رواية قرية الصمام الفصل الأول 1 بقلم مصطفى محسن
رواية قرية الصمام الفصل الأول 1 بقلم مصطفى محسن
البارت الأول
أنا اسمي حسن، عندي ٣٥ سنة، شغال مهندس زراعي في شركة في القاهرة، حياتي كانت دايمًا ماشية بنظام واضح وهادئ. شغلى، وبيتى، مراتي وبنتي اهم حاجة فى حياتى، كنت قاعد بالليل قدام التلفزيون. لحد الليلة اللي غيّرت كل ده.
كنت قاعد في الصالون مع أسرتي،بنتفرج على التلفزيون وأنا ماسك كباية الشاي، فجأة الموبايل رن. رقم غريب،. رديت عادي وقلت:
– ألو، مين معايا؟
سمعت صوت راجل كبير، صوته خشن وقال:
– الباشمهندس حسن؟
قلتله:
– أيوه، معاك… مين حضرتك؟
قالى:
أنا اسمي الحج أبو سليم، عندي أرض في الصعيد… بالتحديد في محافظة أسيوط… قرية أبو الصمام. عايزك تشرف عليها بنفسك.
الحقيقة الاسم استغربته جدًا. “أبو الصمام”؟
عمري ما سمعت عن قرية بالاسم ده.
بس حاولت أكون طبيعى وقلتله:
طيب يا حاج، ممكن تشرفنا فى الشركة وتشرح لنا أكتر.
صوته اتغير شوية وقال:
لأ يا باشمهندس، أنا مقدرش أسيب الأرض… اللي ييجي، لازم ييجي هنا. أنا عايزك إنت، مش حد غيرك.
سكت لحظة، حسيت إن طريقته فيها إصرار، بس قلتله:
طيب يا حج أبو سليم، اديني أسبوع أخلص شغلي وهظبط أوضاعي… وأجيلك.
قالى:
أنا مستنيك… وارجع ردّ عليا لما تقرر. ولو جيت… أوعى تتأخر بعد المغرب.
المكالمة قطعت، من غير ما يقول سلام ولا حتى يستنى ردي الأخير.
من هنا بدأت حاجة صغيرة جوايا تتحرك… حاجة بين الفضول والقلق.
عدّى الأسبوع وفعلاً قررت أسافر. قلت لنفسي: مش أول مرة أروح أشرف على أراضي في الصعيد، بس المرة دي الإحساس مختلف كان عندى فضول اكتر.
اتصلت بالحج ابو سليم ورد عليا وقوتله:
انى هاجى النهارده قرية الصمام.
قالى:
اوعى تيجى بعد غروب الشمس.
قوتله:
ليييه؟؟
سكت وقالى:
هبعتلك حد يستناك على المحطة ولو اتاخرت عن الساعة ٥ هيمشى.
قوتله متقلقش يا حج ان شاء الله قبل الساعة ٥ هكون وصلت.
والخط قطع.
طلعت من القاهرة بالقطر الفجر، ومعايا شنطتي الصغيرة، شوية أوراق، ولاب توب.
القطر هادي، والركاب أغلبهم نايمين. بس وأنا قاعد، فكرت في الاسم تاني… “أبو صمام”.
فتحت جوجل… كتبت اسم القرية.
مكنش فيه قرية بالاسم ده.
ولا حتى إشارة، ولا خريطة، ولا أي حاجة.
قولت:
يمكن الاسم معروف فى اسيوط… مش اسم اساسى؟
كل ده وأنا بحاول أقنع نفسي إن الموضوع عادي.
وصلت محطة أسيوط حوالي الساعة واحده الظهر. الحر شديد، والجو فيه تراب.
استنيت راجل المفروض يبعتوه ياخدني.
بعد حوالي نص ساعة، ظهر واحد كبير في السن، لابس جلابية رمادي، راكب عربية بحمار…
قرب مني وقال من غير سلام وقالى:
انت البشمهندس حسن؟
قلتله:
أيوه… حضرتك؟
قالى:
أنا جاي من طرف الحج أبو سليم… اركب، عشان اوصلك.
اتوترت شوية، بس ركبت وراه على عربية لحمار. الطريق كان ترابي، وكل ما نمشي أكتر… الدنيا حوالينا تفضى أكتر. مافيش بيوت كتير، مافيش ناس، بس أراضي ناشفة، ونخيل قليل، وترعة ماشية جنب الطريق.
بعد ساعتين تقريبًا، وصلنا لمدخل القرية.
مفيش لافتة مكتوب عليها اسمها.
بس في حجر كبير واقف على الجنب، مكتوب عليه بخط قديم محفور:
“قرية أبو صمام لا تدخلها بعد الغروب.”
قلبي وقع في رجلي.
سألت الراجل:
هو يعني إيه الكلام ده؟
بص قدامه وقال:
اللي مالوش مكان هنا… ما يفضلش فيها بعد الغروب.
الكلام وقع عليا زى الصاعقة، بس قلت يمكن تخاريف وخلاص.
وصلت لبيت كبير مبني بالطوب الأحمر، بسيط من بره، بس شكله قديم. باب خشب مقفول ومتاكل من أطرافه.
الراجل قالى:
ادخل… هتلاقى الحج ابو سليم مستنيك جوه.
قبل ما أمد إيدي على الباب… سمعت من جوه.
صوتالراجل اللي كلّمني بيقولى:
اتفضل يا مهندس… أنا مستنيك.
فتحت الباب ودخلت. المكان فيه ريحة غريبة.
الجو جوا البيت سقعه غير برا خالص.
كان واقف في آخر الطرقه راجل… طويل، جسمه نحيف، لابس جلابية سودة، ووشه متغطي بنص العمامة.
قرب مني وقال:
نورت البلد يا باشمهندس… بس عاوز أقولك حاجة؟
وبعدين سكت ثانية، وعيونه كانت ثابتة في عيني وقال:
أول ما الشمس تغيب… ممنوع تبص ناحية الأرض… وممنوع تنزل عند الترعة.
هنا… حسيت إن رجليا اتقلّت، وكأن الأرض تحتيا مش ثابتة.
لكن اللي جاي… أبشع بكتير.
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية قرية الصمام)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)