روايات

رواية شظايا الكلمات أثير وراكان الفصل الحادي عشر 11 بقلم جهاد وجية

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية شظايا الكلمات أثير وراكان الفصل الحادي عشر 11 بقلم جهاد وجية

 

 

 

البارت الحادي عشر

 

 

قالت بـ حـ.ـز.نِها ذات مرة: أخاف الخــــوف وكَم هي بشعة رهبة الخــــوف منه…

هل جردكَ عقلك ذات مرة من التصرف واتباع المطلوب منه والسير بلا وِجهة تُذكر ووضعك ببؤرة مخاوفك حتى تعتاد التعايش معها؟ أو ربما جعلك تتساءل هل لنا من هذا الحـ.ـز.ن من فائدة؟ أو لما لا ينف الحُزن بطوائفه عنا ويهرع رُعبًا منا؟ تسلسل العقول لنسج حبكة مأساوية لعرض شريطٍ بائس من اللقطات المُعبأة باللعنات فقط…!!

من المؤسف التواري بـِ حِجة الخــــوف من مواجهة العالم لما بداخلنا من تشوهات نعجز عن إظهارها حتى لمن نحب حتى لا نلقى نظرة مُشفقة تُطرح بنا أرضًا، يتعين علينا إنها تلوث بعض الجروب بـ كَيها بقوة حتى يتوقف نـ.ـز.يفها والمها لنا لا أن نهرب بـ بعض الأمور المهدئة فقط…!!

قاربت الشمس على الإجتباء بـ السماء المُلبدة بالغيوم التي تهدد ببوادر عاصفة شـ.ـديدة قادmة، جلس بِـ إرهاقٍ وتعب على المقعد المقابل لـ «رحمه» الباكية والفزعة، انقضى اليوم بحثًا عن « هبه» المُتغيبة منذ الصباح، قلبه ينبض بعنف وكأنه بحلبة مصارعة ولا فرصة لنجاته منها سوا بمـ.ـو.ته، لا يعلم اين اختفت ولا لما ولا لـ متى ولما اليوم بالتحديد، عقله لا ينفك عن طرح التساؤلات البشعة وهواجسه تصورها بأبشع الأمور سوءً أن يكون أصابها مكروه وهذا ما لا يتحمله، فرك جفنيه بـ تعب واعتدل بـ جلسته للأمام مُشابكًا كفيه معاً بتردد وتحدث:
_ أنا دورت في كل مكان ممكن تكون فيه ومينفعش اعمل بلاغ غير لما يمر 24 ساعه على غيابها وللأسف هي ملحقتش تكون صداقات هنا غير مع ورده وورده مع جوزها من فترة ومش بتسيبه وبتنفي أنها شافتها حاولي..

قاطعته «رحمه» بـ غـــضــــب وحدة وانتصب عودها بعنف هاتفة:
_ ايوا وجاي تقولي كل دا لي وأنا عرفاه!! مفروض كدا تطمني؟! لو مكنتش تقدر تدور عليها على الاقل سيبني متحبسنيش هنا

جعد «ثائــر» جبينه من هجومها القاسِ عليه وحدتها الغير مبررة بالحديث معه ونهض بـ اتجاهِها محاولاً امتصاص غـــضــــبها ولكنها نهرته بعيداً عنها وهتفت بـ حرقة ومرارة:
_ متقربش مني، هاتلي أختي، أختي مش بخير، مش بخير خالص ولا كويسه… هبه تعبانه وعمرها ما تقدر تسيبني وتمشي وأختى أنا متأكدة إنها حصلها حاجه… رجعلي هبه بالله.. بالله

هز رأسه بنفي وترقرت الدmـ.ـو.ع بمقلتيه الشاحبتين واقترب منها وجذبها مربتًا فوق كتفيها بـ حنانٍ وتمتم بتأكيد:
_ هترجع والله هترجع وهتبقى بخير والليلة هتبات في حـ.ـضـ.ـنك ومعاكي

رفعت «رحمه» عينيها له بأمل ورجاء وهمست بو.جـ.ـع وكأنها تتوسله إعطائها ولو أملٍ بسيط:
_ توعدني؟!! …

بادلها بـ بسمة زائفة لا تنم عن جم القلق السائر داخله وعن مدى تـ.ـو.تره وتمتم بـ شرود:
_أوعدك يا رحمه

*************

بِـ جناح العروسين لم تغفل لحظة من سعادتهم، كلاهما غارقان ببحورٍ من الفرحة واللذة معاً، ما كانا يحلمان بهذا الكم من الراحة والسلام الداخلي بـ عمرهِما ولكن ها هما معاً الآن وأعطيك بحت زوجته أمام الله كما العالم ولن تتردد لحظة عن الفتك بـ من يحاول نزع تلك المشاعر الهادئة منها…
تململت بنعومة فوق الفراش ما إن تذكرت عدد المرات التي أغدقها بحبه واعترافه الصادق لها لأي مدى وصل بعشقه لها لم تكن تتخيل أن هذا الوسيم الجذاب صاحب القلب الحنون بقوته وصلابته أن يقع بعشقها وهي الثمينة أضحوكة جامعتها وزملائها عند هذه النقطة وزمت شفتيها بـ ضيق و.جـ.ـعدت حاجبيها ببغض لتلك المواقف ولكن هذا العاشق المنتظر بزوخ عسلها الصافي من خلف جفنيها اقترب خِلسة منها طابعًا قبلة رقيقة وحانية فوق شفتيها المزمومتين بإغرائهم الواضح والفتاك له.. ابتعد عنها فاصلاً قبلتهم ولكنها ما لبثت أن جذبته مجدداً وأحاطت عنقه بـ حب مُلصقة شفتيها بخاصته بـ قبلة متلهفة ومتشوقة له ولقربه الدائم منها، تقابلت شفاهِهم ببسمة سعيدة وضحكة صاخبة عنـ.ـد.ما تولى «راكــان» الدُفة ليتعمق بتلك اللحظة الفريدة البعيدة كل البعد عن خجلها وتـ.ـو.ترها الدائم، فارق قبلتهم واسند ملامحه المُرهقة من أفعالها العفوية وهتف بصوتٍ خافت مملوء بالمشاعر:
_ أنا عمري في حياتي ما شوفت صباح زي النهاردة بكل مراحله

ابتسمت « أثـيـر» بخجل وعضت شفتيها بـ تـ.ـو.تر وهمست أمام شفتيه بـ رقة:
_ ولا أنا كنت مطمنه زي النهاردة

رفع « راكــان» أحد حاجبيه بـ مكر ودهاء وسار بإبهامه فوق شفتيها ليبعث بها صاعقة لحظية جعلتها تخفي وجهها بصدره هامسة:
_ راكــان بس

تنهيدة طويلة خرجت من جوفها لتلفح خصلاتها النارية آثر نطقها لاسمه بتلك الطريقة جعلته يبغي تناولها كوجبة دسمة لإفطاره المتأخرة ولكن ليس عليه الإسراع بشيء سيترك لها المجال حتى تعتاد عليه، ضمها بقوة لصدره العاري ولف شرشف الفراش حول جسدهم جيداً وهتف بمرح:
_ والله أنتِ هتجيبي اجلي قريب برقتك ونعومتك دي

ضحكت « أثـيـر» بـ صخب ودلال وبادلته ضمته بـِ خفة وهتفت بـ مرح:
_ والله أنتَ هتجنني بحلاوتك وحنيتك اللي مغرقني فيهم دول

ضحك « راكــان» بشـ.ـدة حتى ادmعت عيناه على حديثها المقتبس من جملته وهتف بـ مكر:
_ يعني اعترفتي إني حلو ومتقدريش تقاوميني اهو اومال لي الرفض من الأول

رفعت « أثـيـر» جسدها لتصبح على مقربة من وجهه وملامحه التي ادmنتها وهمست بدلال وثقة:
_ مش يمكن كنت بدلع عليك وعاوزه اشوف هتتحملني لامتى؟!

أحاطها « راكــان» بذراعيه مجدداً وطبع قبلة خفيفة فوق وجنتيها الشهيتين وهتف بـ مزاحٍ يتخلله الصدق:
_ أثـيـر هانم تدلع براحتها وتتدلل وإحنا تحت أمرها هو أنا عندي كام أثـيـر يعني؟

رفعت «أثـيـر» سبابتها لتتلمس شفتيه وأبحرت بعينيها بقارب قزحيتيه وهمست وأنفاسها تداعب وجهه:
_هي أثير واحده بس ومش هسمح يكون في تاء تأنيث غيرها هي ومامتك بس…

لم يتحمل « راكــان» المزيد من جرأتها وانفتاحها العجيب معه وتلك الثقة العامرة بحديثها وبلحظة كان يجذبها اسفله وعيناه تدور بـ شغفٍ على سائر ملامحها المترسخة بفؤاده
*************

عنـ.ـد.ما يتواجد لقلبك من يخشى أمره ستهدأ ثورة هلعك من المـ.ـو.ت، حينها ستطمئن كونك ستفارق الحياة وجوارك من يهتم لأمرك

وضعت «ورده» أصناف الطعام المختلفة والصحية أمام «براء» المتربص لحركاتها الشاردة وتصرفاتها المتعثرة وجلست أمامه لمحاولة تناول طعامها هي الأخرى، أمسك «براء» كفيها بين أصابعه القوية وجذبها لـ تجلس جانبه وتحديداً اسفل ذراعه وهتف باهتمام:
_ سرحانه في إيه من وقت ما المكالمه الغريبة دي جاتلك

أشاحت ببصرها عنه لتتفادى غابات عيناه العامرة بـ الرجاء وهتفت بمرح زائف:
_ فيك طبعاً يا روحي

ابتسم « براء» بسمة لم تصل لعيناه وأدار وجهها بأصابعه لتقابل عيناه وهتف بتأكيد وإصرار:
_ متحاوليش تكدبي عليا وأنتِ عارفه إني ملاحظ كدبك، مالك يا قلب براء

تنهدت «ورده» بقلق وتذكرت مكالمتها البسيطة مع «ثائر» التي اوضحت تغيب «هبه» منذ الصباح ومدى فزع شقيقتها الصغرى وخــــوف ذلك الرجل المفترض انه غريب عنهم!! تحفظ «هبه» عن ظهر قلب وموقنه من بشاعة وألــم سببها للتغيب ولكن لما لم تحادثها؟! هذا ما يقلقها تحديداً وأن مكروه قد أصابها، فاقت من شرودها على أصابع براء التي تضغط فوق كتفيها فـ ابتسمت بـ تـ.ـو.تر وتمتمت:
_ هبه مرجعتش البيت لحد دلوقت ومحدش عارف راحت فين وحتى موبايلها محدش بيرد عليه.. دا مش من عادتها واللي مخــــوفني إنها مكلمتنيش

ضمها « براء» لـ صدره وربت على ظهرها بـ حنانٍ وهتف بثقة:
_ أكيد حابه تكون لواحدها فترة عشان كدا مكلمتكيش، هبه مش عيله صغيرة عشان لقدر الله تعمل في نفسها حاجه يا حبيبتي وكمان هي بتخاف ربنا قبل كل شيء

تشبثت بقوة بـ خصره وسمحت لدmـ.ـو.عها الخائفة بالنزول لتُخمد نيران وجزع قلبها القلق وهتفت بنشيج:
_ لا قلبي بيوجـ.ـعني، صدقني هبه مش كويسه، هي مبتعرفش تعدي الطريق وبتخاف من العربيات، بتخاف تكون لواحدها مبتحبش الوحدة ولا من طبعها الغياب ومبتحبش حد يقلق عليها، أنا خايفه يا براء

أصابه الزهول من كم ترابط علاقة زوجته بـ صديقتها التي صادف وجودها بـ العمل معهم بفترة قصيرة لم تُنهار العام حتى ولكن تشابك قلوب الفتاتان جعلته يبتسم برضا لهذه العلاقات المبنية على الحب والوفاء الخالص منافية لبشاعة وزيف العالم من حولهم، مد يديه ليزيل دmـ.ـو.ع زوجته بعشق وهمس بصدق:
_ لو حابه تروحي بيتها وتطمني إذا كانت رجعت متفكريش حتى روحي وأنا هكون بخير متقلقيش

فكت نفسها من بين أحضانه وبسمة لأول مرة تعتري محياها ولا تعلم تفسيرًا منطقي لها أهي سعادة أم رضا أم شكر لهذا الرجل الذي تفهم ما يجيش بصدرها وعلم ما يدور بخبايا عقلها من أفكار، تمسكت بيده ورفعتها لشفتيه وهمست بـ امتنان:
_ شكراً … أنا بحبك

بادلها قبلتها بأخرى فوق جبهتها وهمس بتأكيد على أحرفه:
_ وأنا بـمـوت فـيكِ يا وردتــي

***************
عِند تلك الغافية بـ أحلامها الوردية معه وزكرياتها القليلة التي مزجت بين قلبيهما الصادقين بـ حبٍ معـ.ـذ.ب، راقدة كجثة سُحبت روحها وغادرتها الدmاء لتشحب وجنتيها وتذبل حُمرة شفتيها وجسدها المُختفي خلف رِداء المشفى والأسلاك الثاقبة لأوردتها الضعيفة، بدت كجثة فاقدة للحياة، تنفرج شفتيها تارة عن بسمة حالمة وتارة أخرى عن رجفة خائفة من يناظرها يعلم بما خلف ثنايا قلبها المتهالك….

تركض بـ مرح على أنغام موسيقى الحياة التي نسجتها بخيالها بـ ثوبٍ أبيض بـ نقوشٍ وردية لطيفة يلامس جسدها المُفعم بالحيوية والنشاط كطفلة خرجت للتو من مهدها الصغير ولكن قلبها العجوز بالزمن لازال يحمل روح الطفولة، انحنت قاطفة زهرة عباد الشمس الرقيقة ولم تنتبه لبعض الأشواك التي غُرست بقوة بقدmها فـ خرجت منها صرخت مكتومة جعلتها تترنح حتى سقطت ممسكة بقدmيها النازفة، رأت ظلًا يحوم فوقها فرفعت رأسها مسرعة لتتوسع بسمتها متناسية الألــم فور رؤيته وهتفت بـ سعادة:
_ أنت جيت ومسبتنيش

انحنى ذلك الغريب جالساً أمامها ممسكًا بقدmيها بين أصابعه القوية ونزع الأشواك بـ لطف ومسح عليها بـ نعومة وهمس بتأكيد:
_ أنا هكون موجود ديما وقت ما تحتاجيني

اقتربت متلمسة كفه بأصابعها وضمته لصدرها بـ عشق وهتفت بـ حب:
_ وأنا هفضل أحبك

جعد ذلك الغريب وجهه وأشاح ببصره عنها وتمتم بألــم:
_ طب لي عاوزه تمشي وتسيبيني

أحاط « هبه» وجهه بكفيها الناعمتين وأطالت النظر بعيناه الساحرتين أسفل أشعة الشمس وتمتم بشرود:
_ عيونك حلوة أووي يا ثائر

طبع «ثائر» قبلة حانية ومتلهفة فوق كفها وابتسم بأمل هاتفا:
_ عشان عيونك شيفاهم يا ضي عيوني

هزت « هبه» رأسها بـ و.جـ.ـع وتركت وجهه ونهضت هاتفة:
_ عشان بشوفهم بـ قلبي… سلام..

لما انتهى ذلك الحلم الوحيد الذي آتاها به وبذلك القرب.. لما انتهت تلك اللحظات الجميلة على فاجعة ذهابها… سقطت دmعة وحيدة من عينيها تزامنًا مع تحرك جفنيها بـ ضعف سامحة لوعيها بـ العودة من جديد، فنحت عينيها بـ تعب لتضـ.ـر.ب عقلها تلك الحادثة التي جعلتها طريحة الفراش، دارت بـ نظرها للغرفة البيضاء من حولها وتلك الوصلات البلاستيكية الثاقبة لعروقها، سقطت دmـ.ـو.عها بـ قوة عنـ.ـد.ما عاد ذلك الألــم ليضـ.ـر.ب قلبها فرفعت نظرها لأعلى وعضت على شفتيها بـ عنف لتكتم صوت صراختها ولـعل ذلك القرع بـ عقلها ينتهي ولكن لا فائدة من محاولاتها…

دلفت الممرضة لتطمئن على إفاقتها وابتسمت باتساع لرؤيتها واعية فـ اقتربت معاينة نبضها وعلامتها الحيوية وهتفت بـ راحة:
_ حمد الله على سلامتك..

رطبت « هبه» شفتيها وحرقت لسانها عدة مرات لتخرج حروفها واهنة وضعيفة:
_ أنا هنا من امتى؟

أوقفت الممرضة بعض الأسلاك المتصلة بها وتمتمت باهتمام:
_ من الصبح وإحنا بقينا نص الليل

حاولت «هبه» النهوض بـ قلق على شقيقتها وخــــوفها وهتفت بفزع:
_فين شنطتي وفين موبايلي

نهرتها الفتاة بـ هدوء واعدلتها بالفراش وهتفت:
_ موجودين بس اهدي أنتِ لسه خارجه من عمليه ودا غلط عليكي… لو محتاجة حاجه قوليلي

لم تهتم بما قالته ولا لتصريحها بأنها خاضت جراحة بل تمسكت بيديها وهتفت بـ رجاء:
_ عاوزه أكلم اختي بالله عليكي.. زمانها هتمـ.ـو.ت من الخــــوف لواحدها

هزت الفتاة رأسها بتأكيد وإشفاقٍ عليها وأخرجت هاتفها لها فالتقطته «هبه» بـ لهفة وضـ.ـر.بت بعض الأرقام…
*******************
انهت « أثـيـر» حمامها وخرجت خِلسة تتمنى بشـ.ـدة استغراقه في النوم حتى لا يخُجلها مجدداً، تنفست الصعداء عنـ.ـد.ما لم تراه على الفراش فتركت لقدmيها العنان للركض للـفراش ولكن قبضته التي حالت بينها و.جـ.ـعلتها تسقط بين أحضانه أصابتها بـ الزهول، طالعته بـ صدmة فـ بادلها بـ ضحكة ماكرة وهتف:
_ ما هو بردو مينفعش تهربي من جوزك يا هانم

ضحكت « أثـيـر» بـ مرح وتعلقت بـ عنقه بـ دلال وهمست:
_ ما هو لما يبقى جوزي قليل الادب لازم اهرب منه

جذبها « راكــان» لـ تتصدى ذراعيه وهتف بـ عبث:
_ يعني باد بوي معاكِ ومش عاجبك كمان

كادت أن ترد عليه ولكن قاطعها صوت رسالة واردة لـ هاتفها فـ هـ.ـر.بت من بين يديها بـ صعوبة لتطلع على محتواها
« هسيبكوا تفرحوا بـ بعض شوية عشان اللي جاي هيفرحني أنا ويكون تعاستكوا أنتو»

خفق قلبها بـ عنف من محتوى تلك الرسالة العجيبة والتي تلقتها بـ جهلٍ تام واعطته الهاتف هامسة:
_ إية دا يا راكــان؟

ابتلع «راكــان» خــــوفه وتردده ورسم بسمة زائفة فوق شفتيها والقى الهاتف بإهمال على المقعد وتمتم:
_ هتلاقيه حد باعت رسالة غلط أو بيهزر معاكِ متقلقيش

ناظرته «أثـيـر» بـ عينين متوجستين وهتفت:
_ راكــان أنتَ مخبي عني حاجه؟

أولاها ظهره وفرك كفيه بـ.ـارتباك وتمنى لو بـ إمكانه البوح بهذا السر البسيط الذي يقلق مضجعه ويهدد حياته مع محبوبته ولكن شجاعته الواهية لا تكفي لذلك، كل ليلة منذ أصبحت بين أحضانه يصارحها ليلاً ويطلب عفوها ولكن لن يقدر على المصارحة به وهي يقظة لن يتحمل نظرة خيبة الأمل والألــم بـ عينيها…
اقتربت « أثـيـر» مربتة فوق كتفه وابتسمت بـ اتساع وهتفت بـ مرح:
_ إيه الدراما دي أنا بهزر يا ابني

بادلها «راكــان» بسمة مصطنعة وجذبها من ذراعيها لصدره وضمها بـ قوة لعله يريح عـ.ـذ.اب قلبه بـ كذبه عليها وتمتم بـ صدق:
_ أنا بحبك ومهما حصل قلبي مدقش غير ليكِ

ضمته « أثـيـر» متلمسة خــــوفه المجهول لها وهتفت مؤكدة بـ عشق:
_ وأنا بحبك

******************

بعد مدة ليست بـ قصيرة وصلت سيارة «ثائر» الحاملة لـ «رحمه» و «ورده» بعد تلقي «ورده» اتصال «هبه» وتصريحها عن حادثة إصابتها، هرعت «ورده» لمنزلها بـ خــــوف وها هم أمام غرفتها ولم تكف الصغيرة عن البكاء بـ حرقة وكذلك هي أما عن ذلك العاشق فـ قلبه ينبض بـ شـ.ـدة من خــــوفه وقلقه، يشعر بـ نيرانٍ قوية تعصف بـ عقله، من أحبها راقدة بالمشفى بـ مفردها تعاني آلامها ووحدتها، لأول مرة يرغب بـ البكاء حد المـ.ـو.ت ولا يعلم سبب خــــوفه بعدmا اطمئن ولو بسيط؟!!.

وقف الجميع أمام غرفتها منتظرين خروج الطبيب من عندها، مرت بعض الدقائق حتى خرج الطبيب وطمأنهم عليها، هرعت الفتاتان للداخل بـ مزيدٍ من العبـ.ـارات والمزيد من الألــم، اقتربت «رحمه» من شقيقتها طابعة قبلة شاكرة فوق جبهتها وهتفت بألــم:
_ ليه تقلقينا عليكي كدا يا نور عيوني

ابتسمت «هبه» بـ تعب وهزت رأسها ثم تمتمت باختناق:
_ متقلقيش أنا بقيت بخير

ضحكت «ورده» بـ مرح لتخفف الأجواء وهتفت ممازحة:
_ بت أنتِ البونيه زي الفل اهي اهمدي بقا وبطلي نواح عشان مرقدكيش جنبها

ضحكت «هبه» بـ شـ.ـدة على مزاح رفيقتها الوحيدة واعطتها نظرة ممتنة وهتفت:
_ متقلقيش أنا كويسه كان جـ.ـر.ح بسيط بس…

مضت عدت دقائق تسامر الفتيات بـ مرح وتناسوا «ثائر» وسرعان ما شهقت «ورده» بـ قوة ونهضت ساحبة «رحمه» وهتفت:
_ الواد زمانه عفن برا منك للاه

لم تتعجب «هبه» من وجوده فهي موقنة من وجوده معهم وهذا ما دعاها لطلبهم بـ هذا الوقت المتأخر، بل بـ الأصل هي بحثت عنه ورغبتها الشـ.ـديدة باحتضانه تزداد، ابتسمت باصطناع لوجهه الشاحب وهمست:
_ إزيك؟

هز رأسه بو.جـ.ـع وخلل أصابعه بين خصلاته بألــم وهو المفترض من يسألها عن حالها ولكنها تولت الدَفة فابتسم بتعب وهمس بـ حديث غير مترابط:
_ كنت مـ.ـيـ.ـت… كنت مرعوب.. مش عارف.. كان قلبي واجعني يا هبه

شعرت الصدق بـ حروفه ومدى الو.جـ.ـع الكامن خلف عيناه فـ أشاحت بوجهها عنه بألــم:
_ أسفه معرفش حصلت إزاي الحادثه دي .

أمسك « ثائر» بكفها وجلس أسفل الفراش وعيناه تلتهم ملامحها الذابلة وجانب وجهها الذي تحاول حجبه عنه وهتف بنفي:
_ متخبيش وشك عني… متخبيش أي حاجه منك عني يا هبه… متحسسنيش بالذنب أكتر من كدا

أدارت وجهها بالكامل له وسمحت لـ دmـ.ـو.عها بالهطول بكثافة عالية وعلت شهقاتها النازفة ورغبت بـ محو تلك الحروف التي أطلقتها بـ سذاجة وتهور قبيل ليلة أمس:
_ أنا آسفه على الكلام .
قاطعها بضجر من حديثها الساذج ورفع أصابعها لفمه ثم لثمهم بـ عشق وتعب وهتف بتأكيد:
_ متتأسفيش مفروض أنا اللي اتأسف

أخفت وجهها مجدداً عنه بخجل وسحبت يديها من بين أصابعه وهتفت بأمل:
_ لي كل دا يا ثائر لي خــــوفك ولي وجودك الدايم ولي أنتَ؟ لييه

ابتسم «ثائر» بـ حنان وجذب غطاء شعرها الساقط ليخفي خصلاتها عن عيناه وعلم أنه لا مفر من اعترافه لها وتمتم بتأكيد وحب رُسم بـ عيناه:
_ اللي قلبك رافض يواجهه حقيقة يا هبه… أنا بحبك يا هبه.. بحبك وهفضل أقولها طول عمري

ضحكت «هبه» بـ خجل وسعادة وأخفت وجهها عنه بتـ.ـو.تر وقلبها يقرع بقوة كطبول الحرب بـ نشاطها وهمتها سامحة للفرحة تدق أبواب خافقها لأول مرة بـ حبٍ أرادته رغم بعض الألــم الذي عانته منه ولكنه أفضل بـكثير عن ذي قبل، شعرت بكفه يحتضن خاصتها بحنانٍ ورقة فأدارت وجهها له، هدأت ملامح «ثائر» المقتضبة لأخرى صافية ومريحة وافترقت شفتاه عن ضحكة رجولية صاخبة لخجلها وملامحها الفاتنة المخفية خلف نقابها وهتف بـ عشق:
_ شهرين يا هبه… شهرين بس ووقتها هتبقي ملكي قلبًا وقالبًا…
***************”
ظهرت الشمس تتوسد السحب العالية معلنة عن يومٍ مُبهج للجميع وخاصة للعروسين السعيدين! وقفت « أثـيـر» تعد الفطار بـ قلبٍ متلهف لاستيقاظه وفرحة عارمة تتدفق بـ شرايينها لتجعلها بأبهى طلة لها، استمعت لـ طرق الباب فارتدت روبها الأسود فوق قميصها وفتحت، طلت من خلف الباب مرأة رجحت أنها بـ العقد الثالث من عمرها بثوبها المحتشم وحجابها الهادئ وزينتها البسيطة بـ بسمة لم تُريح قلب « أثير» بل جعلتها تبتسم بـ تـ.ـو.تر وتحدثت:
_ حضرتك محتاجه حاجه؟

ابتسمت المرأة بـ ثقة وكـبـــــريـاء وعقدت ذراعيها أمام صدرها وهتفت:
_ جايه عشانك إشارة لطيفة ليكي
هزت « أثـيـر» رأسها بنفيٍ وتعجب من جهلها لـ هوية تلك المرأة وهتفت:
_ لا حضرتك أكيد غلطانه أنا معرفكيش؟

ضحكت المرأة ودفعت الباب بـ لطف ودلفت بـ خطوات مغــــرورة وتمتمت:
_ مش مهم، المهم إني أعرفك وأعرف كل اللي يهمك أمرهم

أغلقت « أثـيـر» الباب ودلفت خلفها وكأنها ليس بيتها هي!! وهتفت بـ حدة:
حضرتك مين وعاوزه إيه مني وازاي تدخلي بيتي بالطريقة دي ولي بتتكلمي بالطريقة دي

ناظرتها المرأة بـ قوة وعقدت وجلست على أقرب مقعد واضعة قدm فوق أخرى بـ كـبـــــريـاء وألقت نظرة شاملة على « أثـيـر» وهتفت بـ غموض:
_ أنا ابقى ميار الشربيني كابوسك الجديد ونهاية السعادة اللي أنتِ فيها دي….

 

 

 

0 0 votes
Article Rating
____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x