روايات

رواية في سبيل صهيب الفصل الخامس عشر 15 بقلم لبنى دراز

رواية في سبيل صهيب الفصل الخامس عشر 15 بقلم لبنى دراز

 

البارت الخامس عشر

 

 

في ظلال الوجع، يقف القلب بين الرحيل والحنين، تتصارع فيه أشباح الذكرى مع الحقيقة القاسية، بين صوت يهمس: “انسَ”، وآخر يصرخ: “كيف تنسى من سكن روحك؟!”

هناك حبٌ لا يُقال، لكنه يفيض في النظرات، يرتعش في نبرة الصوت، ويتسلل في زفرات الحنين المخنوقة، هو العذاب حين يُدرك القلب متأخرًا، أن الفقد ليس دائمًا موتًا، بل أحيانًا يكون قرارًا موجعًا لا رجعة فيه.

في سبيل صهيب بقلمي✍️______لبنى دراز

فـ فرنسا 🇫🇷 مارسيليا

فيلا شريف التهامي

اوضة سبيل

طلعت سبيل اوضتها بعد ما وصلتها رسالة من دادة محاسن تطمنها ع صهيب بعد مواجهته مع سها، وهى حاسة بتعب شديد فـ بطنها من كتر التوتر والضغط العصبي والنفسي اللى هى فيه، حاولت تنام وترتاح، بس ما قدرتش، التعب فضل يزيد عليها، مرّت ساعتين، وفجأة الألم بقى اقوى بكتير لدرجة انها ما قدرتش تستحمله، بدأت تصرخ وتنادي بصوت مخنوق ع شيماء وفاطمة، فـ لحظة البيت كله اتقلب رأسا ع عقب.

شيماء كانت اول واحدة تجري ع اوضة سبيل، ملامحها كلها قلق وبنبرة ملهوفة: مالك يا سابي؟! بتصرخي ليه يا حبيبتى؟

سبيل دموعها نازلة زى السيل وبتحاول تاخد نفسها بصعوبة، صوتها طالع ضعيف: بطني بتتـ*ـقطع يا طنط، ومش قادرة أخد نفسي.

فاطمة دخلت بسرعة وبمجرد ما شافتها بالحالة دي، شهقت وبنبرة كلها قلق: دي شكلها بتولد!! لفّت وشها لـ شيماء، ونبرة صوتها ملهوفة: خلي شريف يتصل بالدكتور فوراً، لازم نوديها المستشفى

شيماء اتصدمت من كلام فاطمة وبصت لها بصدمة: دي لسة فـ السابع!! ولادة ايه دلوقتي!!

عمران كان قاعد جنب سبيل، مسك ايدها بحنية واخدها فـ حضنه ونبرة صوته كلها خوف وقلق: مالك يا ضى عيني؟ حاسة بـ ايه؟

سبيل من بين دموعها وخوفها مسكت ايده ضغطت عليها بكل قوتها، صوتها طالع ضعيف جدا وبتهمس له بنبرة كلها خوف: بموت يا جدو، مش قادرة، حاسة روحي بتروح مني.

عمران حضنها بكل قوته، قلبه كان هيخرج من صدره من كتر خوفه وصرخ بأعلى صوت: شرييييف كلم الدكتور بسرعة يجيلها هنا.

فاطمة رفعتله عينها وملامحها كلها قلق: يا عمران دى اعراض ولادة، ما ينفعش نستنى، لازم نروح بيها المستشفى حالا.

بعد لحظات شريف دخل الاوضة وملامحه كلها قلق وبنبرة متوترة: اتصلت بالدكتور يا خالي، هو مستنينا فـ المستشفى.. وبص لـ شيماء بسرعة: ساعديها تلبس عشان ننزل.

شيماء هزت راسها لـ شريف وقامت هى وفاطمة بسرعة يساعدوا سبيل، القلق كان مسيطر ع الكل، شالها شريف ونزل بيها فـ عربيته ومعاه عمران واخدها فـ حضنه محاوطها بدراعه مش عايز يسيبها، وحاطط ايده التانية ع راسها بيقرأ لها قرآن عشان تهدى وتطمن، رغم ان هو نفسه كان مرعوب، فريد جري وراهم وأخد معاه شيماء وفاطمة، قلبه بيتنفض من الخوف لكنه مش قادر يتكلم، كتم خوفه جواه زى ما كتم حبه لانها خلاص راحت منه للأبد، اول ما وصلوا المستشفى استقبلهم الدكتور ومعاه فريق التمريض، خدوا سبيل منهم يدخلوها اوضة العمليات.

سبيل ماسكة فـ ايد عمران بكل قوتها من كتر خوفها مش عايزة تسيبه وبتوصيه كأنها آخر لحظات حياتها: والنبي يا جدو لو ما طلعتش، خلّي بالك من ابني، ربيه زى ما ربتني، ما تخليش حد يزعله، عشان خاطري.

عمران حس بقلبه بيتقبض، دموعه نزلت غصب عنه، إزاي يطمنها وهو نفسه مش قادر يطمن؟ إزاي يديها أمل وهو جوة قلبه بيصرخ من الخوف؟

مشي جنبها وهو ماسك إيدها، جسمه كله بيرتعش، لكنه حاول يبقى قوي عشانها، بص لها بنظرة كلها حب وبصوت هادي رغم كل القلق اللي ماليه:

ما تخافيش يا ضى عيني هتخرجي بالسلامة وانتى اللى هتربيه بنفسك…. حاول يبتسم لها ابتسامة صغيرة رغم خوفه اللى مالي ملامحه ونبرة صوته المهزوزة: هتخرجي بالسلامة، وهنربيه سوا، وهيبقى ضى عيني وروح قلبي زى أمه، اجمدي كدا يا حبيبتي، ولا عايزة تضحّكي علينا الفرنجة الفرافير دول؟! ويقولوا علينا عالم خِرعة؟!

ضحكت سبيل من بين دموعها، رغم وجعها وضعفها وصوتها الواهن: حاضر يا جدو مش هضحّك الفرنجة علينا، هجمد اهو، بس انت ادعيلي.

اتنهد عمران وقرب منها باس جبينها بحنان، صوته طالع دافي بالدعاء: داعيلك يا بنت قلبي، ربنا يقومك بالسلامة انتي وابنك، ويقر عيني برؤيتكم سالمين يارب.

بعد ساعتين كمان من التعب والقلق أخيرا طلعت سبيل وهى تعبانة لكن نظرتها كانت كلها لهفة اول ما الممرضة قربت منها ابنها، وقبل ما تمد ايديها، عمران كان أسرع وأخده من الممرضة، بحنان وخوف واضحين، ضمه فـ حضنه بحنية، قربه من وشه وأذن له فـ ودانه بصوت دافي، بعدها باسه فـ جبينه برقة، مد ايده وحط البيبي بين ايديها وهو بيبتسم ويسمي: بسم الله ماشاء الله، شوفتي صهيل طالع قمر ازاى؟

سبيل اخدت ابنها فـ حضنها، واول ما شالته قلبها دق جامد بين ضلوعها، حست انها ماسكة العالم كله بين إيديها، مشاعرها متلخبطة بين فرحة وخوف وحنين غريب، دموعها جريت ع خدها، غمضت عيونها لحظة وهى بتشم ريحته، اتمنت لو ان صهيب كان موجود معاها فـ اللحظة دي، وهو اللى شال ابنه وأذن له، بعدها باست جبينه الصغير ورفعت عينها لـ عمران وضحكت من بين دموعها: شوفت يا جدو، صهيل صغنون اوي ازاى؟.

قبل ما يرد، فاطمة قربت منها وقعدت ع كرسي جنبها، وهي بتمسح لها دموعها بايديها، نظراتها كانت مليانة حب ودفى، وبصوتها اللى طالع فيه رعشة الفرحة، همست لها: حمدالله ع سلامتك يا نور عيني، ربنا يباركلك فيه ويحفظهولك، بكرة يكبر ويبقى عريس قد الدنيا وتفرحي بيه.

سبيل بصت لها بسعادة، وقربت راسها تبوس ايديها: ربنا ما يحرمني منك ابدا يا تيتة.

شيماء قربت من سبيل بصوتها العالي وضحكتها اللى مالية الاوضة وبتمثيل الاستغراب: حمدالله ع السلامة يا حبيبتى، بقى كدا تموتينا من الرعب وفـ الأخر تجيبي لنا برص صغنن قد كدا؟!.. بعدها سمت بسم الله وشالت البيبي بين ايديها وهى بتتأمل ملامحه: تعالى يا سي صهيل يا ترى طالع شبه مين بقى يا باشا؟

فاطمة اتنهدت وبصت لها وهى مبتسمة: كله ابوه يوم ما اتولد، كأنه هو بالظبط.

فـ نفس اللحظة دى، شريف قرب من سبيل، مسك وشها بين كفوفه، وباس جبينها بحنان، وبنبرة صوته الدافي: مبارك يا قلب خالو، يتربى فـ عزك وخير أبوه وجدوده.

قبل ما ترد سبيل، شافت باب الاوضة اتفتح فجأة مرة واحدة ودخل منه شهاب وصوته سبق رجله، وراه شاهندة ويمنى وعيونهم متعلقة بجدهم: وعمه مالوش نفس ولا ايه يا بشرية؟! وروني كدا الواد القمر ده… واتحرك بسرعة ناحية شيماء شال منها البيبي، قربه منه وهو بيضحك ويبص له: انا عمك ياض، عايزك تسمع كلامي انا وبس فاهم، ماحدش هيربيك غيري.

عمران شاف احفاده داخلين ابتسم لهم وهو متابع الموقف بنظرة رضا، هز راسه وضحك: داخل بدوشتك ليه ياض انت، اجري ربي نفسك الاول وبعدين ابقى ربيه… بعدها فتح دراعه للبنات ضمهم فـ حضنه، غمض عينيه براحة وحمد ربنا انهم بخير، وبنبرة مطمنة: حمدالله ع السلامة يا حبايبي، وحشتوني اوي.

شاهندة دموعها نزلت وهى فـ حضنه وصوتها كان موجوع: وانت كمان وحشتنا اوى يا جدو، عرفت اللى حصل لنا؟ شوفت جرالنا ايه؟

عمران رفع لها عينه وباس جبينها وبنبرة هادية: عرفت يا حبيبتى، اومال انا خلّيت شهاب جابكم بالطريقة دي ليه؟

يمنى زادت دموعها واتكلمت من بين شهقاتها، بصوت مخنوق: شوفت يا جدو ماما عملت فينا ايه؟! سها طلعت بنتها، سها بتقولي انها أختي يا جدو، طب ازاى؟! انا مش قادرة اصدق.

عمران اخد نفس قوي وخرجه ببطء، باس جبينها وبص فـ عينيها بحب، وبصوت كله يقين: مش قولتلك قبل كدا يا يويو، ان امك مش حلوة من جوة؟!

يمنى خرجت من حضنه ومسحت دموعها بكف إيدها ببراءة: اه يا جدو قولت.

عمران حاوطها بدراعه دخلها فـ حضنه تاني وهمس فـ ودنها: خلاص يا قلب جدو، سيبك منها الولية دي، مش عايزين نشغل بالنا بيها، وتعالي شوفي النونو، جميل ازاى! يلا خديه من الواد شهاب، شيليه شوية قبل الممرضة ما تيجي تاخده.

الكلمة الأخيرة خبطت فـ دماغ سبيل، حست كأنها صاعقة نزلت عليها، رفعت راسها بسرعة لـ عمران وعيونها مليانة خوف: ياخدوه ليه يا جدو؟ ماحدش ياخد ابني مني!

شيماء قربت منها وطبطبت ع كتفها بهدوء وبصوت دافي: يا حبيبتى لازم ياخدوه عشان يطمنوا عليه، كان المفروض يطلع ع طول ع الحضّانة، بس خالك قالهم يسيبوه معاكي شوية، عشان تشوفيه وترضعيه.

يمنى قربت من سبيل تسلم عليها وهى بتحاول تهزر عشان تخفف من توترها: ما تخافيش يا ابلة هنعضه فـ رجليه نعلمه عشان ما يتلخبطش.

شاهندة خرجت من حضن جدها وبصت لـ يمنى بثقة: يا بنتى هو متعلّم جاهز، المصري ماركة مسجلة اصلا، ما تخافيش مش هيتلخبط.

شهاب هز راسه بضحك لـ شاهندة: ودي بقى عرفتيها لوحدك يا فالحة!!

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية عتاب وسراج - حب الضحية للجلاد الفصل الثالث عشر 13 بقلم زهرة الهضاب

شاهندة مسكت ياقة بلوزتها بفخر: طبعا يا ابني اومال ايه، العيال هنا كلهم هتلاقيهم عينيهم زرقا وشعرهم اصفر، فرنساويين بقى، اما ابن اخوك اهو شعره اسود وعينه سودة، مش محتاجة فكاكة يعني!

ضحكوا كلهم ع شاهي وهى بتتكلم، فـ نفس اللحظة دخلت الممرضة بابتسامة هادية وهى بتقرب منهم مدت إيديها تاخد البيبي، وقالتلهم يخرجوا من الاوضة عشان سبيل ترتاح، سبيل بصت لـ شهاب بعيون مجهدة وطلبت منه يروح مع الممرضة عشان ياخد باله من ابنها، هز راسه من غير كلام ومشي ورا الممرضة لحد ما اطمن ع صهيل ورجع، اما الباقيين فخرجوا من الاوضة وقعدوا فـ الاستراحة، لقوا باسيلي قاعد مع فريد مستنيينهم، ما دخلوش عند سبيل، اما فاطمة قاعدة واخدة البنات فـ حضنها بتمسح ع ضهرهم بتطمنهم، وقلبها واجعها من منظرهم، وهما بيحكوا لها اللى حصل فـ القصر.

عمران قعد ع الكرسي واتنهد تنهيدة تقيلة، وبص لـ شهاب نظرة طويلة وبصوت هادى لكنه مليان قلق: حد شافك وانت بتاخد البنات؟

شهاب بنظرة جدية ونبرة صوته كلها عصبية وتوتر: لأ، ماحدش شافني يا جدي، بس بصراحة انا ماكنتش أحب ان ده يحصل، ماما زمانها هتموت عليهم.

عمران لفّ وشه الناحية التانية واتنهد بوجع، بس رجع بص لـ شهاب وبنبرة كلها حزم: سيبك من سامية دلوقتي، انا لما انزل مصر هبقى اطمنها، بس كان لازم نعمل كدا عشان نحمي اخواتك من العقارب اللي عمك واخوك دخلّوهم وسطنا.

شهاب بص له باندهاش مش مستوعب ونبرة صوته مستغرب: طب ايه هدف حضرتك من كل ده؟

عمران ابتسم ابتسامة خفيفة كلها مكر وبنبرة هادية: لما يتعرف ان يمنى كمان اتخطـfـت، نرمين مش هتسكت، وهتفتكر ان هاني غدر بيها، وساعتها هيقعوا فـ بعض.

شهاب رفع حاجبه بيحاول يستوعب وفـ نفس الوقت قلقان من الفكرة، وبنبرة كلها توتر: ما كنا بلغنا عنهم وخلصنا يا جدي!!

عمران هز راسه بالرفض، وبنبرة حادة: هنبلغ نقول ايه يا شهاب؟ مافيش تهديدات جاية، ولا حتى في محاولات للخـtـف واضحة، يبقى هنقول ايه؟! كان لازم نكون سابقينهم بخطوات، لحد ما نخلص من سمهم اللي انتشر جوة العيلة، المهم دلوقتي، انا بعد ما اطمن ع سبيل وتخرج بالسلامة من المستشفى، هتصل بـ عادل كأني ما اعرفش حاجة واشوف هيقول ايه، بعد كدا هنزل انا وجدتك ع طول، وانت لو ما حدش اتصل بيك تستنى يومين لحد ما اقولك تنزل.

وبعد مرور كام ساعة الدكتور طمنهم ان سبيل والبيبي كويسين وكتب لهم خروج، رجعوا كلهم الفيلا، كل واحد دخل اوضته معادا يمنى وشاهندة قعدوا مع سبيل فـ اوضتها، فرحانين بصهيل وكل واحدة فيهم تشيله شوية، وبعدها بدأوا يحكوا لها كل اللى حصل وكم الوجع اللى حاسيين بيه، فـ الوقت ده، عمران اتصل بـ عادل، بنبرة صوت هادية، كأنه مش عارف حاجة، لكنه سمع نبرة صوته مكسورة وحزينة، ولما سأله، عادل قاله ان البنات اتخطـfـت، عمران قفل معاه المكالمة بعد ما بلغه انه هيرجع ع اول طيارة، وبعدها بدأ يرتب نفسه هو وفاطمة ويوضّبوا شنطهم عشان ينزلوا مصر بعد ما اطمنوا ان البنات فـ أمان، فـ نفس اللحظة شهاب كان بيرد ع مكالمة من نادر، بلغه فيها بخـtـف البنات، وقاله انه هيحاول يشوف حجز قريب عشان يرجع بسرعة هو كمان، وبعد ما قفل مع ابن عمه، راح خبط ع جده وقاله اللى حصل فـ المكالمة واتفقوا انهم ينزلوا سوا، واول حاجة هيعملها لما يوصل انه يطمن ولاده ع بناتهم، ويحكي لهم كل حاجة من البداية لحد اللحظة اللي هما فيها.

_____________________

فـ مصر🇪🇬 شقة هاني

تاني يوم بعد خطـtـف شاهندة ويمنى، هاني كان قاعد فـ الليفنج، مركز ودماغه شغالة فـ الخطة اللي نرمين رسمتها له، قدامه طبق مليان فاكهة بيقطع منه وياكل، وهو بيبص للورقة اللي كتب عليها كل التفاصيل، قلبه دق بسرعة، لازم ينفذ كل حاجة بدقة، مافيش مجال للغلط، خد نفس قوي، وطلعه ببطء، وهو بيفكر: هبدأ منين؟ وأنفذ إزاي من غير ما حد يشك فيا؟ فجأة، سمع خبط عنيف ع باب شقته، كأن اللى بيخبط هيكسره لو ما اتفتحش فوراً، اتنفض مكانه، قام بسرعة يفتح، لقى نرمين واقفة قدامه، ملامحها مشـ*ـتعلة بنـ*ـيران الغضب، قبل ما يستوعب وجودها او حتى ينطق بكلمة، زقته بكل قوتها خلّته يتراجع خطوة لورا، دخلت وقفلت الباب وراها بقوة وصوتها طالع زى طلقات الرصاص: بتخـtـف بنتي انا حيواااان!! هو ده اللى اتفقنا عليييييه؟

هاني واقف مكانه مصدوم، مش قادر يستوعب كلامها، وعينه متثبتة عليها وملامحه كلها استغراب، صوته كله ذهول: بنت مين اللي اتخـtـفت؟! انا مش فاهم حاجة!

نرمين هجمت عليه، مسكته من هدومه شدته ناحيتها كأنها هتخنقه، غليان الغضب فـ ملامحها بيخلي كلامها طالع زي الخنا*جر: انت هتستعبط يالا؟! يمنى!! اللى انت خطـ*ـفتها مع شاهندة، عشان تجبر الشهاوية ينفذوا طلباتك، قسما بالله يا هاني لو بنتي ما طلعتش من اللعبة القذرة بتاعتك دى لاخلّص عليك بإيدي!

هاني نفض إيديها عنه بعصبية رجعها خطوتين لورا ونبرته كلها غضب ومن بين أسنانه: فوقي لنفسك يا نرمين، وشوفي انتى بتتكلمي ازاى، انا ما خطـ*ـفتش حد، روحي شوفي مين اللي خطف بنتك بعيد عني.

نرمين عينها برقت وبصت له بصدمة وبنبرة عصبية: ليه فاكرني هبلة؟! هيكون مين غيرك يعني اللى عملها؟

هاني قرب منها وبص لها بنص عين وحاجب مرفوع، وبنبرة حادة: وانا اعرف منين؟ اتفاقي معاكي كان واضح من الاول، نقـtـل صهيب، ونورط علي فـ الشحنة اللى هندخلها باسم شركته، غير كدا مافيش.

نرمين رفعت له وشها، ضيقت بين عينيها، وبنبرة اتهام: وشاهندة اللى كنت ناوي تخطـ*ـفها؟!

هاني ابتسم بسخرية وهو بيقعد وبيفرد دراعاته الاتنين ع مسند الكنبة، وبهدوء قا*تل: لاااااا، شاهندة دي تخصني، ولازم احر*ق قلب أخوها عليها قبل ما أخلّص عليه، انما بنتك ما تخصنيش، هخدها اعمل بيها ايه؟

نرمين بصت له بعيون مليانة غضب وبنبرة تهديد: بقولك ايييييه يا جوز بنتي، تخـ*ـطف شاهندة، تقـ*ـتلها، تعمل اللى تعملها فيها ما يخصنيش، ياكش توLـع انت وهي فـ ساعة واحدة، بس يمنى بنتي تخرج برة اللعبة، انت فااااااااااهم؟

هاني هز راسه بزهق، وبنبرة صوت واطية: ما تهدي بقى ووطي صوتك ده هتفضـ*ـحينا! ايييه؟ ما شافوهمش وهما بيسرقوا هيسمعوهم وهما بيتحسبوا؟! ولا هو نظام خدوهم بالصوت؟

نرمين عيونها أحمرت من شدة الغضب، جزّت ع أسنانها، قربت منه ومالت بجسمها عليه، وهمست بتهديد واضح: وديني وما أعبد يا هاني، لاخليك تندم! ده انا نوال البيومي يا عينيا، مش هتيجي انت ع أخر الزمن وتستغفلني، فوووق يا حيلتها، وقول لرجالتك يسيبوا البت حالا.

هاني اتعدل فـ قعدته، بص فـ عينيها مباشرة، وصوته كان أهدى من اللازم: انتي باين عليكي اتجننتي، قولتلك ما خدتش بنات، ما تصدعنيش وروحي شوفي بنتك فين.

نرمين كانت بتتنفس بسرعة، وشها احمر من الغضب وعروق رقبتها برزت، فجأة، حطت إيدها فـ شنطتها وطلعت المسد*س رفعته فـ وش هاني: انا ابقى اتجننت فعلا، لو سيبتك عايش لحظة واحدة من غير ما تقولي بنتى فييين؟

هاني وقف قرب منها وبعصبية من بين أسنانه: هو انت غبية وما بتفهميش؟ ولا هو رمي بلا وخلاص؟

نرمين داست ع الزناد بإيد بترتعش من كتر الغِل، وعينيها موLـعة من الغضب، وصوتها طالع حاد: ماحدش ليه مصلحة غيرك يا واااطي عشان تضمن شركات الشهاوي وتعرف تدخّل صفقاتك المشـ*ـبوهة براحتك

قبل ما يستوعب هاني اللى حصل، الطلقة كانت استقرت فـ صدره، رفع إيده بحركة تلقائية، ضغط ع الجرح، عينه وسعت من الصدمة وهو بيشوف دمه سايح بين صوابعه، بص لـ نرمين بغضب ووجع، جسمه اتهز بقوة، وهو بيقع ببطء جنب الترابيزة بإيده التانية سحب السـkـينة اللى فـ طبق الفاكهة، صوته طلع ضعيف، بس عيونه كلها إصرار قا*تل، وبحركة مفاجئة، حدفها بكل قوته استقرت فـ رقبتها: مش هاني اللى يروح ع ايد واحدة زبالة زيك يا نرمين.

نرمين وقعت فـ الحال، ع الأرض من غير حركة، روحها خرجت فارقت الحياة فـ ثانية، أما هاني فـ وقع مكانه، صدره بيطلع وينزل بصعوبة، بيحاول ياخد نَفسه الأخير، فـ نفس اللحظة صوت الخبط ع باب الشقة زاد، بس هاني ماقدرش يتحرك، جسمه تقيل وروحه بتطلع بصعوبة، رؤيته كانت مشوشة والدنيا حواليه ضباب وعينه بتزوغ مش قادر يشوف بوضوح، بس رغم كدا لمح رسلان وهو واقف قدامه لابس جوانتي، ملامحه متجمدة وعينه مليانة غضب، هاني حاول يتكلم، صوته طلع متقطع وبيكح بصعوبة والدم بيخرج من بُقه: ألحقني.. نرمين… نرمين حاولت تقـtـلني.

رسلان قرب منه، ونزل ع ركبه قدامه، عيونه بتلمع بالغل والكره، صوته طلع من بين أسنانه ببرود قا*تل: سبحان الله، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، يا واد عمتى، كنت چاى أخد روحك بيدي، جوم ربك العادل ينچدني من دمك النچس، ويچعلك أنت ورباية الكباريهات دي تجتلوا بعض.

هاني عيونه وسعت بس ما قدرش يرد، مجرد شهقات ضعيفة وهو بيحاول يتنفس، ولكنها كانت المحاولة الأخيرة قبل ما روحه تطلع للى خلقها،

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية جمعتهم الاقدار الفصل الخامس والعشرون 25 بقلم فريدة احمد

رسلان سابه وقام بعد ما اتأكد من موته، راح ناحية اوضة النوم، قلب المكان كله، إيديه بتتحرك بسرعة فـ كل حتة وهو بيدوّر على أي ورق يخص هنادي، ولما لقى كل الملفات اللي بيدور عليها، لمّهم وحطهم فـ شنطة اوراقه، وقعد ع المكتب، فتح اللاب بتاع هاني، بعد كام محاولة، لحد ما قدر يدخل، عينيه جريت ع الشاشة، دقايق وكانت كل الفيديوهات، وكل صور الأوراق اللي تخص هنادي، اتحذفت نهائي، بعدها، مسح أي أثر ليها فـ تسجيلات الكاميرات اللي جوة الأوضة، لحد ما بقى المكان نضيف تمامًا، كأنها عمرها ما كانت هنا،

بعد ما اتأكد إن ماعدش فيه أي حاجة تخصها، طلع من الأوضة واتصل بالمباحث، نبرته كانت هادية، محسوبة وهو بيبلغ عن جريمة القـtـل اللى حصلت،

استنى لما وصل فريق البحث الجنائي، ولما سألوه جاوب بصوت ثابت: كنت چاى أزور واد عمتي وأطمن عليه، خبطت كَتير ع الباب وماحدش رد، كنت هارچع، بس سمعت حركة چوة الشقة، اضطريت أفتح بالمفتاح الاحتياطي اللي معايا، ولما دخلت لقيت المنظر ده.

سكت لحظة، وعينه راحت تلقائي ع هاني السايح فـ دمه، اتنهد براحة وبعدين كمل بنفس البرود: اتصلت بيكم ع طول وبلغت.

بعد كام ساعة من التحقيقات، النيابة أمرت بنقل الجـ*ـثث لمصلحة الطب الشرعي وتشميع الشقة، خرج رسلان وهو شايل فـ شنطة إيده كل الأوراق اللي تخص أخته، وأهمها ورقة الجواز العرفي باسم “سها الرفاعي” وبحكم شغله كمحامي، قدر يسجلها كزواج مدني فـ المحكمة، الخطوة الوحيدة اللي كانت هتسمح له يثبت نسب ياسين لأبوه الحقيقي، هاني، مرت الأيام، ورجع رسلان البلد مع أبوه وأمه، ومعاهم هنادي، اللي كانوا بياخدوا عزاها وهي لسه حية بتتنفس قدامهم، لكنهم حسموا قرارهم، ودوها عند عمتها ع أساس انها، سها مرات هاني، وفرضوا عليها شرط قاسي، تفضل ساكتة، ما تفتحش بُقها، وما تنطقش بحرف واحد عن حقيقتها، قصاد إنها تعيش وتربي ابنها، وإلا؟ تلحق هاني، والولد يتيتم ويتبعت للملجأ،

هنادي وقفت قدامهم، وعيونها مليانة خوف وانكسار، قلبها بيصرخ، بس لسانها مربوط، ماكانش قدامها حل، مالهاش حرية الاختيار، وافقت تعيش فـ ذل ومهانة، وتنسى عيلتها، فـ مقابل انها تعيش تربي ابنها وما يتحولش ليتيم يتربى فـ الملاجئ.

___________________

فـ قصر الشهاوي

اوضة صهيب

عدّى اسبوعين وصهيب حابس نفسه فـ اوضته، مش عايز يخرج منها ولا طايق يقابل حد، دماغه هتنـfـجر من التفكير، الوساوس بتنهش فـ عقله من بعد ما شاف الفيديو ع موبايل سها، كل الافكار السيئة بتلعب فـ راسه، جواه صوت بيهمس له: أكيد الفيديو حقيقي، وشهاب هو الشخص اللي بتحبه سبيل… بس قلبه رافض يصدق، حتى لو بينهم مشاعر مستحيل يغلطوا، لأنهم تربية عمران الشهاوي وعارفين حدودهم كويس، جواه صراع رهيب بين قلبه وعقله، عقله بيشككه فيهم، وقلبه متمسك باللى يعرفه عنهم ومتأكد منه، فجأة سمع خبطة ع الباب قطعت دوامة أفكاره وطلعته من صراعاته، رفع راسه ببطء ناحية الباب وسمح للى بيخبط يدخل.

دادة محاسن دخلت بعد ما سمعت إذنه، اول ما شافته، قاعد ع سريره، رافع دراعه اليمين ع ضهر السرير وساند راسه عليه، باصص للفراغ قدامه ومش حاسس بوجودها، قلبها وجعها، قربت منه بوشها البشوش وبسمتها اللى بتريح قلبه زى سامية، وبنبرة دافية مليانة حنية: عامل ايه يا صهيب يا ابني دلوقتي؟

صهيب رفع عينه ليها وهو بيتعدل فـ قعدته وابتسم ابتسامة باهتة مافيهاش روح، هز راسه بحزن وصوته طالع منكسر كأنه بيعافر مع نفسه: الحمدلله يا دادة، هعمل ايه يعني؟! اديني عايش.

محاسن هزت راسها بيأس وابتسمت بحزن: طب ودي عيشة يا ابني؟!

صهيب اتنهد تنهيدة تقيلة كأنها بتسحب روحه من جسمه، ونبرته كانت مليانة وجع: مالها عيشتي يا دادة؟ مضايقاكم فـ ايه بس؟!

محاسن قعدت جنبه ع السرير وطبطبت ع ايده بحنية وصوتها كله صدق ومحبة: اسمعني يا ابني، جايز انا هنا مجرد شغالة وماليش حق اتكلم، بس انا ربيتك من صغرك ويعز عليا اشوفك كدا واسكت.

صهيب بص لها بعيون دبلانة وملامحه باهتة وصوته مليان وجع وانكسار: ما تقوليش كدا يا دادة! انتى مقامك كبير اوى عندنا، ويحق لك تتكلمي وتقولي اللى انتي عايزاه.

محاسن اتنهدت تنهيدة تقيلة وكأنها بتحاول تجمع شجاعتها قبل ماتقول اللى جواها وبنبرة دافية: أبدء من جديد يا ابني، انسى اللى باعتك، ودوّر ع اللى شرياك، شوفها فين ورجعها وكملوا حياتكم سوا.

صهيب ابتسم بسخرية وعينه مليانة وجع وبنبرة كلها مرارة: مافيش حد شاريني يا دادة، عشان أدوّر عليه.

محاسن بصت له بثقة ونبرة صوتها كلها يقين: لأ، في، ومش بترتاح ولا بيجيلها نوم غير لما تطمن عليك.

صهيب ضيق عينه وبص لها باستغراب، وقلبه دق بسرعة: ودي مين دي بقى؟!

محاسن ابتسمت ابتسامة مكر وبنبرة كلها غموض: روحها موجودة حواليك، عينها عليك دايما، رغم البعاد، ومافيش ازمة عدّيت بيها يا ابني الا وكانت جنبك، بتطمنك لو قلقان، تهدّيك لو غضبان، وتصالحك ع الدنيا لو زعلان، ومالكش غيرها أمان.

صهيب رفع حاجبه باندهاش، مش فاهم قصدها وبنبرة كلها حيرة: قصدك ايه يا دادة؟! انا مش فاهم حاجة من الالغاز اللي بتقوليها دي.

محاسن ابتسمت ووقفت عشان تخرج ومتطولش عليه الكلام: قصدي سبيل يا صهيب، بتحبك وشرياك وتتمنالك الرضا ترضى.

صهيب وسعت عينه بصدمة، وبنبرة كلها ذهول: سبيل؟!! كلام ايه اللى بتقوليه ده بس يا دادة! سبيل بتحب واحد تانى، وهى اللي قالت الكلام ده بنفسها لـ جدي.

محاسن وهى رايحة ناحية الباب بصت له بنظرة كلها حكمة وبنبرة هادية: من امتى بناخد بالكلام بس يا صهيب؟! العيون شوافة يا ابني والعقول جراب ذكريات، فتش فـ جرابك، وافتكر عيونك شافت ايه، وانت تعرف حقيقة كلامي.

سابته محاسن فـ حيرته اللى زادت بعد كلامها، عقله بقى عامل زى البحر، كل حاجة بتتصارع جواه زى الموج العالي، مش فاهم أى حاجة، قعد يفكر كتير، وتاه فـ دوامة افكاره، لكنه بعد شوية حس انه هيتجنن من كتر التفكير، لازم يقطع الشك باليقين، ويروح لـ شهاب يعرف منه الحقيقة، بسرعة، قام من مكانه خرج من اوضته وراح ناحية اوضة اخوه، خبط ع الباب واستنى.

__________________

اوضة شهاب

شهاب كان قاعد ع مكتبه، ساند ضهره ع الكرسي، والموبايل فـ إيده بيكلم سبيل مكالمة فيديو، ملامحه هادية ونبرة صوته دافية، وكأن المكالمة دي طقوس يومية بتهوّن عليهم الضغوط اللي هما فيها، فجأة، سمع خبط ع الباب، رفع عينه عن شاشة الموبايل وهو بيأذن بالدخول، لمح صهيب داخل ملامحه متوترة والحيرة ساكنة عينيه، واضح انه بيفكر فـ حاجات كتير، قبل ما يتكلم، شهاب شاور له بإيده يسكت ويستنى، كأن قلبه حاسس أن اخوه جاي حيران، محتار ومحتاج يهدى ويفهم، وحب يريح باله ويطمنه.

صهيب وقف مكانه ساكت لما شهاب شاورله، وقبل ما يتحرك صوت سبيل شق الصمت فـ نفس اللحظة.

سبيل باستفهام: مين اللى جالك يا دزمة؟!

شهاب بمشاكسة وهو بيضحك بخبث: انا دزمة يا دموسة، ماشي، ماشي، ليكي روقة بس اشوف وشك.

سبيل بتنهيدة خفيفة: برضو ما قولتش مين اللي عبرك وبص فـ وشك غيري.

شهاب بابتسامة مكر وهو بيبص لـ صهيب بطرف عينه: دي هدية يا ختي، جايبة فنجان قهوة.

صهيب قعد ع الكرسي اللى قدام المكتب، مستغرب من رد شهاب، اللى واضح انه بيلف ويدور، بس قرر يسكت ويسمع، يمكن يفهم حاجة من تصرفه الغريب ده.

شهاب بمكر وهو بيبص لـ سبيل فـ الشاشة: مش ناوية ترجعي بقى؟

سبيل بحزم ونبرة فيها وجع: لأ مش هرجع يا شهاب وما تتكلمش تاني فـ الموضوع ده.

شهاب رجع بجسمه لقدام وسند دراعه ع المكتب وبنبرة فيها حنان أخوي: سامحي يا سبيل عشان تعرفي تعيشي.

سبيل بتنيهدة تقيلة وحزن واضح فـ عيونها وصوتها: مش قادرة يا شهاب، قلبي واجعني اوى منه.

شهاب رفع حاجبه وابتسم بخبث وبنبرة مكر: خلاص، خليكي كدا يا فالحة، ابكي ع الاطلال وعيشي فـ وجع قلبك، لحد ما يطير منك.

سبيل عينها وسعت بصدمة، نبرة صوتها كلها غيظ وعصبية: قصدك ايه يا زفت انت؟! يعني ايه يطير دي؟

شهاب رفع عينه لـ صهيب اللى متابع فـ صمت، بنظرة سريعة وابتسم ابتسامة خفيفة ورجع بص لـ سبيل: قصدي انه خلاص بقى فاضي، وهو ماشاء الله طول بعرض وحليوة، وسمر بتموووت فيه.

سبيل بغيرة وغضب مفاجئ: سمر؟! سمر مين دي ان شاء الله يا ابن سامية؟

شهاب ضحك وهو بيهز راسه بيأس: هقول ايه؟ ما هي البعيدة غبية، سمر سكرتيرته يا فالحة، عينها منه، وبصراحة بقى، هو دلوقتي محتاج اللى يحتويه، والبت جامدة اوى وممكن تلفّ دماغه.

سبيل عينيها طلعت شر*ار وبنبرة كلها غيظ: نعععععم يا عينك امك!! ده انا اقتله واقتلها واقتلك انت كمان.

شهاب ضحك ضحكة مستفزة: وتقتليني ليه؟! انا مالي؟

سبيل بعصبية من بين أسنانها: عشان بتقول كلام يحـ*ـرق دمي.

شهاب هز راسه بأسف وبتنهيد: لما انتي متنيلة ع عينك بتحبيه اوى كدا، ما تتنيلي ارجعي، وقوليله كل اللى جواكي.

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية صدفة الفصل العشرون 20 بقلم أميرة شعبان

سبيل بوجع وإصرار ونبرة صوت مهزوز: لأ يا شهاب، عمري ما هقولها لو فيها موتي، صهيب ماحسش بيا ولا شاف حبي ليه، فمش هفرض قلبي عليه، مهما حصل.

شهاب ساب شاشة الموبايل ورفع عينه لـ صهيب بنظرة كلها غيظ وبنبرة جدية: طب هو غبي وحمار، وما شافش اللى كل الناس شايفاه، انتي بقى هتبقي حمارة زيه وتضيعيه من ايدك؟

صهيب قاعد مستغرب من الكلام اللى بيسمعه، دماغه بتحاول تربط بين كلام محاسن والكلام اللى بيتقال قدامه، بس قبل ما يلحق يستوعب، صوت سبيل هزه من جواه، وخلى قلبه يدق بسرعة.

سبيل بصوت مكسور: برضو مش هرجع يا شهاب.

شهاب بنبرة حاسمة: خلاص براحتك، بس لما سمر تخطفه منك ما تعيطيش.

سبيل برفعة حاجب ونبرة كلها غضب: شكلك عايز تلبّس كريمة اسود وترّملها قريب يا شهاب.

شهاب عينه ع صهيب بيتابع رد فعله وبنبرة كلها برود مستفز: طب انتى وقعتي فـ واحد غبي، انا ذنب أمي ايه ترّملي البت وتلبّسيها عليا اسود؟!

سبيل بغيظ : ذنبك انه اخوك، وبعدين انا اساسا مغلولة منك من الاول، وهطلع عليك القديم والجديد، فخليني ساكتة احسن.

شهاب لاحظ شرود صهيب واستغرابه، قرر يضرب ع الحديد وهو سخن ويضغط ع سبيل أكتر: طب خلينا نتكلم جد يا سابي، مش عايزة ترجعي ليه؟ انا تخيلت انك بعد ما خلصتيه من القرف اللى حواليه، هترجعيله.

سبيل بانهيار مفاجئ، ونبرة صوتها بترتعش: انت عايزني ارجع!! ارجع لمييين يا شهااااب، ارجع لواحد جرحني بكل سهولة؟! بالبساطة دي؟! انا مش قاردة انسى منظره ولا صوووته وهو واااقف، قدام جدو وبيقول انه مستحيل يتجوزني، مش قادرة انسى رافضه ليا، واعلانه لـ حب واحدة غيري، وتقولي أرجع، لا مش هارجع يا شهاب.

شهاب جز ع أسنانه بغيظ ونبرة صوته بقت حادة: طب ليه انقذتيه من الموت لما انتي مش عايزة ترجعي؟! وليه معيّنة حرس خاص ماشي وراه زى ضله من غير ما حد يعرف؟! هاااا، لييه؟!

صهيب عينه وسعت من شدة صدمته، مش قادر يصدق اللى بيسمعه، زادت ضربات قلبه بقوة كأنها بتصرخ فـ ودانه لما سمع رد سبيل ع شهاب.

سبيل انهارت من ضغط شهاب عليها وصرخت بصوت مليان قهر ومرارة: عشان بحبه! ومقدرش اعيش من غيره، لو كان جراله حاجة كنت روحت فيها يا شهاب، كان لازم احميه من غدرهم، ماكانش ينفع اسكت وانا شايفة وسامعة كل تخطيطهم، كان لازم اتصرف بأي طريقة عشان صهيب ما يتأذيش.

صوتها ضعف فجأة كأنها فقدت كل طاقتها، والتنهيدة اللى خرجت منها كلها وجع: يكفينى بس اعرف انه موجود فـ الدنيا وبخير، يكفينى اطمن عليه من بعيد وبس، لكن مش ههين نفسي وارجعله بعد ما رفضني.

شهاب بجدية: بس هو بيدور عليكي يا سبيل وعايزك ترجعي.

سبيل غمضت عينها تمنع دموعها تنزل وبصوت مخنوق: ندم، مش حب، بيدور عليا عشان ندمان، مش عشان بيحبني، أخوك عمره ما شافني غير اخته وبس، اااااااااااااااااه لو اقدر اطلع قلبي من بين ضلوعي وادوس عليه عشان يبطل يفكر فيه، هعملها، نفسي انساااااه عشان اعرف اعيش يا شهاب، بس لا قادرة انساه ولا عارفة اعيش من غيره ولا قادرة اسامحه وارجع، دلني اعمل ايه؟ اعمل ايييييييييه؟ انا تعبت، والله تعبت اوي، اوي.

آهة الوجع اللى خرجت منها قضت ع اللى باقي من ثبات صهيب، صوتها وهى بتصرخ، نفض قلبه، زلزله، هز كيانه، رجّه رجّ، كأن الألم اللى جواها اتنقل لـ روحه انغرز جواه ووجعه زي ما وجعها، بص لـ شهاب وعينيه كلها صدمة وندم، مش قادر يستوعب هو قد ايه كان أعمى.

شهاب حس بصدمة صهيب ووجع سبيل، وقرر يوقف ضغط عليها وبحنان أخوي: خلاص، خلاص، اهدي، حقك عليا، انا اسف، مش هكلمك تاني فـ الموضوع ده، بس بلاش عياط.

سبيل بدموع: اقفل دلوقتي يا شهاب، يلا سلام.

قبل شهاب ما يلحق يرد المكالمة اتقفلت، ساب الموبايل من ايده، خد نفس قوى وخرجه بهدوء، وقام من ورا مكتبه قرب من صهيب اللى قاعد مصدوم، قعد ع الكرسي اللى قدامه، وبنبرة هادية لكن كلامه تقيل: اتمنى يكون بالك ارتاح، وعرفت الإجابة ع اللى بيدور فـ دماغك!

صهيب رفع عينه لـ شهاب والدموع مغرقة وشه، وبنبرة صوت مليانة وجع: هى بتحبني اوى كدا؟! يعني انا طول الوقت كنت بوجعها واكسرها وهى بتحبني وتحميني؟! طب ازاى؟! ازاى ما خدتش بالي، وازاى انت عرفت اللى تعبني وشاغل تفكيري؟

شهاب قرب أكتر وحط إيده ع ركبة صهيب، وبنبرة هادية كلها ثبات: عينك فضحاك يا صهيب، من يوم اللى حصل وانت عقلك مشغول بـ حاجة واحدة بس، بتربط بين كلام نرمين والفيديو اللى شوفته وجواك حاجة بتقول: زى ما سها خا*نتني وانا بحبها، يبقى مش بعيد كمان سبيل تعمل كدا خصوصا انها قالت قدامك، انها بتحب واحد تاني، وفكرت ان الواحد ده يبقى انا، بس فـ نفس الوقت، انت عارف ومتأكد اننا مستحيل نعمل حاجة زي دي، وعشان كدا جيت تسألني، وكنت هزعل اوى لو كنت سألت.

صهيب جسمه اتشنج، ونفسه خرج بصعوبة، وكأن الكلام كان تقيل اوى ع قلبه، اتنهد تنهيدة تقيلة وغمض عينه بيحاول يحبس دموعه اللى مش عايزة تقف وبنبرة حزن: ممكن تحكي لي الموضوع من الاول، عايز افهم واعرف كل حاجة.

شهاب بص له بنظرة ممزوجة بالحب والحزن، وبابتسامة خفيفة: الحكاية باختصار يا حبيب اخوك، سبيل ماحبتش ولا هتحب غيرك، وكلنا كنا شايفين حبها ليك، بس البعيد اعمى ما شافش، نعمل ايه!!

صهيب بغيظ وهو بيمسح دموعه: بلاش غلط، وكمل من غير تريقة.

شهاب ابتسم ابتسامة هادية وهز راسه: حاضر هكمل، نرمين كانت واخدة بالها من كل حاجة، دبرت خطتها عشان تبعد سبيل عنك، والغبية إديتها الفرصة لما سابت القصر، فـ قدرت نرمين تنجح فـ اللى كانت عايزاه، لكن جدك رجّع سبيل واجبرك تتجوزها، لأنه كان عارف انها بتحبك وشايف الفرق بينها وبين سها، وكان عايزك تعرفه بنفسك.

صهيب حس بحر*قة فـ صدره، حرك إيده على وشه كأنه بيحاول يصحى من كابوس، وبنبرة مهزوزة: طب ليه ماحدش قال لي حاجة طالما كلكم عارفين؟!

شهاب: لانها الحاجة الوحيدة اللي ما تنفعش تتقال، لازم قلبك يحسها، وللاسف انت ماحستهاش.

صهيب خبط ع المكتب بكف إيده بعصبية: طب انت كنت قولّي، لمح لي، اى حاجة تخليني اخد بالي، وما اعملش اللى عملته فيها، واكسرها بالشكل ده.

شهاب سكت لحظة، ياخد نفسه، واتنهد بهدوء: كنت واعدها ما اتكلمش، لانها رافضة ان حد يقولك حاجة، كانت عايزة احساسك يطلع من قلبك، من جواك انت، مش يطلع عشان حد قالك انها بتحبك.

صهيب بص له بعيون مليانة ألم وندم وبصوت مخنوق: وليه قولت دلوقتي وخلفت الوعد؟!

شهاب اخد نفس قوي وخرجه ببطء وعيونه اتنقلت بين صهيب وبين الموبايل اللى ع المكتب وبنبرة كلها يقين: عشان

من يوم ما رجعت من سفري قريت فـ عينك الشك والحيرة، وأكدت لي ده لما جيت تسألني دلوقتي، وحمدت ربنا ع ترتيبه العظيم، وسمعت بنفسك، صوتها وهى بتتكلم عنك.

صهيب سكت، وكأنه فقد القدرة ع الكلام، عقله ما عادش مستوعب حاجة، كأن الدنيا حواليه بقت ضباب، حاجات كتير مرّت قدامه زي شريط سينما، تصرفات سبيل، نظراتها، لمعة عينيها اللي كانت بتصرخ بحبه، بحاجات هو ما حاولش يفهمها، إشارات كانت قدامه من الأول، بس هو اختار يتجاهلها، ودلوقتي؟ وضحت أكتر من اللازم، بعد ما سمعها بنفسه، بعد ما حس بالوجع اللى فـ قلبها ، بس للأسف.. بعد فوات الأوان، خرج من عند شهاب وهو مش فـ وعيه، ماشي مش شايف قدامه، ولا عارف وخداه الخطوة لفين، وفجأة، لقى نفسه قدام أوضتها، إزاي وصل هنا؟ مش عارف، بس إيده اتحركت لوحدها، فتحت الباب، دخل وقفل وراه، عينه لفت فـ كل ركن، كل حاجة فيها ريحتها، روحها لسة هنا، موجودة فـ تفاصيل المكان، كأنها لسة واقفة، بتضحك، بتتكلم، بتنادي عليه.. بس الحقيقة إنها مش هنا.. ويمكن عمرها ما هتبقى هنا تاني، وقف فـ نص الأوضة، نفسه تقيل، عينيه بتلمع، صدره بيطلع وينزل بسرعة، انـfـجرت جواه صرخة كانت محبوسة:

آاااااااااااااااااااااااااااااه!

صرخة وجع، قهر، ندم، كل إحساس عاشه الفترة الأخيرة خرج فـ صرخته، صوته رج المكان، رجّ قلبه، كأنه بيعاقب نفسه، ضرب ع صدره بقبضة إيده بقوة، صوته طالع متكسر:

أنا غبي.. غبيييييييي! إزااااااااااااي اتعميت عن كل ده؟ إزاااااي ما فكرتش لحظة واحدة وأديت لـ نفسي فرصة أشوف اللي الكل شايفه؟ إزاااااااااااااي؟

اتلفّت حواليه، كأنه بيدور عليها، بيحاول يلاقي أى أثر ليها يطبطب ع قلبه، لكن مفيش.. مفيش غير الفراغ، نزل ع ركبته، وشه بين إيديه، صوته طالع مكسور أكتر: أرحمني ياااااااااارب من وجع قلبي.

فضل يصرخ، يصرخ بانهيار، لحد ما جسمه استسلم، ووقع ع الأرض.. مغمي عليه، غرقان فـ ظلام ندمه اللي مالوش آخر.

في سبيل صهيب بقلم

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *