رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل الثالث والعشرون 23 - قصة رومانسية عربية - The Last Line
روايات

رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل الثالث والعشرون 23 – قصة رومانسية عربية

رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل الثالث والعشرون 23 – قصة رومانسية عربية

 

 

 

البارت الثالث والعشرون

 

 

كانت أبواب المستودع القديم على شاطئ مدينة البحر تصدح بصدى الرياح العاتية، كأن البحر نفسه يصرخ تحذيراً لمن يجرؤ على الدخول. الجدران الحديدية الصدئة كانت تئن تحت وطأة العاصفة، والموج يضرب الصخور بغضب يشبه الذي يعصف بقلب ليلى. كانت السيارة متوقفة أمام الباب، محركها يزمجر ببطء، والأخوة ينزلون أولاً كفريق مدرب: خالد يمسك عصا حديدية من السيارة كسلاح، برنامج يحمل لابتوبه الجاهز للاختراق، وسامي يتحدث بهمس إلى هاتفه مع الشرطة: “نحن داخل، بس لا تتأخروا – العاصفة هتغطي الإشارات!”
كمال، رغم الجرح الذي يؤلمه مع كل خطوة، أمسك بذراع ليلى بلطف قوي، عيناه السوداوان مليئتان بعزم لا يلين: “ليلى، أنتِ مش هتدخلي لوحدك. السر ده… مهما كان، أنا معاكِ. لو أنا أخوكِ، يبقى أنا هحميكِ كأخ، ولو أكتر من كده… هحميكِ كحبيب.” همست ليلى، يدها ترتجف وهي تمسك الوثيقة المطوية في جيبها: “كمال، أنتَ مجروح، والعاصفة دي مش لعبة. جميلة مجنونة، ورامي معاها – لو أطلقوا رصاصة تانية، أنا مش هقدر أنقذك تاني. اللي قالته سيدة الرشيد… اللي قالته عن أبوكِ وأبيِ… ده يغير كل حاجة. أنا خايفة مش بس من الرصاصة، خايفة من اللي هيحصل بينا لو طلع السر حقيقي.”

 

 

ضغط كمال على يدها، صوته هادئ لكنه عميق كالبحر: “ليلى، السر ده مش هيغير اللي بينا. أنا حبيتكِ قبل ما أعرف اسمكِ، في الغيبوبة لما سمعتُ صوتكِ يقول: ‘كمال، أنتَ هترجع، أنا هنا.’ وحبيتكِ في الحانة لما رفعتِ ساقكِ وقلتِ: ‘أيهما أجمل، ساقاي أم ساقها؟’ وحبيتكِ في غرفة العمليات لما أنقذتِ الصبي والأم. لو الدم يقول إننا أخوات، يبقى الروح تقول إننا أكتر من كده. أنتِ حياتي، ليلى. مش هسيب جميلة تفصلنا، ولا السر ده هيوقفنا.”
أومأتْ خالدُ بِرَأْسِهِ مِنْ بَعِيدْ، وَهُوَ يَفْتَحُ الْبَابَ الْحَدِيدِيَّ بِقُوَّةٍ: “يَالْلَهْ، دَخْلُواْ! الشَّرْطَةْ قَادِمَةْ، بَسْ الْعَاصِفَةْ هَتْأَخْرَهُمْ.” دَخَلُواْ الْمُسْتَوْدَعْ، الظَّلَامُ يَغْمُرُهُمْ كَالْحِبْرِ السَّوْدَاءِ، وَصَوْتُ الْمَوْجِ يَدُوِيْ مِنْ بَرِّيْدْهَا كَالْبَرْقِ. فَجْأَةً، أَضْوَاءُ كَشَّافَةْ تَشْعَلُ فِيْ الْوَسْطِ، وَجَمِيلَةُ تَقِفُ هُنَاكَ، مَسْدَسُهَا مُرْتَفِعْ فِيْ يَدِهَا، وَرَامِي بِجَانِبِهَا، وَجْهُهُ مَلْيْءٌ بِالْيَأْسِ وَالْغَضَبِ. “أَهْلًا وَسَهْلًا، يَا عَائِلَةْ الرَّشِيدْ الْمُتَّحِدَةْ!” صَرَخَتْ جَمِيلَةُ بِسَخْرِيَةٍ مَرِيرَةٍ، صَوْتُهَا يَتَرَدَّدُ فِيْ الْفَضَاءِ الْفَارِغِ: “كَمَالْ، أَنْتَ جِيْتَ مَعَ أُخْتَكِ الْغَيْرْ شَقِيقَةْ عَشَانْ تَوْقِفْنِيْ؟ حَسِيبْ، يَا أَخِيْ الْكَبِيرْ! أَنْتَ مُجْرَوْحْ، وَلَيْلَى مَعَاكْ – الْحُبْ الْمُحَرَّمْ هَيْخْلِيكُمْ تَسْقُطُواْ أَمَامَ الْعَالَمْ! الْفَيْدْيُوْ دِيْ هَيْبْثْ فِيْ دَقَائِقْ، وَالْعَالَمْ هَيْشْهَدْ إِنَّ الْمَلِيَارْدَيْرْ كَمَالْ نَزَلْ بِأُخْتُهْ!”
تَقَدَّمَ كَمَالُ بِصُعُوبَةٍ، خَالِدْ يَدْعَمُهُ، وَصَوْتُهُ الْعَمِيقُ يَدُوِيْ رَغْمَ الْأَلَمِ: “جَمِيلَةُ، أَنْتِ مَخْلُوْصَةْ. الشَّرْطَةْ قَادِمَةْ، وَرَامِي اسْتَسْلَمْ وَقَالْ كُلْ حَاجَةْ. أَنْتِ الَّتِيْ أَرْسَلْتِ الْسَّمَّ لِلْمُسْتَشْفَى، وَالَّتِيْ زَوَّرْتِ الْفَيْدْيُوهَاتْ عَشَانْ تَسْقُطِيْ سَمْعَتِيْ وَسَمْعَةْ لَيْلَى. الْوَثِيقَةْ دِيْ… أَبِيْ مَاتْ عَشَانْ يَحْمِيهَا، وَأَنْتِ حَاوَلْتِ تَسْتَخْدَمْهَا عَشَانْ تَأْخُذِيْ الْإِنْتِقَامْ. بَسْ أَنْتِ خَسْرَانَةْ – لَيْلَى أُخْتِيْ أَوْ لَيْسَتْ، هِيَ الَّتِيْ أَحْبَبْتُهَا أَكْثَرْ مِنْ أَيْ وَرْدَةْ ذَابِلَةْ زِيّْكِ!”
صَرَخَتْ جَمِيلَةُ، وَهِيَ تَرْفَعُ الْمَسَدَّسَ أَكْثَرْ، يَدَاهَا تَرْتَجِفَانِ: “أَحْبَبْتَهَا؟ أَنْتَ تَحْبَبْ أُخْتَكْ؟ أَنْتَ مَرْيَضْ، كَمَالْ! أَنَا كُنْتُ الْحُبْ الْحَقِيقِيْ – الْلَّيَالِيْ الَّتِيْ رَقَصْتُ لَكْ فِيهَا، الْسَّاقَيْنْ الَّتِيْ لَفَفْتْهُمَا حَوْلَ خَصْرَكْ فِيْ لَيْلَةْ الْعَاصِفَةْ! لَيْلَى كَانَتْ الْبَدِيْلَةْ، الْفَتَاةْ الرِّيْفِيَّةْ الْقَبِيحَةْ الَّتِيْ أَمِّيْ رَمَتْهَا فِيْ الْوَحْلْ عَشَانْ تَبْقَىْ بَعِيدَةْ! أَنْتَ كُنْتَ لِيْ، وَهِيَ سَرَقَتْكْ بِكَذِبْهَا عَنْ هَارْفَارْدْ وَالْجَرَاحَةْ! وَالْآنَ، الْحَقِيقَةْ هَتْدْمِرْكُمْ – أَنْتَ وَأُخْتَكْ هَتْبْقَوْاْ فَضِيحَةْ الْعَالَمْ!”
تَقَدَّمَتْ لَيْلَى خُطْوَةً، عَيْنَاهَا مَلْيَئَتَانِ بِالْحُزْنِ وَالْعَزْمِ: “جَمِيلَةُ، أَنْتِ مَجْنُونَةْ. أَنْتِ فَكَرْتِ إِنَّ الْكَرَاهِيَةْ هَتْعْطِيكِ الْقُوَّةْ؟ أَنْتِ الَّتِيْ هَرَبْتِ مِنْ كَمَالْ لَمَّا وَقَعَ، وَأَنَا الَّتِيْ بَقَيْتْ أَرْعَاهُ، أَدْرُسُ لَيْلًا وَأَغْسِلُ مَلَابِسَهُ بِإِيدِيْ! أَنْتِ الَّتِيْ حَقَنْتِ السَّمَّ فِيْ الْوَرِيْدْ عَشَانْ تَقْتُلِينِيْ، وَالَّتِيْ زَوَّرْتِ الْفَيْدْيُوهَاتْ عَشَانْ تَسْقُطِيْ سَمْعَتِيْ! وَالْحَقِيقَةْ… الْحَقِيقَةْ إِنَّنِيْ أُخْتُهُ، يَبْقَى أَنْتِ الَّتِيْ خَسَرْتِ كُلْ حَاجَةْ – حُبَّهُ، وَالْعَائِلَةْ، وَالْحَيَاةْ. أَنْتِ الْوَرْدَةُ الْمَيْتَةُ، جَمِيلَةُ، وَأَنَا… أَنَا الْبَجْعَةُ الَّتِيْ طَارَتْ رَغْمَ الْوَحْلْ!”
صَرَخَ رَامِي، وَهُوَ يَقْفُ بَجَانِبِ جَمِيلَةِ، يَدَهُ تَرْتَجِفُ عَلَى الْمَسَدَّسِ: “لَيْلَى، أَنْتِ مَخْلُوْصَةْ! جَمِيلَةُ خَدَعَتْنِيْ، قَالَتْ إِنَّ الْإِرْثْ لَنَا، بَسْ الْوَثِيقَةْ دِيْ تَقُولْ إِنَّنِيْ أَخْ كَمَالْ أَيْضًا! أَنْتِ… أَنْتِ أُخْتِيْ كَمَالْ، وَأَنَا أَخُّهُمْ مِنْ أُمِّيْ الْمُمْرِضَةْ! أَنْتِ الَّتِيْ هَتْسْقُطِيْ – أَنْتِ الَّتِيْ سَرَقْتِ الْحُبْ مِنْ جَمِيلَةْ، وَالْمَالْ مِنْ حَازِمْ! أَنَا هَأَخْلْصْ مِنْكِ، وَأَأْخُذْ الْإِرْثْ كُلَّهُ!”
لَكِنْ فَجْأَةً، انْفَجَرَ بَابُ الْمُسْتَوْدَعِ الْخَلْفِيِّ، وَدَخَلَتْ الشَّرْطَةُ بِقُوَّةٍ، أَضْوَاءُهُمْ تَشْعَلُ الْظَّلَامَ، وَالضَّابِطُ الْكَبِيرُ يَصْرُخُ: “أَلْقُواْ السِّلَاحْ! جَمِيلَةُ مَنْصُورْ وَرَامِي الشَّرِيفِ، أَنْتُمْ مُحْصُورُونْ! الْفَيْدْيُو مَحْذُوفْ، وَالْوَثِيقَةْ مَسْجَلَةْ – انْتَهَى الأَمْرُ!” سَقَطَتْ جَمِيلَةُ عَلَى رُكْبَتَيْهَا، تَبْكِيْ بِيَأْسٍ: “لَيْلَى… أَنْتِ فَازْتِيْ… بَسْ حُبُّكُمْ مُحَرَّمْ… هَيْدْمِرْكُمْ مِنْ جَوَا!” أَمْسَكَ رَامِي بِرَأْسِهِ، وَهُوَ يُسْتَسْلِمْ: “أُخْتِيْ… أَنْتِ الْقَوِيَّةْ… أَنَا مَأْسَاوِيْ، سَاعِدِينِيْ فِيْ الْمَحْكَمَةْ، وَأَنَا هَأَقُولْ كُلْ حَاجَةْ عَنْ جَمِيلَةُ.”
أَخَذَتْ لَيْلَى نَفْسًا عَمِيقًا، وَهِيَ تَرْفَعُ الْوَثِيقَةَ أَمَامَ الْضَّابِطِ: “هَذِهِ الْدَّلِيْلْ عَلَى الْجَرِيمَةْ – أَبْ كَمَالْ مَاتْ عَشَانْ يَحْمِيهَا، وَحَازِمْ وَجَمِيلَةُ حَاوَلُواْ يَسْتَخْدَمُوهَا. أَنْتُمْ خَدُوهَا، وَأَنَا هَأَرْجِعْ لِكَمَالْ وَأَقُولْلَهُ الْحَقِيقَةَ كُلَّهَا.” نَظَرَتْ إِلَى جَمِيلَةُ الْمُحْصُورَةِ: “أَنْتِ

 

 

خَسْرَانَةْ، جَمِيلَةُ. أَنْتِ الْوَرْدَةُ الْمَيْتَةُ، وَأَنَا… أَنَا الْبَجْعَةُ الَّتِيْ طَارَتْ رَغْمَ الْوَحْلْ. بَسْ رَحْمَةْ عَلَيْكِ – أَنْتِ كُنْتِ أُخْتِيْ يَوْمًا، وَالْحَقِيقَةْ دَائِمًا تُحَرِّرْ.”
رَجَعَتْ لِلْمُسْتَشْفَى مَعَ الْأَخَوَةِ، وَالْوَثِيقَةُ فِيْ يَدِهَا كَحِمْلٍ ثَقِيلْ. دَخَلَتْ الْغُرْفَةَ، وَكَمَالْ يَنْتَظِرْهَا، عَيْنَاهُ مَلْيَئَتَانِ بِالْأَمَلِ: “لَيْلَى… قُولِيْ إِنَّهَا انْتَهَتْ.” جَلَسَتْ بِجَانِبِهِ، وَأَمْسَكَتْ بِيَدِهِ، وَهِيَ تَفْتَحُ الْوَثِيقَةَ: “كَمَالْ… الْحَقِيقَةْ صَعْبَةْ، بَسْ أَنْتَ قَوِيْ. أَنْتَ وَأَنَا… أَخَوَةْ. أَبْكَ أَحْمَدْ كَانَ أَبِيْ الْحَقِيقِيْ، وَسَلِيْمْ رَبَّانِيْ. الْحُبْ بَيْنَنَا… كَانَ حُبْ أَخَوَةْ مِنَ الْبِدَايَةْ، بَسْ الْقَلْبْ عَمَى. الْآنَ… الْآنَ، نَحْنْ عَائِلَةْ حَقِيقِيَّةْ، وَهَأَكْمِلْ مَهَمَّةْ أَبِينَا – نَكْشِفْ الْجَرِيمَةْ وَنَحْمِيْ الْإِرْثْ لِلْعَالَمْ.”
بَكَى كَمَالْ بِصَمْتٍ، وَهُوَ يَجْذُبُهَا لِحْضْنِهِ: “لَيْلَى… أُخْتِيْ… أَنْتِ دَائِمًا كُنْتِ الْقَلْبَ الْوَحِيدَ. الْحُبْ دِيْ هَيْبْقَىْ أَقْوَى، لَأَنَّهُ حُبْ دَمْ وَرُوحْ. مَعًا، نَحْنْ هَنْتَصِرْ عَلَى الْمَاضِيْ وَالْمُؤَامَرَةِ.”
فِيْ الْخَارِجِ، كَانَتْ سَيَارَةُ جَمِيلَةِ الْهَارِبَةِ تَقْصُرُ الْمَدِينَةَ، وَهِيَ تَهْمِسُ لِرَجُلْ غَامِضْ بِجَانِبِهَا: “الْوَثِيقَةْ الْأَخِيرَةْ عِنْدِيْ… وَهِيَ تَكْشِفْ إِنَّ رَامِي لَيْسَ الْوَرِيْثْ – أَنَا… أَنَا الْبِنْتْ الْحَقِيقِيَّةْ لِأَبْ كَمَالْ! لَيْلَى كَانَتْ الْغَطَاءْ، وَالْآنَ، أَنَا هَأَأْخُذْ كُلَّ شَيْءٍ…”

 

 

 

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

‫7 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *