رواية ايروتومانيا هوس العشق الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم شاهيناز محمد
رواية ايروتومانيا هوس العشق الفصل الخامس والثلاثون 35 بقلم شاهيناز محمد
البارت الخامس والثلاثون
أتمنى ألا تتحدث شفتاكَ بكلِماتٍ لـ وداعي،
لأنني هُنا وسأبقى،
إذا أعتقدتَ أنك تُمثل خطراً عليّ،
فأنت لا تعلم كم مرة اطمئننتُ بِقُربك،
عندما تقف بجانبي يصمت عقلي،
وأشعر إنه وأخيراً الدار أصبحت أمان،
لأن بجانبي رجلاً يخشى عليّ ألم شوكة،
إن كنت انت بذاتك تمثل ألمًا لي،
فأنا مُرحبة به، فكل ما يأتيني منك مثلك،
لا يوجد أجمل مِنه.
_ من نور إلى علي.
>>>>>>>>>><<<<<<<<<
تنظر إلى ندوبك الظاهره وعندما تلمسها لا تتألم، لأنه قد مر الوقت وقد شُفيت تماماً، ولكنك تجد أن الندوب التي لا يراها احد هي الأكثر ألمًا، فكلما أتت ببالك تجد نفسك تشعر بألم لا يطاق، تشعر أنك تريد إلقاء اللوم على من تسبب لك بها، ولكنك
لا تجرؤ على لوم احد، لأن من يدخل بنفسه إلى النيران يستحق حرقِها.
ـ طلبت مني إني امشي يا ” مازن “، مسمعتنيش، محاولتش نقعد سوا زي اي اتنين متجوزين مش عاوزين يخربوا بيتهم، مش عارفه هتخرج من الاوضه امتى وتشوف الورقه دي أو هتقرأها وانت فايق ولا مش دريان بنفسك،
عارف يا ” مازن ” اليوم اللى بابا ” عزيز ” طلب مني اني اخليك تيجي بيتنا واقعدك مع بابا أنا فكرت في إيه ؟
قولت يابت يا ” بلقيس ” فيها إيه ما أنت معجبه بيه، عمرك ما فكرتي انك ممكن تطوليه ما تستغلي الفرصه ؟
كان ” مازن ” يقرأ حديثها وهو جالساً أرضاً بغرفتها، بعد ساعاتٍ قضاها داخل غرفته ظناً منه أنها بغرفتها، ولكنه اكتشف انها ليست هنا، بينما ملابسها الجديده التي اشتروها سويا بمكانها وهاتفها أيضاً، لقد تركت الشئ الوحيد الذي يستطيع أن يصل لها به، اكمل الرسالة وعيناه الغائمه تسير بين الأحرف:
ـ زي مانت كنت فاكرني حاجه بعيدة عنك أنا كنت فكراك برضو حاجه مينفعش حتى احلم بيها، ولما حسيت إني مش عاوزه ابتدي حياتي معاك بكدبة قولت هرفض الجواز، بس انت صممت وقتها قولت خلاص نصيبك يا ” بلقيس “، الراجل اللى عمرك حتى ما فكرتي أنه يكون بيفكر حتى فيكي في يوم وليله بقا جوزك، فرحت فرحة الهبله، من اول يوم قضيته هنا وانا كنت بحبك كل يوم غصب عني، قولت هخرج قلبي برا الموضوع عشان انت هتدوس عليه بس معرفتش، أنا محدش كان حنين عليا في حياتي زيك،
مساعدتك ليا و خوفك عليا، إنك كنت بتبقى عاوز تجبلى كل حاجه نفسي فيها، قولي محبكش ازاي ؟
كان يعلم أن هناك ورقة أخرى لأن هذه انتهت، فنهض وهو يتحرك بسرعة بالغرفة باحثاً، وجد واحده أخرى تسقط أرضا يبدو أنها سقطت، فأنحنى وهو يلتقطها وجلس على السرير وهو يكمل :
ـ انا شوفتك واحد كاره نفسه، وهو كل حاجه فيه تتحب، ساعتها عرفت انك بتبص في المرايا الغلط، فاحاولت اخليك تبصلي، أنا اللى مش هطلعك وحش أبداً،
انا حبيتك اوي يا ” مازن “، قولت حتى لو متغيرش حتى لو فضل كدة مش هعرف أبعد، وقبلت بيك زي ما إنت،
قولتلي إني برمي نفسي في النار ومينفعش ارجع اقول اني اتلسعت،
أنا بقولك اني اتلسعت يا ” مازن “، بس لو اللسعه هتيجي من نارك أنا هحبها،
أنا مشيت زي ما إنت حبيت، إنت هتعرف ازاي تلاقيني،
ولو مقررتش تلاقيني اعرف ان فيه واحده في مكان ما بتحبك أوي، وبتدعيلك دايمًا تحب نفسك زي ما هي بتحبك ـ
* مراتك وحبيبتك بلقلس*
قد يعجبك أيضاً
صياد الظلام «ما قبل العاصفة» بقلم ItsEnAm
صياد الظلام «ما قبل العاصفة»
14.4K
697
في أعقاب عودته، كان يبدو وكأنه يجر خلفه سحابة من الدهشة والذهول، بينما تتسلل نظرات الحقد من كل زاوية، كيف له وقد غادر كملاك تقيًا ولطيفًا أن يعود على هذا النحو؟ وكيف له…
سُمُّ عَسَلِكَ لَعْنَةٌ بقلم zahra-egy
سُمُّ عَسَلِكَ لَعْنَةٌ
348K
17.5K
تسلّلَت أنفاسُكِ من لفائفِ الكَتْم، كعطرٍ مسمومٍ من معبدٍ منسي، يا من نُقشَ اسمُكِ على تابوتِ الغواية، أنتِ قبلةُ رع، لكنّ خلفَ عينيكِ تَكمُنُ أنيابُ أنوبيس. أراكِ… لا…
𝐎𝐍𝐋𝐘 𝐘𝐎𝐔 𝐊𝐍𝐎𝐖 بقلم sounalle
𝐎𝐍𝐋𝐘 𝐘𝐎𝐔 𝐊𝐍𝐎𝐖
3M
110K
•| مُــحــتــوىٰ جٓــريــئ +18 |• "ظننت أن الزواج سجن، لكنه كان مختبرًا… وأنا كنت التجربة." زوجوني غصب لرجل يكبرني بسبعة عشر عامًا، قيل لي إنه مضطرب، طفل في…
بما لا تشتهي السفن بقلم SalmaAyman127
بما لا تشتهي السفن
27.7K
1.5K
يأتي القدر بما لا تشتهي السفن حين تظن أن الخير قد ذهب وان الحياة لا فائده منها يأتي الخير الحقيقي ،وتعلم أن القدر يخبئ لك ما هو افضل دائمًا لا حياة بدون قرارات خاطئه نتع…
الآنسة حنفي _نوفيلا _إشتباك من نوع خاص بقلم Amirisa_28
الآنسة حنفي _نوفيلا _إشتباك من نوع خاص
32.6K
2K
حينما يجتمع النقيض فماذا يحدث ؟! بهذه الحكاية سنشاهد ثنائي غريب أحدهما يسعي وراء الزواج و الآخر يسعي للطلاق .. فماذا يحدث حينما يرتبط المأذون بمحامية ؟! بالتأكيد ستش…
ديجور الهوى/ كاملة بقلم FatmaSultan947
ديجور الهوى/ كاملة
1.2M
97.2K
لو كنت جلادًا على قلوب البشر وأفعالهم تأكد أن الأمر لن يُحتمل ولو كنت قديسًا بلا أخطاء تأكد أن المكان لن يُناسبك.. هنا نحتاج شخص قلبه لين حتى يغفر وكبير جدًا حتى يتحمل ه…
خيوط متشابكة “أولاد المُختلين” بقلم Ganaeesa_5657
خيوط متشابكة “أولاد المُختلين”
150K
9.4K
الحياة تسير وكل ثانية تكتشف شيء جديد في خيوط قصتك ، لتُصدم بخيطٍ آخر يقتحم قصتك وحينما نظرت إلى المُقتحم وجدته شخص عكسك لا يشبهك، وحينما حاولت الهروب وجدت خيوط قصتك تشاب…
كان تارة يبكي وتارة أخرى يبتسم، عندما انتهت رسالتها وضع يديه على وجهه وهو يبكي، كان منزله فارغاً من دونها، كان هو أيضاً فارغاً،
ولكن ذلك كان للأفضل، ومع ذلك لم يستطع منع نفسه من التبسم بأمل عندما رن جرس منزله، ونهض راكضاً وهو يفتحه بحماس، اختفت ابتسامته عندما رأى والده، فترك الباب وهو يعود للداخل بينما استمع لخطوات والده تقترب بعدما أغلق الباب خلفه
جلس ” مازن ” على الأريكة دون إهتمام، فجلس ” عزيز ” على الجانب الآخر وهو يبدأ حديثه قائلاً :
_ عامل إيه ؟.
ابتسم ” مازن ” بسخرية، ونظر له بأعين محتقنة وهو يجيبه ساخراً :
_ جاي تشوف هي قدرت تخليني النسخه اللى انت عايزها ولا لأ ؟.
استمع لتنهيدة ” عزيز ” وصمت قليلاً ثم أجابه بهدوء :
_ مكنش قصدي انك تسمع يومها، وبما انك سمعت فأنت اكيد سمعت أنا ازاي ممتن ليها، وإن كان كل همي مصلحتك إنت، أنا عارف انـ..
_ لا انت مش عارف.
1
صرخ ” مازن ” بصوت مرتفع وهو ينهض ليقف، فوقف ” عزيز ” أمامه بينما اكمل هو بحده :
_ انت مش عارف اي حاجه، مش عارف كام مره استنيت اشوفك انت وماما على الأقل قاعدين تاكلوا سوا وانا طفل، كام مره استنيتك تيجي حفلة من حفلات المدرسة بتاعتي، انت مش عارف كام مره قعدت ادعي وانا بعيط انك تغير رأيك وترجعها، أنا استنيتك تعرف إني مش احسن من غيرها، عشان دي كانت مامتي، كل طفل محتاج لمامته حتى لو كانت وحشه.
تدحرجت دمعة على وجنته، فأزالها بعنف غير راغباً أن يرى ” عزيز ” بكاءه، بينما اكمل بما كان يحتفظ به داخل صدره طوال سنواته :
_ مش عاوز الومك اكتر واقولك أن كان فيه امل أنها تكون احسن لو فضلت معانا، لو حست بالدفا والامان وسطنا، هي دلوقتي مبقتش موجوده حتى عشان اعرف ادافع عنها والكلام مبقاش ليه لازمه،
انت عارف ابتديت احس امتى اني مبقتش عاوز الومك أو ازعل منك ؟.
نفى ” عزيز ” برأسه وكان متأثرا بوضوح من حديث ابنه، فأكمل ” مازن ” وهو يحاول ابتلاع الغصة التي اصابته:
_ لما بقى عندي ” بلقيس “، هي اللى حسستني لن الحياه متستاهلش نقضيها زعلانين من اللى بنحبهم، رغم اللى ابوها عمله إلا أنها كانت خايفه أأذيه، أنا ابتديت ابقى احسن من ساعة ما عرفتها، إنت ليه استكترها عليا ؟
ليه يا بابا كان لازم تتدخل في دي كمان وتخليني اخسرها ؟، أنا ابنك حرام عليك تحرمني من سعادتي مرتين، كتير عليا والله، كتير عليا دة يا بابا اوي، أنا تعبان أوي.
عند هذا الحد لم يستطع منع نفسه من البكاء، و قد ضعفت ركبتيه فجلس أرضاً، لأول مره يبكي ” عزيز ” معه ويشاركه بكائه، انحنى وهو يعانق ولده الوحيد، بينما يتحدث ببكاء :
_ والله يا ابني مكنتش اقصد، أنا شوفت انك معجب بيها وبتحبها عشان كدة اديت الموضوع زقه، والله كل دة عشان خاطرك، حقك عليا، انت وحيدي وكل حياتي يا ” مازن “، حقك عليا يا حبيبي انا اسف.
قضى ” مازن ” وقته بالبكاء ولم يتركه ” عزيز ” سوى عندما اومئ برأسه وقام بالضغط على يده والده، أبتعد وهو يزيل دموعه، ثم ابتسم بخفوت قائلاً :
_ انا بقيت عيوط الايام دي مش عارف ليه.
ابتسم ” عزيز ” وهو يحاول مداراة وجهه كي لا يرى بكاءه، ولكنه دفعه بمرفقه قائلا بمزاح :
_ شوفتك.
انفلتت ضحكة من ثغر ” عزيز ” وهو ينظر لابنه، عندما كاد يتحدث مجدداً علم ” مازن ” أنه سيعتذر، فسبقه في الحديث وهو يمسك بيده قائلاً :
_ أنا عاوز انسى كل اللى فات، ساعدني ابطل شرب يا بابا، أنا بقولك دلوقتي اني محتاجك.
لقد انتظر ” عزيز” أن يسمع هذه الكلمات منذ سنوات، فأومئ برأسه بسعادة ثم تمتم وهو ينهض ويمد يده لابنه:
_ انت عارف انك لو سألت عنها أنا هقولك هي فين ؟
_ عارف يا بابا، عارف.
تمتم وهو يقبل يد والده الممتده وينهض، ولكنه لم يتحدث مجدداً وهو يربط على كتفه ويمر من جانبه ليستحم، ربما يتعجب والده لما لا يريد السؤال عنها، ولكن هذه الفترة كانت خاصه به فقط، لم يكن يريدها حوله.
>>>>>>>>>><<<<<<<<<
الحب أنواعٍ، هناك درجاتٍ عديدة منه،
منهم الهيّام والعشق والغرام، وكل منهم مختلف عن الآخر، لا تسأل أحد كيف يجب أن تحب من امامك، كل ما يجب عليك فعله هو الوقوع بالحب حتى مع اختلاف المسمى، ولكن يجب عليك الحذر لأن درجات الحب كلما اختلفت، كلما أصبحت قريبة من الهوس، وهو ما يجب عليك الابتعاد عنه كلما حاول الاقتراب منك.
كان ” علي ” يتأكد للمره الأخيرة من أن والدته تغط بنوم عميق، وابتسم عندما رأى كيف تشبثت بها ” جنة” وهي تنام بجانبها، ربما من يرى حياته من الخارج يعتقد أن كل شئ سار على ما يرام، وأنه محظوظ لأن عمليا والدته عادت من الموت..
ولكن كربه كان شديد، لأول مره لم يكن يعلم ماذا يفعل، تنهد وهو يعلم إنها تجلس بالغرفة الأخرى تنتظره ليقلها إلى منزلها، وقد مرت سبعة أيام منذ أن وجد والدته وكانت أخيراً بالمنزل بعدما أذن له الطبيب بأخذها
كانت ” نور ” بجانبه بكل تلك الأيام، تذهب لعملها قليلاً ثم تعود له، ولكنه لم يحدثها كثيراً، كانت أفكاره لازالت مشوشة وربما كان يظهر ذلك عليه لأنها لم تضغط، وكان شاكرا لها
خرج من غرفة شقيقته وهو يغلق الباب خلفه بهدوء كي لا يشعروا به، ثم دلف غرفته و وجدها جالسه بهدوء على الأريكة الموجوده هناك، حالما رأته أضاءت ملامحها بأبتسامة عذبة وهي تسأله بهدوء :
_ ناموا خلاص ؟
اومئ برأسه وهو يجلس بجانبها، واراحته فكرة أنه ليس مضطر أن يأخذ مسافة كي لا يلمسها، كانت هذه المرأة زوجته، لقد أحبها وهو بالحادية والعشرين أي منذ تسع سنوات، وأخيراً أصبحت له ولكنه بعد ذلك اكتشف أنه خطراً عليها،
إنه ربما يؤذيها اكثر، عند هذه الفكره تراكم كل ما كان يكتمه بداخله، فأنحنت كتفاه و انزل رأسه وهو يبكي.
بكى لأجل والدته، ولأجل والده الذي كتب عليه الموت على يد أكثر الأشخاص قربا له، وبكى على حبيبته التي يبدو أن مكانها ليس بجانبه، ثم بكى على نفسه ولم يستطع منع نفسه من التمتمه ببكاء :
_ لحد امتى هفضل كدة ؟، لحد امتى هتكون الحاجة قدامي بس مش قادر اوصلها ؟، إنتِ عارفة أنا روحت عند عمي وائل كام مرة؟، كانت بعيده عني خطوات وبرضو معرفتش أوصلها.
مدت ” نور ” يدها وهي تمسك يده وتضغط عليها، فنظر لموضع أيديهم وهو يكمل :
_ و إنتِ!، ليه كل ما أقرب منك تحصل حاجة تبعدك؟، ليه يا ” نور ” مش قادر أخيرا افرح بيكي.
_ ” علي “!، بتتكلم كدة ليه ؟.
تعجبت حديثه لأنها بالفعل بجانبه، بل وقد أصبحت زوجته و له، مدت يدها الأخرى و وضعتها على وجنته كي تجعله ينظر لها ولكنه نفى برأسه وهو يتحدث :
_ إزاي أنا اذيه ليكي؟، وانا والله العظيم عمري ما فكرت حتى اوجعك، هعمل ايه يا ” نور “، هروح فين وهعيش ازاي من غيرك؟.
لم تستطع ” نور ” منع نفسها من البكاء وقد تسارع نبض قلبها بسبب حديثه، فسحبته من رأسه رغماً عنه وهي تعانقه وتضمه إليها
ستفهم حديثه لاحقاً ولكنه الآن بحاجة إلى عناقها، شهق باكياً وهو يغمض عيناه، لقد اثقله حزنه، ورغم ذلك شعر بالخفة لأنها تمسك به، ولكن لأجلها سيفعل أي شئ، قبلته من رأسه ولم تبتعد، حتى أبعد يدها وابتعد ثم نظر بعيداً عنها قائلاً :
_ أنا بحبك يا ” نور “.
ابتسمت بحب وكادت تجيبه وتخبره أنها أيضاً تحبه، ولكنه اكمل دون النظر لها :
_ وعشان بحبك لازم اعيش من غيرك.
عقدت حاجبيها وهي تنظر له، سقطت يدها التي رفعتها لتحاوط وجهه، ثم تحدثت بتردد :
_ يعني ايه الكلام دة يا ” علي ” ؟
نفى برأسه وهو ينهض ليبتعد، ولكنها أمسكت يده وهي تمنعه بينما وقفت خلفه قائلة :
_ انا بطلب تفسير حالا!
_ مش لازم، ده الاحسن ليكي، صدقيني أنا عاوزلك الاحسن.
التفت وهي تقف أمامه ثم ربعت يديها وهي ترفع حاجب بوجهه قائلة بسخرية :
_ شايفني بقا ماشيه بالرضعة عشان تاخد قرارات نيابةٍ عني وتقولي دة الاحسن ليكي ؟
فوجئ من حدة كلماتها، لقد ظن أنها فتاة هادئة مطيعة ستفعل ما يخبرها به، ولكنه يبدو أنه لم يتحضر جيداً لهذه النسخه منها، فأجابها بهدوء محاولا تجنب الشجار معها :
_ لا مش شايفك كدة، بس انا ليا أسبابي.
_ اسبابك اللى مخلياك عاوز تطلقني واحنا لسه كاتبين كتابنا من تمن أيام بالظبط؟، وبعدين اسبابك دي تقولها لو انت اللى لوحدك في الموضوع، إنما دي علاقتنا احنا، يعني شاملاني أنا وأنت يبقى القرارات اللى ناخدها فيها تكون بأتفاقنا مش بدماغك وأسبابك.
تحدثت ” نور ” بغضب وهي تقترب منه، لقد اصبحت قريبة للحد الذي لم تكن به قريبة من قبل، كانت قصيرة بالنسبة له، فكان ينظر لها لاسفل، استمع لصوت قلبه بسبب قربها المُهلك، فأغمض عيناه وهو يضع جبهته على جبهتها هامساً :
_ هتفضلي تعملي فيا كدة لحد امتى ؟.
_ اعمل إيه ؟
بادلته الهمس ولم ترغب بإغلاق عيناها وهي تنظر له وتراقب تأثره بها، فأكمل همسه وهو يحاوط جسدها بيديه :
_ بتهلكيني،
بتلغبطيني وبحس اني مش عاوز اتخانق معاكي، عاوز احضنك وبس، ولحد دلوقتي مش مصدق إنك حلالي، يعني احضنك براحتي.
فتح عيناه وقبلها من وجنتها ورأسها، ثم تمتم وهو يحاوط وجهها بيديه قائلاً :
_ و ابوسك كمان.
ابتسمت بخجل وهي تصفع ذراعه ثم ابتعدت عنه قائلة:
_ محاولة ناجحة عشان ننسى الكلام اللى قولته، دلوقتي بقا قولي في إيه ؟
تنهد بإرهاق وهو يسير بيده على وجهه، ثم نظر لها و وضع يديه بخصره قائلاً :
_ مصممة تعرفي ؟
اومئت برأسها بعناد، فمد يده لها وعندما اخذتها بيدها تحدث وهو يسير بها للخارج :
_ ماشي، كدة كدة لما تعرفي هتهربي.
قلبت عيناها وهي تسخر من حديثه، خرجوا سويا من المنزل وفتح بها باب سيارته ثم انطلق بسرعة، لم تتحدث وهي تتشبث بكرسيها بينما راقبت الطريقة التي قبض بها على المقود حتى ابيضت مفاصله، وكان غاضباً ولأول مره تراه هكذا، لذا كانت تعلم أن اختيارها للصمت كان بصالحها.
اوقف السيارة فجأة لدرجة أنها اندفعت للأمام ولكنها تماسكت باللحظة الأخيرة، ألقت نظرة غاضبة تجاهه فتمتم بخفوت وهو يترجل من السيارة :
_ آسف.
لم تنتظر أن يفتح الباب لها وهي تفعل ذلك وتذهب خلفه، كان يقف أمام باب مطعمه وهو يفتحه، لقد كان الوقت متأخرا ولم تفهم لماذا جلبها إلى هنا، دلفت خلفه واغلق الباب خلفهم، سار تجاه مكتبه، ولكنه توقف فجأة والتفت ينظر لها، كانت ملامحه تنم على الضعف، وقد ألمها قلبها من رؤيته هكذا، رفع يديه وهو يحاوط كتفيها قائلاً بحزن :
_ عاوزك تعرفي اني عمري ما فكرت ازعلك أو أأذيكي، اي حاجه هتشوفيها كانت عشان انا حبيتك بس، و هفضل أحبك لاخر يوم في عمري.
_ وانا كمان بحـ..
قاطعها وهو يحني رأسه ويلثم ثغرها مُبتلعاً حديثها، احمر وجهها عندما ابتعد وهو يهمس :
_ متقوليهاش دلوقتي، مش هقدر استحمل إنك هتمشي بعدها.
لقد نبض قلبها الآن بطريقة مختلفه، كان نبضها ذلك نتيجة لخوفها و قلقها، لقد كان يتحدث عن رحيلها وكأن ما ستراه يؤكد رحيلها عنه، فتح باب مكتبه ودلفت خلفه، نظرت حولها و لم تجد شئ يجعلها تخاف، ثم نظر لها بترقب وهو يفتح باباً سرياً وضعت يدها على فمها بينما أشار لها بالدخول،
تخطى قلبها نبضه ولكنها اطاعته وهي تدلف،
شهقت عندما رأت ما حولها، لقد كانت الغرفة مليئة بها، اقتربت وهي تنظر لكل الصور عن قرب، صوره لها وهي تجلس بينما تبكي ظناً منها إنه لا يوجد احد ليراها، صوره مع أصدقائها والعديد من الصوره التي تشبه ذلك، ما افزعها أن الصور كانت قديمه للغاية، منذ اول سنه لها بالكلية،
لم تشعر بوجوده خلفها إلا عندما تحدث بهدوء :
_ عرفت دلوقتي إنك اكيد مش فكراني، أنا كنت دليفري لما طلبتي اكل ليكي إنتِ وزمايلك على عنوان الكلية وإنتِ في سنة أولى.
لم تقاطع حديثه وهي تراقب باقي الصور منبهرة وخائفة بنفس الوقت، بينما اكمل هو حديثه :
_ كان عندي واحد وعشرين سنه وقتها، لسه بشتغل في مطعم دليفري واوقات في المطبخ، لحد ما شوفتك وعرفت أن دة مش كفاية أبدا يخليني اتجوزك وأنت دكتوره، من وقتها وانا قررت انجح
أنا بقولك الجوانب الإيجابية أن وجودك خلاني دلوقتي واقف في مطعم خاص بيا، بس الجوانب السلبية إني كنت أوقات كتير جداً نفسي اجي اواسيكي وأنتِ زعلانه ولما مكنتش بعرف اعمل كدة كنت بفضل متضايق كتير أوي، وكأن زعلك بيتردد جوا قلبي.
1
التفتت تنظر له عندما انتهت من رؤية كل الصور بالغرفة، نظرت للطريقة التي انحنت بها كتفاه، لقد كان محقاً لقد كانت ترغب بالركض بعيداً عنه، ولكن يبدو أنه لديه المزيد من الحديث، فلم توقفه وهو يكمل بهدوء :
_ انا.. أنا كنت فاكر إنك أنتِ كمان بتحبيني وشيفاني، كنت فاكر أن كل حركاتك كانت طريقة للتواصل بينا، لما لقيت نفسي خلاص جاهز اتقدمتلك، مكنتش اعرف ان دة مرض يا ” نور “، لحد ما لقيت كلام عمي على ماما زي مانا فكرت بالظبط.
تراجعت خطوة بخوف، فتألم قلبه وتساقطت دمعه وهو يهمس :
_ لا، متخافيش مني بالله عليكي.
ارتجفت يداها وهي تقبض على يديها قائلة بصوت خافت :
_ مـ..مش خايفه، كمل يا ” علي “.
كان يعلم أنها خائفه، ولكنه اومئ برأسه وهو يستنشق قائلاً :
_ كان بيقول إنه كمان كان فاكر أنها بتحبه وبتتواصل معاه بحركات معينة، أنا دخلت للدكتور النفسي الاسبوع اللى فات في المستشفى، وقالى أن ده مرض اسمه إيروتومانيا.
ثم عاد فكره لحديثه مع الطبيب بعدما أخبره بأسم هذا المرض الذي لم يسمع به من قبل
F.B
_ المرض دة اسمه erotomania
وضع ” علي ” يده على رأسه عندما استمع للطبيب، ولكنه نهض وهو يلتف حول مكتبه، ثم جلس أمام ” علي ” قائلاً بهدوء :
_ الأمراض النفسية انواع يا ” علي “، زي مثلاً الاكتئاب والاكتئاب الحاد، ممكن يكون حد عنده اكتئاب عادي زعلان ومتضايق، وحد عنده اكتئاب حاد فاعنده دايماً افكار انتحارية، الايروتومانيا نادراً لما ييجي لوحده من غير توابع.
رفع ” علي ” رأسه للطبيب بعدم فهم، فأكمل وهو يشرح له :
_ يعني في معظم الأوقات الايروتومانيا بيجي بسبب أمراض زي الاضطراب ثنائي القطب أو الفصام، وده اللى كان عند عمك لأنه مهتمش يأذي اللى حواليه أو مامتك نفسها قصاد أنه يكون مبسوط بس، المرض دة درجات كبيرة جداً، زي أن حد يكون مهووس بشخصية مشهوره، او شخصيه في رواية وعايش معاها قصة حب في دماغه وهو مش قادر حتى يفهم أن دي شخصية خيالية، ودة بيسبب هلاوس وأحلام وحاجات كتير اوي بتدمر نفسية المريض.
2
اومئ ” علي ” برأسه وهو يفكر بحديث الطبيب، ثم تحدث بخفوت وهو ينظر له بحذر :
_ طب لو حد حب حد من بعيد، بس فضل يراقبه ويصوره أحيانا، وبرضو في دماغه أن الشخص دة بيحبه هو كمان وبيتواصل معاه بحركات أيده مثلاً أو أي حاجة، بس من ساعة ما خطبها وهو مبقاش يراقبها، دة ايه ؟
نظر الطبيب له وكأنه يعلم أنه يتحدث عن نفسه، ثم سأله بهدوء ويبدو أنه لم يرغب بالتظاهر وكأنهم يتحدثون عن شخص آخر :
_ لو هي كانت رفضت تتخطبلك يا ” علي ” كنت هتخطفها وتحبسها في اوضة وانت رابطها زي الحيوان ؟
_ مستحيل.
اجابه بسرعة عندما تخيل أنه ربما يفعل ذلك بها، ولكن عقله نفى الفكرة بسرعة وكذلك قلبه، يقتل نفسه ولا يؤذيها،
ابتسم الطبيب وكأنه كان يعلم الاجابه، فتحدث بنبرة واثقة قائلاً :
_ انت مفكرتش حتى، ودة اللى بتكلم عليه، أنا عاوز اتابع حالتك يا ” علي “، حابب نتكلم اكتر، اي مرض ليه علاجه، دة الكارت بتاعي هستناك في عيادتي لما تكون جاهز وتستوعب كل اللى اتكلمنا فيه دة.
اومئ ” علي ” برأسه وهو يأخذ الكارت المقدم له، ونهض وهو يسير تجاه الباب بتيهٍ،
_ ” علي “.
نادى عليه الطبيب فألتفت برأسه ينظر له، ابتسم له بهدوء قائلاً :
_ مفيش مريض نفسي بيعترف أنه مريض، الإعتراف بداية التعافي.
ابتسم بخفوت شاكراً، سيتحدث مع الطبيب بوقت اخر، الآن يجب عليه حمايتها تحسباً.
E.F.B
نظرت ” نور ” له بعدما انتهى من سرد مقابلته مع الطبيب، تنهدت وهي تخرج من الغرفة، ثم جلست على الأريكة بمكتبه وهي تضع وجهها بين يديها، أغلق ” علي ” الغرفة، وهو يقف وينظر لها، لم تتحدث ببنت شفة وهي تسمعه، لقد كان خائفاً من حكمها لذا تحدث بسرعة :
_ عشان كدة الاحسن لينا أننا ننفصل، أنا مش عارف ممكن يحصل إيه، أو المرض دة يتطور واخـ..
2
_ هو انا مش قولت أن دي علاقتنا ولازم نقرر سوا ؟.
ابتلع ريقه عندما تحدثت وهي ترفع وجهها لتنظر له، واومئ برأسه دون حديث، تنهدت ثم وكأنها تذكرت شئ ما، فضيقت عيناها بوجهه وهي تسائله بحذر :
_ اللى كان بيبعتلي الـ Messages و واقف تحت عيادتي وخوفتني كان إنت ؟.
حك رأسه بحرج ورفع يده وهو يعدل نظارته قائلاً :
_ الـ Messages كان أنا، اللى كان واقف كان ” منصور ” وانا مكنتش اعرف.
رفعت حاجبيها بمفاجأة وهي تمتم:
_ منصور!، وانا فاكره بابا واثق فيا اتاريه مراقبني أصلا.
_ مش باباكي، ” زيدان ” و ” دياب “.
عند إفشاء سرهم ضحكت رغماً عنه، فوجد نفسه يشاركها الضحكه ببلاهة فتوقفت وهي تنظر له قائلة وهي تنهض لتخرج :
_ هو أنا قولتلك تضحك معايا ؟، يلا روحني شقتي.
ربما كانت تلك طريقة لاخباره أنها ستتركه، لم يتحدث واومئ برأسه بصمت وهو يسير خلفها، أغلق المطعم وكانت تجلس هي بالسيارة، تنهد بحزن وهو يحاول منع نفسه من البكاء والصراخ بها ألا تتركه، ولج سيارته و أنطلق ولكن هذه المرة كان يسير ببطئ راغباً بقضاء اطول وقت معها، نظر لها فوجدها تنظر للخارج دون أن تنظر تجاهه، كان يريد أخبارها أنه ليس مثل عمه، وأنها لا يجب عليها أن تخاف منه،
ولكنه لم يتحدث حتى عندما توقف أسفل منزلها، شعر بانظارها عليه فلم يبادلها وكان يخشى النظره التي ستلقيها تجاهه، ثم استمع لحديثها الخافت :
_ انا بحبك يا ” علي “.
2
نظر لها بسرعة لدرجه ان عنقه المه، ولكنه لم يهتم بالوجع وهو ينظر لها بعدم تصديق، فأومئت برأسها وهي تكمل :
_ مش عارفه ده هيخليني مجنونه ولا لأ، واحده غيري يمكن كانت هتهرب، بس انا مش مستعده اسيبك عشان أنا بحبك يا ” علي “، أنا عارفه إنك مستحيل تأذيني، انت واحد عارف ربنا و بتحبه، مؤمن ومعظم كلامك بالقرآن والأحاديث، لو أنا متمسكتش براجل زيك المفروض اتمسك بمين ؟.
_ ” نور “..
تمتم بهمس بأبتسمت وتلألأت عيناها بالدموع وهي تنفى برأسها بينما تضع يدها على المقبض قائلة قبل أن تفتحه :
_ متتكلمش، أنا بس عاوزه وقت اقدر اعالج كل دة بس ميهونش عليا اسيبك في تفكير وقلق، عشان كدة عرفتك اني مش هسيبك، ممكن اول ما استوعب نروح سوا للدكتور ؟.
_ ممكن طبعا، ممكن.
اجابها بلهفة فأبتسمت ثم ترجلت خارج السيارة، وقف ينظر لها حتى رآها تصعد منزلها فأنطلق ذاهباً
عندما استمعت ” نور ” لتحرك سيارته أغمضت عيناها وهي تتنهد بأرتجاف، تمنت أن تكون اخذت القرار الصحيح، وألا يضعها قرارها هذا بشئ خطير
عندما دلفت منزلها جلست لساعات وهي تفكر حتى تسلل ضوء النهار للداخل، فأمسكت بهاتفها بعدما اتخذت قرارها، ثم تحدثت حالما أجابها الطرف الآخر :
_ هات ولاد عمي كلهم وتعالى، أنا عاوزه اتكلم معاكوا.
كان يجب عليها طلب المشوره، وستكون سعيدة بالايدى المساعده.
>>>>>>>>>><<<<<<<<<
نظر ” دياب ” لهاتفه متعجباً عندما أغلقت ” نور ” بعد تحدثها بهذه الجمله، شعر بتململ جسد بجانبه على السرير، فأبتسم وهو يستند بوجهه على يده وينظر لها، كانت نائمة بعمق و ثغر منفرج، كانت تنام بجانبه الآن لمدة أسبوع عندما عاد من المشفى بعد أن اجبرهم ” علي ” على الذهاب
ولكنه لازال لم يعتاد على وجودها كل يوم بأحضانه، عندما فتحت عيناها تنظر له تنهد بوله وهو يهمس :
_ اه من العيون دي واللى عاملاه فيا، صباح الهنا يا دعوة ” دياب ” المستجابة، يا حلمه الوحيد و إنجازه
مش هتعود أبداً على أني اصحى الاقيكي جنبي كل يوم يا ” مهرة “، بس هفتكر دايما كل اصحى احمد ربنا إنه استجابلي و خلاكي مراتي.
ابتسمت ” مهرة ” بخجل وهي لازالت لم تعتاد بعد على حديثه ذاك، وكانت كلما استيقظت بجانبه يخبرها باشياء مثل هذه، اعتدلت وهي تتمطع مجيبة إياه :
_ صباح النور يا عيون ” مهرة “.
ابتسم ثم عبس عندما تذكر حديث ” نور ” نهض من السرير وهو يلتقط ملابسه ويرتديها قائلاً :
_ ” نور ” اتصلت و قالتلى اجيب الباقي واجي، معرفش في إيه بس هي قالت ان مفيش حاجه مهمه بس عاوزه تتناقش معانا في حاجه، هتيجي ؟.
لقد انتهت من تعليق المحاليل التي كتبها الطبيب لها، وكانوا الآن بأنتظار باقي التحاليل حتى تبدأ بالعلاج، ولكنها كانت بصحه جيده وقد انتهى الدوار الذي كان يصيبها، لذا نهضت وهي تفتح خزانتها وهي تجيبه :
_ هاچي طبعاً، روح صحي الباقي وهكون جهزت.
_ ماشي يا حبيبتي.
قبلها بلطف قبل أن يخرج من الغرفة انتفض بفزع عندما وجد ” زيدان ” واقفا وبيده تفاحة يتناولها قائلاً بلا مبالاة :
_ كنت لسه جاي اصحيك، أنا لسه جاي كنت بشرف على العمال، روح إنت مكاني شوية بقا عاوز انام شوية.
اغلق ” دياب ” باب غرفته خلفه، وربع يديه وهو ينظر ل ” زيدان ” :
_ انا معماري، انت مدني دي شغلانتك.
تأفف ” زيدان ” بأرهاق صارخاً :
_ بقولك تعبت عاوز أنام اي مبتحسش!، انت بتعمل اي بقا غير انك بترسم شويه خطوط.
_ شوية خطوط!، بقا اللى أنا بعمله دة في نظرك شوية خطوط ؟.
سأله ” دياب ” بحده، فأستمعوا لصوت ينضم لهم قائلاً بتسلية :
_ ديربي المهندسين
_ اخرس يا نقاش.
تمتم كلاهما بنفس الوقت، فقلب ” عاصم ” عيناه مجيباً إياهم :
_ افتخر وبشدة على فكرة، على الأقل عندي زوق.
استمعوا لصوت التقاط صورة، فتأففوا جميعاً وهم ينظرون بأتجاه ” يارا ” التي رفعت كتفيها ببساطة قائلة :
_ شكلكوا حلو وانتوا واقفين كلكوا بنفس الطريقة.
عندما نظروا لبعضهم كانوا يطون يديهم على صدورهم، فأبتسموا وهم يعدلون وقفتهم متجهين سوياً للاسفل بينما أخبرهم ” دياب ” بطلب ” نور ” فتحدث ” زيدان ” قائلاً :
_ غريبة يعني، بس ممكن تكون محتاجه نصيحة مثلا او عاوزانا نبقى جنب ” علي “.
_ هنروح ونشوف بقا.
تمتم ” دياب ” فأومئوا برؤوسهم، جلسوا على طاولة الفطور وهم يلقون التحية على اباءهم، تمتم ” عثمان ” حالما جلسوا قائلاً :
_ ” نور ” اتحدتت ويا حد فيكوا ؟.
ارتبكوا ولكنهم لم يرغبوا بإقلاقه، فأجابته ” يارا ” مطمئنه إياه :
_ انا كلمتها من شوية يا عمي، وعزمتني أنا والشباب و ” مهرة ” عندها عشان نقضي اليوم سوا، فيه حاجه ولا إيه ؟.
زفر ” عثمان ” بقلق ولم يجيبها، فتحدثت ” سمية ” قائلة :
_ عاوز يجول حد فيكوا كلمها وعرف أنها لحالها ولا ويا چوزها وبتجضي وياه الليل.
رفع ” عثمان ” حاجبه بوجهها ولكنه لم ينفى حديثها، فنظر له ” زيدان ” وهو يتحدث :
_ انت عارف ” علي ” يا عمي، مستحيل يعمل أكده، ده حتى في المشتشفى مكنش بيخليها تبيت معاه وهو ويا أمه وكان بيروحها بيتها بنفسه.
_ اني عارف يا ولدي، بس غصب عني بجلج، إني لسه مش عايزها تتربط بيه بالطريجه دي، لسه لما تعرفه اللاول، خصوصاً أنه دلوق محتاجها جنبيه وهي جايلالي أنها بتكون معاه طول الوقت.
شاركهم ” عثمان ” قلقه، فتحدثت ” نادية ” وهي تربط على يديه بأطمئنان قائلة :
_ متجلجش يا ابو ” نور “، بنتك ميتضحكش عليها وكمان دي في ايد أمينه، الراچل اخلاج واحترام الدنيا كليتها فيه، ريح بالك عاد.
ابتسم ” عثمان ” لها، فمال ” عاصم ” على ” زيدان ” وهو يهمس بأذنه قائلاً :
_ عمك مش بيهدى غير من كلام امك، مفكرتش تجوزهم.. اه.
1
تأوه بألم عندما دهس ” زيدان ” قدمه من أسفل الطاولة، نظروا له بتعجب بينما سأله والده ” حمدان ” بقلق :
_ فيه حاچه يا ولدي ؟
_ لا يا ابوي.
نفى ” عاصم ” وهو ينظر ل ” زيدان ” بغضب الذي بدوره تظاهر أنه لا يراه وهو يبدأ طعامه، انضمت ” مهرة ” إليهم وجلست بجانب زوجها، فحالما رأتها ” سمية ” تحدثت بصوت مرتفع :
_ يارب اشوف احفادي جريب أن شاءالله.
ابتسمت ” مهرة ” بخجل وغمز لها ” دياب “، فتجاهلته وهي تبدأ بالاكل كي يذهبون ل ” نور ” ليروا ما يحدث معها.
1
>>>>>>>>>><<<<<<<<<
يفاجئك القدر دائماً، فلا يوجد أحد منا يعلم ما هو قدره، ولكنه يظل يتخيل العديد من الأشياء التي ستحدث بحياته، ولكنه يفاجئ بشئ مختلف، وهنا يكون اختبار المرء، هل سيرضى بما كتبه الله له، ويعلم أن الخير به بالتأكيد، ام يقضي حياته بالتذمر ويكون حينها قد خسر دنيته واخرته.
كان ” علي ” يجلس بشرفة شقته بعد أن جافاه النوم، مهما تقلب على سريره لم يستطع أن يغفوا، وكان ينظر للهاتف ربما كل دقيقة ليرى هل ارسلت له ام لا، تنهد وهو يمسك بهاتفه ويتصل برقم ما، وحالما اجابه تمتم :
_ فاضي نقعد سوا ؟، حاسس اني هتجنن.
سمع لتنهيدة ” مازن ” على الطرف الآخر، لقد قضوا ربما أكثر من ساعة وهم يتحدثون بالهاتف ويتشاركون ما حدث معهم، كان كلاهم مهمومان، اجابه ” مازن ” بهدوء :
_ بابا قافل الباب عليا عشان مخرجش من البيت و واخد كل مفاتيحي.
انفلتت ضحكة من ” علي ” وهو يتحدث قائلاً :
_ والله صدق اللى قال لما تشوف بلوة غيرك تهون عليك بلوتك.
1
_ اتربى يا ” علي “.
_ آسف.
تمتم ” علي ” وهو يضحك، فشاركه ” مازن ” ثم بعد لحظة صمت تمتم ” مازن ” بهدوء :
_ اي دخلنا في حوارات الحب دي ؟، ما احنا كنا زي الفل.
_ يعني لو رجع بيك الزمن، هتتمنى متحبهاش ؟.
سأله ” علي ” وهو يفكر بأجابة السؤال نفسه، فسمع إجابة ” مازن ” الذي قال بحب ظاهر بين حروف كلماته :
_ لا هحبها و هتمنى اتجوزها قبل كدة كمان، واكون شخص كويس عشان مضطرش ابعد عنها دلوقتي، ” بلقيس ” اكتر حاجه حلوه حصلتلى في حياتي.
_ وانا كمان، كنت هتمنى مراقبهاش كل دة واول ما اجهز نفسي اروح اتكلم معاها على طول من غير ما الف وادور و اكدب عليها، كنت هغير حاجات كتير، بس مكنتش هغيرها هي.
تحدث ” علي ” بدوره، ثم تنهدوا سويا، وعندما استمعوا لبعضهم البعض ارتفعت ضحكاتهم بينما يردف ” مازن ” :
_ يا عم اقفل يا عم، أنا مش عارف ايه إلى احنا فيه دة والله، أنا عارف انك بتتصل كل شوية عشان الأنتظار قاتلك، بس اديها وقتها زي ما اتفقنا، كفايه أنها مطلبتش تسيبك.
_ اه والله الحمدلله، أنا هقفل طيب ولما تحس نفسك زهقان اتصل بيا، و هبقى اكلم ابوك ييجي يدخلني.
استمع لسخرية ” مازن ” من وضعه ثم تمتم بوداع وهو يغلق، لقد كانت زوجته غائبة عنه لمدة أسبوع وشعر ” علي ” بمحنته وحزنه بحديثه، ولكن كان ذلك للأفضل لأنه كان يتغير لأجلها
استمع لحركة خلفه ثم جلست والدته على الكرسي الذي أمامه، نظر لها بتمعن وهو يبتسم ولازال لم يعتد بعد على رؤيتها، بينما تحدثت هي وهي تبدو شاردة :
_ حداشر سنة فاتت وانا في الاوضه دي!، ياه.
بالاسبوع المنصرم لم تتحدث أبدا عما حدث داخل منزل عمه، وتظاهرت بأن كل شئ طبيعي، لقد أخبره الطبيب أنها هكذا تحاول معالجة كل ما حدث، وكان ” علي ” صبوراً معها ولم يسألها أبدا بما حدث هناك، ويبدو أنها اكتفت من الصمت وهي تكمل :
_ عارف أنه عمره ما مد أيده عليا ؟، ولا حتى حاول يتحرش بيا وكان بيخليني ادخل استحمى و اقفل الباب عليا من جوا عادي، تعرف إني فكرت كتير اوي انتحر وانا جوا ؟
ارتجف ” علي ” فنظرت له بأبتسامة قائلة :
_ بالظبط، هو ده السبب اللى خلاني معملش كدة وجملة كانت بتردد في بالى وقتها عشان كدة منتحرتش، أنا كنت عارفه في مكان ما في عقلي أن السنين بتمر، وكان عندي يقين اكيد إني هرجع اشوفكوا تاني، وكنت اقعد اتخيل ازاي هتكون رد فعلكوا وهل هتكونوا نسيتوني ولا لأ، بس عارف كان في إيه في بالى كمان ؟
_ ايه؟
سألها ” علي ” وهو يستمع لحديثها بتمعن، كانت أخيراً قد تحدثت ولم يكن يرغب بأن يجعلها تصمت أبدا، بينما أكملت هي وهي تنظر ليديها الموضوعه بحجرها قائلة بحزن :
_ ان كان في بالى كمان اني هقابل ” عماد ” تاني، كانت فكرة أنه ممكن الاقيه كمل حياته من غيري واتجوز بتقتلني، بس كنت اقول لا أنا واثقه في حبنا، مستحيل يعمل فيا كدة حتى لو كان فاكرني متت.
أنا مكنتش لسه عارفه استوعب إني شوفته أصلا وهو بيطلع في الروح، ودة اللى خلاني عاوزه اهرب يا ” علي “، اهرب من دماغي ومن أفكاري وابني اوهام واعيش عليها.
1
مد يده وهو يمسك بيدها ويضغط عليها بدعم، ثم تحدث بفخر يظهر بمقلتيه :
_ أنتِ اقوى ست أنا شوفتها يا ماما، استحملتي كتير اوي أنا عارف، بس الحمدلله في الآخر وصلتي لينا.
اومئت برأسها ثم نظرت له بأمل وهي تسأله:
_ هنروح نشوف ” عماد ” امتى ؟
تألم عندما عادت إلى ما كانت عليه، نهض وهو يتخذ قراره قائلاً :
_ دلوقتي، خلي ” جنة ” تساعدك في اللبس.
نهضت بحماس وهي تركض تجاه الغرفة التي تنام بها ” جنة ” ودلف ” علي ” غرفته وهو يبدل ملابسه، عندما اخرجت ” جنة ” والدته من الغرفة نظرت له بتردد، فتمتم ” علي ” وهو يأخذ يد والدته ويخرج من المنزل :
_ لازم يا ” جنة “.
اومئت له شقيقته بقلق، ولكنه لم يكن سيهتم لأن هذه الخطوة قد تم تأجليها، ربما حينما ترى ذلك سيعود عقلها وستعرف أين والده بالظبط، قام بادخالها لسيارته وهو ينطلق، أخذ منه الطريق نصف ساعة، توقف وهو ينظر أمامه للمقابر
اخذ والدته من يدها التي ارتجفت حالما رأت المكان الذي جلبها إليه، ونظرت له قائلة بتردد :
_ جايين هنا ليه يا حبيبي ؟.
_ جايين نشوف بابا.
شعر بجسدها يتيبس ولكنه لم يتوقف وهو يسحبها خلفه، حتى توقفوا أمام قبر ما، أشار للوحه المعلقة على القبر المكتوب بها
ـ عماد محمود الشامي ـ
2
سارت ” ياسمين” بأصابعها على اسم زوجها، رفعت انظارها ل ” علي ” وكأنها تترجاه ألا يفعل ذلك، لم تكن تريد أن يتذكر عقلها حقيقة أن زوجها لم يعد هنا، تماسك ” علي ” وهو يردف بينما يشير إلى القبر :
_ انا آسف بس أنتِ لازم تتقبلي أن بابا هنا يا ماما، أنه مش موجود وكل ما تطلبي تروحيلوا هيكون دة المكان اللى هجيبك فيه، هو اكيد حاسس دلوقتي إنك جتيلوا بعد حداشر سنه.
عندما جلست أرضا لم يمسك بها، بينما وضعت يدها على القبر وهي تصرخ ببكاء، وهي تتمتم بين بكاءها :
_ اه يا حبيبي، مسابنيش حتى امشي في جنازتك يا ” عماد “، مسابنيش احزن عليك، اخوك خد مني حياتي وأنت كنت كل حياتي، يارتنا مشينا من الدنيا سوا، يارتني كنت معاك دلوقتي يا حبيبي.
2
بكى ” علي ” وهو ينظر لها، وتركها تبكي وتخرج ما بقلبها لوالده، فسمعها تكمل :
_ حداشر سنة يا ” عماد ” حداشر سنه وانت بعيد عني، وحشتني أوي، أنا شوفتك يومها فاكر قولتلي إيه وأنت عارف انك خلاص هتموت ؟
‘ أنا هموت عشانك، وإنتِ عيشي عشاني يا حَبيّبه ‘
و اديني عايشه عشانك يا ” عماد “.
وضع ” علي ” يده على فمه يكتم شهقته، لقد كانت هذه الجملة التي أخبرته أنها تتردد ببالها كلما خطرت لها فكرة الانتحار، اولاها ظهره كي لا ترى انهياره، بينما مسحت هي دموعها وهذه المرة تحدثت بأبتسامة :
_ ” علي ” ربى ” جنة ” احسن تربية، تشوفها دلوقتي بنوته حافظة القرآن ولابسه الحجاب، جميلة اوي، وهو صحيح مبقاش مهندس زي ما إنت كنت عاوز، بس تشوفوا دلوقتي، عنده مطعم وبيحب الطبخ، واكله حلو اوي يا ” عماد “، احلى من اكلي كمان، ولادنا بخير يا حبيبي وفاكرينك، في كل مكان في الشقة اللى هما قاعدين فيها فيه صورة لينا، كنت بتقولي إنك بتربيهم التربية دي عشان لما تموت يقولوا الله يرحمك يا بابا و يدعولك من قلبهم، انت نجحت يا ” عماد “، نجحت يا حبيبي.
1
قبلت كف يدها وهي تضعه على القبر لتصل القبلة له، ثم نهضت وهي تقوم بتنفيض ملابسها، و تحدثت بأبتسامة مودعة قائلة :
_ هجيلك كتير، أنا همشي دلوقتي عشان هنزل أنا و ” جنة ” سوا عشان نجيب جهازها، صحيح هي مخطوبة لولد مجنون كدة بس بيحبها اوي، وابننا كمان كاتب كتابه على بنت زي القمر، ولادنا لقوا نصهم التاني زي ما أنا وأنت لقينا بعض بالظبط، ربنا يجمعني بيك على خير يا حب عمري.
3
تقدمت وهي تمسك ” علي ” من مرفقه، ومدت يدها وهي تزيل دموعه قائلة بحنان :
_ ” عماد ” هيكون زعلان لو فضلنا نعيط عليه كتير، مبقاش فيه عياط تاني، ماشي يا حبيب ماما ؟.
_ حاضر يا ماما.
ابتسمت بدموع وهي تعانقه، ثم نظرت للقبر للمرة الأخيرة وهي تسير مع ابنها تجاه سيارته،
لقد سجل عقلها أخيرا حقيقة أن زوجها قد مات الآن، ويجب عليها أن تعيش لأجله، ولأجل اطفالها الذين تربوا بدونها كل هذه المدة، أمامها الكثير لتقوم بتعويضه.
>>>>>>>>>><<<<<<<<<
_ اهلا باللى حاطين ورايا جاسوس.
تمتمت ” نور ” بحنق حالما فتحت الباب و وجدت ابناء عمومتها واقفون، دفعها ” دياب ” بأصبعه من رأسها وهو يدلف للداخل متحدثاً :
_ اوعي يا بت.
لقد سلمت على الفتيات بينما عندما جلسوا وضعت يدها بخصرها متشدقة بسخرية :
_ قال روحي يا ” نور ” احنا واثقين فيكي، وفي الآخر يبقى منصور ورايا في الرايحة والجاية، وكمان مش بابا اللى قايله دة انتوا ؟
اشارت بيدها على الثلاث رجال، بينما شهقت ” مهرة ” و ” يارا ” بتفاجئ فرفع ” عاصم ” يديه قائلاً بتذمر :
_ وانا مالى بقا دلوقتي ؟
_ والله ؟، عاوز تقولي انك مكنتش تعرف ؟.
سألته ” نور ” بسخرية فتحدث ” زيدان ” هذه المره بلا مبالاة قائلا :
_ هدي نفسك، ابوكي مكنش هيوافق غير بكده، وبعدين مش فاهم متضايقه ليه؟، دة كان عشان سلامتك ملهاش علاقة بالثقة.
فتحت فمها لتعارض فأوقفها ” دياب ” قائلاً :
_ ” نور ” متقاوحيش في الغلط، إنتِ عارفه أن مكنش فيه أب هيرضى يخليكي تعيشي لوحدك إلا لو كان ضامن سلامتك مية في المية، و منصور مكنش حشري يعني هو كان بيقف قدام العيادة عشان يشوف شكل الى بيجي وهل فيه حد كدة ولا كدة ولا لأ، وبعدين ثانية مش من ساعة ما خطفنا ” علي ” وإنتِ عارفة على موضوع منصور دة ؟، ” علي ” كان فاكره واحد بيراقبك أصلا
توقفت قليلاً وهي تتذكر، ولكنها بعد ذلك نفت برأسها قائلة:
_ ” علي ” مقاليش، أنا كنت فاكره أن حد منكوا هو اللى كان هنا و شاف ” علي ” وبعتوا منصور يجيبه
_ إيه الغباء دة، قال دكتوره قال.
تمتم ” عاصم” بسخرية فأمسكت بوسادة بجانبها وهي تلقيها عليه، امسكتها ” يارا ” قبل أن تصيبه لأنها تجلس بجانبه، فأبتسم بحب وهو يدفعها بمرفقه قائلا :
_ عليا النعمة مزتي.
صفعه ” زيدان ” فتأوه بألم بينما انفلتت الضحكات حولهم، شردت ” نور ” فتمتمت ” مهرة ” وهي تضع يدها على ركبتها قائلة :
_ اكيد مش جيبانا هنا عشان موضوع منصور، فيه حاجه تاني يا ” نور ” مش كدة ؟.
عندما اومئت برأسها بتردد انتبهوا جميعاً وهم ينظرون لها، فهمست وهي تنظر بينهم :
_ ساعدوني اقنع بابا نتجوز أنا و ” علي “.
4
>>>>>>>>>><<<<<<<<<
السلام عليكم
- لقراءة باقي فوصل الرواية أضغط على (رواية ايروتومانيا هوس العشق)