روايات

رواية جثة في البحر الفصل الأول 1 بقلم حمدي المغازي

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية جثة في البحر الفصل الأول 1 بقلم حمدي المغازي

 

البارت الأول

 

 

أول جريمة قتل في تاريخ البشرية كانت بسبب الغيرة.. غيرة قابيل من هابيل؛ وده لما وقتها قرر قابيل يقتل اخوه بدون شفقة او رحمة، اما جريمة النهاردة فيقشعر لها الأبدان ومش بس بسبب بشاعتها، ولا بسبب الطريقة اللي القاتل نفذ بيها جريمته، لكن الحقيقة هي بشعة لأسباب كتير، والاسباب دي هتعيشوا أحدثها معايا لحظة بلحظة.
****
أنا وكيل النيابة “يونس”. حققت في جرايم قتل مُعقدة كتير، وبعضها ساب أثر جوايا لحد النهارده؛ بس عمري ما قابلت ذكاء ومكر زي اللي شُفتهم في القضية دي، وده لأن القاتل استخدم أساليب بشعة، ولعب على وتر طمع النفس البشرية، بس زي ما بيقولوا: “غلطة الشاطر بألف”، وأنا… الغلطة معايا كانت بفورة.
وقتها كنت لسه راجع من إجازتي، ويدوب دخلت المكتب وطلبت قهوتي السادة، وولّعت سيجارة، وقبل ما أسحب أول نفس منها… رنّ الموبايل.
-أيوة؟
-في بلاغ جديد يافندم، مجموعة صيادين لقوا جثة لشخص متعلقة في شبَاك الصيد بتاعتهم، وفي اشتباه في شُبهة جنائية.
-وعرفتوا مين المجني عليه؟
-للأسف يافندم الجثة تقريبًا ملامحها اختفت؛ وواضح كده إنها فضلت في الماية لوقت طويل، لدرجة إن السمك نهش بعض أجزاء منها.
-وفين المكان بالظبط؟ … اه اه، تمام، أنا جاي حالًا.
خدت چاكيت البدلة من على المكتب وسحبت مفاتيح عربيتي واتجهت للعنوان، وأول لما وصلت قابلت هيثم؛ ظابط مباحث كُفء زي ما بيقولوا.. ودايمًا بعتمد عليه في القواضي اللي زي دي.
-فين الجثة يا هيثم؟.
شاور بأيده وهو بيقول:
-اهي يافندم.
بصيت للمكان اللي شاور عليه وقربت بهدوء لحد ما بقيت قدامها.. وقتها شميت ريحة عفن خارجة منها وكانت بتزيد بالتدريج، حطيت منديل على مناخيري ورفعت الغطا من عليها، واضح فعلًا إن المجني عليه فضل فترة طويلة في الماية لأن جسمة كان منفوخ ودخل في مرحلة التحلل. رجعت الغطا تاني على وشه وطلبت الطب الشرعي وفريق البحث الجنائي، عشان اخد منهم تقرير مبدئي عن اللي حصل، وبعدها ألتفتت لهيثم..
-فين الشخص اللي بلغ؟
-متحفظ عليهم سيادتك لأنهم اتنين، مش شخص واحد.
-تمام، انا عاوز اشوفهم.
قربت من واحد فيهم وسألته أول سؤال، وده بعد ما طلبت من هيثم يفصل الشخص التاني عنه:
-اسمك وسنّك؟
-“فتحي” يا باشا، فتحي السمّاك، ٦٥ سنة.
-أكتشفت الجريمة ازاي يا سماك؟، وقبل ما تجاوب، عاوزك تقولي اللي حصل بالتفصيل.
– انا طلعت الصُبحية ياباشا انا والواد “فرعون” السَراديني علشان نلقط رزقنا، ولما رمينا الشبك وانا ولعت سيجارة ودخلت عملت كوباية شاي، فجاءة لقيت الواد فرعون بينادي عليا وبيقولي الحق يامعلم في غريق هنا، ساعتها الكوباية وقعت من أيدي وطلعت من الكابينة جري، وفعلًا ياباشا كان في جثة متعلقة في الشبكة، وبعد ما طلعناها وجيبناها هنا، بلغت على طول باللي حصل.
-وانتوا الاتنين مقدرتوش تتعرفوا عليه؟
-نتعرف عليه إزاي ياباشا.. ما زي ما سعادتك شُفت.. الجثة تقريبًا متحللة وملهاش ملامح.
-أنا اقصد من هدومة مثلًا؟.
-لا ياباشا، بس لبسه بيدل إنه شخص مقتدر؛ هو اه اللبس يعتبر دايب، بس أنا قدرت أحدد إنه مش من نواحينا والماية هي اللي حدفته لحد هنا.
-تمام يا سماك، لما نحتاجك تاني هنطلبك.
-يعني أنا كده خلاص ياباشا؟.
-ايوة تقدر تروّح دلوقتي.
مشي وطلبت من هيثم يجيب لي فرعون، واللي أول ما وقف قدامي جسمة كان بيترعش ومكنش على بعضه، والحقيقة اني مكنتش قادر احدد هل ده من البرد، ولا من الخوف من حاجة ممكن يكون مخبيها!
-اسمك وسنك؟
-وهدان ياباشا، وهما بيقولولي فرعون وعندي ٤٠ سنة.
-مالك يافرعون، مش واقف على بعضك كده ليه؟
-اصل سعادتك أول مرة اشوف جثة، ويوم ما اشوف يكون قتيل وبالمنظر ده.
-ومين قال إنه قتيل.. مش يمكن غريق او منتحر؟
-ومين بس ياباشا اللي انتص في نظره عشان ينزل البحر ده، مالكل عارف إن التيار عالي سعادتك واللي هينزل هيموت.
-مفهوم مفهوم.
بعدها سمعت اقواله وتقريبًا قال نفس الكلام اللي قاله السماك من شوية، ولما مشيته، ومفيش نُص ساعة، وصل فريق الطب الشرعي والجنائي، ومع وصولهم، قرب دكتور الطب الشرعي “معتز” من الجثة ولبس جلافز وبدأ يفحصها، وبعدها رفع وشه ليا وقال:
-في شبهة جنائية يافندم. المجني عليه واضح على رقبته خطوط حمرا؛ اعتقد انه اتعرض للخنق بحاجة، او مثلًا سلك كهربا. لأن السلك معلم على المنطقة دي كلها. وواضح كمان إن الجثة تقريبًا بقالها أسبوع في المايه لأن في لون ازرق في بنفسجي واضح على الجلد.. غير إن الجثة داخلة على مرحلة التحلل، ومش هقدر اعرف أي حاجة تاني غير بعد التشريح.
-تمام.. هستنى التقرير النهائي على مكتبي. وياريت يكون في أسرع وقت.
-تمام يافندم.
شكرته ولفيت وشي لفريق الطب الجنائي، اللي كانوا بيصوروا مكان الجثة وبيجمعوا عينات من المكان، وللأسف مكنش في أي مؤشر عن خيط يوصلنا للقاتل.
بعدها طلبت من هيثم يبحث في سجلات المفقودين في الأقسام المجاورة كلها، او عن أي بلاغ اختفاء من خمس ايام، ويكون في تطابق مع لبس المجني عليه، وبعدها يستدعي فرق المسطحات المائية علشان نقدر نحدد إزاي الجثة وصلت لهنا واترمت منين، ولما خلصت، رجعت مكتبي وفضلت اسجل بعض الملاحظات، بعدها طلبت قهوة وولعت سيجارة، خدت أول نفس منها وخرجته ببطء، مكنش لسه في خيط ممكن امشي عليه، لازم الأول استنى التقرير من هيثم علشان اقدر احدد هوية المجني عليه وابدأ احقق مع المقربين منه.
****
مر يوم، وبعده لقيت هيثم داخل عليا وفي أيده التقرير..
-في بلاغ واحد بس يافندم عن إختفاء شخص اسمه “ياسر عباس”، الراجل ده من خمس أيام وفي تطابق كبير في البلاغ مع أوصاف المجني عليه.
-ومين اللي قدم البلاغ؟
-عيسى عباس يافندم، اخوه.
-ابعت جيبه حالًا علشان يتعرف عليه.
-اوامرك يافندم.
وبعد ما عيسى قدر يتعرف على اخوه، طلبت من هيثم يجيبه مكتبي، وقبل ما اسأله، انهار في العياط.. لكن وقتها، حاولت اهديه علشان أقدر استفسر منّه عن أي حاجة ممكن توصلنا للقاتل.
-وحد الله يا استاذ عيسى، أنا مقدر اللي انتَ فيه، بس لازم تهدى كده علشان حق اخوك يرجع ونقدر نجيب اللي عملها وياخد جزاؤه.
بعد ما قولت كده طلبت من العسكري يجبله لمون، وبدأت كلامي مرة تانية لما حسيت إنه بقى أهدى.
-قولي يا أستاذ عيسى، أخوك الله يرحمه مكنش له أعداء؟
-ابدًا ياباشا، أخويا الناس كلها تشهد بكرم اخلاقة وطيبته، ده عمره ما أذى حد وكان بيقف مع الصُغير قبل الكبير.
-طب انتَ بتشك في حد مُعين؟
-أخاف أظلم حد ياباشا، وده ذنب كبير عليّا لو اتكلمت وقولت حاجة وانا معنديش دليل.
-ما انا لازم أعرف منّك أي حاجة مهما كانت صغيرة، وبعدها مهمتنا هنا اننا نجيب القاتل الحقيقي ونوصله لحبل المشنقة، وأي حد انتَ هتذكره هنحقق معاه، ولو مفيش عليه حاجة هيمشي.
اتعدل في قعدته ورفع وشه ليا وقال:
يتبع.

 

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *