رواية الطفلة والوحش الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم نورا السنباطي
رواية الطفلة والوحش الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم نورا السنباطي
البارت الثاني والثلاثون
#رواية_الطفلة_والوحش
#الفصل_الثاني_والثلاثون
#بقلمي_نورا_مرزوق
في قلب الجح*يم… وتحديدًا داخل القصر المحاصر
كانت الأرض بتهتز تحت وقع أقدام رجال “دايمي” اللي تزايد عددهم بشكل مفاجئ ومخيف. الر*صاص بين*فجر في الجدران زي المطر، وصوت القنا*بل اليد*وية بيشق سكون الليل وكأنهم في ساحة حر*ب فعلية.
لكن في وسط الد*خان واللهيب…
ظهروا هما الاثنين.
يزن الصياد، بأسل*حته الثقيلة ونظرة القائد في عيونه.
وأليكس، بهدوءه المجنون، وقوة عضلية خارقة بتتشكل تحت قميصه الأسود الممزق.
ولأول مرة… وقفوا جنب بعض.
يزن بصله بنظرة سريعة وقال بخشونة: – آخر مرة هنتعاون فيها.
ضحك أليكس بسخرية وقال: – مش مشكلة… بس نعيش الأول.
وانطلقوا.
جناح آرين كان محاصر.
رجال دايمي بيضر*بوا نا*ر من كل اتجاه، وبمجرد ما اختر*قوا الجناح، كان في عشرة مسل*حين واقفين كأنهم جدار من الحديد.
لكن أليكس اند*فع زي الطوفان، بإيده سلا*حين رشا*ش، بيضر*ب وهو بيتشقلب من فوق السور الداخلي، وضر*باته كلها في الر*أس.
ويزن استخدم الكا*تانا السوداء، سيفه المعروف، وش*ق بيه الج*ثث كأنهم ورق.
كل حركة منه محسوبة، سريعة، ودامية.
ثواني…
وكانوا وصلوا لآرين.
كانت واقفة وسط الركام، عنيها متسعة، جسدها بيرتعش من الصدمة، ولسه مش مستوعبة.
يزن حضنها بسرعة، رفعها بين ذراعيه، وقال لأليكس: – غطّي علينا.
أليكس رجع لورا وهو بيضر*ب من فوق السلالم، بيوقف تقدم رجال دايمي بكل دقة.
ورصا*صه بيخ*ترق كل رأس تظهر في المشهد.
جروا وسط النير*ان.
القصر بينهار حواليهم، والهواء بيشتعل بد*خان القنابل.
وبصعوبة قدروا يوصلوا للخارج، لكن… الكارثة كانت مستنياهم.
أربع عربيات سودة بتجري عليهم، وثلاث عربيات تانية وراهم بترشق نا*ر بشكل متوحش.
أليكس زعق: – اركبوا!!
يزن دخل في عربية ومعاه آرين، وأليكس ركب في التانية.
العربيتين انطلقوا بسرعة مهولة على الطريق الترابي، والد*خان والغبار بيغطي المكان.
ورجال دايمي؟
وراهم زي الوحوش.
رصا*ص، قنا*بل، ومطا*ردة مجنونة.
يزن فتح الشباك، وهو شايل آرين بيد، وبيمسك مسدسه باليد التانية.
عينه ثبتت على أليكس في العربية التانية… وأليكس كان باصص له.
ابتسموا.
نفس الابتسامة المختلة.
وهزوا راسهم لبعض.
فجأة…
كل واحد طلع سلا*حه من الشباك، وبدأوا يضر*بوا نا*ر بكل ما أوتوا من قوة.
أليكس طلع نصف جسمه من فوق الشباك، وسلا*حه بيضر*ب بدقة جنونية، شعره بيطير في الهواء، وعينيه مش بتغمض لحظة، زي وحش بيستمتع بالمعركة.
يزن كان بيط*لق الر*صاص بقوة قا*تلة، جسمه مغطى بالد*م والتراب، وبيثبت على الطريق رغم كل الر*صاص اللي بيطير حواليه.
العربيات بتتحرك بسرعة مهولة، صوت الموتور بيصرخ تحتهم، والدخان مغطي السماء.
وأخيرًا…
بعد مطاردة دموية…
واشتباك عنيف بالر*صاص…
تف*جر أول عربية من رجال دايمي.
وبعدها التانية.
والتالتة… اصطد*مت بصخرة كبيرة وانقل*بت.
وأليكس ويزن؟
بكل هيبتهم…
فضلوا سايقين، غطى وشهم التراب والعرق… بس عيونهم فيها نفس الشرارة.
نفس الجنون.
نفس الجوع للانتصار.
وأرين؟
لسه في حضن يزن، مش قادرة تنطق.
لكن قلبها… أخيرًا بدأ يدق.
النجاة كانت على بُعد دقائق.
لكن الحرب؟ لسه ما انتهتش…
في ثواني…
الدخان كان بيطلع من الموتور، والعربية ماشيه بأقصى سر*عتها، ويزن ماسك الدركسيون بإيد والعرق بيغرق جبهته.
يزن ـ بخوف مكتوم
الفرامل بايظه!
آرين اتشدت من المقعد لما العربية أخدت يمين حا*د فجأة، نظرتها ليه كانت مليانة هلع، بس لسانها ما نطقش… هو كان عارف إنها مش هتتكلم، بس عنيها قالت كل حاجة: “أنا خايفة عليك”.
صرخ أليكس من العربية اللي جنبهم وهو بيحاول يمشي على نفس السرعة:
ـ يزن! فيه إيه؟!
يزن ـ بصوت عالي:
ـ الفرامل مش شغالة!
أليكس لف دماغه بسرعة، عيونه وقعت على آرين، قلبه وقع في رجله، ومع ذلك، صرخ من تاني:
ـ فكر… فكر بسرعة!
يزن حاول يسحب الهاند بريك… لكن العربية كانت بتتحرك كأنها بتن*تحر.
آرين اتزحلقت في مقعدها من العنف، ويزن حاول يثبتها وهو بيصرخ:
ـ أربطي الحزام أكتر!
أليكس ـ وهو بيمد إيده على الراديو:
ـ يزن، هنبدل العربيات!
يزن ـ مصدوم:
ـ إنت اتجننت؟!
أليكس ـ بعصبية:
ـ مفيش وقت! مش هنتفرج عليها وهي بتت*حرق جوه لو العربية انف*جرت! افتح الباب…
كان في مجازفة مجنونة.
عربيتين ماشين على ١٨٠ كيلو، على طريق متعرج، ووادي بيطل من الناحية التانية.
لكن يزن، لما بص في عيون آرين، خسر كل منطق…
فتح الباب، وسحب جسمها النحيف بذراعه اليمين، وساب الدركسيون لحظات مر*عبة.
أليكس قرّب عربيته بالملي، فتّح الباب بتاعه، وبدأ ينادي:
ـ هاتها بسرعة!!!
يزن بصوت عالي:
ـ خلي بالك منها!
وبقوة مجنونة، سلّم آرين لأليكس…
لحظة واحدة، كأن الزمن وقف، صوت الهواء، صوت الكاوتش، والصراخ…
لكن أليكس قدر يشدها لعنده، والباب اتقفل بالعافية.
أليكس ـ وهو بيحضنها وبيثبتها في المقعد:
ـ خلاص، أنتي بأمان.
لكن من غير سابق إنذار…
عجلة كانت داخلة من ناحية شمال الطريق، راكبها كان باصص وراه، مش شايف اللي قدامه.
يزن حاول يلف بع*نف، بس فقد السيطرة…
العربية انز*لقت، وأي محاولة للفرملة كانت بتفشل…
وآخر الطريق ده كان وادي، وادي سح*يق مفيهوش رجعة.
أليكس ـ بصوت عالي:
ـ ييييزن!!!
آرين ـ بصراخ مرعوب:
ـ لاااااااا!!!
العربية ط*ارت من على الأرض، لحظة الصمت…
كأن الدنيا كلها سكتت…
وبعدين…
صوت الاصطد*ام القا*تل، والعربية بتتش*قلب في قلب الوادي، نا*ر، دخا*ن، شر*ار، صوت انف*جار!
آرين انهارت تصرخ وهي بتضرب في صدر أليكس:
ـ وقف العربية!! انزل!
ـ لازم ننزله… لازم أنقذه!!
أليكس وقف العربية على جنب، وجرى هو وآرين ناحية الوادي، التراب كان بيعمي عينيهم، والحرارة خنقتهم.
آرين كانت بتصرخ بصوت مبحوح:
ـ يييييييييييزن!!!!
وفجأة…
من وراهم، جه الصوت الأجش اللي حفظته كويس،
ـ هو زورك موجعكيش… يا قلب يزن؟
صمت تام…
آرين لفت بسرعة، قلبها هيقف من المفاجأة…
كان واقف وراهم، هدومه ممزقة، تراب مغطي وشه، وشوية د*م على جبهته… بس واقف…
واقف زي أسد طالع من نار.
آرين ـ بدموع وابتسامة هستيرية:
ـ يييييييييييييزن!!!
جريت عليه، اتعلقت على رقبته كأنها هتت*كسر من قوة حضنها…
هو حضنها بذراعه السليمة، التانية كانت مرمية على جنبه كأنها انكسر*ت.
أليكس ـ وهو واقع على الأرض وبيشتم:
ـ يا ابن ***
يزن ـ وهو بيضحك رغم الجرح:
ـ موتي مش مكتوب لسه… أنا مش هسيبها لو في مليون وادي.
آرين فضلت ماسكة فيه وهي بتعيط، وأليكس بيبص لهم وهو بيشد في شعره.
لكن مفيش وقت للراحة…
يزن بص لأليكس وقال:
ـ جايين… مش هيسيبونا نرتاح…
ـ جهزوا نفسكم، المعركة لسه ما بدأتش!
—
أليكس وقف مكانه مش مصدق، بيبص ليزن وكأن شبح طالع من تحت الأرض…
ـ إنت.. إنت كنت ح تمو*ت، يا مجنون!
لكن يزن ما كانش سامعه، كان كل تركيزه على آرين اللي حضناه كأنها كنز رجع له بعد ما فقده.
آرين بدموع : ـ إنت مجنون! ليه عملت كده؟ ليه؟ كنت همو*ت وراك!
يزن وهو بيضغط على ضهرها بحنية: ـ كنت أعمل أكتر من كده علشانك يا قلب الوحش…
ـ كنت هتسيبني؟ كنت هتمو*ت؟!
يزن شدها أكتر: ـ لا يمكن… أنا بوعدك، حتى المو*ت مش هيبعدني عنك.
لكن المشهد ما طولش، صوت انف*جار عني*ف في الخلفية خلى التلاتة يلفوا بسرعة.
العربية اللي وقع منها يزن انف*جرت فجأة، وقطع من الحد*يد ولع*ت وطار جزء منها ناحية الطريق، وخبطت في حاجة…
أليكس شد آرين بسرعة: ـ غطيها!
يزن اتنفض وهو بيشد أليكس: ـ لا لا استنى! في كاميرات على الجبل!
بصوا كلهم لفوق، وفجأة بان ضوء أحمر خافت وسط الصخور العالية…
يزن رفع صوته: ـ إبعدوا! اللي بيصور ده مش شخص عادي!
أليكس زم شفايفه: ـ يبقى لاميا… لسه بيتسلوا!
يزن طلع سلا*حه من جيبه، وصرخ: ـ آرين ورايا!
ـ أليكس، لف من الجهة التانية! هنقفل عليه!
صوت ط*لق نا*ري فجأة ضر*ب في الصخر قدامهم، رصا*ص قنا*ص بيحاول يصطا*دهم واحد واحد.
يزن جرى بسرعه، اتمد على الأرض وسحب آرين وراه، وأليكس لف في نصف دايرة وهو بيصرخ:
ـ شايفه؟!
يزن وهو بيبص من بعيد: ـ فوق التلت صخور، جنب النخلة الميتة!
أليكس طلع سلا*ح كمان، وبدأ يط*لق نا*ر بشكل دقيق، وكل طل*قة منه كانت بتر*ن في الصخر، لكن القناص كان أذكى…
انسحب بسرعة واختفى.
يزن وقف فجأة: ـ ده مش أي حد…
ـ ده نفس أسلوب التدريب اللي كنت باعلمه لرجالتي!
آرين وهي بتتنفس بصعوبة: ـ يعني إيه؟ مين ده؟!
يزن نظر لأليكس وقال بصوت غامق: ـ في حد خاين جوه القصر ..؟الخطة دي مش ممكن تنجح غير لو حد بلغهم بتحركاتنا لحظة بلحظة.
أليكس عيونه لمعت بالغضب: ـ لما نرجع… أنا هعرف مين.
يزن وهو ماسك إيد آرين: ـ مش لما نرجع… دلوقتي.
ـ جهزوا نفسكم… الجولة الجاية هتكون جوه القصر.
على الطريق السريع، كانت آرين لسه ماسكة في يزن بكل قوتها، عينيها مش مصدقة إنه قدامها، ضهره مليان تراب، هدومه مقط*عة، والد*م سايل من جبينه… لكن عايش!
أليكس – وهو بيقفل باب العربية بعصبية:
ـ “أقسم بالله يا ابن المجنونة دماغك دي لازم تتحبس في متحف، إنت اتجننت؟!”
يزن بضحكة متقطعة من التعب:
ـ “سيبك من الجنون دلوقتي، لازم نرجع القصر… اللي حصل مش صدفة، الفرامل متفصلة يا أليكس… كان حد ناوي يقت*لنا وكمل بوعيد ـ وبعدين حسابك انت كمان لسا مخلصش.”
ضحك أليكس بقوة
آرين شهقت، وإيدها مسكت إيده بقوة.
ـ “حد كان عايز يق*تلنا؟… مش حا*دث؟”
يزن – وعينيه سودة من الغضب:
ـ “دي محاولة تصفية… وبنفس الطريقة اللي حاولوا يعملوها مع أبويا من سنين.”
سكت لحظة… وبعدين كمل بصوت هامس: ـ “وأظن إني عرفت مين ورا ده.”
—
في القصر…
كل العيلة كانت لابسة سواد، الهدوء كان قا*تل، والد*موع متعلقة في عيون الكل.
لينا قاعدة جنب ندي، صوتها مبحوح من كتر البُكا.
أروى بتحاول تهدي فهد اللي قاعد لوحده على الأرض، عينيه محمرة ورافض يرد على أي حد.
وفجأة…
صوت باب القصر بيُفتح بقوة، وكل الرؤوس اتلفت في لحظة،
والصمت انفجر بصوت صرخة ندى:
ـ “ييييييييييييييزن؟!!!”
دخل يزن بخطوات واثقة، هدومه شبه محرو*قة، لكن واقف!
آرين كانت لازقة فيه، وأليكس وراهم ساكت
الكل اتحرك مرة واحدة.
ليليان:
ـ “ده حلم؟! ده مش حقيقي! يزن عايش؟!”
ميرفت صرخت وهي بتجري عليه:
ـ “أنت بخير؟ أنت بخير يا ابني؟!”
رؤوف كان هيقع من طوله، وفهد ماسكه وهو بيقول:
ـ “ده مش معقول… ده مستحيل!”
يزن وقف في وسط القاعة، ورفع صوته:
ـ “أنا عايش… بس عرفت مين اللي كان عايز يدفني النهاردة.”
سكت لحظة… وبص للكل ببرود:
ـ “هو نفس الشخص اللي خبّى أبويا سنين طويلة… نفس الشخص اللي كنت بشك فيه بس مكنتش متأكد.”
سكت… وبص للزاوية.
ناحيه محمد
“محمد الصياد”… عم يزن.
صرخت مرفت:
ـ “محمد؟! أنت؟!”
يزن بصله، وعينيه فيها دمعة غضب:
ـ “كنت بتاكل على سفرتنا وإنت خاطف أبويا… وكنت بتحاول تق*تلني النهاردة علشان ما نوصلش ليه…”
محمد حاول يتكلم، لكن يزن زعق:
ـ “إسكت!!!”
بص على ريڤان، وقال:
ـ “فاكر لما قلتلك الشر دايمًا بيكون أقرب مما تتخيل؟
—
فجأة، صوت خشن جه من برا القاعة…
ـ “سيبوه يتكلم…”
يتبع….
—
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية الطفلة والوحش)
انا مستنية لباقي
جميله جدا جدا