رواية لحن الأصفاد الفصل الأول 1 بقلم أسماء
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية لحن الأصفاد الفصل الأول 1 بقلم أسماء
البارت الاول
❞القتل ممل…
مراقبتكِ و أنتِ تتمنين الموت أكثر متعة!❝
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
لاس فيغاس
التاسعة صباحًا…
السائرون في الشوارع يلقون بخطواتهم فوق الأرض المعبدة في خبب مألوف، السيارات الفارهة تجيء و تغدو تارةً هنا… و أخرى هناك، شرطي المرور يلوح بيده ككل يوم، و سيدة أربعينية داخل سيارة الكاديلاك الرمادية تحاول ضبط رأسها في مكانه حتى لا يفتضح أمر إسرافها في الشرب بعد ليلة صاخبة في كازينو “بيلاجيو”.
الأمور تسير بشكل عادي هنا… و الطقس الربيعي يمنح الأجساد طاقة منذ فيلجة الصباح، لا سيما تلك الشابة الجميلة التي جلست بصبر على إحدى المقاعد العامة تنتظر زميلة لها في المعهد كي تمر و تصطحبها كسائر أيام الأحاد للصلاة في كنيسة “سانت مارونيت”.
إنها صاحبة العشرين ربيعًا روكسان فارغاس، التي يوحي شعرها الكستنائي الطويل بأنها أقبلت من شرق الأرض، لكن نظرة واحدة إلى عينيها البنيتين المنحرفتين لأعلى و بشرتها الحنطية الناعمة تؤكد للمرء أنها أمريكية أصيلة.
أدركت روكسان أن زميلتها كايت تأخرت على غير عادتها حين لمست بقلق ساعة يدها عدة مرات، و تذكرت أنها أثمن شيء تملكه، فالقميص البيضاء البسيطة التي تستر نصف جسدها العلوي لا تساوي أكثر من عشر دولارات تافهة، ابتاعتها من محل الأشياء المستعملة، و لم تهتم للونها الباهت أكثر مما اهتمت لخامته القطنية المريحة، و بنطال الجينز الذي دست فيه ساقيها الطويلتين هذا الصباح قد تآكل من كثرة إستعماله، لكنها لم تكن مبتئسة بسبب الفاقة يوما، تعيش وحيدة مع عمة شمطاء، و بالكاد يكفيهما المعاش الذي تحصل عليه العمة “مارغو”، و مثل هذه المطبات المادية لا تشكل نهاية العالم بالنسبة لشابة مثلها، ما كان فاقةً و نهايةً للعالم بالنسبة لها هو كونها معدمة المشاعر لا المال، الأم توفتها الأقدار منذ طفولتها، و الأب اللعين لا يكترث لأمرها، لأنه بكل بساطة لا يعلم حتى بوجودها!
ثمرة علاقة محرمة… يا لثقل التسمية! لكنه لقبها اللصيق دون أسف! لماذا تأسف على شيء لا دخل لها به؟ اللعين الذي ورط أمها في علاقة جنسية ذات ليلة في الكازينو لم يكن ذلك النوع الشريف من الرجال ليصحح خطأه و يضع تاج العروس الذهبي فوق رأس عشيقته، بل وضع حول عنقها طوق الإنتحار البطيء، و تسلل خارج حياتها هي و جنينها السري على أطراف أصابعه! لتموت روزا والدة روكسان شيئا فشيئا بعض خمس سنوات من وضعها، بالطبع! التعاسة… و الكحول كافيان لقتل العاشق!
© ممنوع السرقة فاتحة سلسلة: ﴿ المسوخ في هوسهم ﴾ عشق… أليست هذه الكلمة هي جوهر كل معاني الحب؟ إذاً، لماذا لم يلامس حبي قلبه؟ لماذا لم يجد بصيص أمل نحوه؟لم يكن مجرد رج…
التقطت فجأة صوت أزيز عجلات مسرعة، أخذت تتباطأ أمامها، ارتسمت على ثغرها المكتنز ابتسامة لم تجد فرصتها لتكتمل… حتى إنفتح باب المركبة السوداء العالية التي توقفت قبالة مقعدها، و امتدت منها أذرع قوية سحبتها إلى دوامة المجهول…
18
و ظل طائر السنونو ينتحب على غصن شجرة النخيل التي كانت تظلل ذلك المقعد، فيما استمرت الأقدام تخب فوق الأرض المعبدة بكل شارع، دون أن يلحظ المارة شيئا غريبًا، و دون أن يرتاب شرطي المرور فيما حدث خلف ظهره للتو، فقد انشغل بحشر كاشف الكحول داخل حلق سائقة الكاديلاك الثملة ليتأكد من شكوكه!
2
الأمور عادية إلى حد بعيد… و تظل على حالها طوال النهار، حركة البشر التي تغدو مملة، و الأحاديث المتكررة نفسها تلوكها الأفواه، فيما تطير قصاصة جريدة صغيرة لتلتصق بوجه شاب عابس، فيقرأ منها خبرًا مأساويًّا:
2
«سفاح فيغاس يضيف لقائمته الضحية الـ999… و الشرطة تقيد الجريمة ضد مجهول مرة أخرى!».
33
أطلق الشاب سراح القصاصة لتسافر نحو غيره، و قطع ممر الراجلين بنفاذ صبر، فتعقيدات حياته تكفي، و ليبق أمر حل لغز سفاح فيغاس لأعوان الشرطة و رجال القانون!
حتى يفهم المرء ما يحدث في هذه المدينة، عليه أن يستوعب أهم قاعدة، في “فيغاس” هناك شرطة أخرى تعمل بأيادٍ خفية، و تستتر بالعتمة، و لا أحد يعرف لها مقرًّا، قد يكون الرجل الأشقر الذي يرتشف الشاي الأسود في الكافيتيريا اليابانية على قارعة الطريق واحدٌ من أفرادها، أو قد تكون السيدة التي يترنح رأسها داخل سيارة الكاديلاك منخرطة فيها، لا أحد يعلم، و لا أحد يتجرأ على السؤال!
إنها شرطة من نوع خاص، لا تعرف تلك الأشرطة اللامعة و الأوسمة الذهبية، و حفلات التكريم الصاخبة بعد كل مهمة شاقَّة، اليد الملطخة بالدم كافية ليكرم صاحبها بمهمة أخرى… و أخرى… و أخرى…
المقر قد يكون أي شارع… على عتبة أي بيت… و السلاح الذي يتم العمليات لا يهم… النتيجة وحدها تكفل ما تحظى به هذه الشرطة من سمعة خطيرة و ذائعة… نتيجة الموت بأي شكل كان!
و ما إن تتم العمليات بنجاح، و تلطخ الأيدي بما يكفي من الدماء، تجتمع الأفراد التي نفذت الأوامر و تقف كالأوتاد أمام الزعيم تحت أرض المدينة التي تخب فوقها الحياة بشكل عادي! الأرض التي تشكل سقفًا للعالم السفلي… لعالم الظلام… لأكبر تشكيل عصابي في تاريخ القارة الأمريكية… منظمة “الويد”.
WID MAFIA (W:walkers I: in D: darkness)
10
السائرون في الظلام… أخطر رجال الأرض، و هذا القول لا ينفي وجود نساء بينهم، لكن و كما يعلم الجميع… امرأة من العالم السفلي تساوي مئات الرجال في العالم العادي!
يخضع هؤلاء لأوامر الزعيم داجيو… أقوى من حكم الويد خلال العشرين سنة الأخيرة، بغض النظر عن شعره الذي يخططه الشيب، و التجاعيد التي اكتنفت جبينه و خديه، إلا أن صوته المرعد كافٍ لجعل أشجع رجل يقضي حاجته داخل ثيابه إذا ما سمعه! و صفعة واحدة منه قادرة على إرسال ذاكرة متلقيها إلى الجحيم! و هكذا فإن الوقوف بثبات أمام داجيو بعد الفشل في مهمة ما… أفضع من الوقوف أمام قطار يسير بسرعة جنونية!
لكن داجيو لم يكن رمز الرعب و الفناء بالنسبة للجميع، فقد عرفت المنظمة رجلاً ينافس المقابر في برودتها، و يعتبر الوقوف أمام رئيس الويد في مثل بساطة الوقوف أمام الصرَّاف الآلي!
تطلع داجيو بالواقف أمامه مبهم النظرات، ثم كرر سؤاله و يداه تفتحان درج المكتب ببطء مرهق للأعصاب:
“ماذا أخبرتَه عن تلك الليلة؟”.
2
تعرق الآخر بشدة موسعا من ربطة عنقه و هو يتأتئ ليشرح موقفه الكارثي:
“أيها الزعيم… كانت زلَّة لسان… أسرفتُ في احتساء الكحول… و بُحتُ رُغمًا عني بالسر… أعدكَ…”.
1
لم تسمح له الرصاصة التي انطلقت من مسدس داجيو بمتابعة الكلام، ليرتفع صوت الزعيم و هو يفرك صدغه بفوهة السلاح مفكرا في طريقة يرتب بها الفوضى اللعينة التي ستحدث قريبًا:
“مارفل… نظفي أرضية مكتبي حالاً… كأن خنزيرًا لعينًا ذُبِحَ هنا!”.
6
دلفت من خلف الباب الماهوجوني الثقيل سيدة ثلاثينية أكثر شحوبًا من الجثة الفاطسة، بينما كان داجيو يجري مكالمة و هو يذهب و يجيء بنصف جسده كأنه على صفيح ساخن، أصغى للرنين على الطرف الآخر، ثم ٱجيب اتصاله، فتمتم بهدوء غير مطمئن:
1
“كروفر… معك ثلاث ساعات لتصفية دارك ريغان… و إذا انقضت دون أن تفلح… جد مكانًا توارى فيه جثتك!”.
22
أفلت كروفر السماعة بيد مرتعشة، و بصعوبة إستطاع وضعها بمكانها الصحيح، هل سمع جيدا أم أنه باشر بالهذيان؟ صفع نفسه و قرص يديه ليتأكد أنه ليس في حلم أيضا، ما اللعنة التي حدثت حتى بات سفاح الويد نفسه مطلوبًا؟ هل فقد داجيو صوابه؟ كيف سيجده في ثلاث ساعات؟ و الألعن من كل هذا… هو كيف سيقتله؟ الفكرة بحد ذاتها جعلته يرتجف حتى الموت! فماذا عن تنفيذها؟ كلا! سيسلخه دارك قبل أن يحاول لمسه حتى! و من جهة أخرى… داجيو سيكون الأكثر سخاءً بحياته إن فشل أو تولى عن أداء المهمة!
9
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
1
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
في الأسفل هنا… كل شيء مطابق لما هو في الأعلى، الشوارع… الحركة… الوظائف… لكن مع اختلاف بسيط، في العالم العادي فوق أديم الأرض… دولاب الحياة، أما في العالم السفلي… فهناك دولاب الموت، و كلٌّ له قدره… و ساعته الأخيرة، في الأسفل أيضا مواصلات و اتصالات… إلا أنها كلاسيكية إلى حد لا يصدق… منعًا لأي جوسسة من أي جهة معادية، و حفاظًا على أسرار المنظمة، قد تحدث بعض الأشياء التي تخرج عن دائرة التفسير في الأعلى… لكنها هنا تحت المدينة واضحة الأسباب… و معللة… لاقترانها بقوانين الويد التي يحفظها كل فرد منها عن ظهر قلب، اختفاء أحدهم مثلاً… سيجل في الأعلى كحالة مفقود… لكن السائرين في الظلام يعرفون جيدا تفاصيل اختفائه… لأنهم و بكل بساطة المسؤولون عن ذلك، و موت أحدهم مثلاً في ظروف غامضة… سيجل في ملفات الشرطة العلوية على أنه جريمة ضد مجهول… غير أن أسلحة الويد و أيادي أصاحابها تعرف جيدا أنه كان موتًا مشروعًا قرره قضاة المنظمة… و نفذوه دون أدنى تردد أو رجفة!
“فكُّوا قيدي!”.
كررت روكسان الصراخ دون جدوى، مضى على وجودها في ذلك المكان أكثر من أربع ساعات مريرة، قضتها في تكرار نفس الصيحات المتسائلة، تجاهد بصبر أوشك على النفاذ كي تخمن… لِمَ هي هناك؟ و من المسؤول عن اختطافها من ذلك الشارع؟
“هل يسمعني أحد؟ على الأقل أريد أن أتبين الجدوى من تصفيدي ها هنا؟”.
لا صوت… و لا رد يعقب على كلماتها المضطربة سوى صداها الذي كان له الأثر الأبلغ على أعصابها، ليس من الممتع أبدًا أن تحدث صداك لساعات متتالية، و ليس من المريح بتاتًا أن تتواجه مع المجهول، و أن تُحرمَ من حقك في معرفة ذنبك حتى!
شعرت أن الأصفاد تجرح رسغيها بشدة، و أن العصابة التي تغطي عينيها قد أحدثت شللاً مزعجًا في أعصاب جفنيها المطبقين، لكنها تحلت بالطول الأناة لساعة أخرى، عسى أن يهتدي إليها أحدهم.
3
رائحة المكان المنعشة تؤكد أنها في غرفة نظيفة و يُعنى بها جيدا، لكنها لم ترتح للصمت الذي ظل مخيما عليها دونما انقطاع!
مرت ساعة أخرى دون أجوبة… و كادت روكسان تجهش بكاءً… حين صدرت حشرجة بعيدة، ثم تلتها قرقعة أبواب، و جلجلة مفاتيح عدة، ليعقب ذلك صوت خطوات غريبة تتردد من مكان غير معلوم، أيقنت بحاسة سمعها القوية أن القادم رجل حتمًا، فالنساء لا يسرن على هذا النحو! و لا تصدر كعوبهن الناعمة هذا الوقع العريض! و إن لم تخطئ الحدس… فالقادم يتمتع بوزن ثقيل و بنية ممتازة نظرًا لصدى دعساته الثقيلة!
2
خاطفها إذن رجل… و يبدو أنه ليس أي رجل!
مشيته حملت صوت الموت، كان يخطو بطريقة شاحبة… كشبح، لا شيء فيه يمتُّ إلى الحياة بصلة، لا شيء فيه يمكن أن يثبت أنه إنسان حتى، كانت لا تحدق سوى في الظلام الدامس، لكنها تمكنت من رؤية روحه الأكثر ظلامًا، و بدا لها أن برودة الأصفاد التي تحيط بيديها و قدميها ما هي إلا رحمة… مقارنة ببرودة نبرته حين تكلم:
“ضيفتي المميزة! ماذا تحتسين… دموع خوفكِ… أم شرابًا أكثر رفاهية؟!”.
44
دنا منها المتحدث بشدة… حتى اختلط عطره الرجالي القوي مع أنفاسها المتسارعة، و أضاف بنبرة مميتة استفزتها:
6
“خذي وقتكِ في التفكير… فستقضين ما تبقى من عمركِ هنا… تحت رحمتي!”.
20
لم تكن روكسان فتاة جبانة، لكنها لن تكذب على نفسها الآن، هي حرفيا تشعر برعب يتعاظم داخلها مع كل تفكير في الكلمات التي لفظها ذلك الغريب!
تشجعت و سألت بعدما لعقت شفتيها بلسانها الجاف:
“من أنت؟”.
“فناؤكِ اللعين!”.
28
أسقطت الإجابة في قلبها رعبًا أعظم من سابقه، فالمتحدث لا يبدي في نبرته أي شعور يُذكر، لو حدثها بغضب أو انفعال لكان أفضل من هذا البرود الذي يكتسيه صوته، لكن روكسان لم تشأ أن تظهر بمظهر الضعيفة أمامه، لطالما آمنت أنها أقوى من أي ظرف يحاول كسرها و قهرها في هذه الحياة، و لعل الأوان قد آن لتختبر إلى أي مدى هي قوية!
تماسكت ترد بسؤال آخر:
“ماذا تريد مني؟”.
“أريدُ أن أصنع من شهقاتكِ و صرخاتكِ سيمفونيةً خاصة تطربني!”.
22
فكرت روكسان أن تجاذب الحوار معه صعب، لكنها مضطرة لذلك!
“لماذا؟”.
أعقب ذلك صمتٌ خانق، حتى ظنت أنه لم يكن موجودًا سوى في خيالها، لكنه أثبت وجوده بأسوء طريقة على الإطلاق، فجأة بدأت روكسان تسمع صوت تسجيل لرضيع يبكي، لا… ما اللعنة؟ لم يكن ذلك ببكاء عادي، و إنما صرخات عذاب لا يحتملها المرء، لا سيما في وضعها ذاك و هي جالسة على الأرضية الباردة… و عاجزة عن سد أذنيها بسبب يديها المثبتتين إلى الجدار بالأصفاد الثقيلة، حاولت أن تتحمل الصرخات المتتالية، إلا أنها فشلت، و انطلقت في صراخها أيضا، تطالب ذلك الغريب بإيقاف التسجيل، لكنه لم يفعل، و لم يضغط على الزر الأحمر حتى تأكد أن روحها تأذت كما يجب… و أن عقلها سينفجر في أي لحظة!
4
لهثت و سقطت دموعها رغما عنها بعدما وضع خاطفها حدًّا للتسجيل، ثم شعرت به يدنو ثانيةً دون يلمسها، و سمعته يعلق بالبرود ذاته:
“الآن تعرفتِ على دارك ريغان… هل لديكِ سؤال آخر؟”.
22
خشيت روكسان أن تطيع فضولها و تتقفى الصراع المحتدم داخل جمجمتها، فيكرر الخاطف ذلك العقاب، و يجبرها على سماع نفس الصرخات المعذبة، لذا امتنعت عن الرد، و عن الحركة حتى، و اكتفت في تلك اللحظة بالبكاء الصامت، و بتذوق دموعها الغزيرة حائرة… بين يدي أي مجنون وقعت؟ دارك…! الإسم لوحده أرسل فيها رعشات أقوى من سكرات الموت!
“فتاة طيبة!”.
10
ربت دارك على خدها كما لو كانت جروًا تافهًا التقط العظم الذي ٱلقي في الهواء بنجاح، شعرت أن يده الدافئة تحمل ما في العالم من قسوة… و أن خطوط كفه أكثر غموضا و وحشةً من الظلام الذي تراه الآن.
أطلق زفرة لم تجد لها تأويلاً، و ظلت يده على خدها لدقائق طويلة، كأنه لا يريد رفعها، أو لا يستطيع ذلك رغم إرادته، لكنه ابتعد عنها فجأة كمن تعرض للسعة سامة، و عرفت من خطواته المضطربة أنه يذرع الغرفة في عصبية، و ودت لو تطلب منه أن يرخي العصابة عن عينيها قليلاً لأنها مشدودة الوثاق و تؤلمها، لكن… هل يكترث أمثاله للألم؟ ربما لو نفذت مرادها… لاشتهى لها ذلك الألم… و لزودها بمثله أضعافًا!
1
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈┈
نامت روكسان للحظات عقب رحيله الصامت… لم تعرف حقا… لكم من الوقت تحديدًا، ظهرها أصابه الخدر، كتفاها تشنجا، و عنقها اشرأبت، ساقاها تحجرتا من الجلوس في الوضعية نفسها، و الأصفاد باتت تحفر بجلدها علامات تزداد احمرارا مع تقدم الوقت، الوقت؟ اللعنة! حتى الوقت لا تستطيع تبينه، فساعة يدها لم تعد بحوزتها، و لا ريب أنه استولى عليها، على الأقل كانت ستتلمس العقارب و تحدد في أي جزء من اليوم هي؟ لكن شعورًا قويًّا أكد لها لاحقا أن الظلام حل على العالم، إذ باتت الأجواء في ذلك المكان أكثر وحشة و برودة، و انحفاض درجة الحرارة أكبر دليل على أن الليل قد أرخى سدوله و احتل الأرجاء، ترى هل أخلد ذلك الرجل إلى النوم؟
2
كأن أفكارها حوله استحضرته، إذ ترددت ضجة حضوره ثانية، و دار مفتاح ما في قفل قريب، ليلفها عطره الآسر من جديد، و تغرق الغرفة في لجج من العداء.
ظنت روكسان أنه سيكرر ما فعله سابقًا، لكنه هذه المرة تمادى، و صعقها حين باشر بمتزيق قميصها الرخيصة، أخذت تنتفض صارخة، تلعنه و تلعن نفسها لأن الأغلال تمنعها من خدش وجهه و حماية جسدها من نواياه الخبيثة. مشطت عيناه الحادتان النصف العلوي من جسدها مطولاً، ثم وجدته ينتقل إلى ساقيها و يجردها من البنطال القديم، و لم يبقَ أمامه سوى تمزيق قطعتي ثيابها الداخلية لتغدو عارية تماما أمامه، و لم يكن بمقدور الرهينة حيال ما يحدث لها سوى الصراخ دون توقف!
11
“توقف أيها النذل! لا تلمسني بيديك القذرتين! قلت توقف… أنت مجنون! مريض! متوحش!”.
13
خلص الخاطف من تمزيق القطع الداخلية، و أنفق لحظات أخرى في تأمل مفاتن جسدها الناعم، لم يكن يستطيع الشعور بشيء، هو يعلم هذا، لكنه وجد النظر إلى تلك الأجزاء من جسدها ممتعًا، و ليحظى بمتعةٍ أكبر كان يفترض بأي رجل في مكانه أن يخضعها لمآربه… و يفتكَّ منها شهوته الحيوانية…
22
هجم عليها دون سابق إنذار، يمزق شفتيها الغضتين بأسنانه، كأن وحشا حبيسا به قد تحرر فجأة، لمست فيه وحشية سافرة، و جوعًا غريبًا لشيء ما، كانت هناك قوة صماء يستحيل تحليلها تسحب روحها إلى دوامة غموضه، و في العموم بدا ذلك الرجل كنقطة مبهمة في فراغ سحيق، خاصة قبلته الهمجية التي أدمت شفتيها، و جرحت كبرياءها في الصميم، ذقنه المكسوة بالشعر وخزت ذقنها الناعم، و أنفاسه الحارة المتلاحقة ضيقت عليها سبل التنفس بشكل طبيعي، خنقتها قوته، و ارتكزت يداه القاسيتان على صدرها الهش فكادتا تكسراه، و استمر ينهش ثغره كأنه لم يقبل امرأة من قبل، حتى ظنت أنه لن يتوقف عن ذلك إلى أن يكسر كل الحدود و يفقدها عذريتها و ما تبقى لها من كرامة، غير أنه تراجع عنها بشكل محير… و أخذ يذرع الغرفة كسجين، ثم هدأت حركته، و أدركت من النوابض التي تقلصت بصرير مكتوم أنه استرخى على سرير ما هناك، ثم التقطت صوته يعلق و هي تلهث عقب صراخها المستميت:
17
“لستُ بحاجة ليدين كي ألمسكِ، المضاجعة الأسوء على مر التاريخ ستكون من نصيبكِ، سأضاجعكِ ببصري، ستتمزقين بين فكرة أنني أستبيح جسدكِ العاري بنظري، و أنني أتقزَّزُ منكِ في ذات الوقت، أنتِ الآن عفيفةٌ على الأرض… و عاهرة لعينة في مخيلتي! و هذه البداية فقط… لذا معكِ متسع من الوقت كي تتخيلي ما قد أفعله بكِ في الليالي القادمة… روكسان فارغاس!”.
48
ليضيف بقسوة باردة و هو ينتهك عري جسدها ببصره الحاد أكثر:
“… أعتقدُ أن دماء شفتيكِ أنسبُ شرابٍ فاخر لضيفة من طرازك… هنيئًا يا رهينتي!”.
6
و عقب ذلك… أجبر أذنيها المنهكتين… على الإصغاء لصرخات فتاة يجري اغتصابها بطريقة بشعة بتوقيع وحوش بشرية، لم تكن في البداية قادرة على تصديق مدى سعادته بتعذيب روحها، صحيح أنه لم يفعل بها الشيء نفسه، و اقتصر الأمر على قبلة جحيمية جعلت شفاهها تنزف لوقت طويل، لكنه اغتصب روحها… دون أن يلمسها أو يدنو منها حتى! لتجد نفسها خائرة الجسد و الروح خاوية من أي صوت، تصغي فقط للحن الأصفاد حول أطرافها، و لاستمتاع أنفاسه المترددة بشحوبها و سيول الدم المنبثق من جروح شفتيها… حتى بزوغ الفجر!
- لقراءة باقي فصول الرواية اضغط على (رواية لحن الأصفاد)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)