روايات

رواية في سبيل صهيب الفصل السابع عشر 17 بقلم لبنى دراز

رواية في سبيل صهيب الفصل السابع عشر 17 بقلم لبنى دراز

 

البارت السابع عشر

 

 

في دروب الحياة المتعرجة، حيث يتأرجح القلب بين الأمل واليأس، تأتي لحظات يتوقف فيها الزمن، وتُحبس الأنفاس، وتغدو الأحلام على المحك. هناك حيث تلتقي العيون المحملة بالشوق، وحيث يعلو صوت الرجاء فوق ضجيج الصمت القاتل، ينهض الحب من رماده، معلنًا أنه لا ينطفئ، لا يموت، بل يبقى حاضرًا، يتنفس في انتظار معجزة اللقاء.
في سبيل صهيب بقلمي✍️_____ لبنى دراز
فـ المستشفى
فـ نفس اللحظة دي، الخطوات اللي شقت الصمت وقفت عند الباب، الكل بص فـ نفس الاتجاه والأنفاس اتحبست فـ ثواني
سامية لفّت وشها تشوف مين، لقت سبيل واقفة وشايلة بيبي وبتقرب تحطه بين إيدين فاطمة، صرخت وجريت عليها وبلهفة أم قلبها موجوع: سبييييل، أخيرا رجعتي، ابوس ايدك يا بنتى سامحي صهيب، عشان خاطري.
سبيل سابت صهيل لـ جدتها وقربت من سامية وعيونها غرقانة فـ الدموع وبصوت موجوع: هيقوم منها يا ماما وهيبقى كويس، انا متأكدة، صهيب عمره ما هيوجعنا، مش هيعملها فينا ويسيبنا صدقيني.
سامية شدت سبيل لـ حضنها، دموعها كانت بتنزل بسرعة زى الشلال وبصوتها المهزوز ندهت ع شهاب: اجري يا شهاب قول للدكتور ان سبيل رجعت خليه يسمحلها تدخل لـ اخوك بسرعة
سبيل طلعت من حضنها بهدوء، مسكت إيدها وطبطبت عليها وابتسمت ابتسامة حزينة مليانة دموع: مافيش داعي يروح، انا لسة كنت عنده واخدت منه الاذن، اطمني… وبعدها لفّت عينيها ع ابنها تحضنه فـ نظرتها بحنان، وهى بتكمل كلامها: مش عايزة تشوفي حفيدك وتطمني ع شاهندة ويمنى؟! هما ما وحشوكيش ولا ايه يا سمسمة؟!
سامية اتجمدت فـ مكانها، عينيها وسعت ع الآخر، وضربات قلبها زادت كأنه هيخرج من بين ضلوعها، شهقت بصدمة وملامحها عليه ألف سؤال وسؤال: حفيدي؟!
سبيل كانت واقفة قدام باب العناية مستنية الممرضة عشان تعقمها قبل ما تدخل، بصت لـ سامية بحب وهزت راسها وردت بنبرة هادية: أيوا يا ماما حفيدك، صهيل صهيب الشهاوي .
سامية وعادل وعلي ونادر كلهم بصولها فـ نفس الوقت، نفس نظرة الذهول وخرجت منهم نفس الكلمة: إزاى؟!
عمران لمح الممرضة بتقرب منهم، اتنهد تنهيدة راحة وبص لـ سبيل هز لها راسه يطمنها: ادخلي انتي لـ جوزك، وانا هقولهم ازاى.
سبيل هزت راسها لـ جدها من غير كلام، وبصت له حضنته بعينيها تشكره ع وقفته جنبها وع كل حاجة عملها عشانها، وبعدها خدت نفس قوي وسابتهم ودخلت العناية لـ صهيب
عمران وهو بيفتح دراعاته للبنات وحضنهم بحنان، بص للى واقفين مش فاهمين حاجة وبملامح مبتسمة ونبرة هادية: اقعدوا وانا هفهّمكم كل حاجة.
وبالفعل قعدوا الاربعة وعينيهم بتتنقل بين عمران وبين الولد اللى شايلاه فاطمة، وملامحهم كلها حيرة وترقب، مستنيين عمران يحكيلهم الحكاية ويفهّمهم كل حاجة.
جوة العناية المركزة
دخلت سبيل بخطوات تقيلة، مش قادرة تمشي كأن رجليها متربطين بسلاسل حديد، قربت منه وجسمها بيرتعش، وعيونها مليانة دموع بتحارب إنها ما تنزلش، بس غلبتها، ضربات قلبها كانت بتدق بجنون، خوفها عليه كان أكبر من أي حاجة، أول ما وصلت جنبه، مدت إيديها المرتعشة ولمست وشه بحنية، بتحاول تطمن إنه لسة هنا، لسة حي قدامها، مالت عليه، غمضت عينيها وهي بتشم ريحته اللى وحشتها، فتحتها وباست خده بدموعها قبل شفايفها، كأنها بتعاتبه ع الوجع اللى سببهولها، مسحت دموعها من ع وشه بسرعة، وقعدت ع ركبتها جنب السرير، ماسكة إيده بإيديها الاتنين بتترجاه يفضل جمبها، وبتهمس له بصوت ضعيف مليان وجع واشتياق: وحشتني اوي يا حبيبي، أرجوك فوق عشان خاطري، ما تسبنيش لوحدي فـ الدنيا دي، انا ما اقدرش اعيش فيها ثانية واحدة من غيرك… مالت براسها ع إيده باستها بحنية، بتترجاه يرجع لها، وبعدها رفعت له عينها، دموعها زادت وضربات قلبها بقت أسرع وهى شايفاه بيتنفس ببطء بس مافيش اى حركة، حست بروحها بتتسحب منها، وبنبرة صوت كلها وجع: انا عارفة انك ما حبتنيش زى ما بحبك، وطول عمرك شايفني أختك، طب فوق عشان خاطر أختك وما تستسلمش لنومتك دي…
عينها ما كانتش بتفارق ملامحه الشاحبة وفجأة، شافت ضربات قلبه زادت وحركة صدره بقت سريعة وحست برعشة خفيفة فـ إيده، فتحت عينيها بصدمة ونبرة صوتها اتغيرت، بقت نبرة مليانة أمل: انت سامعني صح؟ سامعني يا صهيب؟ قوم بقى العيلة كلها برة خايفين عليك ومستنيينك تصحى، اصحى بقى عشانهم…
صوتها بقى أضعف، غمضت عينيها تحاول تهدّي رعشة قلبها، بلعت ريقها بصعوبة وكملت بصوت مكسور: عشان ابنك، صهيل ابننا يا صهيب، عوض ربنا ليا وليك عن كل اللى حصل، صهيل محتاجلك، اصحى عشانه…
ضمت إيده بقوة بين إيديها، بتحاول تزرع فيه الحياة من جديد، عينيها كانت متعلقة بيه، مستنية منه أي إشارة، أي حركة تثبت إنه راجع لها، لكن ما فيش، قلبها كان بيصرخ، كل جزء فيها بيترجاه انه يرجع وما يسبهاش، فجأة، حست بحركة إيده وشافت عينه بتتحرك تحت جفونه، قلبها دق بقوة، وقفت بسرعة ومالت عليه وهمست بلهفة: انا متأكدة انك سامعني، كنت عارفة انك مش هتوجع قلبي تاني وتسيبني، بالله عليك فوق، قلبي مابقاش حمل وجع تاني، فووق بقى يا صهيب أرجوك.
لكن لما ما لقيتش منه أى استجابة، انـfـجرت فجأة زى البرkـان، عيونها وLـعّت بـNـار الغضب وبنبرة صوت مهزوزة وهى بتزعق من بين دموعها اللى مش بتقف: كفاية بقى!! كفااااااية توجعني وتسيبني وتمشي، كفاااااية، مش كل مرة تكسر فيا حاجة وتبعد، المرة دي لأ يا صهيب، المرة دي انت مش هتمشي، فااااااااااهم؟ مش هسمحلك تمشي… هزت راسها بنفي وهى بتكرر الكلمة: مش هسمحلك!!
سكتت لحظة، خدت نفسها بصعوبة، ودموعها غرقت وشها، اتنهدت تنهيدة تقيلة مليانة وجع وقهر وكملت بصوت بيرتعش: انا عارفة ومتأكدة انك عمرك ما حبتني زى ما حبيتك، ولا عايزني فـ حياتك، ماااااشي، مش مهم خالص، سبتني مقهورة ومجروحة ومشيت، فضلت شهوووور عايشة فـ جحـ*ـيم وجعك وكسرة قلبي، وأيه يعني!! عاااادي، ما جاتش عليك، ما انا اتعودت خلااااص، بس في طفل برة، عمره كام اسبوع، محتاجلك، محتاج يكبر فـ حضن ابووووه، عشان ما يترباش يتيم، سامعنيييي؟ لازم تفووووووق، لاااااااااااااازم…
فضلت تصرخ بانهيار، صوتها كان مليان رجاء ووجع، كأنها بتحاول ترجّعه للواقع بكلامها، عينيها كانت متثبتة عليه وإيديها بترتعش وهي بتضغط ع إيده، بتتمسك بيه عشان ما يروحش منها، رجعت تاني قعدت ع ركبتها، نفس قعدتها الأولانية، بس المرة دي كانت مكسورة أكتر، حطت راسها ع إيده، شهقاتها كانت بتطلع من جوة قلبها، كأنها بتنزف بدل الدموع دم، كانت بتترجاه بـ بكاها، حتى برجفة نَفَسها اللي بيحاوطه، حتى بسكوتها اللي كان أوجع من صراخها، حست كأن العالم كله بقى بعيد، ومافيش حد موجود غيره هو.. وهو مش بيرد، مش بيطّمنها، حست كأنها بتغرق لوحدها فـ بحر من الخوف والوجع، مستنية أي معجزة ترجّعهولها قبل ما يفوت الأوان.
برة العناية
سامية قربت من فاطمة شالت منها صهيل بحنان، وهى حاسة ان قلبها بيتنفض من فرحته، بعد ما سمعت من عمران وفهمت كل حاجة، عيونها فضلت متعلقة بالبيبي، تتأمل ملامحه اللى نسخة طبق الأصل من صهيب، دموعها نزلت غصب عنها من غير ما تحس، بصت لـ عادل وبنبرة كلها فرح شقت حزن قلبها: شوفت يا عادل؟! ربنا كريم وأحن منه مافيش، عوضنا بحفيد من صلبنا بدل… وسكتت ما قدرتش تكمل الكلمة، اخدت نفسها براحة وضمت صهيل فـ حضنها، عايزة تخبيه جوة ضلوعها من الدنيا كلها، باست جبينه بحنية، وبعدها رفعت عينها لـ عادل مرة تانية، وبنبرة انبهار: كله صهيب وهو فـ سنّه…
ولفّت وشها لـ عمران وفاطمة، صوتها كله قلق واستفهام: بس هو ليه صغير وضعيف كدا؟
عمران هز راسه بحزن وهو قاعد ساند ع العصاية، رفع عينه ليها وبنبرة صوت مبحوح: سبيل من يوم ما سافرت من هنا وهى عيانة يا سامية، كل واحد فيكم كان ملهي فـ حاله، وماحدش حس بيها، قعدت 3 شهور فـ غيبوبة بين الحياة والموت، الدكاترة كانوا فاقدين الأمل، وكل يوم يقولولي استعد لخبر موتها، وكنت اصلي وادعي ربنا ينجيها…
دموعه نزلت غصب عنه قدام ولاده وأحفاده، ما بقاش قادر يمنعها، وكمل بصوت مهزوز: فضلت قاعد قصادها فـ المستشفى مش برجع البيت، مستني اللحظة اللى يقولولي حفيدتك فاقت…
وبص لـ شهاب يكمل عنه، لانه بيتعب كل ما يفتكر الأيام دي، وبنبرة كلها تعب وحزن: اقولهم يا شهاب، اختك كانت عاملة ازاى؟!
شهاب قرب من جده طبطب ع ايده وباس راسه بحنية، وبعدها رفع عينه لـ سامية وعادل وعلي وصوته طلع مبحوح من كتر الوجع: الاربع شهور دول مرّوا علينا كأنهم سنين، شوفنا فيهم الموت بعنينا، الاول جدي وقع من طوله من كتر الضغط والخوف ع سبيل، وبعدها دخلت فـ الغيبوبة، ولما عرفنا انها حامل، كان الخوف عليها أكبر بكتير..
أخد نفسه بصعوبة واتنهد تنهيدة مليانة حزن وكمل: جدي صمم ما يرجعش غير لما تفوق ويطمن عليها، وبعدها رجعنا، وما عداش شهرين تلاتة وجدتي قررت تسافر لها عشان تكون معاها وهى بتولد، بس بسبب كل اللى حصل، وضغوط الفترة الأخيرة، بالأخص بعد ما كشفت للكل حقيقة نرمين وسها، ما استحملتش وولدت فـ السابع.
علي بص لـ شهاب بذهول وعقله مش مستوعب اللى بيسمعه: يعني انت عايز تقول ان بنتى هى اللى كانت بتبعت لنا الرسايل؟! طب ازاى؟! عرفت ازاى؟!
شهاب قرب من عمه، ونبرة صوته طالعة بهدوء وحسم: ايوا يا عمي هي، هي اللى كشفتهم اصلا من الاول.
عادل كان قاعد حاسس انه تايه مش فاهم حاجة من كل اللي بيسمعه، دماغه مش مستوعبة الكلام ده: برضو ازاى؟! وايه اللى خلاها اصلا تدور وراهم فجأة كدا؟!
شهاب اخد نفس وخرجه ببطء، وبنبرة كلها ثبات: مش فجأة ولا حاجة يا بابا، الموضوع بدأ بفضفضة بنات بينها وبين شاهي، كلمتها واشتكت لها من هاني، وسبيل يومها وعدتها انها هتدور وراه وتفهم ايه اللي غيره من ناحيتها، وطبعا اتفقت مع ناس ليها فـ كل خرابة عفريت ودفعت لهم فلوس عشان يجيبولها قرار سي زفت هاني، وعن طريقه عرفت كل بلاوي نرمين وسها، وبالمناسبة جدي ما عرفش حاجة غير اليوم اللى سافر فيه، اللى هو كان نفس اليوم اللى ابتدت الحقيقة تنكشف قدام عينيكم، وانا برضو، ما عرفتش غير لما اتصلت بيا عشان اخد البنات اخبيهم قبل ما هاني يخـtـف شاهندة ويساوم عليها…
بص لـ علي بجدية وهو بيكمل: وبالمناسبة يا عمي حتة خـtـف يمنى كان الهدف منها، انها توقع هاني ونرمين فـ بعض، لما عرفت انهم كانوا بيخططوا لـ قـtـل صهيب، ويورطوك فـ قضية تهريب كبيرة.
سامية صرخت بخوف وقلبها وقع فـ رجليها: يا لهوي!! ابني؟! عشان كدا اخوك كان بيهزي ويقول سبيل نجته من الموت؟
شهاب قرب منها، مسك إيديها بحنان، وباس ع راسها عشان يطمنها: ايوا يا ماما، واطمني يا ست الكل، كل حاجة خلاص بقت تمام، بفضل ربنا ثم سبيل، اللى رغم الوجع اللى كلنا سببناهولها، بس حبها للعيلة دى وبالذات لـ صهيب خلاها تعمل كل ده، مع انها ماكنتش ناوية ترجع وما كانتش عايزاكم تعرفوا حاجة، بس مش دايما الدنيا بتمشي زى ما احنا عايزين.
علي وعادل قعدوا، كل واحد فيهم تايه فـ دوامة أفكاره، عقلهم مش قادر يستوعب اللي سمعوه، علي جواه حاجة بتصرخ، مش قادر يصدق إن بنته اللي وجعها واهملها بسبب نرمين، بتحبه وبتخاف عليه بالشكل ده، أما عادل فكان جواه إحساس غريب، فخور بتربيته ليها، وعارف إنها أقوى من أى ازمة ومافيش حاجة تكسرها، لكن قلبه واجعه، بيتمنى إن صهيب يفوق ويقدر يخليها تسامحه، وما تسافرش تاني!
جوة العناية
صهيب فتح عينيه وابتسم رغم الدموع اللى كانت بتنزل غصب عنه، لف بوشه ناحيتها، شافها دافنة وشها فـ ايده، قلبه دق بعنف بين ضلوعه وهو بيفتكر كل كلمة قالتهاله ورجع بذاكرته شوية ورا قبل يومين من اللحظة دي.
“فلاش باك”
شهاب دخل العناية يطمن ع صهيب دقيقة ويخرج وقاعد بيتكلم معاه عشان يخليه يفوق من اللى هو فيه فجأة سمع صوت صهيب وهو بينده ع سبيل، قرب منه اكتر وبنبرة ممزوجة بالفرحة والقلق: صهيب انت فوقت يا حبيب أخوك، ارجوك اتكلم تاني، سمعني صوتك.
صهيب خد نفسه بصعوبة وصوته خرج ضعيف واهن: انا كويس يا شهاب، ما تقلقش.
شهاب بسعادة اترسمت ع ملامحه ونبرة صوته: حمدلله ع سلامتك يا حبيبى، كدا تخضنا عليك؟
صهيب: سبيل عرفت يا شهاب؟
شهاب: معرفش يا صهيب، بس أكيد عرفت من عفاريتها اللي طلقاهم وراك من اول ما جيت هنا.
صهيب همس بحزن: عرفت وما جاتش يا شهاب، ولا حتى اتصلت تسأل عليا، خلّصت مهمتها خلاص، وهتنساني
شهاب: مين قال كدا بس؟ سبيل عمرها ما تنساك يا صهيب، دي بتعشق التراب اللي بتمشي عليه، هى بس أكيد عندها سبب أخرها عنك مش اكتر.
صهيب: لأ يا شهاب، هي مش عايزة ترجع، ما هو طبيعي ما تجيش بعد كل اللي عملته فيها، ياريتني اموت وارتاح من كل العذاب ده.
شهاب بخوف: بعد الشر عليك يا حبيب اخوك، ربنا ما يحرمناش منك ابدا، ما تقلقش، سبيل بتحبك وهتسامحك، وفـ اى لحظة ممكن تلاقيها داخلة عليك وبتقولك انها مسامحاك.
صهيب: سبيل عنيدة زيي يا شهاب، مش هترجع ولا هتسامح فـ حقها.
شهاب ابتسم بمكر: طيب واللى يخليها ترجع ع ملا وشها؟!
صهيب: هعملك اى حاجة تطلبها، بس هتخليها ترجع ازاى؟!
شهاب: ولا أى حاجة، هتفضل زى ما انت، فـ المستشفى وما تبينش انك فوقت، بالعكس زود الجرعة، غيب وفوق انده عليها كل شوية، وانا اضمنلك يوم والتاني هتلاقيها هنا.
صهيب: ودى اعملها ازاى دي بقى.
شهاب: عيب عليك يا هيبو!! ده كنت بطل فريق التمثيل فـ الجامعة 4 سنين، مش هتعرف تعمل دور صغير زى ده، تقنع بيه كل اللى حواليك؟!
“عودة للوقت الحالي
فاق من شروده، وهمس لنفسه وهو بيبتسم ابتسامة خفيفة: أخيرا رجعتي، بعد ما عذبتيني اليومين اللى فاتوا..
رفع ايده التانية ومسح بيها ع راسها بحنية، وهو بيهمس باشتياق: وحشتيني اوي يا سوسكتي.
سبيل حست بحركة ايده، ورفعت وشها بصدمة وذهول، قلبها بيخبط جوة صدرها، وعينها عليه، مش مصدقة: انت فوقت؟! انا شايفة صح؟! ولا انا بيتهيألي؟!
صهيب بص لها بنظرة كلها حب واشتياق، وبنبرة دافية متغلفة بالشوق: بحبك
سبيل حست برعشة فـ جسمها وضربات قلبها زادت، قامت وقفت فجأة وعينها وسعت بصدمة، بتحاول تستوعب اللى سمعته وبنبرة كلها ذهول: نعم!! انت قولت ايه دلوقتى؟!
ضحك صهيب ضحكته الرجولية اللى تخـtـف القلب، ضحكة فيها راحة بعد التعب، ضحكة قلب انزاحت من عليه الغشاوة واعترف باللى جواه: قولت بحبك، وما بقيتش قادر ع بعدك يا سبيل، وبصراحة بقى، ما قدرتش اكمل تمثيل أكتر من كدا.
سبيل ضيقت عينيها، وبصت له بحاجب مرفوع، بتحاول تفهم وتستوعب كلامه، وفجأة انـfـجرت فيه بغضب، صوتها كان زي الرعد: هو كل ده كان تمثيييييل، انتوا اييييييه؟ ناويين تعملوا فيا اييييييه تااااااني؟! حرااااااااام عليكم بقى، كفااااااااية.
لسة هتتحرك من قدامه، مسكها بسرعة شدها من إيدها وقعها عليه وبنبرة هادية لكنها مليانة رجاء: ممكن تهدي وتسمعيني؟
شدت نفسها منه بقوة، غضبها كان نـ*ـار بتحـ*ـرق روحها، وهى رايحة ناحية الباب وبنبرة عصبية: مش عايزة اسمع منك حاجة.
قبل ما تخرج من العناية، صهيب رمى كلمته بسرعة، عشان يوقفها: سبيل، ماحدش يعرف حاجة خالص، ولا حتى الدكتور.
لفّت وشها له ببطء ودموعها نازلة زي السيل وجواها إحساسها متلخبط، وقلبها بيدق بطريقة بتوجعها، صوتها طلع مخنوق وكله انكسار: لدرجة دي انت ممثل بارع؟! قدرت تقنع الكل انك فـ غيبوبة؟!
صهيب اتنهد وهز راسه بالنفي: لأ، يا سبيل، انا فعلا كنت فـ غيبوبة، بس فوقت من يومين، وزعلت أوي لما ما لقتكيش جنبي، وبصراحة شهاب اقترح عليا، أكمل، وما ابيّنش حاجة، عشان الخبر يوصلك وترجعي بسرعة.
قربت منه بعيون مليانة وجع وهي بتسقف بايديها، وبنبرة كلها سخرية: لأ، برافو عليك، نجحت فـ الدور يا بشمهندس…
وفجأة انهارت، وصرخت فيه بانهيار، حطت ايدها ع قلبها، اللى حست انه هيقف من كتر الوجع: ما انا قعدت 3 شهوووور فـ غيبوبة، وانت السبب فيهااااا!! وفوقت مالقيتكش جنبي!! وعدت عاااااادى.. قضيت شهور حملي وانا بمووووت، ودخلت عملياااااات فـ الشهر السااااابع وكنت بين الحياة والمووووت، عشان اولد ابنك، وبرضو ما كنتش جنبي، جرالي اييييييه؟! أديني واقفة قدامك…
بتشاور بايدها ناحية الشباك الإزاز وهى بتصرخ بوجع وقهر: ما فكرش ليييه الاستاذ اللى برة ده انه يبعتلك؟! هاااا؟! ولا عشان انت اخووووه اللى ما استحملش يشوفه كام يوم بس زعلان، فخطط ودبر عشان يريحه؟! لكن سبيل!! مش مهم تووووولع، مش كداااا؟!
هزت راسها بحزن، بعد ما خلّصت كلامها وخرجت جري من العناية، قربت من سامية اخدت ابنها منها وبصت لـ شهاب بنظرة قالت فيها كل حاجة من غير ما تنطق ولا كلمة وسابتهم فـ حيرتهم، رجعت القصر، طلعت اوضتها قفلت ع نفسها ورافضة تكلم أى حد، اما شهاب دخل جري عند صهيب وفهم منه اللى حصل كله، وبعدها راح للدكتور، بلغه ان صهيب فاق وعايز يخرج من المستشفى، وبالفعل بعد شوية وقت، خرج صهيب ورجع القصر وكل العيلة ما حدش منهم فاهم حاجة، مر يومين ع الموقف ده، سبيل حابسة نفسها فـ اوضتها، وصهيب بيحاول معاها هو وشهاب عشان تخرج من الاوضة، اما عمران بعد ما عرف اللى عملوه الشباب، قاعد ساكت وبيتفرج ومستني يشوف ايه اللي هيحصل.
_____________________
فـ قصر الشهاوي
جناح عمران
بعد مرور يومين كمان، عمران كان قاعد فـ صالون الجناح بتاعه، بيقرأ قرآن بصوت هادي، والجو كله سكينة وراحة نفسية، لحد ما سمع صوت خبط ع الباب، أذن بالدخول، وبعدها صدّق ورفع عينه عن المصحف يشوف مين، لقى صهيب وشهاب واقفين قدامه وحاطين عينهم فـ الارض، زي العيال اللى مستنيين العقاب من أمهم، واضح عليهم الندم والكسوف، كأنهم ممسوكين متلبسين بجريمة، بص لهم برفعة حاجب وابتسم ابتسامة سخرية وبنبرة تريقة: اهلا بخريجين كلية هوليود العالمية، خير يا نجم منك له؟ جايين ليه؟!
شهاب بغيظ وهو بيبص لـ صهيب وبصوت واطي: والنبي يا جدي بقى بلاش تريقة، احنا مش ناقصين.
عمران ببرود وهو بيحط المصحف ع الترابيزة جنبه وبنفس نبرة صوته: يا حبيبى!! بقى تعملوا العملة ومش عايزيني اتريق عليكوا؟! انطق انت وهو جايين عايزين ايه؟
صهيب قرب منه وقعد ع ركبه عند رجليه وبنبرة رجاء: جايين عشان تصالحنا ع سبيل.
عمران بص له وضحك كأنه سمع نكتة، وبسخرية: يا راااااجل!!
شهاب قرب منه وقعد جنب صهيب نفس القعدة وبنبرة كلها توسل: والنبي يا جدي صالحنا عليها.
عمران ابتسم ابتسامة مكر: وانا مالي، اللى حضّر العفريت يصرفه.
صهيب بص لـ شهاب بغيظ وغل: ما هو مش عارف يصرفه.
عمران وبيهز راسه باستمتاع: خلاص، استحملوا أذاه.
شهاب بعصبية ونرفزة مرحة: يعني مش هتصالحنا عليها؟
عمران هز راسه بلا مبالاة: لأ، هو انا أه، ما انكرش أني اتكيّفت باللى عملتوه، وعرفتوا ترجعوها، بس هقول ايه!! الغباء له ناسه، وانتوا ماشاء الله، قادة الغباء فـ العالم.
صهيب قام من الارض قعد ع الكنبة قدام عمران وبنبرة كلها حزن: يا جدي بالله عليك ساعدني اصالحها، ع الاقل حتى، خليها تسمحلي اشوف ابني واعرف ملامحه شكلها ايه؟
عمران بص له بخبث: ماليش دعوة، اتصرف، مش انت ناصح وفالح وبتعرف تخطط انت والمتخلف اخوك؟! خلاص اتصرفوا.
شهاب قرب مسك ايده يحاول يقنعه: ما هى يا جدي مش عايزة تفتح لنا الباب وتسمح اننا ندخل نفهّمها، احنا عملنا كدا ليه!! والنبي ساعدنا بقى.
عمران بص لـ شهاب برفعة حاجب وبنبرة كلها حدة: طب هو جوزها، يقف ع بابها ويدخل اوضتها عادي، انت تدخل اوضتها ليه متخلف؟
شهاب بارتباك: يوه بقى يا جدي، اختي وعايز اصالحها، اعمل ايه يعني؟!.
عمران كتم ضحكته وبص له بحدة مصطنعة: جاااااااااك خوى اما يخوتك، قال أختي قال، قوم فز ياض، اترزع جنب اخوك، بدل ما أديك بالعصاية دي ع دماغك!!
صهيب اتنهد تنهيدة بحر*قة وبنبرة حزن: يعنى يا جدي مش هتساعدني اصالحها؟
عمران اتنهد وبص له بعتاب مرح: بقى يا أغبى خلق الله، البنت جات لحد عندك، وسمعتك كل اللى نفسك تسمعه وكانت خلاص هتسامحك وتفضل جنبك، تقوم تضيّع كل اللى عملته بغبااائك وتقولها انك كنت بتمثل؟ طب اهى قلبت عليك وعايزة ترجع فرنسا تاني، هتعمل ايه بقى يا فالح؟!
صهيب بشبه إنهيار: اعمل ايه يا جدي؟! صوتها دغدغ مشاعري وخلاني مش ع بعضي، وانا ما صدقت انها رجعت، ماقدرتش استحمل أكتر من كدا، نطيت ع طول وقولتلها كل حاجة.
عمران ضحك بصوت عالي وبسخرية: يا حبيبي!!! بقى صوتها دغدغ مشاعرك!! لاااا، حنين يا واد.
شهاب بغيظ وهو بيشاور بايده: ما كفاية بقى يا جدي تريقة بالله عليك؟! من ساعة ما دخلنا وانت واخدنا غسيل ومكوى، ما كانتش غلطة دي؟!
عمران وهو بيحاول يكتم ضحكه ومش عارف: هو انتوا لسة شوفتوا حاجة يا جوز أغبية؟!
صهيب برجاء وتوسل: والنبي يا جدي حلها، ابوس ايدك.
عمران هز راسه بنفى، وهو بيضحك عليهم: لأ، انا هفضل ساكت وقاعد مكاني بتفرج عليكوا كدا، وانتوا الجوز بتلفوا وتدوروا وتتشقلبوا حواليها عشان تصالحوها، ياكش تتربوا!!
شهاب قام وقف بغيظ طفولي: يعني ده أخر كلام ياجدي؟!
عمران بمكر: اه، أخر كلام، ويلا بقى من هنا منك له، هنرش ماية.
صهيب بص له باستغراب: هو انت متأكد انك عمران الشهاوي، مش عيل متنكر فـ شخصيته؟!
عمران قام وقف وهو بيشاور بعصايته كأنه هيجري وراهم: أمشي يا أبن الكلب انت وهو، اطلعوا برة، جاتكم الهم، جوز أغبية.
صهيب وشهاب خرجوا جري فعلا برا الجناح، وعمران قعد يضحك عليهم من قلبه، وجواه فرحان باللي بيحصل، لأنه اتفق مع سبيل انها تاخد حقها منهم بالطريقة اللي تعجبها بس ما تسافرش تاني.
_____________________
اوضة سبيل
فـ نفس الوقت سبيل قاعدة فـ اوضتها شايلة صهيل، بتلاعبه وتتكلم معاه، بنبرة كلها انكسار وحسرة: عاجبك كدا يا صاصا، شوفت بابا بيزعلني كل شوية ازاى؟!
وبتنهيدة وجع، بتحاول تطرد النغزة اللى فـ قلبها: كل ما ابتدي اروق واصفى واقول هسامحه، يعمل حاجة توجعني ويخليني أغير رأيي.
صهيل حرك كفه الصغنن ع وشها وضحك، كأنه فاهمها وحاسس بيها.
سبيل ابتسمت ابتسامة حزينة، ضمته فـ حضنها بحنية وباسته فـ خده: تصدق يا واد يا قمر انت؟ ما حدش مهوّن عليا وجعي غيرك، ربنا ما يحرمنيش منك..
سكتت لحظة، وبعدين همست بدعوة من قلبها بنبرة موجوعة: يارب ريّح قلبي الموجوع واجبر كسره..
فـ نفس اللحظة علي خبّط خبطة خفيفة، وفتح الباب ببطء، دخل وبصوت ضعيف مهزوز مليان ندم: ممكن ادخل اتكلم معاكي شوية؟!
سبيل رفعت راسها بسرعة، عشان تشوف أبوها واقف قدامها، ملامحه كلها ندم، عينيه باين فيها الحسرة، بصت له لحظة، وبعدها قامت بهدوء وقفت قصاده وسمحت له يدخل وبنبرة كلها حزن، وكبرياء مجروح: اتفضل حضرتك، تحت امرك.
علي قرب منها بخطوات بطيئة، خايف تقفل الباب فـ وشه وترفض تسمعه، وقف قدامها، مدّ ايده يمسكها من كتافها وهى حاضنة ابنها، وعيونه بتراقب ملامحها الدبلانة، باس جبينها، وهمس بنبرة مكسورة: سامحيني يا بنتي، ع كل وجع سببتهولك من صغرك، غصب عني، مشيت ورا الشيـ*ـطانة نرمين، وما قدرتش النعمة اللي ربنا رزقني بيها.
سبيل غمضت عينيها بقوة، تحاول تمنع دموعها، وبصوت مهزوز مليان بوجع السنين: هو سؤال واحد كان نفسي أعرف اجابته طول عمري، ليه هُنت عليك للدرجة دي؟!
علي بلع ريقه بصعوبة، عيونه اتملت دموع وبنبرة صوته مهزوزة: عمرك ما هُنتي يا بنتي، بس الشـ*ـيطان عماني، من كتر الزن ع الودان.
سبيل حست ان قلبها بيتعصر جواها وما قدرتش تسيطر ع دموعها اللى غلبتها وجريت زي الشلال ع خدودها، وهي بتصرخ فيه بكل وجعها: ازاااااى؟! ازاى قدرت تسلم لها ودانك؟! وع مييييين؟! ع بنتك؟! ازااااى قدرت تخليني أتيتم وانت عااااايش، ما صعبتش عليك؟! وانت بتشوف دموعي وانا صغيرة؟! كل ما أقرب منك، وهي بتزقني بعيد عنك كأني عدوتكم، ما كنتش بصعب عليييييك لما كنت اطلب منك طلب وترفض تجيبهولي وتخليك تجيب نفس الطلب فـ نفس اليوم لعيالها..
رفعت إيدها بعصبية وهى بتشاور ناحية قلبه بصوت مبحوح: قلببببك ده، ما كانش بيوجعك وانت شايفها وهى بتتعمد توريني انك ما خلّفتش غير عيالها هى وبس؟ ايييييه؟! قد كدا موتت ضميرك؟..
وقفت لحظة، تاخد نفسها، وكملت بصوت ضعيف، لكن وجعها كان واضح: ده انا من اول ما عرفت اني حامل، اتولد جوايا أحساس بالمسؤولية ناحية ابني وهو كان لسة فـ علم الغيييييب، انت بقى؟! بنتك واقفة قدامك لحم ودم، ومافيش أى إحساس ناحيتها خااااااالص كدا.
علي جسمه ارتعش ورجليه خذلته، وقع ع أقرب كرسي، وحط ايده تلقائي ع قلبه اللى بيوجعه، بص لها وعجز الدنيا كلها فـ عينه، وهى واقفة قدامه حاضنة ابنها بتحاول تسكته بدموع عينيها، وكأنها حاضنة روحها بتطبطب عليها، صوته خرج ضعيف متكسر: سامحيني يا سبيل، سامحي أبوكي، اللى عرف قيمتك وجايلك ندمان.
سبيل اتحركت خطوة لقدام، بصت له بعيون مليانة دموع الوجع اللى مسمّع فـ قلبها: اسامحك ع ايه ولا ايه يا بابااااااا؟! ع حرماني من حضنك فـ عز احتياجي ليك؟ ولا ع التهمة اللى رمتني بيها بالباطل؟ ولا ع حياتي اللى اتدمرت بسبب كدب مراااااتك، ولا ع واقفتي قدامك دلوقتي وانا شايلة طفل لحد اللحظة دي، أبوه ما يعرفش شكله اييييييه؟
شهقت وصوتها اتحشر فـ زورها، لكنها كملت: ولا اسامحك ع حلم عمري اللى سرقته نرمين عشان تديه لـ بنتها، وياريتهم صانوووووووه…
علي اتنهد تنهيدة تقيلة، كأنه شايل جبل ع كتافه، بلع ريقه بصعوبة، وبنبرة كلها حسرة: ياااااه، كل ده شايلاه فـ قلبك يا سبيل؟! قد كدا بتكرهيني؟
اتنهدت سبيل بوجع، هزت راسها وبصت له بعيون كلها دموع وبصوت ضعيف: عمري ما كرهتك، حاولت أكرهك، بس ما عرفتش، ما هو مافيش بنت بتكره أبوها مهما عمل فيها..
قعدت قدامه وكملت بصوت مهزوز: انا بس كانت بتصعب عليا نفسي اوي وانا شايفة أخواتي الصغيرين وانت محاوطهم بحبك واهتمامك، وانا متحرّم عليا حضنك..
رفعت له عينيها وبنظرة فيها لأول مرة، رجاء طفلة صغيرة: انا بس، كان نفسي تاخدني مرة واحدة فـ حضنك، مرة واحدة بس حتى لو بالكدب، كنت هبقى فرحانة بيها اوى، ع الأقل ابقى عرفت يعني ايه طعم حضن الأب اللى بيقولوا عليه.
علي حبس أنفاسه وهو بيسمعها، حس ان كلامها زي الجنا*جر اللى انغرست فـ قلبه: يعني ما عرفتيش طعمه فـ حضن جدك وعمك؟
سبيل ابتسمت بغُلب وبنبرة كلها حسرة: سألت وجاوبت ع نفسك، أديك قولتها بلسانك.. جدي وعمي، يعني مش انت، يعني مهما حاولوا يشبعوني من حضنهم، عمرهم ما هيعوضوا ضمة واحدة بس منك.
مدّ إيده، شدّها بكل قوته، وضّمها فـ حضنه لأول مرة من سنين طويلة، ضغط عليها كأنه خايف انها تسيبه، وهو بيهمس لها بصوت متكسر: من النهاردة ده مكانك ومش هتخرجي منه أبدا يا حبيبة أبوكي.
سبيل شهقت جوة حضنه، وصوتها خرج مكتوم بين دموعها: يااااااااااه، قد ايه حضنك حلو اوى يا بابا، دافي اوي وحنين، والنبي ما تحرمني منه تاني.
علي شدد ع ضمته أكتر، وهمس لها بنبرة فيها وعد حقيقي: عمري ما هحرمك منه أبدا يا حبيبتى، طول ما انا عايش اللى باقي من عمري هتفضلي جواه..
حاول يخفف التوتر، فابتسم بخفة وصوته طلع بضحكة دافئة: حتى الواد صهيب وابنه مش هيقدروا يطلعوكي من حضني.
ابتسمت سبيل من بين دموعها وسابت نفسها للحضن اللى كانت محرومة منه طول حياتها من غير ما تنطق بكلمة، اما علي فضل واقف حاضنها فترة طويلة لحد ما حس ان شهقاتها سكتت ونفسها انتظم، عرف انها راحت فـ النوم، شالها وحطها ع سريرها وغطاها هى وصهيل، وقعد جنبها بصّ لها بتمعّن، يتأمل ملامحها الباهتة، تفاصيل وشها اللي كان دايمًا بيحاول يتجاهلها، لكنه دلوقتي شايفها بوضوح لأول مرة، شفايفها المرتعشة، عيونها اللي ما بقتش بتلمع زي زمان، نظرتها اللي مليانة جروح السنين، كانت وردة مفتحة، لكنها دبلت من قلة الحنية، مدّ إيده بتردد، لمس ايدها بخفة، لقاها باردة، كأن الدم ما بقاش يجري فيها من كتر الحزن، قلبه وجعه، وهو بيمسك إيدها بين كفوفه، يحاول ينقل لها الإحساس بالأمان اللي حرمها منه زمان، همس بصوت متكسر، ضعيف بيعترف لنفسه بغلطة عمره:
أنا ظلمتك يا بنتي، وعارف إنى مهما قولت آسف.. ما تكفيش، بس…
كتم أنفاسه لحظة، وبعدها، خرجها بتنهيدة طويلة، كأنه بيحاول يطرد وجعه فـ الهوا:
بس أنا ندمان، وندمان من قلبي يا سبيل.
سبيل سمعته، وفتحت عينيها ببطء، بصت له بنظرة غريبة، بتحاول تصدّق كلامه، بس الخذلان اللي جواها كان لسه أقوى، بصوت واهن طالع بنوم: ندمان ع إيه بالظبط، يا بابا؟
سؤالها وجعه أكتر، كأنها طعـ*ـنته فـ قلبه، بلع ريقه بصعوبة، وكمل بصوت متقطع:
ندمان ع كل لحظة كنتي محتاجة لي وما لقيتنيش، ع كل مرة كنتي بتبصي لي بعشم، وأنا كنت ببعد عنك، ندمان ع الدموع اللي نزلت من عيونك بسببي، وايدي ما كانتش موجودة تمسحها، ندمان ع كل حاجة عملتها وحصلت لك من اى حد بسببى.
باس جبينها، ووقف يتأملها لحظة، بعدها خرج بهدوء وسابها تكمل نومها، رجع جناحه، وبصّ لنفسه فـ المراية، شاف ملامحه المرهقة، والندم محفور فيها، اتنهد تنهيدة طويلة، ودخل حمامه اتوضى بماية باردة، يغسل بيها ذنوبه، لبس هدومه، وخرج وقف يصلي ركعتين بخشوع، يطلب الغفران، ويدعي من قلبه انها تسامحه.
في سبيل

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية شاهين وجيسيكا - أنا السيء الفصل العاشر 10 بقلم سوما العربي

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *