روايات

رواية هل من سبيل للغفران الفصل الاول 1 نورهان العشري

رواية هل من سبيل للغفران الفصل الاول 1 نورهان العشري

 

البارت الاول

 

السبيل الأول ❤️‍🔥
يُقال إنّ العفو من شِيَم النبلاء، ولكن هل يسقط من قائمتهم مَن كانت آلامه تقف سدًّا منيعًا بينه وبين الغفران؟ ماذا لو فاق الوجعُ قدرةَ الإنسان على الأحتمال، وجعله ضحيةً لعقلٍ يتملّكه غضبٌ أهوج، وقلبٍ يفترسه وجعٌ عظيم يُفقد الروحَ وهجَها ويُطفئ آخرَ ضوءٍ للحياة بداخلها؟
من هذه البقعة المظلمة تحديدًا تُولَد القسـ.وة، ويُخلَق الجبر.وت؛ فحين تأبى القلوبُ العفوَ ذلك ليس بدليلًا على اسودادها، بل لأنّ الألم قد يفوق طاقة احتمالها. فليست كلّ الأخطاء قابلةً للغفران، ولا يجوز المقارنةُ بين الخَد.ش والذ.بح، أو وضعُهما في كفّة عقابٍ واحدة. ومن الإجحاف أن يُطلَب من قلبٍ فتّته الألم أن يمنح ما لا يملكه ولا يقدر عليه؛ أليس العفوُ مقرونًا بالمقدرة؟
نورهان العشري ✍️
🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
اهتزت الأرض حين خر على ركبتيه ينظر بضياع و رفض كما تنظر الشاة إلى السكين الذي سيجتز عنقها دون رحمة، وعينيها المرتجفتين تتعلقان بصاحبها، ذاك الذي أطعمها يومًا وسقاها، فإذا به اليوم يقف أمامها ممسكًا نصلًا يلمع ببرود مُخيف، و كأنه يشمت بارتجافها قبل أن يهوِي به عليها.
كانت لحظة مُرعبة تتجسد بها الخيانة في أقبح صورها حيث يتحول الأمان إلى مقصلة، واليد التي كانت تحنو ذات يوم تحولت إلى أخرى تذبح.
ـ أنتِ يا هيام!
توسعت عينيها كبحيرة عميقة فاضت مياهها بغزارة وهي ترى نظرات ياسر الضائعة المُستنكرة، و ذلك الألم الذي يتساقط من عينيه جهرة ليرتجف جسدها وكذلك نبرتها حين قالت:
ـ اسمعني يا ياسر. أنا…
توقفت جميع الأعيُن على هيام التي لم تستطِع إكمال حديثها ليصرخ يزيد بقسوة:
ـ ردي يا هيام. أنتِ فعلًا عملتي كدا!
تعالت نهنهاتها للحد الذي جعل الكلمات تضيع فوق شفتيها لينصب ياسر عوده وهو يتقدم منها وعينيه تشتبك مع عينيها بنظرات تتوسلها بنفي هذه الجُرم كما توسلتها نبرته حين قال:
ـ قولي لا و أنا هصدقك. قولي انك معملتيش فيا كدا.
خرجت أنفاسه محرورة و كأن هناك حريق داخل صدره جعل نبرته مبحوحة حين قال:
ـ كنتِ بتطبطبي عليا بإيد، و بالتانية بتغرزي السكينة في ضهري!
هيام بلهفة:
ـ اسمعني يا ياسر. والله انا مكنش قصدي!
استنكر حديثها بشدة ليصرخ بانفعال:
ـ مكنش قصدك! يعني أي! يعني دبحتيني، و فرقتي بيني وبين الإنسانة اللي محبتش في حياتي غيرها، وجاية تقولي مكنش قصدي!
ابتسامة مريرة أبعد ما يكون عن المرح شوهت ملامحه قبل أن يقول بنبرة جريحة:
ـ روحتي بعتي واحدة تتبلى عليا، و تطلعني كلب و حقير ضحك عليها، و تقوليلي مكنش قصدك!
تراجع للخلف وهو يحاول تهدئة أنفاسه الثائرة فقد كان صدره يعلو و يهبط بعُنف، و لُهاث تنفسه يوحي بأنه يخوض معركه ضارية جعلت نبرته تتهدج حين قال:
ـ أيه يا هيام! اومال لو قاصدة كنتِ عملتي فيا أيه!
شهقة قوية خرجت من قلب غنى جذبت جميع الأنظار إليها كما فتتت كلماتها قلوبهم حين قالت:
ـ معقول أنتِ اللي تعملي فينا كدا يا أبله هيام! دانا موت في السنتين دول مليون مرة.
ارتجف جسدها من فرط الألم الذي تجلى في نبرتها حين قالت:
ـ دي الجدران شققت من صوت صريخي كل يوم.
كان وقع كلماتها مُريعًا عليه وكأن أحدهم انتزع شمسًا صغيرة مُلتهبة، و قام بغرسها بمنتصف صدره، فصار يحترق من الداخل بنار لا تُرى ولا تنطفئ، ولكن هيام لم تحتمل اتهامات غنى فصرخت بعُنف:
ـ أمك السبب. أمك هي اللي خلتني عملت كدا.
غنى بصدمة:
ـ أمي؟!
هيام بصُراخ:
ـ أيوا أمك. هي اللي جتلي البيت بهدلتني و هددتني لو مبعدتش ياسر عنك هتموته أو هتحبسه!
غنى باستنكار:
ـ بتقولي أيه؟
هيام بانفعال:
ـ بقول اللي سمعتيه.
صمتت هيام تناظر ياسر بتوسل وهي تتذكر ما حدث في ذلك اليوم
عودة إلى وقتٍ سابق
ـ أنا واقعة في عرضك يا أبله هيام.
هكذا تحدثت مها بذُعر، فهتفت هيام بلهفة:
ـ خير يا مها في أي؟
مها بتلعثُم:
ـ أنا عملت مصيبة كبيرة، و هتفضح أنا و أمي.
هيام بذُعر:
ـ ما تقولي يا بت في أيه؟ وقعتي قلبي.
مها بخزي:
ـ أنا حامل من عماد.
هيام بصدمة:
ـ يا نهار مش فايت! بتقولي أيه يابت؟
أجابتها مها من بين نهنهاتها:
ـ غصب عني والله يا أبلة هيام. انا بحبه، وهو وعدني أنه هيتجوزني، وهو عند وعده. المشكلة أن أبوه مش موافق على الجوازة دي، وانا مرعوبة مش عارفة اعمل أية.
هيام بعويل:
ـ الله يخيبك يا بت. تعملي في نفسك كدا ازاي! مخوفتيش على أمك! بلاش أمك. مخوفتيش من ربنا!
مها بانهيار:
ـ بالله عليكِ ما تقطميني أنا مش ناقصة، و بفكر أموت نفسي في اليوم ميت مرة.
هيام باستنكار:
ـ اخرسي. كمان عايزة تموتي كافرة. أيه يا شيخة! الشيطان راكبك كدا ليه؟
ما أن أوشكت مها على الحديث حتى دوى طرق قوي على باب البيت، فارتعش جسد مها التي هتفت بذُعر:
ـ يالهوي لا يكون ياسر. أوعي تقوليله حاجة يا أبلة هيام أبوس إيدك.
هيام بحيرة:
ـ أقول اية و أنيل أيه! قومي اتنيلي اغسلي وشك أما أشوف مين. شكلك يغُم.
توجهت مها إلى المرحاض و هيام إلى باب البيت لمعرفة من الطارق، و قد غزت معالمها الدهشة حين شاهدت صابرين التي كانت تُطالعها بغضب تجاهلته هيام وقالت بنبرة ودودة:
ـ أهلًا و سهلًا يا أم غنى.
صابرين بحدة:
ـ لا أهلًا ولا سهلًا ياختي. هما كلمتين جاية أقولهملك توصليهم لأخوكي.
تفشى الحرج بأوردتها و خاصةً حين شاهدت نظرات المارة الذين جذبهم صوت صابرين الغاضب لتحاول امتصاص غضبها وهي تقول بابتسامة بشوشة:
ـ يا ستي ادخلي جوا في أية ؟ هو احنا غُرب. كلام أي اللي يتقال قدام الباب دا!
دلفت صابرين إلى الداخل و لازالت ملامحها تحمل التجهم و الغضب الذي تجاهلته هيام قائلة:
ـ تشربي اية؟
صابرين بحدة:
ـ أنا مش جاية اضايف يا عنيا. انا جاية اقول كلمتين و همشي على طول.
هيام بسخط:
ـ سمعيني يا صابرين الكلمتين اللي تاعبينك دول.
صابرين بقسوة:
ـ أيه اخرتها مع أخوكي الصا… اللي واقف حال بنتي دا!
انتفضت هيام بحدة تجلت في نبرتها وهي تقول:
ـ أخو مين اللي صا… يا صابرين ما تحسني ملافظك، وبعدين أخويا موقفش حال حد. اخويا جه لحد باب بيتك وطلب إيد بنتك، و أنتِ اللي معجبكيش.
صابرين بغضب:
ـ أيوا معجبنيش و عمره ما هيعجبني، اخوكي دا مين ولا ابن مين ولا بيشتغل أيه عشان اجوزه البت اللي حيلتي!
هيام بتحذير:
ـ خلي بالك يا صابرين. أنتِ عماله تغلطي وانا سكتالك عشان غنى، وعشان أنتِ في بيتي.
صابرين بقسوة:
ـ ولا تقدري تعملي حاجة. الغلط راكب اخوكي من ساسه لراسه، و بعدين يا حبيبتي احنا ملناش في قتا.لين القتلة، وبتوع الحشيش.
انتفضت هيام وكأن سهمًا مُشتعلًا أصاب قلبها:
ـ مين اللي قتا.لين القـ.تلة و بتوع حشيش يا صابرين!
ـ أنتوا يا عنيا. تنكري أن أبوكي اتطرد من بلده بسبب عملة سودا عملها! و تنكري أنه كان حشاش و خمورجي!
تراشقت الإهانات بصدرها، فأصابتها بالوهن الذي تجلى في نبرتها حين قالت:
ـ عيب يا صابرين الكلام دا. ابويا الله يرحمه كان مظلوم، و ياسر مالوش ذنب…
قاطعتها صابرين بجحود تجلى في نبرتها و كلماتها:
ـ مش شغلنا يا حبيبتي. له ذنب ولا مالوش ميخصناش. هما كلمتين ملهمش تالت. اخوكي يبعد عن بنتي. لا هو من توبها و لا يليق لها. بنتي زينة البنات. تروح للي يتاقلها.
هيام بنبرة ترتجف ألمًا:
ـ و افرض هي عايزة ياسر؟
صابرين بحدة:
ـ خليه هو بس يبعد عنها و يبطل يميل دماغها. اسمعيني يا هيام أنا لحد دلوقتي عاملة بأصلي معاكوا، و مقدرة حالتكوا لكن اخوكي لو مسك سلوك الكهربا مش هياخد البت اللي حيلتي. ماهو انا مش مجنونة ار.ميها في النار بإيديا، و بدل ما اديها للي يهننا اديها لواحد يمرمطها.
هيام باستنكار:
ـ مين قالك إن ياسر هيمرمطها!
ـ وهو الفقر و الحوجة مش مرمطة! ولا الكام ملطوش اللي بياخدهم من جابر يعملوا أيه في الزمن دا! إلا بقى لو كان ناوي ينزلها تشتغل معاكي في المشغل.
كانت رنة السخرية في جملتها الأخيرة جارحة إلى درجة كبيرة لتهتف هيام بلوعة:
ـ الشغل مش عيب يا صابرين، وانا بشتغل مش عشان حوجة. لا انا اخواتي مش حارميني من حاجة، وعمر ياسر ما هيبهدل بنتك.
صابرين بتجبر:
ـ قصره يا هيام. انا بنتي جايلها عريس مايترفضش. راجل ملو هدومه و أبوه تاجر كبير اوي، و الواد و أهله هيموتوا عالبت، وأنا هجوزهاله هجوزهاله، و أخوكي دا لو مبعدش عن بتي. الله في سماه لهحسرك عليه عمرك كله. فيا تبعديه عنها بالذوق يا هعمل فيه بلاغ و اوديه في ستين داهيه
ضاقت ذرعًا من الإهانات و تجبر هذه المرأة لتصرخ بعُنف:
ـ من غير تهديد با صابرين. اللي خلق بتك خلق مليون غيرها. اشربيها، و أخويا ميستحقش ناس شبهكوا. روحي يا حبيبتي بيعيها للي هيدفعلك أكتر.
صابرين بتبجح:
ـ ملكيش فيه. ابعديه بس عننا، و ربنا ياختي يبعتله نصيبه.
تشعب الغل في أوردتها و نبرتها حين قالت:
ـ هيحصل يا صابرين. بس اوعي تنسي كل كلمة قولتيها النهاردة عشان هييجي يوم و أندمك عليها.
ابتسامة ساخرة و نظرة مُحتقرة كانت الإجابة التي رمتها بها صابرين قبل أن تُغادر صافقة الباب خلفها لتسقط هيام فوق المقعد تبكي بحرقة آلمت مها التي كانت تستمع إلى الحديث منذ بدايته، ولم ترِد الخروج حتى لا تُحرج هيام أكثر، لتقترب منها تعانقها بقوة وهي تقول بتأثر:
ـ اهدي بالله عليكِ يا أبله هيام. متزعليش نفسك. دول ناس زبالة، و ياسر يستحق اللي أحسن منهم.
لم تفلح كلمات مها في تهدئة الألم الذي يكاد يفتك بروحها، و الذي استدعى شيطان الحقد بداخلها لتهب من مكانها وهي تهتف بغل:
ـ البت دي لازم تبعد عن أخويا. لازم أخليه يشيلها من دماغه.
مها بنبرة يشوبها الحسد:
ـ بس ياسر بيحبها أوي. تفتكري في حاجة ممكن تخليه يشيلها من دماغه!
توقفت هيام بمنتصف الغرفة وهي تنظر إلى البعيد بغضب مقيت قبل أن تهتف بقسوة:
ـ لا مفيش. ياسر لا يمكن يسيبها.
صمتت مها تفكر و من ثم هتفت بلهفة:
ـ طب أية رأيك لو تحاولي تبعديها هي عنه!
هيام بتفكير:
ـ تصدقي عندك حق. أخويا أصيل لا يمكن يتخلى عنها. بس هي أكيد واطيه زي أهلها، و هتبيعه بالساهل.
ـ طب ناوية على أيه!
صمتت هيام لبعض الوقت تعيد تدوير الأفكار في رأسها قبل أن تتسلط عينيها على مها التي كانت تطالعها بغرابة سرعان ما تحولت إلى دهشة حين سمعتها تقول:
ـ لو عيزاني أساعدك في المصيبة اللي أنتِ فيها. يبقى تساعديني أنتِ كمان ابعد البت دي عن ياسر.
مها بلهفة كغريق وجد قشة نجاته:
ـ موافقة. هعمل كل اللي أنتِ هتقولي عليه.
تملك الشيطان منها لتقول بنبرة مغلولة:
ـ اسمعيني كويس..
عودة للوقت الحالي
كاد عقلها أن يطير من هول ما سمعته، فهل هناك أم في العالم قد تدعس فوق قلب ابنتها بمثل هذا الجبروت! كانت الأعيُن متوسعة من فرط الصدمة و الذهول ليهتف يزيد باستنكار:
ـ أية دا! أيه القرف دا! انتوا مين عشان تعملوا في الناس كدا! مين عشان تلعبوا بحياة البني آدمين بالشكل دا! أنتوا أية؟
قال جملته الأخيرة صارخًا مما جعل جابر يحاول تهدئته قائلًا:
ـ أهدى يا يزيد. أهدى خلينا نفكر بالعقل يا ابني.
هنا تحدث ياسر بنبرة تعانق بها الألم و الخذلان و الاستنكار معًا:
ـ نفكر!
وضع يده فوق رأسه و أخذ يدور حول نفسه كالنمر الذي أُغتيلت هيبته بضربة غدر جاءت من صديق، فصار ينهش الهواء حوله ليُخفي وجعه. عاجز عن محو عبراته و ردع صرخاته التي لم تُهدأ هذا الوجع المُميت بداخله ليقوم بتوجيه لكماته إلى الحائط لكمة تلو الأخرى وهو يزأر بوحشية:
ـ ليه؟ ليه ؟ ليه؟
هرول كُلًا من يزيد و جابر يحاولون السيطرة عليه ليتراجع عنهم وهو يصرخ بصوت أفزع الجميع:
ـ ابعدوا عني.
كانت أنفاسه تتصاعد كزئير وحشًا جريح ينهشه الألم نهشًا فيحاول ركله مع الهواء الخارج من صدره حتى صار كل نفس يخرج منه أشبه بانفجار مكتوم يتردد صداه في المكان مما جعل الجميع يتراجع خوفًا من مظهره، ولكن هذا الوحش الجريح، بكل ما فيه من غضبٍ ووجع، لا يحتاج لأحد سواها فهي البلسم الوحيد القادر على تهدئة نزفه، واليد التي تعرف كيف تُرمم ما تمزق منه، ليتوجه إليها يجذبها من يدها بقوة و هو يهبط الدرج مهرولًا إلى الخارج و كأنه يفر من هذا المكان كما يفر الإنسان من جهنم.
لا إلهَ إلا اللهُ العظيمُ الحليم،
لا إلهَ إلا اللهُ ربُّ العرشِ العظيم،
لا إلهَ إلا اللهُ ربُّ السماواتِ وربُّ الأرضِ وربُّ العرشِ الكريم.»♥️
★★★★★★★★
كان هذا الصباح يحمل من الغيوم ما أثقل كاهل السماء فأخذت تُمطر و كأنها تُنفس عن وجعها الذي كان أضعافه بصدر خالد الذي ما أن سمع عن اختطاف ابنته، وهو كالمجنون، فقد خرج الوحش من مكمنه، و السيطرة عليه دربًا من المستحيل فقد أصبح مُرعبًا حد ارتجافة جسد أشجان الجالسة بجانبه في السيارة التي كانت تبتلع الطريق كثعبان ضخم لا يجرؤ أحد على اعتراض طريقه.
ـ خالد.
هكذا هتفت بذُعر ليلتفت إليها بحدة جعلت جسدها يرتد إلى الخلف، و العبرات تتدحرج من مقلتيها كهارب يفر من طوق المشنقة مما جعله يحاول تنظيم أنفاسه قليلًا قبل أن تمتد يده و تقبض على كفها بقوة لم يكُن يقصدها ليجذبها إلى صدره الذي كان يرتج بعُنف، و كأن هناك قنبلة على وشك الإنفجار تنبض بين ضلوعه، و تقذف الهواء من داخله مما جعل نبرته متهدجة حين قال:
ـ اهدي. متخافيش. أن شاء الله رنا هترجع بالسلامة.
أخذ جسدها يرتجف أسفل حصار ذراعه ليقترب واضعًا قبلة سطحية فوق حجابها و كأنها اعتذار عن هلعها يتنافى مع نظراته المُرعبة و صوته القاسي الذي يعج بالوعيد حين قال:
ـ لسه متخلقش على وش الدنيا اللي يمس شعره من أهل بيت خالد الوتيدي.
كان حديثه مرعب و غضبه مقيت، فاحتمت بصدره دافنه وجهها بين ضلوعه إلى أن سمعت صوت احتكاكًا قويًا و فجأة توقفت السيارة بشكل مباغت ولكنها كانت آمنه أسفل ذراعه المُحيط بها، و قد شعرت بالبرد يكتنفها حين جذبه بعيدًا عنها لترفع رأسها إليه، فلمحت ومضة من اللين داخل عينيه قبل أن تتحول نظراته إلى أخرى قاتمة مرعبة تشبة نبرته الخشنة حين قال:
ـ هتنزلي دلوقتي و تدخلي القصر و اوعي تخرجي منه لحد ما ارجع رنا. سمعاني!
خرج صوتها أشبه بالهمس حين قالت:
ـ هتعمل ايه؟
كانت ملامحه جامدة و قاسية في آن واحد بالإضافة إلى نظراته الخطرة التي بعثت الخوف في نفسها ولكن جاءت كلماتها لتهدم الفُتات المُتبقي من ثباتها حين قال:
ـ هوري اللي فكر يقرب من بنتي جهنم على الأرض شكلها أيه!
ارتجف جسدها رعبًا أفصحت عنه عينيها بغزارة لتُصيبه بلعنة الذنب على مظهرها المرتعب مما جعله يقول بخشونة:
ـ اوعي تخافي من أي حاجة أبدًا طول ما أنتِ معايا، و ادعيلي. يلا انزلي.
لم يُمهلها الوقت إنما تركها ليترجل من السيارة و هو يلتف إلى الجهة الأخرى ليقوم بفتح الباب و احتضان يدها ليُخرجها من السيارة فمدت يدها تمسك مقدمة قميصه بقوة ليُغمض عينيه محاولًا التغلب على طاقة الألم النابع من خوفه على ابنته و الغضب الهائل التي ضاعفه خوفها و نبرتها المُهتزة حين قالت:
ـ خالد. انا خايفة عليك أوي.
وضع قبلة محرورة فوق حجابها قبل أن يقول بنبرة جافة غاضبة:
ـ قولتلك متخافيش. ادعيلي بس.
بتر كل محاولاتها في الحديث ليصرخ على أحد الخادمات التي هرولت إليه ليهتف بجفاء:
ـ اسنديها لحد جوا. يالا.
أطاعته وقد أمسكت الخادمة بيدها لتساعدها في المشي فقد كانت أقدامها تلتف حول بعضها من فرط الخوف، و هي تنظر إلى الخلف وعينيها معلقة على خالد الذي قام بجذب سلاحه من خلف ظهره وهو يحادث قائد الحرس خاصته:
ـ عرفتوا خدوها وراحوا فين؟
عابد باحترام:
ـ أحنا مراقبينهم عن طريق الGps اللي في هدوم رنا هانم، و زي ما حضرتك توقعت. أنهم هيتخلصوا من أي حاجة معدن معاها. زي الساعة و التليفون و حتى السلسلة اللي كانت لبساها.
ناوله عابد أغراض طفلته ليشعُر بقبضة قوية تعتصر صدره من فرط الألم ليلحظ عابد تبدل ملامحه مما جعله يقول بلهفة:
ـ متقلقش يا خالد بيه. رجالتنا طلعوا على الطريق من اول ما لقطنا الإشارة، و أن شاء الله هيلحقوهم.
اومأ خالد برأسه بوعيد، وهو يتذكر ما حدث قبل عملية إنقاذ عمته و ما سبقها من ترتيبات
عودة إلى وقتٍ سابق
ـ جبت اللي قولتلك عليه يا باشمهندس!
هكذا تحدث خالد إلى أحد رجاله ليقوم الرجل بإعطائه صندوق صغير تناوله خالد وهو يتفحصه بينما أخذ الرجل يشرح ما به:
ـ دا طلبك بالظبط يا خالد بيه. جهاز تتبع. حجمه صغير بس الإشارة بتاعته قوية جدًا و بيشتغل بمجرد ما حضرتك تدخل الباس وورد بتاعته على الجهاز بتاعك، و بسبب حجمه الصغير احنا ممكن نذرعه في أدق الأماكن و اللي محدش أبدًا يتخيل أن فيها جهاز تتبع.
خالد باستفهام:
ـ زي ايه يعني ؟
ـ زي مثلًا زراير القمصان أو البلوزات!
خالد مُستفسرًا:
ـ اشرحلي اكتر..
قام المهندس بإخراج كيس بلاستيكي يوجد به عدة أزرار قمصان تحمل حبة من اللؤلؤ التي كان حجمها صغير ثم أخرجها من مكانها ليقوم بوضع أحد أجهزة التتبع أسفلها ثم ثبتها في مكانها مرة أخرى، وقد اندهش خالد من الأمر قليلاً ليبتسم المهندس وهو يقول ببساطة:
ـ كدا احنا زرعنا الجهاز و تقدر توصله باللاب بتاع حضرتك، و عشان تفتحه هتدخل الباس وورد بتاعته. كل جهاز ليه باس وورد.
خالد بابتسامة كسولة:
ـ هو دا بالظبط اللي أنا بدور عليه.
ـ لو حابب انا ممكن اركبه في أي هدوم تحبها.
خالد بتأييد:
ـ هخليك تعمل دا. مع المدام و الولاد، حتى لو هنقلل خروجهم الفترة دي لحد ما الدنيا تهدى. لكن على الأقل هدوم الولاد بتاعت المدرسة لازم نركب فيها الجهاز دا. عايزين الوضع يبان طبيعي بس تبقى واخدين احتياطاتنا.
الرجل باحترام:
ـ اعتبره تم يا باشا.
عودة للوقت الحالي
ـ زودت الحراسة على القصر زي ما قولتلك؟
هكذا تحدث خالد باستفهام ليُجيبه عابد بتأكيد:
ـ حصل يا فندم، بس..
خالد باستفهام:
ـ بس أية؟
عابد بتردد:
ـ كمال بيه من وقت اللي حصل برن عليه تليفونه مغلق، و مش في البيت. أنا مش مطمن.
صمت خالد لثوان قبل أن يقول بنبرة آمرة:
ـ هنحاول نتواصل معاه وأحنا في الطريق. يالا عشان نلحق الرجالة.
و بالفعل استقل الرجال السيارات و التي كان عددها عشر سيارات دفع رباعي، لينطلقوا كالإعصار الذي لا يقدر على إيقافه أو ردعه أي شيء.
«اللهم إني عبدُك، ابنُ عبدِك، ابنُ أمتِك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدلٌ فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك… أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همّي.»♥️
★★★★★★★★★★
انتصف النهار، و لكن لم تشرق الشمس بل توارت خلف السُحب، وكأنها تشجب كل هذا الحزن الذي يعج به صدر أحدهم، وتمقت هذا الكبرياء الذي يُشبه كثيرًا هذه السُحب التي تحجب دفئها عن الأرض، فقد كان هو الآخر يحجب وهج العشق الذي يجيش بالصدور و يقودها إلى طريق الهلاك الذي لا نجاة منه.
توقف عمر أمام أحد المباني و إلى جانبه شروق التي كانت ترتدي الكبرياء كثوب يتماشى مع ملامحها الجامدة و نظراتها التي تدعي الهدوء على عكس كل هذا الخراب بداخلها، وقد كان هذا الأمر مثير للغضب داخل عمر الذي قال بجفاء:
ـ أنتِ متأكدة أن اللي بيحصل دا صح!
شروق باختصار و بنبرة جامدة:
ـ جدًا.
كانت أشواك الكبرياء تنغرز بصدره، فتمنع الكلمات من التدفق من بين شفتيه، ولكنه سلك دربًا آخر حين قال بتحذير:
ـ خلي بالك أن الموضوع ميخصكيش لوحدك. في جميلة و في تيتا كمان.
بشق الأنفُس استطاعت البقاء على جمودها حين التفتت تناظره وهي تقول بنبرة جافة:
ـ الوضع اللي انا عايزة اصححه ميخصش حد غيري يا دكتور عمر، و اعتقد أن الورث دا حقنا و مش مشروط بجوازي منك كدا ولا أيه؟
كان هناك استفهامًا مُلحًا يثور بداخل صدره ألا وهو : كيف تستطيع الثبات بتلك الطريقة التي تبدو وكأن قلبها لم يرتج بعشقه يومًا!
هدوء ملامحها و جمود نظراتها الموجهة إليه و إصرارها للتخلص من قيده و كأنه خطيئة تحاول التملص منها حتى لا تُدنس صحيفتها! كيف تفعل هذا؟
ـ تمام يا شروق اللي تشوفيه.
ارتج قلبها لجملته، و بصعوبة بالغة قاومت سيل من العبرات وهي تتوجه خلفه إلى الطابق الذي يقع به مكتب الشيخ لإستكمال إجراءات الطلاق، تلك الكلمة التي مازالت ترن بأذنها منذ البارحة، وقد كان ردها اليتيم عليها:
ـ خلينا نروح الصبح للمأذون عشان نطلق رسمي.
وهاهي تجلس أمام الشيخ الذي أخذ يؤكد على أن أبغض الحلال عند الله الحرام، وكان قلبها يردد بأن الظلم و القهر أيضًا من المحرمات و على رأسهم الخيانة، عند هذه النقطة تدحرجت العبرات من مُقلتيها وهي تهتف بنبرة مُشجبة:
ـ أنا بصحح وضع كان غلط من البداية يا حضرة الشيخ.
جملتها كانت صفعة مؤلمة لكبرياؤه الذي أبى هذه الأهانة ليهتف هو الآخر دون النظر إلى عبراتها و أنفاسها المتألمة، والتي تكاد تشق صدرها إلى نصفين:
ـ عندها حق. جوازنا دا كان أكبر غلطة غلطناها في حياتنا، و لازم نصححها.
استسلم الشيخ امام قرار الإثنين و بدأ في معاملات الطلاق لتأتي اللحظة الحاسمة حين طلب منه أن يُلقي يمين الطلاق ليلتفت إليها بقلب يحترق ألمًا و عقل كان له بالمرصاد، فأخذ يخبره بأنها ليست سوى نزوة لا تليق به لذا جاءت نبرته باردة و جافة حين قال :
ـ أنتِ طالق.
كان لهذه الكلمة صدى كبير داخل صدره الذي فطن الآن أنه خسرها للأبد، فضربت أوصاله رجفة قوية خاصةً حين رأى حزنها القاتل الذي تغلب على كبريائها و أرداه صريعًا ليحاول الاقتراب منها قائلًا:
ـ تعالي اوصلك…
ـ امشي.
كانت كلمة قاطعة تحمل قهر و غضب وخذلان تحولا إلى غل مكتوم أطل من عينيها لتُتابع بقسوة:
ـ مش عايزة أشوفك تاني طول مانا عايشة.
اللهمَّ رحمتَكَ أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفةَ عين، وأصلح لي شأني كلَّه، لا إله إلا أنت.♥️
★★★★★★★
كانت السيارات تبتلع الطريق أمامها وبداخلها خالد و رجاله، فقد قاربوا على الوصول لنقطة بعيدة تمامًا في الصحراء، و التي توقفت عندها السيارة المُحتجز بها ابنته، ليصرخ في الهاتف بجنون:
ـ اسمع اللي هقولك عليه و نفذه بالحرف الواحد، اشتبكوا معاهم بس على حذر. شتتوا انتباههم و خليهم يحسوا بالخطر من غير أي ضرب نار حي. اشغلهم عنها بس لحد ما نوصل. احنا مقدمناش كتير.
نفذ الرجال حديثه لتنشب الاشتباكات بينهم، و يهتف أحد الرجال بغضب :
ـ هنعمل أيه دلوقتي، و رماح بيه إتقبض عليه!
سمع أمين حديثهم فهتف بعويل:
ـ الله ينتقم منك يا رماح الكلب. سلمت رقبتي للوتيدي! الله يخربيتك هعمل أيه دلوقتي! دا هيموتني.
تراجع بظهره إلى أحد الغرف وفجأة وقعت نظراته على رنا التي كانت ترتعب في آخر الغرفة ليهرول تجاهها قائلًا بطمئنة زائفة:
ـ اهدي يا حبيبتي. انا مخطوف زيي زيك. بس أنا مش هأذيكي، ولا هخليهم يأذوكي. انا هوديكِ لباباكي.
رنا بذُعر وهي تبكي بحرقة:
ـ وديني لبابي بليز.
أمين بلهفة:
ـ حاضر. حاضر.
التفت أمين إلى الباب إلى النافذة التي تتوسط هذه الغرفة الكبيرة التي كانت مُعدة للماشية، فلفت إنتباهه هروب بعض الرجال من الخلف، فلعن تحت أنفاسه، وقد صح ظنه بأن هذا القذر يلعب به و جعله طُعم لخالد الوتيدي ليهرول إلى الخارج، فقد كان هناك مناورات من كلا الجانبين لتقع أنظاره على مفاتيح السيارة المعلقة في زنار أحدا الرجال، فهرول ليختطفها، وحين التفت الرجل قام بتوجيه ضربة قوية إلى رأسه بمقدمة سلاحه، و توجه إلى الغرفة ليجد رنا مازالت تنتفض رعبًا لم يمس قلبه، بل تركها و قام بالقفز من النافذة مهرولا إلى أحد السيارات ليستقلها بسرعة، و إذا بوابل من الرصاص ينهال فوقه، فعلم بأن القيامة قامت فوق رأسه ليقوم بتدوير المحرك، و يحاول الهرب بأقصى سرعته، و خلفه خالد الذي كان يزأر كالوحوش، وقد راى وجه هذا الحقير و علِم هويته ليصرخ في الرجال:
ـ اطلعوا ورا الكلب دا، هاتوه حي.
أطاعه بعض الرجال بينما اشتبك الآخرون معه في حرب الرصاص هذه، ليُشير إليه عابد في اتجاه النافذة المفتوحة، فهرول إليها و خلفه أربعة رجال مسلحين ليقوم بمعاينة الغرفة والتي كانت خالية إلا من رنا، فهوى قلب خالد بين قدميه حين شاهدها وهي ترمي في آخر الغرفة تبكي برعب من صوت إطلاق النيران، ليقوم بالقفز من النافذة، و فعل أحد رجاله المثل من النافذة الأخرى ليهرول هو محتضنًا طفلته، بينما الرجال يحمون ظهره ليهتف بقلب يخفق بعنف:
ـ اهدي يا حبيبة بابا. أنتِ في حضني خلاص.
ـ بابي. انا مرعوبة.
هكذا هتفت رنا بجسد مذعور كالعصفور الصغير بينما خالد كان يحل وثاقها بكل ما يحمل من لين، وما إن انتهى حتى جذبها لتستقر بين ذراعيه ولسانه يردد عبارات الحمد بأنها بين أحضانه، و فجأة انفتح الباب على مصرعيه ليُطل عابد بجسده الضخم و من خلفه حفنة من الرجال ليهتف بطمأنه:
ـ خلصنا عليهم يا خالد بيه.
حمل خالد رنا بين يديه، وهو يهتف بشراسة:
ـ و الكلب اللي هرب.
عابد بأسف:
ـ للأسف العربية انقلبت بالرجالة، و عرف يهرب..
لعن خالد من تحت أنفاسه قبل أن يقول باستفهام:
ـ حد من الرجالة جراله حاجة؟
ـ إصابات بس. حتى اللي كانوا في العربية الحمد لله مخسرناش حد منهم.
خالد بنبرة آمرة:
ـ عالجوا كل الرجالة اللي اتصابت، وشوف لو في أحياء وسط الكلاب دول هاتوهم. هينفعونا.
أنهى حديثه وخرج حاملًا رنا بين يديه عائدًا إلى البيت.
«اللهمَّ إني أعوذ بك من الهمّ والحَزَن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجُبن والبُخل، وأعوذ بك من غَلَبة الدَّين وقهر الرجال♥️
★★★★★★★
كانت جامدة كجثة لا حراك بها، تنظر إلى البعيد بأعيُن لأول مرة يتلمع بهم الندم، فكان حالها أشبة بشخص خسر نزاله مع الحياة وهو على مشارف خط النصر، فقد ظنت أنها انتصرت، أو هكذا أوهمها عقلها المريض، الذي آمن لتقلبات القدر، و أعماه كبرياء جشع صور لها ان بإستطاعتها امتلاك كل شيء و هاهي تهوى في فخ غرورها و تعود خائبة من النقطة ذاتها التي ظنت أنها ستظل فوق قمتها للأبد.
ـ كمال.
هكذا همست بلوعة، وهي تتذكر نظراته المذبوحة من فرط الألم، و ملامحه التي امتص الخزلان وجهها وخروجه العاصف منذ البارحة ليتركها للوحدة التي ظنت أنها فارقتها إلى الأبد، فأخذ قلبها يتضرع إلى الله بأن ينفتح باب هذه الغرفة و يطِل عليها لتُشرِق الحياة بقلبها من جديد.
مرت ساعة تلو الأخرى والصمت يُخيم على المكان حتى كاد عقلها أن يُجن، فهبت من جلستها على الأرض الصلبة لتقرر تغيير ملابسها، فقد كانت لازالت تردي هذا الفستان منذ البارحة، ليُقاطع خطتها ارتطام باب الغرفة بقوة بالحائط خلفه، و وجه ميرهان القبيح وهي تهتف بشراسة:
ـ كمال راح فين؟
آسيا بجمود:
ـ معرفش.
كان مظهرها مُذريًا أعيُن متورمة، و وجهًا كان كلوحة مُريعة شكلتها مساحيق التجميل التي سالت، فاختلطت فأصبح شكلها مرعبًا خاصةً بذلك السواد الذي سال من عينيها، لتتراجع ميرهان إلى الخلف وهي تقول باحتقار:
ـ ياريته كان هنا عشان يشوف بشاعتك.
لم تكُن لديها القدرة لسماع حرفًا واحدًا لذا هتفت بتحذير:
ـ اخرجي بره.
ميرهان بتجبر:
ـ أنتِ اللي هتخرجي بره.
توسعت حدقتي آسيا من حديث ميرهان التي كانت تقصد كل حرف تفوهت به، فقد قامت بجرها من يدها وهي تصرخ باحتقار:
ـ اخرجي من حياتنا. اللي زيك مالوش مكان وسطنا. اخرجي بره.
خرجت أشجان مفزوعة على صراخ ميرهان التي ما أن رأتها حتى قامت بدفع آسيا لتستقر في أحضان أشجان التي هتفت باستفهام:
ـ في اية؟
لأول مرة لم تقاوم، فقد كان غيابه كالفيروس الذي شل جميع حركاتها و امتص كامل طاقتها، فقط تبكي بحرقة بين احضان شقيقتها وهي تهمس بضعف:
ـ كمال.
أشجان بلهفة:
ـ ماله كمال!
تولت ميرهان الإجابة قائلة بغل:
ـ أخويا مشي بسببها. بعد ما عرف خيانتها له مقدرش يستحمل، مشي و مرجعش من امبارح، و أظن أنه لما يرجع مش هيكون حابب يشوفها.
تعالت شهقات آسيا لتهتف أشجان بلوعة:
ـ أنتِ بتقولي ايه؟ مين اللي خاينة! في أية يا آسيا!
لم تجد من الكلمات ما يُسعفها لتتقدم ميرهان منها بغل و تقوم بجذب آسيا من خصلات شعرها وهي تصرخ بحقد:
ـ اخرجي بره. مش عايزة أشوف وشك هنا تاني.
حاولت أشجان حماية شقيقتها من بين يدي ميرهان التي هبطت الدرج وهي تجر آسيا من خصلاتها فيما كانت الأخيرة تبكي بحرقة لينتفض الفتيات الثلاثة إثر صوت خالد الصارخ:
ـ ميرهان!
توقف النبض بأوردتها لثوان حين استمعت إلى صوت شقيقها الصارخ و رغمًا عنها افلتت خصلات آسيا، بينما أشجان هرولت إلى ذراعي خالد التي احتوتها لتصرخ بفزع:
ـ الحقنا يا خالد.
احتواها خالد بقوة وهو يطلق الشرر من بين عينيه و فمه حين قال:
ـ أنتِ بتعملي أيه؟
ميرهان بتهتهه كالأطفال:
ـ أصل. يعني. كمال. هي….
لم تستطِع إكمال جملتها، لتقتربت أشجان من شقيقتها تحاول مساعدتها بينما خالد كان يقترب من ميرهان بخطٍ وئيدة و نظرات كانت كالجحيم الذي غرقت به حين سمعته يقول:
ـ إزاي تسمحي لنفسك تعملي فيها كدا؟
كانت فرصتها الوحيدة للنجاة لذا هتفت بلهفة:
ـ أنت متعرفش دي عملت ايه؟ دي خاينة. خانت كمال، و هو عرف. و من وقتها مشي و مرجعش. انا . انا كنت خايفة عليه.
كان حديثها رغم تقطعه ولكنه صادم لذا التفت ناظرًا إلى أشجان قائلًا بجمود:
ـ طلعيها على فوق لحد ما اكلم كمال اعرف منه فيه أية؟
أشجان بلهفة:
ـ طب رنا.
خالد بنبرة جافة خالطتها بعض الحنية:
ـ اطمني.
أطاعته وهي تساعد آسيا للصعود إلى الأعلى ليلتفت هو موجهًا حديثه إلى ميرهان التي لازالت ترتجف:
ـ اوعي اسمعك بتقولي حرف من الكلام اللي قولتيه من شوية دا، واعرفي أن حسابه غالي اوي.
ميرهان من بين عبراتها:
ـ حسابه غالي لو بكذب. إنما أنا صادقة في كل كلمة، وتقدر تسأل كمال.
خالد بشراسة:
ـ على أوضتك.
هرولت ميرهان هي الأخرى للأعلى ليجلب هاتفه و يقول بالاتصال بهاتف كمال و دقات قلبه تهدر بعُنف من القلق على شقيقه الذي لايزال هاتفه مُغلق، فجن جنونه ليقوم بالاتصال على عابد قائلًا بنبرة آمرة:
ـ عابد كمال لسه مظهرش من امبارح ودي مش عوايده. عايزك تقلبلي الدنيا، و تلاقيه.
أنهى مكالمته مع عابد وارخى جسده فوق المقعد خلفه، وعقله يعمل في جميع الاتجاهات يشعر بأن هناك سوء ألم بشقيقه، فهذا الألم الذي يجتاح صدره حتمًا لن يأتي من فراغ.
لم يمر الكثير ليخترق نُباح نبيلة رأسه:
ـ صحيح اللي سمعته دا يا خالد! اللي خطف رنا هو جوز أشجان!
برقت عينيه و تأجج بها الجحيم حين نسبت زوجته لذلك الحقير فاسودت معالمه، ووثب واقفًا ليبدو كالوحش الغاضب الذي يلفظ النيران من فمه على هيئة كلمات:
ـ جوز أشجان واقف قدامك أهو ولا أنا مش مالي عينك!
تراجعت نبيلة للخلف من فرط الرُعب وهي تقول بتلعثُم:
ـ لا. أنا. انا. مقصدش. أنا قصدي يعني اللي كان جوزها.
في هذه الأثناء كانت أشجان تهبط الدرج ليخترق الحديث أذنيها فهتف باندفاع:
ـ أنتوا بتقولوا أيه ؟ أمين اللي كان خاطف رنا؟
تحولت نظراته الوحشية إلى أشجان التي كانت تطالع نبيلة بصدمة لتهتف الأخيرة بخُبث احتل اتهاماتها حين قالت:
ـ تخيلي! بنتنا كان هتروح مننا بسببك!
أشجان باستهجان:
ـ إزاي! أمين عمره ما يعمل كدا!
لمع الخُبث في عيني نبيلة كما تلمع النجوم في السماء لتهتف بمكر:
ـ ياااه للدرجادي واثقه في نُبل أخلاقه!
أشجان بلهفة:
ـ لا أنا…
قاطع حديثها صوت خالد الذي ارتجت له جدران البيت:
ـ ولا كلمة.
شهقة خافتة خرجت من جوف أشجان التي هالها مظهره و نظراته القاتلة لها و خاصةً نبرته حين تابع:
ـ اطلعي على أوضتك.
ضحكة ساخرة خرجت من فم نبيلة لتستقر في أذنيه ليلتفت إليها قائلًا بنبرة آمرة:
ـ و أنت روحي على بيتك، مش عايز أشوف وشك هنا تاني.
قال جملته الأخيرة بصراخ أفزعها لتُطيعه على الفور، فالتفت هو قاصدًا تلك المجنونة التي أخرجت شياطينه من جحيمها ليأخذ الدرج في عدة خطوات قبل أن يقتحم الغرفة لينتفض جسد أشجان و يرتد إلى الخلف وهي ترى مظهره المُرعب لتكتمل صورة الوحش في ناظريها حين سمعت صوته القاسي البارد حين قال:
ـ سمعيني بقى قولتي أيه تحت؟
تفشت وخزات الرعب في سائر جسدها لتخرج نبرتها مُرتجفة حين قالت:
ـ خالد أنا.
خالد بزئير وحشي:
ـ سمعيني قولتِ أية؟
تضامن الخوف بداخلها مع الغضب لتهتف صارخة:
ـ قولت أن أمين ميعملش كدا.
توسعت عينيه حين أعادت جملتها مرة أخرى لترتسم ابتسامة مُرعبة على شفتيه حين قال:
ـ بتدافعي عنه قدامي!
كانت كطفلة صغيرة تقف أمام وحش مرعب لا تعرف كيف يُمكنها النجاة من بين براثنه لترتجف الحروف فوق شفتيها حين قالت:
ـ لا . لا . أنا…
قاطعها خالد بقسوة يتخللها الألم:
ـ واثقة فيه أوي أنه لا يمكن يعمل كدا! طب أيه رأيك بقى أنه هو اللي خطف رنا!
لم تصدق أن هذا الجبان يُمكنه أن يُقدم على فعل كهذا لتحاول تهدئته قليلًا حتى يتثنى لها التفاهم معه’
ـ خالد ارجوك تهدى. أهدى شوية.
خالد بغضب مروع:
ـ أهدى ايه وانا شايفك بتدافعي عنه؟
أشجان بانفعال:
ـ انا مبدافعش. بس أمين…
قاطعها صراخه المُفزع وهو يركل الطاولة أمامه حتى طارت في الجهة الأخرى و هو يصرخ بشراسة:
ـ متجبيش اسم الحقير دا على لسانك تاني.
كادت أن تسقط أمامه من فرط الخوف الذي جعلها تصرخ بانفعال:
ـ خالد امشي. انا مش عايزة اتكلم معاك و انت كدا. امشي أنا قادرة ابص لك أصلًا.
تجمدت أنظاره عليها وهو يردد عباراتها بعدم تصديق:
ـ مش قادرة تبصيلي!
تقدم منها بخطوات وئيدة و عينين ملتهبتان بجمر الغيرة و الألم، فأوقفه صراخها المرتعب:
ـ قولتلك امشي. ابعد عني. ابعد عني يا خالد.
لم تتخيل نبرته البادرة كنصل السكين حين قال:
ـ لا مش هبعد يا مدام.
ما أن تقدم منها خطوتين حتى أخذ جسدها يرتجف بعُنف وهي تقول من بين انهيارها:
ـ حرام عليك أنا هموت من الرعب. أنت عامل كدا ليه؟
استقر استفهامها المؤلم بداخل قلبه لتحين منه إلتفاته إلى المرآة الجانبية التي أظهرت مظهره المُرعب، شعره الأشعث، و قميصه الممزق و الملطخ بالسواد، بالإضافة إلى عروقه النافرة في رقبته ووجهه و عينيه القاتمة و التي تطلق أعيرة نارية بدلًا عن النظرات ليبدو بهيئة أشبه برجال العصابات مما جعله يتجمد في مكانه، وهو يقول بنبرة حاول صبغها بالهدوء:
ـ اهدي. انا عمري ما هأذيكي و أنتِ عارفة كدا.
أشجان بصراخ و جسدها يرتجف جراء إنهيارها:
ـ لا مش عارفة. مش عارفة حاجة. أنت مش شايف نفسك.
زفر بقوة بحاول استجماع كل ذرة صبر لديه ليتقدم يجذبها بين ذراعيه رغم مقاومتها الضارية لتستقر أخيرًا بجانب صدره الخافق بعُنف، وهو يقول بحنو:
ـ خلاص يا حبيبتي اهدي.
استكانت في براح صدره لدقائق تشكو لقلبه هلعها الكبير منه و يديه تمران بين خصلات شعرها بحنو قبل أن يتراجع عنها محتضنا وجهها بين يديه وهو يقول بنبرة مُتحشرجة:
ـ بصي في عنيا.
رفعت رأسها تطالعه بعتب لتمحو أنامله الحانية عبراتها بلُطف قبل أن يقول بصوتًا أجش:
ـ انا بغير عليكِ من نسمة الهوا اللي بتلمس خدك.
ارتج قلبها تأثرًا بكلماته لتهتف بهمس::
ـ خالد.
خالد بنبرة خشنة:
ـ غصب عني. افهميني، و اعرفي أن مجرد انك تذكري اسمه دا بيجرحني. مش تدافعي عنه!
قال جملته الأخيرة بعتب لتهتف بلهفة نافية عنها هذه الشبهة
ـ أنا والله مش بدافع عنه. انا عارفة قد أية هو حقير و على قد ماهو حقير هو جبان. ميجرؤش أنه يعاديك علني كدا.
أعاد رأسها فوق صدره وهو يحتويها بقوة ناظرًا إلى البعيد يقلب حديثها في رأسه بعيدًا عن الغضب ليهتف بجفاء:
ـ الراجل دا كان في العربية اللي خطفت بنتي، و الرجالة اللي معاه رجالته.
ـ بس دا مش معناه أنه العقل المدبر للموضوع. هو انت مفكر أن انا افرق معاه لدرجة أنه يأذيك في بنتك عشاني!
خالد بحدة:
ـ متحاوليش تقنعيني أن خسارته ليكِ دا شيء عادي بالنسباله!
أشجان بهدوء:
ـ لا مش هحاول اقنعك. ماشي هو جواه نار منك انك خدت حاجة منه. بس النار دي مش هتظهر غير لو أنت أقل منه أو بمعنى أصح في موقف ضعف. وهو في موقف قوة. أكيد حد مقويه.
صمت قليلًا، وقد بدأ يقتنع بحديثها بالفعل لتُتابع قائلة:
ـ البني آدم دا المثال الحي للنرجسية. بيحب نفسه لأبعد حد عمره ما يأذيها حتى عشان ابنه اللي من دمه. في حد تاني وراه. في لعبة كبيرة بتتلعب عليك أنا حاسة.
خالد باختصار:
ـ في حاجة تانية في دماغك؟
أشجان بتفكير
ـ خلينا نفكر كدا. هو مطلبش منك فلوس، و سابها في المكان دا و هرب؟ طب خدها ليه؟ في حاجة غلط. هل هو أذاها!
خالد باختصار:
ـ لا.
أشجان بلهفة:
ـ يبقى في حاجة غلط.
كان يقلب كل الاحتمالات في رأسه، و عقله يستنكر أن يكون هناك صلة بينه وبين هذا الجبان القابع الآن في السجن، ولكنه في الحقيقة أقر بصدق حديثها حين قال:
ـ أنتِ عندك حق، و لغاية ما اوصل للحقيقة و للي وراه مش عايزك تتحركي خطوة واحدة من غيري، لا أنتِ ولا الولاد.
أشجان بخفوت
ـ حاضر.
خالد بخشونة:
ـ و رنا…
قاطعته بحنو لون نظراتها قبل نبرته:
ـ مش هتوصيني على بنتي.
ابتسامة دافئة لونت ثغره قبل أن يقول بصوته الأجش:
ـ يا بختي انا و هي بيكِ
أشجان بعتب:
ـ بلاش تخوفني منك تاني بالشكل دا. انا حسيت إن قلبي هيقف.
احتواها بقوة قبل أن يقول بنبرة حانية:
ـ بعد الشر عنك.
شددت هي الأخرى من احتوائه قبل أن تقول باستفهام:
ـ طب مش هتوديني عند رنا بقى!
خالد باختصار:
ـ حاضر. بس دلوقتي نطمن على كمال.
تراجعت عنه تناظره بضياع ليستفهم قائلًا:
ـ اتكلمتي مع آسيا و عرفتي في أيه؟
أشجان بحزن:
ـ مقالتش حاجة غير أنها يدوب غسلت وشها و اترمت على السرير نامت. أنا قلقانه عليهم أوي.
خالد بنبرة جامدة ظاهريًا ولكن يقبع خلفها قلق كبير:
ـ أن شاء الله خير.
«اللهم إني أسألك رزقًا واسعًا طيبًا مباركًا فيه، اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزِله، وإن كان في الأرض فأخرِجه، وإن كان بعيدًا فقرّبه، وإن كان قليلًا فبارِكه، وإن كان كثيرًا فلطّفه.♥️
★★★★★★★
ـ بتعملي أيه يا نچاة!
هكذا استفهم رحيم وهو يراها ترتدي عباءتها السوداء تنوي الخروج من الغرفة لتتجنب النظر إليه وهي تقول بجفاء:
ـ ماشية من اهنه.
رحيم بغضب:
ـ كلام ايه ده؟ يعني ايه ماشية من أهنه!
نجاة بانفعال:
ـ بعد عني. معيزاش اجعد في دارك دجيجة واحدة. هملني اروح لحال سبيلي، وكفاية اللي عملته فيا.
كلماتها أيقظت شرارة الذنب بداخله مرة أخرى ليهتف بلوعة:
ـ مش هجدر ابعد عنك بعد ما لجيت روحي وياكي. ورب العزة ما كنت في وعيي.
تراجعت للخلف وهي تهتف بحرقة:
ـ اسكت. متبررش. انا عشت سنين اتعذب بخاف أنام من الكوابيس، ولو نمت بجوم اصرخ من الخوف، والوچع، بالنسبالك كانت ليلة بالنسبالي سنين.
اقترب يحاول استمالتها،فقد كان قلبه يتلوى بداخله من فرط الوجع لتنهره صارخة:
ـ بعد يدك عني، و اوعاك تلمسني. خلاص شفتك على حجيجتك.
سقطت على المقعد بجسد منهك من فرط الألم الذي تجلى في نبرتها حين قالت:
ـ اني موت بسببك مرتين. مرة في الليلة المشجومة دي، و مرة النهاردة الصبح. بعد ما فكرت اني لجيت روحي وياك، و سلمتلك جلبي و أمنتك على حالي، و اطمنت چارك. صحيت على كابوس. شفتك. شفت ملامحك و عنيك و وشك.
حاولت التحكم بشهقاتها وهي تقول:
ـ كل ليلة كنت بشوف ضل للراچل اللي جتلني. بس ليلة امبارح حلمت بيك شفت وشك اللي انكشف جدامي جبل ما يغمي عليا.
ارتفعت أنظارها تطالعه بأعيُن تحمل من العتب ما أذاب عظامه كما فعل حديثها:
ـ أنا عشت اخاف من الناس و صنف الرچالة كله، و معاك انت بس حسيت بالإمان، تجوم تطلع انت سبب لعنتي. الله ينتجم منك.
أخذت تصرخ بوجع ليتناثر الألم من بين مآقيه و هو يراها تهرول إلى الخارج تبكي بصوت تتقطع له نياط القلوب بينما هو كان عاجزاً عن إيقافها، و لكن قلبه لم يحتمل فكرة فراقها ليرسل خلفها أحد الغفر حتى يعرف إلى أين ذهبت و بعد مرور ساعة من الآن تفاجيء بمجموعة من ضباط الشرطة تقف أمام المنزل ليهبط الدرج بهيبته التي تلائمه كظله وهو يقول بصوته الجهوري:
ـ في أية يا حضرة الظابط
ـ في بلاغ مُقدم ضدك من السيدة نجاة سليمان انك حاولت تغتصبها، و خطفت والدتها.
«اللهم احرسني بعينك التي لا تنام، واكنفني بركنك الذي لا يُضام، واحفظني بقدرتك، اللهم اني لا افتقر و أنت ربي ولا أهلك وأنت رجائي.♥️
★★★★★★★★
كانت تتوسط مخدعها ترويه أسفلها بالعبرات الغزيرة التي كانت كالبحر لا تنضب منذ أن غادرها بتلك الطريقة، والتي أدمت قلبها الذي ما أنفك يلومها على خسارته و يعنف عقلها المريض و غرورها اللعين، فكان الألم فوق حدود احتمالها، ولكنها لم تحسب حساب لتلك الضربة القاصمة حين فتحت أشجان باب الغرفة وهي تصرخ بعُنف:
ـ عملتي أيه في كمال يا آسيا؟
آسيا بذُعر:
ـ في أية؟
قامت أشجان بإلقاء ورقة بيضاء في وجهها وهي تصيح معنفة:
ـ كمال سابلك ورقة طلاقك و سافر.ـ في أية؟
قامت أشجان بإلقاء ورقة بيضاء في وجهها وهي تصيح معنفة:
ـ كمال سابلك ورقة طلاقك و سافر.

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية مغامرات عائلية الفصل التاسع عشر 19 بقلم همس كاتبة

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *