رواية ظلمات ال نعمان الفصل الخامس 5 بقلم لادو غيم
رواية ظلمات ال نعمان الفصل الخامس 5 بقلم لادو غيم
البارت الخامس
سيبى الفيشه من أيدك يا «فلك»
رفعت بصرها الباكى بـشقاء الحياه ممسكه بيد فيشة شاحن الجـوال و علي وشك وضعها بالكهرباء و بالأيد اليسري تضع سلوكها حول أصابعها لتصعق’لـم تستمع لقوله فـحاولا التقدم إليها خطوة فاذا بها تـصرخ بـقهراً:
متجيش نحيتى ملكش دعوه بيا أنا خلاص تعبت من الدنيا و من اللي فيها خلينى أموت عشان أخلص من حياتى’!
توقف عن الحركه مشيراً لها بحذر:
خلاص أهدى أنتِ مفكره نفسك بالطريقة دي هترتاحى بالعكس أنتِ بدخلى نفسك فى دوامة جهنم لأنك هتموت كافره و الكافر ملوش مكان فى الجنه قال الله تعالى:
وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا»
« وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا:
وقال النبي ﷺ: من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة.فالانتحار من أقبح الكبائر، متخسريش دنيتك و كمان أخرتك”!
شقت البسمه الزائفه بـخمور الحياه شفاها حينما قالت: أنا فى كل الأحوال خسرانه’خسرانه الدنيا اللى مفيش ليا فيها نصيب و الا فرحه لقلبي الدنيا اللى مستحرمه عليا حنانها و سعادتها’و الأخره خسرتها هى كمان من غير مابقا عارفه’أنتَ عارف أنا إيه’
زانيـ ـــه’جوزاتى مكنتش قانونيه زي ما عرفتنى يعنى فى كل الأحوال خسرانه الدنيا و الأخره فـمفيش داعى للعيشه فى عذاب أكتر من كدا’؟
ربنا هـو اللى يحكم فى أمرك’سيبى الفيشه الموت مش هيفيدك جايز لما تعيشى تقدرى تستغفري ربك لفرصه جديده’أوعى تكون مفكره موتك هو الحل لعذابك بالعكس الموت هـو بداية العذاب’
حاولا النقاش بقدر المستطاع لكى يتفادئ قـرارها لكن ما بعقلهم لم يتبدل فاذا بها تـودعه بدموعاً فـرت هاربة قبل المـوت’:
سامحنى على الليلة اللى عشتها معايا مكنش قصدى أغشك’!
أتسعت خـضرويته بـذهولاً حينما وضعت الفيشة بالكهرباء لتتصادع الكهرباء إلى خلايه جسدها تـرجفها بـصعقات الموت’فـلتفت حوله بـلهفه حاملاً غطاء النوم وركض إليها يأخذها بين ذراعيه يجذبها بعيداً عن الفـيشه فـتمزفت الأسلاك و نفصلا الشاحن عن الكهرباء’فاذا بها تلكمه بصدره بـغضباً أمتزج ببكائً مـرير:
خلتنى أعيش ليه أنا خلاص كنت هموت حـرام عليك ليه عملت كدا كنت سبتنى غورة في داهية ليه رجعتنى تانى كنت سبتنى أموت حرام عليك’!
أحكم قبضتيه على يداها بصوتاً أجش:
كفياكى كدب بقا أنتِ كنتِ عارفه كويس أنى هلحقك و مش هسيبك تموتى بالسهوله دي’؟ و لو بقا عايزه تموتى فسيبى الموضوع دا عليا يا «فلك» أنا هموتك بالبطئ أهو بالمره أكون بكفرلك عن أخطائك عشان لما تقابلى ربك تقابليه بصحيفة بيضا’
ماذا قال بماذا اتهامها تلك المره الم يكن لها طوق النجاة كما رأت منذ قليل أفعلا هذا ليكون قابض روحها أفعلا هذا ليصبح المتحكم بهلاكها’فـتسالت بعيناه ترتجفان خوفاً:
أنتَ عرضت نفسك للكهربا عشان تموتنى علي أيدك’
تركَ يدها و صارحها بجفاء لم تقابله يوماً:
بالظبط كدا و كل مره هتحاولى تموتى نفسك فيها هلحقك مش عشان خايف عليكِ لاء، عشان موتك لسه أوانه مجاش’و أدينى بقول هالك المغفره اللي طلبتيها منى مش هتنوليها غير و أنتِ فى كفنك عايزه تعرفى ليه عشان الأحساس اللى خلتينى أحس بيه قتلنى خلتينى أشوف نفسى قليل أوى ردتيلي المعروف بالشر’! و جهـزي نفسك عشان النهارده العبه هتتحول لحقيقه و هكتب عليكِ من جديد’
التفت ليغادرها فاذا بها تتسأل:
مدام أنتَ بتكرهنى أو كدا و بتتمنالى الموت ليه عايز تتجوزنى تانى بعد ما عرفت حقيقتى كلها’
كانَ السؤال صريح بدرجة جعلت الأجابة أشد صراحه حينما ناظرها بـجفاء:
الـوساخه خلاص لازقة في أسمى و مش من السهل أنى أنضف نفسى منها خصوصا فى الوقت الحاضر’
أصاب مقصده قلبها الجـريح فشقت البسمة الباكيه ورديتها من جديد ليغادر «خليل» المكان نافراً من مكوثه معها’
ــــــــــــــ»
«لا إله إلا أنتَ سبحانك أنى كنت من الظالمين????»
بحديقة القصر يـقف«أدهم» بـجوار الباخره الناريه الخاصه «بسلطان» الذي وصلا للتو فستقبله «أدهم» بستفسار:
المكنه دى شكلها مش غريب عليا بقولك إيه يا «سلطان» أنتَ أمبارح كنت على كوبري أكتوبر’
قطب جبهته بجواب:
أيوه بتسال ليه’!؟
تـجحظت عيناه و باتت الشكوك تلتف حوله فتسأل من جديد:
أصلى أنا كمان كنت هناك معا مـراتى و فى واحد كان راكب مكنه زي مكانتك بالظبط و مسك أيديها و هو معدى و قال كلمتين كدا بس مسمعتش صوته’؟
تذكر«سلطان» ما حدث لليلة أمس فقاله بتوضيح:
أيوه حصل كان فى واحده مطلعه أيدها من عربيتها فقولت أعمل فيها خير و انبها للعربيات اللي جايه بسرعه من وراها و قولتلها كدا و بعدين خدت فى وشه و مشيت’بس أزى مخدتش بالى من عربيتك أكيد كنت راكب عربية جديده عشان كدا منتبهتش دا غير أن الموضوع مخدش ثانيتين’!
فـرك لحيته بـخنق خفئ و قاله:
و أنتَ مالك تنبها ليه و تمسك أيدها ليه أنتَ شكلك كدا نسيت الأصوال يابن عمى’!
لم يروق للأخر هذا الحديث المحتوى علي الأتهام فعقد حاجبيه بـزمجره:
جرالك ايه يا «أدهم» هو أنا هبص لمرات أخويا دأنا مبرفعش عينى في بنات الناس هقوم رافع عينى فى عرضي فـوق على الصبح الواحد فيه اللى مكفيه مش ناقصين هطل على الصبح’!
تلك الحظه تدخلا «خليل» الذى آتى بينهما متسائلاً:
مالكم فى إيه’!
سلطان بحنق:
أسال «ادهم» و هـو يقولك البيه مفكرنى ببص لمراته كل دا عشان أمبارح و انا فى الطريق اتنيلت و شوفت واحده ايدها طالعها من العربيه و العربيات جايه وراها طايره فـقربت من عربيتها و بعدت ايدها عن الشباك و انا بقولها دخلي أيدك عشان العربيات متخبطكيش و بعدين كملت على طريقى أبن عمك بقا مفكرنى قاصدها و عملت كدا متعمد عشان المسها’!
رمقه «خليل» بعين تجحظت بـستهجان:
أنتَ اتهمت «سلطان» بكدا’!
«أدهم بـستهانه:
أيوه مراتِ و من حقى أغير عليها’
حقك دا عند الغرب مش عند أخواتك’! سلطان لو شاف مراتك عريانه هيغطيها مش هيقف يتفرج عليها يا باشا«يمين بالله» لو متعدلة يا «أدهم» لاهكون ناسي أنك بقيت راجل و متجوز و هربيك من أول و جديد يلا أتاسف «لسلطان» و بوس علي دماغه يالا يلا’!
هكذا نفرا من قول «أدهم» بـغضباً فـتنهد الأخر بضيقاً قائلاً:
مش هتأسف لحد و الا هبوس على دماغه و من الأخر كدا كل واحد من هنا ورايح حر فى تصرفاته’!
تلك الكلمات كانت كفيلة بضرب الغضب بجسد «خليل» الذى ردا عليه بصفعه قوية لوجنتة الأخر من ثم قبض علي قميصه يجذبه إليه يناظره بأقولاً سـامه فـجرت مخازن الأخر:
مفيش حد حر طول ماحنا عيال عم عيال منذر و حارس و حافظ هيفضلوا كتف في كتف و اللي هيفكر فيهم يخرج بره دايرة الأخوه اللي بنا «يمين بالله» هكون مخلص عليه بأيدى و عزاه هعمله فوق تربته’! و أنتَ شكلك كدا الموت بدور على بملقاط عشان تحصل مرات عمى الله يرحمها أظن فاكرها كويس’!
تـرقرقت عيناه بـذكريات أفاقة الألأم بقلبه فقاله«سلطان» بجديه لفك ذلك التشابك:
خلاص يا «خليل» حصل خير«أدهم» مهما كان أخويا الصغير’
تركه«خليل» بقولاً:
أتاسف لأبن عمك و مش عايز أشوف خلقتك الحد لما تحس بغلطك يالا’
قمع أوجاعه و هجرت الدموع عيناه التى ناظرة «سلطان» بقولاً:
أسف يا«سلطان»
ربت الأخر على منكبه ببتسامه:
بتتاسف على إيه يا عبيط أنتَ أخويا الصغير يا حبيبي حصل خير’
قدم الأعتذار الذي أستقبله الأخر بعطاء المحبه من ثمَ ذهب تارك«سلطان» يعاتب الأخر:
مكنش ليه لازمه تضربه و تجبله سيرة أمه يا «خليل» أنتَ كدا هتخليه يفتكر اللي، حصل تانى’
خليل بتصحيح:
أنا اتعمدت أفكره عشان يفوق«أدهم» بقاله كام يوم مش مظبوط و كان لازم يتعدل المهم دلوقتي قررت إيه هتعيش معانا و الا هتعمل ايه’!
سلطان بجديه:
ما هو دا اللي أنا جايلك عشانه هاجى أعيش معاكم بس عندى موضوع الأول هياخد منى شوية وقت هخلصه و هتلقينى بقيت مقيم عندكم
خليل بستفسار:
موضوع ايه:؟
سلطان بتكتم على الأمر:
حاجه كدا تخص بنت تقرب لأمى «سمراء» مانت عارفها وراها حوار هخلص هولها عشان بس دماغى ترتاح و هتلقينى معاكم و هنبقا بردو على أتصال’
خليل بتفهم:
تمام خلص موضوعك و هتلقينا فى أنتظارك’
ربت على منكبه فستقبله الأخر ببتسامة الأخوه من ثمَ ركب علي باخرته و غادر القصر:
ـــــــــــــــــــــ”
«ياحى يا قيوم اصلح لي شأنى كله و الا تكلنى إلى نفسي طرفة عين????»
”
بـحجرة «منذر» يـجلس «أدهم» على المقعد يسند بذراعيه علي فخذيه فى حاله من البكاء الشديد يتحدث معا والده فى تلك الذكريات التى لا تفارق خاطره بقلباً ينزف من الحزن ما يكفى بلاد تملئها السعاده’كم منا يحمل من الأوجاع و الأسرار بخزائن قلبه ليتالم بمفرده كم منا حكما على نبضه بالهلاك و القهر ليتفادئ قهر البشر بعض الأسرار لا تغادر القلب لتظل بمخالده تذبح حاملها كل دقيقه بسيوف الذكريات الداميه:
حقك عليا يا بويا حقك عليا أنا اللى حرمتك منها كل السنين دى بس أنا كنت صغير مكنتش أعرف أنا بعمل إيه مكنتش عارف إنى كدا بضيعها مكنتش عارف أنى بنهى حياة أمى بأيدي’! أنا الحد دلوقتي فاكر كل حاجه حصلت في الليلة اياها فاكر شكلها و هى بتترجانى أرحمها فاكره دموعها و خوفها عليا قبل ما تكون خايفه على نفسها فاكره كلامها ليك أنك تداري علي عملتى و متبلغش بيها البوليس فاكر لما خدتنى فى حضنها و بطبطب عليا عشان بعيط من الخوف فاكر بطبطتها عليا و هى بتحتضر و بتقولى انها مسمحانى و أن كل حاجه هتعدى فاكر حبها ليا و خوفها عليا’ليه يا بويا مخلتنيش اخد جزائي يمكن لو كنت اتحاسبت مكنتش هعيش بالذنب طول السنين دي أنا كل يوم بقوم من النوم مفزوع بسبب نفس الحلم’حتى «داليدا» اللى وافقت أتجوزها عشان شبها مش قادر أعاملها كويس كل مبص في وشها بفتكر امى وبحس بالذنب أكتر و عشان أكسر الأحساس، دا بعاملها بطريقة زباله معا أنها متستاهلش اللي بعمله فيها:؟ قوم يا «منذر يا نعمان» و قولى أعمل ايه قوم و خد حقها منى عشان أرتاح قوم و سامحنى من قلبك أنا عارف أنك بتضحك في وشه بس من جواك حزين بسببي عارف أنك بتحبنى بس وراه حبك قهر منى’قوم و خد حقها منى عشان كلنا نرتاح قوم يا بويا’
بتلك الحظه المشيدة بالأعترافات و المشاعر شعرا بيداً تربت على منكبه و بصوتاً عجوزاً حنون يواسيه:
ادعلها بالرحمه يا «أدهم» منيره مكنيتش بتحب حد قدك يا حبيبي أنتَ مكنتش بس أبنها دأنت كنت حته من قلبها وروحها و لما دارت عليك و هى بتموت كانت بتحاول تحميك يا حبيبي صدقنى أمك مسمحاك و «منذر» أبنى و أنا عرفاه عمره ما كرهك دأنت أبنه الصغير يا حبيبي’:
التفت لصاحبة الصوت فكانت الجدة «أنعام» التى عادت للتو من السفر برفقة أبنها الثالث’فـوقف «أدهم» وختبئ بين ذراعيها يشهق من البكاء و كأنها جأت لتكون العون له للتخفيف من ذلك الألم الذي لازمه منذ الصغر’
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية ظلمات ال نعمان)