رواية قرية الصمام الفصل الثالث 3 بقلم مصطفى محسن
رواية قرية الصمام الفصل الثالث 3 بقلم مصطفى محسن
البارت الثالث
الصبح لاقيت ابو سليم بيخبط على الباب وبيقولى:
جهز حالك يا بشمهندس عشان نرجع قبل غروب الشمس.
خرجت مع أبو سليم وانا دماغى بتفكر فى اللى حصل امبارح.
والدنيا هادية، مافيش عصافير ولا طيور وتقريبا مافيش حتى بنى ادمين،
طول الطريق سامع صوت بيهمس فى ودانى وبيقول:
ـ “تَعَالَ… فِي الظُّلْمَةِ نَسْتَنَّاكَ، أَصْوَاتُنَا تَتَشَبَّثُ بِرُوحِكَ.”
وصلنا اللارض وبدات انزل المعدات وقولت للحج ابو سليم:
ـ “لازم أنزل الترعة عشان اوصل الميّه للأرض.”
ابو سليم قال من غير ما يبصّ لي:
ـ “انزل… بس ما تقعدش كتير فى الترعة.
واسمع كلامى كويس يولدى لو حد نادَى عليك… ما تردّش.”
نزلت برجلي لحد نص الساق،
وأنا وانا بظبط لاقيت حجر كان قافل المجرى،.
غطست إيدي وطلعته.
كان حجر قديم، محفورعليه:
“رشاد الحناوى.”
اتجمّدت مكانى وقولت:
ده اسم جدّي الكبير….بس محدش فى العيلة كان بيجيب سيرتة.
ناديت وأنا واقف في الميّه وقولت:
ـ “يا حاج أبو سليم!.. تعاله بسرعة قولى.
مين رشاد الحناوى ؟”
الحج ابو سليم قرب على الحافة الترعة،
بَصّ وقال:
ـ “ده راجل كان عايش في البلد زمان…
بس… ختفى فجأة ومحدش يعرف عنه اى حاجة.
سيب الحجر وكمّل يا بشمهندس عاوزين نروح قبل غروب الشمس.”
حسن قالة:
ـ “على فكرة ده اسم جدّي الكبير.”
سكت ثانيتين وبعدين قال:
ـ “النَسَب مبينساش…اهله يابنى.”
رجّعت الحجر مكانه وأنا قلبي بيدق بسرعة.
ولما حرّكته تاني،
لقيت جنبه علامة بصمة:
بصمة طفل زى اللى شوفتها ليلة امبارح،
وفجأة سمعت الصوت واطى…جاى من تحت المية بيقول:
سَمِعْنَا نَبْضَ خَوْفِك فِي البُعْد، وذِكْرُكَ اتْكِتَبْ فِي صَخْرَةِ اللَّيْلِ، كُنَّا مُنْتَظِرِينَ هُدُومَ خُطُوَاتِك.
قولت اكيد دى هلاوس.
غَطست أعمق شوية عشان أفتح فتحة كانت مسدودة بطين.
وفجأة… رجلي اتشدّت لتحت،… كأن في حبل لافف حوالين رجلى.
صرخت بصوت عالى:
ـالحقنى يا ابو سليم “حدّ بيشدّني فى تحت المية!”
والميّه غطت راسى،
وسمعت نفس صوت النسائى بتقول:
ـ “والظلال حواليك اتحركت كأنها بتناديك باسمك،… حسن.”
حاولت أطلع،
بس كأن حد بيشدنى لتحت.
وفي لحظة…
شُفت خيال وشّ تحت الميّه،
مش باين ملامحه،
بس باين بنت فاتحه بُقّها.
أبو سليم مدّ إيده من فوق وهو بيقول:
ـ “امسك…امسك فى ايدى بسرعة!”
مسكت ايده جامد،
وشدّني بكل قوته، ووقعنا سوا على طرف الترعة.
كنت بكحّ ميّه، وبتنفّس بالعافية.
ابو سليم قالى بعصبية:
ـ “صدقت ان اللى بقوله مش تخاريف حسّيت بيه؟”
قوتله وانا جسمى بيتهز:
ـ “أيوه… كان فيه حدّ بيشدّني لتحت…
وشوفت بنت فاتحه بُقّها.”
ابو سليم سكت شوية، وقال:
ـ “بلاش تبصّ للوشوش وتركز فيها…لوظهرت تانى..”
وقفت وانا مش قادر اخد نفسى،
وبصّيت تاني للمكان اللي اتسحبت منه.
لاقيت الحجر اللى كان عليه اسم جدى اختفى قولت:
انا مش مطمن وخصوصا بعد ما شوفت اسم جدى هناا.
ابو سليم قالى وهو بيبُصّ للترعه:
ـ “لما الليل هيجى… مش عاوزك ترد على حد ولا تبص لحد… يلا نمشى قبل المغرب.”
رجعنا البيت،
عبد المقصود كان واقف على الباب، بصّلي بنظرة فيها ألف سؤال… بس ما قالش ولا كلمة.
دخلت أوضتي، بدّلت الهدوم المبلولة، وقعدت على السرير.
فتحت النوتة وكتبت:
“جدى الكبير رشاد الحناوى.”
بعد العصر، الجو بقى غامق على غيرالعادة كأن الليل عاوز يجيى بسرعة…
وهدوء غير العادة…
اليل جة وبدات الامور تكون اصعب.
كنت حاسس بنَفَس فى الاوضة… نَفَس مقطّع كأن حد طالع من المية.
وبعدين حاجة خبَطت على الشباك خبطة واحدة، كأنها إنذار.
قُمت بالعافية، مسكت المصحف من على التربيزة، وقلت بصوت واطي:
ـ “اللهم احفظني من بين يديَّ ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي…”
خبط وقف…
لكن بعد ثانيتين بالضبط، سمعت نفس الصوت:
ـ “هستناك عند الترعة… يا حسن.”
ساعتها حسّيت إن كل اللي حصل ليلة امبارح والصبح كان مجرّد رساله…
لبداية طريق مظلم الحقيقي.
السرير بدا يتهز كأن حد بيرفعه من تحت.
سمعت خبطه ضعيفه قومت من على السرير بصيت نحية الشباك لاقيت بصمة ايد طفل على الازاز كانه لسه طالع من ماية.
سمعت صوت طفل بيقول:
ـ “اِقْتَرِبْ يَا حَسَنُ، فَالظِّلَالُ تُفْصِحُ عَنْ أَسْمَارِ الأَصْوَاتِ.
قربت اكتر من الشباك، وقولت:
ـ “انت مين… انت مين… قولى عاوز ايه؟”
الصوت اتحوّل لضحكة، فيها غلّ ووجع في نفس الوقت وقال:
ـ “الَّذِي يَغْرِقُ لا يَمُوتُ… يَبْقَى يَنْتَظِرُ فِي عُمقِ الظُّلْمَةِ، .”
البلاط بدا يتنفس براحه والتربيزا بدات تتهز كأن حد مسكها بايده وبيهزها جامد.
ساعتها فهمت إن اللي بيناديني مش مجرد صوت…
فى سر كبير وبيحاول يفهمهولى.
حسيت رجليا تقلت… الشباك خَبّط خبطة واحدة… وبعدين سكت.
وبعدين اسمعت صوت النسائى بيقول:
ـ ” وَمَنْ يَحْمِلُ قَلْبَهُ بِشَجَاعَةٍ… سَيَرَى مَا يَخْتَبِئُ فِي طَيَّاتِ الصَّمْتِ..”
روحت على السرير بسرعة وفضلت تحت البطانية.
سمعت صوت اوكرة الباب بتتفتح.
قولت بصوت عالى:
ـ “يا أبو سليم!”
سمعته من برّه بيقولى:
ـ “ما تفتحش.الباب يا بشمهندس…”
وبعدها سمعت صوت ابويا بيقولى:
– يا حسن… إنت مش غريب. إنت وسط عيلتك انت حَفِيد رشاد الحناوى… والمطلوب لازم ينتهي على إيدك.
رفعت البطانية من عليا وروحت نحية الشباك… لاقيت طفل واقف هدومة كلها طين ومايه كأنة طالع من ترعة و بيشاور على حجر قربت شوية من الشباك الطفل لاقيته ظهر فجاة قدامى رجعت لورا بصلى وابتسم ابتسامة مرعبه… وكتبلى على الازاز.
“سَأَنتَقِمُ… وَلَا رَحْمَةَ لِمَنْ نَسَفَ هُدُوءَ قَلْبِي.”.
فجاة… الباب التفتح ودخل ابوسليم وقال:
فِي صَمْتِ اللَّيْلِ الْمُتَوَسِّعِ، تَتَسَلَّلُ أَصْوَاتٌ مِنْ عُمقِ الظُّلْمَةِ، تَخْتَرِقُ أَحْلامَك، وَتَتَشَقَّقُ الْحُجُبُ بَيْنَ الْعَالَمِ وَالْعَدَمِ، وَعَيْنٌ لا تُرَى تُرَاقِبُ كُلَّ خُطُوَاتِكَ، فَتَشْعُرُ بِالْخَوْفِ يَنْسَابُ فِي دَمِكَ كَأَنَّهُ نَفَسُ شَيْطَانٍ مُنْتَشِرٍ فِي أَرْوَاحِ الْأَشْيَاءِ…وفجاة…
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية قرية الصمام)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)