رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل الحادي والعشرون 21 – قصة رومانسية عربية
رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل الحادي والعشرون 21 – قصة رومانسية عربية
البارت الحادي والعشرون
كانَ الصَّدْمُ يَجْرِيْ فِيْ دِمَاءِ لَيْلَى كَالسَّمِّ الْبَطِيْءِ، يَحْرِقُ كُلَّ شَيْءٍ فِيْ طَرِيقِهِ وَيَجْعَلُ الْعَالَمَ يَدُورُ بِبُطْءٍ مُؤْلِمٍ. الْوَثِيقَةُ الْقَدِيمَةُ فِيْ يَدِ جَمِيلَةِ كَانَتْ تَلْمَعُ تَحْتَ ضَوْءِ الْمِصْبَاحِ الْخَافِتِ فِيْ مَكْتَبِ كَمَالْ، وَكَأَنَّهَا سِلَاحٌ يَقْطَعُ الْحَبَّ وَالْحَيَاةَ مَعًا. “أَخْتُهُ… أَنَا أَخْتُهُ؟” هَمَسَتْ لَيْلَى، صَوْتُهَا يَرْتَجِفُ كَالْوَرَقَةِ فِيْ عَاصِفَةٍ، وَعَيْنَاهَا تَتَسَعَانِ فِيْ كَابُوسٍ لَمْ تَتَخَيَّلْهُ. الْغُرْفَةُ – الْمَكْتَبُ الْوَاسِعُ مَعَ الْكُتُبِ الْمُتَرَاصِفَةِ وَالْصُّوَرِ الْعَائِلِيَّةِ عَلَى الْجُدْرَانِ – أَصْبَحَتْ قَبْرًا لِأَحْلَامِهَا، وَجَمِيلَةُ وَرَامِي يَقِفَانِ أَمَامَهَا كَالْشَّيَاطِينِ الْمُنْتَصِرِينَ.
ضَحِكَتْ جَمِيلَةُ ضَحْكَةً مَرِيرَةً، وَهِيَ تَلْوِيْ الْوَثِيقَةَ بَيْنَ أَصَابِعِهَا كَأَنَّهَا تَلْوِيْ عُنُقَ لَيْلَى: “أَيْوَهْ، يَا أُخْتِيْ الْكَبِيرَةْ! أَنْتِ وَكَمَالْ لَيْسْتُمْ زَوْجَيْنْ – أَنْتُمْ أَخَوَةْ غَيْرْ شَقِيقَةْ! أَبْكِ أَحْمَدْ الرَّشِيدْ كَانَ يَحْبُ أُمَّكِ سِرًّا قَبْلَ زَوَاجِهِ مِنْ أُمِّ كَمَالْ، وَسَلِيْمْ كَانَ الْغَطَاءْ – الْوَرْعِيْ الْمُخْلِصْ الَّذِيْ رَبَّاكِ. بَسْ الْحَقِيقَةْ دِيْ هَتْسْقِطْكُمْ! تَخَيَّلِيْ الْعَالَمْ يَعْرِفْ إِنَّ الْمَلِيَارْدَيْرْ كَمَالْ تَزَوَّجْ أُخْتُهْ! الْفَضِيحَةْ هَتْدْمِرْ الشَّرْكَةَ، وَكَمَالْ هَيْبْقَىْ مَجْنُونْ لَمَّا يَسْتَيْقِظْ وَيَعْرِفْ إِنَّ حُبَّهُ لَكِ كَانَ مُحَرَّمًا مِنَ الْبِدَايَةْ!” أَمْسَكَتْ بِهَاتِفِهَا، وَهِيَ تَصْوِرُ الْوَثِيقَةَ بِسُرْعَةٍ: “وَدِيْ هَتْرُوحْ لِلْإِنْتَرْنِتْ فِيْ دَقِيقَةْ، وَالْعَالَمْ هَيْشْهَدْ نِهَايَةْ الْرَّشِيدْ!”
رَامِي، الْمُتَوَقِّفُ بَجَانِبِهَا، رَفَعَ الْمَسَدَّسَ بِيَدْ مُرْتَجِفَةٍ، وَجْهُهُ مَلْيْءٌ بِالْيَأْسِ وَالْغَضَبِ: “جَمِيلَةُ، خَلْصْ كَلَامَكِ وَخَلِّينِيْ أَخْلْصْ مِنْهَا! أَنْتِ وَعَدْتِينِيْ بِالْمَالْ، وَالْآنَ الشَّرْطَةْ عَلَى الْبَابْ – أَوْ قَتْلِهَا وَنَهْرُبْ!” صَرَخَتْ جَمِيلَةُ بِهِسْتِيرِيَا، وَهِيَ تَدْفَعُهُ بَعِيدًا: “لَا! أَنْتَ غَبِيْ! هِيَ الْمِفْتَاحْ لِلْإِرْثْ – أَبْ كَمَالْ كَانَ يَخْبِيْ ثَرْوَةً سِرِّيَّةْ لِلْوَرِيْثَةْ الْحَقِيقِيَّةْ، وَلَيْلَى هِيَهَا! أَنْتَ هَتْقْتُلْهَا، وَأَنَا هَأَخْلْصْ مِنْ كَمَالْ بِالْفَضِيحَةْ، وَنَأْخُذْ الْمَالْ كُلَّهُ!”
لَيْلَى، الْمُتَجَمِّدَةُ فِيْ مَكَانِهَا، شَعَرَتْ بِالْعَالَمِ يَنْهَارُ تَحْتَ رُجْلَيْهَا. كَمَالْ… أَخُوهَا؟ الْقُبَلُ الْعَمِيقَةُ، الْحَضْنُ الْدَافِئُ، الْوَعْدُ بِالْحَيَاةِ مَعًا – كُلُّهُ كَانَ مُحَرَّمًا؟ دَمْعَاتُهَا سَاقَطَةٌ، لَكِنَّهَا رَفَعَتْ رَأْسَهَا بِعَزْمٍ، وَصَوْتُهَا يَدُوِيْ فِيْ الْغُرْفَةِ: “جَمِيلَةُ، أَنْتِ مَجْنُونَةْ! أَنْتِ فَكَرْتِ إِنَّ الْوَثِيقَةْ دِيْ هَتْعْطِيكِ الْمَالْ؟ أَنْتِ وَحَازِمْ وَنَسْرِيْنْ خَانَقْتُمْنِيْ طَوْلَ عُمْرِيْ عَشَانْ تَأْخُذُواْ الْإِرْثْ، بَسْ أَنَا… أَنَا لَيْسْتُ الْلِّصَّةَ! أَنَا الَّتِيْ بَقَيْتْ أَرْعَى كَمَالْ ثَلَاثْ سَنِيْنْ، وَالَّتِيْ أَنْقَذَتْ قَلْبَهُ الْآنَ! وَإِذَا كُنْتُ أُخْتُهُ… إِذًاْ أَنْتِ الَّتِيْ حَاوَلْتِ تَقْتُلِيْنِيْ عَشَانْ تَأْخُذِيْ الْإِرْثْ الْمُحَرَّمْ! رَامِي، أَنْتَ غَبِيْ – أَنْتَ بَيْتْبِيعْ نَفْسَكَ لِوَرْدَةْ ذَابِلَةْ زِيّْهَا!”
صَرَخَ رَامِي بِغَضَبٍ، وَهُوَ يَرْفَعُ الْمَسَدَّسَ أَكْثَرْ: “كَفِيْ كَلَامَكِ، يَا لَصَّةْ! أَنْتِ الَّتِيْ سَرَقْتِ كَمَالْ مِنْ جَمِيلَةْ، وَالْآنَ هَتْسْقُطِيْ زِيّْهَا! جَمِيلَةُ، أَرْسِلِيْ الْصُّوْرَةْ دَلْوَقْتِيْ، وَأَنَا هَأَخْلْصْ مِنْهَا!” لَكِنْ جَمِيلَةُ تَوَقَّفَتْ، وَجْهُهَا يَتَغَيَّرُ فَجْأَةً إِلَى شَحُوبٍ مَمِيتٍ، وَهِيَ تَسْمَعُ صَوْتَ سِيَارَاتْ الشَّرْطَةِ تَقْرَبُ: “رَامِي… رَامِي، اسْمَعْ… هُنَاكَ شَيْءْ أَكْبَرْ. الْوَثِيقَةْ دِيْ تَقُولْ إِنَّ الْإِرْثْ لَيْسَ لِلْبِنْتْ – إِنَّهُ لِلْوَرِيْثِ الْمَخْفِيِّ… وَهُوَ لَيْسَ كَمَالْ! هُوَ… هُوَ وَلَدْ غَيْرْ شَرْعِيٍّ لِأَبِيهِ مِنْ عَائِلَةْ مَنْصُورْ، وَحَازِمْ كَانَ يَعْرِفْ وَيَخْبِيْهُ عَشَانْ يَسْتَخْدِمْهُ! أَنْتَ… أَنْتَ الْوَرِيْثْ، رَامِي! أَنْتَ ابْنْ أَبْ كَمَالْ مِنْ أُمِّكِ الْمُمْرِضَةْ الْقَدِيمَةْ!”
تَجَمَّدَ رَامِي، وَالْمَسَدَّسُ يَنْخَفِضُ بِبُطْءٍ، وَجْهُهُ يَتَحَوَّلُ مِنْ غَضَبٍ إِلَى صَدْمٍ: “مَاذَا… أَنَا… أَخْ كَمَالْ؟ جَمِيلَةُ، أَنْتِ كَاذِبَةْ! أَنْتِ قُلْتِ إِنَّ الْمَالْ لِنَا، لَيْسَ لِلْعَائِلَةْ! أَنْتِ اسْتَخْدَمْتِينِيْ عَشَانْ تَأْخُذِيْ الْإِنْتِقَامْ مِنْ لَيْلَى، وَالْآنَ… الْآنَ أَنَا الْوَرِيْثْ؟!” صَرَخَ، وَهُوَ يَدْفَعُ جَمِيلَةَ بَعِيدًا، وَيَمْسَكُ الْوَثِيقَةَ مِنْ يَدِهَا: “دِيْ… دِيْ مِلْيَارَاتْ! أَنْتِ خَانَتْنِيْ، جَمِيلَةُ! أَنْتِ الْلِّصَّةْ، لَيْسَهَا!”
انْدَفَعَ رَامِي نَحْوَ لَيْلَى، لَيْسَ لِيَقْتُلَهَا، بَلْ لِيَطْلُبَ مِنْهَا الْمُسَاعَدَةَ: “لَيْلَى… أُخْتِيْ… أَنْتِ أَخْتِيْ كَمَالْ، وَأَنَا… أَنَا أَخُّهُمْ! جَمِيلَةُ خَدَعَتْنِيْ، هِيَ الَّتِيْ أَرْسَلَتْ الْسَّمَّ وَالْفَيْدْيُوهَاتْ! أَرْجُوْكِ، سَاعِدِينِيْ أَخْرُجْ مِنْ هَذَا، وَأَنَا هَأَسْتَسْلِمْ وَأَقُولْ الْحَقِيقَةَ!” لَكِنْ جَمِيلَةُ، الْمَجْنُونَةُ، انْدَفَعَتْ نَحْوَهُ بِسِكِّينَةٍ مِنْ الْمَكْتَبْ: “لَيْسَ! أَنْتَ لِيْ، رَامِي! الْمَالْ لِنَا، وَلَيْلَى هَتْمُوتْ هُنَا!”
فِيْ تِلْكَ اللَّحْظَةِ، انْفَجَرَ بَابُ الْغُرْفَةِ، وَدَخَلَ الْأَخَوَةُ الثَّلَاثَةُ مَعَ الشَّرْطَةِ، خَالِدْ يَقْفَزُ عَلَى جَمِيلَةُ وَيَمْسَكُ يَدَهَا الْمُمْسِكَةِ بِالسِّكِّينَةِ: “انْتَهَى، يَا وَرْدَةْ مَيْتَةْ! أَنْتِ الْمَجْرِمَةْ!” صَرَخَ بَرْنَامِجْ: “الْفَيْرُوسُ دَاخِلْ هَاتِفِكِ، جَمِيلَةُ – كُلُّ رِسَالَاتِكِ لِرَامِي مَسْجَلَةْ!” وَصَرَخَ سَامِيْ: “رَامِي، اسْتَسْلِمْ، وَهَقْدِمْلَكَ صَفْقَةْ – قُلْ الْحَقِيقَةَ، وَالسِّجْنْ قَصِيرْ!”
سَقَطَتْ جَمِيلَةُ عَلَى الْأَرْضِ، تَبْكِيْ بِهِسْتِيرِيَا: “لَيْلَى… أَنْتِ فَازْتِيْ… بَسْ كَمَالْ هَيْعْرِفْ، وَهَيْكُونْ نِهَايَةْ حُبَّكُمْ! أَنْتُمْ أَخَوَةْ، مُحَرَّمُونْ!” أَمَّا رَامِي، فَسَلَّمَ نَفْسَهُ لِلشَّرْطَةِ، وَهُوَ يَهْمِسُ لِلَيْلَى: “أُخْتِيْ… أَنَا مَأْسَاوِيْ… سَلِيْمْ كَانَ أَبِيْ الْوَرْعِيْ، بَسْ أَبْ كَمَالْ هُوَ الْحَقِيقِيْ. سَاعِدِينِيْ أَخْرُجْ مِنْ هَذَا، وَأَنَا هَأَقُولْ كُلْ حَاجَةْ عَنْ الْمُؤَامَرَةِ.”
أَخَذَتْ لَيْلَى الْوَثِيقَةَ مِنْ يَدِ جَمِيلَةِ، وَهِيَ تَرْتَجِفُ: “انْتَهَى، جَمِيلَةُ. أَنْتِ وَحَازِمْ وَنَسْرِيْنْ خَسَرْتُمْ. أَنَا هَأَرْجِعْ لِكَمَالْ، وَهَأَقُولْهُ الْحَقِيقَةَ… وَإِذَا كُنْتُ أُخْتُهُ، إِذْنْ حُبُّنَا هَيْبْقَىْ حُبْ أَخَوَةْ – بَسْ أَقْوَى مِنْ أَيْ حَبْ زَوْجِيْ!” دَخَلَتْ سَيَّارَتَهَا، وَالْشَّرْطَةُ تَحْجُزُ الْجَمِيعَ، وَهِيَ تَسُوقُ نَحْوَ الْمُسْتَشْفَى، الْوَثِيقَةُ فِيْ يَدِهَا كَقَنْبَلَةْ مَوْقُوتَةْ.
فِيْ الْمُسْتَشْفَى، اسْتَيْقَظَ كَمَالْ بِبُطْءٍ، وَالْأَخَوَةُ حَوْلَهُ، وَسَيْدَةُ الرَّشِيدْ تَمْسَحُ عَلَى يَدِهِ: “كَمَالْ… لَيْلَى جَايَةْ، وَهْتَقُولْلَكْ الْحَقِيقَةَ كُلَّهَا.” فَتَحَ كَمَالْ عَيْنَيْهِ، وَهُوَ يَهْمِسُ: “لَيْلَى… أُخْتِيْ؟ لَيْلَى، أَنْتِ حَيَاتِيْ… مَهْمَا كَانَ، أَنْتِ حَيَاتِيْ.”
وَقَارَبَتْ لَيْلَى الْبَابَ، الْوَثِيقَةُ فِيْ يَدِهَا، وَقَلْبُهَا يَخْفِقُ: “كَمَالْ… أَنْتَ أَخِيْ… بَسْ أَنْتَ حُبِّيْ أَيْضًا. إِذْنْ إِيهْ الَّتِيْ هَحْصُلْ؟” وَفِيْ الْخَارِجِ، كَانَتْ سَيَارَةٌ سَوْدَاءُ تَتْبَعُهَا مِنْ بَعِيدْ، وَرَجُلْ غَامِضْ يَهْمِسُ فِيْ هَاتِفِهِ: “الْوَرِيْثَةْ الْحَقِيقِيَّةْ قَارِبَةْ… وَالْإِرْثْ الْمَخْفِيْ هَيْبْدَأْ يَتَفَجَّرْ.”
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية ليلى منصور وكمال الرشيد)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)