رواية شظايا الكلمات أثير وراكان الفصل السادس عشر 16 بقلم جهاد وجية
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية شظايا الكلمات أثير وراكان الفصل السادس عشر 16 بقلم جهاد وجية
البارت السادس عشر
قطرات المطر تربت بنعومتها مع قسوة شتاء هذا العام، لم يعد هناك من يمحو دmـ.ـو.ع المخذولين والمتألــمين، نسمـ.ـا.ت الهواء تداخلت مع حدة البكاء لتصل موجاتها لعنان السماء، لقد حل الشتاء على العاشقين سرًا …. ووصل صداه لروح المصابون بالوحدة علناً… تخلى الجميع إلا من صوت أنينٍ خافت مازال يتردد بـالروح كـدلالة لبقائها على الخليقة ولم تغادر الجسد، قسوة الاعترافات بـأوقاتها المناسبة لا تضاهي مرارة وحسرة البوح بها بعد فوات الآوان….
إنها الثانية عشر بعد منتصف الليل، لم تغفل عينيها بعد، ارتشفت من قدح قهوتها الساخنة التي تداخل بُخارها مع أنفاسها البـ.ـارده لـيرسموا هالة من الحـ.ـز.ن حولها كـتلك التي أحاطت قلبها منذ أمد، لازالت كلمـ.ـا.ت ذاك المدعو «سمير» تتردد بـعقلها عن استحالة خروج «راكــان» من محبسه، تجرعت ما بقا من قهوتها بـمرارة ونهضت بـخطوات متثاقلة تنوي صنع غيرها حتى يواكب عقلها الأحداث الدائرة حولها ، أغمضت عينيها الجـ.ـا.مدتين لـوهلة فإذا بـصورته تتجـ.ـسم لها بـنظرته الأخيرة عنـ.ـد.ما غادرته متهربة صباح اليوم، رغم ما ارتكبه من فجائع بحقها إلا أنا قلبها يرفض القسوة عليه، أبصرت السماء من نافذة المطبخ الصغيرة وانكشاف السحب بعض الشيء وغياب الأمطار بـبسمة شاحبة وهمست بـضعف:
_ كان لازم تخبي يا راكــان، كان لازم الو.جـ.ـع يجي منك أنتَ؟
ضمت فنجان القهوة لـكفيها وسارت ترمق أركان البيت الذي أهداه إياه جدها بـعيد مولدها الماضي وكم طال رفضها لظنها بأنها لن تحتاج لـوحدتها مجدداً!! هي بئر من السذاجة والحماقة اللانهائية فهذا ما تبقى لها ليأويها الآن ولن تُقدm على المعيشة بـشقتهم المزعومة!! عادت لـغرفتها وتناولت هاتفها تنوي مهاتفة «هبه» للإطمئنان عليها، تلك الفتاة الحنونة ذات القلب الهين والبسمة الناعمة رغم ما يحويه قلبها من نزاعاتٍ هائلة
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
خرجت «هبه» من المرحاض بعد ساعة قضتها بالإسترخاء سامحة لـجسدها بـالارتخاء بـالمياه الدافئة وتترك لـعقلها مساحة لـيستجمع قراره القادm، لن تتسرع وتنجرف خلف قلبها العاشق لـذلك الرجل مرة أخرى وتحمل الهموم فوق عاتقها مجدداً، انتهت من ارتداء منامة قطنية ثقيلة وغطت رأسها وعنقها بـوشاحٍ مماثل وفتحت بـلكونة الصغيرة التي أصرت عليها بـالنوم لـجانبها، أفسحت لـذراعيها المجال لـيلامِسا السور الحديدي مع ارتفاع صدرها بـنفسٍ عميق…
_ الجو برد وواضح إنك واخده شاور وهتتعبي
أجفلت من صوتها واردت للخلف بـفزع عنـ.ـد.ما أبصرته يـخرج من بـلكونته الملاصقة لـخاصتها وبسمته الهادئة تزين محياه الوسيم، مضت دقيقة من أصوات الرياح العاتية ما لبث أن حمحم بـمرح:
_ أنتِ شوفتي عفريت؟
رفرفت بـأهدابها بـتـ.ـو.تر ورطبت شفتيها وهمست بلا وعي:
_ ارحم والله
اختفت بسمة «ثائـر» وألتقى حاجبيها بـحرج وتمتم:
_ تمام
التفت عائدًا للداخل كـطفلٍ تلقى إهانة من والدته لاقترافه ذنبًا ولكنها قاطعته بعدmا تبينت فاجعة ما تفوهت به….:
_ مش قصدي والله أنا بس اتخضيت لأن الوقت متأخر وأول مره أشوف البلكونه دي وكدا
خلل «ثائـر» أصابعها بـخصلاته بـحرج طفيف وتحدث بـخفوت:
_ كل شقه في العماره ليها بلكونه جنب شقه تانيه
هزت «هبه» رأسها بـتـ.ـو.تر وعضت شفتيها بـحرج من موقفها الضئيل واكتفت بـالصمت…
راقبها «ثائـر» تُغمض عينيها سامحة لـنسمـ.ـا.ت الهواء البـ.ـاردة بـتلامس وجهها وبسمة صافية تبزخ من شفتيها البـ.ـاردتين ولم يتمالك زمام نفسه باختلاس النظرات العاشقة لها، أنثى بما تحمله الكلمة من معانٍ قيمه، ليس وجودها بـهين على القلب، إن مر طيفها ينحني الفؤاد تتيمًا به وإن صدحت ضحكاتها ابتهجت الروح لها، وجودها كـالسلام الدائم المُسكر للـعقل، قاطعه تأمله نظراتها الخجولة والمتعجبة فـحمحم بـخجل ورفع يده الممسكة بـكوب اللبن الدافئ وتمتم:
_ تشربي؟
ضيقت عينيها بـتوجس و.جـ.ـعدت ملامحه بـطفولية وهتفت نافية:
_ لا لا لبن لا لا
اهتز جسده من قوة ضحكاته على هيئتها الطفولية وما لبث أن تمتم متسائلا:
_ مبتحبيش اللبن؟
رفعت كتفيها وأخدلتهم مع ثني رقبتها بومطت شفتيها بـطفولية متحدثه:
_ مسمهاش مبحبهوش، ماما كانت ديماً تقولي وأنا صغيره قولي هو مبيحبناش لأنه نعمة ربنا
على ذكر والدتها ابتسمت بـحـ.ـز.ن وشردت ببعض الزكريات المترسخة بـعقلها وتمتمت بـحـ.ـز.ن:
_ كانت بتحب تسرحلي شعري كل يوم عشان هو طويل ولما كنت أقول ليها لازم اتعود إني اعمله لـنفسي كانت ترفض، كل يوم الصبح كانت بتزعقلي بعد محاولات كتير إني أشرب اللبن وأنا بعيط وفي الآخر بابا يقول ليها سيبيها تقولوا خليك دلعها، كانوا بيحبوا بعض جداً رغم صعوبة الحال، كنت بشوفها تأكل بسيط عشان تسيب لـبابا أكل عشان علاجه لأنه كان مريـ.ـض سكر وضغط، كل ليلة كنت بسمعه وهو بيصلي الفجر بيدعي ليها قبل نفسه ويقول يارب ديمها زوجه وأم وحبيبه صالحه لـقلبي واجعلني خير صائنًا لها، كنت صغيره بس كنت فاهمه لأن حبهم كان نقي زياده، أمي كانت أفضل أم في العالم وأبويا كان أحن أب، ربنا يرحمهم
راقبها تزيل دmـ.ـو.عها الحزينة وتضم جسدها لـتحتمي من البرد، تمنى لعله ذلك الوشاح الملامس لها عوضًا عنه، جسده يلح عليه بـالذهاب وأحتضانها لتعلم بأنه لـجانبها، قلبه يضطرب ألــماً عليها، هو أيضاً يشتاق لـوالده بـشـ.ـدة ولكن ليس بيدهم سوى الدعاء، حمحم متفهما:
_ هم في مكان أحسن دلوقت، ادعي ليهم
ابتسمت بـأمل لـيومٍ تلاقهم على خير ورمقته بـنظرة ممتنة لـإستماعه لها تفهمها هو وبادلها بإماءة وبسمة حانية ثم تمتم بـمزاح:
_ هو كل البنات لما بتعيط بتحلو ولا أنتِ وضع خاص ولا أنا اللي اتجننت؟
ضحكت بـشـ.ـدة عليه وأخفضت رأسها بـخجل وما لبثت أن تذكرت ما تنويه فـرفعت رأسها بـتـ.ـو.تر وتمتمت:
_ في حاجه لازم نتكلم فيها
رفع أحد حاجبيه بـتوجس ورفع سبابته بـوجهها وتمتم:
_ أنا قلبي بيقلق من النظره دي… مش متفائل خالص
ابتلعت ريقها بـصعوبة وابتسمت بـغـ.ـيظ وتمتم:
_ ليه إنشاء الله… تقصد تقول إني نكد؟
لوح بـكفيه بـنفي وهز رأسه هاتفًا:
_ وأنا أقدر أقول كدا محصلش طبعاً
تنفست بـقلق ووضعت يديها تهدأ من اضطراب قلبها وأردفت بـقوة:
_ أنا محتاجه ارجع بيتي
هز «ثائـر» رأسها بـتفهم وغمغم:
_ وأنا تحت أمرك هوصلك واستنى أجيبك
حمحمت بـخجل وهمست:
_ لا أنا هرجع بيتي علطول يا ثائر!
اعتدل بـوقفته واقترب من بـلكونتها أكثر ودنى منها مصححًا:
_ ما هو دا بيتك يا هبه!
هزت «هبه» رأسها نافية وتعلثمت حروفها وغمغمت:
_ أنا عارفه إن القرار صعب بس أنا محتاجه أبعد فتره، محتاجه هدنه من كل حاجه، على الأقل لحد ما فترة عدتي تخلص، ثائـر اللي إحنا بـنعمله غلط ومش واخدين بالنا
قاطعها بـغـــضــــب وحدة:
_ إيه الغلط؟ أنا قربت منك؟ أنا عملتلك حاجه ضرتك؟
نهرته بـنظرة معاتبة ومسحت على وجهها بـقلق مكملة:
_ كلامنا دا غلط… وجودي قصاد شقتك غلط… لمستك لإيدي غلط… نظراتك ليا غلط… كل اللي بنعمله غلط ومفيش شفيع ولا عذر ليه، أنا مش بلومك لواحدك أنا كمان غلط لما انساقت ورا مشاعري، أنا كان لازم أعاتبك على الأقل لما خبيت عني إن فاضل طلقني واستغليت دا لـصالحك بس عشان مشاعري ليك اتغاضيت عن كدا مع إن دا حقي والقرار بإني أفضل كان قراري مش قرارك
تلاقت نظراتهم بـلحظة مطولة نهرها «ثائـر» هاتفًا بـتـ.ـو.تر خفي وقوة:
_ تقصدي إيه بكل كلامك دا؟
نظرت بـعيناه بـقوة وترجي وتمتمت بـأمل:
_ نبعد فترة، مدة عدتي تخلص وبعدها كل شيء يبقى واضح مش هقدر أكمل في الغلط دا يا ثائـر صدقني، متعودتش أعرف أخطائي ومصححهاش، أنا خايفه من ربنا، أنا مش ملاك وكلي ذنوب بس لما أقدر أقطع الذنب دا مش هتأخر، أنا بحبك ودا شيء مفيش لا مسافه ولا ظروف هتغيره ولا تقلله، فاهمني!
ابتسم بسمة لم تصل لـعيناه وهز رأسه متحدثًا:
_ كدا هتكوني مطمنه أكتر؟ هتبقي مرتاحه؟
اخدلت ملامحها المتـ.ـو.ترة وهزت كتفيها بلا حيلة وأردفت بتأكيد:
_ هبقى مطمنه لما نكون سوى في حلال ربنا، هبقى مرتاحه وأنا بضحك ومش خايفه إن دا غلط، إحنا لا عيال ولا مراهقين إحنا كبـ.ـار كفاية عشان نفهم ونمنع نفسنا إنها تمشي ورا شيطان بكام لحظه وكلمه تريح القلب، صدقني دا أفضل لينا
انفرج ثغره عن بسمة دافئة عكس برودة الجو وتمتم بـنبرة حانية:
_ طالما دا هيريحك أنا معاكي فيه ودا قرارك وأنا هدعمك المره دي
ابتسمت بـراحة واختلجت السعادة قلبها وهتفت:
_ أنتَ لطيف أووي
رغماً عنه ابتسم لـنبرة السعادة بـصوتها ولمعت عيناه بـبريقٍ من السرور وحمحم مردفًا:
_ مش بـلطف قلبك يا سكر
ألجمها غزله البسيط بـنبرة صوته ونظرته الهائمة مما جعلها تُشيح بـوجهها عنه وتهتف بـحدة وحزم:
_ثائـر إحنا قولنا إيه!!!!؟
ضحك بـملئ فاهه على حدتها المزيفة وتهربها منه وراقبه ترتجف من البرد فـهتف بـحزم:
_ ادخلي من البرد.. الفجر قرب يأذن أصلاً
أومأت بـرأسها بـتفهم وناظرته بـسعادة لـتفهمه وهمست بـخجل:
_ تصبح على خير
استمع لـصوت إغلاق النافذة بـقلبٍ يتداخله القلق حول قرارها، لقد اعتاد رؤيتها كل صباح حتى وإن لم تراه، أعتاد بسمتها التي رغم كونها مخفية إلا أنه يراها بـقلبه الولهان بها، أعتاد طيفها المُحاط بـروحه العاشقة لها، كيف سـيعتاد على عدm تواجدها؟ هل سـيتحمل ابتعادها لأكثر من شهرٍ ونصف حتى تنتهي عدتها وحينها يُسمح له بالتقدm والزواج منها؟ لن يردعها عن قرارها الحتمي والذي تبين أثره عليها ولكنه لن يتحمل! لن يتحمل غيابها هكذا بعيداً عنه!! ألقى نظرة أخيرة على شرفتها قبلما يغلق نافذته ولكنه توقف ما إن استمع لـصوت آذان الفجر، ابتسم بـلا إرادة منه لـصدى الآيات التي تُلقى بـقلبه وتبعث السَكِينة والسلام بـروحه وتمتم وعينتيه تلمعان بـأمل:
_ يارب قدm الخير وريح قلبي
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
فرغت من صلاتها على بسمته الحانية التي يبعثها له من حينٍ لآخر منذ انتهاء جلسته، الأمل يُبسط بـفؤادها بـإسرافٍ مع بداية اليوم، لديها يقينٍ بـقدرته ربها أنه سـيصبح بخير ويتشاركا السعادة الأبدية يومًا بعد يوم، جمعت سجادتها ووضعتها بـرفق على المقعد واقتربت جالسة جانبه متناولة كفه لـيُصبح على مقربة من فمها ولثمته بـقبلة عميقة وتمتمت:
_ تقدر تصلي؟
لكزها بـحدة طفيفة بـجانبها وغمغم بـمرح:
_ أنا موقعتش للدرجادي يبت أنتِ أنا لسه بخيري مش شوية تعب اللي يهدوني
انحنت طابعة قبلة عاشقة فوق جبهته وضمت رأسه لـصدرها بـحب وغمغمت بـلهفة:
_ متقولش كدا… أنا عاوزاك بخير ديماً
رفع «براء» رأسها من صدرها وضيق عينيه بـخيبة أمل وتمتم:
_ هي مينفعش شفايفك كانت تنزل عشره سنتى لتحت؟ بتبوسي أختك أنتِ؟
لثوانٍ لم يصل لها مخزى كلمـ.ـا.ته ولكنه حينما انتهى مالت عليه من شـ.ـدة الضحك حتى أدmعت عينيها وتحدثت بـلا ترابط من بين ضحكاتها:
_ يعني لسه مصليه وبقولك… بقولك قوم صلي وتقولي كدا… الشيطان حاضر هنا رغم كل شئ منه للاااه
مال عليها أكثر بـجسده حتى اعتلاها وعيناه تلتهم تفاصيلها البديعة ومحياها الفاتن وشفتاه تهمس بـكلمـ.ـا.تٍ لم تتبينها ولكنها أتت لتلتقي بـخاصتها بـقبلة خفيفة ورطبة جعلتها تحيط عنقه بـحب وتفصل القبلة هامسة:
_ طالما أنتَ كويس يلا نصلي وأنا هصلي معاك تاني
نهض عنها وما لبث أن جذبها لـصدره بـعناقٍ ساحق كاد يستمع لـصوت تحطيم عظامها له وغابت عيناه بـعاطفة قوية للحظاتٍ ثم ابتعد عنها وسارا لـيغتسل ثم يتوضأ
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بـمنتصف اليوم وقفت «أثـير» تهنـ.ـد.م ملابسها، وضعت لمساتها الأخيرة لـتكمل طلتها البهية وابتسمت بـبرود لانعكاس صورتها بالمرآه وهمست بـتهكم:
_ مش اللبس والمكياج اللي هيبني قوتك… فوقي
أكان ذلك صوت عقلها أم قلبها المشتاق له؟ أكان ذلك من المفترض عتابًا لها أم سخرية منها؟! أحقاً هي قوية أم تدعي تلك القوة التي تظن أنها لن تمتلكها بـيوم؟ التقطت حقيبتها وهاتفها وتوجهت للخارج، بعد مدة وصلت للبناية التي يقطن بها «ثائـر» تنهدت بـتعب وأخفضت رأسها على المقود ولمعت عينيها بـالدmـ.ـو.ع من شوقها الجارف له ولا حيلة لها بـذلك فـمهما طالت كذبتها أنها تحاول نسيانه يُلقيها قلبها بـجعبة لهفتها واشتياقها له، أزالت دmـ.ـو.عها واستجمعت شتات روحها وصعدت…
طرقت بـخفوت على الباب ودقيقة حتى طل «ثائـر» بـملامحه الهادئة وكأنه كان على علمٍ سابق بأنها ستأتي، دلفت وعينيها تدور بـالمكان لا تريد رؤية والدته حتى وإن كانت خارج الأمر فمن الصعب عليها الصفح لها، جلست بـجانب والدة «ثائـر» التي رحبت بها بـشـ.ـدة وتبعها هو بسؤاله:
_ أنتِ من جواكِ عارفه إن راكــان مستحيل يعمل كدا؟
وضعت كوب الماء الذي كانت ترتشف منه وناظرته بعينين داكنتين وغمغمت بـصدق:
_ وأنتَ عارف إن اللي عمله مستحيل حد يسامحه عليه،أنا جيالك عشان تساعدني
أنصت بـاهتمام لها وتمتم بـتوضيح:
_ خليكي واثقه قبل أي قرار إن راكــان عمره ما حب غيرك وإن ميار دي كانت غلطه دفع وبيدفع تمنها لدلوقت
أشاحت بـوجهها عنه في تردد وغمغمت بـتـ.ـو.تر:
_ أنا عاوزه أطلق
كانت والدة «ثائـر» تتابع الموقف من البداية ولم تنبث ببـ.ـنت شفة واكتفت بالملاحظة ولكن عنـ.ـد.ما تفوهت « أثـير» بـرغبتها بـإنهاء زوجها رمقت «ثائـر» بـنظرة تفهمها واستأذن مغادرًا، اعتدلت بـجلسته لـتصبح بـمواجهتها وجذبت كفيها لـتحتضنهم بـحنانٍ وغمغمت:
_ قوليلي حاسه بـإيه وأنتِ بتقوليها
رفعت « أثـير» عينيها لها ونطق لسانها رغماً عنها بـألــم:
_ حاسه بو.جـ.ـع مش عاوز يقف، حاسه بتعب وخـ.ـنـ.ـقه لأول مره أعيشها، روحي وقلبي رافضين النهاية دي بس أنا مش هقدر أسامحه رغم حبي الكبير ليه، أنا ضعيفه قدام كل الو.جـ.ـع دا وعمري ما كنت أتخيل إنه يخذلني بالشكل دا جوايا شعور بيقولي إنه لو كان اعترف بكل الحاجات دي قبل جوزانا كنت هغفرله وهنسى بس بعد ما عيشني في كدبه واستغلني صعب أنسى واعدى، رصيده في قلبي خلص!!
ابتسمت السيدة «نجاة» بـطيبة وربتت فوق كفيها وهتفت بـصدق:
_ لو كان رصيده في قلبك خلص مكنش زمانك خايفه وأنتِ بتطلبي الطـ.ـلا.ق، مكنتيش هتحسي بالو.جـ.ـع اللي في قلبك دلوقت، كان قلبك هيبقى بـ.ـارد ومرتاح بعكس دلوقت، يا بـ.ـنتي خديها نصيحه من واحده أكبر منك، ساعات بنخاف نواجه الناس اللي بنحبهم بحاجات كتير ممكن تجـ.ـر.حهم لمجرد إننا خايفين نو.جـ.ـعهم، مش كلنا عندنا قوة إننا نصارح ونواجه، أنا عارفه راكــان كويس مشوفتهوش فرحان زي ما شوفته معاكي يوم الفرح، يا بـ.ـنتي ادي لنفسك فرصه واقعدي احسبي خطواتك، أنتِ من جواكي مصدقه إنه برئ بس خايفه من بقية القصه، يا حبيبتي متحكميش عقلك زياده عن اللزوم
اومأت « أثـير» بـرأسها بموافقه واعطتها بسمة شاحبة وخرجت بـهدوء
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
منذ وطأت قدmاه هذا المكان لم تغفل عيناه لـدقيقة واحده، لو يرتمي بـأحضانها ولو لمرة سينعم بـالراحة التي فقدها، لها كل الحق بابتعادها وتهربها منه، ماذا إن كان بـموضعها؟ ماذا إن علم بـعلاقة سابقة لها بعدmا تزوجا؟ لـمجرد تخيله تدفقت دmاؤه بـغزارة لـعقله واسودت ملامحه قسوة مع ارتفاع وتيرة أنفاسه، دmعة خائنة أخذت مجراها لـوجهه نفضها عنه وتذكر نظرات وكلمـ.ـا.ت تلك الأفعى المدعوة بـزوجته الأولى!!!
# فلاش باك
لم تزول صدmته بعدmا استمع لـصوتها البغيض بعد حتى باغتته بـرفع نقابها ليري ملامحها الشامتة بها ونظراتها الكريهة المصوبة له، استجمع قوته وهتف بـتأثر:
_ أقدر أفهم راجعه ليه دلوقت؟ ليه بعد السنين دي كلها؟
أنزلت « ميار» نقابها واستندت بـجسدها على الحائط المقابل له وتمتمت بـحقد:
_ للأسف لأني في يوم حبيتك وافتكرت إنك ممكن تاخد بالك مني حتى!! قدmت نفسي ليك عشان اروح لوالدتك ونتجوز وبكدا أبقى قربت منك وأقدر أخليك تحبني بس فشلت!! فشلت وأنا بشوفك قرفان مني بل ومش شايفني أصلاً!!! قدmت تنازلات كتيييره وكنت مستعده أقدm عشان اسمع منك ولو كلمه واحد!! ولو نظره!! حتى لما مشيت مدورتش عليا ولا حتى طلقتني، لما عرفت إني حامل مشيت مكنتش هسمح لابني يعيش مع أب مش شايف أمه؟! مكنتش هسمح لنفسي أكرر اللي عشته مع ابني وادmره!! تخيل بقا ربنا أراد احمل من غلطه! أول ابن ليا يبقى ابن زنا!! طول السنين معرفتش أنساك رغم الو.جـ.ـع اللي عشته بحبك وأذيتك، تخيل بـ.ـنت تقدm نفسها وشرفها اللي هو كل ما تملك لولد أصغر منها لمجرد إنها نفسها يحبها!!! متخيل كرامتي وصلت لفين؟!!! متخيل و.جـ.ـع قلبي وأنا بستناك كل ليلة على أمل حتى تنام جنبي بس كنت بتهجرني!!! مشيت بابني وكنت هنساك بس قولت ليه مخلهوش يعيش من نفس الكاس اللي شربته؟! ليه ميشوفش ويدوق معنى إن حد يدmر سعادته وأحلامه؟! مسألتش نفسك ليه بعد السنين دي كلها مفكرتش اطلق ولا ارجع؟! عشر سنين وقت طويييل بردو!! لما عرفت إنك بدأت تحب بـ.ـنت قولت فرصتي واستنيت كل حاجه تتم وتعيشلك كام يوم
صمتت قليلاً تستجمع أنفاسها بسبب اندفاعها بـالحديث وغـــضــــبها المخفي بين حروفها، تساقطت دmـ.ـو.عها بلا هوادة منها رغماً عنها عنـ.ـد.ما تذكرت تلك السنوات زما عاشته بهم لأجل حبٍ لم يُقدر لها، اقتربت منه وهمست بـقوة وكره:
_ شوفت فرحتك اللي كانت مفروض تبقى معايااا!!! فرحتها اللي المفروض كانت تبقى فرحتي!!! أنا مش عارفه أكرهها صدقني لأنها أنقى منى ومنك وأنضف ومتستهلش كدا بس غـ.ـصـ.ـب عني!!! تخيل تفضل سنين كل يوم بيعدي رغبة انتقامك بتزيد من أكتر شخص حبيته في الدنيا، تخيل كرهي ليك بيزيد مع كله همسة بابا بسمعها من ابني وأنا عاجزه حتى اقولوا أو أوريه شككلك؟! تخيييل!!! تخيلللل كام سيناريو كان بيجيلي عشان لما يكبر هيتقالوا أنتَ ابن زنا!!!!
صاحت بـغـــضــــب وحده بعدmا تجرعت مرارة ألــمها للمرة التي لم تعد تحصيها ودارت حول نفسها بـتعب:
_ تخيل بقا و.جـ.ـعي!!! بنفس درجة كرهي ليك، لو مفكر انتقامي منك خلص تبقى بتحلم يا راكــان، متتعبش نفسك إزاي عملت كل دا لأن الفلوس بتعمل كل حاجه!! حتى ولو على حساب نفسك!! افتكر إن على قد طيبتي وسذاجتى هتقابله و.جـ.ـع يحطمك مني
راقب خروجها بـعينين دامعتين، أيشفق عليها أم يشفق على ذاته؟! أم على حبيبته التي أصبحت مرهونة لأفعاله الشنيعة؟! لم تكذب فزوجته أنقى منه!! زوجتها الرقيقة لن تتجاوز المزيد من المحن والصعوبات، رغم ما تكنه له من كره إلا أنه رأى صدق قولها بأنها أحببته! أكان حقاً جلمود الفؤاد لتلك الدرجة ولم يراها؟! أكان بتلك البشاعة ابتي تصفها به!!
لم يفهم قولها بأن الأمر كان على حساب نفسها! اختبر و.جـ.ـعها سابقاً عنـ.ـد.ما كان يحب « أثـير» سراً ويخشي عدm مبادلتها إياه! هو ليس حزينًا على تواجده هنا ولكن يحـ.ـز.ن لأجل معشوقته الباكية والضعيفة، تلك الهشة تخشى الليل وإن طال فـكيف تتعايش مع كل ذلك؟! حزين لأجل ابنه!! فلذة كبده الذي تربي بعيداً عنه كيتيمٍ!!! يالقذارة أفعاله
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
عادت «ورده» من الخارج بعد زيارتها لـطبيبه لتسأله عن حالته وكم سعدت بعدmا طمأنها بأنه بخير وإن أرادت إخراجه فلا بأس، دلفت غرفته وتعجبت من خلو فراشه ولكنها استمعت لخرير المياه فعلمت أنه بـالمرحاض، مضت فترة وجيزة انتابها القلق عليه فـنهضت وطرقت الباب وتمتمت:
_ براء مالك… بقالك فترة طويلة محتاج حاجه؟
استمعت لـصوته المتعب من الداخل يطمئنها ولكن على العكس ما زادها إلا خــــوفًا فعاودت الطرق بـقوة وأردفت بـحزم:
_ أنا هدخل
فتحت الباب وما لبثت أن وجدته منحنيًا على الحوض ويتقيأ بقوة وكأن حياته تعتمد على إنها ذلك الأمر، استشعرت الألــم بـصوته وحركات جسده الذي يتلوى وكأنه على جمرٍ، هرولت مسرعة إليه واقتربت مربتة فوق كتفيه بـحنان وتمتمت:
_ خد نفسك اهدي يا حبيبي
نهرها بجسده وكادت أن تسقط وتمتم بـأمر وانفعال:
_ اطلعي برا قولتلك متدخليش
أدmعت عينيها لـنظراته المتألــمة واقتربت ضاممة جسده لـيستند عليها وهمست بـصوتها الدافئ:
_ أنا وأنتَ واحد ومستحيل يكون بينا فرق، بلاش تبعدني عنك
لمعت عيني «براء» بـالدmـ.ـو.ع وارتجفت شفتاه وهمست بـحرقة:
_ صدقيني لازم تخرجي بلاش تشوفيني كدا على الأقل، خليكي برا يا ورده
كانت إجابتها أن فتحت صنبور المياه وغسلت وجهه بكامله ويداه وتناولت الفوطة مجففة إياهم ولم تبادله ولو نظرة واحده ولفت ذراعيه أحدهم حول كتفيها والأخر أمسكت به إلا أنا أوصلته للفراش وتمتمت:
_ ارتاح هجبلك حاجه تأكلها وتاخد المسكن
كادت أن تبتعد عنه ولكنه قبض على معصمها بـوهنٍ وجذبها لتقابل عيناه وحمحم بـتعب موضحاً:
_ متزعلش مني أنا مش عاوزه تتحملي فوق طاقتك عشاني، مش عاوز اكون حمل عليكي وتقرفي مني
علمت مقصده من البداية ولكنها فضلت الصمت، أحاطت وجهه بين كفيها بعدmا جذبتهم منه وهمست بـحب وثقه:
_ عمري ما هفكر حتى إنك حمل عليا، أنت جوزي وحبيبي وكل ما ليا بعد أهلي لو في يوم كنت أنا اللي محتاجاك واثقه إن عمرك ما هتردد إنك تكون سندي، أنا وأنت واحد وهنعدي المحنه دي بكل تعبها وو.جـ.ـعها عشان نحكي لولادنا عنها وإحنا مبسوطين بالإنجاز دا…. دي مش معركتك لواحدك يا براء
طبعت قبلة فوق شفتيه أودعت بها قلقها وخــــوفها وأيضاً ثقتها وحبها له وغمغمت بـلهفة:
_ أنا جعانه يلا عشان ناكل
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
بـنهاية اليوم وصلت أمام شقته وبسمة ماكرة تزين ثغرها، طرقت الباب بـغنج وكـبـــــريـاء وما لبث أن آتاه الرد منه، لم يسمح لها بـالدخول بل لم ينظر لها ولكنها دلفت بـالصغير الخائف وتحدثت بـدلال:
_ كدا بتقابل ضيوفك يا ثائـر بردو؟
ابتسم « ثائـر» بـغموض ونظر للصغير المرتجف وغمغم بـثبات:
_ كنت مستنيكي من بادري يا ميار هانم
نظرت للصغير ودفعته بـخفة لـ «ثائـر» وتمتمت:
_ دا حمزه… حمزه راكــان ابن ابن عمك.
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية شظايا الكلمات أثير وراكان)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)