روايات

رواية قلوب ابت النسيان الفصل الرابع 4 بقلم آية الفرجاني

رواية قلوب ابت النسيان الفصل الرابع 4 بقلم آية الفرجاني

 

البارت الرابع

 

 

كان واقف عند الشباك ضهره للباب إيديه في جيوبه، عيونه شاردة في المدى البعيد، بس عقله… كان لسه محبوس في الدوامة اللي بقاله شهور جوهها
“آية…”
همس بالاسم بينه وبين نفسه، الاسم اللي قلب كيانه في الحلم، الاسم اللي كل ما يسمعه يحس بحاجة غريبة جوه صدره إحساس مش مفهوم، مش مفهوم لدرجة بتنرفزه
فجأة… الباب اتفتح
اتعدل في وقفته بحدة ولف ببرود وهو بيبص للبنت اللي دخلت عيون ثابتة، ملامح متوترة، وحجاب مرتب… كانت مختلفة عن أي حد
“حضرتك طلبتني؟”
صوته كان قاطع، مليان جدية وهو بيقول: “التقرير اللي المفروض يكون على مكتبي الصبح فين هو اظن سمعتني وانت خارجه عاوز كل المشاريع اعيد تقيمها بس مشروعك موصلش كامل؟”
آية حسّت بضيق من طرقته بس ما قالتش حاجة غير إنها مدت إيديها بالملف لكن قبل ما ياخده، قال بحدة:
“ليه متأخر؟”
“كان عندي تعديلات في بسبب المشاكل الأخيرة”
رفع حاجبه قلب الصفحات بسرعة، وبعد لحظات من الصمت قال:

 

“التعديلات دي مين قالك تعمليها؟”
ابتلعت ريقها هو مش عاجبه إنها عدّلت على التقرير؟بس هي كانت بتصلحه
حاولت تتكلم قالت بهدوء:
“أنا شفت إنها ضرورية بناءً على البيانات اللي عندي”
❤♥
سكت للحظة قبل ما يقفل الملف ويرميه على المكتب قال بنبرة هادية لكنها قاطعة:
“أنا المسؤول هنا عن القرارات د ي مش إنتِ، المرة الجاية أي تعديل لازم يمر عليا الأول”
الدم غلى في عروقها بس حاولت تفضل هادية
وقالت: “أنا كنت بحاول أساعد”
بص لها بنظرة باردة: “لما أطلب مساعدتك، هقول ي انسه ”
حسّت بالإهانةبس ما قالتش حاجة،أخدت نفس عميق وقالت بهدوء:
“تمام مفهوم ي فندم ”
=تقدري تخرجي
خرجت وهي بتحاول تكتم الغضب والغيظ اللي جواها منه وشكل الفتره الجايه هتكون صاعبه معاه
ياسين فضل يبص على الباب بعد ما اتقفل حرك صوابعه بتوتر، الإحساس الغريب ده راجع تاني كأنه… يعرفها؟ لا مستحيل هو مجرد وهم
بس ليه… اسمع صوتها في الحلم؟ سأل نفسه
سؤال مش لاقي جوابه
خرجت آية من مكتبه وهي بتحاول تهدي نفسها مش قادرة تستوعب البرود والجفاء اللي واجهها بيهم كأنه بيتكلم مع موظف آلي، مش بني آدم الموظفين كلها كانوا بصصين لها وهي ماشية، نظرات فضول وبعضهم ابتسامات خبيثة…
واضح إن في ناس هنا مش مستنين غير غلطة منها عشان يشمتو فيها
رجعت لمكتبها ورمت الملف قدامها ب وهي بتاخد نفس عميق وفجأة…
=آية… حصل إيه؟
بصت جنبها لزميلتها نادين، اللي كانت بتتصنع القلق بس في عيونها لمعة استفزازية
_مفيش ناقشني في التقرير
نادين رفعت حاجبها بمكر:
هو ناقشك بس؟ ولا هزقك برضه؟”
حاولت تمسك أعصابهاقالت بجفاف:
_لو عندك شغل ياريت تركزي فيه هيكون افضل علي ما اظن
نادين ضحكت بسخريةوهمست:
واضح إنك مش هتكملي هنا كتير
تجاهلتها وبدأت تراجع ورقها بس جوه عقلها كانت معترفة… هي فعلًا مش عارفة هتكمل إزاي في الجو ده
اليوم خلص بتوتره
بالليل كان ياسين قاعد في بيته الجديد
استند بظهره على الكرسي وهو بيبص في الفراغ غفي … الحلم رجع تاني
ضوء أبيض… شخص بعيد واقف قدامه، ملامحه مش واضحة لكن الصوت كان واضح جدًا…
“ياسين… متسبنيش”
صوت ناعم هادي لكنه مليان مشاعر… كأنه بيناديه من بعيد أو يمكن من الماضي
شهق وهو بيقوم بسرعة قلبه بيدق بجنون مش فاهم ليه الحلم ده بيتكرر؟ وليه حاسس إن الصوت ده… مش غريب؟
مسح على وشه بعصبية وبص في المراية اللي قدامه… وشه كان متوتر نظرته فيها شرود
“آية…”
تمتم بالاسم بينه وبين نفسه وبص لنفسه في المراية، كأنه بيحاول يفهم…
ليه الاسم ده بيسبب له اضطراب بالشكل ده؟!
مرت ايام بس
آية ماكنتش بتنام كويس الأيام اللي فاتت، وده بدأ يظهر عليها إرهاق في عيونها، تركيزها بيتشتت وصداع مش بيروح كانت بتحاول تلهي نفسها في الشغل، بس عقلها مش متعاون معها كانت بتفتكر
الحلم الي بدأ يتكرر من ايام
حلم غريب… حلم ماكنش مجرد كابوس، كان أكتر من كده
جرى … أنفاسها كانت بتقطع… المكان كان مظلم لكنها عارفة إنها لازم تهرب
“محدش هيسمعك… متتعبش نفسك”
صوت غريب مخيف لازم تهرب منه، لازم توصل لشخص معين، شخص بيقدر ينقذها كانت بتصرخ باسمه، بس صوتها ماكنش بيطلع
وفجأة… ايد اتمدت ليها، قوية، دافئة، ماسكتها بقوة، وصوت رجولي قال بحزم:

 

“أنا هنا… متخافيش مش هسيبك”
قامت وهي تلهث، العرق على جبينها، وقلبها بيدق بسرعة رهيبة مسحت وشها بكفها بتحاول تستوعب الحلم… ليه حست إنها مش مجرد رؤية عشوائية؟ ليه كأنها كانت هناك فعلًا
وقبل ما تفكر أكتر، رنّ منبهها، وافتكرت إن وراها يوم طويل في الشغل… وان المدير الجديد صعب التعامل معاه
وصلت الشركه وهيا بتلهث لاقت الجو مكهرب
كان في مشكلة كبيرة حصلت في أحد العقود وياسين كان عامل كهربا في المكان الموظفين ماكنوش متعودين على حد بالشراسة دي، طريقة كلامه كانت حادة، أسئلته كانت بتصيب في العمق، مابيسيبش مجال للهروب حست بخوف
راحت لمكتبها كانت عارفة إن دورها الجاي، وإنها هتواجه العاصفة الي شغاله في مكتبه
وفعلًا…
” انسه آية، الملف ده مش كامل”
رفعت وشها لياسين، اللي كان واقف قدامها بنظرة باردة
وقفت بتوتر دا جاي لحد عندها مخصوص
استر يارب همست بيها لنفسها وقالت:
“أنا قدمت كل التفاصيل المطلوبة، لو في حاجة ناقصة، ده معناه إن المعلومات نفسها ماوصلتش لنا”
حاجبه ارتفع بحركة بسيطة، كأنه بيقيم ردها
رد ببرود:
“ده مش مبرر، الشغل هنا مافيهوش مساحة للأخطاء عديه تاني رمي الملف قدمها ولف عشان يمشي بس الي وقفه
“ماعتقدش إن دي غلطة شخصية، ولو حضرتك شايف إن في تقصير، ممكن نراجع المصادر بدل ما نلوم الأشخاص”
لحظة صمت… نظرات تقيم… وبعدين ابتسامة خفيفة ظهرت على طرف شفايفه، لكنها ماوصلتش لعيونه
“معاكِ نص ساعة راجعي كل حاجة، وأنا مستني التقرير الجديد”
وسابها ومشي، وهي فضلت واقفة، بتحاول تهدي رجفة خفيفة في صوابعهاكان تحدي واضح… ويا إما تنجح يا إما تنهار
&&&&&_صلي علي رسول الله&&&&&&
النص الساعة اللي ادّاها ياسين لآية كانت شبه الحرب ركّزت في الملفات، دقّقت في كل نقطة، ولما خلّصت، أخدت نفس عميق، وقامت على مكتبه
كان واقف عند الشباك، ضهره ليها، لكنه كان حاسس بوجودها بصوت هادي لكنه قاطع، قال:
“انطقي”
رفعت حاجبها من اسلوبه حسّت للحظة إنه بيتعامل معاها كأنها انسان الى، او حاجة مالهاش قيمةلكنها رفضت تحسّ بالإهانة قالت بهدوء:
“راجعت الملف كل التفاصيل موجودة، والمشكلة كانت إن البيانات اتأخرت من المصدر نفسه، وأنا عندي دليل على ده”
لف ليها عيونه كان فيها برود كأنه مش فارق معاه الكلام ده كله، لكنه مدّ إيده، خد منها الورق، وبدأ يقلب فيه
بعد لحظات من الصمت، قال بهدوء مستفز:
“مش وحش… بس متأخر”
قبضت صوابعها، وحاولت تسيطر على غيظها، لكن قبل ما ترد، سمعت صوت حد بيضحك وراها
وهو بيقول:
“مش مشكلة، أصلها لسه جديدة، ولسه بتتعلم، صح يا آية….
مين الشخص ده؟؟؟ ياترى اي مستني ايه في اللي جاي

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى