رواية أوزعة هانم الفصل الأول 1 بقلم روان أحمد
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية أوزعة هانم الفصل الأول 1 بقلم روان أحمد
البارت الأول
_ قاعده كدا ليه يابنتي !
_ رفعت عيني بصعوبه من الدوخه اللي صايبه قلبي قبل دماغي .. جسمي بدأ يترعش من الخوف .. ودموعي بدأت أحس بدفاها ع خدودي .. ورجعت بضهري لورا بخوف
_ والله ما معايا فلوس انا معملتش حاجه ابعدي عني بالله عليكِ
_ يعين امك إنتِ خايفه كدا ليه ! انا مش عايزه منك حاجه والله انا بساعدك يابنتي
_ كانت بتقرب مني وانا جسمي تلقائي بيرجع من الخوف .. ملامحها كانت هاديه والطيبه باينه ع وشها بس انا اللي شوفته مش قليل مش هقدر اثق فحد تاني .. مديت ايدي الاتنين ادامي كحمايه ليا وانا بوقفها
_ عشان خاطري ابعدي عني أنا والله معملت حاجه
_ يبابا متخافيش انا جايه اساعدك ب..
_ قبل ماتكمل كلامها عيني ضلمت ومحستش بأي حاجه بعدها.. كان الصداع مُتملك من دماغي لدرجة اني مش قادره افتح عيني حتى بدأت افتحها بهدوء والنور اللي فعنيا مضايقني ولاقيت نفس الست ماسكه إيدي وبتطبطب عليها وحاطه ايديها ع دماغي وصوتها الهادي فالقرآن مالي المكان قلبي كان مطمن ولساني عاجز عن الكلام مش قادره اوقفها وابعد عنها..
_ حمد لله ع سلامتك ياحبيبت قلبي قلقتيني عليكِ يابنتي حاسه بأيه!
_ اتكلمت بعد معافره من تعبي.. انا فين! وحضرتك مين!
_ انتِ فبيتي ياحبيبتي انا قلقت عليكِ لما لاقيتك اترميتي فالارض من خوفك.. خوفت لحد يعمل فيكِ حاجه ويقول دا تبعي.. متقلقيش مني والله انا زي امك عايزه اطمن عليكِ بس
_ غصب عني دموعي نزلت وصعب عليا نفسي اني مش معايا حد ولا ليا حد ودا اكتر حاجه ممكن تهد الإنسان فالدنيا.. ربنا يباركلك ياحجه..
_ حياه ياحبيبتي اسمي حجه حياه.. انتِ عرفيني اسمك وقوليلي فين اهلك!
_ شهقاتي عليت وانا مش قادره اقولها اني مليش اهل خلاص.. اسمي كيان ياحجه معلش سامحيني انا مش هقدر اتكلم فحاجه والله مهدود حيلي ومش عايزه يصعب عليا نفسي وابقى قليله اكتر من كدا قدام حضرتك
_ ضمتني ليها بدون اي كلمه ويمكن دي اكتر حاجه انا كنت محتجاها فالوقت دا.. فضلت اعيط كتير يمكن وجعي يقل شويه.. كسرة النفس وانك تبقى قليل وحساس لاقرب كلمه ممكن تمس كرامتك بعد ماكنت أعز شخص بتبقى صعبه اوي..
_ عدي اسبوعين كنت شيلت الكانولا فيهم لاني كان عندي ضعف كامل فجسمي.. وكنت اتعرفت اكتر ع الحجه حياه وعرفت ان ربنا مرزقهاش بأطفال لعيب من زوجها وانها قالت لأهلها وأهله والناس كلها ان العيب منها هي لحبها ووفاءها لِيه لما قالتلي ” حاجه زي دي يكيان تكسر جبل مش بس راجل وهيحس انه قليل اوي فنظر الناس وهو عندي بالدنيا كلها واللي يضايقه بكلمه واحده أكله بسناني.. دا اللي طلعت بيه من الدنيا يابت.. الحب بقولك الحب”
_ سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
_ رديت بإبتسامه ع عمو محمد.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حمد لله ع سلامتك ياعمو
_ ابتسملي وقال وهو داخل اوضته.. الله يسلمك يابنتي
_ قاطعته بسرعه قبل لما يدخل.. عايزه اتكلم مع حضرتك بعد اذنك
_ حاضر يابنتي خمس دقايق وجايلك
_ اخدت نفس بهدوء وبصتلهم وانا بحاول اكتم دموعي واقدر اجمع كلامي اللي بقالي اكتر من ست ساعات بحاول اجمعه.. انا حقيقي مش عارفه اشكركوا ازاي انتوا يمكن كنتوا احن عليا من اهلي.. اسفه اني مش قادره احكي حاجه عني بس والله مش عشان انا مستغرباكوا او خايفه منكوا.. اخدت نفسي وقولت بدموع.. انا بس مش عايزه اشوف نظرة شفقه منكوا هتوجعني اوي
_ الحجه حياه طبطبت ع ايدي وهي بتحاول تواسيني واتكلم عمو بعد فتره.. بصي يابنتي ربنا يعلم احنا حبناكِ ازاي.. اتنهد بزعل وقال.. جيتي فتحتي علينا احاسيس احنا كنا قفلناها من زمان.. بس عشان احنا فعلا بنحبك وبنخاف عليكِ لأنك حقيقي بقيتي بنتنا زي محنا برضو مش هنقبل ان بنتنا تغضب ربها وتعمل حاجه هي حرام شرعًا ألا وهي انك تقعدي مع راجل اجنبي عنك انا مرضاش لبنتي الحرام .. انا خايف عليكِ ويعلم ربي..
_ الحجه حياه اتكلمت وهي بتشدد ع إيدي وبتعيط.. من اول ماشوفتك قلبي اتعلق بيكِ رغم اني بخاف من خيالي ومبتعاملش مع الناس بس سبحان الله اول لما شوفتك قلبي جري عليكِ قولت مش هقدر اسيبها كدا.. مشيت بنظرها لعمو وكملت.. اول ليله ليكِ هنا قالي اوعي قلبك يتعلق بيها انتِ اللي هتتوجعي.. عياطها زاد وكملت.. بس انا قلبي اتعلق الله
_ قومت بسرعه وانا دموعي اختلطت بدموعها.. حقك عليا والله حقك عليا انا نفسي مش عارفه هلاقي حد يحبني تاني زيكوا ولا لا اوعدك والله مهنساكِ هحكي لربنا عنك كل يوم واقوله يارب دي كرمتني وهي متعرفنيش! اكرمها يارب زي ماكرمتني.. خدت نفسي بالعافيه وكملت.. ولو ربنا أراد ومحصليش حاجه اوعدك هاجيلكوا كل فتره اطمن عليكوا
_ قاطعنا عمو وهو بيبوس ايديها.. كفايه عياط ينور العين انا قولتلك ايه!
_ مشاعري اتحركت ليهم وانا شايفه أجمل وأسمي صور الحب ادامي بيناديلها ب ” نور العين” وهي اكتر من يستحق اللقب دا ست كما يقول المثل “تتحط ع الجرح يطيب”
_ بصي يابنتي انا دورت كتير اوي ع مكان ليكِ تقدري تقعدي فيه واحنا يبقي قلبنا متطمن عليكِ ولاقيت دار مسنين بتاعت واحد معرفه محتاجه بنت تبقى مع الحالات هناك يعني تتابع اكلهم وعلاجهم وكدا هيوفرولك سكن واكل طول اليوم ومرتب بسيط بس اهو تقدري تعيشي بيه وليكِ اجازه الجمعه احنا هنستناكِ كل جمعه يابنتي وبيتنا مفتحولك فأي وقت انتِ مَلِتيه علينا وحقيقي بقينا متونسين بيكِ
_ مقدرتش اسمع اكتر من كدا وخبيت عيوني بإيدي كنت واصله لحالة انهيار.. يارب دنا اهلي رموني فالشارع ازاي تبقى ناس غريبه عني حنينه عليا كدا!
_ رفعت عيوني اللي اتحولت للّون الأحمر واتكلمت وانا باخد نفسي بسرعه.. انا مش عارفه اقول ايه والله ربنا يباركلك ويرزقك من نعيم الدنيا والآخره.. حضرتك مش عارف انت عملتلي ايه.. دا.. دا كتير اوي والله
_ ردت الحجه حياه بسرعه.. انتِ يرخصلك الغالي ياحبيبتي
_ جيه الصبح بسرعه لبست وصليت ركعتين ضحى بنية تيسير الحال وخرجت لقيت الحجه حياه واقفه معاها شنطه سفر كبيره وع وشها ضحكه بشوشه بتخطف قلبي جريت عليها احضنها حقيقي هفتقد حضنها دا اوي كان بالنسبالي نفس من الدنيا..
_ يعز عليا اسيبك تمشي كدا اعذُريني يابنتي.. اوعي تنسيني يكيان انا هقعد استناكِ كل جمعه لو مجتيش هزعل اوي
_ ابتسمت بدموع وبوست راسها.. انا مستغناش يا.. يامي والله
_ ضمتني جامد وصوت عياطها عِلّى.. نور عين امك يكيان انتِ نور عينها.. عينها اتنقلت لعمو محمد اللي كان بيتابعنا بأبتسامه حزينه.. لا يامحمد خدني معاك عايزه اتطمن ع المكان اللي هتقعد فيه مش هقدر استنى هنا
_ عدي ساعتين كنت بنزل من العربيه اللي وقفتنا ادام دار “أمان وحياه للمسنين” دخلت وانا بقدم رجل وبأخر التانيه رغم ريحته الحلوه ونَفَسُه اللي يريح إلا إني كنت حاسه بخوف.. فالعموم انا مش بحب الأماكن الجديده عليا ولازم اخد فتره عشان اقدر اتأقلم.. كنت ماشيه ورا عمو محمد كأني ضِلُه كنت شيفاه.. شيفاه حمايتي من الدنيا.. يمكن لأول مره يتسلِل ليا شعور إني عندي حد بيحبني وخايف عليا فعلا.. اقدر أخده سند وضهر ليا ومايخذلنيش.. عيني كانت بتلف فالمكان بشغف عايزه اعرف كل حاجه فيه جنينتُه كانت واسعه وكلها ورود مختلفه اللون والشكل تسُر القلب وكلها مقاعد استراحه.. وفيه جنب ع الشمال كدا رغم صُغره الا اني فرحت اوي بيه كانوا عاملين مرسَم صُغير جنبه لوح كتير اوي بأشكال مختلفه تخطف العين علطول.. الجنينه كانت واخده المكان كله وفالنص مبنى كبير اوي جنبه مبنى من دور واحد تقريبًا دي شقه لوحدها للإداره.. وقف ادامنا واحد وحضن عمو محمد جامد وقالنا نتبعه عشان يورينا المكان ويفهمني دُورِي ايه.. دخلنا المبنى الكبيره دا اللي فدخلته كانوا مراعيين أصحاب الكراسي المتحركه.. ممراتها كانت كبيره.. والوانها كانت فاتحه تريح القلب.. كُنا كل اوضه بنعدي عليها بيشرحلنا بإيجاز عنها وايه الانشطه اللي جواها..
_ والدور دا كامل الاجنحه بتاعت المسنين.. كل واحد لِيه الجناح الخاص بيه واخر الممر دا فيه تلت غرف مشتركه لان فيه ناس فيهم مبنقدرش نقعدهم لوحدهم منهم أصحاب الزهايمر ومنهم اللي عنده فوبيا من الوحده.. لازم نراعي كل حاله داخله هنا..
_ شاور ع اوضه ع اليمين عكس كل الغرف التانيه وقال.. ودي بقى يكيان اوضتك.. واسعه تقدري ترتاحي فيها.. وكمان ليها الحمام الخاص بيها دي الغرفه الوحيده اللي بتطُل ع الجنينه تحت
_ لفيت فيها بحماس وانا حاسه ان دا مكانِي خلاص مساحتها كانت حلوه ومريحه.. فيها اوضه نوم كامله وأدام السرير موجود شاشه حجمها متناسق مع حجم الحيطه اللي عليها.. فالشمال فيه حمام مساحتُه كانت كويسه برضو.. جريت اشوف البلاكونه اللي خطفتني فثانيه وعرفت انها هتشهد ع حاجات كتير اوي فحياتي..
_ طبعا مش هقدر ادخلك لكل الحالات دلوقتي فالأول هحاول تبقى حالتين بس لحد متفهمي الشغل بإذن الله
_ رد عمو محمد عليه وهو بيطبطب ع كتفه.. مش عارف هرد جميلك دا ازاي.. انت مش عارف هي تهمني ازاي
_ ابتسمله.. ياعم محمد دنا برد جزء صغير من جمايلك اللي مغرقاني فحياتي كلها ربنا يباركلك
_ سند ايده ع كتفه وقاله.. تعالي طيب برا عايزك فحاجه وهما هيظبطوا الدنيا ويرصوا اللبس تعالي
_ خرجوا وانا ضحكت بكسره اني مش معايا غير اللبس اللي عليا اصلا هرص ايه بس!
_ خرجني من شرودي صوت الحجه حياه وهي بتمسك إيدي.. مش عايزه اشوف النظره دي فعينك طول مانا عايشه فاهمه!
_ ضغطت ع كفها اللي حاضن إيدي وانا ببتسم بإمتنان حقيقي.. مش عارفه هقدر اشكركوا ازاي ع كل دا حقيقي انتوا عوض ربنا ليا
_ يابت متخدنيش فدُكه تعالي يلا نرص اللبس دا
_ عقدت حواجبي بإستغراب وسألتها.. لبس ايه انا شنطة لبسي خادوها مني فالشارع
_ ابتسمت بحب وهي بتفتح الشنطه اللي كانت فجنب الاوضه.. واللي بان جواها لبس عُمر عيني مكانت تتخيله فساتين كتير اوي مع كل واحد فيهم خِماره الخاص بيه.. ولبس بيت اكتر بكتير منهم.. قليل لو هقول ان كل حاجه فيهم يفوق عددها الخمسه.. واخر حاجه خرجت اسدالين صلاه معاهم سجاده ومصحف كلهم من نفس اللّون “الأبيض مع الأخضر الفاتح”
_ انتِ ليه بتعملي معايا كدا!
_ ابتسمت حياه وهي بتمسح دموعي، وقالتلي بصوت هادي زي النسمة.. يا كيان.. العوض يا بنتي مش لازم يبقى فلوس ولا لبس ولا بيت كبير. العوض ساعات بيكون في حضن يلمّك، في كلمة تداويكِ.. في ناس ربنا يرزقك بيهم يخلّوا قلبك يطمن بعد خوف طويل.
_ قاطعتها وانا ببص في عينيها بوجع.. بس أنا خسرت كتير أوي يا حجه.. خسرت أهلي وكرامتي وراحتى.. العوض ييجي إزاي بعد دا كله!
_ مسكت إيدي بقوة وقالت.. العوض بييجي لما قلبك يرضى.. لما تبصي وراكِ وتلاقي كل حاجة راحت، وتبصي قدامك تلاقي باب جديد ربنا فتحه. أنا اتحرمت من الخلفة.. بس ربنا عوضني بمحمد، راجل وقف في ضهري وكفاني عن الدنيا كلها.
_ دموعها نزلت من غير ما تحس وكملت.. والنهارده.. ربنا عوضني بيكي إنتِ. يمكن كنت بدعيله من سنين يرزقني ببنت تملى عليا حياتي، وجبهالي من حيث لا أحتسب.
_ قلبي اتقبض وأنا بحس إن كلامها بينزل دوا جُوَّايا.. غصب عني دموعي نزلت أكتر.. يعني إنتِ شايفاني عوض يا حجه؟ أنا اللي مليانة كسر وهم ووجع؟
_ ابتسمت حياه وهي بتطبطب عليّا..
– آه يا بنتي.. ربنا ساعات بيجبر بخاطرنا بحاجات إحنا نفسنا شايفينها وجع، بس في الحقيقة هي هدية.. وإنتِ هدية ربنا لقلبي.. وزي ما أنا عوض ليكِ.. إنتِ كمان أجمل عوض ليا..
_ سكت لحظة وبصيتلها ودموعي مش قادره اوقفها.. كنت مش مصدقة إن في حد شايفني كدا.. رفعت راسي بالعافية وقلت..
– أول مرة يا حجه.. أول مرة أحس إني مش قليلة.. وإني ليا قيمة عند حد.. دايمًا كنت حاسة إني زيادة على الدنيا، وإن وجودي تقيل ع اللي حواليّا..
_ ابتسمت وهي بتاخدني في حضنها تاني.. يا بنتي إنتِ غالية.. وربنا مبيخلقش حد زيادة.. كل واحد لُه معنى ورسالة، حتى وجعك وألمك ليهم معنى. يمكن يكيان يكون في يوم سبب إن قلب يتغير أو روح تتلِم من جديد..
_ صوتي خرج متقطع وأنا حاسة إن قلبي بيتولِد من جديد.. أنا كان نفسي حد يصدق فيا.. نفسي أحس إني مش لوحدي.. نفسي أبقى عوض لحد زي ما إنتي قولتي..
_ مسحت دموعي وقالتلي وهي بتبصلي بكل حب.. خلاص يا حبيبتي.. من النهارده إنتِ مش لوحدك.. اعتبريني أمك.. واعتبري بيتي هو بيتك.. وربنا قادر يخليكِ سبب فرحة لغيرك زي ما بقيتي فرحة ليا.. العوض الحقيقي إن قلبك يتطمن ويلاقي مكانه.
_ ابتسمت من وسط دموعي لأول مرة من سنين.. حسيت إن كلمة “عوض” مش بعيدة، لأ.. يمكن تكون ابتدت من اللحظة دي..
_ عدت عليا ساعه وانا واقفه لسه أدام الدولاب مش مصدقه كل اللي انا فيه.. من اول مقابلتي للحجه حياه.. للمكان اللي انا فيه دلوقتي.. ولِّبسي اللي عُمري ماكنت اتخيل إني هشوفه حتى من بعيد واقول دي حاجتي! عوض ربنا كان كبير وكتير اوي عليَّا.. دايمًا كنت بسمعهم بيقولوا ” الحمد لله يارب دا من الدعاء ربنا استجابلنا” وانا كمان واخيرًا هقول ” يارب انا نولت نصيبي من الاستجابة”..
_ طلعلي ملف فيه الحاله اللي هتدرب عليها الأول.. كانت حَجه كبيره فالسن عندها 86 سنه مريضه اوضتها كامله اجهزه مُعده ليها لأنها دايمًا ع جهاز الأكسجين والمحاليل متعلقلها لعدم قدرتها انها تاكل بس هي فوعيها لسه..
_ بصي يكيان الحَجه سُعاد مريضه كل اللي مطلوب منك تتابعي نسبه الأكسجين والمحاليل لو خلصت تبدليها بس مش اكتر وهي كلامها قليل اوي.. ولو فيه اي حاجه كلميني انا معاكِ متقلقيش
_ ابتسمتله بهدوء.. حاضر ربنا يبارك فحضرتك
_ عدوا اسبوعين بسرعه كنت بحاول اتأقلم ع وضعي الجديد واللي عُمري ماهقدر افكر اغيره لاني مجبره مش مُخيره ببساطه عليه..
_ شايفك ما شاء الله كويسه فالشغل والدنيا ماشيه وعرفت انك ركبتي الكانولا كمان للحَجه اتعلمتيها فين!
_ ابتسمت بكسره وانا بفتكر حلمي اللي ضاع.. انا كنت بدرس تمريض ياعمو جمال
_ كنت قادره اقرأ ملامح وشه وهو مندهش ومتفاجأ بس هو معاه حق واحده جايه من الشارع ل ليها اهل ولا حد تعرفه وجايه بعبايه مبهدله عليها واللي جايبها هنا بيعطف عليها مش اكتر فكان لازم يتفاجأ
_ بجد!
_ متتفاجأش انا كمان كنت جايبه مجموع كليه تمريض بس محلصش نصيب الحمد لله
_ سأل بسرعه.. ليه!
_ هربت بنظري لبعيد وانا بقوم.. معاد العلاج للحَجه سُعاد بعد اذن حضرتك
_ فكل مره بتحط فموقف ممكن يخليني افتكر اللي حصل برجع لنقطة الصفر تاني.. قلبي بيتوجع كأن اللي حصل لسه حاصل امبارح عدي عليه ساعات مش شهرين..
_ قفلت الباب عليا.. وقعدت في الركن زي طفلة صغيرة ضايعة.. حسيت إن كل ذكرياتي واقفة قصادي.. كأنها بتعاندني.. ابتديت أتكلم مع نفسي بصوت متقطع..
– يا كيان.. إنتِ فاكرة قد إيه اتوجعتي! فاكرة كل مرة نديتي على حد وما ردش فاكرة لما كنتِ تستني كلمة حنان وتلاقي بدلها جرح..
_ دموعي نزلت، وفضلت أكمل..
– كنتي بتجري عشان تحسي إنك ليكِ مكان.. وفي الآخر.. بترجعي دايمًا وحيدة.. حتى أقرب الناس ليكِ كانوا يرموا في وشك كلام يكسر جبل.. وإنتِ كنتِ ساكتة عشان اخواتك ميحسوش ان امهم اتكسرت.. بتتظاهري إنك قوية.. بس جواكي كان بينزف وهلكان..
_ أخدت نفس تقيل، وغمضت عيني..
– محدش يعرف إني كنت بنام وأنا حاضنة نفسي عشان أحس بالدفا اللي غاب عني ومعرفش طعمُه ايه .. محدش يعرف إني كنت بكتم وجعي عشان افضل واقفه وصالبه طولي..
_ صوتي اختنق وأنا بقول..
– ليه يا رب.. ليه الأمان كان بعيد كدا عني ! ليه كل حاجة كنت بتمناها كانت بتضيع مني قبل حتى ما ألمسها!
_ قفلت عيني وسندت دماغي ع الحيطة.. فجأة لقيتني راجعة لورا..
– فاكرة يا كيان أول مرة اتقالك “انتِ حِمل علينا مكُناش عايزينك” كنتِ صغيرة ومش فاهمة يعني إيه.. بس الكلمة دي فضلت محفورة جواكِ لحد النهارده.. بنفس وجعها وقتها وانتِ نفسك بس فعروسه زي اصحابك..!
_ شهقت ودموعي نزلت غصب عني..
– فاكرة لما كنتِ تعيطي عشان حضن واحد بس وما تلاقيش غير صوت جامد يزعق ويقولك “كفايه دلع” كنتِ بتجري ع الأوضة وتقعدي تكتمي صوت عياطك في المخدة عشان محدش يسمعك..
_ ابتسمت ابتسامه مكسورة.. وغمضت عيني أكتر..
– والليلة اللي اترميتي فيها برا البيت.. ليلتها اتعلمتي إن أقرب الناس ممكن يبقوا سبب أكبر آذيه ووجع فحياتك .. كنتِ بتبصي للباب يمكن يفتح.. يمكن حد ينادي عليكِ.. يمكن قلبهم يحن.. لكن الباب ما اتفتحش غير جواكِ.. باب الوحدة اللي واكلك من اول يوم ليكِ فالدنيا دي..
_ مسحت دموعي بسرعة كأني خايفه حد يشوف ضعفي.. وانا مش هبقي ضعيفه ابدًا حتى لو من جوايا هشّ..
– اتعلمت أخبي.. أضحك وأنا موجوعة.. وأقول “تمام” وأنا بتكسر. بس الحقيقة.. إني لحد النهارده، لسه شايلة وجع السنين جوا قلبي.. زي.. زي حجر تقيل مش عارفه أشيله..
_ سندت نفسي وقومت اتوضيت ومكنش فيه حد أحن عليا من ربنا.. استغفرت كتير من جوايا ع كل كلمه خرجت مني غصب عني.. وعيطت كتير يمكن دا يخفف عليا.. طاقتي خلصت وميّلت بجنبي ع سجادة الصلاه.. وكأني كنت فحرب وجسمي بيعافر بقاله سنين ومحتاج يرتاح.. فوقت ع صوت خبط ع الباب.. اتعدلت ورديت بصوت يدوب مسموع.. مين!
_ انا عمك جمال يكيان تعالي مكتبي عايزك
_ رديت بهدوء.. هلحق حضرتك حاضر
_ بصي يكيان انا شايف ان شغلك كويس ما شاء الله عليكِ.. هشيلك حمل انتِ قده انا عارف
_ بصيتله بإهتمام فكمل.. دي حاله عندنا اسمها فيروز عندها 50 سنه بقالها هنا سنه وعُمرها مانطقت بكلمه واحده.. واللي كان جايبها واحده جارتها برضو مكانتش تعرف غير اسمها وقالت انها لاقتها فالشارع مصدومه ومش راضيه تتكلم مع حد فجابتها هنا عشان نرعاها
_ سألت بإستغراب.. دي كل المعلومات عنها! يعني متعرفوش اذا كانت متجوزه! او عندها عيال! او حتى عندها اهل!
_ صدقيني انا حاولت معاها كتير بشكل شخصي وجبت كمان دكتور نفسي يحاول معاها وكل محاولتنا كانت بتفشل.. هي أكلها كأنه اكل واحده بتاكل الكميه اللي تخليها عايشه بس فاقده كل حاجه فالحياه.. مش عايز منك اكتر من انك تأكليها.. لأنها استحاله تتكلم خلاص
_ رديت وانا قلقانه من جوايا.. طب لو صدتني اعمل ايه!
_ خليكِ زنانه متسبيهاش غير لما تاكل يكيان حته لقمه فاهمه!
_ اتنهدت وانا حاسه إني داخله ع حاله صعبه مش عارفه هعمل ايه معاها وقولتله.. حاضر
_ كنت ماشيه ببص ع أرقام كل جناح بدور بعيني ع رقم جناحها.. لحد ماعيني وقعت عليه لاقيت الباب مفتوح تقريبًا نصه.. كنت هخبط بس سمعت صوت عياطها من جوا.. رجلي سبقت عقلي ودخلت بسرعه.. لاقيتها قاعده ع كرسي أدام الشباك.. ضهرها محني ودموعها بتنزل زي السيول.. شهقاتها كانت عامله دوشه فهدوء الاوضه.. قلبي وجعني عليها.. حسيت أني داخله ع جرح مفتوح..
_ قبل ماتكلم لاقيتها حست بيا ولفتلي وصرخت بصوت عالي مخنوق من العياط.. انتِ.. انتِ مين سمحلك تدخلي هنا من غير اذني!
_ اتوترت مكنتش عارفه اجمع كلام.. بس حاولت اتماسك.. انا.. انا اسفه الباب كان مفتوح وانا..
_ قاطعتني وهي بتقوم من مكانها متجه ليا وملامحها كلها غضب ممزوج بوجع وكسرة نفس كأني شوفت ضعفها اللي هي مخبياه..
_ صرخت.. براااا.. براااا دلوقتي.. مش عايزه حد فاهمه! كله بيمثل عليا.. كله بيضحك عليا.. مش هسمح لحد يقرب مني
_ ابتديت اترعش من صوتها العالي وغصب عني صعبت عليا يمكن شوفت نفسي فيها رديت بسرعه.. والله مجايه امثل.. انا.. انا زيك.. مكسوره ومليش حد..
_ قربت مني اكتر وعيونها كانت زي أكياس الدم من العصبيه والعياط.. زيي ازاي! ايه اللي يخليكِ زيي! انتِ عارفه انا مين! انتِ عارفه حتى اتعمل فيا ايه!
_ رجعت الخطوه اللي هي قربتها وانا دموعي مش قادره اكتمها اكتر من كدا.. مش عارفه ايه اللي حصل.. بس عارفه الوجع اللي انتِ حساه.. عارفه يعني ايه تبقى لوحدك وتعيطي ومفيش حد يحس بيكِ او يطبطب عليكِ.. الوجع اللي فعنيكِ انا عارفاه.. انا.. انا دُقت منه كتير..
_ سكِتت ثواني.. عينيها لمعت بإستغراب للحظه.. بس رجعت تبصلي بنظره قاسيه وصرخت.. قلت براااا.. امشي من هنا.. آخر مره تدخلي فيها اوضتي سامعه!
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية أوزعة هانم)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)