روايات

رواية ايروتومانيا هوس العشق الفصل التاسع عشر 19 بقلم شاهيناز محمد

رواية ايروتومانيا هوس العشق الفصل التاسع عشر 19 بقلم شاهيناز محمد

 

البارت التاسع عشر

 

كُن قوياً، كما اعتدتُ عليك دوماً،
لازال أمامنا الكثير، الكثير مما حلمنا به ولم نفعله،

لم تتزوج مَن احببتها بعد، لم أراك وأنت تصل إلى أكثر ما تمنيت،
دونك ستضيق الدنيا خناقها حولي،
ولن استطيع محاربتها بعد الآن، لازال أمامنا الكثير،
لم يحن الأوان لرحيلك، فقط تماسك،
أرجوك تماسك لأجلي.

_ من دياب إلى زيدان.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

ذلك الإحساس الذي يأتيك دون سبب، وكأن قلبك ينغُزك بسبب اقتراب حدث سيؤلمك، لا يجب عليك أبدا أن تتجاهل الإشارات التي يحاول قلبك إعطاؤها لك، لأن بمعظم الأوقات يكون احساسنا الغير منطقي صادقاً.

_ اقعد يا ” علي “.

اردف ” عثمان ” وهو يجلس على كرسي المكتب الخاص بوالد ” مهرة” وجلس أمامه ” علي ” و ” دياب “، كان ” علي ” متوترا ولا يعرف كيف يبدأ حديثه، فنظر ل ” دياب ” طالباً المساندة ولكنه رفع كتفيه وهو يتجاهله،
تنحنح ” علي ” وهو ينظر ل ” عثمان “، وبدأ حديثه بهدوء قائلاً :

_ اعتقد أن ” دياب ” قال لحضرتك انا جاي ليه.

اومئ ” عثمان ” برأسه وهو ينظر ل ” علي ” بنظرات ثاقبة، ثم سأله بهدوء :

_ عرفت بتي ازاي ؟.

تململ ” علي ” بجلسته، فهمس ” دياب ” قائلاً :

_ عمي مش بيعض.

_ أقعد ساكت.

بادله ” علي ” الهمس ثم عاد بأنظاره وهو يجيب على سؤاله قائلاً :

_ الدكتورة ” نور ” تبقى صاحبة أختي ” جنة “، شوفتها مرة وانا رايح مع ” جنة ” تكشف على قطتها، أعجبت بيها وأخلاقها وبعد تلت شهور قررت اتكلم مع حضرتك.

_ يعني مكلمتش بتي الأول ؟، مكنش فيه بينكوا حاجة ؟

حك ” علي ” رأسه بحرج، ولكنه أخبره الحقيقه قائلاً :

_ بصراحة أنا حاولت الطف يعني بس هي كانت بتصدني، أنا آسف بس كنت عاوز اعرف قبل ما ادخل البيت هنا هي موافقه عليا ولا لا، بس هي قالتلى أن لو حضرتك شوفت اني مناسب هتسألها بنفسك و وقتها هعرف اجابتها.

شعر بالرجل وكأنه ينفخ صدره بفخر، والتمعت عيناه بحب لابنته الوحيدة، صمت وهو يراقب ” علي ” مما جعله يمد يده وهو يرفع نظارته فوق جسر انفه، كان سيتحدث ولكن أخيراً ” عثمان ” تحدث أخيراً وهو لازال ناظراً له :

قد يعجبك أيضاً
سُمُّ عَسَلِكَ لَعْنَةٌ بقلم zahra-egy
سُمُّ عَسَلِكَ لَعْنَةٌ
348K
17.5K
تسلّلَت أنفاسُكِ من لفائفِ الكَتْم، كعطرٍ مسمومٍ من معبدٍ منسي، يا من نُقشَ اسمُكِ على تابوتِ الغواية، أنتِ قبلةُ رع، لكنّ خلفَ عينيكِ تَكمُنُ أنيابُ أنوبيس. أراكِ… لا…
أليف الروح بقلم MariamMahmoud457
أليف الروح
603K
34.5K
شعور أحمد خالد توفيق عندما قال &quot;معني الصداقه الحقيقية أن أراك جديراً بأن أئتمنك على جزء من كرامتي&quot;. يقولون تألف الروح بمن تُحب، من الممكن أن يكون المُحب صديقاً…
الموروث نصل حاد بقلم Asawr_Hussein22
الموروث نصل حاد
17.3M
1M
إرثٌ عظيم .. مُلكٌ أتى من غَير تَرميـم طريقٌ مظلم ومُعتم نهايتهُ غَـريم قَـرار مُدمر ، تصرفاتٌ غير مدروسة بتنظيـم نَظراتٌ حاسِدة ، أيادي مُتشابكة و باردة أسرار مكنونة…
عنقود محرم بقلم yakot1
عنقود محرم
585K
27.7K
حين تنضج المشاعر في غير موسمها و يُصبح الأقرب هو الأكثر بُعدًا، ينشأ حبٌّ لا يَغفره المنطق، ولا يَسمح به القدر . بين روابط العائلة وأسوار المحرمات، بين شاب أحبّها عُمرًا…
لحن الفجر بقلم Salmaa_Ebrahim
لحن الفجر
2.8K
110
ماذا لو كانت حياتك كلها مبنية على كذبة؟ رجل ظننته الأب الحامي، لم يكن سوى خاطف سرقك من عالم لم تعرف بوجوده. بين ألم الخيانة ورحلة البحث عن الحقيقة، تنسج الأحداث خيوط الغ…
هُويَّة منسيَّة. بقلم BasmaLa_Mohammad
هُويَّة منسيَّة.
359K
16.8K
هل يُمكن أن تُنسى هَويَّتك؟؟ هل يمكن أن تفقد جزء أنت منهُ وهو منكَ!؟؟ عندما تُكرِه كونَك أنت فـتُفقد هَويَّتك عن قصد، وتعيش قصة وحياة ليست بقصتك وليست بحياتك! وتُرغم أن…
ديجور الهوى/ كاملة بقلم FatmaSultan947
ديجور الهوى/ كاملة
1.2M
97.2K
لو كنت جلادًا على قلوب البشر وأفعالهم تأكد أن الأمر لن يُحتمل ولو كنت قديسًا بلا أخطاء تأكد أن المكان لن يُناسبك.. هنا نحتاج شخص قلبه لين حتى يغفر وكبير جدًا حتى يتحمل ه…
_ انت معندكش حد غير عمك صح ؟

اومئ ” علي ” برأسه وهمهم ” عثمان “، عندما كاد يتحدث مجدداً انطلق صوت هاتف ” دياب “، وبنفس الوقت هاتف ” عثمان “، تسارعت ضربات قلب ” دياب ” بقلق وهو يجيب والدته بينما ينظر إلى ” عثمان ” وهو يراقبه يجيب على هاتفه أيضاً واستمع لصراخ والدته و ” نور ” بنفس الوقت :

_ الحق ” زيدان ” يا ولدي.

_ بابا الحق ” زيدان “.

انتفض” دياب ” و ” عثمان ” وهم يركضون للخارج، لم يكن ” علي ” يفهم شئ ولكنه ركض خلفهم،
كان كل ما يريده ” دياب ” هو الوصول سريعًا لأبن عمه، وتمنى بتلك اللحظة لو يسطتيع الركض اسرع من ذلك.

…………..

أستيقظ المنزل بأكمله من صوت إطلاق النار، وكأن جميعهم كانوا يعلمون من أين أتى فأتجهوا ركضاً إلى غرفة ” زيدان “،
لم يأبه أحد ل ” مهرة ” وهم يصطدمون بها أثناء مرورهم بجانبها

وامسكت ” سمية ” هاتفها وهي تتصل بأبنها، بينما حدثت ” نور ” والدها، وكان ” عاصم ” و ” يارا ” يأتون ركضاً لأنهم كانوا يجلسون سوياً خلف المنزل كالمعتاد،

وقفت ” مهرة ” خارج الغرفة بجمود ثم رأت ” دياب” يصعد السلالم ركضا وحينما وقعت أنظاره عليها نظر للسلاح الذي يتدلى من يدها وهو يتحدث بصوت خافت :

_ قوليلي إنك معملتليش كدة، استحلفك بالله قوليلي إنك مكسرتيش ضهري

سقطت دمعة من عيناها ولم تجيبه، وقد أعطاه صمتها الإجابة التي كان يخشاها، لأول مره رأت كيف انكسر وجهه و استولى الحزن على ملامحه، اكمل صعوده للسلالم ببطئ و كأن قدمه لم تعد تستطع حمله، مدركاً بألم أن المرأة الوحيدة التي أحبها ربما تكن سلبت منه للتو شقيقه، واعز أصدقائه،
تعثر بطريقه وكاد يسقط من فكرة خسارته ل ” زيدان ” فشهقت وهي تمد يدها وكأنها ستمسك به، بينما نظر لها بإزدراء وللمرة الأولى نظرة ” دياب ” العاشقة تحولت إلى شئ اسوء بكثير و وقف أمامها قائلاً وهو يشير بيده لباب غرفة ” زيدان ” :

_ اللى جوا دا عكازي وسندي في الدنيا، وإنتِ كُنتِ روحي.

توقف وسقطت دمعة من عينه إصابتها بالدهشة، فأكمل حديثه بينما لازال ناظراً لها بألم :

_ لا منك سبتيني اعيش، ولا منك سبتيني اتسند

ثم تركها واقفة مكانها وهو يدلف لغرفة ابن عمه، شقيقه وصديقه الذي لطالما أحبه، الذي سانده بكل وقت، كان ” زيدان ” الذي جلس ” دياب ” بجانبه ليال يسرد له كم يحبها وكم يريدها، كان ” زيدان ” من واساه دائماً مخبرا إياه إنها بالتأكيد ستصبح له، لقد بكى على كتفه لأول مرة بحياته خوفاً من ألا يطالها، والآن نفس المرأة جعلته يبكي ولكن هذه المرة جعلته يبكي على صديقه وعلى حبه الذي كان يذهب للمكان الخطأ

كانوا جميعهم يلتفون حوله، فأقترب ” دياب ” وهو يزيلهم من طريقه، كل ما يريده هو رؤيته، كان يتأوه وهو يضع يده مكان إصابته، وكانت الرصاصة بصدره ولم يستطع ” دياب ” تحديد هل هي تجاه قلبه ام لا، وسمع ” يارا ” تصرخ باكية :

_ اوعاك يا ” زيدان “، مش هقدر اعيش من غيرك.

تواصلت عين ” دياب ” بأعين ” زيدان ” الذي حاول الابتسام ولكنه لم يستطع، دفعهم ” دياب ” وهو يردف :

_ متخافش، أنا جيت، هتبقى كويس هنروح المستشفى دلوقتي وهتبقى كويس.

مد يده أسفل جسده، وكان يريد حمله ولكنه شعر وكأن هموم الدنيا تثقل كاهله، فلم يستطع كتم دموعه أكثر من ذلك وهو ينظر ل ” عاصم ” قائلاً بنبرة باكية لأن الذي اعتاد دائماً على حمله مزاحاً، الآن لم يستطع حتى تحريكه :

_ شيله معايا يا ” عاصم “، مش قادر.

كان ” عاصم ” يمسك ب ” يارا ” الباكية، فتركها بهدوء وهو يساعد شقيقه على حمل ” زيدان “، كان الجميع بحالة من الفوضى، واصوات صراخ النساء تؤلم أذنه، ولكنه لم يستطع ازاله عيناه من جسد ابن عمه، وظل يردد بهمس :

_ يارب يارب ” زيدان ” لا يارب.

تساقطت دموعه بغزاره عندما شهق ” زيدان ” بألم، شعر وكأن المسافه لا تنتهي، وكأنه لن يستطيع الخروج به حتى من المنزل، ولكن أخيراً خرج من الباب و وجد سيارة تقف لم يكن يعلم لمن تنتمي ولكنه لم يهتم وهو يدخل ” زيدان ” بالمقعد الخلفى بمساعدة ” عاصم “، وصعد بجانبه بينما ” عاصم” ركض وهو يزيح السائق لمقعد الراكب ليتولى هو القيادة كي يصلوا بسرعة، وسمع ” نور ” تعطيه قماشة من النافذة قائلة بسرعة :

_ الجرح في صدره يا ” دياب “، اضغط بالمقاشة دي كويس أنا حطيت عليها فازلين كتير عشان تمنع اي هوا يدخل الجرح، احنا هنيجي وراكوا.

اومئ لها بلهفة وهو يأخذ القماشة منها و ضغط بها على جرح ” زيدان ” الذي تأوه بألم، فقبله ” دياب ” من رأسه قائلاً :

_ سلامتك من الاه يا حبيبي، سلامتك يا نور عيني.

_ ولاد عم ” نور ” يا ” مازن ” روح بس معلش وانا هاجي معاهم وراك.

رأى صديقة ” نور ” تحدث الرجل الذي أتى بالسيارة، لم يعطيه ” عاصم ” الفرصة للإجابة عليها حتى وهو ينطلق سريعاً، لحسن حظهم أن المشفى كانت تبعد عن المنزل أقل من نصف ساعة، أسند ” دياب” جبينه على جبين ” زيدان ” وهو يهمس له :

_ اوعى يا ” زيدان “، اوعى تسيبني مش هقدر اعيش من غيرك يا حبيبي، مش هقدر اعيش وانا اللى جايبلك موتك لحد عندك، بالله عليك يا ” زيدان “.

اومئ ” زيدان ” برأسه وكان يريد التحدث ولكن الألم بصدره كان لا يطاق، فلم يستطع سوى الهمس قائلاً:

_ فيه نار قايده فيا، مكنتش اعرف ان دة إحساس الرصاصة.

_ حقك على عيني، يارتني كنت أنا، يارتني كنت أنا وأنت لأ يا حبيبي.

كانت دموعه تتساقط وهو لأول مره يبكي لتلك الدرجة، عندما شهق ” زيدان ” وأعمق عيناه انتابه الهلع وهو يردف :

_ ” زيدان”، فتح عينك متقفلهاش.

لم يجيبه فصرخ ” عاصم ” وهو ينظر من مرآة السيارة :

_ في اي يا ” دياب “، متخلهوش يغمى عليه، كلمه قولو أي حاجة.

اومئ ” دياب ” له وهو يقوم بصفع ” زيدان ” بخفة على وجهه، فافتح عيناه بتعب، تنهد ” دياب ” براحة، ثم سمع صوت الرجل الذي معهم وهو يلتفت بجسده وينظر له قائلاً :

_ اضغط على الجرح كويس، الجرح اللى في الصدر لازم ميدخلش هوا، غلط جداً خصوصاً لو لقدر الله كانت الرصاصة في إحدى الرئتين، دة اللى هيفرق معاه.

_ لو دوست جامد، هتوجعوا.

تحدث ” دياب ” بهمس وهو ينظر ليده التي تضغط القماشة على الجرح، وقد امتلأت بالدماء، فمد ” مازن ” يده وهو يزيل يد ” دياب ” قائلاً :

_ طيب بعد اذنك.

ثم ضغط بقوة مما جعل ” زيدان ” يصرخ ألمًا، فنظر له ” دياب ” بغضب وهو يصرخ به قائلاً :

_ براحة عليه.

لم يجيبه ” مازن “، لقد كان يفعل ما هو ضروري فقط، أعاد ” دياب ” نظره ل ” زيدان ” والتقط نظراته وهو يتحدث قائلاً :

_ فاكر ياض لما قولنا أننا لما نتجوز هنستنى ونروح شهر عسلنا مع بعض في باريس؟، مش كان حلمك تشوف برج إيفل وتعمل زيه هنا في مصر؟

ابتسم ” زيدان ” واومئ برأسه، فأكمل ” دياب ” وهو يمد يده ويمشط خصلات ” زيدان ” للخلف كي لا تسقط على عينه وتضايقه :

_ يبقى هنعمل كدة سوا، مش لست هنعمل شركة مع بعض والواد ” عاصم ” معانا و نسميها DAZ، مش انت اللى اخترت الاسم دة؟،

اغمض عيناه باكياً، ورأى دمعة تسقط من عين ” زيدان “، فتحدث مجدداً بحشرجة :

_ مش هينفع تمشي يا ” زيدان “، مش هينفع تسبني وانا من غيرك والله العظيم ولا اسوى، أنا من غيرك هتوه يا ” زيدان “، مش هلاقي حد يمسك بأيدي، بالله خليك معايا.

قاطع حديثه عندما أخيراً وصلوا إلى المشفى وكان ” عاصم ” قد حدثهم ليستعدوا أمام الباب، حالما توقفوا بالسيارة انطلق فريق من الممرضين بسرير متحرك، امسك اربعه منهم بأطراف ” زيدان ” وهم يحملوه بحذر ويضعوه على السرير، وتحدثت واحده منهم قائلة وهم يسحبوه للداخل :

_ جهاز التنفس يكون جاهز بسرعة، أعتقد أنه بيواجه صعوبه في التنفس بسبب الرصاصة.

نظر ” دياب ” بهلع له وهو يحاول استنشاق أنفاسه، وكانت عيناه غائمة وكأنه اصبح لا يدري بما حوله، عندما ادخلوه الغرفة كان سيدخل خلفهم ولكن واحدة منهم أوقفته قائلة بأسف :

_ مش هينفع حضرتك تدخل.

_ اعملوا كل اللازم يا دكتورة، أنا مقدرش اعيش من غيره.

اومئت الطبيبة له وهي تغلق الباب خلفها، و وقف ” دياب ” وهو يستند برأسه على الزجاج وينظر للداخل، كان يتمنى أن يكون هو، ولم يستطع أبدا التخلص من الشعور بالذنب، لقد كان يشعر أن هناك شيئاً سيحدث، لم يكن يريد أن يتركه ويذهب، لو آمن بشعوره لكان ” زيدان ” لازال معافى،

_ ” عاصم “، فين ” زيدان ” ؟.

صرخت ” يارا ” وهي تقترب، وكانوا جميعاً قد أتوا، أمسكت ” يارا ” ” عاصم ” من يديه وهي تتحدث ببكاء :

_ طمني يا ” عاصم “، كان عايش لما وصلتوا صح!

اومئ لها وهو يمد يده ويزيل دموعها، وتحدث بحنان وهو ينظر لها قائلاً :

_ اه يا حبيبتي وكان مفتح عينه كمان، مكملش عشر دقايق جوا، أنا متأكد هيخرج كويس.

_ ولو مخرجش!، هعمل ايه من غيره يا ” عاصم “!، دة ابويا قبل ما يكون اخويا، هعيش ازاي هعيش ازاي.

اخذها وهو يجلسها بهدوء، وقرفص أمامها وهو يضم يدها بين يديه رادفاً :

_ ششش، هيخرج يا حبيبتي، ادعي بس و بطلي عياط، دة فال وحش على فكره.

اومئت له صامتة، فنهض وجلس بجانبها ولم يترك يدها أبداً.

كانت ” جنة ” تقف بجانب شقيقها و ” نور “، وكانت تبكي بشدة لدرجة أن ” علي ” كان يريد سؤالها لماذا هي حزينة لتلك الدرجة، ولكن ” نور ” همست له :

_ بعدين يا ” علي “.

اومئ لها وهو يصمت، ونظر لها يراقبها، كانت الدموع تتساقط على وجنتيها ولكنها لم تصرخ أو تصدر صوتاً، وقد رأها بكل ثقة وهم بالسيارة تمسك بوجه شقيقة ” زيدان ” قائلة :

_ ” زيدان ” مش هيموت، سمعاني يا ” يارا ” ؟.

لقد وقع بحبها مجدداً، وفكر إلى متى سيظل يقع لها كلما رآها،
حول نظره بعيداً عنها كي لا يرى والدها ويجعله يتحسس من ناحيته، و وقف بجانبهم بهدوء فقط يشاركهم حزنهم وقلقهم

ساعد ” عثمان ” والدة ” زيدان ” على الجلوس وجلس بجانبها، وكانت تبكي ولكن بهدوء، لقد كانت دائماً امرأة قوية غير صاخبة، لقد تركوا ” سمية ” بالمنزل، وقد ذهب ” حمدان ” ليخبر الشرطة ألا يتدخلوا بالأمر،
جلسوا جميعاً منتظرين، ولم يتحرك ” دياب ” من مكانه أبدا.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

_ ممكن تقوليلي بقا إيه كل دة يا هانم؟، يعني ايه اجي اخدك الاقي واحد مقتول في البيت اللى مفروض حضرتك قاعده فيه بقالك أربع أيام ؟.

تحدث ” مازن ” بحدة وهو يمسك ” بلقيس ” من ذراعها، وكان بعيداً عنهم لدرجة كافية كي لا يستمعوا لحديثهم، سحبت يدها من قبضته بحدة وهي تجيبه :

_ اولا ان شاءالله مش مقتول، دول أهل صحبتي ” نور “، وكانت الدنيا كويسة جدا الأيام اللى فاتت وفيه افراح و هيصة، وشك انت اللى فقر.
1

تمعنت بالنظر بوجهه، كان تحت عيناه اسود اللون وملامحه مرهقة، فرقت ملامحها وهي تردف :

_ انت مكنتش بتنام ولا إيه ؟.

وكأنه تذكر الشئ الأساسي الآن، نظر لها من أعلى لأسفل ليتأكد أنها آمنة، وعندما اطمئن أدرك كم اشتاق لها، نظر حوله ولم يكن هناك من يطالعهم، فقام بسحبها من يدها لأحضانه، توتر جسدها وهمست بخجل وهي تحاول دفعه بعيداً عنها :

_ عيب يا ” مازن “، احنا في مستشفى.

شد يده على جسدها وهو يعانقها بقوة أكثر، قائلا بهمس :

_ ششش، أنا كنت خلاص هتجنن، مش مصدق إنك قدامي و كويسه، كل ما أفكر أن كان ممكن يجرالك حاجة ابقى مش عارف أنام، أنا مغمضتليش عين يا ” بلقيس “، متعمليش كدة تاني
6

رغماً عنها أغمضت عيناها وهي تقبل عناقه، ورفعت ذراعيها تحاوط رقبته فتنهد بين ثنايا عنقها، لقد كاد يجن بتلك الأيام، وكان كل يوم يسير بلا هدى وكأنه سيراها تظهر من العدم، فكرة إصابتها بأي شئ وهي بعيدة عنه كانت قاتلة، ولكنها اخيراً أصبحت بين يديه مرة أخرى، وهذه المرة سيتخذ إجراءاته حتى إذا اختفت مجدداً يجدها دون انتظار إشارة هاتفها، ابتعدت عنه ثم تحدثت بخجل وكان وجهها أحمر اللون قائلة :

_ خلاص بقا.

أبتسم ومدّ يده وهو يردف :

_ طيب يا ” بلقلس ” امسكي ايدي ويلا نمشي.
2

لم تكن تريد الذهاب سوى عندما تطمئن على قريب صديقتها، لقد أحبتهم جميعاً بالإيام التي قضتها هنا، وتذكرت أيضاً أنها لا تريد أن تميل إلى ” مازن ” بهذه السرعة، فأجابته بعناد قائلة :

_ اسمي ” بلقيس ” يا ” مازن ” إيه ” بلقلس” دي!، مادد إيدك ليه مش همسكها.

اقترب منها خطوة فتراجعت مثلها، ومدّ يده أكثر قائلاً وهو ينظر داخل عيناها :

_ مادد ايدي عشان نفسي اطول القمر.

حاولت إخفاء بسمتها ولكنها لم تستطع، فمدت يدها بخجل وهي تمسك بيده قائلة وهي تنظر بعيداً عنه :

_ بس بقا يا ” مازن “، مش هينفع نمشي دلوقتي لازم نتطمن على ” زيدان ” الأول

شد قبضته على يدها عندما شعر بالغيرة، وهمس من بين التحام أسنانه قائلاً :

_ ويطلع مين ” زيدان ” بقا إلى حضرتك لازم تتطمني عليه دة!، وبعدين قوليلي يا ست الهانم يا محترمة إيه مقعدك في بيت مليان رجالة مش من محارمك كدة من غير كمان ما جوزك يكون عارف، هو دة اللى ربنا آمرك بيه!

سحبت يدها من يده، وقد شعرت بالغضب بسبب محاسبته لها بعد ما فعله، فأقتربت منه كي لا يستمع احد لحديثها الغاضب وهي تردف :

_ والله يا استاذ أنا محترمة غصب عنك، اول حاجه البيت مكنش فيه حد غير ستات بس و ” زيدان ” عشان لازم يكون فيه راجل موجود وكان على طول في اوضته أصلا وباقي الرجاله كانوا في بيت تاني، تاني حاجة لو الاستاذ جوزي كان احترم نفسه ومكلمنيش بالطريقة دي او قالى أن أنا مؤقته في حياته مكنتش سيبت بيتي بعد يومين جواز، قبل ما تبص على اللى ربنا أمرني بيه ياريت تبص على أمرك إنت بيه.

ثم ربطت على صدره بحدة وهي تكمل حديثها :

_ أنا هروح اقف مع صحبتي عشان اتطمن على ابن عمها الراجل الجدع المحترم.

ثم تركته واقفاً يحترق من الغضب وهي تذهب تجاه ” نور “، استنشق بهدوء وهو يحاول تهدئة نفسه، عندما يفيق ذلك الشخص سيأخذها معه للمنزل، وحينها سيتحدثون مطولاً عن كل شئ.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

يترواح ألم الفقد على حسب نوعه، فعندما يتركك شخص ما بإرادته تجد القدرة فيما بعد على الشفاء، لأنه بالتأكيد لا يستحق الحزن عليه، فتعيش حياتك دونه لأنك تعلم إنه في مكان ما يعيش أيضاً دونك، ولكن الفقد بسبب الموت!
يكون الأكثر إيلامًا، لأن الحياة انتزعت منك فجأة شخصاً كان يعني لك اكثر من أي شئ، فتجد نفسك جالساً لا تعلم أين تذهب، يضيق العالم حولك لأنك تعلم بقرارة نفسك أنه لم يعد بأي مكان، لن تكون لديك القدرة على نسيانه أبدا، لأنه ترّسخ داخل عقلك، ولأنك تعرف إنه ان تم تخيّره فلن يتركك أبدا.

مرت الساعات، ولم يخرج أحد ليتحدث معهم، فقط يأخذون عدة أشياء ثم يعودون للداخل، عندما خرج الطبيب أخيراً كان ” دياب ” اول من ركض تجاهه سائلاً بلهفة :

_ بالله عليك يا دكتور قولي أي حاجه دلوقتي.

تنهد الطبيب بأرهاق قائلاً بسرعة لأن الوقت ليس في صالحه :

_ أنا خرجت الرصاصة فيه إصابة في رئة من الرئتين قربت من القلب بس الحمدلله مصابتهوش، بس الهوا اللى دخل من مكان الجرح للصدر سببله حاجة اسمها – استرواح الصدر التوتري ـ ودة يعتبر حالة طارئة، لأن الهواء يتجمع في الجنبة مع كل شهيق هو بياخده وبيؤدي لـ ارتفاع الضغط في الصدر إلى انزياح المنصف عن الرئة المصابة يضغط على الأوعية الدموية الصدرية، لازم دلوقتي اقدر أخرج الهواء الخارجي اللى اتجمع جوه صدره، ادعولوا.

ثم ربط على كتف ” دياب ” بهدوء وعاد للداخل مجدداً عندما أتت الممرضة وهي تحمل إبرة رفيعة للغايه، اغمض ” دياب ” عيناه، وعندما شعر بوجود ” عاصم ” بجانبه همس :

_ هي ليه عملت كدة يا ” عاصم “!، دة أنا فضلت كتير اقولها ” زيدان ” بالنسبة ليا إيه ؟، طب أنا هروح فين واجي منين لو حصله حاجه بسببها؟، بسبب البنت الوحيدة اللى أنا حبيتها، تخيل إني أنا اللى جبتله الموت بأيدي، يارتني ما حبيتها، يارتني ما شوفتها.

تساقطت دموعه ولم يستطع ” عاصم ” الحديث، لا يعلم حتى ما الذي يجب قوله بتلك اللحظة، لقد كان ” زيدان ” دائماً أغلى شخص بالعائلة، كان يساند الجميع وكان الجميع يحبه أكثر من أي شئ، كل ما يأمله أن يعود بخير، لأن شقيقه لن يستطع التخطي أبدا.

أراح ” دياب ” جبهته على زجاج الغرفة التي كان ” زيدان ” بداخلها مجدداً، لازال عقله يبنض وهو لا يدري حتى بالصراخ والبكاء حوله، كل ما يريده هو خروج الطبيب من الداخل مرة أخرى ويخبره أن أكثر شخص كان يحبه بحياته بصحه جيدة، كانت أفكاره تهاجمه وهو يتذكر كل شئ، كل لحظاتهم، كل كلمات ” زيدان ” التي كانت صديقة له في لياليه الصعبة،

لكن صوت واحد انتشله من زوبعة افكاره، فحوّل رأسه وهو ينظر لها، كيف لديها الجرأة حتى بالقدوم إلى هنا ؟، كان يرى الأحمر ولم يرى أمامه سوى الدماء التي تساقطت من ” زيدان “، كانت تخبر والدتها بشئ ما ولكن والدتها كانت تنظر أمامها بصمت، عندما اقترب بسرعة نظرت له بأعين حزينة مليئة بالدموع وهي تردف بلهفة :

_ قولي إنت يا ” دياب “، هو أخويا ؟، أخويا ازاي!

عندما وصل لها امسكها من فكها وهو يسحبها تجاهه، صرخت والدتها وهي تحاول الاقتراب ولكن نظرة منه جمدها بمكانها، أعاد أنظاره ل ” مهرة ” التي كانت تنظر له بفزع، وربما لم تراه بكل هذا الغضب من قبل، قرّب وجهه من أذنها هامساً :

_ إنتِ تختفي دلوقتي من قدامي، مشوفكيش غير لما ” زيدان ” يكون كويس، اقعدي ادعي، ادعي يا ” مهرة ” عشان وديني وما أعبُد لو ” زيدان ” مخرجش هجبلك جهنم لحد عندك

ثم نظر داخل عيناها، كانت نظراته تضيئ بضوء مرعب وهو يكمل فحيحه :

_ فاكرة لما قولتلك أن ” زيدان ” محافظ على الجانب الطيب مني؟، لو مبقاش فيه ” زيدان “، شيطاني هيظهر، وقتها هقضي على كل نسل ال ” مهران ” معادا إنتِ، هسيبك عايشة حياتك متحسرة وندمانة كل يوم اكتر من اليوم اللى قبله.

ثم افلتها وهو يدفعها عنه بحدة ونظر ليده بأشمئزاز وكأنه كان يقرف من لمسها، التفت ليذهب للوقوف مكانه مجدداً
المها تحوله وازداد سقوط دموعها، و عندما حاولت الاقتراب منه مرة أخرى، اقتربت ” يارا ” منها صارخة :

_ ليكي عين تيجي؟، إزاي عندك الجرأة تيجي لحد هنا؟، جاية تشوفيه مات ولا لا يا ” مهرة ” ؟، جاية تكملي على أخويا يا ” مهرة ”

امسك ” عاصم ” بيد ” يارا ” وهو يحاول منعها من الاقتراب أكثر، وكان الشرر يتطاير من عيناها تجاه ” مهرة “، ولكنها سقطت أرضاً بينما تكمل صراخها باكية :

_ ازاي هان عليكي، إزاي هان عليكي، دة ” زيدان ” يا ” مهرة “، ” زيدان” أخويا، إزاي هونت عليكي، دة أنا كنت فكراكي بقيتي صحبتي، ازاي هونت عليكي تحرميني منه بعد ما عمك حرمني من أبويا، هعمل إيه لو جراله حاجه؟، هعمل إيه من غير نور عيوني قوليلي هعمل إيه
الله لا يسامحك، الله لا يسامحك.

لم تستطع ” مهرة ” الصمود وهي تنفي برأسها باكية وتراقب انهيار ” يارا “، نظرت حولها وكان الجميع لا ينظر بأتجاهها، حتى والدتها أدارت وجهها عندما حاولت مقابلة عيناها، وضعت يدها على فمها وهي تركض خارج المشفى باكية، لأنها لتوها ربما تكون قامت بتخريب كل شئ.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

مرّت ساعتين اخرين، وعندما تأخر الطبيب بالداخل كانوا جميعاً بحالة من الفوضى، خرجت ” نور ” تجلس بحديقة المشفى عندما شعرت بالاختناق، ثم شعرت بشخص يجلس بجانبها ومن رائحته كانت تعلم إنه ” علي “، لم يتحدث وكانت شاكرة إنه يواسيها بصمته، فتحدثت وهي تنظر أمامها بخفوت قائلة :

_ ” زيدان ” أكبر واحد فينا، شخصية الأب بتاعتنا، كل ما نكون مش عارفين ناخد قرار بنروح ل ” زيدان “، كل ما نبقى نفسنا نعمل حاجة بنروح ل ” زيدان “،

تساقطت دموعها واستنشقت مُكملة :

_ كان حلمي اكون دكتورة بيطرية، ولما مجموعي كان جايب علاج طبيعي كلهم قعدوا يقنعوني اخش وان دة افضل، ” زيدان ” اللى كلم بابا واقنعه واقنعهم كلهم يخلوني اعمل اللى أن عاوزاه مش اللى هما شايفينه أحسن،
و هو اللى خلاهم يخلوني ادرس في القاهرة، وكمان لما حبيت اشتغل هناك وأكمل هناك قالى كملي واتكلم هو و ” دياب ” مع بابا لحد ما اقنعوه.

مدت يدها وهي تمسح دموعها، ونظرت ل ” علي ” بأعين فائضة قائلة :

_ ” دياب ” هيضيع من غيره، ” زيدان ” بالنسبه ليه اغلى مننا كلنا، مبيروحوش مكان من غير بعض مش بيعملوا حاجة من غير بعض، العيلة كلها مش هتبقى زي الأول خالص لو ” زيدان ” جراله حاجة، اعمل إيه يا ” علي “، لو جراله حاجة هنعديها إزاي ؟

كان ينظر لها مُتمعناً بطريقة حديثها وحزنها، منبهراً بمدى جمالها حتى في أقصى درجات حزنها، كان يريد طمئنتها، لذا تحدث بهدوء :

_ مش هيجراله حاجه يا ” نور “، ولو لقدر الله حصل حاجه انتوا سوا هتقدروا تعدوها، يمكن الوقت مش هيبقى كفاية أنه ينسيكوا، بس أكيد هيكون كفاية إنه يشفي الجرح، وبعدين اي رأيك بلاش نفكر في الوحش؟، وخلى عندك يقين بالله أنه أكيد هيرجعلكوا ” زيدان “.

اومئت برأسها وهي تنظر أمامها مجدداً، ثم نهضت قائلة :

_ يلا نخش نشوف حصل إيه

نهض وسار بجانبها، وقد اعجبه مدى صغر حجمها بجانبه، لم يقل انبهاره بها أبدا على مدار تلك السنوات، وتعجب من كيفية النظر لها كل مرة بنفس الطريقة المُحبة،

عندما وصلوا للداخل وجدوا الطبيب يخرج، فركضت ” نور ” بسرعة وتجمعوا حوله وهو يردف :

_ الحمدلله قدرنا نخرج الهوا اللى دخل، فيه رئة متضررة ولكنها أن شاءالله مش هتأثر على حياته بعدين لأن التانية سليمة تماماً، خيطنا الجرح ودلوقتي لازم نستنى من اربع لـ ست ساعات عشان يفوق أن شاءالله، حمدالله على سلامته.
1

تنهدوا جميعاً بأرتياح، بينما سجد ” دياب ” وكانوا يستمعون لصوته وهو يردف بنبرة باكية :

_ الف حمد وشكر ليك يارب، الحمدلله، الحمدلله.

نهض و عانقه ” عاصم ” وهو يصرخ به قائلاً :

_ قولتلك، قولتلك ” زيدان ” قدها.

اومئ له ” دياب ” بسعادة، واقترب ” مازن ” منهم وهو يمد يده ل ” دياب ” قائلاً :

_ أنا ” مازن عزيز الدين “، زوج ” بلقيس “، حمدالله على سلامة ابن عمك، مضطر دلوقتي اخد مراتي وامشي، محتاج حاجة ؟

قبل ” دياب ” مصافحته و وضع يده على كتفه وهو يشكره قائلاً :

_ لولاك مكناش هنوصل المستشفى، لو محتاج أي حاجه ياريت تبقى عارف اني موجود.

اومئ له ” مازن ” واقترب من ” بلقيس ” وهو يراها تودع صديقتها قائلة :

_ حمدالله على سلامته يا ” نور “، تابعي معايا كدة لما يفوق ماشي، مكنتش عاوزه امشي والله بس ” مازن ” متعفرت.

_ أنا سامعك.
5

تمتم من خلفها، فألقت عليه نظره ولم تعيره اهتمام وهي تعانق ” نور ” و ” يارا “، ثم سارت أمامه ولم تحدثه، امال رأسه تجاه ” نور ” وهو يذهب خلف زوجته، عندما وصلوا لسيارته فتح باب الراكب وهو يضع يده كي لا تصطدم رأسها كعادته، فأبتسمت دون أن يراها وهي تجلس، بينما التف هو وهو يركب بمقعده، وعندما أغلق الباب خلفه نظر للمقعد الخلفى قائلاً :

_ حلو، جيت اخد مراتي هرجع بيتي وانا كنبة العربية بتاعتي مليانه دم.

_ بطل برطمة، عشان اللى عملته يتحطلك في ميزان حسناتك.

لم يجيبها وهو ينظر أمامه ويقوم بتشغيل السيارة، عندما اراحت جسدها على الكرسي رأى أنها مرهقة، فمد يده وهو يريح الكرسي للخلف قائلاً :

_ الطريق طويل أوي وشكلك مرهق، نامي شوية.

اومئت له وهي تتثائب، وسرعان ما سقطت في النوم، وجد نفسه كل دقيقه ينظر لها، و قد هدأ قلبه وعقله لأنها سالمة، سالمة وبجانبه.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

كانت ” جنة ” واقفة بعيدة نسبياً عن رؤيتهم، وهي تبكي فرحاً بسبب حديث الطبيب الأخير، وظلت تدعو بداخلها أن يفيق قريباً وتعود صحته، تمنت لو لم تقم بحظره أو جعله حزيناً بسببها، تمنت لو أخبرته حالما رأته إنها عرفته من صوته ولون عيناه كما عرفها، كانت تخشى أن يكن الأوان قد فات بالنسبة لهم،
فاقت من شرودها على شخص يسحبها من يدها لأحضانه، وفورا تعرفت على حضن شقيقها، الحضن الذي لطالما بكيت به منذ أن كانت صغيرة، فتركت العنان لدموعها وخوفها من فقدانه يتسرب معها، وبكت بصوت خافت وهي تكتم شهقاتها بصدر ” علي “، تركها تبكي على راحتها، ثم همس بأذنها سائلاً بهدوء :

_ إنتِ بقالك هنا اربع أيام، حبتيه بسرعة كدة ؟، ومتنكريش مفيش واحده هتعيط كدة غير على واحد بتحبه.

كان محقاً، ولو بررت أن بكاءها ذاك لم يكن بسبب حبها ل ” زيدان ” لن يصدقها، كان يعرفها من بريق عيناها، رفعت انظارها إليه وهي تهمس بصوت مبحوح اثر بكاءها :

_ هقولك لما نروح، بس يفوق الأول ماشي ؟.

تنهد وهو يومئ برأسه، بكل الاحوال لم يكن سيستطيع الذهاب لأنه من المحتمل أن يكون جزءًا من هذه العائلة وكان متفائلاً من حديثه مع والد ” نور “، لذا يجب عليه أن يتصرف بنضج ويبقى، حول أنظاره وهو يجد ” نور ” جالسه بينما رأسها مائل للخلف ويبدو أنها نائمة، فتحدث ل ” جنة ” قائلاً :

_ روحي اقعدي جنبها وخليها تريح راسها على كتفك عشان رقبتها هتوجعها.

لو كان الموقف مختلف لكانت ضايقته شقيقته إلى مالا نهاية، ولكنها اومئت برأسها بصمت ربما لأنها أيضا تحتاج إلى الجلوس، وراقبها وهي تمسك برأس ” نور ” لتضعها على كتفها، فتنهد براحة وهو يريح رأسه للخلف، يتمنى أن تكون الأمور بخير، لأنه كاد يصل لها، وعندما يهدأ كل شئ سيعيد الحديث مع والدها، لن يستسلم حتى تكون له.

………….

_ أنا اللى هدخل الأول

تمتم ” دياب ” عندما أخبرهم الطبيب أن ” زيدان ” قد استيقظ، وأنه مسموح لواحد منهم فقط أن يكون معه في الغرفة، لم يناقشه أحد وهم يعلمون أن ” زيدان ” سيكون لديه نفس الرغبة في رؤية ” دياب ” اولا،

تنهد ” دياب ” وهو يفتح الباب ويدخل بهدوء، ولكنه توقف وهو يُطالع جسد ” زيدان ” الموصل بالاسلاك، وألمه رؤية شئ يشبه الخرطوم وهو يوضع داخل صدره، عادت الدموع لعيناه مجدداً وهو لا يصدق أن من يراه الآن هو الرجل الذي ظل يبكي الساعات الفائته من فكرة خسارته،

رفع ” زيدان ” يده بإرهاق ينادي على ” دياب “، فأقترب منه بخطوات مترددة، ثم وقف بجانب سريره وهو يردف بصوت خافت :

_ متتكلمش، حمدالله على سلامتك.

رأى ” زيدان ” كيف كان ينظر بكل مكان سواه، فأزال قناع التنفس الذي يوضع ليساعده على أخذ أنفاسه وهو يردف بصوت متحشرج اثر عدم حديثه لوقت طويل :

_ لو سكت اكتر من كدة صوتي هيصدي.

عندما واجه صعوبه بالتنفس وضع القناع مجدداً، ولم يستطع ” دياب ” الصمود أكثر وارتفعت شهقاته الباكية، بينما جلس على الكرسي الذي بجانب السرير ومد يده وهو يمسك بيد ” زيدان ” قائلاً :

_ أنا آسف، أنا اللى جيبتها وانا اللى صممت اشوف الخير فيها رغم الشر اللى كنت بشوفوا في عينها وكرهها ليك، مكنتش هقدر أسامح نفسي لو كان جرالك حاجه وانا جايبلك موتك لحد عندك، سامحني

وأغمض عيناه وهو يكمل حديثه الذي لن يستطع الحديث به سوى مع ” زيدان ” الذي اعتاد دائماً على سماعه :

_ بس انا بحبها اوي يا ” زيدان “، مش عارف هي مرض ولا إدمان ولا إيه أنا ليه معرفتش انساها السنين دي كلها!، لا وكنت بعاند كمان رغم الطار اللى بينا وبصلي قيام الليل الحداشر ركعة وكل ركعة بدعي فيها أنها تكون من نصيبي،
وفي الاخر تعمل كدة ؟، انت عارف اني قعدت اقولها أنا بحبك قد إيه!، قولتلها قد إيه انت الشخص الوحيد الى بتخليني كويس
انا مكنتش هقدر اعيش من غيرك يا ” زيدان “، مكنتش هقدر.

ثم استنشق وهو يمد يده ليزيل دموعه، لقد بكى عليها بما يكفي، لقد بكى على حبه بما يكفي، لذا كان دورها الآن، تحولت نظراته وهو ينظر ل ” زيدان ” قائلاً :

_ بس خلاص، هي مهمهاش حبي ولا همها كل اللى عملته عشانها، شافت مني وش واحد، دلوقتي هتشوف الوش التاني، هتدفع تمن رقدتك دي، هدوس على قلبي وهقسى عليها يا ” زيدان “.

كان يعتقد أنه سيؤيده بقراره، ولكن ” زيدان ” أزال القناع وهو يهمس :

_ انا عاوزك تجبلى حاجة الأول

_ اي حاجه يا حبيبي، كل اللى نفسك فيه.

ابتسم ” زيدان ” بأمتنان، وأكمل حديثه وهو يشد قبضته على يد ” دياب ” قائلاً :

_ عاوزك تجيب الدليل اللى يثبت أنها اختي زي ما أمها قالت، تحليل DNA يا ” دياب “.

ونظرة التصميم التي كانت تعتري وجهه أخبرت ” دياب ” أنه كان يريد أن يعلم ذلك أكثر من أي شئ، على الرغم من أن ” دياب ” يعتقد أنه من المستحيل أن تكون ” مهرة ” مترابطة بالدماء معهم إلا أنه اومئ برأسه، وكان سينظر بكل شئ بنفسه.

>>>>>>>>>><<<<<<<<<

أخيرا 😭😂

كنت حاسه البارت مش راضي يخلص بجد كل ما اخلصه تحصل حاجه تعطلني

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى