رواية اجنبي مغرم الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم الهام رأفت - The Last Line
روايات

رواية اجنبي مغرم الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم الهام رأفت

رواية اجنبي مغرم الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم الهام رأفت

 

البارت التاسع والعشرون

 

 

استبعد أن ينكشف أمره هكذا سريعًا ليضيف فَشَله في السيطرة فوق بُستان اضطرابه من تلك النقطة، وآخر ما فكر به تلك المواجهة الخطيرة، وامتقع كليًا حين خاب في التعامل المُحنك كعادته ورد فعله السريع تطاير حينها، وكان لصدمته وقتها أثرًا على سوء الوضع.
في غضون الخمس دقائق كان نوح مرتديًا ملابسه بالطبع المزيفة، ثم أسرع في حملها وخطواته تتسابق حتى يأخذها من هنا قبل أن تفيق وتفضح ما علمت به، وفي احترازٍ جم كان يهبط درجات السلُّم وأعينه تتلفت هنا وهناك، وبداخله رتّب سيناريو مُحكم إذا رآه أحدهم، لكن لم يحبذ ذاك الأمر ومقت رؤية أحد له وإن توارى حينها، وذاك ما حدث قبل أن يعرج لدرجات السلم الأرضي، لمح في مدخل العمارة ورد تقف برفقة رامي تبكي بشدة، فتراجع للخلف يلتقط أنفاسه وأخذ يتابع مشدودًا الحوار بينهما، ومن حظه كان قد انتهى ليأخذها رامي وهو يعلن مرافقتها حيث تريد.
تنفس نوح في غبطة وأخذ يهبط الدرجات المتبقية بنفس حرسه لمواجهة أيًا كان. وعند باب العمارة طلّ برأسه ليتابع الطريق، وحين وجد هدوء إلى حدٍ ما خطا للخارج قاصدًا سيارته بالقرب وفي لحظات موترة كان قد وضعها في الأمام، وثوانٍ كان يجلس هو الآخر معتزمًا القيادة.
هدأت أنفاسه وهو يسرع خارجًا من الحارة وكانت يده تعبث في هاتفه كأنه يتصل بأحدهم، وقد كان حين وضعه على أذنه واستقبل الرد ليهتف مختنقًا:
-Andrew, Shahd with me now that you know everything.
-أندرو، شهد معي الآن وقد علمت بكل شيء
توالت أسئلة أندرو حول الأمر فهتف نوح بنفس تأففه:
-I’ll bring her to you, I can’t leave her here.
-سوف أجلبها معي عندك، لن استطع تركها هنا.
لم يعرف لما لم يتركها ويفر وينجي بنفسه فهي لن تعلم هويته الحقيقة بتاتًا، وينتهي زواجهما المشروط وغير القانوني، ولكنه أرادها معه، وحثه شيء داخلي بجلبها فهو لن يخسر الكثير، فالسيدة زبيدة أيضًا معه، وباتت زمام الأمور تحت سيادتــه………..!!
******
صمت مريب وهو جالس بمفرده مع أبيه الذي تشدد من حضوره إليه، ورغم أنه يعرف سبب الدعوة بملامحه البائنة تلك جلس دون كلمة أو حتى إعلان رغبته في المعرفة.
تطلع عليه السيد طاهر بوجهٍ مكفهر وأظهر سأمه رغم نبرته الهادئة:
-الغريب اللي المفروض يكون عنده حق يسيبها راحلها تاني، واتمسك بيها، بس هي رفضت تكمل وتجبره على حاجة ملوش يد فيها
بالفعل اغتاظ سيف من ذاك حمزة وما فعله، فقد شوّش صورته وأبرز سوء شخصه بخطوته هذه، ولعن في نفسه أمجد لما اقترفه من حقارة معه. ثم تنهد بعمق وهو يعلن طاعته:
-موافق يا بابا اتجوز ديما.
تجمدت نظرات السيد طاهر عليه وهو يعلن أن الأمر ليس لأخذ رأيه، بل جاء ليجبره إن تمرد، فقال:
-غصب عنك!
لم يعترض سيف على إرغامه فسوف يتعامل مستقبلًا، فالأهم الآن كسب ود عمه وإنقاذ أسرة أخيه من الهدم، وألا يعطي عمه السيد منير وابنه الفرصة في خلق تذبذب أصبح السبب فيه دون علم. فنطق طاهر متشددًا:
-بنفسك هتروح لعمك تطلب إيدها وتعتذر
تفاجأ سيف من تلك الخطوة، ولم يمانع أو يحتج، فأضاف طاهر منبهًا:
-بس الأهم إنك تفضل تنكر علاقتك باللي حصل……..!!

******
رافقه الاغتمام منذ علم، وجلس برفقة زوجته ينعي ذاك الحظ السيئ، فحزنت السيدة هنية لرؤيته هكذا مكروبًا، وكأي زوجة أبانت لطفها حين هوّنت عليه مصابه:
-متعملش في نفسك كده يا حاج، هي ساعة شيطان وهتعدي.
بدا أنه في حالة كمدة للغاية، فقد تهورت ابنته بفضل ثراء والدتها الذي أوحى لها بقوة أضاعت من خلالها براءتها. فلم تكن ذات مأثم يومـًا، وقلبها لطالما نبض بالرقةِ والعطف. لم يجد الحاج منصور كلمات تخفف ما به فقال:
-أنا طلبت منه يطلقها، وسبت ليه الحُرية، مبقتش هجبره على حاجة، كفاية اتأذى بسببها.
أيدت السيدة تلك الخطوة:
-أنا قولت من الأول، حسين مينفعش لـ ورد، خصوصًا حياتها اللي اتغيرت بعد ما ورثت.
تمعن الحاج في ذلك الأمر وأدرك خطئه مرددًا:
-أنا اللي سمحت تعيش مع أمها، كنت بخليها تشوفها كل فين وفين، الغلط عندي، مكنش المفروض اتساهل كده.
رغم أن ذلك الأصح قالت منكرة:
-بس هتعمل أيه، معقول هتحرم أم من بنتها.
هذه الجملة ما جعلته يفعل ذلك، لأن أحقيتها في الأمومة سُلبت منها حين أرغمه والدها المتسلط بعدم ذكر ابنته في شهادة ميلاد ابنتهما، قال بائسًا:
-قولت أعوضها بإنها تشوف بنتها، بس اللي اتضر في كل ده ورد، خلاص مبقتش البنت الهادية الطيبة
علقت السيدة في وعي:
-خلاص يا حاج شوية وهتيجي وأنصحها، وحاول تصلح بينهم.
وسط جلستهما الكئيبة تلك رن جرس الباب، فنادت السيدة هنية لابنتها كي تفتح، فاستجابت رشا وفتحت، وإذا به رامي من حضر. تقدم منهما فسلطا النظر عليه في ترقب، تنهد رامي وقال كظيم الطلعة:
-أنا وصلت ورد عند أمها، هي طلبت كده……….!!
******
فور رؤية ابنتها بوجهها الباكي وهيئتها المقلقة لامت من السبب في ذلك وأخذتها لأحضانها، لكن حين قصّت ورد ما حدث في البداية لعنت سيف الذي ألقى بتحذيرها خلف ظهره. ثم تراخى انفعالها حين باتت ابنتها تذم من أحبته وتعلن ندمها في الارتباط به، فزيفت لميس الدهشة والاستنكار وهي تعلق على تبدُل حالها:
-ما ده اللي اختارتيه يا ورد، وياما حذرتك، أهو مهمهوش حبك واستغنى عنك
أدركت ورد صدق حديثها، هو كذلك فقد استغل محبتها ليتحكم بها، ويفرض أوامره اللعينة، ومع أقرب غلطة تركها، وذلك لأنه لم يكِن لها الحب مطلقًا، فبكت أكثر وهي تلعنه وتنهره بوابل كلماتها المضنية، فحزنت لميس حقًا وهي تنتحب دون توقف، فسألتها مترددة:
-لو تحبي ممكن أروح وأصلّح العلاقة بينكم.
قالت لميس ذلك محبةً في ابنتها ورغبتها في سعادتها، فحركت ورد رأسها لترفض، قالت:
-مش بيحبني، مش هرجعله أبدًا، لو فعلًا بيحبني كان زعل شوية مش فكر يسبني ويرميني كده.
تذكرت لميس أمرًا وسط حديثها فقالت:
-شوفتي أبوكِ بيعمل أيه، قال بيقوله مطلقهاش، عاوز يعلقك جنبه وعمرك يضيع، وهو بقى يرجع لحبيبة القلب ويعيش وينبسط.
ركزت لميس على قول جملتها الأخيرة لتحث ابنتها على أخذ خطوة جدية لتنهي تلك العلاقة الخائبة، وهذا ما حدث فانتفضت ورد في غيظ:
-لأ هيطلقني، ومش بس كده، هسوّد عيشته هو وهي، أنا محدش يعيش سعيد على حساب وجعي.
تتحدث ورد بجهولية واندفاع، ولم تعي مصير حملها المضمر، وماذا ستفعل قادمًا في علاقة بائسة كتلك، فاكتربت أكثر. مسّدت لميس على رأسها وظهرها في حنان، ولم تجحف هذه الفرحة بداخلها وابنتها ستظل معها وللأبد، وبالتأكيد سوف تشكل حياتها كما تريــد.!
من الأعلى تابع فؤاد مكفهرًا ما تفعله زوجته مع ابنتها التي زادت من دلالها حد الرداءة، وأجزم أن ما فعله أمجد كان صوابًا ونفعًا له هو، لكن اتضح العكس فسوف تلقى تلك اللعينة الصغيرة جُل المحبة لأجلها فقـط، وبات عليه إظهار الطاعة نتيجة حبه الغبـي………….!!
******
أغلق الأنوار وتسطح على الأريكة في الظلام الدامس، يحدق أمامه وكأنه يتخيل ما حدث قبل قليل، وكره حياته حينها، وبات يدرك أنه مذمومٌ، وبه جميع العيوب، فقد تركته حبيبته، والثانية أذته بصورة مدنسة، خطت الطريقة ببشاعة عقليتها، وتفهم أنها لربما تتركه هي أيضًا، فأسرع يفعلها ثأرًا لكرامته.
أغمض حسين عينيه حين انتبه لمن يفتح الأنوار، ثم فتحهما حين استمع لوقع أقدام أخيه نحوه، لم ينظر إليه وظل كما هو، فجلس رامي بجواره يتأمل حالته، ولأنه مستاءً مما حدث سأله:
-ليه تعمل كده مع ورد، لما إنت مش بتحبها ليه قربت منها، ليه يكون فيه بينكم علاقة.
أظهر رامي سأمه فقد أطلعته ورد بحقيقة العلاقة واكتمالها، لكن أخفت خبر حملها، وهذا ما أدركه حسين، وعاد يسترجع ما حدث بينهما، ولم يندم مطلقًا في قربه منها فقد أحبه.
اعتدل حسين ليجلس منكس الرأس، قال جامدًا:
-مش هسمحلها تسيبني، أنا مش لعبة في إيد أي حد، علشان أيه يحصلي كده.
استنكر رامي فهو من استغنى، وفطن حالة أخيه فقد فعلها قبل أن تُعلنها الأخيرة، فقال متهكمًا:
-وليه فكرت ورد ممكن تعمل زي منى، قالت بتحبك.
نظر له حسين واستهزأ بشدة:
-أنا ومنى كنا بنحب بعض، هي كمان بالأكتر.
تنهد حسين في ألمٍ وأستأنف:
-ورد كملت عليا وأذتني، كنت قربت أحب حياتي بعد اللي حصل بينا، أنا حظي وحش قوي
تضايق رامي حين علم بطبيعة العلاقة فقد ظنها في البداية، وتمنى ألا تكتمل، فلم يعد له المجال في كسب ود ورد تجاهه هو، وتحمل كثيرًا كونها أعلنت محبتها لأخيه، ونتيجة ذلك هتف رامي ممتعضًا:
-إنت متستاهلش حب ورد ليك، ولو بجد مبقتش عاوزها طلقها، عمك سابلك حرية الاختيار.
تذبذب حسين فقد ضمر ذلك، وبداخله رفض تركها، ولم يجد سببًا محددًا لكذبه عليها، ومنه بالأخص يريد امتلاكها، وليبرر موقفه اختلق تعليلًا:
-مش هطلقها علشان متمشيش على حل شعرها، هو إنت مش عارفهــا
طرق أحدهم الباب ليقطع حديثهما، فتوجه رامي على مضض ليفتح، وإذا به الحاج طـه، رحّب به رامي ودعاه للدخول، فخطا الحاج للداخل بوجهٍ بشوش، فنهض حسين لمقابلته مبهوتًا من تلك الزيارة دون سابق إنذار، خاطبه في لطف:
-منورنا يا حاج طـه
ابتسم ممتنًا وهو يجلس برفقته، قال دون مقدمات:
-أنا جايلك في طلب ومش عاوزك تكسفني يا حسين، مش إنت دايمًا بتلجألي في مشاكلك.
بالطبع يفعل حسين ذلك كونه كبير المنطقة ويحتاجه البعض في فض المشكلات في ود، فهتف حسين مرحبًا:
-اتفضل يا حاج أؤمرني
تنهد الحاج طه وقال في رجاء:
-مُنى مراتك طالبة ترجعلك من غير شروط واللي إنت عاوزوه هتعمله………..!!
******
حدقت بالسقف منذ فاقت للحظات تستوعب ما بها، ثم انتفضت فجأة حين تذكرت، جلست شهد موضعها على ذاك التخت وعينيها تطالع ما حولها بتوتر، وتساءلت ما هذه الغرفة، تعالت أنفاسها وهي تدرك أن هذا المخادع من جلبها هنا وقد اختطفها لوكره، وفور اكتشافها لعبته اللعينة رددت في غلول:
-آه يا حيوان، عايش معايا كل ده بتخدعني، إزاي مخدتش بالي.
جاءت لتنهض على مهلٍ وهي تزيح قدمها فتفاجأت بمن يفتح الباب، ثبتت موضعها بقلب مضطرب متحفزة لأي شيء. ولج نوح في هدوء منظور ولم يهمه كثيرًا معرفتها، تجمدت نظراتها عليه ما بين سخطها واحتقارها، فذاك اللعين اختلف كثيرًا، ونحافته فاقت الحد، ناهيك من حسن طلعته. تقدم نوح منها مبتسمًا في استفزاز وحين وقف أمامها مباشرةً قال:
-ما بكِ جميلتي، ألم تحبي ما حدث!
تراجعت شهد للخلف حين مال عليها كأنه ينوي الصعود للتخت، ومن وهج غيظها منه زجرته:
-خليك بعيد، لو قربت مني يومك أسود
لم يستمع لها ثم حاوط وجهها بكفيه فارتجفت، تبادلا النظرات لبعض الوقت وعقلها يستعيد قربهما السابق، وتلك النظرات منه لم تختلف، ورغم أنه بات أفضل لم تحبذ بقائها معه، كأنها ترى رجلًا غريبًا واعتادت على الآخر بلطفه، بينما تتوق نوح لأن تعلن قبولها إياه، لكن وجد في أعينها الرفض، فاستنكر ذلك وقال ماكرًا:
-ما الأمر، ألم أعجبك الآن؟!
انتبهت شهد لهيئته الراغبة بها وكأنه يعلن تبادل الحب سويًا فابتسمت ساخرة فماذا يظنها ذاك الأبله، فسألته نافرة:
-إنت مين؟، نفس اسمك ولا حد تاني؟!
وعي نوح لذلك فهويته مزيفة، ولوهلة لم يفهم مغزى سؤالها حتى استأنفت مزعوجة:
-طبعًا مغير اسمك وكل حاجة، وجوازنا كله كدبة، كنت عايش معايا في الحرام
ثم تهدجت أنفاسها وهي تتذكر رؤيته لها واستباحته النظر لما ليس له، وهنا تفهم نوح مقصدها، فهي لا تحق له وعلاقتهما غير شرعية، ثم تفاجأ بها تدفعه بقوة من صدره ليبتعد عنها مدهوشًا بإرادته، صرخت:
-إنت فاكرني أيه، لما أشوفك كده هاخدك في حضني ونكمل سوا، لا فوق لنفسك وألزم حدودك.
ثم حاولت أن تضبط هيئتها لتهرب من فُجر نظراته نحوها، فطالعها نوح في شغف وأحب ما تفعله، قال ليثير حنقها:
-لقد رأيت منك الكثير، ومتشوق لرؤية المزيد.
تأجج غضبها من وقاحته، والآن أدركت لما كان معها هكذا رغم قُبح طلعته، فهذا الرجل سافل واستباح الكثير فتخوفت منه، هتفت:
-إنت مين، وليه عملت كده؟!
جاء الحديث الجاد ففضولها يقتلها لمعرفة سبب ما فعله، لم يجيب نوح وتركها تغلي غيظًا، ثم عاد يقترب منها وكأنه انتوى شيئًا فتوجست من تطاوله واستعدت للمواجهة. فرفعت كفيها تدفعه مرة أخرى من صدره بعيدًا ولكن هذه المرة كان كالحائط لا يتزحزح، وأضافت لقائمة ذكرياتها قوته أثناء الشجار، فخاب ظنها في ردعه واحتقنت من بسمته الغليظة فقد علم بعجزها في عدم صده، فاهتزت انفعالًا وهي تعيد سؤاله:
-إنت مين، وعاوز أيه مننا؟!
تأملها نوح في ظلمة وقال:
-لن أخبرك شيئًا حتى نتزوج من جديد.
تيقنت شهد أنه زيف هويته لخدعة الجميع، والآن يريد علاقة مشروعة تربطهما، فقالت متهكمة:
-طبعًا علشان تعرف تقرب مني.
جوابه لم يتأخر حين هز رأسه مؤكدًا رغبته بها، فتأملته جيدًا فذاك الرجل ليس سهلًا، وأخذت تقارنه عن الماضي وجاء الاختلاف في الشكل فقط، فلطالما كانت تراه صلبًا قويًا مغرورًا والآن تفهمت لما، فقالت تعانده:
-لأ، مش موافقة
ما يعجبه فيها جمالها وثقتها وعنف ردود أفعالها وبالطبع عنادها اللعين، كل ذلك جعله تواقًا لها، وكعادته الخبيثة قال:
-لقد اشتقت لتبديل ثيابك ومساعدتك، ما زلتِ تحتاجين لي
شهقت من استمرار إعلان بذاءته وتلك النظرات السفيهة نحوها تقتلها، صاحت منفعلة:
-إنت قليل الأدب ومش متربي
ضحك نوح ولم يهمه هيئتها الثائرة بل استفزها كالمعتاد:
-My good girl…………!!
******
استغلت وجوده بالفيلا وذهبت إليه برفقة إلين، ثم جلست بالصالون معهما تنتظر دورها في الحديث حين ينتهي من ملاطفة الصغيرة وبداخلها قد جهّزت ما ستخبره به. ابتسم لها السيد سليمان وهو يضع إلين بجانبه تلهو بلعبتها، فتوترت ليلة قليلًا وبادلته البسمة، فخاطبها السيد متوددًا:
-You want to tell me something!
-تريدين إخباري بشيء!
تنهدت وزيفت عدم الرضى وهي تقول:
-The topic is not new, it is related to Hamza
-الموضوع ليس بجديد جَدي، هو خاص بـ حمزة
زادت من فضوله لمعرفة ما المصيبة الجديدة التي افتعلها، حيث أخبرته عن طريق أحدهم بعمله المستقبح مع ألفريدو ولم تظهر بالصورة، فاغتم السيد وأبدى إنصاته:
-What did this idiot do?!
-ماذا فعل هذا الغبي؟!
اتسعت فرحتها الداخلية فهذا يعني ضيقه من الآخر، قالت راسمة للود:
-Hamza forced Sandra to tell you that I was involved in Elaine’s escape to my brother. He wants you to hate me.
-حمزة أجبر ساندرا لتخبرك أني متورطة في أمر هروب إلين لأخي، يريد منك أن تكرهني
دعاها السيد لتجلس بجانبه ففعلت، لامس صدغها في حنو فقد اقتنع بكلامها فقد خذله الآخر بما ضمره عنه وبالطبع سيفعل ذلك انتقامًا من نوح، فخاطبها محتجًا:
-I would never hate you, dear, even if I did.
-لن أكرهك عزيزتي مطلقًا، حتى وإن فعلتها.
ابتسمت له ليلة وبداخلها بغضت العداوة بينه وبين أخيها، فلم تجد سوى اللطف والمحبة منه حين جاءت للعيش معه، ولتخمد إنزعاجها المدروس قالت:
-Hamza is working for himself, seriously. He’s just using you to support him.
-حمزة يعمل لصالحه جدي، هو فقط يستغلك لتسانده
يدرك السيد وجود علاقة بينهما ربما انتهت ولم يتأكد، فسألها مترددًا:
-Are you saying that because he will marry someone else?!
-هل تقولين ذلك لأنه سوف يتزوح بغيرك؟!
توترت ليلة ولاحظ السيد، وسريعًا عارضت ذاك السبب:
-Is it reasonable for me to approach my grandfather? He is the one who always does this.
-هل يعقل جدي أن اقترب منه أنا، هو من يفعل دائمًا
حين وجدته يوافق كلامها أكدت لتحسم الأمر:
-I’m not marrying a man younger than me!
-أنا لا أتزوج رجل أصغر مني!
تلك المسألة تزعج ليلة ونطقت ذلك رغمًا عنها، فضمها السيد ولم ينكر أنه أراد ارتباط حمزة بها، ففارق العمر غير منظور، بينما اغتبطت ليلة لعدم شكه بها فقد أحاقت بالآخر من جميع الاتجاهات، وجاءت فرصتها لتنفيذ ما فشلت به سابقًا، غـدًا.
لاحظ الاثنان انبعاث أصوات من الخارج لم تتفهمها هي واعتدلت مترقبة، لكن السيد على دراية بمن جاء، حيث فاجأها حين خاطبها شغوفًا:
-My sons have come………..!!
-لقد جاء أبنــائي…………!!
*******
جلست باستراحة الشركة تنتظره على أحر من الجمر وهي متناقضة المشاعر، هل توبخه أم تمدح ما فعله، لكن في النهاية هو يفتعل ما يروق له وذلك أزعجها ولا بُد من تحذيره مجددًا.
انضم سيف لها وهو ينفث دخانًا حين رأى حسين بالشركة يواظب على عمله وكأنه مفروض عليهم، حين جلس لاحظت غضبه، وقبل أن تستفهم هتف مغتاظًا:
-هو دا هيحل عننا إمتى، كله من ست زفتة
يقصد ديما التي جلبته لتعانده ليس إلا، والمضحك في الأمر إصرار السيد منير على بقائه وكانت حُجته أنه ذكي ويعمل في جِد. وسريعًا أدركت لميس مقصده فقالت:
-سيبك منه، أيه اللي عملته ده أنا مش نبهت عليك.
بدت ملامحه متجهمة وهو يعلق:
-عاوزاني أسيبها ليه، أنا محدش ياخد حاجة عيني فيها
أحبت شغفه بابنتها فهتفت:
-تمام، بس ورد متجوزاه، واللي فهمته منها إنهم كانوا بيتقابلوا في شقته.
أخفض رأسه مغتمًا ومزعوجًا من ذلك، فقد أرادها له، لاحظت لميس استيائه فطلبت منه متشددة:
-أنا عاوزاه يطلقها، وكمان ورد موافقة على كده
ظنته لميس لن يعاود إلحاحه بالزواج من ابنتها بسبب تهورها، لكنه فاجأها حين نظر إليها قائلًا:
-هخليه يطلقها، بس بشرط، تجوزهالي.
لم تمانع فتلك رغبتها من البداية، وأدركت تمسكه بها، فاستغلت ذلك وزادت من طلباتها قائلة:
-أنا عاوزة مهرها إنك ترجعلي كل اللي كتبته لـ أمجد، هتقدر تعمل كده.
شرد سيف للحظات في أمر ذاك أمجد، فما فعله معه لا يضاهي ما اقترفه في حق ابنتها، فجاءت فرصته الأولى في إبراز انتقامه حين قرر إخبارها، فخاطبها مغلولًا:
-أمجد أجبر ورد تمضيله على كل حاجة.
صدمها سيف أكثر بوقع كلماته القاسية:
-لفقلها تهمة زنا وكانت محبوسة
رمشت لميس بضعف ترفض التصديق، فهو أخيها الأصغر وكانت تشاركه حياتها وزمام أمور ابنتها، ولم تتوانى في طلب مساعدته. لم يهوّن عليها سيف فهو يريد ضغينتها تجاه الأخير وبالتالي وقوفها بجانبه قادمـًا. جاهدت لميس لتبقى هادئة خارجيًا وتتصرف بعقلانية، ثم أمرته:
-عاوزة كل حاجة ترجعلي.
أومأ سيف في طاعة جعلتها تطمع في المزيد لتفرض سيطرتها الكلية حين صممت:
-ورد مش متسجلة باسمي، عاوزة حل للموضوع ده………..!!
******
قبل أن تلج السيارة لداخل المكان لمحت تلك الافتة المعلقة ترحيبًا بالقادمين شاملة اسم البلدة بالأعلى (Sun shadow)، وابتسمت وهي تتعمق للداخل والروعة والهدوء في طريقها لتلك المدينة الهادئة ذي البنايات القديمة الأثرية، فجُل ما حولها فخم بمعنى الكلمة. عرفت طريقها لتتوجه حيث اتفقت معه لمقابلته، وفي مقهى جانبي راقٍ صفت سيارتها ثم ترجلت والأخير يتقدم منها مرحبًا.
دخلت ليلة معه لتجلس في زاوية ما غير مرئية إلى حدٍ ما، خاطبته في هدوء ظاهري:
-The party’s tomorrow, Mark, and that’s our chance.
-الحفلة غدًا مارك، وتلك فرصتنا
تفهم مارك فقد جاء لترتيب كل شيء معها، قال:
-Don’t worry about it, it won’t happen again.
-لا تقلقي بشأن ذلك، لن يتكرر ما حدث المرة الماضية
-I hope so!
-ءأمل ذلك!
قالتها وبداخلها بعض التهكم، فرجال أخيها باتت تدرك ضعفهم وحماقتهم بفضل المصائب المتتالية، فتضايق مارك من تلميحها، قال مؤكدًا:
-Ellen will be at Mr. Noah’s tomorrow, that’s a promise.
-إلين ستكون غدًا عند السيد نوح، هذا وعد
راق لـ ليلة البقاء هنا وعدم الذهاب معهم، فقالت متأففة:
-My brother hasn’t reached anything. It’s been a long time without any news. What is he doing to Egypt with all this?!
-ألم يصل أخي لأي شيء، لقد طال الوقت دون جديد، ماذا يفعل بمصر كل ذلك؟!
أجل هي محقة، ومن الواضح عدم سهولة الأمر فالربح يستحق العناء، قال:
-Andrew told me they were close to getting everything.
-أخبرني أندرو أنهم اقتربوا في الحصول على كل شيء
لم تحبذ ليلة ذهابها إلى مصر التي لم ترها مطلقًا وقالت:
-It better be over quickly because I can’t bear to live so far away from here.
-من الأفضل أن ينتهي الأمر سريعًا فأنا لن أتحمل العيش بعيدًا عن هنا
استنكر ذلك مرددًا:
-Egypt is a beautiful country, you can consider it a visit
-مصر بلد جميلة، يمكنك اعتبار الأمر زيارة لها
هذا ما أقنعت نفسها به فسوف تتخذ الأمر للترفيه ليس إلا، وتوترت لربما تجد الآخر هناك، ثم لعنت نفسها على التفكير به وأجبرت نفسها على الابتعاد عنه حتى وإن اهتاف عليها ففكرة علاقة بينهما مستحيلة من عدة جوانب، والمزعج عداوته لأخيهـا. لاحظ مارك شرودها فسألها مترقبًا:
-What’s up with Ms. Sabrina, is she still bothering you?!……….
-ما أخبار السيدة صابرينا، هل ما زالت تزعجك؟!…………
******
فقدَ تركيزه ولم يقدر على العمل، فمنذ الأمس وهو يتصل بذاك الرقم وأحيانًا يستجيب وأخرى يجده مغلقًا، تعالت أنفاس حسين المضطربة وأُمه بعيدة هكذا، كما أن ما أبلغته به لم يرضخ له، وأدرك أن والدته ليست بخير لربما، أو أزعجها أحدهم وتخيل الأفظع ولشدته لم يستطع البوح به، أخرجته لميس من درك وجله حين دخلت مكتبه بطلعة حانقة حيث لم تتحمل نزقه تجاه ابنتها. ترك حسين هاتفه أمامه ونظر لها فقط، حتى لم ينهض احترامًا لحضورها، فاقتربت منه وهي تحدجه في احتقار بائن، خاطبته نافرة:
-أيه اللي عملته مع بنتي ده، إنت فاكر نفسك أيه، أيه الغرور ده اللي يخليك تلعب بيها وتتعامل معاها كده
ظل حسين كما هو يدعي الثبات المناقض لما بداخله، فاستاءت لميس من وقاحته وهتفت:
-قوم أقف لما أسيادك يتكلموا
ابتلع إهانتها ونهض فأحدت إليه النظر ونهرته:
-إنت شايف نفسك قوي، لتكون مفكر حلاوتك دي كفاية تسعد ست، أنا بنتي خلاص عقلت ومبقتش طيقاك.
هذا ما توقعه حسين فرد بصوتٍ أبح:
-أنا مأجبرتهاش على حاجة، هي اللي جات عندي، وكمان هي اللي طلبت نقرب من بعض
أعرب حسين برده عن بأسه، واحتفظ للنهاية بكرامته، لكن أضنته لميس بقساوة استخفافها به:
-بنتي عاوزة راجل يطلعها فوق، وإنت متلقش بيها، عمرك ما هتقدر تعملها حاجة ولا تحقق طلباتها
رغم صدق ما تقوله استنكره:
-كل حاجة عندك فلوس، مافيش أحسن من إن الواحد يتجوز اللي بيحبه ويعيش معاه على الحلوة والمُرة
كلامه جعلها تبتسم ساخره من سُخفه، قالت:
-بأمارة طليقتك كده.
توقع رده ذاك عليه فهتف واثقًا:
-أهي رجعتلي ندامة، بتتمنى بس أرضى عنها، علشان مقدرتش تعيش مع واحد مبتحبوش
تخوفت لميس أن تضحى ابنتها تلقى ذات المصير، ورغم ذلك أصرت على ما جاءت إليه:
-طلق ورد، هي كمان عاوزة كده
-مش بمزاجك ولا مزاج أي حد، مين إنتِ علشان تطلبي كده.
لمّح حسين بعدم وجود صلة قانونية لتأتي وتجبره على شيء، فاستشاطت لميس فتلك رهبتها، أمرته في حزم:
-أبعد عن بنتي، وطلقها بالذوق، علشان هتندم وأنا اللي هندمك على إنك تقف وتتحداني كده.
نظر لها حسين واجمًا ولم يعلق، فأنهت لميس كلامها وهي تهدده علنًا:
-سهل عليا أنهيك، بس علشان القرابة مع بنتي بكلمك بالذوق ومش عاوزة ءأذيك، فمتجبرنيش أعمل حاجة تضيع بيها مستقبلك إنت لسه صغير.
تحركت لميس وتركته واقفًا في حالة سكون عجيبة، ولعن حسين وضعه، ولعن اللحظة التي اقترب فيها منها، وعلى تعلقه بها، حد أنه ندم على ردة فعله حين علم بفعلتها تجاهه، لكن ماذا عساه أن يفعل؟، كان سيحدث هذا الانفصال عاجلًا غير آجلٍ، وكان لذلك الجْزم ليرفض مجرد الزواج بعد ذلك فقد اجتوى الأمر.
ارتبك فجأة ليلاحظ أن هاتفه يهتز باتصال أحدهم ومن الواضح استمر فترة لم يعيها، فأجاب فورًا حين وجده نفس الرقم المنشود، فأسرع يردد مترنحًا:
-مامــا!
ترددت السيدة زبيدة في قول ما أجبروها عليه كالمرة السابقة وإذاعة حُسن وضعها، فمن نبرة ابنها علمت أنه ليس بخير، فتشددت وقالت سريعًا قبل ملاحظتهم لها:
-حسين أنا مخطوفــة………….!!
******
ظلت صداقته مع من حوله كما هي وهذا ما أراده، وأعلن السيد فاروق وده نحوه بكل سرور، ولم ينزعج من رفض ابنته الزواج به، هو الآخر تهور في إعادة العلاقة، فهو يريد أسرة متكاملة وغير مجبر لقمع نفسه مع فتاة هو نفسه لا يحبهــا ليرضي حنقه من تلك التي رفضته وأعلنت عداوتها لـه.
تأمل حمزة جوانا التي تجلس بجانبه وتبتسم له وهي تمرر له الأوراق كي يوقعها، سألته:
-I see you’re upset, is it because of Laila?!
-أراك منزعجًا، هل السبب ليلة؟!
تفاجأ حمزة من خبث سؤالها متسائلًا:
-Why is she?!
-لما هي؟!
احتفظت جوانا بما تعرفه وقالت في ذكاء:
-Because she told Mr. Suleiman your secrets.
-لأنها أخبرت السيد سليمان بأسرارك.
كأنها مرة أخرى تكشف ما به بكل حنكة فمن أين ستعلم ليلة إن لم يطلعها على تلك أسراره حين أعرب عن تودده وعشقه وكأنها جزءًا منه. هتف منكرًا:
-I’m just annoyed with Noah, Laila has nothing to do with her
-أنا فقط مزعوج من نوح، ليلة لا دخل لها
لم تتمادى جوانا فهي تعي جيدًا تلك العلاقة، فتنهدت بقوة وقالت:
-Mr. Suleiman is having a party tomorrow and he sent you a message asking you to come.
-السيد سليمان سيقيم حفلة غدًا وأرسل لك بضرورة الحضور.
حقًا إن فعلها حمزة لن ينجو، فاحتج:
-If he sees me, he will immediately order me to be punished, and maybe even imprisoned. You don’t know him
-إن رآني سيأمر فورًا بمعاقبتي، وربما يحبسني، أنتِ لا تعرفينه.
اعترضت على ذلك ونصحته:
-You should go and justify everything to him, and do not be afraid, Mr. Jahid will be of help to you.
-يجب أن تذهب، وتبرر له كل شيء، ولا تخف السيد جاهد سيكون عونًا لك.
فكر في كلامها فإن بقى دون تلبية الدعوة سيزيد من ضيق جده نحوه، فقال منصاعًا:
-Get everything ready, I’ll leave at dawn
-جهزي كل شيء، سأسافر فجرًا
انضم بيتر لجلستهما ويبدو عليه الحرد وكأنه جلب معه معلومات ضروسة، وهذا بالضبط حين وقف أمام حمزة قائلًا في حنق:
-السيد نوح يسبقنا بخطوات سيدي، هو يكلف أحدهم منذ فترة لمراقبة كل شيء.
نهض حمزة لمواجهته ولم يتضح له المغزى وبدا مشدوهًا، فأكمل بيتر بنفس صدمته الممزوجة بانفعاله:
-عندما بحثت عن أمر هذه السيدة وأسرتها تفاجأت بأن هناك شخص أمريكي جاء من فترة قصيرة وتزوج بابنة أخ السيدة ويعيش بينهم
بدأ حمزة يتفهم فهتف مهتمًا:
-وطبعًا الراجل ده نوح باعته يراقبهم
وضح بيتر في جد:
-هذا بالضبط.
ثم تابع مترددًا:
-وهناك مصيبة أخرى
لما سيتفاجأ بعد ذلك فقد خالَ له جهل الأخير وفشله في التصرف جيدًا في هذه البلد، والآن يثبت دهائه في ذلك، سأله:
-مصايب أيه تاني؟!
جُبر بيتر على إخباره رغم أن ذلك لن يسُره:
-السيدة مخطوفة، والأغلب هو من فعلهــا………!!
******
أخذ خطوة جريئة وهو قدومه إليها بنفسه رغم تحذير أندرو له والذي يتابع على مقربة منذ وقف أمامها. تأملت السيدة زبيدة ذاك الشاب وفطنت أنه سيدهم ومن اختطفها، وبالتأكيد جاء ليعنفها على ما فعلته وربما سيقتلها لاحقًا فنظرت له في ضعف متمنية أن ينجدها ابنها.
جثا نوح على ركبتيه أمامها وهي تجلس القرفصاء على الأرضية منزوية وخائفة من الجميع، وانتظرت مصيرها المكنود.
نظر نوح لها لبعض الوقت مترددًا في كشف هويته، وسريعًا وبخ نفسه فلما جاء إلى هنا، ولما جاء بها هي إلى هنا؟، وخاصةً حين فضحت أمر خطفها وبات الجميع يعلم. أخذ نفسًا كبيرًا وخاطبها:
-لا تخافي سيدة زبيدة، لن أفعل لكِ شيئًا
ركزت فيه صوته وجدته مألوفًا، كذلك اللغة التي استمعت لها من شخص تعرفه جيدًا، وكونها استنكرت ارتباط الآخر به لم تعطي الأمر أهمية، ففطن نوح أنها لم تتعرف عليه واغتبط، سألها في جد:
-هل أنتِ من قتلتي عمتي لتأخذي كل شيء معها؟!
اضطربت السيدة وهزت رأسها نفيًا، فربما جاء هذا الشاب لينتقم منها ويثأر، فدافعت في خوف:
-معملتش حاجة، مش أنا اللي أعمل كده
من هول الذعر المتملك منها لم يجذبها صوته أو حتى شيء به، وبدت هيئتها خاملة ومتعبة، تناسى نوح العِشرة بينهما وهتف:
-ولما ستتهمك الشرطة؟!، أنتِ تعرفين كل شيء، وإن لم تخبريني لن أرحمك
تعالى صوته وانفعل وهي تستمر في النفي والإنكار، فارتعشت السيدة زبيدة وقالت:
-عـ عاوز مني أيه…..عاوز…تقتلني؟!
أمسك بذقنها وجعلها تنظر إليه ولمح في أعينها الهلع، ولم يشفق على حالتها وهزال جسدها، قال متجبرًا:
-بالطبع سأفعلها إن لم تخبريني، ولن أتردد
داءبت السيدة على موقفها وندمت على عدم التخلص مما معها فقد جلب لها الأمر عدم الراحة والنوائب المتزمتة، ولعنت الصلة بينها وبين عمته، فغضب نوح من سكوتها، ثم ترك ذقنها واعتدل، هتف:
-يبدو أنك لن تتحدثي بسهولة
ثم أشار بيده لاثنين من رجاله للتقدم، وكانت بأيديهما أدوات تعذيب كالعصا والسوط، فصُدم أندرو وهو يتهور هكذا، والواضح شغفه في الحصول على كل شيء أعمى بصيرته، ثم انتفض متفاجئًا حين خاطب رجاله:
-استمروا في تعذيبها إلى أن تتحــدث……………

 

يُتبع

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)