رواية لحن الأصفاد الفصل التاسع 9 بقلم أسماء
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية لحن الأصفاد الفصل التاسع 9 بقلم أسماء
البارت التاسع (رِقة قاسية)
لاس فيغاس| مركز الشرطة
الثامنة إلا ربع…
1
إستمرت كايت راسثورن تنظر إلى قدميها و هما تهتزَّان بنفاذ صبر، فيما تواصل تجاهل أعوان الشرطة لوجودها في قاعة الإنتظار منذ أولى ساعات المساء…
1
فُتِحَ باب مكتب الضابط «كيان رافنوود» الذي حضرت لمقابلته خصيصًا، فأخذ وجيب قلبها يعلو بينما كانت ترفع جسدها ناهضة عن المقعد الذي آلم عظامها لطول إلتصاقها به، و لفتت إنتباهه بتلويحة منهكة و هي تردد في تعاسة مريرة:
“هل لي بلحظة سيادة الضابط؟”.
1
لم يكن كيان بحاجة إلى إطالة النظر كي يميزها، على الفور تذكر من تكون، و خمن سبب عودتها رغم أنه لن يفيدها بشيء ككل مرة…
“حسنا!”.
قال على مضض، و فتح باب المكتب من جديد مودعا الفريق الخاص…
“أرسلوا أي مستجدات إلى الإيميل!”.
1
تحول بعد ذلك إلى مخاطبة كايت بجفاف:
“تفضلي!”.
تحركت مطيعة ذلك، لكن أحد أعوانه تدخل مذكرا إياه بعمل آخر ينتظره، غير أن كيان كان قد إتخذ قراره:
“لا بأس… أعتقد أنني أستطيع منح الآنسة راسثورن خمس دقائق!”.
داخل المكتب جلست كايت كسجينة يُفرَجُ عنها بعد أهوال إنقضت، و فكرت أن تلك هي الخمس دقائق الأثمن التي مرت بكل حياتها، لذا عليها إستغلالها، و طرق الموضوع مباشرة في غنىً عن أي لف أو دوران!
1
إستخرجت من حقيبتها خريطة ورقية دقيقة لشوارع لاس فيغاس، و مضت تردد دون أن تلتقط أنفاسًا:
“إشتريتُ هذه الخريطة، و رسمتُ دوائر حمراء حول النقاط التي لم يخطر على بالنا البحث بها في فيغاس، هناك العديد من الكازينوهات التي أقترح أن تقوموا بمداهمتها و تفتيشها…”.
“كازينوهات… و فتاة ناسكة كانت تشغل وظيفة عازفة بالكنيسة؟ أنتِ لستِ جادة صحيح؟”.
تهكَّم مقاطعًا إياها، فأردفت بتلعثم:
“أعرف أن الأمر غريب… و لكن… ربما ٱجبرت تحت التهديد أن تذهب إلى تلك الأماكن، أنا… لا أعرف… لكن… قلقي عليها يجعلني أحاول التفكير في كافة الإحتمالات…”.
1
صمتت لثانيتين و تابعت بثقة:
“…أظن أنكم لم تبذلوا قصارى جهودكم في هذه القضية سيدي!”.
“تظنين؟”.
قاطعها من جديد هازئا، ثم أضاف بحدة أحرجتها:
“الشرطة لا تأخذ بالظنون آنسة راسثورن، نحن نقوم بواجبنا كاملاً بناءً على حقائق منطقية لا فرضيات هشة و ظنون أوهن من سراب!”.
2
إحمرَّت مقلتاها و هي تفقد أعصابها و تثور بوجهه:
“عن أي واجب تتحدث؟ صديقتي مفقودة منذ أشهر لعينة و أنتم لا تحركون ساكنًا، كل ما تجيدونه هو تحريك أفواهكم بكلام فارغ!”.
حذرها بصوت هادئ و نظرة غاضبة:
“راقبي كلامكِ آنسة راسثورن! و تذكري أين تقفين و أمام من؟”.
3
“أنا آسفة لأن لهجتي تبدو الآن وقحة و قليلة الذوق، و آسفة لأنه لم تعد بي طاقة لأتحدث بإحترام يناسب فخامة هذا المكان، لكنني لستُ آسفة على قولي الحقيقة!”.
لاحظ كيان إرتعاش يديها خلال حديثها المنفعل، فحاول تفهم موقفها، و قال بهدوء مرة ٱخرى:
“لقد قلتُ هذا قبل أسبوعين، و سأكرره اليوم، لم يعد بمقدورنا فعل شيء، ليس هناك خيط واضح نتتبعه للعثور على روكسان فارغاس، و أعتقد أنه آن الأوان لتقتنعي بأن صديقتكِ إختفت و إبتعدت بمحض رغبتها، و لم تتعرض لأي إختطاف أو أذى…”.
4
رفضت كايت تصديق ذلك معلقة و هي توشك على البكاء:
“كيف يعقل لفتاة عمياء أن تختفي بهذا الشكل لتعيش بمفردها؟”.
“مثلما عاشت طوال سنوات عمرها العشرين!”.
تزايد سخطها على هدوئه، و أردفت غير مقتنعة بأي مما يقوله:
“حسنا، أعترف أنها شابة ذكية، و تستطيع العناية بنفسها رغم عدم قدرتها على الإبصار، لكن ما تقوله بعيد كل البعد عن شخصية روكسان، ربما شخصٌ غيري كان ليصدق أنها ستبتعد عن حياتها التي تحبها، أما أنا فلا!”.
قلب الضابط بعض الأوراق على مكتبه، ثم نظر نحوها بسخرية و قال:
“حقا؟ و أي جزء من حياتها كانت تحب يا تُرى؟ الجزء المتعلق بأنها فتاة فقيرة… أم الجزء الأسود المتعلق بأنها مجهولة الأب؟!”.
حاولت كايت الرد، لكن كيان سبقها و هو يضرب سطح مكتبه بعنف:
“هذا يكفي آنسة راسثورن، لا وقت أضيعه على قضية فارغة، هناك ملايين الأشخاص حولنا بحاجة لمساعدة حقيقية!”.
2
تناول هاتفه و سلاحه، ثم خطا صوب الباب و فتحه مشيرًا إليها بالرحيل في كلمات جافة:
“قضية روكسان فارغاس ٱغلِقت، و الدقائق الخمس إنتهت!”.
على بعد أمتار من المركز… سارت كايت بعياء شديد، ليس في الجسد فقط… بل في النفس، أسابيع طويلة إمتدت لأشهر و هي تجتهد في البحث و السؤال عن صديقتها… بلا جدوى!
إنهارت على مقعد جانبي فوق أحد الأرصفة، عاجزة عن مواصلة السير، ربما يجب أن تتمهل و تلتقط أنفاسها أولا قبل أن توقف سيارة أجرة تعيدها إلى البيت، هناك أسئلة كثيرة تتناحر داخل رأسها المتصدع، و كل سؤال يحمل ما يكفي من غموض كي يرهقها حتى النخاع!
1
كانت كايت شابة وحيدة، غصن مقطوع من شجرته، توفي والداها في حادث قطار مأساوي قبل ست سنوات، و لا إخوة يؤنسونها أو يطبطبون على كتفيها حين تكفهرُّ الحياة، لم يكن هناك أحد بالقرب منها… سوى روكسان!
3
رغم أنها فتاة كفيفة؛ إلا أنها رأت كل ما بها من آلام، و إستطاعت إبصار الثقوب التي ملأتها، و زيادة على ذلك مضت تمسد فوق تلك الثقوب بلمسات من نور حتى سدتها، لكن كل ثقب ينزف بلا إنتهاء الآن… و هي عاجزة عن الوصول إلى الناسكة التي أقنعتها دوما أن الحياة بتعقيداتها و آلامها و ثقوبها… تظل جميلة!
لولا مؤازرتها لما تجاوزت ألم خسارة أبويها، و لما إهتدت إلى الإبتسامة و الإنشراح يوما، لم تكن حتى تهتم للصلاة كل يوم أحد، و لا لإشعال شمعة و تمني السداد، و لا للتقرب من الرب بمساعدة الغير، و لا فكرت من قبل أن تقوي من نفسها و تدوس على كل ما يؤلمها و تتمسك بالحياة، لكنها باتت شخصا آخر أقل خوفا من الألم و أكثر إيمانا بجمال الحياة بعدها، و كل ذلك… بفضل ملاك تُدعى روكسان فارغاس!
و آنذاك شعرت بكل أعطافها أن روكسان ليست النوع الذي يهرب من آلامه… بل النوع الذي يختار أن يبقى ثابتًا و يواجه… مهما كانت المواجهة عنيفة!
ضغطت كايت أصابعها بقوة على الخريطة التي لا تزال ملك يديها، و رفعت رأسها نحو السماء الملبدة محررة دموعها، حينها همست بصوت يكاد لا يُسمع:
«إلهي! أريد إشارة… إشارة واحدة فقط توجهني إلى القرار الصحيح، هل أستمر في البحث عنها، أو أصدق أنها رحلت إلى حياة ٱخرى بملء رغبتها!».
5
إنتظرت لثوانٍ معدودة و لم يحدث شيء، لم تبرق السماء مثلا، و لم ينهمر المطر، أعني الجميع يتوقع أن تكون المعجزة هكذا، لكن لم يحدث أي شيء من ذلك القبيل، فحتى المطر لن يهطل على صحراء نيڤادا خلال تلك الفترة من السنة! زفرت كايت بخيبة مقررة النهوض، صوبت بصرها باتجاه الطريق، و رفعت يدًا ملوحة لسيارة أجرة عابرة، و إستعانت باليد الٱخرى لإزالة دموعها!
و ما إن فتحت الباب الخلفي و أخفضت رأسها لتتخذ مكانها، حتى صعقتها الموسيقى التي يصغي إليها السائق على جهاز الراديو… كانت تلك نفسها موسيقى البيانو التي تحبها روكسان و التي تعودت على عزفها بالمعهد!
1
بالكاد إستطاعت غلق الباب، و هي ترتجف، كانت القشعريرة تغلف جسدها و هي تمنح عنوانها للسائق، قبل أن يلاحظ هذا الأخير أنها تبكي، و يسألها بحشرية:
“أنتِ بخير يا آنسة؟”.
أدارت وجهها متطلعة خارج الزجاج إلى أضواء المدينة المتلألئة، و أجابت مبتسمة تتنازعها الدموع و نبضات الأمل:
“هل من الممكن أن ترفع صوت الموسيقى؟”.
إستغرب الرجل ذلك، لكنه نفذه بصمت، و إنطلق يأخذ مكانه على الطريق بين بقية المركبات، يتجه نحو العنوان المنشود، بينما كانت إبتسامة كايت تتسع، و دموعها تزداد قوة كلما إزدادت وتيرة العزف، ربما كان تلك الإشارة الإلهية هي أجمل شيء تسمعه طوال عمرها، و ربما تلك هي أكثر مرة تكون فيها بخير حقا، بالفعل المعجزة ليست بالضرورة برقا يلمع في السماء أو مطرا ينهمر على الأرض، بل هي شيء يفترض به إعجازك، شيء لن تتوقعه مهما أرهقت نفسك، و لن تتخلص من دبيب جماله داخل عروقك حين يحدث!
3
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
نيڤادا|كوخ الصخور
آنذاك…
مرت دقائق فقط مُذ تناولت روكسان الحساء البارد رغمًا عنها، و ها هي مجبرة على تناول المزيد، كانت قد خضعت لدارك بصمت بينما يحممها و يغير فستانها المتسخ ببيجاما خفيفة خاصة بالنوم، أكمامها طويلة تقيها برودة الصحراء ليلاً، و خامتها من القطن المريح، لكنها كرهت الخضوع مجددا لطعم ذلك الحساء!
“ألا يوجد شيء آخر غير ذلك الحساء البارد؟”.
سألته ذلك بينما كان يحملها نحو طاولة الطعام في المطبخ، ترك دارك فاصلاً طويلاً من الصمت؛ طويلاً جدا، بحيث إستفزها، لكن المستفز أكثر هو جوابه:
3
“بلى!”.
إرتفعت معنوياتها بعض الشيء، على الأقل ستتناول طبقًا آخر غير حساء اللحم المقيت، و الحق أنها رحَّبت بأي شيء ما عداه، حتى لو كان نصف بصلة… فلا بأس!
1
لكن دارك أضاف بخبث و هو يجلسها على المقعد بغير لطف:
“يوجد الحساء الساخن”.
22
خاب أملها، و شعرت بقهر عظيم يتجمع في جوفها، زمت شفتيها تمنع الكلمات العصبية التي أرادت أن تنفلت منها، فيما كان دارك يكتفي بالصمت و المراقبة، إنتظر إنفعالا ما، لكنه لم ينله، وضع ملعقة في قبضتها، و جلس على مقعده مباشرًا تناول نصيبه!
“لستِ مشلولة اليدين صحيح؟ إذن كُلي!”.
خرج عن صمته و قال ذلك حين لاحظ أنها متجمدة، فتمتمت روكسان من بين أسنانها:
“إذن إحرص أن تحفر قبري في وقت قريب… لأن ما تعدُّه هو السمُّ بعينه و ليس حساءً!”.
2
كانت تلك العبارة وقاحة صرفة في حقه، أجل! هو الآن يفكر أن من الوقاحة وصفها للحساء الذي تعب في سبيل إعداده بالسُّم! رغم إعترافه في قرارة نفسه بأنه أسوء رجل يدخل المطبخ في هذا العالم، لكنه أرادها و بشكل ما أن تتناول ذلك القرف و تبتسم له!
3
لكنها و اللعنة تبقي قسمات وجهها الجميل رهن العبوس، تنظر بعينيها العمياوين إلى اللاشيء، باحثة عن وجه بشع رسمته له في خيالها، حتى تمقته أكثر، و تصب عليه جام غضبها و قهرها هناك… بصمت مطبق!
1
“أنتِ لا تريدين أن أجعلكِ تتناولين شيئًا آخر!”.
17
للحظة إعتبرت ذلك التنديد عاديًّا و من قبيل ما يقوله خاطفها كل يوم، غير أنها ركزت قليلاً في كلماته المبطنة، و يا ليتها لم تقرأ ما بين طياتها، لأنها إسترجعت ذكرى قلبت معدتها، و جعلتها ترغب بالنوم لسنوات حتى تنساها، تذكرت حين أرغمها على لمس مناطق حساسة من جسده، و إنهال عليها بلمسات جريئة و قبلات عنيفة مُذلاًّ و مُحقِّرًا من قيمتها… كإنسانة حرة… كامرأة يحق لها القبول أو الرفض!
3
خشيت روكسان أن يعيد الكرة، و يجبرها على ممارسة جنسية تحطُّ من قدرها أكثر، و دون أن تسيطر على ردودها، تركت الملعقة و دفعت مقعدها نحو الخلف بنية الوقوف و الهرب نحو أي إتجاه، لكنها لم تثِر سوى الفوضى حولها…
أولاً… قلبت الصحفة، فاندلق الحساء في كل مكان، ثم فقدت توازنها و خرت على ركبتيها مرتبكة، إتسخت البيجاما التي كان يفترض أن تدخل بها الفراش بعد دقائق، و اتسعت عينا دارك السوداوين و احتقنتا بالشر!
1
سمعت روكسان صوت مقعده يتحرك مصدرًا صريرًا مكبوتا، ثم دعسات حذائه العريضة تقترب ببطء مخيف، فراحت تحبو على يدين و ركبتين محاولة المسك بساق الطاولة و الوقوف، إلا أنها أمسكت ساق دارك المصقولة، و لأن يديها قد تلوثتا بالحساء المدلوق على الأرضية فقد طبعت على بنطاله بقعًا لن يتجاوزها أبدًا!
14
أفلتت ساقه ممتعضة، و مضت بالحبو صوب الإتجاه المعاكس له، لكن يد دارك كانت سبَّاقة و أدركتها، قبض على شعرها بقوة دفعتها إلى الصراخ، و رفعها لتقف مثله دون جهد، عضت روكسان شفتها تمنع صرخة ثانية من الإنطلاق، سببت لها قبضته صداعا جديدًا، و تشنجًا بعنقها، أسدلت جفنيها محاربة الدموع، في حين كان دارك يحصي كم نفسًا أخذت، و كم مرة رمشت، و كم بقعة عليه أن ينظف من جسدها و ثيابها…
نظر إلى المطبخ ثم إلى بنطاله المبقع، و فكر أنها تستحق عيارًا ناريًا بمنتصف جبهتها، لكنه بدل قتلها، شعر بلذة غريبة و هو يقبض على شعرها الناعم بيده العنيفة، كأنه شلال متدفق ينزلق بين أصابعه الخشنة، و يوشك أن يبتلعه، حرك رأسه رافضا ما يجول بخاطره، بدا كالمسوس و هو يعتصر الرغبات المتعاقبة على عقله محاولاً إخفاءها، و لم تختفِ، بل تضاعفت و تفجَّرت، و أوحت له بأن يخفف قبضته بعض الشيء، و يقترب، و ما إن فعل ذلك و أفلت شعرها قليلاً حتى تذكر أن روكسان لا تستطيع الوقوف بسبب مرضها، فطوق خصرها بذراعه سريعًا قبل أن تسقط، و ألصقها به، فاصطدم صدره المشدود بصدرها اللاهث، و داهم أنفاسها بأنفاسه، و خيم على عينيها المغمضتين بنظراته النهمة، ثم همس بخشونة صرفة:
2
“إفتحي عينيكِ!”.
جاءت عبارته مطالبة أكثر منها آمرة، كأنه فقد جذوة الشر فجأة، و اشتعل به شيء آخر خفي، كأنه ليس المسيطر داخل ذلك الكوخ، و كأن في عينيها الكبيرتين سحر لم يستطيع التوقف عن النظر إليه كل لحظة تمر!
2
إختلطت الأفكار في عقل روكسان، فتحت عينيها موقنة أنها لن تبصر شيئًا ككل لحظة من حياتها المظلمة، لكنها أملت فقط أن تبصر عقل ذلك المجنون، أن تتكهن بما يفكر الآن و هو يغتصب أنفاسها تاركًا لها ما يكفي من غصات كي تختنق ببطء بين يديه…
مد ذراعه الثانية حول كتفيها و تسلقت أصابعه عنقها، تتأكد أن ما يتساقط من رأسها هو شعر آدمي و ليس مطرًا مرهفًا شديد اللمعان، غرز أصابعه بجلدها الرقيق، و حشر أضلعها بين ذراعيه أكثر كأن به رغبة في كسرها، و دون أن يمهلها فرصة لتنطق بشيء، أطلق عنان الوحش بداخله، و قبَّل شفتيها بعنف هاصر، كأنه يفترس ذلك الفم، و يقتات من شهده العذب فقط كي يستمر، أخذت تلك القبلة مجرى آخر، أعنف! تأوهت روكسان حد البكاء، كانت أسنانه تنغرز في شفتها السفلى بشراسة، و كانت أصابعه المتهتكة تسافر إلى أبعد من مجرد عناق قاسٍ، مزقت الجزء العلوي من البيجاما، و مضت تنتهك الكثير من المساحات الرطبة على طول ظهرها و ردفيها، تصاعد نشيج روكسان، فهذه المرة لم تكن مقيدة بالأصفاد، لكنها أيضا… و تحت أطنان من القهر و الضعف… عجزت عن حماية جسدها من يديه الآثمتين!
1
أما دارك فحصل على لذة أكبر و هو يغمض عينيه و يصبح أسير الظلام مثلها، لا يصغي سوى لرغبة دفينة في تمزيق كل شبر جميل منها، كان يلعن ذلك الجمال، بدا له غير عادل أن تكون إبنة عدوه مرغوبة إلى ذلك الحد، حاول فتح عينيه و النظر إليها كأي امرأة ٱخرى، لكنه لم يجد أمامه سوى… روكسان و عيون الريم المعذبة… و لو لم يتذوق طعم الدم في فمه لما توقف عن تقبيلها بتلك الوحشية، و لما أبعد رأسه ناظرًا لما فعله!
دار رأسها فوق كتفيها و هي لا تزال مضمومة بين يديه، و أخذت شفتاها تؤلمانها أكثر كلما إصطدم بهما هواء أنفاسها، ابتلعت غصة ما، و نبست بصوت ضئيل جدا:
“أشعر… بـ…الغثيان!”.
2
أدرك دارك من ملامح وجهها المتقلصة أنها تقول الحقيقة، فحملها بسرعة إلى الحمام، و ساعدها في الإنحناء على المغسلة، و بعدما وقف باشمئزاز خلفها ينتظر أن تنتهي من إستفراغ ما تناولته، أبعد الخصلات الطويلة المتساقطة حول وجهها، و حملها ثانية باتجاه الحوض، أنزلها ببطء داخله، ثم هيأ الماء الدافئ كي ينسكب فوق جسدها بسلاسة، لتصبح خامة البيجاما شفافة كاشفة لما تحتها من فتنة ٱنثوية طاغية، أطلق سراح زفرة متقطعة، و بدأ شيئًا فشيئًا بنزع ما تبقى من ثيابها و هي مستسلمة لحالة من الضعف و الدوار، تعجز حتى عن تحريك يد واحدة، لكنه هذه المرة لم يكن مجرد خاطف يحمم رهينته بغرض تعزيز هوسه بالنظافة، تجرد دارك هو الآخر من ثيابه، بل إنه كان يمزق ما يرتديه بدل إنتزاعه بهدوء، و حين تأكد أنه بات عارٍ تماما مثلها، نزل إلى الحوض معها، و تمدد باسترخاء، جاعلاً روكسان تتمدد فوقه، كأنها تنام على صدره، ليس ليضاجعها هناك، و لا لأجل شوط ثانٍ من القبلة العنيفة، بل فقط لأنه يحب ملمس جلدها و هو يدلكه تحت المياه و فقاعات الصابون! لكنه و رغم يقينه بأن ما يفعله ليس ضمن خطة التعذيب، فقد أصبح يفكر الآن في تدليكها بكل إنش من جسده…!
25
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
لاس فيغاس| حلبة دريم ريس و كازينو آريا في وقت متزامن
تمام الساعة الثامنة…
للمرة التي لم يعد يعرف كم هي… يدير مايلس وجهه، و يمحص ببصره المتفرجين، على أمل أن تكون روما بينهم، غير أن أي وجه أو جسد لم يكن ليبدو له بوضوح و هو في مكانه ذاك، داخل سيارته الحمراء… فوق المضمار ينتظر إشارة الإنطلاق… و حول رأسه الخوذة الثقيلة…
2
أخذ أنفاسًا قوية، و كان على وشك الإستسلام لفكرة أن شيئًا ما حال دون تمكنها من حضور السباق، لولا أن لمح لافتة مرفوعة بين الجماهير جعلت الدم يستنفر و يحترق بعروقه…
«أبولو يفوز»!
3
قرأ العبارة مرات عدة بعينين ضاحكتين و إبتسامة واسعة، إبتسانة لن يصدق أحد أنها ترتسم على وجه سفاح! يا لها من طريقة مميزة للتعريف بنفسها! إنها حتما تعرف أن أبولو رمز خاص بينهما، و لا أحد سيأتي لتشجيعه حاملاً لافتة مشابهة!
2
أخرج مايلس ذراعه من نافذة السيارة ملوحًا باتجاهها، و رفع إصبعين في إشارة منه أن النصر سيكون حليفه الليلة… و أنه سيُهديه لها…
و ما هي إلا ثانيتان، حتى ٱعلِنَ عن بداية السباق، و أبحرت السيارات بمحركاتها الصاخبة تمخر عباب الطريق المُعبَّد، و تثير فوقه زوابع رمادية من الدخان و رائحة النشوة!
و بينما كانت الجماهير تتبع السيارات بعيون جاحظة و أعناق مشرئبة، و تقفز حينًا و تجلس حينًا آخرًا، كانت روما تختبر كل ذلك لأول مرة بحياتها، صخب السباق كان مزعجًا نوعا ما لفتاة هادئة و مملة مثلها، لكن ملاحقة سيارة مايلس بعينيها و هي تدور و تلتفُّ و تفرمل مصدرة أزيزًا حابسًا للأنفاس كانت نوعًا جديدًا من الإثارة الحلوة التي تفِدُ إلى حياتها من باب مفاجئ، لم تحبذ يوما لونا صارخا كلون سيارته و بزته، و لا شعرت من قبل أن هذا النوع من الجنون يستهويها حتى من باب الفضول… لكن يبدو أنها بدأت تستلطف هذا الشاب الوسيم و كل ما يخص عالمه الخافض بالضجة و السرعة!
في ذلك الوقت… كان إدريك لا يزال داخل كازينو آريا، يجلس على نفس الطاولة، و أفراد الليونز يتداولون على نهش أعصابه كأنهم بالفعل أسود تتضور جوعًا…
تمتم ألفار بلهجة التهديد الجاد:
“ماذا إخترتَ إدريك؟ التعاون معنا… أو… حضور جنازة الفتى الذي ربَّيتَه على يديك؟!”.
لم ينالوا منه سوى الصمت و النظرات الباردة، كان إدريك أمهر شخص في إبتلاع إنفعالاته، مهما حاول الناظر إليه سبر أغواره و معرفة فيمَ يفكر… سيُمنَّى بفشل ذريع، و لا أحد يعرف كيف و متى تعلم ذلك.
أو على الأغلب… هو ولد بتلك المهارة!
لكن على كلٍ… الجميع بمن فيهم عوائل المونسترز الأربعة كانوا على دراية قوية بأن شخصان لا يمكن التكهن بحركتهما القادمة… إدريك و دارك!
“مهلا! دعه يستوعب الأمر أولا، أعتقد أنه بحاجة ليفكر جديا في ما سيرتديه خلال الجنازة غير بدلاته القاتمة…”.
قال جيرو ذلك ساخرًا و أضاف:
“…فكما تعلم رجال منظمة الويد في حداد دائم، و الأسود الذي يغطيهم ليس سوى دماء قتلاهم المتراكمة!”.
رغم كل إستفزاز حملته كلمات جيرو، لكنه إصطدم برجل لا يتأثر، جدار سميك من البرود و اللامبالاة، أما عن كوامن إدريك، فقد إختصرت غليان براكين العالم قلقًا على مصير مايلس لو أنه قرر عدم التعاون مع الليونز، و بينما كان يفكر في ثغرة ما كي ينقذه غير الوشاية… توقفت موسيقى البلوز التي كانت تتدفق قبل حضوره، و في غمرة الصمت تردد وقع خطى يعود لحذاء ٱنثوي بزوجي كعب، إتجهت الأبصار صوب مأتاه، لا سيما الرجال، ليجدوا أنفسهم يحدقون بامرأة فاتنة تتلألأ مثل فيغاس في ثوب أحمر ضيق يعلو الركبتين بأزيد من شبرين، بشرتها أشبه بزبدة فرنسية، و شفاهها بدت و كأنها مسروقة من نبيذ كؤوسهم، أما بشرتها الصافية فكانت أشهى و أعذب من الكروم حين تسطع فوقها الشمس الحارقة فتغدو لامعة و شفافة اللون، لكنها حين إقتربت بدت لهم فتيَّة جدا على تلك الثياب الفاضحة و الأجواء الجريئة، و قفزت من عينيها نظرة واعدة و أكثر حدة من أحراش الصحراء اليابسة!
أما إدريك فلم يكن مضطرا للإلتفات حتى يراها، لأن باب الدخول للكازينو يواجه مقعده بشكل مباشر، راقبت عيناه السوداوان تقدم المرأة نحو طاولتهم دون غيرها، و خلال ذلك، كانت يداه تنقبضان بشدة و حاجباه يتقاربان، و يبدو أن منظر سيريا و هي داخل الثوب الجريء لم يرُق له، بل قد يسبب له جلطة قريبة، إذ وجه إليها نظرة قاتلة لا تحمل غيرة أب على إبنته… بل شيئًا أقوى و أعنف و أكثر حِلكة!
14
تجاهلت سيريا رغم رجفتها جمال عيني إدريك و خطورة نظراته و هي تلتهمها حرفيا، و قالت لنفسها أنها لم تتكبد كل هذا العناء لترتجف الآن كصوص تافه، هذه ليست فرصتها لتنقذ عائلتها فقط، و إنما لتثبت أيضا أنها أقوى مما يتخيل إدريك…
لم يصدق أحد أنها وقفت خلف ظهر أبيها بالتبني، و وضعت يدًا على كتفه قائلة:
“أليس من المبكر الحديث عن جنازة و لم يمت أحد بعد؟”.
خاطبت بذلك الكلام ألفار و هي تدرك بكل ذرة منها أنها تخاطب واحدًا من أخطر رجال عشيرة المونسترز، إن كانت إسميراي نمرة التايغرز البيضاء، فألفار هو الأسد الأبيض بين الليونز، و في قوانين عشيرتهم كلما كان لون الوحش مائلاً للبياض… كلما كان أشرس و أكثر خطورة!
لكنها لم تعبأ بكل تلك الترهات، بالنسبة لها… إن تجرأ أحد و نوى بإدريك سوءً… فهي التي ستكون الوحش الحقيقي!
شمخت أكثر متوجهة بالخطاب لقريبه جيرو:
“في مطلق الأحوال… الحداد موضة متعفنة بالنسبة لنا، نحن نفضل أن نحتفل بالموت، لأنه تعريفنا و ليس شيئًا يستطيع إضعافنا!”.
1
بهت أفراد الليونز الثلاثة، و نظر كل منهم للآخرين عاجزًا عن تصديق الأمر، أهذه حقا نفسها سيريا التي إعتادت أن تتلقى أوامرهم و تنفذها دون نقاش؟! من الصعب هضم الأمر، حتى على إدريك الذي تحول من الغضب إلى الدهشة، أجل! إدريك البارد… مندهش، بل ذاهل في قوة سيريا، لم يكن يراها و هي تقف خلفه، كان فقط يسمع صوتها، و يستشعر فيه شيئًا منه… من إدريك نفسه!
لكن ما كان يدهش الليونز و يذهلهم بحق، هو كيف سمعت سيريا حديثهم و هي قد وصلت إلى الكازينو للتو؟
عصر ألفار دماغه مفكرا في الأمر، في حين جلست سيريا إلى جوار إدريك، ملاصقة له عن عمد، ترخي يدها الصغيرة فوق الطاولة قرب يده الغليظة، و تغمز بعينيها بينما تجيب حيرتهم بدهاء أدهشهم و إقتنص نظرة جانبية من إدريك، نظرة يمكنها أن تستمتع بتذكرها الليلة حين تخلد للفراش حالمة به:
1
“خلف مايلس جيش لن تتخيلوا مداه…”.
مدت يدها أسفل الطاولة منتزعة جهاز تنصت صغير، و مضت تضيف كأنها هي صاحبة الدم الأبيض و هم خدامها:
“…و عيون و آذان في كل مكان!”.
أدارت القطعة بين أصابعها متذكرة كيف علمت من مايڤا عن اللقاء المرتب بين إدريك و الليونز، و شكت منذ البدء أنه كمين خبيث للضغط عليه و إرغامه على تسليمهم أسرار التايغرز، و لمعرفتها الطويلة لإدريك فليس هناك أهم من العائلة الصغيرة التي بناها داخل الويد، و هي الشيء الوحيد الذي يمكن أن يُستغل في لوي ذراعه!
في تلك الحال كان عليها التحرك بسرعة، و إستخدام أوراقها الخاصة (مساعديها) لمعرفة أي طاولة هي المحجوزة في الكازينو، حتى يتمكنوا من زرع جهاز التنصت و سماع ما يدور بينهم!
سحبت نفسا عميقا و قالت بجرأة أبرزت جانبا من شخصيتها لم يلاحظه إدريك قبلاً:
“أنتم تعتقدون بأننا أقل قيمة منكم، مجرد بيادق، لكنكم تنسون أن كل اللعبة تتوقف على وجودنا بالأساس، و دوننا لا شيء يتحرك، و لا رقعة تحظى بقيمتها ما لم يشغلها بيدق أولا! نحن لسنا مجرد سفاحين، نحن قاعدة الهرم، منظمة قوية قائمة بذاتها، كيان أسود لا تعرفون مدى قابليته للإمتداد و إبتلاع أي شيء حوله! لم يكن صائبا أن توجهوا أسلحتكم نحو دارك بعد كل ما قدمه لكم من جثث كان يمكن أن تكونوا مكانها، و الآن ليس من الصائب أيضا أن ترسلوا قناصكم لقتل مايلس، لأننا نحترف الإرسال أيضا، أستطيع إرسال كل كلمة سجلت على هاتفي إلى مارفل، و بنقرة واحدة من حاسوبها يصبح الكونغرس و ممثلوا العشائر على علم بأنكم من تخالفون القواعد هنا لا نحن!”.
3
إندهش ألفار لكونه غفل سابقًا عن إكتشاف مدى جرأة سيريا و قوتها، الحق معها، و لا حق معهم، الكونغرس لن يكون مسرورا ياكتشاف ما ينوونه، و سيعتيرها عودة الحرب بين الوحوش! ركز ألفار بأفكاره أكثر، بينما كشَّر جيرو موجها الحديث للرجل الذي يفترض به أنه ربى هذه السفاحة على إحترام العشائر تحت أي ظرف لا تهديدها بتلك العجرفة:
“إدريك! هل هي في كامل قواها العقلية… أم أنها نسيت من نكون؟”.
1
خرج إدريك عن صمته أخيرًا و قال ببرود و لهجة خاصة لا يفهمها سواه هو و الليونز:
“ليس ذلك شيئًا مهما، المهم ألا تنسى أنت من نكون نحن؟”.
فقد لسانه للحظات، لكنه حاول الكلام مجددا و بعنف لشعوره القوي بالإهانة:
“هذا…”.
“هذا يكفي جيرو، أعتقد أن لا طائل من إضافة شيء بعد ما قيل!”.
قاطعه ألفار و أجرى إتصاله بالقناص الذي لا يزال يوجه بندقية القنص نحو سيارة مايلس، و قال ناظرا في عيني إدريك بقوة:
“العملية ٱلغيت!”.
في تلك الأثناء بحلبة السباق كان مايلس قد لمس نقطة الذروة في المسار، و أخذ يسير على الخط الداخلي للمنعطف بطريقة مذهلة تضمن له ثبات سيارته و البقاء على وتيرة السرعة العالية التي إنطلق بها…
حبست روما أنفاسها حين بات خط النهاية أقرب، و إبتسمت مايڤا التي كانت تراقبه من آخر صف من صفوف المتفرجين في الحلبة، يدها على مسدسيها المخفيين تحت ثيابها مستعدة لحمايته إذا تطلب الأمر تدخلها، و عينها على سيارته المتفوقة تلاحق جنونه، و تعترف بأعماقها أنه لم يُولد ليقتل فحسب!
2
فاقت سرعة مايلس بمرور الوقت 400 كلم في الساعة، و تجاوز في غضون لحظات خط النهاية، إنتفضت روما دون شعور تنط بمكانها في رد فعل جنوني، بينما لم يتوقف مايلس عن الدوران بسيارته فخورًا بالنتيجة، قبل أن يركنها و يقفز منها راكضًا نحو جمهوره ملوحا بكلتا ذراعيه، شاكرًا دعمهم، و عيناه لا تفارقان لافتة «أبولو»!
تلهفت روما للقائه عن قرب، و وصف سعادتها بالتجربة التي لا سابقة لها، مضت تنزل الدرج و تفرق المتجمهرين أمامها، فيما حاول مايلس الصعود و إختصار المسافة إليها، و عشرات الأيدي كانت تعبر كتفيه من أجل عناقه و التأكد أنه حقيقي!
بلغا بعضهما أخيرا، وقفا في البداية هادئين يكتفيان بالضحك و الصمت، ثم دار بينهما حوار قصير من عبارتين لخصتا كل شيء:
“سُعِدتُ لفوزكَ أبولو!”.
“سُعِدتُ لحضوركِ كورونيس!”.
5
تبادلا إبتسامة طويلة، و لم يكن أي منهما منزعجا من صخب الجمهور حولهما، فقد سافرا في ثوانٍ إلى عالم خاص، و لم يشعر مايلس إلا و هو يتأمل تفاصيلها العادية مقسما أنها أكثر ما يميزها في نظره!
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
نيڤادا|كوخ الصخور
بعد وقت قصير…
لاحظ دارك أن روكسان ليست على صحو، الغثيان سبب لها دوارًا منذ قليل، و العياء الشديد بسبب وعكتها جعلها تستسلم للنوم دون مقاومة، خلص من تدليكها بجسده، و الإستمتاع بنعومة ملمسها تحت المياه، فرفعها عن الحوض و سار بها صوب غرفة نومه، أجل نحو غرفة نومه لا غرفة نومها هي، حيث إعتاد أن ينام داخل عرينه، بين جدرانه الكئيبة، و تحت سقفه القاتم، و على فراشه البارد، حيث إعتاد أن يكون الشخص الأسود الذي ينام و يصحو وحيدًا…
مدَّدها برقة بالغة على سريره، و إنحنى يتأكد أنها تتنفس، إصطدمت أنفاسها بخده، فاستقام لبضع لحظات، قبل أن يغلق النافذة إتقاءً للنسمات الباردة، و يعود إليها بالمنشفة مجففا كل قطرة ماء تنزلق من جسدها، طارد حرفيا كل قطرة، و خاصة تلك التي تنزلق ببطء عابث، ثم تتوقف فوق مناطق حساسة لا يحب أن يلمسها شيء سوى يداه الأنانيتان!
6
و بدل أن يلبسها بيجاما أو أي شيء نظيف يناسب مقاسها و جنسها، فتح خزانته على مصراعيها، و إلتقط قميصًا و بنطالاً رياضيين في لونه الشهير… الأسود، و شرع يدس ساقيها و ذراعيها داخل القطعتين، قبل أن يعدل من وضعيتها ثانية على طرف من السرير، و يرتدي فقط سروالاً قصيرًا جدا يبرز فخذيه المصقولين، و قميصًا داخليًا يلتصق بعضلاته الصارخة رجولة و لياقة، و كان لونهما رمادي، تماما كدخان السيجارة التي أشعلها بعدما تمدد هو الآخر على السرير، و سحبها من كتفيها كي يصبح رأسها مسترخيا فوق صدره، و شعرها المتساقط بسلاسة يفترش نصف جسده و يغطي ذراعه بأكملها!
8
مرر رؤوس أنامله فوق كتفيها مفكرا في أن لجلدها بصمة تجعل الأصابع متعطشة للمسها أكثر… فأكثر! و ربما للضغط هنا و هناك بنوع لا يُقاوم من العنف، هو لا يعرف لماذا يستعمره هذا الٱسلوب الهجين بين الإنجذاب لها و النفور منها و السخط عليها؟ لكنه يحب أن يلعن كل ذلك طالما يعجبه أنها في كل الحالات بين يديه، و رهينة قراراته، و مسقطًا لمشاعره الهجينة، و أنانيته المفرطة فيها، إلتقط ذقنها بإصبعين و حرك رأسها لأعلى حتى يستطيع النظر إلى شفتيها المتورمتين جراء قسوته، كانت تغط في نوم عميق، و تتنفس بملء فيها، كأنها لا تنام تحت سقف خاطفها بل في أأمن مكان، ظل جفناها مسدلان يخفيان عنه فتنة عينيها، و مع ذلك شعر أن فتنة ٱخرى فيها تشده، دنا منها حتى لم يعد يفرق بين أنفاسه و خاصتها، و كان رقيقا إلى حد عجيب و هو يلثم نفس الشفاه التي مزقها بوحشية، كأنه يكتفي بوضع فمه على فمها فقط خشية أن يعود النزيف للتدفق، لكنه كان قاسيًا بشدة و هو يسحق السيجارة المشتعلة بقبضته في نفس اللحظة، إلى درجة أن السيجارة المسحوقة تحولت إلى محض رماد، متخيلاً أنه يُسحق هو الآخر… بسبب رِقَّة لعينة ولدت من العدم… أو لعله الليلة فقط إكتشفها في أعماقه تقف لقسوته ندًّا للنِّد… و لا يدري أيهما ستنتصر ساحقةً الأخرى؟ أم أنها ستتصادم و تنسجم… و تصبح لما تبقى من أيام..
رِقَّة قاسية!
- لقراءة باقي فصول الرواية اضغط على (رواية لحن الأصفاد)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)