روايات

رواية أنا لها شمس الجزء الثاني (اذناب الماضي) الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم روز امين

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية أنا لها شمس الجزء الثاني (اذناب الماضي) الفصل التاسع والثلاثون 39 بقلم روز امين

 

 

البارت التاسع والثلاثون

 

 

جلست بجوار شقيقها ينتظرا كلاً منهما كلمات ذاك المحامي الخاص بـ”عمرو البنهاوي” بترقبٍ شديد بعدما هاتف يوسف وأخذ منه ميعادًا بشأن التحدث إليهما بأمرٍ هام، تحمحم المحامي كي ينظف حنجرته ثم تحدث بهدوءٍ وجدية:
-أنا موجود هنا النهاردة بناءًا على الوصية اللي كتبها عمرو بيه البنهاوي الله يرحمه وسجلها في الشهر العقاري، علشان يثبت قانونيتها ويضمن عدم التلاعب في محتواها
وتابع وهو يتلفتُ من حوله:
-عفوًا، هي فين مدام إيثار الجوهري؟!
11

إستند بظهره للخلف وتحدث وهو يشملهُ بنظراتٍ مُبهمة:
-أنا مبلغتهاش، ببساطة لأن الأمر لا يعنيها بشيء

-مين اللي قال كده يا افندم؟!
-أنا اللي قولت…نطقها يوسف بصرامة و أعين حادة كالصقر كتحذيرًا منه، ثم تابع بحدة:
-ولو سمحت ياريت تدخل في الموضوع بسرعة، لأن ورايا ميعاد مهم ومعنديش غير الساعة اللي حددتها لك للزيارة دي
ازدردت “زينة” ريقها وشعرت بالتوتر بسبب تلك الأجواء المشحونة مما جعلها تفرك كفيها ببعضيهما،لاحظ يوسف هذا فبالتالي قام بضم كفها تلقائيًا كي يشعرها بالأمان، وصل إليها دعمهُ فتنهدت براحة واسترخاءٍ، نطق المحامي بجدية ترجع لجدية الأخر:
-تمام يا باشمهندس، أنا هدخل في الموضوع على طول علشان وقتك، زي ما قولت لحضرتك من شوية إن “عمرو” بيه كتب وصية من أول ما نزل على مصر وسجلناها في الشهر العقاري
2

-تمام،كمل حضرتك…قالها يوسف بلامبالاة فتابع المحامي بعدما أخرج ملفًا باللون الازرق يحتوي على بعض الأوراق:
-عمرو بيه جمع كل تركته الموجودة هنا وفي فرنسا و وزعها بالتساوي بين أربع أشخاص
ترقبت زينة الحديث وتوقعت من هم الاربعة، يوسف وشقيقيها الصغار وهي بالتأكيد، لكنها صُدمت لما استمعت إليه:
-حضرتك طبعاً و أولاده الإتنين سليم ونور، وبالمناسبة عمرو بيه أسند وصاية الاولاد ليك يا باشمهندس
تنهدت وهي تنتظر استماع اسمها كوريثة شرعية لأبيها لكن فاجأها المحامي بإعلانه عن الشخص الرابع:
-والشخص الرابع هي مدام إيثار غانم الجوهري.
26

لما يفعلُ بها كل هذا ! لو كانت عدوةً له ما كان عاملها بتلك الطريقةِ المهينة، شعرت بالإهانة وبدون إدراكٍ نزلت دموعها الأليمة، بينما احتد داخل الشاب من تصرف ذاك الرجل الأرعن وتصرفاتهُ التي تدل على أنهُ مريضًا نفسي وما شعر بحاله سوى وهو يهتف بحدة ناعتًا ذاك المعتوه بالجنون:
-نعم، هو الراجل ده مجنون، وأمي تورث فيه ليه إن شاء الله؟! بصفتها إيه بيكتب لها ربع ثروته المجنون ده؟!
كان يتحدث وهو يتطلع من حوله بعقلٍ مُشتت وقلبٍ يحترقُ نارًا ليتابع بجنونٍ:
-هو كان قاصدها، عاوز يخلق مشاكل بين أمي وجوزها حتى بعد موته
توقف لبرهة للتفكُر ثم نطق متسائلاً:
-ثانية واحدة، هو ليه واحد كان بكامل صحته يكتب وصية أصلاً؟! هو كان حاسس بالخطر أو أي حاجة بتهدد حياته ؟!
أجابه المحامي بجدية:
-عمرو بيه كتب الوصية دي من أول إسبوع رجع فيه لمصر، وبحكم شغلي كمحامي أقدر أقول لحضرتك إن كتير من رجال الأعمال بيعملوا كده في الوقت الحالي، كاطمئنان مش أكتر
2

قد يعجبك أيضاً
بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض ) بقلم afafsherif1
بين الرفض والقدر (عريس قيد الرفض )
166K
4.2K
الرفض كلمة كانت بعيدة كل البعد عنها لم يكن لها الحق أبداً بها فهي منذ خُلقت تؤمر ف تطيع تسمع ف تجيب كانت كالإنسان الآلي ليس من حقها أي شئ سوا الطاعة أعطوها حياة هادئ…
نوفيلا 🦋يا كُل كُلي🦋 بقلم RoseAmin
نوفيلا 🦋يا كُل كُلي🦋
48K
1.1K
وسؤالاً دوماً يراودني،كيف حالُ من فارقوا،أمازالت تراودهم تلك الافكار ذاتها، إين هي الأنُ مشاعرهم! رسائلهم!،لحظاتهم الخاصة أمازالت تسكُنهم أم أنها تاهت وأنتست بزحمة الفرا…
حي المغربلين بقلم shiamaasaeed
حي المغربلين
2.4M
63.1K
رواية حي المغربلين.. بداية الرياح نسمة عاصفة بإسم الحب _ صباحية مباركة علي عيونك يا شكولاته. الأمر صعب و مخجل جداً عليها، ليلة أمس كانت رائعة خاض بداخلها كم هائل من المش…
🔷قلبي بنارِها مُغرمُ🔷 بقلم RoseAmin
🔷قلبي بنارِها مُغرمُ🔷
900K
16.9K
سلامْ الله على العزيزٌ قلبيّ ! من الألم ، من الوجع ، من الإنشطار ! أما ذاكَ الذي طعنني غادراً وتسببَ لي بإنشطار روحي ، وجعل كياني مٌشتتً ما بين قلبيّ المٌعلق بعشقهِ ا…
جوازة بدل بقلم user21457441
جوازة بدل
7.6M
165K
حين تُجبر فتاه، على تحمُل عواقب خطأ، غيرها فعله، وهو يبحث عن سعادته، ومن أجل سعادته، لا يهمه، أذا دفعت إبنة عمه، ثمن خطأه، لتقع بيد شخصيه حاده جداً، وليس مطلوب منها سوى…
بحر ثائر بقلم آية العربي بقلم ayaalarabe
بحر ثائر بقلم آية العربي
798K
38.3K
يبدو أنه كلما تألم الإنسان أكثر كلما امتلك براعة الوصف في روايته ، فالمحن لم تخلق عبثًا بل خلقت لتصنع العظماء . بقلم آية العربي #بحر_ثائر ❤
الماسة المكسورة بقلم Lila62470303
الماسة المكسورة
476K
19.8K
عاد الى مصر بعد سنوات طويلة عاشها بالغربة خارج البلاد .. تمكن فيها برغم صغر سنه من تحقيق نجاحات باهرة وعلامات مميزة في عالم الاقتصاد والتجارة والصناعات الثقيلة راسما…
أشار بكفيه وبدأ يتنفس بإنتظام محاولاً تهدأة ورعه، ثم تحدث:
-تمام،مبدأيًا كده الوصية بتاعته دي متلزمنيش في أي حاجة،أولاً مدام إيثار الجوهري هترفض إستلام الميراث ده، ببساطة لأنها طليقته، وهي حاليًا متجوزة راجل محترم ومش من المعقول تروح تقول لجوزها إن طليقها كتب لها ربع ثروته ؟!

نطق المحامي سريعًا للتوضيح:
-حضرتك عارف الثروة دي تُقدر بكام،إحنا بنتكلم في املاك داخل فرنسا وهنا كمان، يعني نصيب أستاذة إيثار لوحدها يُقدر بملايين الدولارات
نطق بصرامةٍ وثباتٍ لا يقبلان المناقشة:
-ولو بتريليونات الدولارات بردوا هترفض
وتابع سريعًا قبل أن يرد الرجل:
-وبالنسبة لميراثي فأنا كمان متنازل عنه ومش هاخد منه مليم واحد

اتسعت أعين الرجل مشدوهًا مما يستمع بينما تطلع يوسف إلى تلك الباكية بصمتٍ وتحدث وهو على يقين أن شقيقته سترفض هذا الإرث الملعون:
-لو “زينة” موافقة تورث فيه فأنا هتنازل لها عن النسبة المحددة ليا، والنسبة اللي مخصصة لأستاذة إيثار الجوهري تقدر توزعها بالتساوي على زينة و نور و سليم
ثم طرح سؤاله من جديد على تلك المنتحبة:
-ده لو زي ما قولت،زينة وافقت
نطقت من بين دموعها بصوتٍ يُدمي القلوب:
-هو أنا ليا حق علشان أوافق أو أرفض يا يوسف، هو مش معتبرني بنته أصلاً علشان يكون لي الحق زيكم في الورث
وتابعت بشهقة خرجت متألمة:
-عمره ما حسسني بحنانه، انا اللي كنت بضحك على نفسي وبصدق إنه بيحبني بجد وراجع ندمان وعاوز يعوضني عن بُعاده عني
1

تطلعت على شقيقها وتابعت بألمٍ ينخر بأعماق قلبها:
-هو كان بيقرب مني علشان أوصله ليك يا يوسف، كان عاملني كبري وانا كنت عارفة بس كنت بضحك على نفسي طول الوقت
7

نطقت بها لتدخل في نوبة بكاء شديدة تحت تأثر يوسف وانشقاق قلبه لأجل شقيقته وما زاد من شدة ألامه هي كلمات تلك التي مالت برأسها مسترسلة بصوتٍ يقطع أنياط القلوب:
-قولت يمكن يحبني لما يقرب مني ويتعرف عليا كويس
حتى المحامي تأثر من كلمات الفتاة وشعورها المميت، سحبها يوسف لأحضانه ثم نطق بحدة وأسى:
-هو اللي خسران يا زينة، خسر حنان وقلب أغلى من الدهب
1

أخذ المحامي نفسًا مطولاً ثم زفره وتحدث بنبرة ظهر عليها التأثر:
-أنا آسف طبعاً للي حصل، أنا مكنتش أعرف إن عمرو بيه عنده بنت تانية غير نور، أنا إتفاجأت بكلامكم ده حالاً
وتابع بجدية:
-نرجع للموضوع الأساسي علشان منضيعش وقت بعض، بالنسبة لكلام حضرتك كله مرفوض وغير قانوني، أنا مكلف أنفذ بنود الوصية بالكامل، حضرتك تستلم الميراث وبعدها إبقى اتنازل عنه للي تحب، بس بعد الاستلام وتنفيذ الوصية
نطق بجدية:
-ولو رفضنا؟!

نطق الرجل موضحًا:
-يا افندم أنا معنديش بدايل ولا حرية التصرف، دي وصية ولازم جميع بنودها تتنفذ بموجب القانون، حضرتك نفذها وخد حقك وبعدها إتصرف فيه بكامل حريتك، يارب حتى تروح تتبرع بيه للجمعيات الخيرية،محدش له عندك حاجه.

إمتعضت ملامحهُ وبدا الغضب على وجههِ، يا لك من رجلاً مريضًا بائس، أتحرم ابنتك من مالك وتمنحه لمن لا صلة لك به، زفر بقوة عبرت عن مدى ما يكنه صدره من غضبٍ عارم لو خرج لاحرق بطريقه الأخضر واليابس ، سيطر على حاله ونطق وهو يهم بالوقوف:
-أوكِ يا متر، أنا هعرض الموضوع على مدام إيثار وهنفكر وأرد عليك آخر الإسبوع إن شاء الله
انصرف الرجل بعدما شكرهما على الاستضافة وبعد أن رحل تحدث يوسف إلى شقيقتهُ بصدقٍ:
-إنتِ زعلانة ليه، أنا معاكِ يا حبيبتي ومش هتخلى عنك ولا هخلي اي حاجة نقصاكي، إن شاء الله هجهزك أحسن جهاز، شاوري إنتِ بس وشوفي أنا هعمل لك إيه
واسترسل مهونًا عليها ما حدث:
-وبعدين المفروض تحمدي ربنا إنه بعد عنك مال حرام ومشبوه، عمرو البنهاوي جمع ماله كله بالحرام يا زينة
أجابته من بين دموع القهر:
-بس خطيبي واهله مش هيفهموا كده يا يوسف
وتابعت تقص عليه ما قالته لها شقيقة خطيبها:
-دي داليا أخت رامي إمبارح بتقول لي ستات العيلة كلهم اتصلوا على ماما ونازلين قر علينا، بيقولوا لها إبنك هيورث ملايين وإحتمال كمان يسكن في الڤيلا اللي اتعملت فيها الخطوبة
وتابعت تخبرهُ كي يضع الحديث في الحسبان:
-متنساش إن رامي نفسه ميعرفش أي حاجة عن مصدر فلوس بابا.
7

صدمهُ حديثها المنافي لما هي عليه من أخلاقٍ حميدة وتربية سليمة، لكن لم تطل صدمته طويلاً، فحقًا المال يغير النفوس، الجميع يتحدث عن الأخلاق والشرف والمباديء، ومع أول إختبارٍ جِدي لامتلاك المال تتغير النفوس وتتبدل المباديء وتتبدد الأخلاق ويتوارى الشرف، صدق من قال “المال كاشف النفوس”جملة حكيمة تظهر كم أن المال يظهر معادن الناس ويبرز أخلاقهم الحقيقية، فالمال ليس مغيرًا للطباع، بل كاشفًا لما داخل الناس من صفات حميدة كانت أو سيئة، والبعض يحلل لنفسه ويتملص من الذنب كما فعلت زينة
سألها يوسف بصدمة:
-إنتِ بتفكري فعلاً تاخدي الورث؟!
5

نطقت بجدية:
-حط نفسك مكاني يا يوسف، أنا ظروفي غيرك، وأمري مش بإيدي زيك، إنتَ زمام أمورك كلها في إيدك وبيسان معاك وعارفة كل حاجه عن بابا وأكيد هتشجعك وتقف معاك في القرار، ده غير إن ظروفك المادية كويسة جدًا وهتعيش حياة محترمة إنتَ ومراتك
واشارت على حالها بدموعٍ متألمة:
– لكن أنا يا يوسف، أنا مملكش أي حاجة في دنيتي، ده لو جوزي لاقدر الله طلع مش كويس وطلقني بعد كام سنة مش هلاقي مكان أروح له ولا بيت يأويني

-وأنا روحت فين يا زينة؟!… قالها بذهولٍ من تفكيرها لتقاطعه بدموعها:
-يا يوسف حاول تفهمني، أنا عمري ما حسيت بالأمان، ودايمًا حاسة نفسي ضيفة على أي مكان بعيش فيه

نطق يلومها بنظراتٍ جالدة للذات:
-وفلوس عمرو البنهاوي المشبوهة هي اللي هتحسسك بالأمان يا زينة؟!
8

-على الاقل هتغنيني عن التلطيم في البيوت وهتغنيني عن شعور الحوجة… قالتها بقهرٍ ودموع فتاة عاشت حياتها منبوذة ولا تشعر سوى بالحرمان والنبذ من الجميع، وتابعت بلهفة مبررة قرارها:
-وبعدين أنا هخرج منها مبلغ كبير لله، أنا ناوية أعمل ملجأ أيتام وأتكفل بكل مصاريفه
رفع حاجبه الأيسر يسألها مستنكرًا:
-ده أنتِ مرتبة كل أمورك على كده،واضح كمان إنك كنتي مستنية الورث بدليل إن حتى طريقة تطهير المال الحرام فكرتي فيها،بس خلي بالك يا زينة، ربنا مش هيتقبل”إنَّ اللَّهَ طيِّبٌ لا يقبلُ إلَّا طيِّبًا”
9

نطقت وقد زين لها الشيطان عملها:
-ربنا هيقبل مني لأن مش أنا اللي جمعته بالحرام يا يوسف، هيحاسب اللي جمعه بالحرام وهيتقبله مني وهيبارك لي في الباقي كمان، لأن ربنا عادل، وإن بنت سُمية اللي عاشت منبوذة العمر كله من بيت البنهاوي، تورث فيه وتعيش في خيرهم غصب عنهم، ده منتهى العدل يا يوسف
5

نطقت جملتها الأخيرة بدموعٍ القهر مما جعل قلبه يرق لها ويأخذها بين أحضانه، لن يلوم عليها فحالة الحرمان والرفض التي عاشتهما تركا أثرا داخل نفسها وأحدثا شرخًا من الصعب مداواته،نطق كي يرفع عنها كاهل الذنب فبالنهاية هي بالغة ومسؤلة عن جميع أفعالها:
-إهدي يا حبيبتي، اللي إنتِ شيفاه صح إعمليه، أنا هتنازل لك عن نصيبي ونصيب ماما هوزعه بينكم انتم التلاتة
تنهدت براحة حين استمعت لمباركة شقيقها او هكذا أوهمت حالها بالإجبار.
16

༺༻༺༻٭༺༻༺༻
مساء اليوم التالي
داخل منزل دكتور ماجد
الأمر أشبه بمحاكمة عائلية نصبتها تلك الشمطاء “نوال” للضغط على يوسف كي يعدل عن قراره بشأن الحصول على حضانة شقيقاه، هي ترى أن ذاك القرار غير عادل بالنسبة لحفيدتها وقد يُعيق سعادتها مع زوجها بل بإمكانه تحويل حياتهما إلى جحيم، يجلس ماجد فوق الأريكةِ متوسطًا والداه، يقابلهُ يوسف الذي يتوسط فريال وبيسان وكأنهما شكلا فريقان متضادان، نطق ماجد بجدية وهو يضع نظرات الشاب تحت المجهر:
-أنا كمان رأيي من رأي جدتك نوال يا يوسف، دي مسؤلية كبيرة ولا أنتَ ولا بيسان قدها
رفع كتفيه وتحدث بأسى يشرح وجهة نظره:
-أنا عارف إن مسؤلية و رعاية طفلين في السِن ده مش سهلة، بس أنا مُجبر يا دكتور، دول إخواتي ومقدرش أسيبهم يتربوا مع أم مجرمة و جد بيشتغل تبع المافيا
وتابع بحيرة وتشتُتٍ ظهرا بعينيه:
-طب قولي، لو حضرتك مكاني كنت هتعمل إيه؟!

باندفاعٍ تحدث:
-مكنتش هعمل زيك أكيد، إنتَ مش هتصلح الكون بأفعالك يا يوسف
وتابع وهو يطالعهُ بنظراتٍ عاتبة من خلف زجاج نظارته الطبية:
– سيبك من دور المثالية اللي إنتَ عايش فيه ده وركز في مستقبلك، إنتَ ظابط مهندس في المخابرات الحربية،إنتَ واعي لمنصبك واللي وصلت له يا ابني؟!
استرسل بنبرة حادة:
-اللي زيك المفروض يحمد ربنا ليل ونهار على كل النعم اللي عطاها لك، حتى أبوك اللي كان نقطة سودة في ملفك ربنا ريحك منه وبطريقة هادية وما اتأذيتش في موته لا أنتَ ولا أختك، واحد خان مراته وهي خلصت عليه،شغل انتقام ستات وبيحصل في أكبر العائلات
2

سألهُ بغرابة لحديثه وموقفه:
-هو حضرتك بتطلب مني أتخلى عن اخواتي وأكون أناني؟!

تطوعت المدعوة نوال بالحديث بعدما عبأت عقل نجلها بما تحدث به منذ قليل:
-يا ابني بلاش الكلام الكبير ده،حماك خايف عليك وعامل على مصلحتك
وتابعت كي يعي على حاله ويتراجع:
-إنتَ مش حمل تربية العيال ومسؤليتهم الكبيرة،دي عاوزة واحد فاضي ومصاريف متلتلة، كل يومين الواد عيان وعاوز يروح للدكتور، ده غير النوادي والتدريبات والمدارس ومتابعتهم في المذاكرة، هو أنتَ فاكرهم زي أختك زينة هتقعدهم معاك وتمشوا حالكم بـ أكل جاهز من برة، وشغالة تيجي تنضف لكم البيت كل كام يوم

تجلس فريال صامتة في حيرة من أمرها، هي لا تريد أن تقف أمام قرار يوسف لكنها بالوقت ذاته تشفق على حال ابنتها وتعلم مشقة الأمر بالنسبة لفتاةٍ مدللة كـ بيسان

نطق يوسف مبررًا:
-أنا الحمدلله حالتي المادية اتحسنت جداً وهقدر أوفر لهم كل اللي محتاجينه سواء من مدارس أو نوادي علشان يعيشوا في مستوى معيشي كويس،وهجيب لهم ناني تراعيهم علشان محملش بيسان أي مسؤلية أو يكونوا عبيء مضاف عليها
وتابع يخبرهم باستفاضة:
-أنا مرتبي من المخابرات والشركة اللي بشتغل معاهم أونلاين كويس جداً،ده غير إن لسه جاي لي عرض هايل من شركة إنترناشيونال في نفس مجالي وبمرتب مغري، وعارضين عليا نسبة سنوية من الأرباح علشان أوافق
-مهو ده اللي أنا بقصده يا يوسف…قالها ماجد بحماسٍ وفخرٍ وتابع شارحًا للفتى علهُ يقتنع:
-إنتَ كل يوم قدرك بيعلى وفرصك في النجاح وجني الأرباح بتزيد،يبقى ليه تقيد نفسك بتربية طفلين هيأخروك ويشدوك لورا، إنتَ شايف الموضوع سهل بالنسبة لك لأنك باصص عليه من برة
وتابع مسترسلاً بإبانة ونُصحٍ صادق:
-خدها نصيحة مني يا ابني، أنا راجل شاركت في رباية طفلين وبقول لك الموضوع صعب فوق ما تتخيل، ولعلمك أنا مشلتش مسؤلية ولادي بالكامل بالعكس،وجودي أنا وفريال في بيت العيلة فادنا وخفف عننا حمل المسؤلية الكبيرة دي، ومع ذلك بقول لك الموضوع صعب،
لكن إنتَ لوحدك بطولك، واختك هتتجوز وهتسيبك
ضيق بين عينيه وتحدث:
-وبعدين فيه نقطة كده في كلامك غريبة ومفهمتهاش
1

طالعه يوسف مترقبًا:
– إنتَ بتقول إن ظروفك المادية كويسة وهتقدر توفر لاخواتك مستوى معيشي كويس، هما العيال دي مش ليهم ورث معاك إنتَ واختك ولا إيه؟!
وتابع بجشعٍ ظهر بعيناه لم يستطع كتمانهِ:
– ده أنا أسمع إن بباك سايب ورث كبير جدا،شركات متنوعة وعقارات هنا في القاهرة، ده غير اللي في فرنسا
ازدرد لعابهُ وغصة توقفت بحلقه قبل أن ينطق بنبرة جادة:
-المحامي زارنا امبارح انا وزينة وبلغنا إن فيه وصية متسجلة في الشهر العقاري،وأنا بلغت المحامي إني متنازل عن حقي في الميراث ده، وإن شاء الله هربي إخواتي بفلوسي وحقهم هيفضل محفوظ لحد ما يكبروا ويقررو هما بنفسهم إذا كانوا هياخدوه ولا لا

جحظت أعين نوال وأوشكت على الإصابة بجلطة دماغية لتصيح بحدة مبالغ بها:
– نعم، إنتَ بتقول إيه يا يوسف،دي نعمة يا ابني، حد يرفس النعمة يا مفتري
1

نطق عن اقتناعٍ تام ورضا:
-أنا مش عاوزها يا تيتا، أنا عندي اللي يكفيني وزيادة، وكفاية إنه بالحلال
نطق زوجها كي يحثها على عدم التدخل في شؤون الغير وفرض رأيها فيما لا يعنيها:
-ده موضوع خاص بيه يا نوال، ملناش دعوة

هتفت معترضة:
-ملناش دعوة ده إيه، ده مستقبل حفيدتي يعني يخصنا إحنا كمان يا ابو ماجد
3

كعادته اتخذ الرجل الصمت من نصيبه بينما زوجته كادت أن تستكمل تطفلها لتوقفها فريال بحديثها المساند لزوج ابنتها:
-أنا فخورة بيك يا يوسف وموافقة جدًا على تصرفك، وكنت هنصدم فيك لو كنت وافقت واخدت مال إنتَ متأكد من جواك إن مصدره حرام، ساعتها كنت هخاف على بنتي معاك
3

هتفت نوال بنبرة لائمة على زوجة نجلها وما تفوهت به وشجعت زوج حفيدتها على التنازل عن تلك الاموال الطائلة التي ستغير حياتهما وتجعلهما من شريحة الأمنين للأبد،هكذا هو تفكير تلك الشمطاء:
-وهو ماله يا ست فريال، يعني هو اللي كان راح لم الفلوس من الحرام يختي؟

تمسكت تلك الجميلة بكف حبيبها في إثباتٍ للجميع بمساندتها لذاك الرائع:
-الموضوع ميخصش حد غير يوسف يا تيتا، وانا بصفتي مراته وشريكة حياته فأنا موافقة جدًا على اللي هو عمله، بالعكس، اللي يوسف عمله زود قيمته في عيوني
5

ابتسم بجاذبية وقام بشكرها بميلة بسيطه من رأسهُ لتومي له بعينيها تخبره أنها تساندهُ بروحها وللنهاية،ضغط ماجد بقوة على كف يده واصطكت أسنانه من شدة الغضب،لطالما ظهر يوسف بصورة البطل المثالي أمام الجميع، عكس شخصيته هو، دائمًا ما يظهر بصورة الرجل الوصولي المتسلقُ على الاكتاف،هتف بحدة لم يستطع تخبأتها:
-تمام، ده بالنسبة لورثك وهنقول إنتَ حُر فيه، نيجي بقى للموضوع الأساسي واللي على ما أظن يا باشمهندس إنه يخصنا كلنا زي ما يخصك بالظبط، لأنه هيأثر بالسلب على حياة بنتي، فأنا بقولها لك يا يوسف، أنا مش موافق
وتابع بنبرة تهديدية:
-ولو صممت على رأيك أنا هأجل الفرح ولا حتى نلغي الجوازة كلها من الأساس ونرتاح
4

صاحت فريال بحدة وشراسة للدفاع عن نجلتها وذاك الحبيب:
-إنتَ بتقول إيه يا ماجد، إنتَ عاوز تطلق بنتك قبل ما تدخل بيت جوزها ؟!
بينما ارتجف جسد بيسان التي تمسكت بكف حبيبها مستنجدة، وبدوره شعر برعشة جسدها فهمس لطمأنتها:
-متخافيش يا حبيبي،مفيش قوة في الدنيا هتقدر تاخدك من جوة حُضني
حركت رأسها عدة مرات بتفهمٍ ومازال الخوف مسيطرًا على كامل كيانها،اما ذاك العاشق فتحدث بهدوءٍ كي لا يزيد من حجم المشكلة التي افتعلها ذاك المتعنت:
-ياريت تهدى ونحاول نتكلم بالمنطق يا دكتور ماجد

نطقت نوال لتهدأة ثورة نجلها:
-اهدى يا ماجد،الكلام ميجيش بالشكل ده،خلينا نقنع الولد بالعقل

-أنا مش ولد حضرتك…قالها يوسف بصرامة بعدما تحولت ملامحه لجادة وتابع مسترسلاً كي يضع حدًا للجميع:
-أنا ظابط مهندس في المخابرات الحربية المصرية، وليا وضعي في الجهاز، وبالنسبة لقرار إخواتي فهو مش مطروح للمناقشة لأنه ميخصش حد غيري أنا والإنسانة اللي هتعيش معايا
هتفت فريال وهي تشدد من مسكة كف حبيبها:
-وأنا موافقة على قرار يوسف، ودي ظروفه اللي اتفرضت عليه وانا هتحملها معاه مهما كانت العواقب.
6

-بيسان، إنتِ اتجننتي؟!
هتف بها ماجد ليقطع حديثه دخول إيثار التي حضرت بناءًا على رسالة نصية من هاتف بيسان بعثتها لها منذ القليل بعدما شعرت بضغط الجميع على يوسف:
-اتجننت علشان أصيلة و واقفة في ضهر جوزها يا دكتور؟!
1

امتعضت ملامحهُ حين رأى تلك التي تثيرهُ بقوتها، لم يكره شخصها بل بغض قوتها وذكائها ودهائها الذي أوصلها لأن تصبح في المكانة الثالثة في القصر بعد علام وفؤاد مباشرةً، حتى أنها تفوقت وفاقت مكانة عصمت، نطق باحترام مجبرًا عليه:
-يعني إنتِ راضية عن اللي بيحصل ده يا مدام؟!

أجابته بهدوءٍ مفتعل:
-لا راضية ولا مقتنعة يا دكتور، ولا أتمنى إبني يسحل نفسه ومراته ويحاسب على أغلاط غيره
ثم رفعت كتفيها باستسلامٍ وتابعت:
-بس قولي في إيدي إيه أعمله
تحركت إلى السيدة نوال التي وقفت لها سريعًا وقامت باحتضانها بتملقٍ ورياء فنطقت إيثار:
-إزي حضرتك يا طنط
-الله يسلمك يا حبيبة قلبي
قدمت التحية أيضًا إلى السيد “عليوة” فردها الرجل باحترام، تحركت إلى نجلها الذي وقف احترامًا وتقديرًا واحتضنها، نطقت فريال وهي تبتعد لتفسح لها المجال:
-تعالي إقعدي جنب يوسف وبيسان
1

-خليكِ مكانك يا فريال، أنا هقعد هنا… أشارت على مقعدٍ منفرد وجلست لتكمل حديثها المساند لنجلها:
-انا كلمت يوسف قبلك يا دكتور، وحاولت كتير أخليه يتخلى عن الفكرة، ولما لقيت كلامي مش جايب نتيجة اضطريت أسكت واحترم رأيه، في الآخر هو راجل واعي ومسؤول عن قراراته، ولما فكرت شوية في الموضوع عذرته

-عذرتيه؟!… قالها مندهشًا ليتابع ضاغطًا على جُرحها كي يضمها لصفه:
-إنتم بتفكروا ازاي يا جماعة، دول ولاد الراجل اللي بهدلك وظلمك يا مدام!
واشار على يوسف:
-واللي كان السبب في ضياع حلمك ولا نسيت يا يوسف

اجابهُ بثقة:
-لا منستش،بس ياريت حضرتك كمان متنساش اللي أنا وصلت له في الطريق اللي ربنا أختارهُ لي، فأنا راضي جداً الحمدلله،وبعدين موضوع إخواتي غير،أنا مش هعاقبهم بذنب أبوهم وهما ضحايا زيهم زيي أنا وزينة،كلنا ضحية لراجل أناني عاش لنفسه ومات بسبب رغباته وأنانيته

نطقت إيثار بنبرة صادقة برغم اعتراضها على تحمل نجلها لمزيدًا من الاعباء:
-بص يا دكتور،أنا منكرش إني زعلانة من تصرف يوسف،بس في نفس الوقت أنا فخورة إن عندي راجل في زمن قل فيه الرجال وكثرت الذكور
وتابعت وهي تشير إليه:
-المفروض تفتخر بيه إنتَ كمان وتطمن إن بنتك في عصمت وحماية راجل هيصونها ويفديها بروحه لو لزم الأمر

-يسلم فمك يا بنتي،هو ده الكلام المظبوط…كلمات نطق بها عليوة بعدما تمزج من حديث تلك القوية الحكيمة التي فرقت بين ضميرها والعقل،وبين قلب الأم والمرأة،وتابعت بزفرة قوية:
-وياسيدي متقلقش على بيسان،أنا وعزة هنساعد يوسف في تربيتهم وأهو ثواب لوجه الله الكريم
2

ابتسم ساخرًا لمعرفته غيرة فؤاد من مجرد ذكر سيرة زوجها السابق ليسألها متهكمًا:
-ويا ترى سيادة المستشار عنده علم بكلامك ده؟!

-ده موضوعي يا دكتور وأنا قادرة أحله بنفسي، خلينا في اللي يخصنا
بالنهاية رضخ الجميع واستسلم لرأي الشاب بعدما وجدوا تمسكه الشديد بالموضوع
__________________

خرج هو و والدته بالحديقة ليصطحبها للخارج وسيعود مرةً آخرى ليتناول العشاء مع عائلة زوجته:
-فيه كارثة حصلت ولازم تعرفيها
ارتجفت أوصالها ونطقت تسألهُ:
-خير يا يوسف
-عمرو بيه البنهاوي،اللي لا عاتقنا حي ولا ميت،مصمم ينكد علينا حياتنا حتى بعد ما فارق الحياة
-ماله… قالتها بقلبٍ يرتجف رعبًا بعدما رأت وجه نجلها العابس، سرد عليها ما حدث لتنطق بصوتٍ يرتجف من شدة غضبه:
-ربنا ينتقم منك يا عمرو يا بنهاوي، ده فؤاد لو عرف حاجة زي كده هيتجنن، هو الراجل ده إيه،شيطان
-ناوية تعملي إيه؟!
هتفت تترجاهُ بعينيها:
-يوسف، أنا مليش دعوة بالليلة دي، خلصني منها من غير بابا ما يعرف، فؤاد لو عرف هيخرب الدنيا
وتابعت بهلعٍ وارتياب:
-وبما إن عمرو مات فمش هيلاقي حد يخرج فيه نار غيرته غيري
-المشكلة إن المحامي قال لي مفيش حل غير إنك تستلمي نصيبك وبعدها إنتِ حرة فيه
1

صاحت بحدة واعتراض:
-نصيب مين إنتَ كمان،من إمتى وأنا ليا حق ونصيب مع ابن البنهاوي؟!، ده أنا في عز ما كنت مراته مكنليش نصيب ولا رأي في أي حاجة، جاي بعد موته ويديني نصيب؟!
أمسك كفيها باحتواءٍ يحثها على التراخي والهدوء:
-إهدي وسبيني أفكر وأقول لك هنعمل إيه
نطقت والرعب سكن مقلتيها:
-مش عايزة فؤاد يعرف يا يوسف، دي فيها نكد ومقاطعة شهرين على الأقل
16

أقبلت عليهما بيسان فصمتا كلاهما وتحدثت إيثار وهي تتهيء للرحيل:
-متنساش تعدي علينا بعد العشا علشان تسلم على جدك واخواتك
-حاضر يا حبيبتي
أمسكت بيسان كفها لتقول:
-ما تقعدي تتعشي معانا يا إيثو
-إحنا اتعشينا، انا مروحة علشان الولاد وخالك
وتابعت:
-خلي بالك من يوسف وأكليه كويس

نطقت وعينيها مليئة بالغرام:
-بتطلبي مني أخلي بالي من قلبي يا إيثو
بطلي مُحن يا بت… قالتها بملاطفة قبل أن تنطلق مغادرة، استدار يوسف لحبيبة القلب وتحدث بابتسامة رضا:
-هو أنا قولت لك قبل كده إني بعشقك
اومأت بسعادة ممتزجة بخجلٍ ليتابع بعينين تنطق هيامًا:
-أنا بحبك قوي يا بوسي، إنتِ النهارده أثبتي لي إني اختياري كان في محله، قولت لنفسي هي دي مراتي اللي هتتحملني واتسند عليها وقت الأزمات
3

نطقت بصدقٍ يقطرُ من بين نبراتها الرقيقة ناهيكَ عن عيناها وما أدراكَ ما سحر عيناها:
-أنا افديك بعنيا يا يوسف، أنا همشي معاك أي طريق تختاره وأنا مغمضة، كفاية إني هبقى مطمنة وانا مسنودة على كتفك
ثارت مشاعرهُ لشدة جمال عيناها وحمرة شفتيها المكتنزة،ارتعشت شفتيه مطالبةً إياه بالتهامها بين خاصتيه، ولولا وجودهما في مكانٍ عام لاستعمل حقه الشرعي كونها زوجته وذاب في شهد شفتاها مقتطفًا بعض القبلات كي يتنعم معها بتذوقها، تبسمت وهي ترى عينيه هائمةً وهي تغوص على تقاسيم وجهها بغرامٍ واشتياق، همس بنبرة متحشرجة:
-متيجي ندخل من غير فرح ولا أي حاجة
لم تستوعب حديثهُ فتابع شارحًا:
-ما احنا مش هينفع نعمل فرح حاليًا علشان ماما وزعلها على جدتي منيرة
وتابع بعينين تنطق غرامًا و ولهًا:
-وأنا بصراحة مش هقدر أصبر الأربع شهور اللي بابا فؤاد حددهم على ميعاد الفرح، فأيه رأيك نكلم بابا في إننا نتجوز بحفلة بسيطة من غير فرح
1

تبسمت وأخذ جسدها ينتفض خجلاً ممتزجًا بسعادة، شعورًا هائلاً تملك من كيانها وهي ترى كل ذاك السحر والعشق يتملكان من حبيبها، نظراتهُ وهي تجولُ وتصول فوق شفتيها بتمني واشتهاءٍ، حنينهُ الظاهر من بين حروفهِ، نبضات قلبه السريع وصدره المنتفض من بين ضلوعه، هيأته المثيرة لها كحبيبة تذوبُ عشقًا في غرام محبوبها، نطقت من بين شفتيها المثيرة:
-أنا بحبك قوي يا يوسف، بحبك قوي

-وأنا بموت فيكِ يا عمر يوسف كله…همس بها وهو يتمسكُ بكفها ليرفعهُ إلى فمهِ وكعادته وضع قُبلة إمتص بها جلد تلك التي ارتعش جسدها بالكامل تأثرًا لتنظر لعيناه الهائمة،تحمحم حين شعر بأن زمام الأمور سينفلتُ من بين يديه لذا تحدث:
-يلا ندخل جوه يا حبيبي
تحركت بجوارة متشابكان الأيدي ليجدا فريال كانت بطريقها إليهما فتبسمت وهي ترى سعادتهما :
-يلا يا ولاد العشا جاهز
-حاضر يا حبيبتي… قالها بلطفٍ وتحرك بجوار كلتاهما للداخل

بنفس التوقيت كانت زينة تجلسُ داخل الشرفة تفكر فيما بدر منها وحديثها مع شقيقها، زفرت بضيقٍ عندما جال بخاطرها أن يوسف أخذ عنها فكرة أنها طامعة ولا يشغلها سوى المال، بكت وشعرت بصغر حجمها أمام ذاك النبيل، لكن الشيطان كالعادة وسوس لها وزين لها خطوتها التي اتخذتها نحو الميراث وبررت لحالها أن لا ذنب لها بأعمال والدها المشبوهة، هاجسًا مسيطرًا عليها طيلة الوقت، أنها وحيدة بلا مال في عالمٍ من لا يملك المال لا يملك كرامته.
7

༺༻༺༻٭༺༻༺༻
بنفس التوقيت، داخل منزل السيدة أزهار زوجة هارون
ولچت بالتوقيت اليومي لغرس سِن الإبرة المحملة بالفيروس المميت داخل جسد تلك الطاغية، وجدتها منبطحة على الأرض لا حول لها ولا قوة، استمعت انينًا منها وكأنها تناديها كي تساعدها على النجاة،إقتربت وتمعنت بوجهها جيدًا لترى فمها معوجًا وإحدى عينيها مغلقة، تطلعت جيدًا فوجدت جسدها أيضًا متيبسًا مما يدل على إصابتها بشللٍ تام بجسدها بعد صدمتها جراء معرفتها بخبر وفاة نجلها المقرب للقلب،فهي منذ أن علمت بالخبر المشؤوم لم تكف عن الصراخ والعويل والبكاء، إرتجف جسد أزهار فبرغم جبروت الآخرى إلا أنها تظل إنسانة ولديها قلبًا، على الفور اتصلت بالسيد محمد ناصف وأخبرته بما جرى وقد طلب لها سيارة الإنقاذ وتم نقلها إلى مشفى المركز وأخبرهما باحتمالية إصابتها بمرض نقص المناعة المعروف عالميًا ب”الإيدز”، أخبرهما الطبيب بإصابتها بجلطة دماغية شديدة وطلب منهم مكوثها بالمشفى لعدة أيام حتى تستقر الحالة.

༺༻༺༻٭༺༻༺༻
داخل قصر علام زين الدين
صعدت إيثار بعدما حضر يوسف وقضى معهم بعض الوقت ثم انسحب مغادرًا كي لا يترك شقيقته بمفردها، كانت تجوب الغرفة إيابًا وذهابًا بجسدٍ مرهق وعقلٍ على وشك الجنون، زفرت بقوة وتوقفت بمنتصف الغرفة وبعدها تحركت سريعًا إلى خزانة الملابس وأخرجت إحدى بدلات الرقص باللون النبيذي وأيضًا ذاك الخلخال الالماسي الذي جلبهُ لها ذاك المراوغ ببداية زواجهما حتى من قبل الدخول الشرعي بها كزوجة، أخذت نفسًا عميقًا وزفرته في محاولة لطرد تلك المشاعر بالخوف التي تملكت منها منذ أن استمعت لذاك الخبر المشؤوم، أرادت أن تُسعد زوجها وتخرج معه من تلك الحالة التي يبست عقلها، تحركت إلى الطابق الارضي لتجد عزة بطريقها لصعود الدرج، نطقت تسألها بعدما لمحتها تقصد باب القصر:
-رايحة على فين، وإيه الكيس اللي في إيدك ده؟!

– إنتِ إيه اللي مصحيكي لحد الوقت؟!
نطقت بلامبالاة:
-مفيش، لقيت نفسي مش جاي لي نوم، وشوفت نور المكتب منور وسيادة المستشار لسه جوه بيشتغل وشكله مطول، والعيال ناموا قولت أطلع أتسلى معاكِ شوية
وتابعت وهي تتطلعُ على ما بيدها بتمعنٍ شديد:
-مقولتليش، إيه اللي في إيدك ده؟
خجلت تجيبها فتبسمت الأخرى بعدما فطنت، نطقت وهي تأخذ منها الكيس:
-هاتي أدخل لك الحاجات دي وأشغل لك الزاكوزي، وهولع لك كمان كام شمعة من ام ريحة حلوة دي
ازدردت لعابها ثم نطقت بخجلٍ زادت حمرتهُ من جمال وجهها:
-متشكرة يا عزة
تحركت عزة للخارج بينما اتجهت هي إلى حجرة المكتب ودقت بابها بهدوءٍ، ولچت وتحركت إليه بدلالٍ لتقول كي ينتبه ذاك المنكب فوق ملف أحد القضايا الهامة التي وكلها لهُ النائب العام شخصيًا ويعود ذلك لأهمية مكانة فؤاد داخل جهاز النيابة العامة وبعد تلقي فؤاد ترقية هامة منذ إسبوعًا واحدًا،حيث تمت ترقيته إلى “محامي عام”، نطقت بدلالٍ كي تعلمهُ بوجودها:
-ممكن أخد حبيبي شوية من ضغط الشغل
4

رفع رأسهِ يطالع تلك الجميلة وغنچها وهي تقبل عليه بدلالٍ أنثوي فطن هو مغزاه،رفع عنه تلك النظارة الطبية وتحدث بابتسامةٍ عذبة:
-حبيبك ملك إيدين مراته حبيبته،وجاهز وعلى أتم الاستعداد في أي وقت
غمز بعينيه ليتابع مشيتها وغنچها:
-بس الباشا يأشر وإحنا رهن التنفيذ
تبسمت برضا واقتربت عليه ليرفع هو وجههِ يطالعها بعشقٍ لم ينقص يومًا بل يزدادً مع مرور الوقت، وضعت كفيها على كتفيه وباتت تدلكهما بدلالٍ وحركاتٍ مقصودة لإثارته وهي تقول:
-أنا عازمة حبيبي على حفلة مساچ في الچاكوزي، إيه رأيك
رفع حاجبهُ وبات يحرك لسانهُ بحركة دائرية على شفته العُليا بطريقة مثيرة قبل أن ينطق:
-ودي عاوزة رأي يا باشا
-يعني مش هعطلك؟!
نطق بإثارة:
-عطل براحتك يا جنابوا
تابعت ومازالت تدلك له أكتافه:
-طب ومصالح العباد والبلاد يا سيادة المستشار!
ابتسم حين فهم مغزى جملتها،فهي تذكرهُ بأول لقاءًا لهما داخل مكتب أيمن الأباصيري عندما فقد صبرهُ عليها،نطق بمغزي وغمزة ذات معنى:
– فداك وفدى الچاكوزي يا قلب سيادة المستشار
-طب يلا… همست بها بدلالٍ وهي تسحبه من كفه لتحثهُ على الوقوف وبالفعل تحرك بجوارها تاركًا من خلفهِ الدنيا وما فيها.
8

وصلا إلى حجرة الچاكوزي ليجد عزة تخرج منها وعلى الفور نطقت بابتسامة سعيدة:
-إتفضل يا باشا،أنا جهزت لك كل حاجة
وتابعت بانشكاحٍ:
– ده أنتَ هتنبهر
8

قطب جبينه يسألها ساخرًا:
-عارفة يا عزة ما يكون فيها غنوة من أغانيكي إياهم هعمل فيكِ إيه
قاطعته متملصة:
-مجتش جنب الاغاني، الجهاز جوة عندك ايكش تشغل حتى الست ام كلسون
-كلسون؟! كررها بذهولٍ واستنكار ليتابع تحت ضحكات تلك العاشقة التي تشاهد مناوشاتهما بكثيرًا من الاستمتاع والترقب:
-روحي نامي يا عزة
وتابع ساخرًا مستخدمًا كلمتها الشهيرة:
-ألاَ، تستهوي
اطلقت ضحكة وهي تقول:
-يو كتك إيه يا باشا، دمك زي العسل
شيع رحيلها بنظراتٍ مذهولة تحت قهقهات إيثار التي جذبته ليلچا ويختفيا خلف باب الحجرة ليسألها:
-عاجبك المسخرة دي يا هانم، بقى فؤاد علام ييجي عليه الزمن ويتقال له
وتابع مقلدًا صوتها وهو يخبط كفًا بالأخر:
-يو كتك إيه يا باشا
تعالت ضحكاتها اكثر وهي تقول:
-طب والله عزة دي سكر، تنكر إن كلامها على قلبك زي العسل
إقترب يضمها عليه وهو يقول بهيامٍ ظهر بصوتهِ الحنون:
-أي حد من ريحة حبيبي كلامه وأفعاله على قلبي احلى من العسل
إلتقط شفتيها ليذوب معها، تنصلت من بين يديه وتحدثت وهي تُبعد جسدها عنه:
-إستنى، انا محضرة لك مفاجأة
3

نطق وهو يتابع تحركها صوب ذاك الساتر الخشبي واختفت خلفهُ لتغيير ملابسها:
– يا مفاجاتك يا باشا قلبي
بعد قليل فتح عينيه مذبهلاً وهو يراها بكل هذا السحر والدلال، أشعل موسيقى وبدأت هي تتمايلُ برقصاتٍ اذابت بها قلبه، قضيا وقتًا ليس بالقليل ما بين الرقص وتدليك جسده ببعض الزيوت العطرية وأيضًا قضاء وقتًا حميميًا ثم استند بظهرهِ كعادته على جدران المسبح واسندها أمامه، تناول إحدى حبات الفراولة وقربها من فمها لتقطم نصفها ويلتهم هو النصف الأخر وبات بمضغهِ ثم أغمض عينيه ورمى رأسه للخلف وتحدث لتلك المسترخية بظهرها على صدره:
-يلا بقى يا إيثو، هاتي ما عِندك
فتحت عينيها سريعًا لتسألهُ باستغراب:
-يعني إيه؟
-يعني اللي ربى خير من اللي اشترى يا بابا، عاوزة تفهميني إن دخلتك عليا المكتب بالشكل ده، وجلسة المساچ وعزة وشموعها والبدلة النبيتي، وخلخالي المُفضل والليلة اللي هتتحفر جوايا دي، كل ده لوجه الله
وتابع بسخرية:
-إنجزي يا حبيبي وإعترفي هببتي إيه من ورايا
16

-مش أنا، أنا مليش ذنب والله يا فؤاد… قالتها بارتيابٍ وجسدٍ منتفض جعله يتأهب بجلوسه وسألها مستنفرًا:
-ده الموضوع بجد بقى، إنطقي يا إيثار
10

على الرغم أنها ما كانت تنوي إخباره إطلاقًا بذاك الموضوع وستعمل على حله بمساعدة يوسف لكن إسلوبهُ المريب جعلها تعترف دون إدراكٍ منها:
-عمرو البنهاوي
-إشمعنا؟!… قالها بأعين تطلق سهامًا نارية وكأنهُ يتأهب لما هو آت،ابتلعت ريقها ونطقت والرعب يملؤ نفسها:
-كتب لي ربع ثروته في وصية متسجلة في الشهر العقاري
5

-ليلتك سودة يا إيثار يا جوهري…قالها وكأنه تحول إلى غول على أتم الإستعداد لالتهامها،نظراتهُ المريبة جعلتها تهب واقفة وتحركت منتفضة تتخبطُ في الماء حتى خرجت منه وباتت تدور في الغرفة وهو يناديها:
-تعالي لي هنا يا هااانم،ده أنتِ ليلتك مش فايتة النهارده.
33

༺༻༺༻٭༺༻༺༻
بنفس التوقيت داخل دولة فرنسا
كان بين رجالة يقوم بتسليم شُحنة كبيرة من الأسلحة مقابل شحنة من الهيروين فداهمت الشرطة المكان ليتفاجأ ويطلب من رجاله المقاومة وعدم الاستسلام، بات الطرفين يتبادلون إطلاق النار على بعضهم وأثناء هروب سليم إلياس أصيب بطلق ناري في مقدمة رأسه ليقع صريعًا في الحال، في الوقت نفسه، داهم بعض رجال الشرطة التابعون للإنتربول الدولي بعد تلقيهم إشارة من الانتربول المصري بالقبض على تلك القاتلة، وبعد عمل التحريات اللازمة داهموا المنزل وتم القبض على رولا سليم إلياس قبل الهرب إلى لندن بليلةٍ واحدة تحت صرخاتها المرتعبة وهي تخبر والدتها:
-إتصلي بالبابا وخبريه لحتى ييجي ويلحقني، خبريه يا ماما
نطقت المرأة بجسدٍ منتفض وهي تشيع رحيل ابنتها المقيدة من قِبل الشرطة:
-ما تعتلي هم يا تؤبريني، هلئ بخبره وبيخرچك من هالورطة وما رح يصيبك شي
وتابعت وهي تتابع دخول ابنتها سيارة الشرطة:
-رح تلفن له حالاً لحتى يحصلك على الدرچ
2

صاحت رولا بهلعٍ وهي توصي أمها على نجليها:
-ديري بالك عسَليم ونور يا ماما.
صاحت المرأة بدموعٍ وهي تهرول إلى الهاتف الجوال كي تستعين بزوجها:
-شو عِملتي بحالك يا رولا، قِلت لك اتركيه لبَيِك وزلمته، ما رديتي علي يا ماما، ضيعتي حالك
وتابعت بدموعٍ وهي ترى زوجها لا يُجيب على هاتفه:
-وينك لهلئ يا سَليم، تعا شوف اللمصيبة يلي وقعنا فيها بسبب هاديك الحقير يلي سلمته بنتك.
11

إنتهى الفصل
«أذنابُ الماضي»
بقلمي« روز أمين»

 

 

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى