رواية في سبيل صهيب الفصل السادس عشر 16 بقلم لبنى دراز
رواية في سبيل صهيب الفصل السادس عشر 16 بقلم لبنى دراز
البارت السادس عشر
لم تكن العتمة يومًا قدرًا، بل اختيارٌ يسكن القلوب التي أرهقها الألم، وحده الضوء قادر على محو ظلال الماضي، لكنه لا يأتي إلا لمن يملك الشجاعة لفتح نوافذ روحه المغلقة، لا تُثقل قلبك بما كان، فالحياة لا تلتفت للوراء، بل تمضي دائمًا نحو الأمل، تمامًا كما تفعل الشمس حين تخترق ظلام الليل، دون أن تسأل عن سواده.
في سبيل صهيب بقلمي✍️______ لبنى دراز
قصر الشهاوي
أوضة نادر
نادر من وقت ما عرف باللى حصل لـ نرمين وهو حابس نفسه فـ اوضته ما بيخرجش لا بيروح كليته ولا حتى بيتكلم مع حد نهائي ومافيش قدام عينيه غير صورة أمه وهي فـ المشرحة مقـtـولة، حاول يعيط لكن دموعه اتحجرت فـ عينيه زى ما كل حاجة فـ حياته اتحجرت، باب الأوضة اتفتح فجأة ودخل منه علي، لقى الاوضة ضلمة، الشباك مقفول والستاير نازلة ومافيش غير خط نور بسيط جاى من فوق باب التراس ومن تحته، ولمحه قاعد ع طرف الكرسي وساند كوعه ع ركبته ودافن راسه بين إيديه وجنب منه ع الترابيزة فنجان قهوة بارد كأنه له ساعات ما لمسهوش، قرب منه وقعد ع الكرسي اللى قدامه وبنبرة صوت دافي رغم الحزن اللى جواه: وبعدين يا نادر! هتفضل ع الحال ده كتير؟
نادر رفع راسه ببطء لـ علي، تحت عينيه هالات سودة من قلة النوم وكتر التفكير، دقنه طويلة وشعره منكوش، اتنهد تنهيدة وجع وبنبرة مكسورة: عايزني اعمل ايه؟
علي بص له بحزن وبتنهيدة وجع: اخرج من عزلتك دى يا ابني، ارجع كليتك، انزل قابل اصحابك، او حتى روح الشركة مع ولاد عمك، بس ما تقعدش كدا.
نادر ابتسم ابتسامة باهتة وبنبرة سخرية: أروح كليتي!! هأ، تفتكر هقدر ارجع الكلية تاني بعد اللى حصل؟! تفتكر هقدر اورّي وشي لـ اصحابي واقعد معاهم من غير ما يسألوني ويتريقوا عليا يا بابا؟
علي حس بوجع ابنه وبنبرة صوت مهزوزة: ويتريقوا عليك ليه بس يا ابني؟
انهار نادر فجأة وأنـfـجر فـ وش علي بصوت عالي مليان قهر: يتريقوا عليا ليييييه؟ انت اللي بتسأل؟ ايييييه؟ مش شاااااايف وصلنا لإيه بسبب أختيااااااارك الغلط، ليه يا بابا ما اخترتش أم تشرفنا؟ بقى من بين كل ستات الدنيااااااا ملاقيتش غير نرمين وتختارها تكون أم عيالك؟
علي اخد نفس وخرجه ببطء، واتنهد بوجع: يا ابني يوم ما شوفتها وعرفتها كانت موظفة فـ الشركة عند جدك، هعرف منين بس انها كانت رقاصة!! ولا كنت أعرف كل البلاوي اللى هى عملاها دي، انا اتفاجئت زيك بالظبط يا ابني.
نادر هز راسه بسخرية وصوته مليان مرارة: ما كنتش تعرف!! بذمتك ده كلام منطقي يا بابااااا، ما دورتش وراها وسألت عليها لييييييه قبل ما تتجوزها؟ جاي دلوقتي تتفاااااجئ!! بعد فوات الأواااااااان، بعد ما سيرتها وسيرتنا بقت ع كل لسان، تقدر تقولّي دلوقتي هنعيش ازاى انا واختي يا بابا؟
عمران بمجرد ما سمع صريخ نادر، اندفع ناحية الأوضة بخطوات سريعة، وقلبه مقبوض من القلق، فتح الباب بسرعة وعينيه دارت فـ المكان لحد ما وقعت عليه، قرب منه، بنبرة صوت هادية لكنها مليان حزم وحنان: انا أقولك يا نادر.
نادر سمع صوت جده قام وقف بسرعة، وبص له بعيون حمرا من الغضب والوجع وبنبرة صوت حزينة: هتقولّي ايه يا جدي؟ خلاص مافيش حاجة تتقال.
عمران قرب منه ومسك وشه بين كفوفه بحنية، ونظرة عيونه كلها دفى : لأ، يا حبيبى في، وفي كتير كمان.
نادر رجع راسه لورا باستغراب، وبص لـ عمران بعيون مليانة ألم ومرارة وبنبرة كلها ذهول وانكسار: حبيبك؟!! اومال فين ابن نرمين اللي طول عمرك بتنده لي بيها يا جدي؟ ده انا كنت قربت أنسى اسمي.
عمران اتنهد بحسرة وهو بيضغط بإيده ع وش نادر بحنية أكتر، كأنّه بيحاول يطمنه ويهديه: طول عمرك حبيبي يا نادر زي اخواتك، صهيب وشهاب وغلاوتك فـ قلبي زيهم بالظبط يا ابني.
دموع نادر نزلت فجأة وهو بيبص لـ جده وبنبرة انكسار: عمري ما حسيتها منك، طول عمرك كنت بتقسى عليا، ده انا شكيت اني حفيدك اصلا.
عمران اتنهد تنهيدة تقيلة وصوته طلع حازم: انت حفيدي ومن صلبي وصلب ابني يا نادر، وان كنت قسيت عليك، ده لأنك كنت واخد دايما صف نرمين وماشي وراها من غير تفكير، لكن عمري ما كرهتك ولا حبك فـ قلبي نقص عن حب اخواتك… سكت لحظة ياخد نفسه وبعدين كمل: انتوا الـ 6 كنزي وثروتي من الدنيا دي، اوعى تفتكر ان الفلوس والشركات اللى عندي دي كلها تعوض ضافر واحد من واحد فيكم يا نادر، كلكم عندي أهم من اي حاجة واللى يوجعكم بيوجعني قبلكم، عشان كدا اللى انت خايف منه، انا محيته من الوجود، مافيش سيرة عنه نهائي، عشان تقدر تمشي مرفوع الراس وسط زمايلك فـ الكلية وفـ اى مكان
نادر حدف نفسه فـ حضن جده ودموعه زادت: يااااااه، اول مرة اسمع اسمي منك من زمان اوى، اول مرة اترمي فـ حضنك يا جدي، قد ايه حضنك حنين اوى ودافي.
عمران ضم راس نادر فـ حضنه وباسها بحب وحنية وابتسم ابتسامة خفيفة: حضني ده للبنات وبس، مش للرجالة.. بعدها خرجه من حضنه وبحب أبوي: وانت راجل، وراجل قوي كمان وهتعدي الفترة الصعبة دي، فاهم؟! وان كنت خالفت القوانين وسبتك تترمي فـ حضني، ده عشان تعرف اني بحبك اوى… ابتسم بسخرية وهو بيداعبه: بس اوعى تجيب سيرة قدام صهيب وشهاب احسن يقيموا عليا الحد ويطالبوا هما كمان بحضن زى ده، وساعتها بقى مش هعرف ارفض، وجدتك بتغير عليا اوى وهتقلب وشها وتقولي اشمعنى احفادك، وتبقى هيصة مش هعرف المها ههههههههههه
نادر دخل تاني فـ حضنه وهو بيضحك: ان كان كدا بقى سيبني اشبع من حضنك الحنين ده شوية… لكنه فجأة سكت، ضحكته اختفت بسرعة ودموعه نزلت تاني: صعبان عليا نفسي اوي يا جدي.. اتنهد تنهيدة تقيلة وبنبرة حزينة: اقولك سر؟
عمران بحنان وحب: قول يا حبيب جدك.
نادر اخد نفس وخرجه ببطء وبنبرة وجع: طول عمري بغير من سبيل، مع اني بحبها والله وعارف انها بتحبني انا ويمنى، بس كنت بغير منها اوي.
عمران اندهش من كلامه وبنبرة ذهول: بتغير من أختك؟!! طب ليه؟ وهى زي ما قولت بتحبك،
وعمرها ما غارت منكم مع انه حقها تغير، لانكم اتربيتوا بين ابوكم وامكم وكانت بتشوف بعينيها علي بيعمل معاكم ايه وهي لأ.
اتنهد نادر وبص للأرض وصوته طلع مهزوز: كنت بشوف دايما حب غير عادي فـ عيون الكل لما تيجي سيرة مامتها رغم انها ماتت قبل ما بابا يتجوز ماما، بس كنتوا تحكوا عنها كأنها موجودة بينكم وترجمتوا حبها ده فـ سبيل، وأمي اللى كانت عايشة بينكم طول السنين دي، دايما كارهينها وواقفين لها ع الكلمة وترجمتوا ده فـ القسوة عليا، لكن دلوقتي بس فهمت ان كان عندكم حق، كنتوا فاهمينها كويس.
عمران مسك ايد نادر ومشي بيه لحد التراس شد الستاير وفتح الباب، النور دخل بقوة كشف العتمة اللى كانت مالية الاوضة، وبنبرة كلها حكمة: شوفت النور شق الضلمة ازاى؟ والرؤية بقت اوضح؟
نادر بص له باستغراب: مش فاهم!! حضرتك تقصد ايه؟
عمران بص فـ عينه مباشرة: هو ده بالظبط اللي حصل لقلبك يا ابني، طول عمرك كنت عايش فـ ضلمة نرمين، مش شايف اللى أحنا كنا شايفينه، لكن دلوقتى قلبك نوّر بنور الحقيقة بعد ما بقت واضحة قدام عينيك، بس هقولك حاجة مهمة، انا عمري ما كرهت نرمين كشخص، بس كنت كاره تصرفاتها، جدتك لما شافتها اول مرة قلبها ما ارتاحش وقالتلي بالحرف، انا مش مرتاحة للست دي يا عمران، طمعها باين فـ عينيها، هتغيّر علي وهتتعب سبيل بسبب الفلوس، وقتها قولتلها اختيار ابنك يا فاطمة مالناش فيه، ليه علينا النصيحة وبس، ونخلى بالنا من تصرفاتها لو عملت حاجة غلط نقف لها.
نادر: يعني انت يا جدي ما كنتش تعرف حقيقتها؟
عمران: هعرف منين يا ابني؟ واحدة جات طلبت شغل فـ وقت من الاوقات وشغلتها، شهر والتاني لاقيت ابوك قال عايز يتجوزها.
قبل ما يكمل كلامه نادر قاطعه: مارفضتش ليه يا جدي وقولتله انها مش من مستواكم؟ انتوا اصحاب شركات وهى مجرد موظفة؟
عمران بهدوء: مافيش فرق بين غني وفقير يا حبيبى، كلنا امام الله سواسية، وطالما بالحلال ليه ارفض، وقتها قولت لـ ابوك اسأل عليها كويس عشان تعرف ام عيالك طبعها ايه، قالي ما تخافش يا بابا انا سألت وعرفت، هى أرملة خسرت جوزها وبنتها الوحيدة، وانا أرمل ومحتاج زوجة وأم لـ بنتي، وافقت وقلبي مش مرتاح، وبعد السنين دي كلها ظهر المستخبي وبان.
نادر اتنهد وبص لـ عمران بندم: كان عندك حق يا جدي فـ وجهة نظرك فيها، أنا آسف، حقك عليا، سامحني لو كنت غلطت فيك بسببها وقول لـ سبيل تسامحني، ارجوك.
عمران بتنهيدة حب: اللى بيحب بيسامح يا نادر، واحنا مش بس بنحبك انت حتة مننا، حفيدي الغالي ونور عيني، وأخوها الوحيد وسندها بعدنا واللى هتقف فـ ضهرها لو جوزها جه عليها، وأكيد للسبب ده عمرنا ما زعلنا منك، المهم دلوقتي انك فهمت وعرفت الحقيقة، عايزك تكون كتف بكتف مع شهاب وصهيب وتكونوا فـ ضهر سبيل ويمنى وشاهندة وتحموهم كويس من غدر الناس يا ابني.
نادر وطى ع ايد عمران وباسها وبنبرة كلها ندم: اوعدك يا جدي، هكون زى ما انت عايز مع اخواتي، وعمري ما هخذلك ولا أخذلهم ابدا.
اتنهد عمران براحة ومسح ع شعر نادر قبل ما يخرج وبنبرة كلها حب: كدا أموت وانا مطمن ان زرعتي اللى زرعتها ورويتها بالحب طرحت خير يتمد لأخر العمر.
علي قرب من عمران باس ايده وقلبه بيدق بقوة وبنبرة مليانة خوف: بعد الشر عنك يا بابا ربنا ما يحرمناش من وجودك فـ حياتنا، عايزك تسامحني ع كل اللى عملته، انا السبب فـ وجع العيلة كلها، ياريتني كنت سمعت كلامك زمان، ما كانش كل ده حصل.
عمران ابتسم ابتسامة هادية وهز راسه وبنبرة دافية: كله مقدر ومكتوب يا علي، كل خطوة بنخطيها مكتوبة فـ اللوح المحفوظ من قبل خلق آدم عليه السلام، ارتاح وريح بالك، اللى يهمني دلوقتى انك فوقت ورجعت زى زمان، حابي ع عيالك وحببهم فـ بعض يا ابني قبل ما صاحب الحق ياخد حقه.
خرج بعدها من الأوضة، سابهم ياخدوا راحتهم ويتصافوا، يمكن يقدروا يخرجوا من العزلة اللي هما فيها ويرجعوا تاني يتلموا مع العيلة.
علي بعد ما عمران خرج، قرب من نادر وطبطب ع كتفه، وبصوت هادي بس مليان ندم:
سامحني يا نادر، ماكنش قصدي أوجعك كدا يا ابني، حقك عليا.
نادر هز راسه واتنهد بحزن: انا مسامحك يا بابا، بس عايزك انت كمان تسامحني، غصب عني اتعصبت عليك، الموقف كان أكبر من احتمالي، أنا آسف.
علي باس راسه من غير ولا كلمة وبعدها سابه وخرج من الأوضة، راجع جناحه، اما نادر قعد لحظات يفكر فـ كلام جده، وحس إنه عنده حق، العزلة مش هتحل حاجة، خد نفس قوى، ودخل الحمام، أخد دش، حلق دقنه، وسرّح شعره، ولبس حاجة شيك، وبعد ما هندم نفسه، نزل قعد مع العيلة، زي ما قاله جده.
______________________
فـ اوضة سبيل
بعد ما صهيب عرف حقيقة مشاعر سبيل ناحيته، دخل أوضتها زي المجنون، طلع كل الوجع اللي كاتمه فـ قلبه، صوته كان عالي، لدرجة إن الحيطان اترجّت معاه، قعد يصرخ، يلوم نفسه، يحاسبها، وكل كلمة بتطلع منه كانت سـkـينة بيغرسها جوه روحه، ماحسش بنفسه غير لما الدنيا اسودّت فـ عينيه، ووقع، فقد وعيه، مش عارف عدّى قد إيه… دقايق؟ ساعات؟ الله أعلم، سامية كانت رايحة اوضته تطمن عليه لكنها سمعت صوته بيصرخ فـ اوضة سبيل، قربت من باب الاوضة فتحته لقيته واقع مغمى عليه حاولت تفوقه، ماقدرتش، خرجت جرى خبطت ع شهاب وقالتله اللى حصل وجري معاها يطمن ع صهيب، شاله من الارض رفعه ع السرير وفوقه بصعوبة، لما فاق، حس بجسمه تقيل كأنه مربوط بسلاسل، جفونه تقيلة، بس قدر يفتح عينه بصعوبة، أول حاجة وقعت عليها كانت صورة كبيرة لسبيل متعلقة ع الحيطة، رمش مرتين، حاول يفهم هو فين، كانت الإضاءة هادية، لف عينه فـ الأوضة، وبتنهيدة ضعيفة خرجت بالعافية من بين شفايفه المتشققة: أنا ايه اللي جابني هنا؟
شهاب كان قاعد جنبه ع السرير قلقان، اول ما شافه فتح عينه، اخد نفسه واتنهد براحة: حمدالله ع سلامتك هندسة، كدا برضو تخض سمسمة عليك؟!
صهيب لف وشه ببطء بص لـ سامية، لمحها واقفة جنب طرف السرير دموعها مغرقة وشها، ومش قادرة تتكلم من الخضة، حاول يبتسم والكلام خرج منه متقطع: حقك.. عليا.. يا ماما.. خضيتك.
سامية قربت منه وقعدت جنبه مدت إيدها تمسك ايده وبصوت مهزوز بسبب خوفها وقلقها: سلامتك يا حبيبى، ايه اللى جرالك يا ابني؟ وايه اللى دخلك اوضة سبيل؟!
اتنهد صهيب ولمعت الدموع فـ عينه، ملامحه مرهقة، بيحاول يلملم شتات نفسه وبنبرة مكسورة: مش عارف إيه اللي جرالي، ولا حتى فاكر جيت هنا ازاى، بس كل اللى عارفه انها وحشتني اوى، لدرجة اني ما بقيتش قادر استحمل غيابها، ونفسي تسامحني بقى وترجع.
شهاب بص له برفعة حاجب ولمعة سخرية ظهرت فـ عينيه: يا حنين!! دلوقتي بس حسيت بيها؟! ونفسك ترجع؟!
صهيب اتعدل فـ قعدته بصعوبة وبنبرة غضب رغم ضعف صوته: ولاااااا، اتلم احسنلك وما تسوقش فيها، بدل ما اقوم لك.
شهاب بيرقص له حواجبه وبنبرة سخرية: هو انت لسة شوفت تريقة، اتلهي جاتك خيبة طيرت البت منك بغباءك.
صهيب اتعصب وبص له بنظرة كلها تهديد وبنبرة مليانة نرفزة: شهاااااااااب
شهاب بص له وابتسم ابتسامة مستفزة: يا عم بلا شهاب بلا نيلة… قام وقف وهو بيرقص له حواجبه مرة تانية: انا رايح اوضتي، اكلم كرملتي احب فيها شوية، وخليك قاعد انت كدا ابكي ع الاطلال زيها، جاتكم ستين نيلة، باااااى.
سابه وخرج من الاوضة، وهو بص لـ سامية بغيظ واتنهد بحرقة: عاجبك كدا يا ماما؟! شايفة عمايل ابنك؟
سامية قربت منه أكتر وبصت له بنظرة كلها حنية وبنبرة هادية رغم القلق اللى جواها: سيبك من شهاب وقولّي، ايه اللى دخلّك اوضة سبيل يا صهيب؟ وليه كنت بتصرخ جامد كدا؟
صهيب سحب نفس طويل ورجع راسه لورا سندها ع ضهر السرير، وعينه راحت تلقائي ع صورتها المتعلقة، وبتنهيدة خرجت من صدره بوجع: النهاردة بس فهمت اللى ماكنتش فاهمه من سنين، وأكتشفت اني كنت غبي وحمار زى ما قال شهاب.
سامية رفعت حاجبها باستغراب وصوتها طلع بعلامة استفهام واضحة: ايه هو ده اللي ما كنتش فاهمه وفهمته النهاردة بس؟
صهيب غمض عينه واتنهد تنهيدة وجع كأن روحه بتخرج مع النفس البطئ ده، وفتح عينه تاني ع الصورة: سبيل، سبيل يا ماما طول السنين اللي فاتت دي وهى بتحبني، وانا، أنا تجاهلت مشاعرها، كنت فاكرها شايفاني أخوها الكبير وبتعاملني زي شاهندة.
سامية بتنهيدة راحة، لأنها كانت مستنية اللحظة دي من زمان: يااااه، أخيرا فهمت يا صهيب!! ياما حاولت ألمح لك، وانت ولا انت هنا يا ابني.
صهيب بصوت مبحوح وعينه متعلقة بالصورة، الحاجة الوحيدة اللى فاضلة له منها: قد كدا كنت أعمى؟! ما كنتش شايف اللى كلكم شايفينه؟! ليه ما قولتليش بصراحة يا أمي لما لاقيتيني مش فاهم تلميحاتك؟
سامية حطت ايدها ع قلبه، بتحاول تطبطب ع وجعه وبنبرة دافية: ما كانش ينفع يا حبيبى، لازم احساسك يبقى طالع من هنا، من قلبك، كان لازم تفهم وتعرف من نفسك، لان الحب اللى يتشاورلك عليه مابيبقاش له نفس القيمة زى الحب اللى بيتولد جواك من غير ما حد يوجهك ليه.
اتعدل صهيب فـ قعدته وقرب من سامية حدف نفسه فـ حضنها وبنبرة كلها ألم ومرار: آاااه، يا أمي، عرفت وفهمت كل حاجة، بس متأخر بعد ما راحت خلاص، وفات الأوان.
سامية وهي بتمسح ع شعره وتطبطب ع ضهره وبنبرة حزن: انت وجعتها اوي يا صهيب، جرحتها يا ابني وكسرتها، يوم ما اتكلمت قدامها مع جدك ورفضتها، انت قـtـلتها بكلامك يوم ما وصفت جوازك منها بالموت.
صهيب بتنهيدة ندم، كأنه بيحاول يخرج وجعه من جواه مع النفس اللى أخده بصعوبة وصوته طالع مليان حسرة: كنت أعمى يا أمي، اتعميت بحب واحدة زبالة، وما شوفتش الجوهرة اللى حطها جدي بين إيديا، بغبائي ضيعتها من غير تفكير.
سامية بتنهيدة طويلة، لأنها ما كانتش متوقعة اعترافه ده: وانت بعت الغالي بالرخيص يا صهيب، واللي يبيع الجواهر بالإزاز يستاهل انه يتعور.
صهيب بهمس سمعته أمه بيعترف لنفسه: وانا اتعورت بما فيه الكفاية يا أمي وما بقيتش حمل جرح تاني، نفسي ارتاح بقى.
سامية خرجته من حضنها وبصت فـ عيونه مباشرة وبنبرة كلها ثقة: راحتك فـ وجود سبيل جنبك، رجعها يا صهيب، ارموا القديم ورا ضهركم وابدأوا من جديد يا ابني.
صهيب هز راسه بحزن ونبرة صوته كلها مرارة: مش عايزة ترجع يا ماما، آاااااااه لو اعرف مكانها كنت روحتلها، ركعت عند رجلها واترجيتها تسامحني وترجع معايا.
سامية بحذر وهى بتراقب ردة فعله ع ملامحه: جدك وجدتك عارفين مكانها وهما بس اللي يقدروا يرجّعوها.
صهيب حزنه واضح ع ملامحه ونبرته كلها يأس: لو كانوا عايزينها ترجع، كانوا رجعوها، أكيد هما اللي رافضين رجوعها يا امي.
سامية هزت راسها بالنفي، وضغطت ع ايده بحنية: لا يا حبيبى الحكاية مش كدا، دول نفسهم ومنى عينهم انها ترجع تاني، بس سبيل اتوجعت جامد بسبب كلامك، وكل اللى حصل منك لحد اليوم اللى مشيت فيه، عشان كدا جدك مش عايز يضغط عليها…. سكتت لحظة أخدت نفس قوي، بتحاول تجمع شجاعتها وبنبرة كلها حزن وعينيها بتلمع بدموعها: تعرف انها حاولت تنتـ*ـحر يوم جوازكم؟!
صهيب شهق بذهول وعينه وسعت من الصدمة، كلامها نزل ع ودانه كأنه خـNـجر انغرس فـ قلبه وبنبرة مهزوزة ممزوجة بالدهشة والإستنكار: نعم!! تنتـ*ـحر؟! ليه؟
سامية بصت له بنظرة مليانة حزن وبتنهيدة كلها حسرة ومرارة: كلامك كسرها يا ابني، إحساسها ان جدها رخصها، وانك صدقت كلام نرمين، كان أكبر طعـ*ـنة ليها، مستحملتش الإهانة، ولو ما كنتش لحقتها فـ الوقت المناسب كان زمانها ماتت وكنت هتعيش بذنبها طول عمرك.
صهيب عيونه زاغت للحظة، عقله مش قادر يستوعب حجم اللى عمله فـ حقها، همس بصوت مكسور: يعني انا أدمرها بكلامي وفعلي واوصلها انها تحاول تمّوت نفسها، وهى فـ المقابل تنقذني من مكيدة كانت متدبرة لي وتعيّن لي حارس خاص؟!… حط وشه بين كفوفه، بيحاول يبلع مرارة الحقيقة اللى صدمته، اتنهد تنهيدة تقيلة وبنبرة مخنوقة بالدموع: ياااااه، ده انا جبان اوى وما استاهلش حبها ده.
سامية رفعت راسها فجأة ونبرتها كلها خوف وذهول: مكيدة ايه؟! وحارس ايه ده؟!
صهيب هز راسه بشرود: مش عارف يا ماما، سمعتها هى وشهاب بيتكلموا بس مافهمتش حاجة.
سامية بقلق مالي ملامحها وصوتها: وما سألتش أخوك ليه؟
صهيب اخد نفس طويل وخرجه بحرقة وبنبرة يأس: سألته، وما قالش أكتر من اللى انتى قولتيه، ولحد دلوقتى هتجنن، مش قادر استوعب كل اللى عرفته، وفى حاجات كتير مش فاهمها، حاسس دماغي هتنـfـجر، وشهاب ما ريحنيش.
سامية سكتت لحظة وبنبرة كلها هدوء: عليك وع جدك، هو اللي هيقولك كل حاجة.
صهيب ضحك ضحكة غُلب ممزوجة بالسخرية وهز راسه بيأس: جدي!! ده لو الحجر نطق، عمران الشهاوي مش هينطق…. رفع راسه وبص لـ صورة سبيل ولمعت فـ عيونه شـ*ـرارة أمل، همس بإصرار: قريب أوى هعرف كل حاجة وهخليها ترجع وتسامحني.
سامية قامت من جنبه وراحت ناحية الباب من غير ما تنطق بكلمة، بس قلبها كان بيدعيله ربنا يريّح باله ويجمعه بـ سبيل، سابته قاعد مكانه، عينه متعلقة بصورتها وعقله مشغول بيفكر هيعمل إيه عشان يرجعها، حتى لو ما عرفش مكانها من جده.
______________________
فـ الصعيد
بيت قدري
رسلان قاعد قدام باب البيت، عينيه شاردة فـ الفراغ قدامه، عقله مافيش فيه غير صورة شاهندة، باله مشغول بيها، فكر يكلم صهيب يطلبها منه، القلق ماسكه والخوف اتمكن منه، قلبه بيدق بقوة وسرعة غريبة بين ضلوعه من كتر التفكير، يا ترى شاهندة هتوافق؟ صهيب هيشوفه ازاى بعد اللى عملته سها؟ هل هيقدر يحكّم عقله ويفصل بينه وبينها؟ ولا هياخده بذنبها؟.. اتنهد تنهيدة تقيلة ومسح وشه بإيديه وهمس لنفسه: صهيب أكيد راچل عاجل ومش هيرفض، طب لو رفضني؟ وجال انت زي أختك، أعمل ايه وجتها؟.
عمر طلع من البيت وهو ماسك صينية فيها كوبايتين شاي، كان ناوي يسهر مع رسلان شوية، لكن وهو معدّي سمعه بيكلم نفسه، وقف لحظة، رفع حاجبه باستغراب، وبعدها قرب وقعد جنبه وهو بيبص له باندهاش: خبر إيه يا واد أبوي عاد، كانّك اتچنيت ولا ايه؟ جاعد بتحدت روحك كيف المچانين إكده ليه؟
رسلان كان سرحان وعينيه مثبتة فـ الأرض، اتنهد تنهيدة تقيلة وبص لـ عمر نظرة مليانة قلق وبنبرة متوترة: بفكر انزل أطلب يد شاهندة وما خابرش صهيب هيوافج ولا ياخدني بذنب اللى ما تتسمى هنادي؟!
عمر عينه وسعت، وكأن حد ضربه ع راسه، صوته طلع مصدوم وهو بيتكلم: بتجول ايه؟! إكده تبجى اتچنيت صوح، كيف يعني عايز تطلب يدها، انت نسيت خيتك وواد المحروج هاني واللى عملوه فيهم، ده جليل ان ما طخك عيارين فيها دي.
رسلان رفع عينه ليه، اتنفس بعمق وبصوت هادي لكنه مش مطمن: هو ده اللى جالجني يا اخوي، رغم ان صهيب راچل عاجل وما اعتجدش انه ممكن ياخد حد بذنب حد تاني، بس برضك جلجان، او يچوز هى نفسها ما توافجش.
عمر نفخ وهو بيهز راسه بإحباط: اصرف نظر يا رسلان يا اخوي عنيها، وان كنت رايد تتچوز بنات الحلال كَتير.
رسلان بص للفراغ قدامه واتنهد وبعدها بص لـ عمر بحزن: بحبها يا عمر من اول ما عيني شافتها، وجولت لك وجتها، ولولا كانت مخطوبة لـ واد عمتك كنت خطبتها.
عمر عدل قعدته واتنهد تنهيدة تقيلة، وهز راسه بأسف: حب محكوم عليه بالموت يا اخوي، اسمع مني يا رسلان، بلاش منيه الحديت ده وانساها، وشوف غيرها.
رسلان هز راسه ببطء، عينه كانت شاردة بتدور ع أى طاقة امل وسط اليأس اللى هو فيه: ميتا كان لنا حكم ع جلوبنا يا اخوي؟! الحب بياچي فچأة إكده كيف الجدر، ما بنختارش نحب مين، ميتا وكيف، وبعدين انا حبيتها من جبل ما اعرِف ان اخوها متچوز خيتك، يعنى ماكانش فـ بالي كل ديه، كل اللى كنت شايفه وجتها انها البنت اللى خطـfـت جلبي وبس
عمر اتنرفز ونفخ بضيق وهو بيشاور ع دماغه بكف إيده بعصبية: أعجل يا واد ابوي وبطل تفكيرك اللى هيودرك ده، فكر زين، الراچل هيجبل كيف يچوزك أخته بعد ما خيتك داست ع شرفه؟! واحد غيره كان جتلها بعد اللى عملته فيه، يبجى بدل ما نبعد عنيه، نجوم نجرب أكتر ونحطوا الـNـار چنب البنزين!! ما ينفعش يا واد أبوي.
رسلان سكت لحظة، كأن عقله بيحاول يوزن الأمور، بس اتكلم بإصرار: بجولك إيه!! انا إكده ولا إكده بجالي شغل معاه، هستغل أى فرصة وأچس نبضه، لو حسيت انه ما بيحكمش ع الناس بعيوب غيرهم، هتشچع واخطبها منيه، اما لو هياخدني بذنب اللى ما تتسمى دية، يبجى هصرف نظر عن الچواز خالص.
عمر بص له بنظرة طويلة، وضحك ضحكة مليانة سخرية وبنبرة متهكمة: واه، يعني لا تتچوز شاهندة، لا بلاها چواز خالص إكده؟! ده انت شكلك واجع جوي.
رسلان اتنهد تنهيدة تقيلة، كلها وجع، كأنها خارجة من جوه روحه، وبنبرة حاسمة لكنها هادية: هو إكده لو مش هتكون شاهندة مرتي، ما هتچوزش واصل، إيه جولك بجى؟
عمر بص له بنظرة جانبية، رفع حاجبه بابتسامة مستفزة، وبنبرة فيها تهكم: الجول جولك يا خوي وع رأي اللي جال، أنا نصحتك وانت براحتك!
سكت عمر لما شاف إن رسلان مصمم ع اللي فـ دماغه، حس إن الكلام معاه مش هيفيد، لكنه جواه كان قلقان مش بس من رد فعل صهيب، لكن كمان من اللي ممكن يحصل لو الأمور ما مشيتش زي ما رسلان متوقع، رغم كدا، فضل يدعي إن الراجل يكون عقلاني ويدي أخوه فرصة، يمكن الأيام تثبت إن الحب مش دايمًا بيتحكم الماضي فيه، أما رسلان، فرجع لشروده، فكر فـ شاهندة، فـ نظرتها الهادية اللي شدته ليها، فـ ابتسامتها اللي نفسه إنها تبقى من نصيبه، لكنه برضه ما قدرش يمنع قلقه من اللي هو داخل عليه، هيقدر يواجه صهيب؟ وهل هيوافق عليه؟ ولا هيبقى فـ حكم المرفوض قبل حتى ما يتكلم؟
____________________
فـ المستشفى
مر أسبوع كمان، كان كفيل إنه يهز صهيب من جواه، الأخبار اللي عرفها قلبت كيانه، خلته ينهار بطريقة ما حدش توقعها، جسمه ما استحملش الصدمة، ودخل فـ حالة شبه غيبوبة، الدكتور اضطر يحجزه فـ العناية المركزة، وكل اللي حواليه كانوا مستنيين أي تحسن، أي علامة تدل إنه هيقوم من الحالة دي، لكنه طول الأسبوع، كان بيفوق لحظات، عيونه تدور فـ الفراغ وكأنه بيدور ع حد معين، شفايفه بتتحرك باسم واحد بس “سبيل” وبعدين يرجع يغيب عن الوعي تاني، وكأنه حتى فـ غيبوبته مش قادر يهرب من الوجع اللي مسيطر عليه.
عادل كان واقف مكانه، قلبه بيخبط فـ ضلوعه من القلق، وعينيه مثبتة ع الدكتور، وكأنها بتستعطفه، يقول كلمة تطمنه، بصوت مهزوز مليان خوف: طمني يا دكتور؟! مافيش أمل ان صهيب يفوق ويرجع تاني؟!
الدكتور اتنهد بهدوء وبنبرة حاسمة لكنها مليانة أسف: والله كان نفسي اطمنكم يا عادل بيه، بس للأسف، عقله الباطن رافض الواقع، رغم ان كل أجهزته الحيوية سليمة ومافيش اى مرض عضوي.
سامية كانت قاعدة جنب عمران وفاطمة، قربت بالسرعة من الدكتور ودموعها مغرقة وشها، وصوتها طالع كله خوف وتوسل: يعني ايه يا دكتور؟! ابوس ايدك ما تقولش ان ابني هيروح مني! ارجوك اعمل اى حاجة بس صهيب يفوق ويرجع لي.
الدكتور بص لها بهدوء، نبرته كانت متزنة لكنه كان عارف إن كلامه هيزيد خوفها: يا هانم صدقيني، صهيب ما عندهوش حاجة، الموضوع كله نفسي.
عمران كان قاعد ساكت وساند ع عصيته بيدعي ربنا عشان حفيده، رفع راسه للدكتور والقلق واضح فـ عينيه، بس كان بيحاول يخبي ارتباكه: معناه ايه يا دكتور الكلام ده؟!
الدكتور بص لـ كل الموجودين، يحاول يوضح الأمر بأبسط طريقة: يا جماعة، الحالة النفسية لـ صهيب هى السبب فـ اللى هو فيه، وزى ما قولت هو رافض الواقع وعايش جوة ذكرياته، ومافيش ع لسانه غير اسم سبيل، يفوق ثواني ينده عليها ويغيب تاني.
الدكتور خلص كلامه وسابهم، اما سامية شهقت، وعينها وسعت بصدمة: سبيل!!.. وفجأة قربت من عمران قعدت ع ركبتها قدامه، مسكت إيده تترجاه، وصوتها بيرتعش من الخوف: أبوس ايدك يا بابا، قولّها ترجع، طب قول هى فين وعادل يروح يرجعها، عشان خاطري يا بابا ماتسيبش ابنى يضيع مني.
عادل غمض عينه يحاول يهدي الغليان اللي جوه قلبه، خد نفس قوي، وبعدها قرب من سامية، مسك إيدها ووقفها بنبرة حازمة، لكنها كانت مليانة وجع: مش هنضغط عليها ونرجّعها يا سامية، كفاية اللى جرالها من أبوها واللى عمله فيها ابنك.
سامية شهقت، وعينيها اتملت بالغضب، صوتها طالع بعصبية مختلطة بالخوف: يعني ايييييه؟ هتسيب صهيب يموووت؟! هيهون علييييك تضحي بيه عشان مش عايز تضغط عليها ترجع؟
عادل أتنهد تنهيدة تقيلة، وجعها كان واضح فـ كل كلمة بيقولها: ما حدش بياخد أكتر من نصيبه، ولو لسة ليه عُمر ونصيب يعيش، هيفوق ويرجع لنا وهى بعيد، ولو انتهى أجله، هيموت حتى لو هى قاعدة تحت رجله، وحدي الله كدا واهدي.
سامية بصت له بنظرة استسلام، لكن فـ قلبها برkـان من الغضب، رجعت خطوتين ووقفت عند الشباك الإزاز، صوتها طالع مهزوز لكنه واضح فيه التهد*يد: لو صهيب جراله حاجة عمري ما هسامحك يا عادل.
بصت ع ابنها وهي بتحاول تكتم شهقاتها، المكان كله غرق فـ صمت تقيل، مافيش صوت غير أنفاسهم المترقبة، وعادل واقف جنب سامية يبص ع صهيب جوة العناية، عيونه متعلقة بجسمه الساكن، لكن قلبه كان بيصرخ بدعاء مستمر إنه يرجع للحياة، وفجأة، الصمت اتكسر، خطوات تقيلة شقت السكون، بتقرب منهم ببطء، كل خطوة كان ليها صدى، وكأنها بتعلن عن حاجة جايّة تغير القدر، قلب صهيب جوة العناية كان بيدق بجنون، كأنه حس بوجودها قبل حتى ما توصل، قبل ما حد يشوفها، حس بيها، فتح عينيه بسرعة، كأن روحه رجعت لجسمه مع الخطوات اللي كانت بتقرب،
بص للسقف لحظة، وبعدها نطق اسمها بنبرة ضعيفة لكنها مليانة شوق واحتياج: سبيل
سامية شهقت، قربت من الإزاز بسرعة، دموعها غرقت وشها وهي بتحاول تستوعب اللي بيحصل وبتكلمه كأنه سامعها: صهيب، فوقت يا حبيبي؟!
لكن صهيب ماسمعش غير اسمها اللي خرج من قلبه قبل لسانه، عينيه كانت بتلف فـ العناية كأنه بيدور عليها، كأنه متأكد إنها هنا، إنها قريبة منه.
فـ نفس اللحظة دي، الخطوات اللي شقت الصمت وقفت عند الباب، الكل بص فـ نفس الاتجاه والأنفاس اتحبست فـ ثواني
- لقراءة باقي فصول الرواية اضغط على (رواية في سبيل صهيب)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)