رواية ما وراء الصمت الفصل الرابع 4 بقلم الاء محمد حجازي - The Last Line
روايات

رواية ما وراء الصمت الفصل الرابع 4 بقلم الاء محمد حجازي

رواية ما وراء الصمت الفصل الرابع 4 بقلم الاء محمد حجازي

 

 

البارت الرابع

 

فرح،أنا عايز أتكلم معاك كلمتين.
رفعت عينيها له وقالت بهدوء:
– تمام، اسبقني على الصالون،ونادي مرات عمي تيجي تقعد معانا.
وأنا خمس دقايق وجاية.
بصلها بنظرة طويلة ما فهمتش معناها،
وبعدين هزّ راسه وساب الأوضة من غير ولا كلمة.

 

قفل الباب وراه بهدوء،
وساب بعدها فرح واقفة مكانها…
تحاول تفهم هو جاي يقول إيه المرة دي.
وهي فضلت واقفة مكانها كام ثانية،
بتسمع صدى خطواته لحد ما اختفى.
حست إن قلبها اتقبض،
مش عارفة ليه الإحساس ده جواها بيقول إن الكلام اللي جاي مش بسيط.
قعدت فرح ساندِة ضهرها على الحيطة،
بتبص للنقطة اللي كان واقف فيها.
تنهدت وقالت في نفسها وهي ماسكة قلبها:
استر يا رب… يا ترى عايز إيه المرة دي؟
ولا هيجي يعايرني بكلمة تانية؟
هو معتز مش بيزهق من الكبرياء ده؟
بس خلاص… أنا مش ناوية أزعل ولا أضعف.
وياريت المرة دي تكون جاي يتكلم بالعقل مش بالغرور بتاعه.
وقفت قدام المراية تعدّل الطرحة،
نفَسها طالع داخل كأنها داخلة امتحان،
وبعدين خرجت على الصالون بهدوء..
دخلت الصالون،
كان معتز قاعد مستنيها،
إيده متشابكة، باين عليه القلق،
أول ما شافها وقف بسرعة كأنه مش عارف يبدأ منين.
قال بصوت واطي، بس واضح فيه اضطراب خفيف:
– فرح… أنا عايز أقولك كلمتين، بس اسمعيني للآخر.
بصّت له بنظرة متحفزة وقالت بهدوء:
– تفضل، أنا سامعاك.
ابتلع ريقه وقال وهو بيحاول يظبط نبرة صوته:
– بصراحة، أنا عارف إن كلامي اللي فات كان قاسي،
وكان مفروض ما أقولش اللي قلته،
ولا أحكم على حد من غير ما أفهمه.
أنا غلطت،
بس والله ما كنت أقصد أجرّحك…
أنا كنت متعصب، وشايف الدنيا من زاوية ضيقة.
–و عارف إنّي حكمت عليك من غير ما أفهمك.
أنا بس… كنت فاكر حاجات غلط.
الواحد ساعات بيغلط في حكمه، وبيتكلم قبل ما يفكر.
قعد قدامها وقال بنبرة أقرب للصدق المره دي:
– أنا كنت فاكر إنك مجرد بنت مدلعة كده،
جاية من بلد صغيرة، ما تعرفيش حاجة…
لكن الأيام اللي فاتت أثبتتلي إني كنت غلطان في كل حاجة.
اللي زيك ما يستحقش غير الاحترام،
وأنا فعلاً آسف.
فضل ساكت لحظة،
وبعدين رفع عينه فيها وقال بابتسامة خفيفة فيها شوية خجل:
– بصراحة، أنا مش عايز نفضل كده…
تعالي نبدأ صفحة جديدة،
ننسى اللي فات، ونعتبر نفسنا من النهارده أصحاب.
مش أكتر ولا أقل.
فضلت تبص له بهدوء،
مبتسمة ابتسامة صغيرة فيها برود متعمد،

 

 

وقالت وهي بترفع حاجبها:
– أصحاب؟
هي فضلت ساكتة،
بصّت له نظرة فيها حذر ودهشة،
مش عارفة تصدق ولا تعتبرها بداية لعبة جديدة منه وبعدين قالت:
مش غريبة الكلمة دي منك يا معتز،
إنت آخر حد كنت أتخيله يقولها.
قال بنبرة شبه دفاعية:
– يعني إيه؟ ما أنا مش وحش للدرجة دي.
قالت له بهدوء وهي بتقرب الكرسي شوية:
– لا، مش وحش… بس متعالي.
فاكر دايمًا إنك فوق الكل.
بس المرة دي… أنا هسامحك مش علشانك،
علشان نفسي،
علشان ما يبقاش في قلبي حاجة لحد.
هو سكت،
باصص لها بنظرة طويلة كأنها أول مرة يشوفها بجد،
مش “الجاهلة” اللي رسمها في خياله.
لأ… دي بنت تانية خالص.
قامت وقالت وهي بتعدل طرحها:
– خلاص يا دكتور معتز، صفحة جديدة زي ما بتقول…
بس خلينا نكتبها بالحبر الصح المرة دي.
وسابته وخرجت،
وسابته قاعد مكانه،
مش عارف يبتسم ولا يندم،
بس كل اللي في باله جملة واحدة:
هي فعلاً مش زي أي بنت… واللي ضيّعته زمان، شكله مش هيتعوض بسهولة.
——————–
تاني يوم الصبح، الجو كان هادي على غير العادة.
فرح دخلت الكلية وهي ماسكة الورق في إيدها،
بس عقلها كان في حتة تانية خالص.
كل خطوة كانت بتحاول تبين فيها إنها مركّزة في شغلها،
بس الحقيقة إنها كانت بتعيد كلام معتز في دماغها كلمة بكلمة.
أنا آسف… نبدأ صفحة جديدة
الجملة دي كانت بتتكرر جواها كأنها لسه مسمعاها حالًا،
مش قادرة تحدد إذا كانت فعلاً مصدّقة اعتذاره،
ولا شايفاه مجرد محاولة لتلميع صورته قدام نفسه.
كانت سرحانة بين كلام معتز واعتذاره،
وبين وش ياسين اللي مش عارفة تخرجه من دماغها.
اللي الناس قالت عليه كلام خلّاها مش قادرة تستوعب.
“ده البوليس كان واخده، ولسه طالع من قضية!”
“تحريات وسرقة ونصب!”
الكلام ده كان بيجري في دماغها كأنه شريط شغال ومش عايز يوقف.
حطت إيدها على راسها وقالت في سرّها:
استر يا رب… معقول؟ ياسين يطلع كده؟
طب اللي شفته منه ماكانش يدل خالص على كده… كان بيكلم الراجل الكبير بأدب وبيحوش عنه العيال اللي كانوا هيضربوه!
هو ممكن يكون مظلوم؟ ولا الناس بتزوّد؟
دمعة نزلت منها من غير ما تحس،
مسحتها بسرعة وقالت بصوت واطي فيه غيظ على نفسها:
– بطلّي غباء يا فرح… بطلّي غباء.
ده حتى لو طلع مظلوم، هو إيه بالنسبالك؟ ولا حاجة.
ولا حتى ليكِ حق تفكّري فيه بالشكل ده.
كانت غرقانة في دوامة التفكير دي،
وقعدت على مكتبها،
وبصت في الورق اللي قدامها كأنها بتقراه،
بس الحروف كانت بتتشكل في عينيها من غير معنى.

شوية وسمعت صوت خفيف بيقولها بنبرة فيها هزار:
– يا دكتورة فرح!
مالك قاعدة كده؟ وشك شاحب ونايم على بعضه كأنك كنتي في خناقة امبارح.
رفعت راسها، لقت نور واقفة بابتسامة واسعة كالعادة،
صاحبتها اللي اتعرفت عليها قريب، بس راحت لقلبها بسرعة.
قالت لها فرح بابتسامة باهتة:
– لا مافيش، بس تعبانة شوية.
نور قعدت جنبها، مالت ناحيتها وقالت بخفة دمها المعتادة:
– يا شيخة بلاش الكلام ده،
أنا عارفة النظرة دي، دي نظرة “في حاجة بس مش عايزة أقول”.
اتكلمي يا بت، أنا نور يعني مش غريبة.
ضحكت فرح غصب عنها وقالت:
– والله الموضوع مش كبير… بس يمكن متلخبط شوية.
نور ضربتها على دراعها بخفة:
– متلخبط؟ في شغل ولا في قلبك؟
أهو أنا بقولك من دلوقتي، لو في قلبك يبقى احكيلي من الأول، أنا متخصصة.
ضحكت فرح وقالت وهي تهز راسها:
– لا يا شيخة، لا حب ولا حاجة.
بس تعرفي، ساعات الواحد لما يسمع كلام جارح من حد،
يفضل الكلام ده عايش جواه حتى بعد ما الشخص يعتذر.
نور قربت منها أكتر وقالت بجدية:
– حد زعلك؟
سكتت فرح لحظة،
وبصت بعيد كأنها بتفتكر المشهد كله،
ثم قالت بنبرة هادية فيها وجع خفيف:
– معتز.
– معتز؟!
نور فتحت عينيها بدهشة:
– هو مش ابن عمك اللي هنا في الكلية؟
– أيوه،
قالت فرح بهدوء وهي بتعبث بأطراف الورق اللي قدامها:
– كان دايمًا بيكلّمني بطريقة مستفزة…
شايف نفسه فوق الكل، وأنا دايمًا كنت بتجاهل.
بس امبارح… اتكلم، واعتذر، وقال نبدأ صفحة جديدة.
نور رفعت حواجبها وقالت وهي متبسمة بمكر:
– الله، الراجل اعتذر! مش المفروض ده إنجاز؟
ولا إنتِ من النوع اللي لما الدنيا تلين، يعند أكتر؟
فرح ضحكت بخفة وقالت:
– مش عناد، بس… مش قادرة أثق بسهولة.
الكلمة لما بتتقال، بتسيب أثر.
هو يمكن كان صادق، بس الوقت بس هو اللي هيبيّن.
نور سندت خدها على إيدها وقالت وهي بتبصلها بتركيز:
– طيب، بس واضح إن كلامه مأثر فيكي أكتر مما كنتي متخيلة.
يعني لا بتكرهيه ولا بتحبيه… بس بتفكّري فيه.
ودي بداية الخطر يا دكتورة.
اهو جبنه في سيره القط جاي ينط. قالت كده لما
دخل معتز القاعة.
بملابسه الكلاسيك العادية ونظرته الهادية اللي فيها ثقة وغرور متعودة عليها.
بس النهارده في حاجة مختلفة…
ابتسامته وهي بيبصلها كان فيها دفء مش معتاد.
قال بنبرة هادية وهو بيقرب منها:
– صباح الخير يا فرح.
– صباح النور.
ردّت وهي بتحاول تثبّت ملامحها، كأنها مش متفاجئة.
– كنت جاي أسألك عن ملف الطلبة اللي قدموا متأخر.
قال كده وهو بياخد الورق،
لكن عينه كانت بتقول كلام تاني خالص.
–بعدما هد الورق قال:
شكراً، قالها وهو لسه واقف مكانه.
– في حاجة تانية؟
– آه، في حاجة صغيرة.
– خير؟
– ممكن… ننسى بجد كل اللي فات؟
قالها بصوت منخفض، كأنه مش عايز حد يسمعه غيرها.
هي بصت له لحظة،
شافت في عينيه مزيج من ندم وصدق،
بس قلبها كان مشغول بحاجة تانية تمامًا.
مش معتز، ولا حتى الكلام اللي بيقوله…
كانت شايفة في خيالها صورة ياسين،
إيده وهي بتحوش عن الراجل الكبير،
وصوته لما كان بيقول: “خلاص يا عم الحاج، سيبهم عليّ.”
رجعت للواقع بسرعة وقالت ببرود مقصود:
– خلينا نركز في الشغل دلوقتي يا معتز،
والقديم… الزمن كفيل بيه.
اتسعت ابتسامته شوية وقال:
– ماشي يا فرح، بس الزمن ساعات بيحتاج حد يساعده.
خرج من القاعة وهو لسه مبتسم،
وسابها غرقانة أكتر في حيرتها.
بين اعتذار معتز اللي بدأ يلمس قلبها،
وحكاية ياسين اللي مش قادرة تهضمها…
مين فيهم الصح؟
ومين فيهم بيلعب على وشين؟
قلبها كان بيقول ياسين مش ممكن يبقى مجرم،
لكن عقلها كان بيرد بسرعة:
كل الناس قالت كده، هتكوني إنتي الوحيدة اللي غلطانة؟. سكتت، وابتسمت ابتسامة حزينة وهي تهمس:
– يا رب بيّن لي الحق… قبل ما أندم.
————-
وهي مروحة كانت راجعة في نفس الشارع كالعادة،
الجو هادي والناس قليلة،
بس وهي معديّة من عند بقالة في أول الحارة،
سمعت صوت ستّين بيتكلموا وهم واقفين عند الباب.
سمعت اللي صدمها عن ياسين عمرها ما كانت تتخيل ان هو كده خالص:
واحدة بتقول للتانية:
– والله يا أختي أنا اتفاجئت لما عرفت! وعمري ما كنت اتوقع منه كده، ده طلع……..

 

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *