رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل السادس عشر 16 – قصة رومانسية عربية
رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل السادس عشر 16 – قصة رومانسية عربية
البارت السادس عشر
كانت الشمس قد غربت خلف أمواج مدينة البحر، تاركةً السماء مليئةً بغيومٍ رمادية كأنها ستشهد عاصفةً لا ترحم. في الفيلا الرشيدية، التي كانت دائماً رمزاً للأناقة والقوة، كان الجو الآن مشحوناً بتوترٍ يشبه الهواء قبل البرق. كمال جلس على الأريكة الجلدية الواسعة في غرفة الجلوس، يداه مشبكتان خلف رأسه، وعيناه السوداوان تحدقان في الفراغ كأنه يحاول قراءة أفكار الأعداء الخفيين. أمامه، على الطاولة الرخامية، كانت صوراً مطبوعةً من التقرير السري لبدر: وثائق بنكية تثبت تحويلات مالية من حازم منصور إلى مهندس السيارات، وصوتية مسجلةً لمكالمة بين نسرين وجميلة، تتحدثان عن “الفتاة الريفية التي يجب أن تبقى بعيدةً إلى الأبد”.
دخلت ليلى الغرفة بخطواتٍ ثقيلة، معطفها الطبي لا يزال يلف جسدها النحيل، وشعرها الأسود الطويل مفكوكاً كأنه يعكس فوضى أفكارها. كانت قد قضت الساعات الأخيرة في العناية المركزة، تراقب المريضة الحامل التي نجت بأعجوبة، لكن السم الذي حقنوه كان يذكرها بأن الحرب لم تنتهِ. أغلقت الباب خلفها بصوتٍ خافت، ووقفت هناك للحظة، تنظر إلى كمال بعينين مليئتين بالألم والعزم. “كمال… قرأتُ التقريرَ كله. أمي… نسرين… هي التي أرسلتني إلى الريف ليس لأنني ‘الأخت الزائدة’،
بل لأنها كانت تخافُ أنْ أكتشفَ الحقيقةَ. كانتْ تعرفُ أنَّ حازمَ يخططُ للحادثِ، وجميلة… جميلة كانتْ تُسْكِتُنِيْ بِالْكَذِبِ وَالْتَّحَقِيرِ كَيْ أَبْقَىْ صَاغِرَةً. كيفَ… كيفَ أَثِقُ بِأَحَدٍ بَعْدَ هَذَا؟”
اقترب كمال منها ببطء، كأنه يخشى أنْ تهربَ إنْ سَرَّعَ، وَأَمْسَكَ بِكَتِفَيْهَا بِلَطْفٍ، عَيْنَاهُ تَبْحَثَانِ فِيْ عَيْنَيْهَا عَنْ أَثَرِ الْأَمَلِ. “لَيْلَى، أَنْتِ لَسْتِ وَحْدَكِ فِيْ هَذَا. أَنَا هُنَا، وَبَدْرْ وَالْأَخَوَةْ قَادِمُونَ غَدًا. نَسْرِيْنْ وَحَازِمْ… هُمْ لَيْسُواْ عَائِلَتَكِ الْحَقِيقِيَّةَ. أَنْتِ ابْنَةُ سَلِيْمْ مَنْصُورْ، الرَّجُلْ الَّذِيْ بَانَ لِيْ فِيْ هَارْفَارْدْ بِأَنَّهُ كَانَ يَدْرُسُنِيْ سِرًّا عَنْ طَرِيقِ أَبِيهِ. هُوَ الَّذِيْ أَرْسَلَ لِيْ رِسَالَةً قَبْلَ مَوْتِهِ: ‘حَمِيْ ابْنَتِيْ لَيْلَى، فَهِيَ أَقْوَى مِنْ أَحَدٍ يَتَخَيَّلُ.’ أَنْتِ قَوِيَّةٌ، لَيْلَى. وَأَنَا… أَنَا أَحْبُبْتُكِ مُنْذُ أَنْ رَأَيْتُكِ فِيْ الْحَانَةِ، لَيْسَ بِسَاقَيْكِ فَحَسْبُ، بَلْ بِقَلْبِكِ الَّذِيْ أَنْقَذَنِيْ مِنَ الْغِيْبُوْبَةِ وَمِنْ نَفْسِيْ.”
تَرَفَعَتْ شَفَتَا لَيْلَى بِابْتِسَامَةٍ مُرَّةٍ، وَهِيَ تَبْعِدُ خُطْوَةً، يَدَاهَا تَرْتَجِفَانِ. “تَحْبُنِيْ؟ كَمَالْ، أَنْتَ قُلْتَ ذَلِكَ الْآنَ، بَعْدَ أَنْ كَشَفْتُ سِرِّيْ وَأَنْقَذْتُ عَالَمَكَ. لَكِنْ فِيْ الْسَّنَوَاتِ الثَّلَاثِ، كُنْتَ بَارِدًا كَالْجَلِيْدِ. تَذْكُرُ يَوْمَ اسْتِيقَظْتَ مِنَ الْغِيْبُوْبَةِ؟ نَظَرْتَ إِلَيّْ وَكَأَنَّنِيْ غَرِيْبَةٌ، وَقُلْتَ: ‘مَنْ أَنْتِ؟’ أَمْسَيْتُ رَبَّةُ مَنْزِلْ، أَطْبُخُ لَكَ وَأَغْسِلُ مَلَابِسَكَ، وَأَنْتَ لَمْ تَلْمِسْنِيْ يَوْمًا. وَالْآنَ، مَعَ جَمِيلَةِ تُحَارِبُنَا، تَقُولُ إِنَّكَ تَحْبُنِيْ؟ هَذَا حُبْ، أَمْ شُكْرْ عَلَى الْأَلْمِ الَّذِيْ بَذَلْتُهُ؟”
تَوَقَّفَ كَمَالُ، وَجْهُهُ يَشْحَبُ لِأَوْلِ مَرَّةٍ، وَهُوَ يَجْلِسُ عَلَى الْأَرِيكَةِ وَيَجُرُّهَا لِتَجْلِسَ بِجَانِبِهِ. أَمْسَكَ بِيَدَيْهَا، وَصَوْتُهُ يَرْتَجِفُ بِشَيْءٍ نَادِرٍ – الْعَوْزِ. “لَيْلَى، أَنْتِ حَقِيقِيَّةٌ. نَعَمْ، كُنْتُ أَعْمَى. عِنْدَمَا اسْتِيقَظْتُ، كَانَ الْأَلَمُ يَعْصِرُنِيْ، وَالْأَسْئِلَةُ تَغْرَقُنِيْ. مَنْ هِيَ هَذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِيْ تَرْعَانِيْ؟ لَمَاذَا جَمِيلَةُ غَابَتْ؟ لَكِنْ كُلَّ لَيْلَةٍ، كُنْتِ تَجْلِسِينَ بِجَانِبِيْ، تَقْرَئِينَ لِيْ كُتُبَ الْأَعْمَالِ، تَمْسَحِينَ عَلَى جَبِينِيْ بِالْمِنَادِيْلِ الْبَارِدَةِ. كُنْتِ تَحْسِبِينَ أَنَّنِيْ نَائِمٌ، لَكِنْ أَنَا كُنْتُ أَسْمَعُ صَوْتَكِ، أَشْعُرُ بِدِفْئِكِ. كُنْتُ أَخْشَى أَنْ أَحْبَّكِ، لِأَنَّنِيْ كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّكِ بَدِيْلَةً، وَأَنَّ حُبِّيْ لِجَمِيلَةِ كَانَ الْوَحِيدَ. لَكِنْ فِيْ الْحَانَةِ، عِنْدَمَا رَفَعْتِ سَاقَكِ وَتَحَدَّيْتِنِيْ، شَعَرْتُ بِالنَّارِ. وَفِيْ غُرْفَةِ الْعَمَلِيَاتِ، عِنْدَمَا أَنْقَذْتِ الْحَيَاةَ، أَدْرَكْتُ أَنَّكِ لَسْتِ بَطْرِيقَةً قُبِيحَةً – أَنْتِ الْبَجْعَةُ الْحَقِيقِيَّةُ. أَحْبُبْتُكِ مُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، لَيْلَى. وَالْآنَ، أَرِيدُ أَنْ أَثْبِتَهُ لَكِ كُلَّ يَوْمٍ.”
كَانَ حَوَارُهُمَا يَتَدَفَّقُ كَالنَّهْرِ، مَلِيْئًا بِالْكَلِمَاتِ الَّتِيْ كَانَتْ مَكْبُوتَةً لِسَنَوَاتٍ. ضَحِكَتْ لَيْلَى ضَحْكَةً مُرَّةً، وَهِيَ تَمْسَحُ دَمْعَةً. “أَثْبِتْهُ؟ كَيْفَ، كَمَالْ؟ بِالْقُبَلِ فِيْ غُرْفَةِ الْعَمَلِيَاتِ، أَمْ بِالْحَضْنِ بَعْدَ الْمُوَاجَهَةِ؟ أَنْتَ رَجُلْ الْأَعْمَالِ، الْمَلِيَارْدَيْرْ الَّذِيْ يَفْتَحُ الْأَبْوَابَ بِإِشَارَةٍ. لَكِنْ أَنَا… أَنَا الْجَرَّاحَةُ الَّتِيْ تَقْطَعُ الْقُلُوبَ لِتُصْلِحَهَا. أَرِيدُ أَكْثَرَ مِنْ كَلِمَاتٍ – أَرِيدُ أَنْ أَرَىْكَ تَوَاجِهُ جَمِيلَةَ وَجَهًا لِوَجْهٍ، تَقُولُ لَهَا إِنَّهَا انْتَهَتْ. وَأَمِّيْ… أَرِيدُ أَنْ أَسْمَعَ مِنْهَا الْحَقِيقَةَ بِفَمْهَا.”
فَجْأَةً، رَنَّ جَرَسُ الْبَابِ بِصَوْتٍ مَدْوِيٍّ، مُقَاطِعًا حَوَارَهُمَا كَالْبَرْقِ. نَظَرَ كَمَالُ إِلَى السَّاعَةِ – السَّاعَةُ الْعَاشِرَةُ مَسَاءً. “مَنْ هَذَا الْآنَ؟” تَمْتَمَ، وَهُوَ يَنْهَضُ بِسُرْعَةٍ، يَتَجَهَّمُ وَجْهُهُ. فَتَحَ الْبَابَ، لِيَجِدَ ثَلَاثَةَ رِجَالٍ قَادِمِينَ مِنْ سَيَارَةٍ سَوْدَاءَ فَاخِرَةٍ: خَالِدْ دَالِيْ، الْأَخُ الْأَكْبَرْ، طَوِيْلُ الْقَامَةِ وَشَدِيْدُ الْبِنْيَةِ بِمَهْنَةِ جَرَّاحِ عَظَامٍ، وَبَرْنَامِجْ أَخُوهُ الْأَصْغَرْ، الْمُهَنْدِسُ الْحَاسُوبِيُّ الَّذِيْ يَبْدُو كَالْجَاسُوسِ فِيْ أَفْلَامِ هُوْلِيْوُودْ، وَأَخِيرًا سَامِيْ، الْأَخُ الثَّالِثُ، الْمُحَامِيْ الْحَادَّ الْعَيْنَيْنِ الَّذِيْ يَحْمِلُ مَحْفَظَةً مَلِيْئَةً بِالْوَثَائِقِ. كَانُواْ أَخَوَةَ لَيْلَى الْحَقِيقِيِّينَ، أَبْنَاءُ عَمِّهَا سَلِيْمْ، الَّذِينَ أَخْفَوْاْ عَنْهَا وَصَايَا وَالِدِهَا لِيْحْمُوهَا مِنَ الْعَالَمِ الْخَارِجِيِّ.
“لَيْلَى!” صَرَخَ خَالِدْ وَهُوَ يَدْخُلُ بِخُطْوَاتٍ وَاسِعَةٍ، يَحْضُنُهَا بِقُوَّةٍ كَأَنَّهُ يَحْمِيْهَا مِنْ عَاصِفَةٍ. “أُخْتِنَا الصَّغِيرَةْ، سَمِعْنَا عَنِ الْفَضِيحَةِ وَالْمُؤَامَرَةِ. أَنْتِ لَسْتِ وَحْدَكِ – نَحْنُ هُنَا لِنَحْرُقَ الْعَالَمَ إِذَا لَزِمَ الأَمْرُ!” ضَحَكَ بَرْنَامِجْ ضَحْكَةً سَاخِرَةً، وَهُوَ يَفْتَحُ لَبْتُوبَهُ عَلَى الْطَاوِلَةِ. “أَنَا قَدْ تَحَقَّقْتُ مِنَ الْفِيدْيُوْ الْمُزَيَّفِ – إِنَّهُ مُحْرَرْ بِبَرْنَامَجْ أَوْفِيسْ قَدِيمٍ، وَالْأَصْوَاتُ مُضَافَةٌ مِنْ تِلْفَازِ جَمِيلَةِ. سَأَحْذِفُهُ مِنَ الْإِنْتَرْنِتْ فِيْ دَقَائِقَ، وَأَضَعُ فِيْرُوسًا يَتَبِعُ الْمُصْدِرَ.”
تَفَاجَأَ كَمَالُ بِهُمْ، لَكِنَّهُ أَدْرَكَ فَوْرًا أَنَّهُمْ لَيْسُواْ عَادِيِّينَ. “أَنْتُمْ… أَخَوَةُ لَيْلَى الْحَقِيقِيُّونَ؟” سَأَلَ بِحَذَرٍ، وَهُوَ يَمْدُدُ يَدَهُ لِيَصَافِحَ خَالِدَ.
أَجَابَ سَامِيْ بِصَوْتٍ حَادٍّ كَالْسِّيْفِ: “نَعَمْ، سَيِّدُ الرَّشِيدِ. وَنَحْنُ نَعْرِفُ عَنْكَ أَكْثَرَ مِنْ مَا تَتَخَيَّلُ. أَبُونَا سَلِيْمْ كَانَ يَقُولُ إِنَّكَ رَجُلْ قَوِيٌّ، لَكِنْ بَارِدٌ. لَكِنْ الْيَوْمَ، رَأَيْنَاكَ تَحْمِيْ أُخْتَنَا فِيْ الْمُسْتَشْفَى – فَأَنْتَ الْآنَ أَحَدُنَا. هَذَا الْوَثِيقَةُ هُنَا: وَصِيَّةُ أَبِيهَا، تَثْبِتُ أَنَّ لَيْلَى وَرِيْثَةُ مَجْمُوعَةِ مَنْصُورْ الْطِّبِّيَّةِ، وَلَيْسَ حَازِمْ. إِذَا كَانَ هُوَ وَرَاءَ الْحَادِثِ، سَنَسْجَنُهُ غَدًا.”
انْفَجَرَ الْحَدِيْثُ بَيْنَهُمْ كَالْعَاصِفَةِ: خَالِدْ يَتَحَدَّثُ عَنْ خُطَّةِ الْدَّعْمِ الْطِّبِّيِّ، بَرْنَامِجْ يَفْتَحُ شَاشَةً تُظْهِرُ مَسَارَ الْفِيدْيُوْ وَمَنْ رَفَعَهُ (رَامِي الشَّرِيفِ)، وَسَامِيْ يَقْرَأُ الْوَثَائِقَ بِصَوْتٍ قَوِيٍّ: “هُنَا دَلِيْلُ الْحَوَالَةِ الْمَالِيَّةِ – مِلْيُونَ دُولَارٍ مِنْ حَازِمْ إِلَى الْمُهَنْدِسِ يَوْمَ الْحَادِثِ. وَهُنَا مُكْلِمَةٌ مِنْ نَسْرِيْنْ: ‘لَيْلَى يَجِبُ أَنْ تَبْقَىْ فِيْ الرِّيْفْ حَتَّى يَخْلَصَ الْأَمْرُ.'” ضَحَكَتْ لَيْلَى ضَحْكَةً مُرَّةً، وَهِيَ تَقْفُ وَتَمْشِيْ فِيْ الْغُرْفَةِ. “أَبِيْ… أَبِيْ كَانَ يَقُولُ دَائِمًا: ‘الْقَلْبُ يَعْرِفُ الْحَقِيقَةَ، لَيْلَى.’ وَالْآنَ، أَدْرَكْتُ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ. هُوَ الَّذِيْ أَرْسَلَكُمْ لِيْ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ أَنْتُمْ أَخَوَتِيْ، لَيْسُوْاْ هَؤُلَاءِ الْأَشْبَاحِ.”
فَجْأَةً، رَنَّ هَاتِفُ كَمَالِ بِصَوْتٍ عَالٍ – مُكْلِمَةٌ مِنْ جَمِيلَةِ. تَوَقَّفَ الْجَمِيعُ، وَنَظَرُواْ إِلَيْهِ بِحَذَرٍ. أَجَابَ بِبَارُودٍ، وَصَوْتُهُ بَارِدٌ كَالْجَلِيْدِ: “جَمِيلَةُ، مَاذَا تُرِيدِينَ؟” مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، جَاءَ صَوْتُهَا الْمُتَرَجِّفِ بِالْغَضَبِ: “كَمَالْ، أَنْتَ خَائِنْ! أَنْتَ وَلَيْلَى تَحْمِلَانِ الْعَالَمَ عَلَى كَتْفَيْكُمَا، لَكِنْ أَنَا أَعْرِفُ سِرَّكَ الْأَكْبَرَ. حَادِثُ الْغِيْبُوْبَةِ لَمْ يَكُنْ وَحْدَهُ – وَالِدَتَكَ، سَيِّدَةُ الرَّشِيدِ، كَانَتْ تَتَوَاصَلُ مَعَ حَازِمْ قَبْلَ سَنَوَاتٍ. هِيَ مَنْ أَعْطَتْهُ الْمَعْلُومَاتِ عَنْ صَفْقَةِ الْمُسْتَشْفَى. إِذَا لَمْ تَتْرُكْ لَيْلَى وَتَعُودْ إِلَيّْ، سَأَكْشِفُ كُلَّ شَيْءٍ – سَمْعَةُ عَائِلَتِكَ سَتَدْمَرُ!”
تَجَمَّدَ كَمَالُ، وَالْأَخَوَةُ يَتَبَادَلُونَ النَّظَرَاتِ. “كَذِبْ، جَمِيلَةُ!” صَرَخَتْ لَيْلَى، وَهِيَ تَمْسَحُ الْهَاتِفَ مِنْ يَدِهِ. “أَنْتِ تَكْذِبِينَ لِتُفْرِقِيْ بَيْنَنَا! وَالِدَتُهُ لَمْ تَكُنْ جُزْءًا مِنْ هَذَا – أَنْتِ وَحْدَكِ، مَعَ رَامِي، تُحَاوِلِينَ تَدْمِيرَ كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّكِ خَسِرْتِ!” مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، ضَحِكَتْ جَمِيلَةُ ضَحْكَةً مَجْنُونَةً: “خَسِرْتُ؟ أَنْتِ الَّتِيْ سَرَقْتِ مَكَانِيْ، لَيْلَى! غَدًا، فِيْ مُؤْتَمَرِ الْأَعْمَالِ، سَأَكْشِفُ كُلَّ شَيْءٍ أَمَامَ الْعَالَمِ. كَمَالْ سَيَخْسَرُ شَرْكَتَهُ، وَأَنْتِ سَمْعَتَكِ الْطِّبِّيَّةَ. وَالْآنَ… اسْتَمْتِعُواْ بِلَيْلَتِكُمَا الأَخِيرَةِ!” أَغْلَقَتِ الْخَطَّ، تَارِكَةً الصَّمْتَ يَغْمُرُ الْغُرْفَةَ.
“هَذَا… هَذَا لَيْسَ كَذِبًا كُلَّهُ،” قَالَ كَمَالُ بِصَوْتٍ مُنْخَفِضٍ، وَهُوَ يَجْلِسُ مَرَّةً أُخْرَى، وَجْهُهُ يَشْحَبُ. “وَالِدَتِيْ… كَانَتْ تَتَوَاصَلُ مَعَ حَازِمْ قَبْلَ سَنَوَاتٍ، لَكِنْ لَيْسَ لِلْخِيَانَةِ. كَانَتْ تَحْمِيْنِيْ – هِيَ الَّتِيْ أَخْبَرَتْنِيْ بِأَنَّ عَائِلَةَ مَنْصُورْ تَخْطِّطُ لِلْصَّفْقَةِ، وَلَذَلِكَ حَادَثَ الْحَادِثُ. لَكِنْ جَمِيلَةُ تَعْرِفُ كَيْفَ تَلْوِيْ الْحَقَائِقَ. غَدًا، فِيْ الْمُؤْتَمَرِ، سَنَوَاجِهُهَا جَمِيعًا – أَنْتِ وَأَنَا وَأَخَوَتَكِ. سَنَكْشِفُ الْحَقِيقَةَ أَمَامَ الْكَامِيرَاتِ، وَسَنَنْتَصِرُ.”
نَظَرَتْ لَيْلَى إِلَى أَخَوَتِهَا، وَهُمْ يَأْكِدُونَ بِرَأْسِهِمْ، ثُمَّ عَادَتْ إِلَى كَمَالِ بِعَيْنَيْنِ مَلِيْئَتَيْنِ بِالْأَمَلِ. “حَسَنًا، كَمَالْ. غَدًا، نَحْرِقُ الْجَسَرَ وَالْأَعْدَاءَ مَعَهُ. لَكِنْ اللَّيْلَةَ… اللَّيْلَةَ، دَعْنَا نَكُونَ وَحْدَنَا.” جَذَبَتْهُ نَحْوَهَا، وَشَفَتَاهُمَا الْتَقَتَا مَرَّةً أُخْرَى، قُبْلَةً طَوِيْلَةً مَلِيْئَةً بِالْوَعْدِ وَالْأَلَمِ.
لَكِنْ فِيْ الْخَارِجِ، تَحْتَ غَيْمَاتِ اللَّيْلِ، كَانَتْ سَيَارَةٌ سَوْدَاءُ تَتَرَصَّدُ الْفِيلَا، وَرَامِي الشَّرِيفِ يَقُولُ لِجَمِيلَةِ عَلَى الْهَاتِفِ: “غَدًا، فِيْ الْمُؤْتَمَرِ، لَيْسَ فَقَطْ كَشْفُ السِّرِّ – سَنَفْجِرُ قَاعَةَ الْمُؤْتَمَرِ بِفَضِيحَةٍ أَكْبَرَ: دَلِيْلٌ عَلَى أَنَّ لَيْلَى هِيَ الَّتِيْ تَمَتَّعَتْ بِالْحَادِثِ لِتَحْصُلَ عَلَى الْمَالِ. سَتَسْقُطُ كُلُّهُمْ.”
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية ليلى منصور وكمال الرشيد)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)