روايات

رواية بعض الدعوات لا تُرد – زينة وهاشم الفصل الاول 1 بقلم اسما السيد

رواية بعض الدعوات لا تُرد – زينة وهاشم الفصل الاول 1 بقلم اسما السيد

 

البارت الاول

 

اسمي زينة، خمسة وعشرين سنة، متجوّزة بقالّي تلات شهور من هاشم.

هاشم عنده اتنين وتلاتين، وسيم بشكل يخطف الأنفاس ، مزيج من كل حاجه حلوه، صامت أكتر ما هو بيتكلم، وعينه فيها حاجة… حاجة بين الخوف والترقّب، زي اللي طول الوقت حاسس إن في حد جاي ياخده.

اتعرّفنا في صالون تقليدي جدًا. حد من قرايبنا عرّف ماما على مامتُه، والرُشدة الشهيرة: “ابننا زي الفل، بيخاف ربنا ومرتاح ماديًا”.

وأنا كنت في المرحلة اللي مستعدة أقتنع فيها إن أي راجل بيشتغل وبيصلي يبقى فرصة كويسة.

بس أنا عمري ما كنت أعرف إن الراجل “الكُوَيِّس” ممكن يكون شايل وراه باب… ممنوع يفتحه حد غيره.

وباب الشقة… ممنوع يتفتح بعد الساعة اتنين.

أول مرة قالّي الشرط ده كان قبل كتب الكتاب بأسبوع.

كنا قاعدين في كافيه هادي في مصر الجديدة، الجو حر بس التكييف عامل اللي عليه.

كان شايل موبايله في إيده كعادته، يفتحه ويقفله بدون سبب ظاهر، زي ما يكون مستني رسالة معينة مش عايزة تيجي.

قال فجأة:

“زينة، في حاجة لازم تعرفيها قبل ما نكمّل.”

قلبي وقع.

أنا عارفة الجملة دي، الجملة اللي بتيجي قبل “أنا مرتبط”، أو “كنت متجوّز”، أو “عليّا قضية”.

قلت بهدوء مصطنع:

“خير يا هاشم؟”

شد نفسه، وبص في عينيّ نظرة طويلة جدًا لدرجة حسّيت إنه بيحاول يثبت جوا دماغي شكل اللحظة دي.

وبعدين قال:

“أنا

عندي شرط واحد في الجواز.” 

ضحكت:

“شرط إيه يا عم؟ إحنا لسه حتى ما اختلفناش مين يتحكم في الريموت.”

ما ضحكش.

غمّق صوته وقال:

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية أنا لها شمس الجزء الثاني (اذناب الماضي) الفصل الأربعون 40 بقلم روز امين

حكايات توته وستوته للكاتبه اسما السيد

“ما تفتحيش باب الشقة بعد الساعة اتنين بالليل. أي باب. لا باب الشقة، ولا باب السطح، ولا حتى باب الأوضة اللي على اليمين أول الممر. مهما حصل. ومهما سمعتي.”

للحظة، افتكرت إنه بيهزر.

بس مافيش ولا خلية في وشّه قالت هزار.

قلت وأنا بحاول أهوّن:

“إنت بتتكلم جد؟”

قال:

“جَد. وحلف عليّا… وحلف عليكِ. لو في يوم حد خبط بعد الساعة اتنين، سيبيه… حتى لو قال إنه أنا. حتى لو كان صوت حد تعرفيه. ما تفتحيش الباب. مفهوم؟”

ضحكت ضحكة صغيرة عصبية:

“ده إيه الرعب ده؟ إنت عندك عفريت في البيت ولا إيه؟”

نظرته اتكسرت لحظة… ثم رجعت واتجمّدت:

“لو أنا بحبك… يبقى بقولّك الكلام ده عشان أحميكي. ما تسألينيش ليه.”

في اللحظة دي… المفروض أي واحدة عاقلة تقوم تمشي.

بس العقل ساعات بيقف جنب الشغف، مش جنب الأمان.

وبكل غباء، قلت:

“موافقة.”

عدّى شهر العسل عادي.

سافرنا دهب أسبوع، البحر، الغطس، ضحك كتير، وإحساس إن الجواز رحلة لطيفة مش زي ما الناس بتوصفها.

هاشم كان مهتم، لطيف، بيصحى يعمللي فطار، بيبعتلي رسائل في نص اليوم، بيحضّني من غير سبب.

لحد ما رجعنا القاهرة… ودخلت الشقة لأول مرة

كـ”بيت”. 

الشقة في عمارة قديمة شوية في مصر الجديدة، بس متظبطة من جوه. باب خشب تقيل، ممر طويل، على شماله أوضة النوم، وعلى يمينه أوضة فاضية، بابها مقفول.

في آخر الممر الصالة، ومنها باب صغير على المطبخ، وباب حديد تاني بيطلع على السلم الخلفي والسطح.

أول ما دخلنا، مسك إيدي وسحبني قدام الباب المقفول على اليمين.

قال:

“الأوضة دي… متفتحيهاش.”

بصيت له:

“ليه؟”

قال بسرعة:

“مخزن. فيها حاجات قديمة. ومش آمنة. الباب ضعيف، والحيطة فيها رطوبة. ما تفتحيهاش. لو عايزة حاجة خزين، خزينّي في المطبخ أو الدولاب الكبير.”

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية رحلتنا في الأتوبيس غيرت حاجات كتير (كاملة) من الفصل الاول للأخير

حكايات توته وستوته للكاتبه اسما السيد

قلت وأنا ببص على الباب:

“طب ما نصلحها؟”

ضاقت عينه شوية:

“مش لازم. اعتبريها مش موجودة.”

كان في ريحة خفيفة طالعة من تحت الباب… ريحة تراب مبلول، زي جدران البيوت المهجورة.

سكتّ. بس في قلبي، الأوضة دي اتسمّت “السر الأول”.

عدّى أول أسبوع من غير أي حاجة غريبة.

هاشم بيثبت إنسان طبيعي: شغله ثابت في مكتب استيراد وتصدير، يرجع حوالي الساعة ستة، يغتسل، نص ساعة على الموبايل، وبعدين يقعد معايا أو نتفرج على حاجة.

لحد ما جِه… أول يوم أتنين.

الساعة كانت واحدة ونص بالليل.

كنت نايمة نص نومة، بين النوم والصحيانة، والبيت هادي إلا من صوت مروحة السقف.

صحيت على صوت حركة في الصالة.

فتحت

عيني ببطء… لقيت سريري فاضي من جنبي. 

“هاشم؟” ناديت بصوت واطي.

ما ردش.

قمت، لبست الروب، وخرجت من الأوضة. الصالة ظلمة إلا من ضوء خفيف داخل من شباك المطبخ.

سمعت صوته… بيتكلم.

مش بكلمتين عاديين.

كان بيهمس بعصبية، زي اللي بيترجّى حد.

وقفت قبل ما أوصل للركنة، وبصيت من ورا الحيطة.

هاشم كان واقف عند باب الشقة… فاتح السلسلة، بس القفل لسه. راسه قريبة من الباب، كأنه بيتكلم مع حد وراّه.

سمعت جزء من الكلام:

“مش ينفع… خلاص… اتفقنا. أنا عملت اللي عليّا…”

وصوت تاني… خافت، غريب، كأنه صوت واحد بعيد…

ما كنتش سامعة الكلام، بس النبرة… النبرة كانت غضبانة.

هاشم قال:

“أقسم لك… أنا ما رجعتش كلامي. بس مش قدّام زينة. مش قدامها!”

الدم نشف في عروقي.

زينة.

اسمي في جملة بين جوزي وحد تاني مش شايفاه.

رجعت بسرعة على أوضة النوم قبل ما يحس إنّي صحيت.

دي رواية مميزة جدًا جرب تقرأها  رواية تويا وخالد - ليلة زفاف الفصل الخامس عشر 15 بقلم زينب دويدار

رجعت على السرير، وتظاهرت بالنوم. بعد شوية، سمعته داخل، بيخلع التيشيرت، وبيزحف جنبي في السرير.

قلبه كان بيدق بسرعة أكتر من الطبيعي.

عيونه مفتوحة في الضلمة… وأنا حاسة بيها.

بعد عشر دقايق سكت نبضه… أو هدي.

أنا بس ما هديتش.
تاني يوم الصبح، عملت نفسي مش واخدة بالي من حاجة.

أعدّي من جنب الشخص اللي كنت سامعة بيهمس وبيترجّى حد بالليل، وأتعامل وِدّان قلبي مش فارتحة.

كان في فرصة واحدة أسأله،

وإحنا بنشرب قهوة بعد الفطار. 

قلت:

“إنت صحيت بالليل امبارح، صح؟”

رفع عينه من فوق الكوباية:

“إيه اللي صحّاك؟”

رديت بنفس الهدوء:

“سمعت صوت.”

سكت لحظة، وبعدين قال بصوت ثابت بشكل مستفز:

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *