روايات

رواية ايروتومانيا هوس العشق الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم شاهيناز محمد

رواية ايروتومانيا هوس العشق الفصل السادس والثلاثون 36 بقلم شاهيناز محمد

 

البارت السادس والثلاثون

 

لقد كُنت أعيشُ لواحد وعشرون سنة،
ولكن حينما رأيتك علمتُ أنه ليس كل من يعيش يكون على قيد الحياة،
حينما وقعت عيناي عليكِ بدأت حياتي بكِ،
الآن اريدها أن تنتهى معك،
لنغفوا على وسادة واحده،
حتى تتجعد ملامحنا،
ولكني سأراكِ دائماً أجمل امرأة وقعت عيناي عليها،
حتى و إن لقبوني بالمجنون،
سأكون سعيداً لأنني مجنوناً بكِ،
لأنك أنتِ والجنون من تجعلاني حياً،
أيّا جنون ‘ علي ‘ ألم يحن الوقت لتتضاءل المسافة بيننا ؟
ألا ترغبي بالنوم على قلبي لتسمعيه ينادي بأسمك،
يا نبض قلبي.

_ من علي إلى نور.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

ما الحبيب بالنسبةِ لحبيبُه سوى داعمٍ!، حائط يستند عليه كلما شعر وكأنه يسقط، ويد تُمسك به عندما يشعر بالعجز ولا يعلم كيف يسير بطريقه، لقد خلقنا الله انصافً، لكل منا نصفه الآخر الذي لن يكتمل بدنياه سوى بِه، لذا نُكمل بعضنا البعض
فلا أنت تستطيع العيش دوني، ولا أنا أريد العيش دونك.

نظرت ” نور ” للصمت الذي سقط على الغرفة، وكانت جميع الأعين الآن تنظر لها، حتى انفجر ” عاصم ” ضاحكاً بصوت مرتفع وهو يتمتم من بين ضحكاته :

_ مش قادر والله عمي لسه خايف عليها منه وهي اللى مستعجله على الجواز.
1

احمر وجهها وهي تصرخ به، بينما لم يستطع ” زيدان ” تمالك نفسه وهو يشاركه ضحكاته قائلاً :

_ يا ابني بطل قلة ادب،
شوفت وهو بيقول عاوزها تاخد شوية وقت قبل ما ترتبط معاه بالطريقة دي ؟.

اومئ ” عاصم ” له برأسه وهو لازال يضحك، بينما صفع يده بيد ” زيدان ” الذي جلس أرضاً من كثرة ضحكه.

_ بس يا حيوان انت وهو

صرخ ” دياب ” بهم حتى توقفوا، بينما نظر لها سائلاً إياها بجدية :

_ خايفة تبقى حامل ؟.
1

_ ” دياب “!

صرخت ” مهرة ” بزوجها بصدمة، فرفع كتفيه وهو يردف ببراءة :

_ في إيه ؟، مش بحاول افهم فيه اضرار ولا لأ!

كانت ” نور ” تشعر وكأنها على وشك البكاء من خجلها، فصرخت بهم وهي تجلس بجانب ” يارا ” التي وضعت يد داعمة على كتفها قائلة :

_ انتوا متربتوش على فكره، مفيش أي حاجه من دي حصلت، بس ” علي ” مضغوط جداً و زعلان والموضوع مأثر على نفسيته، أنا عارفه أن جوازنا هيخليه احسن، عاوزه اساعده.

قد يعجبك أيضاً
صياد الظلام «ما قبل العاصفة» بقلم ItsEnAm
صياد الظلام «ما قبل العاصفة»
14.4K
697
في أعقاب عودته، كان يبدو وكأنه يجر خلفه سحابة من الدهشة والذهول، بينما تتسلل نظرات الحقد من كل زاوية، كيف له وقد غادر كملاك تقيًا ولطيفًا أن يعود على هذا النحو؟ وكيف له…
سُمُّ عَسَلِكَ لَعْنَةٌ بقلم zahra-egy
سُمُّ عَسَلِكَ لَعْنَةٌ
348K
17.5K
تسلّلَت أنفاسُكِ من لفائفِ الكَتْم، كعطرٍ مسمومٍ من معبدٍ منسي، يا من نُقشَ اسمُكِ على تابوتِ الغواية، أنتِ قبلةُ رع، لكنّ خلفَ عينيكِ تَكمُنُ أنيابُ أنوبيس. أراكِ… لا…
𝐎𝐍𝐋𝐘 𝐘𝐎𝐔 𝐊𝐍𝐎𝐖 بقلم sounalle
𝐎𝐍𝐋𝐘 𝐘𝐎𝐔 𝐊𝐍𝐎𝐖
3M
110K
•| مُــحــتــوىٰ جٓــريــئ +18 |• &quot;ظننت أن الزواج سجن، لكنه كان مختبرًا… وأنا كنت التجربة.&quot; زوجوني غصب لرجل يكبرني بسبعة عشر عامًا، قيل لي إنه مضطرب، طفل في…
بما لا تشتهي السفن بقلم SalmaAyman127
بما لا تشتهي السفن
27.7K
1.5K
يأتي القدر بما لا تشتهي السفن حين تظن أن الخير قد ذهب وان الحياة لا فائده منها يأتي الخير الحقيقي ،وتعلم أن القدر يخبئ لك ما هو افضل دائمًا لا حياة بدون قرارات خاطئه نتع…
الآنسة حنفي _نوفيلا _إشتباك من نوع خاص بقلم Amirisa_28
الآنسة حنفي _نوفيلا _إشتباك من نوع خاص
32.6K
2K
حينما يجتمع النقيض فماذا يحدث ؟! بهذه الحكاية سنشاهد ثنائي غريب أحدهما يسعي وراء الزواج و الآخر يسعي للطلاق .. فماذا يحدث حينما يرتبط المأذون بمحامية ؟! بالتأكيد ستش…
ديجور الهوى/ كاملة بقلم FatmaSultan947
ديجور الهوى/ كاملة
1.2M
97.2K
لو كنت جلادًا على قلوب البشر وأفعالهم تأكد أن الأمر لن يُحتمل ولو كنت قديسًا بلا أخطاء تأكد أن المكان لن يُناسبك.. هنا نحتاج شخص قلبه لين حتى يغفر وكبير جدًا حتى يتحمل ه…
خيوط متشابكة “أولاد المُختلين” بقلم Ganaeesa_5657
خيوط متشابكة “أولاد المُختلين”
150K
9.4K
الحياة تسير وكل ثانية تكتشف شيء جديد في خيوط قصتك ، لتُصدم بخيطٍ آخر يقتحم قصتك وحينما نظرت إلى المُقتحم وجدته شخص عكسك لا يشبهك، وحينما حاولت الهروب وجدت خيوط قصتك تشاب…
_ ” نور “، انتِ لسه معرفتيهوش اوي، ممكن تستني شوية كمان ؟، على الأقل كام شهر

تمتمت ” يارا ” بجانبها فأومئ الجميع برأسه، لن تستطع اخبارهم إنها تريد مساعدته على الشفاء، وكانت قد تحدثت مع طبيبة صديقتها و اخبرتها إنه لطالما كانت هي قريبة منه وقد حصل عليها ربما يمر الأمر ويكون كل ما كان هو أنه كان يريد مراقبتها ليضمن أنها لن تكون لرجل غيره، كانت تعلم إنها تخاطر، ولكنها كانت تثق به، وحتى لو كان الأمر مرضاً كانت ستساعده على التعافي، لقد كان ذلك دورها كزوجته، نظرت لهم وهي تردف بنبرة حازمة :

_ انا واثقه فيه ومش مضطره اقعد اكتر من دة عشان اعرفه، أنا بحبه وبجد عاوزه اكون معاه دايما الفترة دي، أنا جيباكوا عشان تساعدوني، بلاش تقفوا في وشي.

تنهد ” دياب ” ونهض وهو يقترب منها، امسك يديها بين يديه وهو يتحدث بحنان :

_ إنتِ عارفة كويس أننا عمرنا ما وقفنا في وشك، ” علي ” احسن راجل ممكن اتمناه ليكي وكلنا هنا بنحبه و واثقين فيه، احنا بس بنحط احتمالات عشان خايفين عليكي وخايفين دة يكون قرار متهور، إنتِ متأكدة إنك خلاص عاوزه تاخدي الخطوة الكبيرة دي معاه ؟، فيه ناس بتفضل عاقدة القران سنة واكتر.

_ أنا متأكدة يا ” دياب “.

قاطعته بنبرة واثقه، فأومئ برأسه ونهض وهو يضع يديه بخصره قائلاً بينما ينظر لهم جميعاً :

_ حلو، هنقنع عمي ازاي بقا ؟

_ هنقول حامل.
3

_ هيطخ ” علي ”
1

تمتم ” عاصم ” فأجابه ” زيدان ” بسرعة، نظرت لهم ” نور ” بغضب ولكنهم تجاهلوها وكل منهم يفكر بشئ ما يخبروا عمهم به، حتى تمتمت ” مهرة ” ببساطة قائلة :

_ ” نور ” هتقعد معاه وتقولوا أنها عاوزه تبقى مع ” علي ” الفترة دي اكتر ومفيش داعي أنهم يأجلوا اكتر من كدة، واحنا هنأيد كلامها وانتوا هتقولوا انكوا عارفين ” علي ” و واضح قد إيه هو شاب متدين وكويس وأكيد مش هيعملها حاجه وحشه وخير البر عاجله.

اقترب ” دياب ” بصمت وهو يمسك رأسها يقبلها فأبتسمت بخجل بينما تمتم ” زيدان ” وهو ينظر لها :

_ العاقله الصادقه الهاديه، طالعه لاخوكي يا بت.
1

القت له قبلة بالهواء فرفع يده متظاهراً بألتقاطها وهو يضعها على وجنته، زفر ” دياب ” بحنق فنظر له رافعاً حاجبه، تجاهله بينما أردفت ” نور ” بتوتر:

_ تفتكروا هيقتنع طيب ؟.

_ أنا و ” دياب ” هنقنعه، هات الفون نكلمه فيديو ولو وافق نقول ل ” علي ” بقا عشان هو كدة لسه مراحش شاف الشقة اللى ” مازن ” جابهاله عشان لو عجبتك يشتريها كدة كدة متشطبة بعفشها هيبقى فاضل جهازك بس

اومئت برأسها عندما تحدث ” زيدان “، ناولته هاتفه الذي كان يضعه على الطاولة وتنهد وهو يقوم بالاتصال على والدها، ثم بعد دقيقة قام بالايجاب فظهر وجه ” عثمان ” يملئ الشاشة وهو يجلس كعادته على مكتبه، تحدث ” زيدان ” بسرعة قائلاً :

_ بجولك يا عمي، ” نور ” عاوزه تتحددت معاك بموضوع أكده بس مكسوفه يعني.

_ بتي تتكسف مني ؟، اديهالى.

تمتم ” عثمان ” بدهشة فمد ” زيدان ” الهاتف ل ” نور” التي حالما رأت وجه والدها لم تستطع سوى الابتسام وقد بادلها إياها، بينما أردف بهدوء :

_ خير يا بتي ؟

_ بابا أنا عاوزه اتجوز أنا و ” علي “.

تحدثت بسرعة قبل أن تفقد شجعاتها، فصفقوا لها بصمت، بينما نظر والدها لها فقط دون حديث، ثم تمتم وهو ينظر لها بتمعن :

_ السبب ؟، هو خان العهد إلى بيني وبينه ؟.

نهض واقفاً بغضب، فنفت هي بسرعة قائلة :

_ لا والله العظيم أبداً، هو زي ما كنت بكلمك وبحكيلك كل يوم دة اللى كان بيحصل بالاسبوع اللى فات، هو حتى ميعرفش اني عاوزه اسرع جوازنا دلوقتي.

رأت وجه والدها يهدأ بينما تنهد براحة وعاد للجلوس بمكانه، ثم سألها :

_ طب إنتِ مستعجله ليه يا ” نور ” ؟

عضت شفتيها وهي تخجل ان تتحدث بمشاعرها أمام والدها، فظهر ” دياب ” بجانبها وهو يردف :

_ اللى حصل الفترة دي مكنش سهل عليه يا عمي، ” نور ” زوجه صالحة زي ما إنت ربيتها و عاوزه واخد بالها على جوزها وتساعده عشان نفسيته وحشة الايام دي.

كان ” عثمان ” يبدو إنه يفكر، ولكن قبل أن يعطوه فرصة للرد ظهر ” زيدان ” بجانبها من الجهة الأخرى وهو يردف :

_ مش هتفرق المدة يا عمي على قد ما اخلاق ” علي ” هي اللى فارقه، الراجل مفيهوش غلطه ومفيش داعي أنهم يستنوا فعلاً كل دة.

نظروا بترقب وهم ينتظرون إجابته، لقد ألقوا كل الاوراق وكل ما اتفقوا عليه أمامه، كلمته فقط هي من ستكون الناهية، فنظر لهم قائلاً بصرامة :

_ لا مش موافج، ومش هجبل كلام في الموضوع ديه تاني، هتفضلي سنة وبعدين تتجوزوا، سلام.
1

اغلق الهاتف بوجههم دون حتى أن يجيبوه، نظروا لبعضهم البعض حتى اغرورقت أعين ” نور ” بالدموع من رفض والدها، كانت سنة مدة كبيره، وكانت تريد أن تكون قربه بأسرع وقت، تنهد ” دياب ” وهو يعود للجلوس ورافقه ” زيدان ” قائلاً :

_ احنا عملنا اللى علينا، كدة محدش هيعرف يقنعه

_ أنا عارف مين هيقنعه حتى لو قولنا الفرح بكرة
1

تمتم ” عاصم ” بثقة وهو يمسك بهاتفه، نظروا له باستخفاف حتى وضع الهاتف على أذنه قائلاً :

_ ازيك يا مرت عمي، كنت عاوزك في موضوع أكده.
2

_ يا أبن الـ***

شتمه ” زيدان ” بهمس وتذكر حديثه صباحاً، لم يكن يريد أن يختبر نظرية هل بالفعل عمه يستمع لوالدته دائماً ام لا، وقد تمنى أن يرفض أيضاً عندما تحدثه والدته لأنه لن يستطع المرور بحديث ” عاصم ” عن الأمر، ابتسم ” عاصم ” وهو يلقيه بنظرة ذات معنى بينما يسرد لوالدته الأمر وانهى حديثه قائلاً :

_ هو محتاجها دلوقتي وهي عاوزه تقف معاه زي ما اي واحده بتقف مع جوزها، كلميه وأنا هستنى ردك

يبدو أنه حصل على موافقة ” نادية ” لأنه أغلق الهاتف وقام بتربيع يديه قائلاً وهو ينظر لهم :

_ نص ساعة و هنعرف.

كادت ” نور ” تجزم أن هذه الدقائق كانت الأطول بحياتها، وظلت تسير ذهاباً وإياباً أمامهم حتى عندما وضعت ” يارا ” كوب شاي قد أعدت منه لهم جميعاً، عندما انطلق صوت هاتف تألقت عيناها ولكنه كان ” زيدان ” الذي ابتسم واشرقت ملامحه وهو يجيب على هاتفه قائلاً:

_ ايه يا حبيبي ؟.

عندما ابتسم ” عاصم ” ساخراً نظر له بغضب، لم يكن خجلاً من معاملتها هكذا أمامها، بنظره كانت تستحق معاملة الأميرة وكان يجب على الجميع أن يعلم إنها اميرته هو فقط، نهض تاركاً إياهم وهو يقف بعيداً عنهم كي لا يستمعون لحديثه، بينما سمعها تردف :

_ انا رايحة مع ماما نجيب حاجات المطبخ.

_ ماشي يا حبيبي خلي بالك من نفسك، أنا عند ” نور ” هستأذن ” علي ” ونروح نجيب الدهب ولو عاوزه تشوفي الشقة عشان لو النقاشه أو السيراميك او اي حاجة معجبتكيش نغيرها.

كان يريدها أن تشعر بالراحة بالمكان التي ستدعيه بمنزلها، لذا رغب أن يسهل عليها كل شئ، ولكن كما توقع وكعادتها الهادئة أجابته بهدوء قائلة :

_ ملوش لزوم أنا شوفتها في الفيديو وعجباني، حتى المطبخ حلو وهجيب الحاجة بتاعته على أساس اللون، لما اخلص مع ماما هعرفك وتقابلنا.

_ ماشي يا حبيبي.

ودعها ثم أغلق الخط، وعندما عاد للداخل لم ينفك ليجلس حتى ارتفع صوت هاتف ” نور ” التي ارتعشت يداها وهي تهمس :

_ بابا.

انفلتت ضحكة من ” عاصم ” ولكنه داراها عندما ألقاه ” زيدان ” بنظرة حادة، فتحت ” نور ” مكبر الصوت وحالما فتحت الخط لم يعطيها والدها فرصة للرد وهو يردف :

_ جولي لـ ” علي ” يچهز شجته، ولو خلاني أندم على موافجتي على الجواز بالسرعة دي هجتله.
1

واغلق دون أن يعطيها فرصة للرد، وقفت لدقيقة وكان الصمت بالغرفة قاتلاً، حتى قاطعته ” يارا ” قائلة :

_ أنا محتاجة اعرف سر الاقناع من ماما

_ مش إقناع ده حب.
3

اجابها ” عاصم” مما جعل ” زيدان ” يقفز عليه وظلوا يتعاركون، بينما ” نور ” كانت تقف فقط وتتردد كلمات والدها برأسها، وتساءلت هل هي هكذا اتخذت القرار الصحيح ؟
ام لأول مرة بحياتها تركت عواطفها تحكمها.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

فقيرٍ من ضيّع حياته دون إتخاذ صديق، لن يُجرب متعة أن يركض إليك شخصاً بمنتصف الليل عندما تحاكيه لتخبره انك لستُ على ما يرام، شخص يساعدك وهو لا ينتظر منك مقابلاً، يكفيه فقط صداقتك،
فلولا وجود الأصدقاء بحياتنا لكان أصاب الإنسان نوعاً من الجنون.

_ الخبر أتأكد، السنوار استشهد.
5

دلف على ” علي ” بمكتبه داخل المطعم موظف يعمل معهم، والقى عليه هذا الخبر الذي جعل جسده يقشعر، وأخذ الهاتف منه وهو يرى الفيديو الذي قام بتصوير الواقعة،
و رأى رجلاً يجلس مصابا بمبنى منهدم، مقطوع اليد اليمنى بينما اليد اليسرى مصابه و أصبعه السبابة مقطوعاً وجزء من يده أيضاً،
حتى إنه كان قد ربط معصم اليد اليمنى لتخفيف النزيف، لم يستستلم ويرفع رايته البيضاء، ورأى كيف كانت قدمه شبه مبتورة، وارجح أنه بالتأكيد هناك إصابات ايضا غير ظاهرة،

ولكن ما ادهشه أكثر وجعل بدنه يقشعر هو عندما اقتربت الدرون منه قذفها بعصاه، وكأنه يريد أن يقاتل لآخر لحظة بكل ما لديه،
لقد بدا هذا المشهد وكأن أحدهم يتعبد وحيدا و يدعو ربه بالخفاء فلم يكن أحد معه ولم يكن يراه أحد
لكن لسانه يقول عندما ضرب عصاه بصوت سمعته حدود الأرض
ـ نحن هنا باقون ـ

تنهد ” علي ” و حزنت ملامح وجهه ولكنه تمتم بأبتسامة حزينة :

_ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا.
1

ورفع أنظاره للرجل الواقف أمامه وهو يكمل :

_ ربح البيع أبا إبراهيم، طاب حيًا و ميتًا
لبيك أن العيش عيش الاخرة، اللهم اجعله رفقة رسول الله والمجاهدين الصالحين.
‘ رحم الله البطل الشجاع يحيى السنوار ـ

_ اللهم امين.

تمتم خلفه ثم تركه وذهب، وجلس ” علي ”
حزيناً على ما يحدث، وعلى صمت العالم والأمة، لقد كان يظن أن المسلم يجب أن يهرع لإنقاذ أخيه إذا تألم من وخز شوكة، ولكننا أصبحنا بعالم يسمع صراخ اشقاءه كل يوم، يراهم ينازعون الموت كل يوم، كيف لم يرف لهم جفن؟، كيف سيقابلون الله؟، بأي وجه!، شكى الى الله قلة حيلته، ودعاه ألا يأخذنا بما فعل السُفهاء منا،
كانت غـزة عزيزة ولازالت، حبيبة ولازالت وقد قال الله عز وجل
ـ ” لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ ”
هذا وعدُ الله لنا، والنصرُ لنا، والقدسُ لنا، والعزة لنا.

ألا نصر قريب إن شاءالله.

……….

قاطعه من جلسته بعد مرور عدة ساعات اتصال من ” مازن ” فأجابه بسرعة حتى أتاه صوته قائلاً :

_ ” علي ” أنا آسف إني بكلمك وعارف إنك فيك إلى مكفيك بس ممكن تـ..تجيلي ؟، أنا مش كويس ومش عاوز بابا يشوفني كد..

_ جايلك.

لم يدعه ” علي ” يكمل حديثه وهو ينهض ويخرج من مكتبه، قام بالاتصال على والده ليأخذ منه مفتاحا ولكنه أخبره أن هناك نسخة مع حارس العقار، لذا ركب سيارته وهو يذهب مسرعاً ليرى ما خطب صديقه،
لقد وصل بسرعة وأخذ منه الطريق نصف ساعة، وقف أمام حارس العقار قائلاً :

_ أستاذ ” عزيز ” كلمك ؟، أنا ” علي ” اللى مفروض اطلع ل ” مازن “.

_ عاوز بطاقتك بس يابيه عشان أتأكد، ومعلش يعني محتاج اشوف معاك حاجة كدة ولا كدة ولا لا

كان ” علي ” يعلم حرص ” عزيز ” على عدم دخول أي نوع من أنواع الكحول ل ” مازن ” لذا لم يتناقش مع حارس العقار وأخرج بطاقته يريه إياها، ثم تركه يفتشه ليرى هل معه زجاجات خمر أم لا، عندما أخيرا علم إنه آمن أعطاه المفتاح، ركض ” علي ” للمصعد وهو يدعوا أن يكون بخير، لم يكن صوته ينذر بذلك، بعد أن رن جرس الشقة ليعلمه أنه أتى فتح بالمفتاح، توسعت عيناه بصدمة وهو يرى المنزل المحطم

كان هناك زجاجات كثيرة محطمة أرضاً، حتى اثاث المنزل كان منقلب وبغير مكانه، نادى بصوت مرتفع وهو يدلف الشقة ويغلق الباب خلفه :

_ ” مازن ” ؟

لم يجيبه ولكنه استمع لصوت ما من غرفة، فسار بهدوء وهو يقف على باب الغرفة التي انى منها الصوت، وهناك رأه، لقد كانت ملابسه بالكامل ملقية بأرضية الغرفة وبكل مكان، وكان ” مازن ” يبدو وكأنه يبحث عن شئ ما بجنون، اقترب ” علي ” ونادى عليه مره أخرى بحذر،
فألتفت ينظر له بأعين مكسوة بالدماء، واقترب منه ركضًا قائلاً وهو يمسك كتفيه بيديه :

_ ” علي ” أنا عمال ادور على ويسكي او اي حاجه مش لاقي، ساعدني مش قادر، كاس بس صغير

امسك ” علي ” يديه بين يده، وضغط عليها كي يمنع ارتجافها، لقد تألم قلبه عليه، ولأول مره يشعر بهذا الترابط بينه وبين شخص يعرفه، لقد علم هنا ما هو معنى أن يحزنك حزن صديقك ويؤلمك المه، أخذه من يده وهو يجلسه على سرير غرفته، ثم قرفص أمامه قائلاً بهدوء :

_ ” مازن ” دي هواجس الإدمان، أنت هتفضل كدة شوية لازم تستحمل مش هينفع تستسلم.

تساقطت دمعة من عين ” مازن ” وهو ينفي برأسه قائلاً بألم :

_ مش قادر يا ” علي “، عاوز اقطع جسمي مفيش حاجه راضيه تهديني، أنا عاوز بس كاس صغير يهدي وجعي.

نفى ” علي ” برأسه ثم ترك يديه وهو يمسك وجهه وجعله ينظر له بينما يردف بتصميم :

_ لا انت قوي و هتستحمل، لو مش عشانك فافتكر أن دة عشان ” بلقيس “، عشان مراتك ترجع لحضنك وتبقى معاك أخيرا وتبنوا عيلة سوا

عند ذكر اسمها يبدو وكأنه قد استعاد بعضاً من عافيته، ولكن بعد ذلك زاد الألم بجسده مما جعله يصرخ، فأمسك به ” علي ” وهو يأخذه للحمام القريب ثم اختبر حرارة المياه حتى جعلها دافئة ودون حديث وضع ” مازن ” اسفلها بملابسه، عندما شهق وحاول التحرك لم يسمح له ” علي ” وقد ساعدته بنيته الجسدية على الأمر، عندما رأى أنه اكتفى أغلق المياه ثم رفع سبابته بوجهه قائلاً :

_ خليك هنا متخرجش عشان متاخدش برد هجبلك غيار واجي، أكيد جسمك هدي دلوقتي شوية صح ؟.

اومئ ” مازن ” فأبتسم ” علي ” بتشجيع وهو يذهب ليجلب له ملابس أخرى بدلا من التي تم غمرها بالدماء، وقف ” مازن ” يرتجف ولكن شعور الارتجاف كان افضل من احساس النار التي كانت تحرق جسده، أتى ” علي ” ومد له الملابس قائلاً :

_ خد البس، هدخل المطبخ احضرلنا حاجه ناكلها أنا متغدتش.

_ ماشي.

همس ” مازن ” وهو يراقبه يذهب واغمض عيناه يحاول تجاهل الألم الذي ينهش جسده، بدل ملابسه ثم خرج وجلس على الأريكة ينتظر قدوم ” علي “، الذي خرج بعد نصف ساعة بأطباق بها طعام و وضعه أمامه قائلاً :

_ حاجة خفيفه مكرونة بالوايت صوص والجمبري، المطعم عندي مشهور بيها على فكره انت محظوظ.

ابتسم ” مازن ” بأرهاق وهو يشكره ورفع يده التي كانت ترتجف وهو يحاول أن يمسك بالشوكة ليأكل، ولكنها سقطت من يده محدثة صوت مدو، اغمض عيناه يكره ضعفه، وتساقطت دموعه و ود لو ينتهى من حياته بتلك اللحظة، كان ضعفه يؤلمه، وقد كان ممتناً إنها ليست هنا لتراه، شعر بشئ يوضع أمام فمه، ففتح عيناه الحمراء وجد ” علي ” يرفع الشوكة أمامه قائلاً بصوت خافت :

_ مش مشكلة، أنا هأكلك لحد ما رعشة ايدك تخف.

فتح فمه وهو يتركه يطعمه، وابتسم عندما رأى أعين صديقه تمتلئ بالدموع لأجله، ولكن ” مازن ” لم يرى كيف كان مظهره، لقد كانت الاكياس السوداء ضخمه أسفل عيناه، وكانت عيناه حمراء دموية، وقد نمت لحيته نظرا لأنه لم يقترب منها لأكثر من اسبوع، لم يكن ما أعتاد على رؤيته، لقد كان دائماً شابا مهذباً رؤيته تسر عينه، ولكن الآن بدا وكأنه فقد نصف وزنه،
تمتم ” مازن ” بصوت هادئ وهو يبتلع الطعام وقد هدأ الم جسده قليلاً :

_ مرة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه دخل على رسول الله وابو بكر لقاهم بيبكوا، فقال ‘ يا رسول الله ما يُبكيك انت وصاحبك؟، فإن وجدته بكاء بكيت وإن لم اجد بكاء تباكيت لبكاءكم ‘، كنت بستغرب واقول الله يعني عنده استعداد يبكي حتى لو الموضوع ميزعلوش بس عشان خاطر يشارك أصحابه حزنهم
شكراً يا ” علي ” إنك خلتني أحس الاحساس دة، واحد عايش طول حياته وحيد ميعرفش معنى الصحبه لخصتهاله في شهرين.

ابتسم ” علي ” بهدوء وهو يجيبه :

_ انت بتبهرني على فكرة، مش قصدي إهانة بس دي تاني مرة تتكلم عن الصحابة وايامهم ومببقاش متوقع اسمع الكلام دة منك.

ضحك ” مازن ” وأخيراً هدأ ارتجاف يده مما جعله يأخذ الشوكة من ” علي ” ليأكل بنفسه، ثم اعترف لأول مرة قائلاً :

_ فكرك ازاي منستش القرآن كل السنين دي؟، يمكن محدش شاف بس انا كنت بحاول كتير أوي، يمكن طول سنيني بحاول يا ” علي “.

_ أن شاءالله دي تكون التوبة النصوح يا حبيبي.

ابتسم ” مازن ” ودعى ربه بداخله أن يستمع له، انهوا طعامهم فنهض ” علي ” وهو يأخذ الاطباق بينما يردف :

_ قوم اتوضى عشان نصلي المغرب، وبعدين هتعملنا كوبايتين شاي أنا مش هخدم عليك.

_ يا عم ماشي حقك.

تحدث ” مازن ” بأبتسامة وهو ينهض ليتوضأ، عندما انتهى دلف ” علي ” أيضاً ليفعل المثل، ثم وقفوا ليبدأون الصلاة، ولم يستطع شرح كيف شعر بهذه اللحظة، ولكن بدت الدنيا أخف، وكأنه تم شفاؤه بتلك اللحظة، وكأن كل الكحول الذي يسرى بعروقه تبدد،
عندما انتهوا كتم تثاؤب وهو يردف :

_ تقريباً أنا منمتش الاسبوع دة غير كام ساعة، وأول مرة احس اني عاوز انام اوي كدة، فأنا هستغل الفرصة واخش أنام، شوف مصالحك بقا.

_ انت بتطردني بعد ما خدت مصلحتك ؟

تظاهر ” علي ” بالإهانة ولكن ابتسامته نفت ذلك، فلم يجيبه ” مازن ” والتفت وهو يذهب بأتجاه غرفته قائلاً :

_ خد الباب في إيدك وسيب المفتاح مع عبده.

هز ” علي ” رأسه وكاد يذهب ولكن رنين هاتفه اوقفه، فكان ” مازن ” بجانبه بلحظة وهو ينظر له قائلاً بسرعة :

_ افتح بسرعة لتكون ” نور “.

_ هي لحقت، مش هتكلمني دلوقتي.

اجابه بسخرية وهو يخرج هاتفه من جيبه، ولكنه حالما رأى المتصل تهللت اساريره واتسعت عيناه بعدم تصديق، فدفع ” مازن ” بعيداً عنه وهو يجيبها بلهفة بينما تحدثت هي :

_ ممم، ولاد عمي هنا هيتفرجوا على ماتش الأهلى، بس هما كتير احنا جايين نشوفوا عندكوا.

_ تنوروا طبعا يا حبيبتي كلكوا.

اجابها بسرعة فأغلقت الهاتف دون أن تتحدث مجدداً، فركض تجاه الباب متجاهلاً نداء ” مازن ” عليه ليقف بينما صرخ وهو يخرج من الشقة :

_ نام بقا يا حيلتها أنا رايح لمراتي.

ضحك ” مازن ” وهو يغلق الباب خلفه، ثم بأقدام ونفسٍ خفيفة اتجه لغرفته، ولأول مرة منذ أيام حالما وضع رأسه على الوسادة سقط بالنوم.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

وقف ” زيدان ” ينتظر قدوم ” جنة ” و والدتها، وابتسم عندما رأهم يقتربون منه، لا كيف كانت رؤيتها تبهجه كلما وقعت عيناه عليها، عندما توقفوا أمامه مد يده وهو يسلم على والدتها أولا قائلاً :

_ ازيك يا حماتي ؟، إيه الحلاوة دي كلها أنا شكلي اتسرعت بقا.

ابتسمت ” ياسمين ” بخجل ولازالت غير معتادة قليلاً على التعامل مع العالم الخارجي ولكنها كانت أفضل الآن أكثر من أي وقت مضى، فحاربت خجلها وهي تجيبه بمشاكسه :

_ دة انت يا بختك بيها، حظ الدنيا كله معاك.

حول أنظاره لحبيبته وابتسم وهو يجيب :

_ طبعا والله عندك حق.

ابتسمت ” جنة ” وهي تطالعه، ثم سارت والدتها أمامهم قائلة :

_ فيه كذا صايغ هنا يلا بقا نشوف.

ساروا خلفها وتركوها تقود الطريق، بينما انحنى ” زيدان ” هامساً لـ ” جنة ” :

_ وانا جاي طلعت صدقة كدة.

عقدت حاجبيها بسبب حديثه ونظرت له متعجبة لماذا يخبرها بذلك قائلة :

_ في ايه يعني يا ” زيدان ” ؟

_ اصل عملت خير، وقالولي اللى يعمل خير جزاءه الجنة، وانا جايلك تكوني جنتي على الأرض يا ” جنة “.
2

ابتسمت واشاحت بنظرها بعيداً عنه، ثم تحدثت بهدوء :

_ ما كنت تبقى شاعر بقا بدل مهندس.
2

_ لا دي موهبة سرية ليكي إنتِ بس.

اجابها بسرعة فلم تجيبه وهي سعيدة بحديثه، لقد كانت تحبه حتى وإن لم تكن، كانت واثقه أنه لن يوجد امرأة لن تقع بحب رجل يخبرها بهذه الكلمات، وكانت سعيدة أن هذا الرجل لها هي،
توقفت والدتها أمام محل الصائغ و دلفت للداخل و هم خلفها، وتحدثت للرجل :

_ السلام عليكم، عاوزين شبكة لبنتي.

_ وعليكم السلام، عاوزينها عبارة عن إيه وفي حدود كام ؟

رحب الرجل بهم وسألهم، فنظروا كلاهما ل ” زيدان ” الذي كان يقف وهو ينظر حوله، عندما رأهم ينتظرون إجابته انحنى على اذن ” جنة ” قائلاً :

_ امي لسه مقبضاني الجمعية هاتي اللى إنتِ عاوزاه.

انفلتت منها ضحكة و اومئت له، ثم التفتت للرجل قائلة :

_ عاوزة دبلة ومحبس وخاتم رقيق.

اخذوا بعض الوقت حتى وجدت ما يعجبها، ثم نظرت له بأبتسامة قائلة :

_ يلا ادفع.

ضحك وهو يخرج أمواله ثم سألها بجدية :

_ متأكدة مش عاوزه حاجه تاني ؟

_ تسلملي يا حبيبي.

رفع حاجبيه بدهشة عند حديثها، ولأول مره تناديه بشئ محبب، فتمتم لها :

_ حبيبي عشان دول ؟، طب اي رأيك نزود انسيال هتقوليلي ايه ؟.

_ اخلص يا ” زيدان ” واتلم.

حدثته والدتها فرفع يديه بأستسلام وهو يعطي الرجل امواله، شكروه ثم خرجوا للشارع، اوقف ” زيدان ” تاكس واخبرهم وهو يساعدهم على الركوب :

_ هيبقى فيه تجمع في البيت عندكوا عشان نشوف الماتش، عيال عمي بمرتاتهم هنا، وزمانهم داخلين على البيت عندكوا واحنا هنحصلهم.

رأى تحمس ” جنة ” لأنها سترى الفتيات، ركب بجانب السائق واعطاه عنوان منزلهم، لم يأخذ الطريق منهم نصف ساعة حتى وصلوا، وللصدفة وجدوا البقية قد وصلوا لتوهم أيضا، خرجت ” جنة ” بسرعة وهي تركض لتعانق ” يارا ” و ” مهرة “، ابتسموا وهم يحيون بعضهم البعض، رفعت ” جنة ” يدها وهي تردف بفخر وسعادة :

_ بصوا شبكتي.

_ شكلهم تحفة، مكلفتيهوش اكتر من كدة ليه ؟.

تحدثت ” نور ” بأبتسامة فأخرج لها ” زيدان ” لسانه بينما مد مرفقه لوالدة خطيبته قائلاً :

_ يلا بينا احنا نطلع سيبك منهم دة جيل هلس، أنا وإنت في التلاتينات زي بعض جيل قديم.

وضعت ” ياسمين ” يدها على فمها لتداري ضحكتها وهي تردف :

_ بس انا عندي خمسين سنة.

استمعوا لشهقة خلفهم، وتمتم ” عاصم ” وهو يقترب ويسير بجانبهم للمصعد :

_ مش ممكن، أنا فكرتك خمسه وتلاتين سنة بالكتير.

ضحكت ” ياسمين” ملئ فمها، لقد كانوا يملؤون حياتها بطريقة محبة، وابتسمت ” جنة ” وهي تراقبهم وكانت ممتنة لهم، لقد كانت والدتها لا تتواصل مع أحد غيرها هي وشقيقها منذ أن وجدوها، لقد بدت مختلفة اليوم منذ أن عادت هي و ” علي ” من المقابر، ويبدو أنها وأخيراً بدأت بتجاوز الأمر،

عندما وصلوا للشقة فتح ” علي ” لهم الباب، وبحثت عيناه عنها فوراً وهو ينظر خلفهم ناسيا حتى أن يحيهم، فتمتم ” عاصم ” و هو يدفعه ويدلف قائلاً :

_ طالعة مع البنات في الاسانسير مكنش هيكفينا كلنا، ازيك انت كمان وحشتني.

اردف أخر جملته بسخرية فحك ” علي ” رأسه بحرج و هو يعانق الشباب واحداً تلو الآخر، بينما تحدث ” دياب ” وهو يجلس :

_ متخليش الواد دة يضايقك.

_ عموماً ” عاصم ” كلامه ميتسمعش وميتصدقش إلا لو حلف على مصحف.

تحدث ” زيدان ” أيضاً ولكن ” عاصم” تجاهلهم وهو يلقيهم بطرف عينه، وتحدثت ” يارا ” وهي تدلف من الباب قائلة :

_ انا نفسي تبعدوا عنه شوية.

_ المحامية بتاعته جت اهي.

تمتم ” دياب ” فنظرت له بتجاهل وذهبت لتجلس بجانب ” عاصم ” الذي نظر لها بأبتسامة عاشقة جعلتها تبتسم بخجل وهي تشيح بأنظارها عنه، نظر ” علي ” للباب بلهفة وهو يحرك رأسه بتحية ل ” مهرة ” التي دلفت وجلست بجانب زوجها، ثم أخيراً ظهرت هي
لقد كانت جميلة كما كانت دوماً، وقد جعلته يستنشق بينما يحبس أنفاسه عندما ابتسمت بوجهة بحنان، وتأكد أن الأمور بينهم بخير الآن، لذا لم يوقف نفسه و سار خطوتين ليقترب منها معانقاً إياها دون الإهتمام بوجود الاخرين، مما جعلها تهمس بشغب وهي تبادله عناقه :

_ ” علي ” القديم مكنش هيحضني قدامهم كدة.

_ إنتِ مراتي، محدش ليه عندي حاجة.

ابتسمت وهي تبتعد عنه، بينما تحدث ” عاصم ” بصوت مرتفع مازح :

_ عارف يا ” علي ” انت الوحيد إلى اثبتلي إن المظاهر خدّاعة، الواحد يشوفك يقول هو دة الراجل اللى لما ييجي يمسك ايد مراته هيقعد يفكر يفاتحها في الموضوع ازاي
1

امتلئت الغرفة بأصوات ضحكاتهم، وترك ” علي ” ” نور ” وهو يمسك بحذاءه الذي كان يرتديه ثم القاه على ” عاصم ” الذي استطاع إمساكه بيده و وضعه أرضا قائلاً :

_ حبيبي تسلم.

هز ” علي ” رأسه ثم عاد بأنظاره إلى ” نور ” وأمسك يدها وهم يجلسون بجانب بعضهم، تحدثت ” ياسمين ” وهي تنظر لهم وكانت عيناها تتلألأ بالضحك الذي مر قائلة :

_ طيب انا هخش انام بقا يا أولاد، متنساش يا ” علي ” تغديهم.

_ حاضر يا ماما

اجابها وهو يبتسم من التقدم الذي احرزته، بينما جلسوا جميعاً و أمسكت ” جنة ” بجهاز التحكم وهي تجلب الماتش، و تحدث ” زيدان ” قائلاً :

_ الزمالك كسب بيراميدز ركلات ترجيح، يعني كدة اهلي و زمالك تاني في النهائي.
2

_ ياسطا أنا اتجننت من ماتشات الديربي والله.

تمتمت ” يارا ” بحنق، فألقاها ” عاصم ” بنظرة تسلية قائلاً :

_ طبعا لازم تخافوا بقا، لسه بالعين منكوا بطولة، يعيني تلاقي الحرق لسه معلم.
1

فتحت ” يارا ” فمها لتجيبه، ولكن ” جنة ” سبقتها وهي تردف بسخرية :

_ هذا غلبني ركلات ترجيح ويغرد الحرق لسه معلم،
يا ابني الفرحة دي تعملها لما تبقى مبلعني سكور ولا هاتريك في الماتش، إنما متبقاش واخدها ركلات ترجيح لاعيبتنا كمان إلى مضيعاهم وعامل كل دة، خلوا الفرحة بالعقل متضحكوش الناس عليكوا، كلنا عارفين أن الأهلى وقتها كان زي الزفت واللاعيبة كانت زي الزفت، لولا كدة مكنتوش هتشموا ريحة البطولة دي أصلا.
1

كاد ” عاصم ” يجيبها، ولكن ” زيدان ” أردف وهو ينظر له بتهديد :

_ انت هتتناقش معاها ولا إيه؟، مفيش كلام يعلي على كلام الأميرة.
1

ابتسمت ” جنة ” بخجل بينما قلب ” عاصم ” و ” علي ” عيناهم بنفس الوقت، فضحك ” دياب ” قائلاً :

_ الحمدلله اني معنديش اخوات بنات، كان زماني شايط من الغيرة زيكوا كدة.

_ فايتك يا عم.

تحدث ” علي ” وهو يغمز لشقيقته التي ابتسمت له بحب، ثم صمتوا جميعاً عندما بدأت المباراة وهم يشاهدون بتركيز، استغلت ” نور ” تركيزهم ومالت على أذن ” علي ” هامسة :

_ عاوزاك في موضوع.

تململ بقلق ولكنه اومئ برأسه ونهض و هو يمد يده لها أخذا إياها لغرفته، تظاهر الجميع وكأنهم لم يروهم حتى عندما كاد ” عاصم ” يلقي تعليقا ساخراً دفعته ” يارا ” بمرفقها فتأوه بألم، ابتسمت ” نور ” وهي تنظر لهم بينما ولجوا للغرفة مغلقين الباب خلفهم
لم تعلم كيف تبدأ أخباره، ولكنها فعلت كما فعلت مع والدها واردفت دون تردد :

_ أنا كلمت بابا وقولتله إني عاوزه أننا نتجوز وهو قالى خليه يجهز الشقة.

صمت قليلاً وهو ينظر لها، ثم عندما أدرك أنها تتحدث بجدية سألها بتيه :

_ يعني إنتِ عاوزه نتجوز ؟، نعيش مع بعض يعني وكدة ؟

اومئت برأسها، فسألها مجدداً :

_ رغم اللى عرفتيه ؟، رغم اني ممكن اكون زي عمي ؟.

اومئت مرة أخرى، ولكن هذه المرة أردفت :

_ صحبتي دكتورة نفسيه، أنا كلمتها وقولتلها اللى حصل، وهي قالتلى أن ممكن متكونش إيروتومانيا، أو حتى لو هي إيروتومانيا فاممكن إنت توقف دة لو اتجوزنا وبقيت جنبك وعرفت اني ليك لوحدك، مش إنت قولتلي أننا من اول ما اتخطبنا وانت مراقبتنيش ؟

اومئ برأسه لها و هو لازال مندهشاً من تقدم الأحداث، فتحدثت هي مجدداً وهي تقترب منه ممسكة بيديه بين يديها :

_ طيب يبقى كدة كلامها ممكن يكون صح، عشان كدة بقا احنا نتجوز، أنا واثقه فيك يا ” علي “، واثقة انك عمرك ما هتعمل حاجة تأذيني، أرجوك متخونش الثقة دي.

ازال يده من يدها معانقاً إياها، وتمتم بين ثنية رقبتها :

_ اموت نفسي قبل ما أذيكي، إنتِ كل حياتي يا ” نور ”
حلمي المتحقق وماضيى ومستقبلي، حب حياتي الأول والوحيد.

تشبثت هي أيضاً به متأثرة بحديثه، ثم عندما ابتعدت حاوطت وجهه بيديها قائلة بتصميم :

_ هنروح بكرة للدكتور، لو فيه أي حاجه هنعالجها سوا يا ” علي “، من هنا ورايح المشاكل متقسمة على اتنين.

_ أنا وأنتِ ومحدش غيرنا.

همس خلفها وهي تعانقه مرة أخرى، ثم عندما صرخوا بالخارج ركضوا بينما وجدوا ” يارا ” واقفة على الأريكة وهي تصرخ قائلة :

_ انا كنت متأكدة أنهم هيجيبوا جول التعادل والله بمستوى اللعب والتشكيلة دي.

جلست بأحباط بينما خرج ” علي ” و ” نور” وهم يجلسون مجدداً، فتحدث ” علي ” قائلاً :

_ دي حقيقة الشوط الأول وحش جدا ودة كله بسبب التشكيلة فعلا، أنا من رأيي يخرج نيدفيد وطاهر وتاو، ويدخل رضا وكوكا و وسام.

_ ادعم.

تمتمت ” جنة ” تؤيد كلام شقيقها، فتحدث ” زيدان ” وهو يرفع كتفيه قائلاً :

_ اعتقد أن دة تكنيك من كولر، هو استقل بسيراميكا وقالك العب بالاحتياط نكسب بيهم واحوش الاساسي للنهائي.
4

ابتسمت ” يارا ” بسخرية وهي تجيبة :

_ اه فالماتش النهائي بقا يقعد شوبير دكة تاني ويوقفلي الشناوي يضيعنا.

_ لازم يقتنع أن الشناوي انتهى، أنا بتحسر والله في كل مرة اوفا بيقعد فيها دكة.

تمتم ” دياب ” بأسى فأومئوا برؤوسهم مؤيدين له، عندما انتهى نصف المباراة الأول انخرطوا جميعاً بالحديث، كان ” علي ” ينظر لهم بأبتسامة بينما مال على ” نور ” وهو يهمس بأذنها :

_ تعرفي أن من ساعة ما جينا الشقة دي وهي عمرها ما اتملت كدة ؟، كانت دايما فاضية مفيهاش غيري انا و ” جنة “، بس إنتِ وعيلتك مليتوها ومليتوا كمان الفراغ اللى كان في حياتي انا وهي، شكرا يا ” نور “، شكرا انك هنا.

_ أنا وأنت واحد دلوقتي، عيلتي هي عيلتك

ابتسمت ” نور ” بحب بينما تجيبه وهي تسند رأسها على كتفه، كان جميع أبناء عمومتها يحبونه مثل ما هو واضح أنه يحبهم، كانت تعلم إنه اقرب ل ” مازن “، فتمتمت وهي ترفع عينيها تنظر له :

_ بس عارف، كنت متأكدة إنك أنت و ” مازن ” هتبقوا اقرب لبعض.

_ اشمعنى ؟.

سألها متعجباً اكتشافها، على الرغم من أن حديثها كان صحيحاً تماماً، فأجابته بثقة وهي تبتسم :

_ عشان انتوا الاتنين كنتوا محتاجين بعض اكتر من أي حاجة، هو عمره ما كان عنده صاحب وأنت كمان، إنما ولاد عمي دايما سوا فالموضوع مش فارق معاهم قد ما فارق معاك انت و ” مازن “.

اومئ برأسه لأن حديثها منطقياً، لقد كان متعجباً بالفعل كيف أنشأ هو و ” مازن ” هذه الرابطة بتلك السرعة، ولكنه كان ممتناً لها،
تم بدء شوط المباراة الثاني، وصمتوا وهم يشاهدون، وكل منهم بداخله سعادة خفية، تلك السعادة التي تشعر بها عندما تجلس مع احباءك، وانت تعلم أن كل من هم حولك يحبونك كما تفعل.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

دوماً كانت المرأة هي الأقوى بالتحمل من الرجل، كانت تعرف كيفية السيطرة على مشاعرها والمضي قدماً، حتى وإن كانت مليئة بالندوب ولكنها كانت لديها القدرة على تجاهلهم والاستمرار بطريقها، حتى لو ظلت هذه الندوب تنبض لتذكرها بوجودها، ولكن كل ما كان يهم هو كيف تحافظ على نفسها، وعلى اي روح أخرى ربما تكون بداخلها.
2

جلست ” بلقيس ” داخل الشقة التي أهداها إياها ” عزيز ” لقد مرت تسع أيام منذ أن تركت ” مازن ” والمنزل، ألم تكن الكلمتان تحملان نفس المعنى ؟، فكان ” مازن ” بالنسبة لها منزلها، وبتركها له كانت تعلم إنها خسرت بيتها، تنهدت بألم وهي تمسك بهاتفها لتهاتف الشخص الوحيد الذي كان يخبرها بما يحدث، وحالما أجاب عليها تحدثت بلهفة :

_ ازيك يا بابا ” عزيز “، هو عامل إيه دلوقتي ؟.

استمعت لضحكة ” عزيز ” من الطرف الآخر وهو يجيبها :

_ طب استنى اتطمني عليا الاول، هو كويس بس اثار انسحاب الكحول من دمه مأثرة عليه شوية، إنما هو هيكون زي الفل أنا متأكد.

تنهدت براحة وهي تستمع له، ثم صمتت قليلاً قبل أن تسأله بتردد السؤال الذي لاحظت إنها تلقيه عليه كلما تحدثوا :

_ مسألش عليا ؟.

عندما تنهد ” عزيز ” اخذت إجابتها، فأغمضت عيناها بأسى وهي تحاول منع نفسها من البكاء، ودعت ” عزيز ” وأغلقت الخط، لقد كانت تحدثه هو و ” نور ” التي كانت تعلم بكل ما حدث، وعلمت منها الأحداث التي حدثت بحياة زوجها ” علي “، كانت تتمنى لو استطاعت الذهاب لهم ولكنها لم تكن تريد أن تتلاقى طرقها مع ” مازن ”
كما أجبرها على الذهاب يجب عليه هو من يأتي بحثا عنها وليست هي،
تنهدت وهي تلعب تحرك طعامها ولم يكن لديها الشهية لتأكل بالايام الفائته، شعرت برغبة عنيفة بالتقيؤ

فركضت لحمام شقتها الجديدة وهي تخرج الطعام القليل جداً الذي كان داخل معدتها
عندما انتهت قامت بغسل وجهها، ولكن حالما نظرت لنفسها بالمرآه لاحظت كيف كانت مرهقة ويظهر عليها المرض فزفرت بحزن، ثم أصابها الإدراك

لقد كانت تتقيأ تقريباً كل يوم مرتين على الأقل، لقد ظنت أن ذلك يرجع لحزنها، ولكنها بعد ذلك حاولت تذكر آخر ميعاد لموعدها الشهري وكان ذلك منذ أكثر من شهر او اقل بقليل
وضعت يدها على فمها وهي تشهق قائلة بفراغ حمامها :

_ انا حامل!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى