أنا عايز.
-الأب يضحك باقتناع، يهز راسه: عندك حق
~ملك ترفع وشها ببراءة وتتكلم لأول مرة، صوتها طفولي متردد:
بس يا ماما، هو كبير أوي بالنسبة لي.
-الأب ينفعل ويبحلق في ملك ويقول بعصبية:
اسكتي يا بت! عيب الكلام ده. قومي سلمي زي الناس.
“علي يتدخل بابتسامة هادية:
لا يا حاج، ما فيش مشكلة ملك لسه صغيرة وبتتكلم بعفوية. وأنا اللي عاجبني فيها البراءة دي.
~ملك تبص في الأرض، إيديها متشابكة بتوتر.
” علي بصوت جاد:
أنا عايز الفرح بعد ست شهور.
-الأب بندهاش:
ست شهور؟ ده قليل أوي، إحنا مش هنلحق نجهز حاجة.
“علي بثقة:
ما تشيلوش هم حاجه، كله عليا: الشقة، الجهاز، الفرح، عليكم بس تجيبوا ملك بشنطة هدومها.
-الأب يمد إيده بسرعة يسلم على علي، ملامحه كلها لهفة وطمع واضح، كأنه لقى كنز وقع بين إيديه ويقول بحماس:
مبروك يا علي، ألف مبروك.
•الأم تبص للبنت اللي واقفة متجمدة، دموعها بتلمع في عينيها وهي ساكتة، في حين الكل حوالينها بيتكلم في تفاصيل الجواز.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
بعد كم يوم، اتعملت الخطوبة. الدهب لمع في إيد طفلة ما تعرفش يعني إيه خطوبة، ولا يعني إيه مسؤولية. علي كان بيبعت كل يوم هدية جديدة: مرة فستان، مرة موبايل، مرة علبة شوكولاتة غالية. ملك كانت تندهش وتبتسم ابتسامة بريئة، مش فاهمة إن كل هدية بتربطها بسلسلة جديدة.
كانت بتبص لالأب وهو يعد الفلوس اللي علي بعته عشان مصاريف البيت ويضحك، وعينه كلها طمع.
الأب كان كل ما يشوف هدية أو ظرف فلوس، يبارك ويشجع.و الأم كانت ساكتة، والطفلة؟ كل يوم كانت بتسأل: هو لازم أتجوز دلوقتي؟ مش ممكن أكمّل دراستي الأول؟
الأم تمسكها وتهمس: اصبري يا بنتي، نصيبك جه، والناس كلها بتقول علي ابن حلال.
الخطوبة ما طولتش علشان علي كان مستعجل، والأب كان فرحان إن كل حاجة بتتدفع من جيب العريس. وبعد شهور قليلة، اتعمل الفرح. البنت اتزفّت زي أي عروسة، لكن الحقيقة إن الكل كان عارف، هي لسه طفلة.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
كتير من الروايات بتحكي إن البطل، لما يتجوز طفلة، بيصبر عليها. ياخد عهد قدام نفسه إنه ما يلمسهاش غير لما تكبر وتخلص تعليمها. يديها فرصة تعيش سنها، يتعامل معاها كأب أو أخ لحد ما تيجي اللحظة الصح.
لكن هنا، ما كانش فيه صبر، هنا كانت الحقيقية المرة.
الليلة اللي الناس كلها سموها ليلة عمرها، كانت بداية نهايتها. طفلة اتسحبت من حضن المدرسة والأحلام الصغيرة، وتزفت لراجل شايفها غنيمة، مش إنسانة.
انتهك براءتها من أول لحظة، وكأن ضحكتها اللي كانت لسه بتتهجّى الحروف في الكُشكول، اتقطعت واتدفنت جوه جدران أوضة مقفولة.
طفلة اتزفّت يوم الفرح، وانتهت براءتها في نفس الليلة. ما كانش فيه صبر، ولا عهد، ولا فرصة إنها تكمل تعليمها.
العريس الكبير ما شافش فيها غير جارية صغيرة، والأب ما شافش غير الذهب والفلوس. والأم؟ صوتها اتكتم بين الخوف والعجز.
الليلة دي ما كانتش بداية قصة حب زي الحواديت، كانت بداية حكاية وجع لطفلة اتسلبت منها طفولتها، واتكتب لها قدر ما اختارتوش.
الصبح ما كانش زي أي صبح. البنت ما قامتش بعينين بتلمع زي أي عروسة صغيرة بتحلم. قامت بعينين مطفية، مرعوبة، مش فاهمة إيه اللي حصل. كانت ماسكة في نفسها زي اللي بيغرق، ومحدش مديها إيد.
الأب ما شافش غير الفلوس والهدايا اللي بتتراكم، والأم غرقانة بين الخوف والعجز، والمجتمع حوالينها بيبارك.
لكن جوه قلب الطفلة؟
كان في وجع أكبر من سنها، وكسرة مش قادرة تنطق بيها.
ما بقتش بنت عايزة تكمل تعليمها، ولا تحلم تكون دكتورة. بقت جسد صغير انكسر، وروح محبوسة بين أربع حيطان، ولسانها اتكمم قبل ما ينطق كلمة: حرام.
دي ما كانتش ليلة فرح. دي كانت ليلة خطف عمر، ليلة انتهكوا فيها براءة طفلة، وسمّوها جواز.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
بعد أسبوعين ملك بتنزل تحت مع حماتها وهي واقفة تدي أوامر، ملك بتحاول تقطع خضار بس إيديها الصغيرة مش عارفة تمسك السكينة.
حماتها بزعيق:
هو ده اللي جايبوهولي؟ بنت ما تعرفش تطبخ ولا تعمل طبق محشي! ده أنتي هتفضحينا مع الناس يا بت!
ملك تبص في الأرض ودمعة تنزل على خدها.
بالليل علي راجع من الشغل، بيرمي الشنطة ويقعد. وملك تدخل بكوباية شاي، إيديها بترتعش وتقع نقطة على الترابيزة.
“علي بعصبية:
ما تعرفيش تمسكي كوباية؟!
حماتها بصوت عالي:
انا قلتلك يا ابني دي صغيرة، حتاجة تتعلم. لازم تنشف معاها شوايه.
ملك بتسيب الصينية على الترابيزة وتجري على أوضتها.
” علي بهدوء بعد ملك ماتمشي:
ايوه يا امي، بس ملك لسه صغيره برضو.
حماتها بقسواه:
سيبك من دلعها، هي مش أول طفلة تتجوز. بكرة تتعود.
بعد يومين بالنهار:
ملك واقفة قدام الحوض، بتغسل مواعين. فجأة تحط إيدها على بطنها، وشها يصفر، وتدوخ تقع على الأرض تصرخ بصوت ضعيف:
آااه، يا بطني، يا علي!
‘علي يسمع صوتها من أوضة تانية، يجري عليها. يلاقيها على الأرض ودم نازل بسيط.
‘علي بخضة:
يا نهار أبيض! قومي يا ملك! قومي!
يشيلها بسرعة بين إيديه، وهي مرمية زي العروسة القماش، ضعيفة وصوتها بيتقطع.
~ملك بهمس:
أنا خايفة يا علي
“علي بخوف: متخفيش يملوكة
بيوصل المستشفى والدكاترة يدخلوا ملك بسرعة جوه. علي واقف بره متوتر، بيتمشى رايح جاي.
الممرضة:
حضرتك استنى بره.
بعد شوية تخرج الدكتورة بملامح جدية.
‘علي بلهفة:
طمّنيني يا دكتورة، مالها؟
الدكتورة بنبرة جدية:
هي دلوقتي أحسن، بس حصل إجهاض.
” علي يتجمد:
إجهاض؟! يعني إيه؟!
الدكتورة:
يعني كانت حامل، والجنين نزل.
“علي يفتح عينيه بدهشة، صوته يطلع متلخبط:
حامل؟! وهي، هي ما قالتليش! إزاي تخبي عني حاجة زي دي؟!
الدكتورة بهدوء:
مخبّتش يا أستاذ علي، هي نفسها ما تعرفش. دي طفلة. إزاي هتفهم إنها حامل؟ لسه جسمها ما كملش، ولا عقلها يستوعب. أعراض الحمل اللي حضرتك ممكن تلاحظها، هي تشوفها إنها تعب عادي.
” علي يسند إيده على الحيطة، صدمة وذنب في عينيه. يغمض عينه ويهمس لنفسه بصوت مبحوح:
طفلة، وأنا، عاملها ست بيت.
الدكتورة:
في حاجه كمان، هي صغيرة جدًا، جسمها مش مستحمل الحمل.
“علي مصدوم:
يعني إيه؟!
الدكتورة بحزم:
يعني لازم تفهم إن مراتك دي لسه طفلة. الحمل خطر عليها دلوقتي. أقل حاجة، ما ينفعش تفكروا في حمل تاني قبل 18 سنة. حياتها في خطر.
علي يحط إيده على راسه، يدخل لها.
ملك بتحاول تبتسم بخوف:
هو… هو أنا عندي إيه؟ أنا تعبانة ليه؟
قبل ما يستوعب يرد، تدخل الممرضة بحقنة
~ملك ترجع لورا بخوف طفلة:
لأ، لأ، مش عايزة حقنة! بتوجع أوي، بلاش يا علي!
بتمسك إيده زي عيل صغير بيتوسل. علي يفضل يبص لها، ملامحه بتتغير، كأن الصدمة ضربته في قلبه ويقول في نفسه:
دي مش زوجة، دي مش ست، دي طفلة. طفلة أنا دمرت براءتها
بعدالممرضة متخرج علي يقعد جنبها، ساكت، باصص فيها. يسكت شوية وبعدين يقرر يسأل بهدوء:
قوليلي يا ملك إنتي نفسك في إيه دلوقتي؟
~ملك ترفع عينيها له، و ترد بسرعة من غير تفكير بابتسامة طفولية:
نفسي أرجع بيتنا، وألعب مع إخواتي،و أروح المدرسة تاني. نفسي أبقى دكتورة زي ما كنت بقول لماما.
الصدمة بتبان على وش علي و عينيه تتملي دموع بس يحاول يخبي ويقول بصوت واطي:
مدرسة…؟
~ملك بحماس بريء، كأنها بتحلم:
أيوه، وحشتني الحصة والسبورة، نفسي أرجع زي زمان.
“علي يهمس لنفسه:
أنا، أنا ضيعتك.
يسكت شوية، ياخد نفس تقيل، وبعدين يبصلها بعزم وهو بيبص في عينيها:
من النهارده، إنتي حرة. هرجعك بيتك، وهترجعي مدرستك. انتي مش مراتي، إنتي طفلة. وأنا ماليش حق أكمّل كده.
” علي بياخد ملك ويرجعها بيت أهلها الأب اول لمايشفهم يوقف، وعلي قدامه متوتر. وملك قاعدة في الركن خايفة. علي ياخد نفس تقيل ويقول بحزم:
يا عمّي، أنا قررت أطلّق بنتك. هي طفلة، ومينفعش أكمل معاها.
الأب يتصب فجأة، عينيه تبان فيها الغضب ويصرخ:
أنتي عملتي ليه إيه يا بنت الكلب؟!
كان بيبص لبنته بغل ويهجم عليها كأنه هي السبب.
-الأب موجّه كلامه لعلي:
وأنت يا أستاذ علي، تاخد بنات الناس تلعب بيهم وترميهم زي اللعبة؟! هو ده الرجولة؟!
ملك تعيط وترتجف. وعلي يوقف قدامها بسرعة يحوش عنها ويقول بحزم:
إيدك عنها! ما تلومهاش، هي ملهاش ذنب. هي طفلة، وأنا الغلطان اللي وافقت من الأول.
-الأب يحدّف نظره على علي بغضب وصوت عالى:
طفلة ولا مش طفلة إنت خدت حقك وزيادة، وجاي تقول هتطلّقها كده ببساطة؟!
•الأم تدخل فجأة من المطبخ، بصوتها عالي بس فيه وجع:
هو هيتطلّقها إزاي يا راجل؟ دي طفلة، والجواز كان عرفي. ينفع يكتب طلاق إزاي وهي أصلاً ما كملتش 18؟
الكل يسكت لحظة، الصدمة تملأ الجو. علي بيتجمد، الأب يعض شفايفه من الغيظ.
“علي بحزم:
الحل الوحيد إنها تفضل على ذمتي لحد ما تكمل السن القانوني. بعد كده نكتب رسمي، وبعدها الطلاق اللي إنت عايزه يحصل.
ملك بتبص حوالينها بدموع، لأول مرة تستوعب حجم المصيبة: إنها لسه مربوطة بالجواز، مش بإرادتها.
بتعدي السنين لحد ملك متكمل ال18وتطلق من علي بس طول الفترة دي كانت مهتمة جداً بدراستها ودايما بتطلع من الاوائل لحد ما في يوم بترجع لابسة لبس مدرسة، شكلها أكبر وأنضج من قبل، لكن في عينيها أثر سنين الوجع بتلاقي ابوها قاعد.
-الأب بهدوء مصطنع:
تعالي يا بنتي، عايز أقولك خبر حلو.
~ملك بتحذر:
خير يا بابا؟
-الأب بابتسامة مكر:
جايبلك عريس متريش، راجل هيعوضك عن اللي فات. مش أي كلام، ده فرصه ما تتفوتش.
~ملك تسكت لحظة، وبعدين دموعها تلمع لكن صوتها يخرج قوي وتقول بحزم ممزوج بوجع:
لا يا بابا، مش عايزة أتجوز تاني. حرام عليك، كفاية اللي ضاع بسببك. كفاية اللي اتسلب مني وأنا طفلة. الجبروت اللي إنت عايش فيه ده كسرني، ومش هتكرر تاني.
-الأب يضرب إيده في الطربيزه ويقول بعصبية:
إزاي لا؟! إنتي بنتي ! وهتتجوزي يعني هتتجوزي. أنا مش هقدر أصرف عليك طول عمري.
~ملك بانفعال ودموع:
ومين قالك إني عايزة حد يصرف عليا؟! أنا هشتغل، وهكمل تعليمي، وهصرف على نفسي بنفسي. مش عايزة أتجوز تاني عشان ترضى طمعك وتقبض التمن!
الأب يبص لها بغل، لكن صوته يتقطع قدام قوتها. هي تنهار في البكاء، لكن لأول مرة مش بكاء ضعف، بكاء قرار.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
وبتعدي الأيام… تتحول لشهور، والسنين تمشي، وملك تكبر.
كبرت بسرعة أكبر من عمرها، شايلة وجع مش من حق طفلة تعيشه.
كل ذكرى كانت زي شوكة في قلبها: ليلة فرح اتسرق فيها طفولتها، كلمة جارحة من جوز أكبر منها بكتير، نظرة قسوة من أبوها اللي باعها.
لكن رغم الانكسار… كان جواها شعاع نور صغير، بتحافظ عليه زي ما بتحافظ على روحها.
قررت إنها مش هتفضل ضحية. بدأت تشتغل في أي حاجة صغيرة: دروس خصوصية للأطفال، شغل في مكتبة، أي شيء يخليها تقدر تكمل. كانت ترجع البيت مرهقة، عينيها محمرة من السهر والشغل، لكن جواها إصرار: “لازم أحقق حلمي… لازم أثبت إني أقدر.”
التعب النفسي ما سابهاش…
كانت بتخاف من كل صوت عالي، من كل كلمة تهديد، من كل مرة تشوف فيها بنت صغيرة في فستان أبيض.
الكوابيس ما كانتش بتسيبها، كانت تصحى مفزوعة كأنها لسه عايشة الليلة اللي غيرت حياتها. ومع ذلك، كل صباح كانت تلم روحها المكسورة وتقوم تاني.
المدرسة بقت لها ملجأ…
كانت تحس إنها وسط الكتب ترجع طفلة من جديد. كل نجاح صغير كان بيخليها تبتسم وتقول لنفسها: “لسه في أمل.”
وبعد رحلة طويلة من الشغل والدموع والدراسة، وبعد سنين من الصبر والحرمان، جه اليوم اللي استنته طول حياتها…
يوم التخرج.
وقفت ملك في الكلية، لابسة روب التخرج، وشهادة النجاح في إيدها.
دموعها نزلت من غير ما تقدر تمنعها… مش دموع حزن، لكن دموع فرحة ممزوجة بجراح قديمة.
افتكرت الطفلة اللي كانت بتحلم تبقى دكتورة وهي ماسكة كتاب المدرسة، واللي اتسلب منها الحلم ده بدري… لكن رجعته بإصرارها.
اليوم ده كان إعلان انتصارها…
انتصار على الجهل، على القهر، على كل اللي حاولوا يكسروا حياتها.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
زواج القاصرات مش بس ظلم… ده حرام.
حرام لأنك بتاخد طفلة لسه ما اكتملتش جسديًا ولا عقليًا وتحمّلها مسؤولية أكبر من طاقتها.
حرام لأنك بتحرمها من حقها في التعليم واللعب والأمان، وبتحطها في مواجهة مع تعب نفسي وجسدي ممكن يدمّرها.
البنت الصغيرة مش قد بيت ولا زوج ولا ولادة ولا مسؤولية.
اللي بيتجوز طفلة بيظلمها، وبيظلم نفسه، وبيظلم المجتمع كله.
خلي البنت تكبر في أمان…
خليها تتعلم وتحقق حلمها…
عشان الزواج يكون في وقته الصح، بمسؤولية، وبرضا كامل.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
“ودي كانت حكاية ملك، حكاية طفلة اتسلبت منها طفولتها باسم الجواز.كبرت وهي شايلة وجع أكبر من سنها، بس قدرت توقف على رجليها وتكمل تعليمها، وتثبت إن البنات مش سلعة تتباع ولا ورقة تتوقع.
حكاية ملك مش مجرد حكاية، دي صرخة ضد زواج القاصرات.
حرام نحرم طفلة من براءتها، وحرام نحملها مسؤولية مش قدها.
ودي لا أول بنت تتوجع ولا آخر واحدة. ولسه حكايات البنات كتير.
وفي الآخر… ربنا بيعوضها باللي يستاهلها، ويوريها إن اللي راح كان رحمة، ويداوي جرحها، ويكتب لها بداية جديدة.
انتظروني في حكاية بنت جديدة.”
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
يتبع….
- لقراءة باقي الفصول أضغط على (رواية ليلى وريان وخالد)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)