رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل العاشر 10 - قصة رومانسية عربية - The Last Line
روايات

رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل العاشر 10 – قصة رومانسية عربية

رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل العاشر 10 – قصة رومانسية عربية

 

 

البارت العاشر

 

 

كانت كلمات جميلة معلقة في الهواء الثقيل لغرفة العمليات، كأنها سم يتسرب ببطء إلى الروح، يحرق كل شيء في طريقه. وقفت هناك، عند الباب، فستانها الأحمر يبدو الآن كلون الدم المسفوح، وعيناها اللتين كانتا دائماً مليئتين بثقة الملكة، أصبحتا الآن بركتين من الغيرة المتلألئة. الفريق الطبي تجمد في أماكنهم، يتبادلون النظرات المرتبكة، بينما كانت آلات التنفس الصناعي تصدر صوتاً منتظماً يذكر الجميع بأن الحياة هنا هشة، وأن القلوب يمكن أن تتوقف لأسباب لا تُحصى.
ليلى، لا تزال ترتدي الرداء الأخضر الملطخ بقليل من الدماء، رفعت رأسها ببطء، ونزعت القناع عن وجهها النقي، الذي كان يلمع بعرق الجهد والانتصار. نظرت إلى جميلة بعينين هادئتين، لكن في أعماقهما كان هناك بريق من القوة الجديدة، القوة

 

 

التي اكتسبتها بعد سنوات من الصمت. “جميلة،” قالت بصوت ناعم لكنه حازم، كأنها تتحدث إلى طفلة مدللة، “هذه غرفة عمليات، ليست مسرحاً لعرضك الخاص. إذا كنتِ هنا للزيارة، فالمريض نائم الآن. وإلا، يرجى الخروج.”
تجمدت جميلة، وشفتاها المتورّدتان انفتحتا في صدمة. كيف تجرؤ ليلى – تلك البطة القبيحة، الفتاة الريفية التي حلقت شعرها لتكون مثلها، التي تركتها أمها في الوحل – على التحدث إليها بهذا الاستعلاء؟ “أنتِ؟!” صاحت جميلة، خطوة إلى الأمام، يدها تشير إلى ليلى كأنها سلاح. “أنتِ تتحدثين معي هكذا؟ أنا جميلة منصور، الراقصة، النجمة! وأنتِ… أنتِ مجرد خادمة في منزل كمال، أو الآن، مساعدة في المستشفى! كيف تجرئين على الوقوف هنا، في رداء أكبر منك، وكأنكِ شيء؟”
كمال، الذي كان لا يزال يقف بجانب الطاولة الجراحية، يداه مغطاة بالقفازات الملطخة، رفع رأسه ببطء. كانت عيناه السوداوان، تلك العينان اللتين كانتا دائماً باردتين كالليل، تحملان الآن مزيجاً من الغضب والحماية. خطا خطوة إلى الأمام، جسده الطويل يقف كحاجز بين الاثنتين، وصوته العميق انطلق كرعد خافت: “جميلة، كفي. ليلى ليست خادمة. هي د. ليلى منصور، الجراحة التي أنقذت حياة هذا الصبي للتو. وأنا… أنا هنا لأساعدها، لأنها طلبت ذلك.”
ساد الصمت للحظة، صمت ثقيل كالضباب الذي يغطي مدينة البحر في الصباحات الباردة. جميلة نظرت إلى كمال، عيناها تتسعان في كآبة، كأنها ترى شبحاً من الماضي ينهض أمامها. “تساعدها؟” همست، صوتها يرتجف. “كمال، أنت تساعد…ها؟ بعد كل ما فعلته لك؟ اعتنت بك وأنت في غيبوبة، نعم، لكن ذلك كان واجبها! أنا التي أحببتك قبل الحادث، أنا التي كنتُ سأكون زوجتك! وأنت الآن… تقف بجانبها في غرفة عمليات، كأنكما فريق واحد؟”
اقتربت جميلة أكثر، يدها تمتد لتلمس ذراع كمال، لكن يده اليسرى أمسكت بمعصمها بلطف لكنه حازم، يمنعها من الاقتراب. “جميلة،” قال بصوت أكثر هدوءاً، لكنه يحمل نبرة نهائية، “اللي حصل في الماضي… كان خطأنا جميعاً. أنتِ هربتِ، وعائلتكِ دفعوا ليلى لتحل محلكِ. لكنها لم تهرب. بقيت، رعتْني، وفي الوقت نفسه، بنتْ حياتها الخاصة. هي L، جميلة. الزميلة في هارفارد، النابغة التي هزمتْني في الامتحانات. لم تكن مجرد ربة منزل؛ كانت… كل شيء أنا لم أره.”
كانت الكلمات كالصفعة لجميلة، أقسى من أي كلمة قالتها ليلى. تراجعت خطوة، وجهها يشحب كورقة بيضاء، وعيناها تمتلئان بدموع حقيقية هذه المرة، ليست تمثيلاً درامياً كما في مسرحياتها. “L؟” كررت الكلمة كأنها لعنة. “تلك الفتاة التي تحدث عنها الدكتور سعيد؟ أنتِ… أنتِ كنتِ تدرسين معه في هارفارد؟ في سن السادسة عشر؟ كيف… كيف أخفيتِ ذلك؟ أنتِ كنتِ البطة القبيحة، الفتاة التي حلقتِ شعرها لتبدي مثلي، التي تركتْها أمي في الريف! كيف تكونين… هي؟”
ليلى لم ترد فوراً. وقفت هناك، يداها تتحركان ببطء لتزيل القفازات، كأنها تزيل طبقات من الماضي معها. ثم رفعت عينيها، ونظرت إلى جميلة مباشرة، لأول مرة دون خوف أو كره، بل برحمة خفيفة. “جميلة، أنا لم أخفِ شيئاً عنكِ. أنتِ وأمي وحازم… أنتم من أخفيتموني عن نفسي. حلقتِم شعري، ضربتِموني لأتنازل عن درجاتي، تركْتُموني في الريف لأنني كنتُ ‘الأخت الزائدة’. لكن والدي الحقيقي، سليم، علمْني أن أقاوم. ذهبتُ إلى هارفارد بمفردي، درستُ ليلاً بينما كنتُ أرعى كمال، لأنني أردتُ أن أكون شيئاً أكبر من ‘البديل’. ونعم، أنا L. وأنا الآن د. ليلى، ولا أحتاجُ إلى لقب ‘الوردة الحمراء’ لأشعر بأنني أستحقُ الحياة.”
كانت الكلمات تتدفق من ليلى كالنهر الذي يخرج من قيوده، هادئة لكنها مدوية في صمت الغرفة. الفريق الطبي، الذي كان يتابع المشهد بصمت، بدأ يهمس الآن، نظرات الإعجاب تتجه نحوها. كمال وقف يحدق بليلى، كأنه يراها لأول مرة حقاً – ليس كزوجة بديلة، بل كامرأة قوية، نابغة، جميلة بطريقتها الخاصة، ساقاها الناعمتان ليست الوحيد الجميل فيها.

 

 

جميلة، غير قادرة على الاحتمال، انفجرت في بكاء هستيري. “أنتِ كاذبة! كل هذا كذب! كمال، لا تصدقها! هي تحاول سرقتك مني، كما سرقتْ مكاني في الزواج!” اندفعت نحو ليلى، يداها ممدودتان كمخالب، لكن كمال أمسك بها من خصرها، يسحبها بلطف للخلف. “جميلة، توقفي. انتهى الأمر. أنا… أنا آسف، لكنني لم أعد أراكِ كما كنتُ أراكِ. ليلى… هي التي بقيتْ.”
تركتْ جميلة نفسها تسقط على الأرض، تبكي كطفلة فقدتْ عرشها، بينما هرع ممرض إلى مساعدتها. ليلى نظرتْ إليها برحمة، ثم التفتتْ إلى كمال، عيناها تحملان سؤالاً صامتاً: “وماذا الآن؟”
كمال، الذي كان يشعر بقلبه يخفق بسرعة غير طبيعية – ليس خوفاً، بل إدراكاً – أمسك بيدها الناعمة، يده القوية تغلفها كحماية. “الآن، ليلى، دعينا نتحدثْ. عن الطلاق… وعن كل شيء آخر.”
لكن قبل أن ترد، رن هاتف ليلى برسالة طوارئ جديدة: “حادث مروري كبير. طوارئ قلبية، غرفة 5. د. منصور مطلوبة فوراً.”
سحبتْ يدها بهدوء، وارتدتْ قناعها مرة أخرى. “الآن، كمال، هو وقت الحياة. الحديث… يمكن أن ينتظر.”
غادرتْ الغرفة بخطوات سريعة، تاركةْ خلفها كمال يقف مذهولاً، وجميلة تبكي على الأرض، والقدر يلعب لعبته القاسية مرة أخرى.

 

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *