رواية الطفلة والوحش الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم نورا السنباطي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية الطفلة والوحش الفصل السابع والثلاثون 37 بقلم نورا السنباطي
البارت السابع والثلاثون
كان أحمد واقف بيتفرج عليهم من بعيد وهو بيدعي ربنا إنو يسامحه علي أغلاطه ويهدي ولاده لبعضهم ومسح دموعه ونزل تحت
بعد ساعتين كان الكل متجمع في غرفه الصالون والقصر مليان بهجه وفرح وسعادة كبيييرة وأخيرا الفرح دق باب بيتهم كان البنات كلهم مجتمعين حوالين آرين وبيصورها للذكري ويزن هيطرشق من الغيرة ورعد بيغلس عليه ويغازل في آرين ويزن يضربه والكل يضحك عليهم والشباب كلهم قاعدين علي الأرض وأليكس في وسطهم اللي حس أخيرا بجو العيله وفرحان ب إهتمام أمه بيه وكل شويه تديله حاجه ياكلها مره تفاح مره عنب وغيرو واحمد قاعد بيراقب عيلته اللي إشتقلها كتيييير ومرفت جنبه وحاطط دراعه علي كتفها زي زمان وفهد قاعد بس مش معاهم كان ماسك التلفون وبيقرأ رسايل أروي المجنونه وبيضحك عليها ورعد لحظات بتيجي صورة نور في دماغه ولسانها اللي أطول منها ويامن كل شويه يغمز ل ندي ويوترها وذياد عينه علي طفلته الشقية اللي مطلعه عينه وإبتسم علي طفولتها اللي بيعشقها وعز حاسس ب إحساس غرييب تجاه ليليان ومش فاهم هو عاوز إي وبيضايق أوي لما بتهزر مع ذياد او رعد وفهد ولؤي قاعد معاهم بس الندم بياكل فيه ودور كتير علي روان ومش لاقيها وفقد الأمل إنو يشوفها تاني وقلبه كل يوم يبكي من الندم .. وأيمن قاعد مع رؤوف بيتكلم معاه في الشغل كالعادة وريڤان بيفكر في صاحبه الشعر الأسود اللي أسرت قلبه من أول نظرة وعايز يقول ل يزن إنها موجودة في الجناح الفردي ومحبسهاش في المخزن زي مقال بس خاف مشاعرة تنكشف ل أخوه وهو عارف إنو يزن بيعرفهم من غمضة عين وماري قاعدة مع البنات وكل شوية تبص ل أليكس وهيا حاسه ي إحساس غرييب تجاهه وإنجذاب كبيير ناحيته وأبتسمت بسخرية علي مشاعرها … وطبعا أوعو تنسو عصاافير الكناريا لينا وريان اللي في شهر العسل وعايشين أحلي أيام حياتهم وريان كان حنين عليها بطريقه جميله أوووي وعايشن في حب
★ بس يتري إي رد فعل لينا لما تعرف اللي أبوها عمله …؟
أيمن بهدوء ـ يزن إنت لحد دلوقتي مقولتش لينا انت كنت فين المده دي كلها وخبر موتك المزيف انا لحد دلوقتي مش فاهم حاجه
الكل إنتبه وركز علي يزن اللي تنهد بهدوء وقال هقولكم كل حاجه
ـ يومها انا نطيت من العربية وقعت في الغابة وكنت حرفيا بمو*ت ومش لاقي النفس وقولت خلاص دي أخر لحظاتي في الدنيا بس كنت متمسك في خيط أمل إسمه آرين كنت بجاهد علي قد مقدر إني مقعش عشان آرين .. عشان آرين كانت محتجالي ومينفعش أسيبها .. بس مقدرتش وأغمي عليا من التعب وكنت نز*فت دم كتير أوي وكنت في منطقة مقطوعة وكان صعب حد يوصلي فوقت والجو كان بيمطر بقوة كبيرة كانه بيقولي فوق ده مش وقت ضعف خالص .. سمعت صوت نفس غريب جنبي بس الدنيا كانت ضلمة جامد ومكنتش شايف حاجه ومكنتش قادر أتحرك حتي سمعت صوت خطوات رجلين بتقرب مني ببطي بس دي مش خطوات رجل بني آدم لا دي في كل خطوه صوتين .. عرفت إنه حيو*ان مفت*رس وكان لازم أهرب قلعت القميص بتاعي كان كله د*م ورميته عشان ميتبعش ريحه الد*م وحاولت أهرب بس هو كان أسرع مني
يزن بتنهيدة طويلة وكأنه بيسترجع لحظة الموت
ـ حاولت أهرب، بس كل خطوة كنت باخدها كان جسمي بيصرخ من الألم…
الحيوان كان ورايا، كنت سامع أنفاسه، قريبة… قريبة جدًا
وقفت، جسمي خاني… وقعت على الأرض
وقلت خلاص… دي نهايتي
بس فجأة،
صوت طل*قة نا*ر شق سكون الغابة…
وبعدين صوت تاني… أقرب وأعلى
وبعدين نور… نور قوي جدًا جه في وشي
وملحقتهوش…
لقيت نفسي في مكان دافي، فوق سرير، جسمي كله متضمّد
ورجل كبير في السن واقف جنبي بيبتسم، وقاللي
ـ “أنت كنت بين الحياة والمو*ت… بس ربنا كاتبلك عمر تاني
يزن وهو بيكمل كلامه بنبرة فيها امتنان: ـ الراجل اللي أنقذني كان اسمه الشيخ سالم… راجل عايش في أطراف الغابة في كوخ صغير شبه اللي بنشوفه في الحكايات، بس كان مختلف… كان هادي، وكأن عنده علم كبير بكل حاجة بتحصل.
فضلت عنده فترة… يمكن أسبوعين أو أكتر… مقدرتش أتحرك في الأول، بس هو كان بيهتم بيا كأني ابنه.
كل يوم كان يحكيلي عن الصبر، عن الابتلاء، عن النجاة اللي بتتولد من جُرح.
وسألني مرة سؤال عمري ما هنساه…
يسكت يزن لحظة، الكل منتظر، عيونهم كلها عليه، حتى اللي كانوا بيضحكوا من شوية، بقوا في قمة التركيز.
ـ سألني: “لو قدرت تنجو… هتعيش لنفسك، ولا لغيرك؟”
ينظر لريڤان، لصدره، لآرين، ويكمل: ـ وقتها عرفت إن ربنا مارجعنيش علشان أكمّل حياتي زي ما كانت… رجعني علشان أخلص اللي بدأته… وأحمي اللي بحبهم.
أيمن يسأله: ـ طب ولما فوقت؟ عرفت ترجع إزاي؟
يزن بابتسامة خفيفة: ـ الشيخ سالم كان عنده راديو قديم بيسمع بيه الأخبار… في يوم لقيته داخل عليا بيقولي:
“فيه شخص كان فاكرينك ميت… اسمه أليكس، كان بيدور عليك، وبيدي أوصافك بالضبط.”
عرفت ساعتها إن أليكس هو اللي كان بيقود الرجالة اللي في الغابة… وكنت سامع عن تحركاتهم من كلام الشيخ مع الناس اللي بيزوروهم.
قررت أروحله… بس مش كده وخلاص، كنت محتاج أخليه يثق فيا، وده اللي حصل.
ريڤان بتنهيدة: ـ يعني أنت وأليكس كنتم متفقين من الأول؟!
ـ مش من الأول… لكن من اللحظة اللي شافني فيها واتفاجئ بوشي اللي شبهه، عرفت إن في حاجة مش مفهومة. هو كمان كان تايه… بس اللي فرق، إني كنت متصالح مع خوفي، وهو كان مأسور فيه.
ساعدته يعرف الحقيقة، ووقتها قررنا نلعبها صح…
أنا هختفي… والجميع هيصدق إني مت… ووقتها نعرف نوقع اللي ورا كل المصايب دي.
مرفت بصوت مكسور: ـ وإحنا؟ إحنا اللي عشنا وجع مو*تك؟!
يقوم يزن ويمسك إيدها: ـ كنت بمو*ت وأنا بعيد عنكم… بس دي كانت الطريقة الوحيدة إني أرجع وأنتقم من اللي عاوز يدمّر عيلتنا، ومن محمد اللي خلانا نعيش في كدبة طول عمرنا.
رعد: ـ بس إزاي قدرتوا توصلوا لأحمد الصياد؟!
يزن بحزم: ـ أليكس هو اللي كان معاه الخيط. دايمي كانت مليانة أسرار، ومع الوقت، بدأنا نربط الخيوط… وساعدنا شخص من جوه التنظيم…
واحد عمركم ما تتوقعوه…
يسكت يزن، يغمض عينه لحظة وكأن الكلام تقيل على قلبه، ثم يفتحها ويقول:
ـ جمال.
الكل بيشهق…
رواية الطفلة والوحش
الفصل السادس والثلاثون
بقلمي نورا مرزوق
فهد: ـ إيه؟! جمال؟!
يزن: ـ أيوه… كان مزروع جواهم من سنين، لكن لما شاف اللي بيحصل، قرر يتواصل معانا ويساعد… هو اللي دلنا على المكان اللي محبوس فيه بابا، وكان له دور كبير جدًا في تهريبه.
أحمد الصياد اللي كان ساكت طول الوقت اتكلم بصوت مبحوح: ـ جمال ده… دفع تمن خيانته ليهم بحياته… هو اللي خلاني أخرج للنور تاني، وكنت بشوف في عينيه ندم عمره ما اتقال بكلام.
يسود الصمت لحظة، الكل بيتأثر بالكلام، وفجأة ريڤان يتنهد بصوت مسموع:
ـ أنا لازم أقولك حاجه يا يزن…
البنت اللي كانت معانا يومها في القصر مش محبوسة في المخزن ، هي دلوقتي في الجناح الفردي فوق عندنا… اسمها أليس
يزن بمكر ـ أليس؟!
ريڤان بتوتر ـ إحم ..أيوة علي فكره هيا ملهاش ذنب في حاجه
أليكس بإبتسامة ـ فعلا أليس علطول كانت بتعترض علي شغلنا هيا ملهاش ذنب في حاجه
يزن بخبث ـ،إمممم ماشي خلوها تمشي
ريڤان بتسرع ـ لا خليها .. اا قصدي يعني أكيد الشبكة هتكون بتدور عليها دلوقتي يعني
ينظر يزن لريڤان، وابتسامة فخر صغيرة ترتسم على وجهه: ـ طلعت رجّالة يا ريڤان… أهو القدر فعلاً بيخلق الأخوّة من المواقف.
مارڤت تهمس: ـ يا رب نجينا كلنا على خير
—
عدى يومين، بس في حاجات وجودها بيخلّي الوقت ما يعديش.…
آرين.
البنت اللي بقت في عيون الكل قطعة نور وسطهم،
واللي حبها، واللي اتعلّق بيها، واللي ندم إنه أذاها،
لكن أكترهم، كان يزن.
كل اللي حواليها شايفينها تعبانة شويتين، لكن يزن شايف أكتر…
شايف وجع مخبوء ورا ابتسامة،
شايف خوف مكسوف من العيون،
وشايف قلب بيرتعش كل مرة يبعد عنها لحظة.
كان ليل ونهار معاها.
حتى لما تسكت، يسألها:
ـ “تعبانة؟ جعانة؟ بردانة؟ فيه حاجة وجعاكي؟”
آرين كانت تضحك وهي ترد:
ـ “كل ده في وقت واحد؟”
يرد بهدوء، وعينيه فيها غيرة من الهوى والنسمة: ـ “طول ما أنا جنبك… مش هسيب حاجة تقربلك.”
والنهاردة… كان يوم بهجة في القصر.
الكل متجمع على صوت الزغاريد اللي طلعت من أول بوابة القصر،
لينا وريان رجعوا من شهر العسل.
أول ما العربية دخلت، البنات كلهم جريوا على الباب،
كلهم بحجابهم اللي نور وشوشهم،
ملوّن، بسيط، أنيق،
بس كان في بينهم واحدة باينة…
لينا.
وشها متغير، منور، ومكسوف، بس فيه راحة جديدة ماكنتش موجودة قبل كده.
نزلت من العربية جنب ريان، اللي كان ماسك شنطتين، ووشه مبتسم كأنه لسه راجع من الجنة.
أول ما دخلوا، ريڤان صرخ وهو بيجري عليهم: ـ “رجعوا العصافير أخيرًااااااا!”
ريان فتح إيديه وهو بيضحك: ـ “مين اشتاقلي؟”
مارڤت قربت من لينا، حضنتها بقلب أم حقيقي: ـ “نورتي بيتك يا بنتي، ومبروك من قلبي.”
لينا همست بخجل وهي بتبص ليها: ـ وحشتوني أوي
آرين نزلت على السلالم بهدوء،
لابسة طرحة قطن بسيطة، بلوزة طويلة، ووشها شاحب شوية،
بس ابتسامتها كانت بتكمل الصورة اللي القلب يحب يشوفها.
أول ما لينا شافتها، جريت عليها، حضنتها بقوة، وقالت: ـ “كنتي في قلبي طول الوقت… دعيتلك في كل صلاة.”
آرين بصوت هادي: ـ “دعوتك وصلت… ورجعت بيها.”
ريان قرب منهم، وبص ليزن وقال: ـ “عاوز أتكلم معاك بعدين، بس دلوقتي… أنا مشغول مع القمر ده.”
آرين بصت ليه بصدمة:
ـ “قصدك لينا؟”
ـ “آه طبعًا، هو في قمر تاني في القصر؟!”
ـ يزن تدخل وهو بيشد ريان من دراعه وبيقوله: ـ “حاسب… الكلام ده ليه صاحبة، ودي بتغير من الهوا!”
ضحك الكل، ولينا وشها احمر، وغطت وشها بشيلتها وهي بتقول: ـ “كفاية بقى…”
**
في الجنينة، البنات كانوا قاعدين حوالين آرين، بيهزروا، وكلهم لابسين ملابس واسعة وأنيقة،
الضحك مالي المكان، وسيرة ربنا دايمًا بتتقال على اللسان،
مرة يدعوا لبعض، مرة يفتكروا اللي فات،
بس الأجمل… إنهم كانوا بيتكلموا عن الحجاب،
وإزاي كل واحدة منهم وصلت له،
ومين كانت أكتر لحظة حست فيها إن ستر ربنا أجمل من أي زينة.
ماري كانت ساكتة شوية، لكن عيونها بتراقب أليكس من بعيد،
ولما ليليان قالتلها: ـ “مالك يا ماري؟!”
قالت بابتسامة خفيفة: ـ “مش عارفة… بس حاسة بحاجة غريبة ناحيته، حاجة مش مفهومة.”
**
أما جوه القصر، رعد كان بيرمي نكت على فهد، ويامن بيهزر مع ريان
وعز كل شوية يبص على ليليان لما تضحك مع أي حد… يتقلب وشه
**
بعد العصر، الكل كان قاعد، والسكينة نزلت على القصر،
لينا بدأت تلاحظ إن في حاجة مش طبيعية.
سألت مرفت بهدوء: ـ “هو في إيه؟ أنا حاسة إن في حاجة مكتومة كده. ..وبابا فين ”
مرفت بصت ليزن، وقالت: ـ “قولها يا يزن… هي لازم تعرف.”
يزن بص لها، بعينه اللي فيها وجع السنين، وقال: ـ “أبوكِ… مش هو اللي فاكراه،
وكل اللي حصل وأنا غايب… محتاج يتقال،
بس يا ريت تسمعيني للآخر.”
لينا بصت له، وقلبها دق بقوة،
كانت حاسة… إن في حاجة كبيرة جاية،
ويمكن مش هتقدر تستوعبها من أول مرة.
لكنها قالت بصوت واثق: ـ “أنا جاهزة أسمع.”
في الصالون الكبير، الجو كان هادي بشكل مريب،
الكل قاعد، وساكت… مستني يزن يتكلم.
ولينا، وسطهم، بتبص حواليها، حاسة إن في حاجة كبيرة بتتخبّى ورا العيون.
يزن خد نفس عميق، وقال بصوت مفيهوش أي رتوش:
ـ “أبوكِ يا لينا… هو محمد الصياد،
اللي خطف أبويا…
حبسه سنين وهو فاقد وعيه،
زوّر موت أخويا التاني أليكس،
وكذب على الكل،
وكان جزء من تنظيم اسمه لاميا…
سبب في خطف آرين…
وخلّاني أمو*ت وأنا حي.”
الصمت خيّم…
كأن القصر كله وقف يتنفس،
كأن حتى العصافير على الشجر سكتت.
لينا قعدت لحظة عينيها متسمّرة في الأرض،
كأن الكلام دخل دماغها، بس قلبها رافض يصدّق.
ـ “إنت… بتقول إيه؟”
ـ “بقولك الحقيقة…
الراجل اللي كنتي شايفاه قدوة… كان واحد من اللي دمرونا.”
بدأت عيونها تلمع…
بس الدموع متحبسة، زي قنبلة موقوتة.
قامت من مكانها، خطوة… اتنين…
ثم فجأة…
انهارت.
قعدت على الأرض، وسندت ضهرها على الكنبة،
وحطت وشها في كفوفها،
وعيطت… عيطت بحرقة.
ـ “أنا آسفة…
أنا مش مصدقة إن اللي رباني وعلمّني… كان بيعمل فيكوا كده!
أنا كنت بدافع عنه…
وأنا مش عارفة…
مش عارفة أواجه نفسي حتى!
أنا آسفة يا آرين…
أنا آسفة يا يزن…
آسفة إني بنت محمد الصياد!!”
آرين قربت منها، دموعها نازلة، وحاولت تحضنها،
لكن لينا هزّت راسها وقالت بتنهيدة:
ـ “أنا مش بستاهل عيلتكوا…
أنا… أنا كنت فخورة بيه!
كنت بقول للناس إني بنت محمد الصياد!
وهو طلع… طلع…”
لكن صوت خطوات تقيلة قاطع انهيارها…
يزن كان قام، ومشي ناحيتها بخطوات ثابتة،
وقف قدامها، وركع على ركبته قدامها،
ومسك وشها اللي مليان دموع بإيده الكبيرة، ونظراته كلها حنان،
وقال بصوت هادي… لكن مليان وجع:
ـ “بصيلي يا لينا…”
رفعت عينيها ببطء…
وشها مبلول، وشفايفها بتترعش،
بس عنيها… كان فيها سؤال واحد:
“أنا ليّا مكان وسطكم؟”
ويزن جاوبها من غير ما تسأل:
ـ “إنتي قبل ما تكوني بنت عمي…
إنتي بنتي…
وأختي…
وحبيبتي الصغيرة…
ومهما عمل أبوكِ…
إنتي مفيش ذنبك.
اللي جوه قلبك… هو اللي بيحكم علينا، مش الدم.”
سكت لحظة، وبعدين فتح دراعه،
ولينا، بدون تفكير، اندفعت جواه،
حضنته بكل قوتها، وكأنها بتحضن أمان كانت فاقداه سنين.
وهو ضمّها لحضنه بقوة،
بحنان الأخ الكبير،
اللي بيشيل عن أخته ذنب مش ذنبها،
وبيمسح دمعها قبل ما تقع.
مارڤت كانت بتبكي وهي بتبص عليهم،
حتى ريان وقف، قرب من أخته، حط إيده على راسها، وقال:
ـ “أنا أخوكي قبل أي حاجة،
ولو كل الدنيا بصلّك بنص نظرة… أنا هشيلك فوق راسي.”
آرين مسحت دموعها، وقربت، وركعت جنبها، وهمست:
ـ “وإحنا لينا رب… ما بيحاسبش حد على غلط حد تاني،
فإحنا كمان… عمرنا ما نحكم عليكِ بذنب أبوكِ.”
ولينا… ماكنتش عارفة تقول إيه…
بس كانت بتحس لأول مرة… إنها محبوبة بصدق،
مش علشان هي بنت مين،
ولا من العيلة دي أو دي،
لكن علشانها هي… لينا.
**
وفي الوقت ده، كان أحمد الصياد واقف بعيد،
بيمسح دمعة نزلت من عينه،
وهو بيقول بهمس:
ـ “اللهم أدم عليهم رحمة القلوب… مش بس صلة الدم.”
**
# رواية الطفلة والوحش
الفصل السابع والثلاثون
بقلمي: نورا مرزوق
> عنوان الفصل: وأخيرًا… بقت حلالك يا مجنون! 💍❤️..
في الحديقة الخلفية لقصر الصياد، كانت الزينة بتتلألأ زي نجوم كتير نزلت من السما مخصوص علشان تنور الليلة دي…
الليلة اللي أخيرًا اتجمّع فيها القلبين اللي استنوا كتير، واتحملوا وجع أكتر…
الليلة اللي أخيرًا بقى فيها “ذياد” حلال “نادين”، وبقى “يامن” لِـ “ندى” مش حلم… بل واقع بيلبسها فيه خاتم وياخد بإيدها قدام الناس كلها.
كانت الموسيقى هادية، رومانسية، وأضواء الشموع بتترعش حوالين كل ترابيزة، كأنها بتفرح للعرايس.
الكل لبس أجمل حاجة، بس العيون؟ كلها على العرايس والعرايس بس…
كانت نادين بتقف قدام المراية، في أوضة التزيين الخاصة، ووشها مبلول دموع.
مش دموع حزن… لأ، دموع بنت أخيرًا حسّت إنها مش مطاردة، مش مكسورة…
دموع فرحة، وأمان، وإنها النهاردة هتتسلم لراجل شافها في أسوأ حالاتها… ومع ذلك… حبها أكتر.
ريڤان دخل عليها وقال بضحكة:
ــ إنتي ناوية تفرحي وإنتي بتعيّطي؟ دا يبان عياط فركشة مش زفاف!
نادين ضحكت وسط الدموع وقالت:
ــ مش مصدقة يا ريڤان… ذياد فعلاً… بقى جوزي؟ أنا مش بحلم؟
ريڤان قرب منها، ولبّسها الإسورة اللي كانت محضراها نادين لبنات الشرف، وقال لها:
ــ لا بتحلمي… بس حلم اتحقق يا نادين.
ذياد كان واقف قدام المراية، لابس بدلته السودا بس ملامحه مش مهيبة زي العادة…
كانت هادية… رومانسية… وكأن الوحش أخيرًا ارتاح.
عز الدين – دخل عليه وقال:
ــ مستعد؟
ذياد بصله وقال:
ــ أنا مستعد أحبها… كل يوم، لحد ما أموت.
—
كانت ندى واقفة جنب آرين، بتضحك وتعيّط في نفس الوقت.
آرين لبستها الطرحة بنفسها، وقالت لها:
ــ مين يصدق إن القطة اللي كانت علطول بتتخانق مع الفار … هتبقى عروستة النهاردة!
ندى قالت بصوت مبحوح من التأثر:
ــ بس أنا مكنتش هبقى هنا… من غيرك.
آرين مسحت دمعتها، وقالت:
ــ ويامن؟ عايزة تبقي ليه النهاردة؟
ندى بصت لنفسها في المراية، وقالت:
ــ علشان أبقى له… مراته.
—
يامن
واقف بعيد شوية في الجنينة، مش مصدق إن الليلة دي حقيقية.
“ندى” اللي خدت عقله… بقت النهاردة عروسته.
يضحك ريان وهو بيعدّلله البدلة:
ــ مالك؟ مش كنت بتقول لي لو مسكت إيديها هتهدى…؟ دا إنت هتمسك قلبها كله.
يامن قال بهمس:
ــ هي قلبي يا ريڤان… كله.
💐لحظة الدخول
الأنوار خفّت، والكل قام واقف.
صوت موسيقى هادئة، ظهرت نادين ممسكة في ذراع أحمد الصياد – بعد ما اتعافى – وهو بيبكي وهو بيقدّمها لذياد.
كان ذياد واقف، بيبص لها كأنها معجزة.
ثم دخلت ندى وهي شايلة في إيديها ورد أبيض ممسكه في زراع يزن ، ويامن بيستناها وهو بيهمس لنفسه:
ــ لو الدنيا كلها بتتوقف… فدي اللحظة اللي عايز أعيش فيها على طول.
يزن واقف جنب الشيخ، وعينه فيها دمعة وهو بيبص لأخوه ذياد، ولصاحبه يامن.
كل الاتنين دول كانوا مكسورين… والنهاردة، ربنا جبرهم.
الشيخ قال:
ــ زوجتك نفسي على كتاب الله وسنة رسوله.
ذياد رد بقلبه كله:
ــ وأنا قبلت.
—
المزيكا ضربت، البنات أول من قاموا يرقصوا!
ندى، لينا، نادين، أروي ..ليليان كلهم محجبين، وكلهم طايرين فرح.
ذياد سحب نادين وقال:
ــ تعالي نرقص لأول مرة… كجوزين.
يامن ضحك وقال:
ــ لأ أنا الأول! ندى قالت لو رقّصتها الأول هتديني مفاجأة!
ندى اتكسفت وقالت:
ــ يامن؟! بلاش قدام الناس!
بس هو شدها وقال:
ــ الناس؟ أنا شايفك إنتي بس.
كل بنت كانت بتحب… كانت الليلة دي بتصدق إن الحب ممكن يكون حقيقي
وسط الزينة اللي كانت بتلمع في كل ركن، والضحك العالي، والدبكة اللي شغّالة على أغنية مفرحة، وقف فهد الصياد على جنب القاعة وهو بيبص على أروى من بعيد.
كانت واقفة بتضحك مع ندى ونادين، عيونها بتبرق من الفرح، وطرحتها المنسدلة على شعرها الناعم مخليّاها كأنها ملاك وسط الزحام.
قلبه دق، لا… هو مش بس بيدق، ده بينادي، بيصرخ… عايز يصرّح، يعلن، يعترف.
فهد لمح الريّس واقف قريب، فراحله وقال بهدوء مليان رجاء:
ـ ممكن أستلف الميكروفون بس دقايق؟
يزن رفع حاجبه، بس لما شاف النظرة في عينه، ابتسم وهو بيهز رأسه:
ـ خُده… بس خلّي بالك من القلوب اللي هتولّع.
فهد طلع على المسرح، مسك الميكروفون، وسكت صوت الموسيقى تدريجيًا… العيون كلّها اتجهت ناحيته.
نفسه اتسحب قبل ما يتكلم، وابتسامته ماقدرتش تخبّي توتره:
ـ مساء الفرح… والقلوب اللي بتخفق…
بس قلبي أنا… كان بيخفق ليها من زمان.
كان بيشوفها وهي مش واخدة بالها… يسمع صوتها في الضحك، وفي الجد، وفي الصمت.
أروى…
العينين كلها بصت لأروى، اللي اتجمّدت في مكانها، عينيها بتترعش ووشّها إحمر.
فهد كمل، وصوته بدأ يرتعش هو كمان، بس بكبرياء المحارب اللي قرر يسلم سلاحه قدام الحب:
ـ أنا… فهد الصياد، الراجل اللي يمكن عمره ما قال لحد إنه بيخاف…
جيت النهارده أعترف قدام الدنيا كلها…
أنا بحبك… بحبك بجنون.
وبطلبك من ربنا قبل ما أطلبك من أهلك…
هنا نزل من على المسرح، ومشى بخطوات ثابتة ناحيتها… وسط دهشة المعازيم، وصرخات البنات، وتصفيق عالي بدأ يدوي.
وصل قدامها، وإنحنى على ركبة وحدة…
نعم، فهد الصياد… إنحنى، ومدّ العلبة اللي فيها خاتم بسيط بس راقي.
ـ تتجوزيني… وتخلي اسمي مربوط بيكي طول العمر؟
مش كـ زوج وزوجة بس… كـ سند ودفا وحب بيبدأ ومابيخلصش؟
أروى كانت بتعيط، عياط حقيقي، مش مصدقة… كانت إيديها على وشّها، ووشها كله إحمرار وسعادة مرعبة.
همست بصوت مخنوق وسط دموعها:
ـ فهد… أنا…
ـ قوليله “أيوه” يا بنتي قبل ما يدوّبنا كلنا!
ده صوت زياد بصوت عالي والكل ضحك.
أروى هزت راسها بسرعة وهي بتقول بصوت عالي:
ـ أيوه… أيوه يا فهد…!
فهد وقف، حط الخاتم في إيدها، وبعدين حضنها حضن بسيط… بس كانت فيه كل سنين الحرمان، وكل مشاعر الرجولة اللي بتخضع قدام أنثى واحدة بس… هي.
والمزيكا رجعت تشتغل… بس قلبهم كان بيغني وحده.
🌙 نهاية الليلة
نادين كانت في البلكونة، لبسة روب أبيض خفيف، وبتمسك وردة.
ذياد حضنها من ورا، وقال:
ــ عارفة؟ طول عمري بدور على وطن… لحد ما لقيته في حضنك.
نادين قالت:
ــ وأنا كنت دايمًا بخاف… بس إنت أول راجل يخليني أبطل خوف.
في أوضة تانية، ندى كانت قاعدة قدام يامن، بتضحك.
قال لها:
ــ عايزة نعيش إزاي؟
قالت:
ــ ببساطة… نضحك ونحب، ونشكر ربنا كل يوم إننا مشينا في الطريق الصح، وسبنا الطريق اللي كسرنا.
—
🎇 النهاية… وبداية
كانت ليلة حب، مش بس فرح.
كانت نهاية لوجع كتير… وبداية لحياة جديدة لناس اتعذبوا بما فيه الكفاية.
ويزن؟ كان بيبص من بعيد، وهو شايل آرين في حضنه، وبيقول لها:
ــ دول كانوا ضيّاع… وربنا جبرهم.
آرين قالت:
ــ وربنا هيجبر الكل… كل واحد قلبه لسه حي.
ييتبع
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية الطفلة والوحش)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)