رواية اجنبي مغرم الفصل الحادي عشر 11 بقلم الهام رأفت - The Last Line
روايات

رواية اجنبي مغرم الفصل الحادي عشر 11 بقلم الهام رأفت

رواية اجنبي مغرم الفصل الحادي عشر 11 بقلم الهام رأفت

 

البارت الحادي عشر

 

 

قابلت ما يفعله بصدرٍ رحب حتى وإن كان مُرغمًا عليه، ولم تفعل مثلما استهجنت زوجته السابقة حياته البسيطة، وارتضت بكل ما يقدمه لها بوجهها البشوش.
حيث على كورنيش النيل، جلست ورد على مقعد رخامي تنتظر حضوره حين توجّه لجلب مثلجات لها وبعض الحلوى التي طلبتها منه، وعندما رأته قادمًا نحوها ومعه المطلوب ابتسمت متهللة. دنا حُسين منها ثم ناولها كوب المثلجات أولًا، جلس في دعةٍ تعجّبت منها بعكس التأفف السابق تجاه وجوده معها، ثم نظرت له وقالت ممتنة:
-ميرسي يا سونة!
نظر لها بطرف عينيه على لقبها ذاك ولم يعلّق، فشرعت ورد في تناول المثلجات وهي تنظر له منتظرة أن يتحدث في شيء، لكن سكوته أثار فضولها وهو يشرب قهوته شاردًا، فسألته مهتمة:
-مش عاوز تقول حاجة يا حسين، حتى لو عن علاقتنا؟، قول عاوزة أسمعك!
انتبه لها تخاطبه فرد في هدوء:
-هتكلم في أيه، الموضوع بسيط وهيلخص دلوقتي أو بعدين!
هي بالفعل تشعر بما داخله من هموم، وذاك التردد في الارتباط بأخرى نابعًا من صدمته السابقة فيمن أحبها، وجاء سؤال مُلح يطاردها تريد الإفصاح عنه، وترددت كثيرًا في قوله، فدفعها عشقه له عليه، فسألته مترقبة:
-إنت جواك مافيش مشاعر ناحيتي لما ارتبطنا؟!، إحنا دلوقتي متجوزين!
نظراته نحوها غامضة ولم تستشف منها أي قبول أو رفض، سوى من كلامه تجاه الأمر، وهذا ما حدث حين قال ردًا لم يشبع فضولها:
-اللي هنقوله هنعيده، فترة وهتعدي.
اختنقت من رده الدائم عليها، ثم زفرت بقوة وهي تنظر للجانب الآخر مستمرة على مضض في تناول المثلجات، بينما لاحظ حسين ضيقها، وليست المرة الأولى التي يشعر بأنها تكن له الحُب والقبول، ولم ينكر أنه أحب ذلك، وحثته لطافتها ورقتها على التكملة، فمن مجنون يترك هكذا فتاة؟، وفكر كثيرًا في البقاء معها، لكن حين هاتفته والدتها ليلة أمس بطريقة غليظة لتمنع زواج ابنتها منه، جعله ينفض الفكرة تمامًا، فهو غير راغبٍ في المرور بمأساةٍ مرة أخرى، وتمنى لها الأفضل مع غيره، يمنحها في سخاءٍ ما تريـده.
وفي لحظة لم تكن على البال، انتبه الاثنان لـ منى برفقة زوجها تسير معه بالقُرب وهي تتأبط ذراعه، ودون تفكير التفتت ورد ناحيته لترى رد فعله، وليتها ما نظرت، فقد أحسّت بغِيرته رغم جموده، فأنفاسه العالية التي تخرج منه أعربت عن كل ما بداخله حين رآها، عشق ما زال موجود، وحينها أرادت صفعه، قتله، الصراخ لتوبيخه، وبصعوبة بالغة ضمرت ذلك وتابعت ما تفعله الأخيرة من دلال تجاه زوجها، وضحكها الصاخب الذي أثار قرفها، وأيقنت أنها تتعمد ذلك لتغضب حسين وها قد كان حين خاطبها بنبرة جافة:
-يلا نمشي يا ورد!
حدقت به بطلعة حانقة وهتفت:
-هنمشي ليه إحنا لسه واصلين، ولا خايف حد يشوفك معايا؟!
طلب حسين ذلك لعدم ضيقها هي من وجود طليقته، ولم يعتقد بأنها تفهمت الأمر بشكلٍ مغاير، فرد لينفي:
-لأ طبعًا، آ..
لم تمهله ورد الفرصة للكلام حتى نهضت وعليها انزعاج واضح، هتفت:
-يلا نمشي، أصلًا لما بكون معاك بحس بملل
نهض حسين مستاءً من ردها عليه، وعلم بأن تفكيرها محدود بظنها الخاطئ، ولينهي الوقوف كثيرًا هنا قال:
-تمام يلا!!
تحرك الاثنان تاركين المكان، وكانت أعين منى لهما بالمرصاد، فقد تعمّدت أثناء مرورها بسيارة زوجها حال رؤيتهما أن تنزل للمكان لتجعله يراها وتملأ قلبه غِيرة، لكن وجوده مع هذه الفتاة مزّق قلبها، خاصةً أنها للآن لم تتقبل زوجها بعكسه هو، رغم النعيــم الذي تسبح فيــه، وسيطر الندم عليها………..!!

*****
ادعى فشله في معرفة سبب نظراتها النارية نحوه بعدما وصلا الشقة، ووقف مكانه ينظر لها بمعالم وجه بريئة رسمها ببراعة، وتلك الهيئة جعلتها تتأكد بأنه أبله لا محالة، ولم تتحمله ككلٍ، فوبخته منفعلة:
-أنا تسيبني علشان الكفتة، يا طفس!
نطقت الكلمة الأخيرة مغلولة من وقاحته أمام الجميع، وسبحان من جعله هادئ وهو يستمع لها والضحكة المكتومة بداخله تتراقص لتخرج من وصفها له، فقال في عدم فهم تصنّعه:
-ماذا تقصدين، أنا تناولت الطعام مع الجميع
نظرة اشمئزاز طفحت من عينيها نحوه ومن وجهها أيضًا، بدت حالة الغضب تسيطر عليها، وهتفت:
-الناس كلت وشي من عمايلك، مش كفاية متجوزاك، تقوم تفضّل عليا الأكل، فضحتني!
ظل أدريان يستمع لها في وجوم رسمه، بينما تحركت شهد لمنتصف الصالة وهي ترفع ثوب زفافها نافرة من النظر إليه، فتعقّبها أدريان بنظراته، ولم يعرف لما هو هكذا أمامها، غير قادرٍ على ردعها أو تأديبها على طريقة كلامها معه بكلمة واحدة، ولكنه تمهّل بعد فالوقت غير مناسب. انتبه لها تخاطبه متأففة وكأنها تبحث عن شيء ما حولها:
-فين الأوضة بتاعتي!
أشار بيده على غرفة ما، فقالت وهي تسير صوبها:
-هغيّر الزفت ده وراجعة!
لم ينطق بحرف، فقط يتابع دخولها الغرفة، وحين أغلقت الباب عنّف نفسه:
-ما بك أيها الغبي، هل سوف تسمح لها بإهانتك هكذا!
ثم تحرك ليجلس في الصالون غير راضٍ بالمرة، وأخذ يفكر في ماذا سيفعل معها، وأجزم أنه سوف يستغل وجودها في إغضابها وتأديبها على لسانها السليط معه بالأخص.
مرت خمس دقائق فقط وهو جالس هكذا حتى خرجت، وتلقائيًا وجّه بصره نحوها، وانتبه لهيئتها بالكامل، فقد كانت ترتدي جلباب مناسب لطولها الفارع، ملائم لانحناءات جسدها، وذاك الغطاء التي وضعته على رأسها لتخفي شعرها، وعلى الرغم من بساطة ما ترتديه جذبته بشكلٍ كبير وشعور غريب تملك منه حين بقيت معه. لاحظت شهد نظراته نحوها فازدادت يقينًا بأنه معجب بها منذ أول مرة رآها، ثم جلست أمامه غير مستوعبة للآن وجودها معه في مكانٍ واحد، ومن بنيته الضخمة خشيت أن يتجرّأ ويلمسها رغمًا عنها، ولكن كانت تريح بالها بأن شخصيته ضعيفة وتافه، ولن يجرؤ على ذلك، خاطبته بنفس غلاظتها:
-إحنا لازم نتفق، هنا ملكش كلمة عليا، كل واحد في حياته ويعمل اللي يعجبه.
ارتكز أدريان بساعده على ذراع المقعد وهو يستمع لها وبداخله غير مهتمٍ بهذا الهراء، وفقط بنظراته التي لم تعيها كان يتأمل جمالها وهي تتحدث، وحركات يديها وهي تملي شروطها التحذيرية، وجاءت النقطة الأهم حين هتفت في جد:
-شهر واحد وتطلقني، ومتخافش، مش هطلب حقوق، المهم أخلص من القرف ده.
تحمّل بصعوبة وقاحتها وظل كما هو صامت، فتضايقت من سكوته هكذا، فهذا يؤكد بلاهته وضعف شخصيته كما خمّنتها، فزفرت متسائلة:
-ما تتكلم معايا، هو أنا هكلم نفسي؟!
أجلى صوته وهو يقول في هدوء مستفز:
-كل ذلك أنا أعرفه، لما تتحدثي كثيرًا في الأمر!
شعرت بالحرج وقالت لتبرر:
-لتنسى نفسك ولا حاجة، ومتصدقش نفسك إنك متجوز واحدة حلوة زي!
غرورهــا، هذا ما ظهر وهي تتحدث متباهية بجمالها، فنهض من مكانه وقال في لا مبالاة ضايقتها:
-تصبحين على خير، فاليوم كان ممل ومرهق
ثم تحرك ناحية الغرفة التي خصصها له وسط غرابتها، فغمغمت مغتاظة:
-آه يابن الوارمة، عاملي تقيل وإنت وشك يسد النفس
ثم حزنت على وضعها وقالت:
-أنا عارفة حظ الحلوين كده منيل!
ثم انتبهت لصوت استغاثة قريب فنهضت مضطربة ثم تحرّكت منتصف الردهة تستمع في إنصات للصوت، فخرج أدريان من غرفته متفاجئًا مثلها. نظرت له وقالت في حزم:
-تعالى نشوف فيه أيه الصوت ده مش غريب عليا………!!
*****
اضطر مرغمًا أن يرد على اتصالها بعد أن ينتهي الحفل، ثم توجّه لشرفة الصالون كي لا يضايق زوجته، وخاطبها في حرس:
-خير يا لميس؟!
انزعاجها من أفعاله فاق الحد من تجاهله لها، فخاطبته بنبرة مهتاجة:
-تقصد أيه باللي عملته ده، إزاي تخطب لبنتي من غير ما تاخد رأيي، دا اتفاقنا لما اتطلقنا!
ما فعله منصور نابع مما مر عليه من مآسي بسبب سطوة والدها حين هدّده ببناته، وقرر أن يكون بعيدًا ويرسم لابنته حياةً مختلفة، فرد في تعقّل:
-سيبيني اختار لبنتي المناسب، ويا ريت تخليها بعيد عنك، وأنا هخليها تتنازلك عن الورث.
ثارت لميس من هرائه وصاحت:
-هتمنع بنتي عني، وحسين هو المناسب لبنت لميس غالب!
أراد أن يخبرها بأن ليس هناك ما يثبت أنها أمها، ومهما فعلت ليس لها الأحقية في التدخل، والتقرُب المفاجئ من أهلها نحو ابنته لم يرتاح له، فحتمًا هناك مخطط دنيء يُحاك تجاهها، فاستمر على قراره قائلًا:
-ورد هجوزها لـ حسين، ومحدش يقدر يمنعني
محبتها السابقة له والتي ما زالت موجودة في حدود رسمتها منذ تزوجت، منعتها من العراك معه والضيق من شخصه، ولفهمها لشخصيته العفيفة والقنوعة، تحدثت مع حسين نفسه، والأخير وعدها بما تريده، وأن الأمر بينهما وهذا يريح بالها. ثم قالت مستنكرة:
-ورد مش صغيرة، هي اللي هتقرر هتكمل فين ومع مين
أراد منصور السخرية، فمن متى وذاك الحب موجود نحو ابنته؟!، فمن الواضح أنها تنكر توددهم لابنتها لأنها تريدها معها، فرد في صريمة:
-ورد مش هتعيش عندك ولا هتشتغل معاكِ
-ليه بتاخد قرار من غير إذني يا بابا؟!
تفاجأ الحاج منصور بحضور ابنته والتفت ليجدها واقفة عند بابا الشرفة، ثم تذبذب من تفكيرها وخاطبها حين أبعد الهاتف عن أذنه قليلًا:
-هكلمك كمان شوية
اقتربت ورد منه وبداخلها قرارات جديدة، قالت في جد:
-خلي ماما تعرف إني عاوزة أكون قريبة منها، وهشتغل معاها كمان.
على الناحيةِ الأخرى فرحت لميس بقرار ابنتها، فمن الواضح أن حسين فعل ما أمرته به، بينما نظر الحاج منصور للهاتف ولابنته وبات متحيرًا، ثم قال لها مقطّب الوجه:
-خلينا نتكلم كمان شوية
تجرّأت ورد وأخذت منه الهاتف وسط دهشته ورفضه من فعلتها، ثم تحدثت مع والدتها في إصرار:
-بكرة هاجي الشركة يا ماما، وهكون معاكِ في أي وقت حابة تشوفيني فيه…………!!
*****
أخذ والدته في أحضانه ليهدئ من حدة ارتعادها مما حدث، فقد وصل الأمر لأن يخاف عليها، وكذلك رامي الذي جلس على الجانب الآخر منها وهو يمسك بكفها يقبله في محبةٍ وخوفٍ من أجلها. هدأت السيدة زبيدة بعض الشيء لوجود ولديها بجانبها، وكذلك تخللت الراحة قلبها حين لم يصل السارق لما احتفظت به في ذاك المكان السريّ، لكن هناك ما يقلق راحتها وهي تتخيل السارقين يعبثون في الشقة ويتحركون هنا وهناك ثم ارتعشت فجأة فشدّد حسين من ضمها.
جلبت شهد لها كوبًا من العصير وقالت لها في لطف:
-خدي يا عمتي اشربي
فقدت السيدة الشهية لا تريد شيء، ولكن جفاف حلقها أجبرها على ارتشاف القليل، فربت حسين على ظهرها وقال في حنوٍ:
-مش عاوزك تخافي يا أمي، اللي عمل كده استغل عدم وجودنا كلنا في الشقة
قال رامي بهيئة غاضبة:
-هو إحنا هنسكت على كده يا حسين، لازم نبلّغ
تردد حسين في ذلك، فإن فعلها سوف تتجدد زيارات والدته للمخفر، وتفتح المجال للقضية من جديد، فما يهمه ألا تُهان والدته أو يحدث مكروه لها، فقال رافضًا:
-بلاش يا رامي، وإحنا بعد كده مش هنسيبها لوحدها في البيت
لم يقتنع رامي بذلك وأصرّ قائلًا:
-مش هينفع يا حسين، الموضوع باين كبير، مش شايف بهدلة الشقة، دا المرة الجاية مش بعيد يقتلونا كلنا
رجّحت السيدة قرار حسين فهي تتوتر من أسئلة المحقق، فقالت:
-خلاص يا رامي، أنا مش عاوزة اتبهدل في الأقسام على آخر عمري.
قبّل رامي كفها سريعًا وقال متخوفًا:
-دا لمصلحتك يا ماما، يعني لما يحصلك حاجة هنكون مبسوطين
شدّدت من إصرارها حين قالت:
-مش هروح، ومحدش يجيب السيرة دي قدامي
لطالما كانت رغبة حسين لراحة والدته؛ لكن عاد كلام المحقق حول أنها تضمر شيء ما يطارده، وخشي ورطة والدته في أمر يفوق تحمُّله، وبعيدًا عن الجميع سوف يتحدث معهــا. نظر لـ شهد وأدريان وقال متأسفًا:
-بعتذر منك أزعجناكم، اتفضلوا ارتاحوا تعبناكم معانا
قالت شهد في عتاب:
-دي عمتي، يعني زي ماما وأكتر وهي في عنيا
امتنت لها السيدة زبيدة:
-تسلمي يا بنتي
ثم طالعتها في ود، فكم رغبت بزواج ابنها منها، وأحسّت بحظها العسر حين تزوجت بهذا الغريب، وأن التوافق بينهما منعدم، وتأملته في عدم رضى. لم يعي أدريان بنظرات السيدة زبيدة نحوه، حيث شروده العظيم كان لمعرفة من تجرأ ودخل هنا، فلابد أنه شخص تربطه علاقة ما بالمكان، وللحظات حيرة جاء حمزة ابن عمه على ذهنه، ثم تملك منه توتر طفيف، فهذا يعني علمه بوجوده هنا، وهو أيضًا هنا، ثم حدق أمامه وكأنه كان في عالمٍ آخر متخيلًا الصراع بينهما، ولم يستمع لـ شهد التي تخاطبه. إلا حين خبطته على كتفه بقوة وصاحت:
-يلا يا بني نروّح، إنت متنح كده ليه………..!!
*****
صبـاحــًا…!
نهض من على مكتبه ليستقبله حين علم بحضوره، ثم تحرّك ليقابله حين ولج بترحابٍٍ لا مثيل له، من أحضان حارة وعبارات شوق. ابتعد عنه السيد منير وقال وهو يدعوه للجلوس جانبًا:
-يعني بالصدفة أعرف إنك هنا من فاروق، دا بدل ما تيجي وتزورني، مكنش العيش والملح مع والدك
ابتسم حمزة في ودٍ وقال:
-أنا فعلًا جيت ومحدش يعرف، موضوع وهخلصه
قال منير بنظرات خبيثة:
-حقك، دا والدك لما كان بيجي مصر رجال الأعمال كلهم عاوزين يعملوا معاه صفقات
دخلت السكرتيرة ومعها نادل يحمل صينية عليها بعض الحلوى اللذيذة ومشروبات باردة، ترحيبًا بالضيف، قالت السكرتيرة في لطف مصطنع:
-أي خدمة تانية يا فندم؟!
-روحي إنتِ!
دلفت السكرتيرة للخارج فخاطبه السيد منير في إعزاز:
-مش هسيبك النهارده، لازم تقضي معانا اليوم في مزرعة الخيول بتاعتي.
لم يكن حمزة بمزاجٍ جيد ليقبل، فقال معتذرًا:
-خليها يوم تاني، أنا عندي شغل مهم الفترة دي
تحمّس منير لوجوده وقال:
-متفكرش هتهرب مني، هتيجي عندي يعني هتيجي
وافق حمزة على مضض فهو مزعوج لمعرفته بوجوده في مصر، وقلق من معرفة نوح، الذي جاء اسمه في الحديث حين سأل السيد منير عنه مهتمًا:
-نوح من وقت ما شوفته في نيويورك مقبلتوش تاني، ليه مش بيفكر ينزل مصر زيك
لم يسهب حمزة في إعلان العلاقة للجميع وعدم فضح شجارهما مؤخرًا، فرد مقتضبًا:
-ملوش هنا قوي، أصله متعود على هناك وشغله كمان
-هكلم لميس وفؤاد يسلموا عليك
ثم نهض ليرن الجرس كي تحضر السكرتيرة، وحين جاءت أمرها في حزم:
-بلغي مدام لميس وفؤاد بيه يجوا حالًا.
أخبرته في تردد:
-مدام لميس في الدور الأول مع ضيفة وصلت من شوية.
عقد جبينه واستفهم:
-مين دي؟!
-اللي أعرفه اسمها ورد، بيقولوا بنت مدام لميس!
كسا ملامح منير حنق ونفور معًا من ذكر اسم تلك الفتاة، لا بل مكان لها بيننا، ثم أمرها كابحًا ضيقه:
-طيب نادي لـ فؤاد بيه…………..!!
*****
تمطّت بذراعيها في راحةٍ جمة، فنعومة الفراش وليونه الوسادة جعلا جسدها يبتهج، اعتدلت شهد لتجلس مكانها وهي تتثاءب معلنة إفاقتها، نظرت حولها مبتسمة، فالغرفة رائعة بكل ما تحويه من أثاث، ليست الغرفة فقط، بل الشقة ككلٍ، جاء ذاك السخيف على بالها ثم أخذت تفكر كيف تنتقم منه بسبب فعلته الشنيعة أمس أمام الجميع، وقالت متوعدة:
-هعرّفك إزاي تسيبني علشان الأكل، أنا اللي هخليك تخس من اللي هعمله معاك!
ثم أزاحت الغطاء من عليها ونهضت، وضعت الحجاب على رأسها ثم خرجت. دلفت ناحية غرفته والخبث يغطي تعابيرها، ثم دقت الباب بقوة ليفيق من نومه.
بالداخل صحا أدريان مبهوتًا من قلة الذوق تلك، نظر لهيئته فوجد أنه نام بنفس ملابسه، تأفف وهو يعتدل، ثم حدق بالباب في غيظ مدركًا أنها هي، ثم نهض متبرمًا ليرى ماذا تريد هذه الغبية منه؟.
فتح الباب لها مستاءً ثم أحد إليها النظر، سألها:
-مـاذا؟!
لوت فمها وهي تزجره على رده:
-الناس بتصحى تقول صباح الخير، متعلّمتش كده في بيتكم.
لم يستغني عن نظرات حنقه منها، ومن يجعله هادئ طلعتها الجميلة، فغير ذلك كان سيلكمها بقوة لتعود عند أبيها، فهتف:
-أنتِ من بدأتِ، فطريقتك لم تعجبني
طوّقت ذراعيها حول صدرها ولم تبالِ بضيقه من أسلوبها، فقالت تبرر في حزن مصطنع:
-كل ده علشان جعانة، وعاوزة أفطر
عقد جبينه غير متفهمٍ ما مهمته في ذلك، فاستفهم:
-وما هو المطلوب مني؟!
زيّفت الدهشة حين شهقت بقوة واستنكرت:
-تروح تجيب فطار من على أول الشارع.
سأل في جهل:
-ولما الأكل من هناك؟!، هنا طعام!
جذبته من ربطة عنقه ليخرج من الغرفة حتى وصلت منتصف الصالة وهو ما زال متعجبًا، قالت بعدما تركته:
-كل الناس كده، بيروحوا على أول الشارع يجيبوا فطار، ودي عادة عندنا، يلا قوم هات زيهم
وقف أدريان يفرك وجهه بكفه ضجرًا، سألها في نفاذ صبر:
-وماذا يشترون من أول الشارع؟!
للمرةِ الثانية شهقت لتزيف غرابتها مما زاد من غيظه من تلك المهمة الواجبة في تلك الساعة فقد نام متأخرًا، هتفت:
-طعمية وفول طبعًا
استعصى عليه نطق الكلمة الأولى فهتف متعثرًا:
-طآـ آ…آ، excuseme، ماذا قولتي؟!
أخفت شهد بسمتها بصعوبة، وعادت تقول على مهلٍ:
-طـعمـيـة، وفـــول!
-طآميّــــة!
نطقها بالكاد فلم تمر عليه حين تعلّم العربية، وأحبت شهد ما تفعله معه، فتنهد بقوة وقال مطيعًا:
-سوف أذهب!
وضع يده على قلبه ليتأكد من وجود محفظة نقوده، ثم تحرك وهو يلعن بداخله، فتحرّكت شهد خلفه وهي تودّعه:
-متتأخرش يا ديرو، على أول الشارع يا بيبي.
ثم أغلقت الباب خلفه حين نظر لها مزعوجًا، وهنا شرعت في الضحك المتواصل وهي تهتف ساخرة:
-يا ابن الهبلة، دا أنت لُقطــة.
ثم تحركت للداخل وقد جذبتها أثاث الشقة، فتأملته في إعجاب وقالت:
-والله العفش ده مينفعش في الحارة دي
لم تبدي اهتمام كبير فهي مجرد ساكنة مؤقتة، ثم توجّهت للمطبخ لتُعد إفطارًا شهيًّا لهــا………..!!
*****
تجنّب قدر الإمكانِ النظر إليها، فهو يشعر بالحرج حين تنظر إليه، فهي بذلك تذكره بحديثها معه، الذي تجاهله وأتى برفقتها الآن معلنًا ارتباطهما، لكنه كان مجبرًا بسبب إلحاح خاله بأن يذهب معها، وألا يتركهـا.
كانت الفرحة تملأ قلب وقسمات لميس وابنتها باتت في لحظة معها، وكل ذلك بفضل والدتها، ثم مررت أنظارها المعجبة على ما ترتديه ابنتها وقالت:
-البدلة هتاكل من جسمك حتة، وعلى قدك
ابتسمت ورد في ود وهتفت:
-ذوقك حلو، مصدقتش نفسي لما بعتيها الصبح علشان آجي بيها.
-مش كده وبس، هتشوفي حاجات تجنن لسه هجبهالك، بنت لميس غالب لازم تكون أحلى بنت في الوجود
في ظل حديثهما انزعج حسين، فما ترتديه ليس بذلك الانبهار فهو غير مقبول، بذاك البنطال القصير قليلًا والمحدد لتفاصيلها، ناهيك عن السترة الضيقة، لكنه لم يتجرأ أن يجبرها على غير ذلك.
أمسكت لميس بيد ابنتها وجعلتها تسير معها إلى غرفة ما، وبالطبع كان حسين خلفهما كما كلّفه خاله، ولجت بها مبتسمة وخاطبتها في محبة:
-دي هتكون غرفة مكتبك
تطلعت ورد على ما حولها في ذهول، ولم تصدق عينيها أن هذه التحفة ستكون مكتبها، فلطالما كانت تشغل فكرها بالعمل بعد التخرُّج، ولم تتخيل أن تعمل في شركة كهذه يومًا مـا. تأمل حسين أيضًا المكان مبهورًا، وفطن في تلك اللحظة أن والدتها محقة، وزاد إصراره بأنه لن يكمل حياته معهـا، حتى وإن وافق الجميع على ذلك. جعلتها لميس تجلس على المكتب والبسمة الفرحة لم تفارق وجه ورد، فما تمر به يفوق الخيال، وأحبت البقاء مع والدتها رغم سنوات الفراق، ثم نظرت لـ حسين وقالت مبتهجة:
-شوفت مكتبي يا حسين يجنن إزاي!
-مبروك يا ورد
رد مقتضبًا فنظرت لميس له فوجدته هادئًا، هو ليس بسيئ، وسيم ولطيف، لكن ليس كافي لتنعم ابنتها بالرخاء، وقررت الكلام معه، فسألته مهتمة:
-معقول مهندس زيك يشتغل في حتة ورشة، ليه متشوفش مكان أرقى!
أحس حسين بأنها تقلل منه، ولم يبدي انزعاجًا، وردَ متجاوبًا معها:
-دي ورشة بابا، وبدل مشتغل عند حد أنا فيها.
سألته بنظرات شفقة:
-يا حرام، إنت على كده هتفضل طول عمرك مكانك في الحارة، المفروض تطور من نفسك.
لامت ورد والدتها على الحديث معه بهذا الشكل، فرغم أنه جامد الملامح أحسّت بضيقه، فردت بالنيابة عنه:
-حسين طول عمره مكافح، بيصرف على البيت وجوّز نفسه.
خاطبتها والدتها في سأم:
-ليه تقبلي على نفسك واحد كان متجوز، ليه متخاديش واحد إنتِ أول واحدة في حياته.
طفح الكيل ولم يعد يتحمل إهانتها له، ومن أجل خاله فقط ظل هنا، ثم خاطبها بنبرة أبانت استيائه:
-مافيش داعي للكلام ده، أنا وورد مستحيل هنكون لبعض، هي زي أختي.
كلامه كالسهم الذي انغرز في قلبها، هو دائمًا هكذا، وليس كلام والدتها من دفعه لقوله، وودت الثأر لكرامتها، وقول أي شيء مثله، لكن قلبها خدعها وجعلها تصمت، فكذبها لن تفلح به. انتبهت لوالدتها تخاطبه ممتنة:
-عين العقل يا حسين، أنا كمان شايفة إن دا الصح
نهضت ورد من مقعدها وقالت لتنهي ذاك النقاش اللعين:
-مش هتفرجيني على باقي الشركة!
رحّبت لميس بشدة ثم أخذتها للخارج بأيادٍ متشابكة كالأصدقاء، ثم سارت بها وحسين خلفهما يريد بقوة الرحيل، فقد اعتبر نفسه دخيل هنا، ولا مكان له بينهم.
وهما بالطُرقة المؤدية للمصعد، تفاجأت لميس أولًا بحضور سيف، الذي علم بوجود ورد، وترك مهامه جانبًا ليقابلها شغوفًا، وذلك ما ظهر حين سلّط نظراته عليها بالأخص. حين دنا منهم اضطر أن يعانق ابنة عمه أولًا كنوعٍ من اللطف، فاستغلت ورد ذلك ومالت على حسين وهمست له في تحذير:
-زي ما قولتلك، متقولش قدام سيف إننا كتبنا الكتاب، قول مخطوبين بس.
كلحت قسماته وهي تعيد ذات الحديث الذي مرره أول مرة، والآن شعر بالضيق، خاصةً حين تجاهلته وصافحت الأخير بحرارة جمة وتبتسم له كأنها ليست زوجة أحد. خاطبها سيف مبهورًا بها:
-أخيرًا الجمال والحلاوة دي بنفسها عندنا، إحنا لازم نحتفل.
تابعت لميس بطرف عينيها رد فعل حسين وهو يسمع مدح خطيبته أمامه، ولمحت سكون من خلفة زوبعة من الغضب منعها من الخروج رزانته وتعقّله، بعكس ورد التي قابلت ترحيبه في مودة مصاحبة لبعض الخجل، فلأول مرة تتحدث مع غريب، بالأحرى قريب لم تعتاد عليه، وقابلت رقته حين شكرته:
-ميرسي يا سيف!
كانت نظرات حسين المستهزئة مما يحدث كفيلة لجعله يتأفف ويشعر بالضجر من بقائه، ونظر نافرًا لذاك الشاب الذي يتقرّب لابنة خاله، بل زوجته. ولاح في عينيه غضب مستطير حين تحركوا ويد هذا الوقح حول زوجته، ودون مقدمات قبض على كفه من خلفها ودفعه بعيدًا عنها، فحدق به سيف في دهشة مؤقتة، ثم تحوّلت لغضب واضح، بينما توترت ورد وهي تنظر لـ حسين الذي خاطبها في احتقار:
-مش معنى إني متساهل معاكِ تمشي على مزاجك، إزاي تسمحيله يحط إيده عليكِ
تعثّرت ورد في النطق وظلت صامتة، بينما لاحظت لميس تأزّم الوضع خاصةً حين اقترب سيف منه وصاح:
-إنت مالك؟، لو كنت قريبها أنا كمان قريبها!
تقابلت أعينهما في عداوة صريحة، فرد حسين عليه منفعلًا:
-قريبتي وخطيبتي، وخالي موصيني عليها
تملكت الغِيرة من سيف فهو يعلم بخطبتهما، بينما لم يعلن حسين ارتباطه بها كزوج، وذلك حين لمح قلق ورد من ذلك، وشعر بالحنق حين انتبه لتعابيرها الهادئة، فكبح غيظه وقال:
-أنا عاوز أمشي، يلا تعالي معايا
تدخلت لميس لتعترض:
-يعني أيه تمشي، أنا أمها وأنا اللي أقرر، المفروض تتعود على كده، وتتعود ليه، كلها شهر بالكتير وهتسيبها.
تضايق حسين من حديثهما معه، بالأخص نظرات الانتصار في أعين هذا السخيف، تجاهلهما حسين ثم نظر لـ ورد، وأعلن انسحابه رغم وعده لخاله، وخاطبها:
-أنا همشي………….!!
*****
مرت ساعة وهي تنتظر مجيئه، أحيانًا تجلس تنتظره، وأحيانًا أخرى تنظر من الشرفة لتتابع حضوره، زفرت شهد وقالت وهي تنظر مرة أخرى للساعة المعلقة:
-أنا قولتله على أول الشارع، دا لو سافر بلده كان وصل
ثم جلست تهز قدميها في ترقب، هتفت متوترة:
-ليكون تاه ولا حد ضحك عليه وخطفه، دا أهبل!
بالفعل تملك القلق من شهد وكانت تنتظر على أحر من الجمر عودته، وفي ظل فكرها المترع لما أصابه انتبهت لجرس الباب، فنهضت مضطربة ثم تحركت لتفتح شبه راكضة.
عند فتحها للباب صُدمت من هيئته المبعثرة وشعره المشعّث، ولم تتفهم ماذا حدث معه، لقد أرسلته لجلب طعام، وليس للجهاد في سبيل الله ليكون هكذا، ثم وقعت عينيها على الحقيبة البلاستيكية الكبيرة نسبيًا وظهر الجهل في نظراتها، ثم سألته مستنكرة:
-أيه اللي حصلك، إنت اتخانقت مع حد؟!
دفعها أدريان للداخل لكي يمر، ثم ولج بالكيس في هدوء شديد، وحالته تلك نابعة من الصداع الذي تملك من رأسه، ثم وضع الكيس على الطاولة بتعابيره الباهتة.
فقامت شهد بفحص ما جلبه، وفغرت فاهها غير مستوعبة، هتفت مصدومة:
-كل دي طعمية وفول، ليه هنعزم الحارة.
رد في إرهاق شديد:
-جلبت لكِ المطلوب، هل من شيء آخر؟!
ابتسمت له في سخافة وقالت:
-مش هتاكل؟
-لا أريد، لقد جلبته من أجلك.
عادت بسمتها المثيرة للحنق وهي تقول في براءةٍ كالذئب:
-دا كان الفطار ليك، أنا مش باكل الحاجات دي عاملة دايت!
رمقها بنظرات مستنكرة حارقة، فتخوّفت شهد أن يتطاول عليها، ثم أخذت حذرها، فجز أدريان على أسنانه بقوة يريد الفتك بها، أو ربطها من لسانها بالنجفة هناك، هتف متحملًا غلاظتها:
-لماذا لم تقولي من البداية؟!، هل تعرفين ماذا حدث معي وأنا أجلب هذا الطعام!
لأول مرة تلاحظ ضيقه ونبرته القوية وهو يخاطبها، فقد ظنّت تلاعبها به دون أن يبدي شيئًا، وعفويًا تراجعت للخلف خوفًا من بطشه، قالت لتبرر:
-هو أنت مكبر الموضوع ليه، وجايب كل ده لمين أصلًا؟
سار خطوة نحوها فاضطربت، ولمحت في نظراته شيء غريب لم تنتبه له من قبل، ربما يريد الانتقام منها، أو زجرها بطريقة ما مستقبحة، وفي لحظة ركضت لغرفتها هربًا منه وكان خلفهــا يريد تأديبهــا……….!!
*****
أوقف السيارة أمام المبنى القاطنة فيه في سكون غير مريح، فسكوته طوال الطريق أقلقها، وقبل أن تترجل خاطبته في حذر:
-إنت لسه زعلان مني، دا أنا اختارت أمشي معاك.
كل ما مر عليه اليوم زاد من بؤسه، وجعله يتأكد بأنها ليست الفتاة المناسبة له، أيضًا اهتاج من تصرفاتها، ولم يعجبه ما فعلت، فقال دون النظر إليها:
-يلا انزلي علشان عندي شغل متأخر
لم تضغط ورد عليه وتركته على راحته. ثم ترجلت متضايقة منه ومن نفسهـا على طاعته، قالت:
-يا ريتني ما رجعت معاك وخلتني مع سيف
ثم تركته يحدق بها مستشاطًا، وأثناء سيرها لبوابة العمارة، تفاجأت بهذه الفتاة تمسك بها في عدائية وتشرع في ضربها، بل وعضها أيضًا في غلول، فصرخت ورد لتستغيث به:
-إلحقني يا حسين هتموتني.
تجمّد حسين فجأة من هول ما يرى، ثم قرر الترجل، لكن شيء خفي منعه فقد أحب ما تفعله بثينة معها، فقد أرسلها الله لتفعل ما فشل في فعله اليوم وفكر به، ثم تباطأ في النزول وهو يرى الأخيرة تضربها على ظهرها ومؤخرتها فكتم ضحكته وسط صراخ ورد التي تخاطبه متألمة:
-بسرعة يا حسين بنت البغلة هتموتني.
عضتها بثينة من كتفها فصرخت ورد، خاطبتها بثينة في غيظ:
-يا خطافة الرجالة يا كدابة، أنا هوريكِ
ظلت ورد تصرخ بصوت متألم، فوقف حسين بالقُرب يخاطب بثينة في برود:
-سبيها يا بوسي مينفعش كده!
اهتاجت ورد منه أكثر منها، ووسط دفاعها المستميت عن نفسها أمرته:
-أبعدها يا سخيف عني.
برر موقفه قائلًا:
-مقدرش ألمسها، أنا مستني واحدة ست تيجي.
-هكون خلصت منك لله.
تأجج غضب ورد منه لتركها تعاني هكذا وهو السبب، وحين وجدها حسين تأدّبت وأخذت ما يكفيها من الضرب المبرح، اكتفى بوقوفه وتحرك ليسحبها من خصرها بعيدًا عن بثينة، التي تحاول الوصول إليها وهي تصيح:
-سيبني أوريها، هي اللي خطفتك مني!
ضم حسين ورد وكان يأخذ بعض من ضربات بثينة على ظهره ليمنع وصولها للأخيرة، فالتم بعض الناس إثر ما يحدث، وسحبن بعض النسوة بثينة الفتاة قوية البنية بجسدها البدين بصعوبة بالغة. بينما تنفّس حسين الصعداء ثم نظر لـ ورد المجهدة بجسدها الهزيل، سألها مخفيًا فرحته:
-إنتِ كويسة؟!
تألمت ورد وشعرت بتقاعص شديد فكل جسدها يشتكي ألمًا، وما يمنع سقوطها أرضًا حسين الذي تملك منها ليجعلها تقف مستندة عليه، ثم نظرت له بضعف وقالت من قلبها:
-منك لله، يا رب أشوف فيك يوم منيل زي ده…………!!
*****
دخل جناح صديقه بالفندق وهو يتثاءب، فنظر له أندرو متعجبًا من حالته الناعسة، فجلس أدريان على أقرب مقعد وهو يخرج صوت مرهق، ثم وضع ما بيده على الطاولة أمامه. جلس أندرو بجانبه وخاطبه في حيرة من أمرة:
-ماذا حدث معك، هل طردتك زوجتك؟!
نظر له أدريان بأعين ناعسة، فقد ترك لها الشقة لاستمرارها مضايقته وفشله في السيطرة عليها بأفعالها الشيطانية، وعنادها له أثناء نومه، رسم الصلابة أمام صديقه وقال:
-هل جننت!، لقد أتيت من أجل موضوع هام
سأله أندرو مهتمًا:
-وما هو الموضوع الهام الذي جعلك تأتي بحالتك تلك؟!.
-حمزة هنا!
رد أدريان مختصرًا ما وصل إليه، ثم أردف ليشبع فضول أندرو في معرفة التفاصيل:
-أمس هناك من دخل لمنزل السيدة زبيدة، ربما يبحث عما نبحث نحن عنه.
ما خشاه أندرو قد حدث، فإن تقابلا الاثنان سوف تصبح هناك حربًا ضروسة بينهما، لذا خاطبه أندرو ناصحًا:
-يجب التصرف بعقلانية، حتى لا تؤذي نفسك.
أمره أدريان في حزم:
-أريد معرفة أين هو، تحدث مع رجالنا هنا في الأمر، أريد الوصول إليه.
أطاعه أندرو دون نقاش في ذلك قائلًا:
-اليوم سأبحث عنه!
أعجب أدريان بنشاطه ثم تثاءب مرة بعد مرة، لاحظ نظرات أندرو للحقيبة البلاستيكية، جعله يفتحها حين قال:
-لقد جلبت كل ذلك من أجلك.
شرع أندرو في حماس إخراج محتويات الكيس، ثم كشّر فجأة حين وجده طعام، لكن غريب منظره، فسأله في جهل وهو مازل يتأمله:
-ما نوع هذا الطعام؟!
تذكر أدريان اسمها حين قال:
-طآميــة!
نطق أندرو الكلمة العجيبة تلك:
-طآ..طآ.. what?
أخبره أدريان موضحًا:
-Egyptian food you should eat for breakfast
-طعام مصري يجب عليك أن تفطر به صباحًا
عقد أندرو جبينه ثم تناول قطمة من واحدة وأخذ يلوكها ببطء، وفي لحظة أعلن إعجابه بطعمها قائلًا:
-It’s delicious!
-إنها لذيذة!
وافقه أدريان الرأي وقال:
-I ate some more, and brought you the rest.
-لقد أكلت المزيد منها، وجلبت لك البقية
ثم تثاءب وهو يشعر بالخمول، فربما هذا الطعام أشعره بالتخمة الزائدة، ثم تابع أندرو الذي يأكل الفلافل واحدة بعد أخرى، فشعر بالراحة لأن المال الذي ابتاع به هذا الطعام لم يذهب هباءً.
وأندرو مستمر في الأكل سأله مهتمًا:
-How are you with your wife?
-ما الأحوال مع زوجتك؟!
تنحنح أدريان ورسم معالم القوة والحزم حين قال:
-Since yesterday I have been making her do what I want, and she obeys me out of fear.
-منذ أمس وأنا أجعلها تفعل ما أريد، وهي تطيعني خوفًا.
أظلم أندرو عينيه واستنكر قائلًا:
-You’re lying! Tell me what happened to you.
-أنت تكذب!، أحكي لي ما حدث معك.
نظر أدريان له مطولًا بأعين شبه متيقظة وهو يتثاءب، قال له في طلب يشبه الرجاء:
-I want you to tell me a way to make her afraid, I don’t want her to sleep at night, I want her to go crazy, I want to take revenge as soon as possible…………………..!!
-أريد منك أن تخبرني بطريقة أجعل الخوف يدب بداخلها، لا أريدها أن تنام ليلًا، أريدها أن تجن، أريد أن أنتقم في أسرع وقت……………………….!!

 

يُتبع

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)