رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل الخامس عشر 15 – قصة رومانسية عربية
رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل الخامس عشر 15 – قصة رومانسية عربية
البارت الخامس عشر
كانت أصوات الآلات الطبية في غرفة العناية المركزة تصدح كسيمفونية من الرعب، بيب… بيب… بيب… نبض المريضة الحامل يتباطأ تدريجياً، كأن قلبه يستسلم لسمٍ خفي يتسلل في دمائها. اندفع كمال وليلى عبر الممر الطويل، أبواب الطوارئ تفتح أمامهما بعنف آلي، والفريق الطبي يهرع خلفهما كظلال مذعورة. “الأم في صدمة قلبية!” صاح الطبيب المساعد، وهو يحاول إعادة الإيقاع بالصدمات الكهربائية، بينما كانت الممرضات يحقنّ الجرعات الطارئة. ليلى، بقلب يخفق كالطبول الحربية، دفعَتْ نفسَها إِلَى الأَمَامِ، يَدَاهَا تَرْتَدِيْ الْقِفَّازَاتِ بِسُرْعَةٍ، وَعَيْنَاهَا تَرْكَزَانِ عَلَى الْمُرِيضَةِ الْمُتَأَلْمَةِ.
“دَعُونِيْ أَرَى الْمَخَطَّطَ الْدَّمْوِيَّ!” أَمَرَتْ لَيْلَى بِصَوْتٍ قَاطِعٍ، وَهِيَ تَمْتَدُّ يَدَهَا لِتَأْخُذَ الْمُخْرَجَ الْإِلِكْتْرُونِيَّ. الْقَلْبُ كَانَ يَتَقَوَّسُ بِشَكْلٍ غَرِيبٍ، وَالْضَّغْطُ يَنْخَفِضُ إِلَى مُسْتَوَى مَمِيتٍ. كَمَالُ وَقَفَ بِجَانِبِهَا، يَدَاهُ تُسَاعِدَانِ فِي تَثْبِيتِ الْأَدَوَاتِ، وَوَجْهُهُ مَشْدُودٌ كَالْحَبْلِ. “لَيْلَى، الْدَّوَاءُ الْمُحَقَّنُ… إِنَّهُ لَيْسَ الْمُضَادَّ الْحَيَوِيَّ الصَّحِيْحَ. شَيْءٌ مُسَمًّى – رَسْتَرُونِيُّمْ، مَادَّةٌ تُبْطِئُ الْقَلْبَ!” قَالَ بِصَوْتٍ مُخْتَنِقٍ، وَهُوَ يَقْرَأُ الْمُخْرَجَ مِنْ الْشَّاشَةِ.
تَجَمَّدَتْ لَيْلَى لِثَوَانِيْ، لَكِنَّهَا لَمْ تَتَوَقَّفْ. “إِبْدَئُواْ بِالْغَسِيْلَ الْدَّمْوِيِّ فَوْرًا! وَأَحْضِرُواْ الْأَدْرِينَالِيْنَ الْإِضَافِيَّ!” صَرَخَتْ، وَيَدَاهَا تَدْخُلَانِ الصَّدْرَ مَرَّةً أُخْرَى لِتَصْلِيحِ الْإِيقَاعِ الْقَلْبِيِّ. كَانَتْ الْغُرْفَةُ مَلْيَئَةً بِالْأَصْوَاتِ: الْآلَاتُ تُصْدِرُ إِنْذَارًا مُسْتَمِرًّا، الْفَرِيقُ يَتَحَرَّكُ بِسُرْعَةٍ مَرْتَعِبَةٍ، وَالْمُرِيضَةُ تَتَأَنَّقُ بِأَلَمٍ خَفِيْفٍ تَحْتَ التَّخْدِيرِ. كَمَالُ، الْمُتَمَرْسِ لِلْأَعْمَالِ وَلَيْسَ الْطِّبِّ، أَمْسَكَ بِالْمَضْخَةِ الْيَدَوِيَّةِ وَبَدَأَ يَعْمَلُ بِهَا بِقُوَّةٍ، وَحْدَهُ يَدْعَمُهَا كَشَرِيكٍ حَقِيقِيٍّ. “لَنْ أَدَعْهُمْ يَفْلِحُواْ، لَيْلَى. هَذَا لَيْسَ لِلْمُسْتَشْفَى فَحَسْبُ… هَذَا لَكِ.”
بَعْدَ دَقَائِقَ مُؤْلِمَةٍ مِنَ الْكَفَاحِ، اسْتَقَرَّ الْنَّبْضُ أَخِيرًا – بِطِيءٍ لَكِنْ مُنْتَظِمٌ. الْآلَاتُ سَكَتَتْ، وَالْفَرِيقُ أَخَذَ نَفْسًا طَوِيْلًا مِنَ الْإِرْهَاقِ وَالْفَرْحِ. نَظَرَتْ لَيْلَى إِلَى الْمُرِيضَةِ، وَهِيَ تَمْسَحُ عَلَى جَبِينِهَا بِالْمِنَادِيْلِ، ثُمَّ التَفَتَتْ إِلَى كَمَالِ بِعَيْنَيْنِ مَلِيْئَتَيْنِ بِالْشُّكْرِ وَالْحُزْنِ.
“شُكْرًا لَكَ… مَرَّةً أُخْرَى. لَوْلَاكَ، لَكَانَتْ الْقِصَّةُ انْتَهَتْ بِمَأْسَاةٍ.” أَمْسَكَ بِيَدِهَا، وَجَذَبَهَا نَحْوَهُ بِقُوَّةٍ خَفِيْفَةٍ، شَفَتَاهُ تَلْمَسَانِ شَفَتَيْهَا فِيْ قُبْلَةٍ قَصِيرَةٍ وَمُضْرِمَةٍ، أَوَّلُ قُبْلَةٍ حَقِيقِيَّةٍ بَيْنَهُمَا مُنْذُ الْعَوْدَةِ. “أَنْتِ الْقُوَّةُ هُنَا، لَيْلَى. وَأَنَا… أَنَا الْحِمَايَةُ.”
لَكِنَّ الْفَرْحَ لَمْ يَدُمْ طَوِيْلًا. دَخَلَ يُوسُفُ السِّكْرِتِيرُ الْغُرْفَةَ بِسُرْعَةٍ، وَجْهُهُ شَاحِبٌ كَالْمَوْتِ، وَهُوَ يَحْمِلُ لَبْتُوبًا مَفْتُوحًا. “سَيِّدِيْ، سَيِّدَتِيْ… الْأَخْبَارُ السَّيِّئَةُ. تَسَرَّبَ فِيدْيُوْ مُزَيَّفٌ عَلَى الْإِنْتَرْنِتْ – يُظْهِرُ لَيْلَى وَهِيَ ‘تَفْشَلُ’ فِيْ عَمْلِيَةٍ قَدِيمَةٍ، وَالْمَرِيضُ يَمُوتُ. الْصُّحُفُ تَتَحَدَّثُ عَنْ ‘فَضِيحَةِ الْمُسْتَشْفَى’، وَالْأَسْهُمُ لِشَرْكَةِ الرَّشِيدِ تَنْخَفِضُ بِسُرْعَةٍ. وَهُنَاكَ… دَلِيْلٌ جَدِيْدٌ مِنْ بَدْرِ: رَامِي الشَّرِيفِ تَوَاصَلَ مَعَ حَازِمْ مَنْصُورْ الْيَوْمَ صَبَاحًا، وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ ‘الْحَادِثِ الْقَدِيمِ’ – الْغِيْبُوْبَةِ.”
شَحِبَ وَجْهُ لَيْلَى مَرَّةً أُخْرَى، وَهِيَ تَأْخُذُ اللَّبْتُوبَ وَتَشَاهِدُ الْفِيدْيُوْ: صُوَرُ مُقَاطَعَةٌ مِنْ عَمْلِيَةٍ قَدِيمَةٍ، مُعَدَّلَةً لِتُظْهِرَ يَدَيْهَا تَرْتَجِفَانِ وَالْمَرِيضُ يَمُوتُ. كَانَتْ تَعْرِفُ الْحَقِيقَةَ – نَجَحَتْ ذَلِكَ الْعَمْلِيَةَ، لَكِنَّ الْتَّحْرِيْرَ جَعَلَهَا تَبْدُو كَفَاشِلَةٍ. “هَذَا… هَذَا مِنْ جَمِيلَةِ. هِيَ الْوَحِيدَةُ الَّتِيْ وَصَلَتْ إِلَى مَخْطُوطَاتِيْ الْقَدِيمَةِ مِنْ أَيَّامِ الْتَّدْرِيْسِ السِّرِّيْ.” دَمْعَةٌ سَاقَطَتْ عَلَى الشَّاشَةِ، لَكِنَّهَا مَسَحَتْهَا بِسَرْعَةٍ، وَنَظَرَتْ إِلَى كَمَالِ بِعَزْمٍ. “لَانْتَهِيْ هَكَذَا. أَنَا سَأَدْحَضُ هَذَا بِعَمْلِيَةِ الْيَوْمِ – الْأُمُّ سَتَسْتَعِيْدُ وَالطِّفْلُ آمِنٌ. لَكِنْ أَنْتَ… أَنْتَ يَجِبُ أَنْ تَكْشِفَ حَقِيقَةَ الْحَادِثِ. إِذَا كَانَ حَازِمْ وَرَاءَ غِيْبُوْبَتِكَ، فَهُوَ يَسْتَحِقُّ السِّجْنَ.”
أَوْمَأَ كَمَالُ بِرَأْسِهِ، وَهُوَ يَضْغَطُ عَلَى زَرِّ الْهَاتِفِ لِيَتَوَاصَلَ مَعَ بَدْرِ فَوْرًا. “سَأَفْعَلُ. وَلَكِنْ لَيْلَى… هَذَا يَعْنِيْ أَنَّ عَائِلَتَكِ كُلَّهَا مُهْدَّدَةٌ. خَالِدْ وَالْأَخَوَةْ قَادِمُونَ غَدًا، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ سَنَحْتَاجُهُمْ.” فِيْ تِلْكَ اللَّحْظَةِ، وَصَلَتْ رِسَالَةٌ أُخْرَى مِنْ بَدْرِ: “أَخِيْ، وَجَدْتُ الْدَّلِيْلَ. حَازِمْ دَفَعَ لِمُهَنْدِسِ سِيَارَاتٍ لِتَعْطِيْلِ الْفَرَامِلْ. وَجَمِيلَةُ… كَانَتْ تَعْرِفُ وَتَسْكُتُ. لَكِنْ هُنَاكَ شَيْءٌ أَكْبَرُ: وَالِدَتُكِ نَسْرِيْنْ… هِيَ مَنْ أَرْسَلَتْ لَيْلَى إِلَى الرِّيْفْ لِتَكُونَ ‘بَعِيْدَةً’ عَنْ الْحَادِثِ.”
كَانَتْ الْكَلِمَاتُ كَالسِّكَاكِيْنِ فِيْ قَلْبِ لَيْلَى. أَمُّهَا… الْمَرْأَةُ الَّتِيْ أَحْبَبَتْهَا يَوْمًا، كَانَتْ جُزْءًا مِنَ الْمُؤَامَرَةِ؟ دَمْعَاتُهَا سَاقَطَتْ أَخِيرًا، لَكِنَّهَا رَفَعَتْ رَأْسَهَا بِعَزْمٍ. “إِذًاْ، نَنْتَصِرُ. غَدًا، مَعَ أَخَوَتِيْ، سَنَوَاجِهُهُمْ كُلَّهُمْ. وَجَمِيلَةُ… سَتَدْفَعُ الثَّمَنَ.”
فِيْ تِلْكَ اللَّحْظَةِ، وَقَفَ كَمَالُ أَمَامَهَا، وَحَضَنَهَا بِقُوَّةٍ، جَسَدُهُ الْقَوِيُّ يَحْمِيْهَا مِنَ الْعَالَمِ. “مَعًا، لَيْلَى. مَعًا.” لَكِنْ فِيْ الْخَارِجِ، تَحْتَ أَضْوَاءِ الْمَدِيْنَةِ، كَانَتْ جَمِيلَةُ تَرْصُدُهُمْ مِنْ سَيَارَتِهَا، هَاتِفُهَا يَرْنُّ بِرِسَالَةٍ مِنْ رَامِي: “الْخُطَّةُ الْأَكْبَرُ جَاهِزَةٌ. غَدًا، نَسْقِطُ الرَّشِيدَ… وَنَأْخُذُ لَيْلَى مَعَنَا.”
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية ليلى منصور وكمال الرشيد)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)