رواية روح الفصل الخامس 5 بقلم نور الشامي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية روح الفصل الخامس 5 بقلم نور الشامي
البارت الخامس
الفصل الخامس
روح
كان الهدوء يخيم على الغرفة الواسعة، لا يقطعه إلا صوت أنفاس روح المتقطّعة وهي مستلقية على السرير، رأسها ملفوفة بضمادات، ووجهها شاحب كأن الحياة انسحبت منه. والى جوارها جلست ميرا، عينان دامعتان تتابعان كل حركة لها، بينما وقف أمجد بالقرب، وبجانبهم كانت صفا تراقب المشهد بصمت ثقيل وبينما يثقل الصمت على المكان، تحركت جفون روح بارتجاف، ثم فتحت عينيها فجأة بفزع، شهقت بصوت مبحوح وقالت:
بنتي…… ليان فين بنتي؟!
اقترب أمجد منها سريعا، محاولا أن يبدو هادئا رغم القلق البادي على وجهه، وقال:
ـاطمني… بنتك كويسة. الحرس جابوها، بس… سالم هرب.. يتريت تكون دي اخر غلطه علشان احنا تعبنا جوي
ارتجفت ملامح روح وانهمرت دموعها بغزارة ورفعت يديها المرتجفتين كأنها تبحث عن ابنتها وقالت:
لازم أشوفها… هي فين؟! أنا السبب… أنا ال معرفتش أحميها… معرفتش أخلي بالي منها… لازم اشوف بنتي
لكن قبل أن يكمل أحد محاولته لتهدئتها، انفتح باب الغرفة بعنف، ودخل ركان بخطوات حادة. كان وجهه متجهما، وعيناه تتلظيان بالغضب، وصوته جاء صارما كالسيف:
أيوه! انتي السبب… انتي السبب في كل البلاوي ال بتوحصل في حياتنا… انا مش فاهم هنفضل اكده لامتي… هنفضل لامتي مستحملين مصايبك وبلاويكي
ارتجفت روح وهي ترفع عينيها إليه وهمست باكية:
ركان… بالله عليك… خليني أشوفها… مره واحده بس ابوس يدك
اقترب منها أكثر، وصوته ازداد حدة:
اهمالك خلاها تتخطف وتتبهدل…. وأنا مش هسامحك. من النهارده… مش هتشوفي البنت غير لما تبجي مسؤولة.. مع اني متاكد انك مستحيل تتحملي مسؤوليه حاجه نهائي
صرخت روح ودموعها تغرق وجهها وهي تتوسل:
حرام عليك! أنا مش جادرة أعيش من غيرها… بالله عليك خليني أشوفها… مش هسيبها لحظة واحده تانيه والله العظيم
لكن عيناه ظلتا جامدتين، قاسيتين لا تلينان، ثم قال ببرود قاتل:
الغلطه الجاية… هتكون بموتك.
استدار ركان بعنف، وغادر الغرفة، تاركا وراءه صدى خطواته يجلجل في صدرها، فيما انهارت روح تبكي بحرقة، تتشبث بالغطاء كأنها تبحث فيه عن دفء ابنتها الغائبه وفي مكان آخر في شقه سالم كان سالم يسير جيئة وذهابا داخل الغرفة، ملامحه متجهمة، والغضب يشتعل في عينيه. صوته دوى كالرعد وهو يصرخ في وجه زوجته:
مستحيل… أنا لازم أنتجم… لازم روح تدفع التمن على ال عملته فيا
جلست رانيا على طرف الأريكة، تنظر إليه ببرود متصنع وهي ترفع حاجبيها بتحدي:
كبر دماغك بجا… البنت أصلا مش عايزاك. ليه ال بتعمله دا
توقف سالم فجأة، عيناه اشتعلتا أكثر وهو يلوح بيده بعصبية:
لع… مستحيل أسيبها…روح هتدفع التمن غالي جووي
لكن قبل أن ينهي كلماته، دوى صوت خبط عنيف على الباب، وارتجت جدران الغرفة مع شدته. و تبادل هو ورانيا نظرات قلقة ثم اندفع سالم نحو الباب، فتحه بعنف… ليتلقى في اللحظة نفسها لكمة قوية أطاحت برأسه إلى الخلف وقبل أن يستعيد توازنه، كان ركان قد أمسكه من ياقة ثيابه، ورفعه بعنف حتى كاد يخنقه، وصوته خرج غاضبا، منخفضا لكنه قاتل:
انا جيت أحذرك… ودي آخر مرة…. أي حركة… حتى لو بسيطة… هتعملها تاني، والله لأجتلك
شهق سالم وهو يحاول فك قبضته، ثم صرخ متحديا:
انا مش سايب بنتي مهما حوصل
اشتعلت عينا ركان غضبا أكثر واقترب منه حتى كاد أنفاسه تلسع وجهه وقال بحدة:
علشان تجتلها زي الأولي؟! اسمعني كويس… أنا مش هاصبر عليك كتير. أي غلطة جديدة… هتكون نهايتك إنت ومرتك. ولو فكرت تقرب من روح تاني… هخليك تشوف الموت بعينك
القي ركان كلماته ثم دفعه بعيدا بعنف ز استدار مغادرا بخطوات ثقيلة، تاركا سالم يلهث من أثر الصدمة وفي صباح اليوم التالي تسلل ضوء الشمس من خلال الستائر الثقيلة التي تغطي نافذة الغرفة الواسعة، ليمتد على السرير حيث كان ركان مستلقيا عاري الصدر، غارقا في نومٍ متعب، أنفاسه هادئة وثقيلة.
وفجأة، شعر بلمسة خفيفة على يده، حركة رقيقة لكنها أربكته. فـ تحرك جفناه ببطء، ثم فتح عينيه ليتفاجأ بالمشهد أمامه… كانت روح واقفة إلى جانبه، وجهها شاحب ودموعها محبوسة في عينيها، أصابعها المرتجفة تلمس يده بخوف فـ اعتدل قليلا و صوته خرج خشناً ومندهشاً:
في اي…؟! انتي بتعملي اي اهنيه… عايزه اي يا روح
ترددت للحظة، ثم رفعت عينيها إليه بتوتر، وصوتها مختنق بالبكاء:
بنتي… بالله عليك يا ركان… هاتلي بنتي. كفاية بجا… خلاص، أنا اعترفت… اعترفت إني غلطت، إني خدعتك وضحكت عليك… اهو حلو اكده
نظر إليها ركان مطولا… عيناه قاسيتان تحملان شيئا من السخرية، ثم ارتسمت على شفتيه ابتسامة مرة وقال ببرود:
ياااه… أخيرا اعترفتي…. اعترفتي إنك خاينة… وإن أنا كنت أهبل لما حبيت واحدة زيك. مش ده كان سرنا؟ إننا كنا بنحب بعض؟… وبعد أول مشكلة بينا، روحتي جريتي واتجوزتي الكلب ال اسمه سالم… غصب عننا كلنا ؟ كنتي بتعاندي مين يا روح
لم تتمالك روح نفسها، فصرخت وهي تبكي بحرقة، دموعها تتساقط على وجنتيها:
كنت فاكرة إني بعاندك إنت… بس اكتشفت إني بعاند نفسي وإني ما أذيتش غير نفسي يا ركان… والله ما كنت عايزة أوجعك اكده… انا اسفه
خطت خطوة أقرب منه، ثم جلست عند حافة السرير، قبضت على يده برجاء، وصوتها متوسل:
بالله عليك… سامحني بجا… وارحمني… ابوس إيدك يا ركان
سحب ركان يده منها بقسوة، وعيناه تلمعان بمرارة قديمة:
مستحيل… مستحيل أسامحك. الغلط ال عملتيه عمري ما هنساه. بس… ممكن أوريكي بنتك… بشرط
ارتفعت عيناها بسرعة إليه، لهفتها فضحتها، وقالت دون تردد:
موافجه… موافجة من قبل ما أسمعه مهما كان الشرط موافجه
لكن قبل أن يكمل حديثه، انفتح باب الغرفة فجأة، ودخلت صفا، زوجته، وقد تجمدت عيناها على المشهد… روح جالسة قريبة منه، وهو نصف عاري على السرير فـ ارتسمت على وجهها ملامح غضب وصدمة، وصوتها ارتفع حادا:
انت اي ال جابك اهنيه وبتعملي اي مع جوزي وهو بالمنظر ده
ارتبكت روح بشدة ونهضت واقفة بسرعة، والدموع ما زالت تلمع في عينيها فـ أدار ركان وجهه نحوها بإشارة صارمة وقال ببرود:
اطلعي بره يا روح
تجمدت في مكانها للحظة، ثم انسحبت مسرعة من الغرفة، كأن قلبها يسحب معها، وتركت خلفها صمتا ثقيلا فـ اقتربت صفا من السرير بخطوات غاضبة، عينها لا تفارق ركان وهتفت :
هي كانت بتعمل اي دي… انت بتعمل فيا اكده ليه عاد…. انت عارف إني ما عايزة حاجة في الدنيا غيرك… أنا بحبك يا ركان
ابتعد عنها قليلًا وهو ينهض من السرير، نظر إليها ببرود قاطع:
بس أنا مش عايزك. ومهما حاولتي تأجلي الطلاج… إحنا هنطلج.. أنا مش هكمل معاكي، ومهما حوصل… الموضوع انتهى يا صفا
تجمدت الكلمات على شفتيها، بينما هو التقط قميصه من الكرسي المجاور وارتداه بهدوء، ثم غادر الغرفة بخطوات ثابتة، تاركا إياها واقفة وحدها، غارقة بين كبريائها الجريح وحب لم يجلب لها سوى الهزيمة. وفي المساء كانت أجواء العشاء في القاعة الكبيرة مشحونة بالتوتر، الصمت يسيطر على الجميع كظل ثقيل. حيث جلست العمة التي وصلت للتلو الي الصعيد شامخة كعادتها، تحدق في الأطباق أمامها دون أن تلمسها، بينما جلست ميرا بجوارها، نظراتها متنقلة بين أمجد المتوتر بشكل واضح، وبين الكراسي الفارغة التي لم يشغلها بعد كلا من ركان وروح وأمجد كان يحاول أن يبدو طبيعيا لكنه لم يستطع إخفاء ارتباكه، أصابعه تعبث بكوب الماء أمامه بلا وعي، وعيناه تتجنبان أي نظرة مباشرة. حيث رفعت العمة رأسها نحوه، ثم قالت بصرامة هادئة:
هو فين ركان وروح؟… ليه مجوش لحد دلوجتي؟ ميعرفوش إني رجعت من السفر ولا اي عاد
ازدرد أمجد ريقه بصعوبة، وصوته خرج متقطعاً:
جايين… جايين دلوجتي يا عمتي
رمقته ميرا بنظرة حادة وحاجباها ارتفعا بدهشة وهي تقول باستغراب:
مالك يا أمجد؟ شكلك متوتر جوي… في حاجه
وقبل أن يتمكن من الرد، فتح الباب على وسعه، ودخل ركان بخطوات ثابتة، تتبعه روح بخجل ظاهر في ملامحها. وتوجه مباشرة إلى عمته، وانحنى وقبل يدها قائلا باحترام:
آسف يا عمتي اننا اتأخرنا
حدقت ميرا فيه بعينين مليئتين بالشك وقالت بسرعة:
كنت فين كل دا يا ركان
لم يجبها فورا… بل التفت إلى روح التي وقفت إلى جواره، ثم مد يده وأمسك يدها أمام الجميع، ونظرة التحدي في عينيه واضحة. ابتسم بخفة وهو يعلن بصوتٍ عالي:
باركولنا… أنا وروح اتجوزنا.
تجمد المكان في لحظة صادمة، كأن الأنفاس جميعها انحبست و
توقعاتكم ورايكم وتفاعل
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية روح)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)