رواية لقاء في غرفة العمليات الفصل الثاني 2 بقلم سلمى جاد
رواية لقاء في غرفة العمليات الفصل الثاني 2 بقلم سلمى جاد
البارت الثاني
ــ أيوه يا ابني، إحنا على الترابيزة اللي في آخر المطعم. أهو، أنا اللي بشاورلك… تعالى.
لفّت بشكل تلقائي تشوف مين، لكن فجأة فتحت عينيها بدهشة وذهول.
الشاب: «أقدملكم يا جماعة… حيدر العطار، ظابط في القوات الخاصة، وابن خالتي وصاحبي.
سارة اتصدمت من وجود حيدر. معقولة الصدفة مُصرة تجمعهم للمرة التانية؟! لقاؤهم الأول كان شبه الحلم، زي الأفلام والمسلسلات اللي ما بتحصلش في الواقع. لكن دلوقتي هي شايفاه قدامها بهيبته الطاغية وحضوره الملفت.
كان لابس جاكيت جلد أسود، وتحت منه تيشيرت رصاصي، مع بنطلون جينز نفس لون الجاكيت.
وفي إيده ساعة سمارت باللون الأسود، مع نظارة رافعها على راسه.
أما بالنسبة لحيدر اللي وزع عيونه علي اللي قاعدين بابتسامة وتحيه لكن اتصنم مكانه لما وقعت عيونه علي ساره وحس بضربات قلبه اللي ارتفعت فجأه لما دقق في ملامحها واستغرب من الصدفه اللي جمعتهم في مكان وظروف مختلفه
حيدر بدون وعي وعيونه علي سارة : سارة !
واحد من اللي قاعدين باستغراب ايه ده هو حضرة الظابط يعرف سارة
سارة بتوتر وبتحاول تتلاشي نظرات حيدر :
أأ أيوة اتقابلنا مره في موقف غريب جدا وحكتلهم اللي حصل أول يوم اتقابلوا وازاي دخلوا غرفة العمليات مع بعض عشان يخرجوا القنب*لة من بطن الإرها*بي وباقي الحكايه
واحده من صحبها بانبهار : واااو ده ولا في الروايات معقول فيه كده
ندى صاحبة ساره بخبث : إنه القدر يا سادة مصر إنكوا تتجمعوا تاني ويطلع حيدر باشا ابن خالد صاحبنا
> ﴿وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾
(سورة النساء: 25)
في الوقت ده، حيدر شد كرسي وقعد في المكان الفاضي الوحيد على الترابيزة، واللي بالصدفة كان قصاد كرسي سارة مباشرة.
حيدر (بابتسامة خفيفة، موجه كلامه لسارة):
“عاملة إيه يا دكتورة؟ ما توقعتش إننا نتقابل تاني.”
(والكلام ده مش حقيقي، لأنه كان جواه إحساس غريب إنه هيقابلها تاني، وإن حكايتهم لسه ليها باقي…)
سارة (فركت إيديها بخجل):
“الحمد لله، بخير.”
حيدر ابتسم من خجلها الواضح، ولفت نظره فستانها الأزرق الرقيق، وحجابها اللي منوّر وشها، وحسّ إنه شايف نسخة جديدة منها.
أيوه، هو قابلها قبل كده، لكن وقتها كانت لابسة وش الجدية والتحدي بالاسكراب الطبي وملابس العمليات … لكن دلوقتي شايف النسخة الأنثوية منها.
عدّى الوقت بسرعة، وخلص التجمع أسرع مما كان حيدر متوقع.
كان نفسه الوقت ما يعديش، ويطول أكتر، أو حتى يختفوا كل اللي في المكان وما يتبقاش غيره هو وهي… وبس.
خالد (مال على حيدر واتكلم بخبث):
“ما تقوم تطلب رقمها يا قلبي، بدل ما إنت مش قاعد على بعضك كده وبتفرك في الكرسي؟”
حيدر (بضيق):
“إنت عارف إني مش بتاع الكلام ده… ولا دي مبادئي.”
خالد:
“يا عم، هو أنا قلتلك تعمل حاجة لا سمح الله؟ إنت مش هتبطّل بقى جملة (ولأن الحلال أفضل سأنتظر) اللي حافظها أكتر من اسمك؟! ده إنت هتاخد رقمها بس، مش أكتر.
تقدر تقولي بعد ما نمشي هتقابلها تاني إزاي؟”
حيدر:
“لو فيه نصيب، هقابلها تاني… أنا واثق من كده.”
خالد بسخرية:
“آه… إنشاء الله في الأحلام!”
وبرغم الاختلاف الكبير في شخصيات حيدر وخالد وطريقة تفكيرهم، إلا إنهم أقرب أصدقاء لبعض من ساعة ما اتولدوا، بسبب صلة القرابة.
الكل استعد عشان يمشي، وحيدر كان متابع سارة بعينيه…
العينين اللي قالت كلام كتير… كان نفسه هو اللي يقوله.
“””””””””””””””””””””””””””””””””
بعد مرور شهر
في أحد مستشفيات عروس البحر المتوسط، وفي منتصف الليل،
كانت سارة واقفة في غرفة الاستراحة، بتشرب قهوتها باستمتاع وبتتأمل القمر اللي كان بدر، ونسمات الهوا بتداعب وشّها بلطف.
بتستنى الوقت ده طول اليوم عشان تفصل من ضغط المستشفى، وترجع تستمد طاقتها من تاني.
مسكت موبايلها، ووصلته بالآيربودز، وشغلت أغنية بتوصف حال قلبها:
“جيتني فجأة كده، من غير ميعاد
ولقيت الطبطبة، راحة لقلبي وعناد
جيت ومشيت، وسبت فيّا حكايات
لسه صورتك فـ بالي، ولسه بدوّر عليك.”
لكن اللحظة الهادية دي ما طولتش، فجأة دخلت ممرضة وهي بتنهج وبتناديها:
– دكتورة سارة! في حالة خطيرة وصلت الطوارئ، مصاب بعدة طلق*ات مركزه في منطقة الصدر، الحالة حرجة جدًا، وبيجهزوه دلوقتي لدخوله غرفة العمليات.
سارة حطت الكوباية بسرعة، ووشّها اتبدل من الهدوء للتركيز، وراحت جري على غرفة العمليات.
لكن أول ما دخلت، وعيونها وقعت على المصاب، اتجمدت في مكانها.
كان هو… حيدر.
الصدمة خلت قلبها يضرب بسرعة، ودماغها لفّت في لحظة، بس حاولت تسيطر على أعصابها وتكتم مشاعرها، خصوصًا قدام باقي الفريق.
لبست الجوانتي والماسك، ومسكت أدواتها، وبدأت في العملية بكل حِرَفية وتركيز.
طول العملية كانت بتحارب بين خوفها عليه، وبين مسؤوليتها كطبيبة.
نجحت العملية، بس حالته فضلت حرجة، وحرارته كانت عالية، وفضل تحت الملاحظة.
“””””””””””””””””””””””””””””””
في اليوم التالي – داخل غرفة العناية
كان حيدر نايم على سريره، مغطي بأجهزة المراقبة، ومضمد بالضمادات.
أول ما فتح عينه، لمحها… سارة.
كانت قاعدة على كرسي قصاد السرير، نايمة وهي ساندة راسها على إيدها، باين عليها الإرهاق والسهر.
فضل يتأملها، وكل ملامحه كانت فيها راحة ودهشة.
ولما حسّ إنها بدأت تتحرك، نده بهدوء:
– سارة…
فتحت عينيها بسرعة، وفوقتها شافته صاحي.
ابتسمت ليه بهدوء، وسألت:
– عامل ايه دلوقتي حاسس بأي وجع؟
– لا الحمدلله
في الوقت ده دخلت ممرضه عشان تعطيله العلاج اللي جيه معاده
الممرضه :واضح إنك غالي عالدكتورة أوي يا حضرة الظابط دي سهرت طول الليل بتحاول تنزل حرارتك لإنها كانت مرتفعه جدا ومنزلتش غير لما الصبح طلع
بص لسارة بنظرة ممتنة :شكرا يا سارة مش بس علي انقاذك لحياتي لكن كمان علي اهتمامك بيا
سارة بصت له، وحاولت تخفي مشاعرها كعادتها، وقالت بنبرة هادية:
– كنت بعمل شغلي… زي ما أي دكتور بيهتم بمريضه.
بس عيونها ما قدرتش تخدع عيونه، ولا قلبه قدر يتجاهل نظرتها.
“”””””””””””””””””””””””””””””””
بعد خروجه من المستشفى بعدة أيام
بدأ حيدر يتحسن، وخرج من المستشفى بعد ما حالته استقرت.
بس قلبه ما قدرش ينسى سارة، وقرر يرجع يشكرها بنفسه.
دخل من باب المستشفى، وسأل أول ممرضة شافها:
– دكتورة سارة هنا؟
– أيوه، في أوضة الكشف رقم ١١٠، بتكشف على حالة دلوقتي.
اتجه حيدر ناحيتها، وكان الوقت متأخر، الجو هادي والممرات شبه فاضية.
وصل عند الباب، وخبط مرتين بلطف…
ماحدش رد.
لكن فجأة، سمع صوت صر*خة مكتومة من جوه.
وقف في مكانه لحظة، قلبه دق بسرعة، حس إن فيه حاجة مش طبيعية.
مد إيده على مقبض الباب، وفتح بهدوء… لكن المشهد اللي شافه خلّى الدم يغلي في عروقه.
شاب، تقريبًا في سنه، كان بيحاول يعتد*ي على سارة، وكان ماسكها بعن*ف وقلع عنها حجابها، وهي بتقاومه بكل قوتها، دموعها ماليه وشها، وصوتها بيرتعش وهي بتصرخ وتقول له “ابعد عني!”
حيدر ما شافش قدامه، نسى جرحه اللي لسه ملمش، واندفع ناحيته بكل قوته.
شد الشاب من فوقها، وانهال عليه ضرب، عيونه فيها نا*ر، وصوته بيزعق:
– إزاي تلمسها! إزاي تمد إيدك عليها!
الممرضين والدكاترة جم عالصوت ، وحاولوا يبعدوه بالعافية، وهو لسه بيضرب فيه رغم احساسه إنه جرحه فتح وبدأ ينزف لكنه مهتمش بأي حاجه غير إنه يطمن عليها
ولما قرب من سارة، كانت الممرضات حواليها بيحاولوا يهدوها، جسمها بيرتعش، دموعها مغرقه وشها، حجابها مبهدل.
قرب منها، صوته هادي لكنه مليان قلق:
– متخافيش… إنتي كويسة؟
ماقدرتش ترد.
نظرت له بنظرة مكسورة، عيونها حمراء جدا ومليانه دموع هزت راسها بنفي … وفجأة، أغمى عليها بين إيديه.
قلبه اتقبض، شالها بحذر وهو بيصرخ:
– سارة!!! سارة، ردي عليّا
وصوته اتملّى في المكان، كأنه بينده على نص قلبه اللي بيضيع منه……
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية لقاء في غرفة العمليات)