رواية عشق يحيى الفصل السابع 7 بقلم سلمى جاد
رواية عشق يحيى الفصل السابع 7 بقلم سلمى يحيى
البارت السابع
الفصل السابع »»»»
– الليلة كتب كتاب يحيى وليلى
الصدمة سكنت المكان.
ليلى اتجمدت مكانها، عينيها اتسعت بصدمه،
ويحيى بص بذهول مش قادر ينطق.
ميادة شهقت، وليندا حطت إيدها على بقها
يحيى بص للجد بنظرات فيها اعتراض،
لكن الجد رد عليه بنظرة واحدة… حاسمة، قاطعة،
نظرة معناها واضح: “مفيش نقاش بعد كلامي.”
ليلى وقفت لحظات متجمدة، بعدين جريت بسرعة على فوق،
دموعها كانت بتسبقها، ووشها شاحب كأنها مش قادرة تتنفس.
ميادة قامت فورًا، حاولت تعترض بصوت عالي وهي بتقرب من الجد:
ـ بس يا بابا، القرار ده مش…
الجد لفّ لها بسرعة، وصوته علي:
ـ انتي تسكتي خالص يا ميادة! كفاية اللي عملتيه
مش ناقص تدخلاتك في أي حاجة تاني
صوت الجد رجّ القصر كله،
وميادة سكتت غصب عنها، ووشها اتقلب للون الأصفر من التوتر ،قصده ايه بكفاية اللي عملتيه ؟معقوله يكون عرف حاجة؟
أما ليندا اللي كانت قاعدة على الكرسي،
متحركتش … بالعكس،
لأول مرة، ملامحها كان فيها ارتياح خفيف
الجد بص ليحيى وقال بنبرة قاطعة:
ـ تعالى معايا المكتب يا يحيى.
دخلوا المكتب، والجد قفل الباب بإيده،
يحيى وقف قصاده، ملامحه باينة عليها الحيرة والضياع:
ـ جدي… القرار ده صعب أوي،
إزاي أرتبط بيها بالشكل ده، بعد كل اللي حصل؟
ده ظلم لينا إحنا الاتنين.
الجد كان هادي، صوته واثق وحازم في نفس الوقت:
ـ لأ، يا يحيى… ده مش ظلم، ده الصح.
أنت فاكرني مش شايف اللي جواك؟
من زمان من وانتوا عيال صغيرة وأنا شايف نظرتك ليها، حتى وانت بتحاول تخفيها.
حبك ليها باين، يمكن أكتر مما انت نفسك فاهم.
يحيى اتنفس بعمق، بيحاول يمسك أعصابه:
ـ بس يا جدي… دي مش طريقة، أنا…
الجد قاطعه بهدوء غريب، نبرة صوته فيها حنين قديم:
ـ تفتكر أنا نسيت يا يحيى؟
اللي حصل من خمستاشر سنة بعد الحادثة
انت فضلت ساكت شهور، لا بتضحك ولا بتتكلم؟
كنت صغير، بس الوجع اللي شوفته في عينيك وقتها ما يروحش من بالي.
هي كانت السبب في إنك ترجع زي زمان
ترجع للحياة بعد ما كنت غرقان في صمتك.
يحيى بص له بدهشة، صوته واطي:
ـ جدي…
ـ آه يا يحيى، أنا عارف كل حاجة.
وعشان كده بقولك،
جوازك منها مش بس هيحفظ الكرامة…
ده فرصتك،
فرصتك إنك تكون معاها بصدق، تقربها منك، تخليها تحبك زي ما أنت بتحبها.
يحيى سكت، نظره سرح في الأرض،
الكلام دخل قلبه بس عقلُه لسه مش قادر يصدّق.
الجد تنهد وقال بصوت منخفض:
ـ وبعدين… أنا عارف الحقيقة كلها.
رفع عينه بسرعة:
ـ حقيقة إيه؟
ـ اللي حصل امبارح… ماكانش صدفة.
عرفت إن في حاجة اتحطتلك في المشروب،
منشط…
واللي ورا الموضوع ده ميادة وليندا.
يحيى شهق بدهشة وغضب:
ـ إيه؟!
الجد هزّ راسه:
ـ أيوه… بس أنا عارف إن ليندا ضعيفة،
مش هي الشيطان، أمها هي السبب.
ميادة هي اللي خططت، وهي اللي لعبت في دماغ بنتها.
ولما عرفت إنك رحت أوضة ليلى بالصدفة، ضربت لينا أنا كنت واقف وسمعت كلامهم بالصدفة
يحيى اتنهد بقهر:
ـ وده ليه؟ ليه تعمل كده؟
ـ الغيرة والحقد، يا يحيى…
الجد سكت لحظة، بعدين قال بنبرة هادية لكنها حادة:
ـ بس خلاص… مش هسيبها تتحكم في البيت أكتر من كده.
ليندا هتبعد عنها…
هعيشها بعقلي أنا، مش بعقل أمها.
هخليها تبقى نفسها، مش صورة من شيطان أمها.
سكت الجد شوية وبص ليحيى بعمق:
ـ الليلة، يا يحيى، مش بس هيبقي جوازكم …
دي بداية تصحيح كل الغلط اللي اتعمل.
يحيى فضل ساكت، عينيه فيها كمية حيرة ووجع،
بس جواه حاجة تانية بدأت تتحرك .
في أوضة ليلى، كانت قاعدة على السرير، عيونها حمرا من كتر البُكا،
لما سمعت خبطة الباب الخفيفة، قالت بصوت مبحوح:
ـ ادخل
منال دخلت بهدوء،
قربت منها، قعدت جنبها وقالت بصوت هادي:
ـ ليلى… يا حبيبتي، أنا عارفة إن كل حاجة حصلت بسرعة،
بس صدقيني، ده في مصلحتك.
ليلى بصتلها بوجع:
ـ مصلحتي؟ في إيه؟
أنا حتى مش مستوعبة… اتجوز يحيى؟! إزاي؟ وليه كده؟
منال لمست إيدها بحنان وقالت بابتسامة خفيفة:
ـ يحيى طيب، وقلبه أبيض،
يمكن مش بيعبّر عن اللي جواه، بس أنا عارفة ابني كويس .. حنين أوي،
وأكتر واحد هيخاف عليكي في الدنيا دي.
ليلى سكتت لحظة، صوتها واطي وهي تقول:
ـ أنا مش زعلانة منه… بس كل حاجة جت فجأة.
مش عارفة أفرح ولا أخاف.
منال ضحكت بخفة وقالت:
ـ طبيعي يا بنتي، أي بنت مكانك كانت هتحس كده.
بس شوفيها من ناحية تانية…
يمكن دي بداية جديدة ليكي
كلام منال دخل جوه ليلى كأنه لمسة طيبة،
وفجأة، ليلى قامت من مكانها ورمت نفسها في حضنها.
منال حضنتها جامد،
حضن دافي كله طمأنينة وأمومة حقيقية.
التحضيرات بدأت…
القصر اتزين بزينة بسيطة وراقية:
ورد أبيض في الفازات الكريستال، شِموع مضاءة على السلم،
وأضواء صفراء خفيفة بتنور المكان بهدوء.
في أوضة ليلى، البخار لسه طالع من الحمّام بعد ما أخدت شاور طويل.
وأثناء ما كانت بتنشّف شعرها بالاستشوار،
الباب خبط وكانت ضحى ..اللي جت بسرعة بعد ما ليلى كلمتها.
ضحى دخلت وهي بتضحك:
ـ أنا مش مصدقة!
إزاي كتب كتابك النهاردة؟! إحنا كنا لسه مع بعض من كام ساعة
ليلى ابتسمت بخفة :
ـ ولا أنا، مش مصدقة
ضحى قربت منها وقالت وهي بتحاول تهزر:
ـ النهارده فرحي يجدعان عايز كله يبقي تمام..
ضحكوا سوا لحظة، ضحكة قصيرة بس كانت صافية.
وفجأة الباب خبط،
ودخلت منال، في إيديها فستان أبيض جميل،
ومعاها بنت ماسكة شنطة مليانة أدوات مكياج.
ليلى استغربت وقالت:
ـ إيه ده؟!
منال ابتسمت وقالت بودّ:
ـ ده فستانك يا ليلى،
مش معقول تحضري كتب كتابك بأي لبس، صح؟
ودي الميكب أرتيست، هتجهزك.
ضحى صرخت بفرحة:
ـ ياااه، ده جميل أوي
الفستان كان راقي جدًا،
قماشته ناعمة بتلمع بخفة تحت الإضاءة،
من عند الوسط كان فيه فصوص صغيرة بتبرق كأنها نجوم،
وبيكمل بانسيابية لحد الأرض،
مكانش فستان زفاف لكنه ببساطتة يخطف العين من غير أي مبالغة.
بعد ساعة من التجهيز،
ليلى وقفت قدام المراية،
مش مصدقة نفسها…
وشها ناعم، المكياج بسيط يبرز جمالها الطبيعي،
وشعرها منسدل على ضهرها بخصل متموجة خفيفة.
ضحى قالت بإعجاب:
ـ والله يحيى هيغمى عليه لما يشوف شعرك
ليلى ضحكت بخجل وهي تقول:
ـ بطلّي هزارك ده.
في أوضة تانية،
كان يحيى واقف قدام المراية بيلبس بدلته الكحلي الغامقة،
قماشتها فخمة، الجاكيت مفصل على مقاسه تمام،
والقميص الأبيض تحته بيكمل الأناقة،
رشة بيرفيوم،
لمسة خفيفة على شعره اللي سرّحه لورا بإيديه،
تنهد، وبص نفسه بتقيم قبل ما ينزل تحت،
وقابل زين اللي كان مستني.
زين ابتسم وقال:
ـ مبروك يا بطل… أموت أنا في الحاجات اللي بتيجي فجأة دي
ابتسم بهدوء وقال: الله يبارك فيك، قولي كلمت المأذون ؟
زين غمزله بهزار :متقلقيش يا بطه المأذون جاي في الطريق متستعجلش
ضحك على تلميح صاحبه قبل ما الجد يناديه عشان يسلم على عبدالفتاح والد ليلى بالتبني
وسلم على يحيى بحرارة..
فجاءة اتملأ القصر بزغاريد منال العالية،
وهي ماسكة ليلى من إيدها ونازلة بيها السلم،
وجمالها خطف أنظار الكل.
يحيى رفع عينه…
وللحظة، وقف الزمن.
وشها، فستانها، لمعتها… كل حاجة فيها كانت بتنطق بالرقة.
المأذون بدأ يقرأ،
والكلمات اتقالت بسرعة،
وفي ظرف دقايق سمعوا صوته وهو بيقول جملته الشهيرة:
“بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.”
القصر اتملأ بالزغاريد…
منال بتزغرط بفرحة،
وضحى بتحاول تقلدها وسط ضحك زين على عبطها،
أما ميادة… كانت قاعدة في الركن،
وشها مش قادر يخبي الحقد اللي جواها،بعد ما كل حاجه خططت ليها اتدمرت
يحيى وقف، سلم على جده اللي مدّ له إيده بابتسامة فخر
وبعدين مشي ناحية منال اللي حضنته، عينيها فيها دموع فرحة حقيقية،
وبعدين حضنت ليلى وقالت بصوت مبحوح:
ـ ألف مبروك يا بنتي… ربنا يتمملك على خير.
عبدالفتاح قرب منهم،
حضن ليلى وقال ليحيى بنبرة مليانة حب
ـ أمانة في رقبتك يا ابني… خلي بالك منها.
يحيى رد بعد ما مد إيده ومسك إيد ليلى بهدوء،
إيدها كانت بترتعش، بس هو شدّ عليها بحنية لما حس برعشتها ،
نظرة طويلة بينهم، مليانة كلام ساكت.
لسه ماسك إيدها المرتعشة:
ـ دي أمانة يا عمي… متقلقش ليلى في عنيا
بعد مرور الوقت زين وضحى مشيوا .
منال بهدوء وهي بتقرب من ليلى
ـ ليلى حبيبتي، تعالي معايا شويه.
ليلى بصت لها باستغراب، وهي ماشيه وراها من غير ما تفهم،
لكن أول ما وصلوا عند جناح يحيى،
وقفوا، ومنال التفتت ليها وقالت بنعومة:
ـ نقلنا كل هدومك وحاجتك هنا يا ليلى.
ليلى شهقت، صوتها طلع واهي بتقول بارتباك:
ـ هنا؟! ليه؟ أنا كنت فاكرة هافضل في أوضتي!
منال حطت إيدها على كتفها بلُطف وقالت بابتسامة دافية:
ـ يا بنتي إنتي دلوقتي بقيتي زوجة يحيى على سنة الله ورسوله،
ومن النهارده طبيعي تعيشي معاه في أوضته…
زي أي اتنين متجوزين.
ليلى اتجمدت مكانها، قلبها بدأ يدق بسرعة،
الواقع اللي كانت بتحاول تتجاهله طول اليوم
دلوقتي بقى حقيقي… ومفيش مفر.
وفي اللحظة دي، سمعوا صوت خطوات وراهم…
يحيى جاي من آخر الممر، لابس قميص أبيض مفتوح الزرار الأول وشايل على كتفة جاكتة
منال ابتسمت له وقالت بخفة وهي بتمشي ناحيتهم:
ـ أنا هجيبلكم صنية العشا في أوضتكم…
عملت كل الأكلات اللي بتحبوها
وبصت لليلى وأضافت:
ـ تصبحوا على خير يا حبايبي.
وقالتها وهي خارجة،
تسابهم واقفين قصاد بعض، والهوى بينهم مليان توتر خفيف وسكوت طويل.
يحيى تقدّم خطوة وفتح باب الأوضة بلُطف:
ـ اتفضلي، يا ليلى.
دخلت بخطوات مترددة،
وعينيها وسعت من المنظر…
الأوضة كانت متغيّرة تمامًا عن أخر مرة شافتها ..وفي اللحظة دي افتكرت اللي حصل لما دخلت أوضته بالغلط ، وقتها خدت عهد على نفسها متقربش من الممر اللي فيه أوضته حتي ، لكن دلوقتي هي معاه في أوضته وبصفتها زوجته .
السرير متزين بورود حمرا،
شموع صغيرة منورة على الكومود،
وريحة عطر دافية مالية الجو كله.
فضلت واقفة مكانها مش عارفة تقول إيه،
لحد ما يحيى حمحم بخفة وقال بصوت هادي:
ـ لو حابة تغيري هدومك… الحمّام هناك، خدي راحتك.
أنا هستناكي هنا.
هزت راسها بخجل ودخلت بسرعة بعد ما خدت إسدال من دولابها،
وقفت قدام المراية في الحمّام،
وشها كله ارتباك وتفكير
بعد حوالي نص ساعة،
خبط يحيى على الباب بخفة:
ـ ليلى… إنتي كويسة؟
ليلى بتوتر ن ورا الباب : احم .. أنا جايه أهو
خرجت أخيرًا، لابسة إسدال صلاة بسيط،
وشها هادي بس ملامحها باينه فيها التوتر.
يحيى بصّ لها للحظة،
اتنهد وقال بلُطف وهو بيشير على الكنبة:
ـ تعالي، عايز أتكلم معاكي شوية.
قعدوا جنب بعض،
بس بينهم مسافة صغيرة .
بدأ يحيى كلامه بنبرة صريحة وهادية:
ـ بصي يا ليلى…
أنا عارف إن جوازنا ده جيه بسرعة،
وإحنا الاتنين اتحطينا في موقف صعب.
مكنش في وقت نستوعب ولا نقرر بإرادتنا.
بصّ ناحيتها، عينيه فيها صدق واضح:
ـ بس أنا مش ناوي أضغط عليكي ولا أزعلك.
اللي حصل خلاص حصل…
ليلى فضلت ساكتة، نظراتها نازلة على الأرض،
صوتها واطي وهي بتقول:
ـ أنا بس… مش مصدقة إن كل ده حصل في يوم واحد.
ابتسم ابتسامة خفيفة وقال بهدوء:
ـ ولا أنا… بس يمكن ربنا كاتب كده لسبب.
سكت لحظة… أخد نفس طويل،
حاول يختار كلماته بعناية وهو بيبص في عينيها بثبات،
صوته كان هادي ومليان صدق:
ـ بصي يا ليلى… قبل ما أبقى جوزك، أنا ابن عمك، انتي من دمي
واللي بينا أكبر من ورقة أو عقد.
أنا مش عايز أضغط عليكي ولا أطلب منك حاجة مش جاهزة ليها.
سكت لحظة وهو بيحاول يبتسم،
ـ عشان كده فكرت إننا نعمل اتفاق بسيط بينا،
ردت باستغراب: اتفاق ايه ..؟
ـ نعتبر إننا… مخطوبين صالونات،
يعني ناخد وقتنا، نعرف بعض أكتر،
نفهم بعض من غير توتر ولا خوف.
رفعت عينيها ليه بتردد، وقالت بصوت خافت:
ـ مخطوبين!
ابتسم بخفة وقال بنعومة:
ـ ايوة مخطوبين
وبعدين كمل بمكر : بس بما إننا بردو في حكم المتجوزين، فمش هينفع نحط حدود تخليكي متوترة.
يعني مثلاً، مش لازم تلبسي الحجاب وأنا موجود،
أنا مش غريب عنك يا ليلى.
كلماته كانت هادية، نبرته فيها احترام ودفء،
مد إيده بخفة وقال بابتسامة مطمئنة:
ـ ممكن؟
هي اترددّت لحظة،
بس في النهاية، بحركة بطيئة، فكّ الطرحة،
والحجاب انساب على كتفها،
وشعرها البُني المموّج وقع بخفة على ضهرها.
يحيى اتسمر مكانه،
مش مصدق قد إيه شكلها جميل
عينه اتعلقت بشعرها
مد إيده لا إراديًا،
وبلمسة خفيفة فك التوكة اللي ماسكة خصلة صغيرة،
فوقعت الخصلات على خدها بانسيابية ناعمة.
ليلى شهقت بخجل،
وشها احمرّ وهي بتقول بصوت واطي:
ـ يحيى…
بس هو كان لسه مبهور،
ابتسامة صغيرة طلعت منه وهو بيهمس بانبهار حقيقي:
ـ بسم الله ما شاء الله…
وبإيده، لمس خصلة شعرها بخفة،
ولفها على صباعه كأنها خيط حرير،
عيناه نزلت عليها نظرة فيها إعجاب صافي مش مخلوط بأي رغبة،
وقال بنبرة دافية:
ـ شعرك جميل أوي يا ليلى ..
هي سكتت، قلبها بيدق بسرعة،
مش عارفة تتكلم ولا تبصله،
والسكوت اللي ساد بينهم كان أصدق من أي كلام، لكن قطع اللحظة دي خبط خفيف على الباب
يحيى قام وفتح ولقى منال ماسكه صنيه أكل
ـ “يا حبايبي، جبتلكم العشا… عملتلكم كل الحاجات اللي بتحبوها.”
ابتسمت لما شافت ليلى قاعدة من غير حجاب، وحست إن الجو بينهم بقى أهدى.
سابت الصينية وقالت بودّ:
ـ “تصبحوا على خير يا ولاد.”
ولما خرجت، يحيى نادى بهدوء:
ـ “تعالي ناكل بقى، أكيد ماكلتيش من ساعة ما جبتك من عند ضحى.”
ليلى بصتله بخجل وقالت بصوت واطي:
ـ “هو فعلاً ما كانش في وقت…”
قعدوا ياكلوا في هدوء، الجو بينهم كان لطيف وبسيطة.
بعد ما خلصوا، يحيى قام وقال وهو بياخد بيجامة من الدولاب:
ـ ” أنا هدخل اغير هدومي .”
وسابها ودخل الحمّام، أول ما سمعت صوت الدش اشتغل، قامت ليلى بسرعة فتحت الدولاب، ابتسمت لما شافت هدومها متعلقة جنب هدومه.
إحساس غريب، بين خجل وراحة.
اختارت منامة محتشمة لونها بينك، ولبستها بسرعة وجريت على السرير، اتغطت وهي بتحاول تهدي ضربات قلبها.
بعد دقايق ،خرج يحيى، شعره مبلول وريحة البرفان مالية المكان، قعد على طرف السرير، نشف شعره بهدوء، وعدل جسمه عشان يستعد للنوم، لكنه لمح المنامة البينك اللي كانت ليلى بتحاول تخبيها تحت الغطا ،ابتسم بخفة وقال بهدوء :تصبحي على خير يا ليلى
ـ “وأنت من أهله.”
مد إيده وطفى النور، وساد الصمت بينهم . بس كل واحد فيهم كان حاسس إن الليلة دي بداية جديدة مش زي أي ليلة تانية.
________________________________
في مكتب الجد، الإضاءة كانت هادية، وصوت عقارب الساعة هو اللي مالي المكان.
لينا دخلت بخطوات مترددة، قلبها بيدق بسرعة، عارفة إن الجد استدعاها مش صدفة.
رفع عينه من الورق، وبصّ لها بنظرة حنونة فيها حزم.
ـ “اقعدي يا لينا.”
قعدت على الكرسي المقابل ليه، عينيها في الأرض، مش قادرة تبص في عينيه.
سكت لحظة، وبعدين قال بهدوء لكن بنبرة تقيلة:
ـ “أنا عارف كل حاجة، يا بنتي.”
الكلمة نزلت عليها زي الصاعقة، رفعت عينيها بخضة:
ـ “جدو… أنا كنت—”
قطع كلامها وهو رافع إيده:
ـ “مش عايز أسمع مبررات. اللي حصل حصل، وأنا اخترت أسمّيه غلطة… وخلص. بس اللي جاي هو الأهم.”
اتنهد، وقام من مكانه، لف حوالين المكتب لحد ما وقف جنبها.
ـ “أنا هسامحك يا لينا. بس من النهاردة، حياتك كلها في إيدي أنا، مفهوم؟ أي خطوة، أي قرار… أنا اللي هكون مسؤول عنه.”
دموعها بدأت تلمع وهي بتهمس:
ـ “يعني… مش زعلان مني؟”
ـ “الزعل مش هيغيّر اللي فات، يا بنتي. وأنا مش هسمح لميادة تبوظك زي ما بوّظت عمر. المرة دي، أنا اللي هحميكي منها.”
قرب منها أكتر، وصوته بقى أهدى وأدفى:
ـ “هديكي فرصة تانية… بداية جديدة. هشغلك عند حد من شركائي في مجال المعمار، يعني مجال دراستك. تتعلمي، وتكبري، وتثبتي إنك قدّها.”
لينا سكتت لحظة، والدموع نزلت فعلاً، قامت بهدوء، ومدت إيديها ووقفت قدامه.
ـ “جدو…”
صوته اختنق وهو بيبص لها بحنية:
ـ “تعالي يا بنتي.”
اتقدمت خطوة، وارتمت في حضنه، وهو حضنها بقوة، كأنه بيطمنها ويطمن نفسه إن كل حاجة لسه ممكن تتصلح.
ـ “ربنا يخليك ليا يا جدو.”
ـ “طالما أنا موجود… محدش هيقدر يأذيك تاني، يا لينا.”
#رواية_عشق_يحيى
#الكاتبة_سلمي_جاد
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية عشق يحيى)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)