رواية فرح وعثمان – حلاوة ليلة الفصل الثاني 2 بقلم شيماء سعيد
رواية فرح وعثمان – حلاوة ليلة الفصل الثاني 2 بقلم شيماء سعيد
البارت الثاني
_ هو مين الباشا ده يا بابا..
نظر إليها بقسوة وقال :
_ لما يكتب عليكي هتعرفي أخرسي بقى..
صعدت معه لسيارة فخمة تعلم من صاحبها بلعت ريقها ببعض الخوف من تحقيق ما وصل لعقلها، ظلت طول الطريق شاردة تسير نحو المجهول بكامل إرادتها ولا تعلم كيف ستكون النهاية أو الأحداث على الأقل، شعرت بكف والدها على ظهرها بحثها على فتح الباب مردفا بقوة :
_ يلا وصلنا انزلي..
قدم ثقيلة وضعت أول خطوة على الأرض، نزل والدها وجذبها لتسير معه لعمارة راقية دقيقة ‘كانت بداخل شقة واسعة فخمة اتسعت عينيها بذهول وهو ترى السيد حسنين يجلس بجوار المأذون قالت بلسان ثقيل :
_ حسين باشا؟!..
_ في ست تقول لجوزها باشا برضو يا فرح؟!..
اهتز جسدها برعب حقيقي، لا تصدق ما تراه عينيها، حسين الراوي كبير العائلة الأكبر من والدها بعشر سنوات عريسها المنتظر، حركت رأسها برفض ونظرت لوالدها بضياع مردفة:
_ ليه ؟!..
_ اخرسي يا بت ونفذي كل إللي الباشا يطلبه منك..
قالت لحسين برجاء:
_ ارحمني يا باشا وخليني امشي من هنا..
حمقاء من من تطلب الرحمة ؟!. من حسين الراوي ؟!.. كم أنتِ بريئة وقليلة الحيلة يا فرح.. أبتسم حسين وقال بقوة:
_ إيه الحكاية يا سيد كنت بتفق مع راجل ولا مع عيل صغير؟!..
_ راجل طبعاً يا باشا..
_ يبقي تعالي خلينا نخلص..
كانت بعالم أخر تشعر كأنها بشارع خالي معتم بعد منتصف الليل، فاقت على جملة عجيبة قالها المأذون:
_ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير زواج مبارك إن شاء الله..
كانت جملة غريبة أتت بعدها الجملة الأكثر قسوة وكانت من حسين باشا:
_ خد المأذون والشهود ومش عايز أشوف وشك هنا تاني يا سيد بنتك فرح ماتت روح خد فيها العزا…
كل شئ يتحرك من حولها وهي فقط تتابع وكأنه أحد أفلام الرعب، رأت والدها وهو يرحل بكل هدوء سمعت صوت إغلاق باب المنزل، أنتفضت على أثر لمسة حسنين لكفها فحدقت به بخوف ليقول:
_ مبروك يا عروسة، عايز أعد تسع شهور من دلوقتي وتبقي أم الولد يا فرح ..
_______ شيما سعيد______
بعد أسبوعين
بأحد الأقسام بالقاهرة..
جلس الطبيب سليمان منصور على المقعد المقابل لمقعد الضابط، وسيم بطول مناسب وملامح أوروبية خصلات بنية تميل للذهبي وبشرة بيضاء وعين خضراء مع ذقن كثيفة بعض الشي باللون الذهبي، طبيب نساء شهير صاحب إسم يرن مثل الطبل ومع ذلك هو يجلس على هذا المقعد اللعين بتهمة التحرش بالممرضة المساعدة له..
مسح على عنقه بتعب وقال:
_ يا حضرت الظابط أنا راجل ليا اسمي وسمعتي مش من قلة الستات اللي في الدنيا هحاول اغتصب الممرضة في العيادة بتاعتي..
اوما إليه الضابط بهدوء وقال :
_ كل كلامك على عيني وراسي يا دكتور بس مفيش بأيدي أعمل لحضرتك حاجة الممرضة رفعت القضية والممرضة التانية شهدت معها حتى اوضة مكتبك مفيش فيها كاميرا والكاميرا اللي برة بتثبت القضية عليك بعد ما صورتها وهي بتجري من أوضة مكتبك هدومها مقطعة..
من أين أتت إليه تلك الكارثة لا يعلم، زفر بثقل وقال :
_ طيب يا حضرت الظابط كل اللي طالبه من حضرتك ان الصحافة متعرفش حاجة لحد ما أثبت براتي تهمة زي دي ممكن تنهي مستقبلي..
أوما إليه الضابط وقام من محله مردفا بهدوء :
_ ماشي يا دكتور في حد طالب يزورك..
_ محدش يعرف إني هنا مين اللي عايز يشوفني ده؟!..
_ أنا يا بيبي..
قالتها زينب بإبتسامة مشرقة، انتفض سليمان من محله بذهول، الآن فقط فهم ما يدور من حوله هذه اللعينة السبب الرئيسي بما حدث معه، حاول الإقتراب منها بغضب إلا أن وقف الظابط بينهما مردفا :
_ أهدى يا دكتور واحترم المكان اللي أنت فيه…
_ أهدى إزاي أنا دلوقتي فهمت اللعبة ماشية ازاي؟!..
أشار زينب للضابط بالخروج وقالت :
_ معلش يا فندم سيبنا مع بعض شوية..
انتظرت خروج الضابط وبعدها أقتربت منه مردفة بحب :
_ حبيبي وحشتني مش لايق عليك المكان ده خالص..
نهاية بشعة بنهاية بشعة يقتلها وينتهي الأمر، جذبها من عنقها وقال بغضب :
_ أنتِ ملة أهلك إيه بالظبط؟!.. وصلت بيكي الوساخة إنك تعملي فيا كدة؟!..
طبطبت بيدها فوق يده وقالت بإبتسامة بريئة :
_ مهو أنت السبب يا سليمان بحبك مش راضي تحس بيا حد خالص..
معالم وجهها بريئة براءة طفلة صغيرة، عينين ترمش بنعومة جعلته يبتعد عنها بجنون لا يعلم ماذا يفعل معها، أشار على نفسها بذهول وقال :
_ أنا السبب في فى إيه؟!.. يا بنتي مش بحبك خلي عندك دم بقى وأبعدي عني..
قالها لعلها تجرحها الكلمة ولكنها مثل العادة تصدمه بردود أفعالها، جلست على أحد المقاعد وأشارت إليه بالجلوس مردفة :
_ أقعد بس خليني أخرجك من المصيبة اللي أنت فيها دي وأنا أوعدك هخليك تحبني..
مجنونة؟!.. نعم هذا أقل وصف يصلح معها، جلس على المقعد المقابل لها ووضع ساق فوق الآخر مردفا :
_ زينب هانم هتخرجني من هنا ازاي؟!..
أشارت لساقه وقالت :
_ نزل رجعلك الأول وبعدين نتكلم…
عض على أسنانه من الغيظ وأنزل ساقه لتبتسم زينب ببساطة قائلة :
_ الموضوع سهل الممرضة هتعترف بالحقيقة وأنت تطلع براءة شوفت بسيطة ازاي…
_ والمقابل إيه بقى؟!..
ردت عليه بلهفة :
_ تيجي تطلب أيدي من بابا ونتجوز يا سليمان….
لفتت أعصابه فضرب المكتب بقوة مرددا :
_ أنتِ عقلك ده في إيه يا بنتي أنا الدكتور بتاعك في الكلية أكبر منك بسنين وكمان مطلق فوقي لنفسك بقى…
نفت بحركة سريعة من رأسها وقالت :
_ كل ده مش فارق معايا في حاجة، وبعدين هو الطلاق كان أخر الدنيا يعني مش مشكلة يا حبيبي نبدأ مع بعض من جديد..
لا يصدق إلى الآن أنه يجلس أمام فتاة وتهدده يا الزواج منها يا الضياع عمره ومستقبله بداخل السجن، نظر إليها ولعبت بكارته الأخير :
_ والدك مش هيوافق..
_ لأ بابي أهم حاجة عنده راحتي..
_ حتى لو مطلق؟!..
_ اه عادي إحنا عيلة متفتحة..
_ وفرق السن؟!..
_ عادي برضو 11 سنة مش كتير..
_ بالنسبة اني ماليا قصاد فلوس عيلتك شحات عادي برضو؟!…
أومات إليه بإبتسامة سعيدة وقالت :
_ عادي…
كارثة سقطت فوق رأسه لا يعلم كيف يمكنه الفرار منها، مسح على وجهه بغيظ وقلة حيلة وقال :
_ أمري لله موافق اتنيل على عيني وأتجوزك بس خرجيني من المصيبة السودة دي..
_____ شيما سعيد _____
بفيلا الراوي..
دلف عثمان جناحه بعد منتصف الليل، زفر بضيق أول ما وقعت عينيه على أحلام النائمة وتضم يونس لصدرها، إقترب منها بخطوات بطيئة ثم أنحني لمستوى زوجته وهمس :
_ أحلام أصحى..
فتحت أحلام عينيها بثقل زاد مع رؤيته إليه أمامها، أشارت إليه بالبعد وأغلقت عينيها مردفة :
_ روح نام يا عثمان بدل ما يونس يصحى أنا تعبت على ما راح في النوم..
رفض بحركة من رأسه وأشار عليها بالقيام خلفه بنظرات غاضبة، مسحت على خصلاتها بضيق وقامت خلفه دلفت لغرفة الملابس وجدته يخلع ملابسه فقالت بعصبية :
_ أنت بتقلع ليه أستر نفسك….
رفع حاجبه بسخرية وقال :
_ معلش خدشت حيائك وأنتِ بنت بنوت عمرك ما شوفتي راجل عريان..
_ عيب كدة يا عثمان إحنا بنا إتفاق أرجوك..
وضعت يده أمام شفتيها يمنعها من أكمال حديثها وقال بهدوء :
_ مش عايز اللي في دماغك يا أحلام جعان وعايز أأكل..
ابتسمت بخفة وقالت :
_ ماشي يا سيدي غير هدومك هيكون الأكل جاهز..
فرت من أمامه بخطوات سريعة أما هو ظل يحدق محلها بضياع، يا ليتها تشعر به تشعر بمشاعر عاشت معه طول طفولته وشبابه، فرحته كانت ليلة زواجه بها إنتهت بعد أول علاقة، قالت الحقيقة البشعة لا تعتبره سوى أخا لها، ليلة رائعة كان ثمرتها صغيره يونس..
تنهد بثقل وقال:
_ أمتي تحسي بيا يا أحلام ؟!.. أمتي تعرفي إن مفيش حد بيحبك في الدنيا دي كلها قدي ؟!..
رنين هاتفه أخرجه من دوامة أفكاره، تعجب من إسم حسين المزين للشاشة وقال :
_ غريبة حسين بيرن دلوقتي هو بينام بدري ليه؟!..
فتح الخط ليأتي إليه صوت شهقات إمرأة باكية فقال بقلق :
_ حسين في إيه؟!..
_ حسين باشا مات.. الجثة في مستشفى *****..
_____ شيما سعيد _____
بحديقة الفيلا..
وقف عثمان بأول الصف لأخذ عزاء شقيقه، الي الآن لا يعلم كيف رحل حسين كيف وهو منذ أيام كان معه بكامل صحته، لأول مرة بحياته يشعر بالهزيمة يشعر كأنه طفل صغير ضائع بلا والده، سمع صوت سامر إبن عمه يقول:
_ شد حيلك يا ابن عمي الورث إللي سابه حسين كتير والأعداء برضو كتير وأنت يا عيني عندك حتة ولد عايز تربيه، خدها نصيحة مني يا إبن عمي من دلوقتي اقفل باب العداوه اللي فتحه اخوك وادي لكل واحد حقه..
ألقي عليه عثمان نظرة نارية وقال:
_ واجبك وصل أدخل اترزع وسط الناس لو عايز تقعد باحترامك مش عايز غور في داهيه..
أبتسم سامر ابتسامة باردة وقال:
_ هدخل اقعد طبعاً وهاخد معاك عزا كبيرنا، بعدها ندخل نشوف حقنا الله يرحمه كان معاه فلوس متلتله بس ما اعرفش يجيب الولد اللي يشيل له كل ده..
المكان الشئ الوحيد الذي ربط قيد من حديد حول يد عثمان، رسم الهدوء على وجهه ثم جذب سامر ليقف بجواره وقال:
_ عايز تقف تأخد عزا إبن عمك اللي رباك وعملك راجل وصرف على تعليمك من جيبه سنين فيك الخير والله.. ومن ناحيه الحق ندي للميت واجبه وهديك حقك كامل يا سامر…
أبتسم سامر بسخرية ووقف بجواره، أنتهي وقت حسين الراوي والآن آتي وقته هو، أخذ عثمان نفس عميق لتأتي إليه فرح بخطوات ثقيلة وجسد أخذ منه المرض الكثير وقفت أمامه وقالت بنبرة مرتجفة:
_ باشا ممكن تيجي معايا شوية..
_ في إيه يا فرح ؟!..
_ أرجوك مش هأخد من وقتك كتير..
تعجب من طلبها ومع ذلك تحرك معها للداخل، توقف محله بجمود على باب المنزل وهو يسمعها تقول بقهر:
_ أنا مرات المرحوم حسين.. مراته في السر..
ابنة الخادمة الزوجة السرية لشقيقه الراحل ؟!.. ترك العزاء و دلف معها لغرفة المكتب بعيداً عن أعين زوجة شقيقه الأولي، رفع وجهه لعينيها البريئة بتساول كيف لفتاة صغيرة بأول عمرها تفعل هذا من خلف ظهر الجميع ؟!..
أشار إليها بالجلوس ثم سألها بهدوء:
_ أنتِ إللي مات عندها حسين مش كدة ؟!..
حركت رأسها برفض ثم إجابته بدموع أغرقت وجهها:
_ أنا حامل..
سقطت الكلمة عليه مثل الصاعقه، انتفض من فوق مقعده قائلاً:
_ حامل ازاي عيله عندها 19 سنه تتجوز واحد عنده فوق ال 50 سنه ليه؟!..
رفعت عينيها إليه وهمست بقهر:
_ عشان بحبك..
يتبع….
- لقراءة باقي فصول الرواية اضغط على (رواية فرح وعثمان – حلاوة ليلة)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)