رواية أنا لها شمس الجزء الثاني (اذناب الماضي) الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم روز امين
رواية أنا لها شمس الجزء الثاني (اذناب الماضي) الفصل الحادي والثلاثون 31 بقلم روز امين
البارت الحادي والثلاثون
🔹الفصل الثلاثون🔹
«أذنابُ الماضي»
#_أنا لها شمس الجزء الثاني،بقلمي روز آمين
هذه الروايه مسجلة حصرياً بإسمي روز آمين
وممنوع نقلها لأية مدونة أو موقع أو صفحات أخري ومن يفعل ذلك قد يعرض حالة للمسائلة القانونية
__________________________
خرج يوسف من غرفته بعدما قام بارتداء ملابس حرص على أن تكون محتشمة عبارة عن بنطال قطني وقميصًا نصف كم، وجد شقيقته قد حضرت للتو من الخارج فأسرعت عليه تحتضنه تحت نظرات تلك العاشقة الغيور على حضن حبيبها، ملس على حجاب شقيقته التي تحدثت بنبرة يملؤها الحنين:
-وحشتني يا يوسف
ابتسم وهو يطالع عينيها، يا الله على ما يشعر بهِ تجاة تلك الحبيبة، هي ليست بشقيقة عادية، كثيرًا من الأحيان يشعر كأنها قطعة من روحه،ضعفها واحتياجها الدائم له زاد من مساحة وجودها داخل قلبه، تحدث بنبرة يغلب عليها الاشتياق:
-إنتِ كمان وحشتيني قوي يا زينة
وتابع للإطمئنان عليها:
-طمنيني، إنتِ كويسة؟
تعجبت تلك التي تراقب تصرفات كلاً منهما باستغرابٍ ممتزج بفخرٍ بحبيبها الحنون، حقًا لقد حظيت برجلٍ اجتمعت فيه كل خصال الرجولة، اقتربت منهما وتخسرت بكفيها قبل ان تنطق بملاطفة:
-تحبوا اطلب لكم اتنين ليمون علشان تعرفوا تحبوا في بعض كويس؟
وتابعت:
-إيه الاوڤر اللي انتم فيه ده؟ ده انتوا مكملتوش كام ساعة بُعاد عن بعض!
ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهه لينطق قاصدًا شقيقته في مداعبة لطيفة لمالكة الروح:
-الأستاذة شكلها غيرانة
ضحكت زينة ودفنت حالها أكثر في أحضان ذاك العوض من الله فضحك يوسف على تلك التي لوت فاهها بحزنٍ ظهر بعينيها مما جعلهُ يترك زينة ويقترب منها ويدخلها بأحضانه،لم يستطيع بكلمات العالم أجمع وكل لغاته التي اكتشفها البشر إلى الآن تفسير ما يشعر به من راحةٍ واستكانة ومشاعرًا بالحبور، عندما يسكنها أحضانه وتقترب القلوب، يا لهُ من شعورٍ هائل محملاً بكثيرًا من المشاعر المختلفة، تنفست براحة وهي تضع خدها على موضع قلبه، أغمضت عينيها وهي تلف ساعديها حول خسره بتملُكٍ واستمتاع متغاضية وجود زينة التي ارتبكت وتحركت نحو غرفتها بعدما شعرت بالخجل، أبعدها يوسف وهمس بأذنها:
– ينفع كده، أهي زينة انكسفت ودخلت اوضتها
-يوسف…قالتها برقة ممتزجة بعبوسٍ ليجيبها سريعًا بصوتٍ ونظراتٍ هائمة:
-عيون يوسف
تبسمت لتتابع بشفاهٍ ممدودة للأمام ودلال العالم أكمل اجتمع بصوتها ونظراتها وهي تعبث بأصابعها على موضع قلبه:
-ممكن مش تحضن حد قدامي؟
ضيق بين عينيه فتابعت بدلالٍ كاد أن يفقد المحب عقله:
-أنا بغير عليك قوي،إنتَ بتاعي أنا وبس يا يوسف
أشارت بصباع السبابة على صدرهِ مسترسلة:
-وحضنك ده ملكي،ومش من حقك تسَكِن غيري في مِلكي
-حاضر… قالها بطاعة أثارت جنونها فتبسمت وهي تقول بميلة صغيرة من رأسها:
-بحبك
-وأنا بعشقك يا غرامي… نطقها بهيامٍ ليبتعد فورًا خشية الاندماج معها في تلك الموجة من المشاعر الهوجاء ونادي بعلو صوته:
-زينة، حبيبتي تعالي
قد يعجبك أيضاً
سهم الهوي “إمرأة الجاسر” بقلم user21457441
سهم الهوي “إمرأة الجاسر”
1.7M
57.6K
سهم الهوي….. إمرأة الجاسر لا تغترِ عزيزتى وتتباهي أنا الملكة،وسأظل ملكة لا أنكسر ولا أندثر، أنا لستُ كـ باقى النساء اللواتى أضعفهن وأخضعهن عشق كاذب طامع،مازال بيدى ال…
بــراءة 13 بقلم AdianaAdiana0
بــراءة 13
614K
18.3K
فتاةٌ قَويةً مِمزوجـة بـ البَـراءة واللطف حيث كـانتِ تظُن إن حياتُها سَتتغير للأجَمل لكن تغيّـرُت مِسيرة حياتها للأسـوء هَرولـت لـ ذلك الطريق الملغم و من بَعد دخَـول…
للقلب أخطاء لا تُغتفر بقلم آية العربي بقلم ayaalarabe
للقلب أخطاء لا تُغتفر بقلم آية العربي
1.2M
47.2K
صعيدية دراما تشويق أيهما أفضل !!! أن يفوتنا القطار ونظل في محطتنا الآمنة نوعاً ما ؟ أم نصعد على متن قطار خاطئ لا نعلم أي اتجاه سيسلك ….. لربما مر بك على نفقٍ مظلم…
🔷أنا لها شمس 🔷 بقلم RoseAmin
🔷أنا لها شمس 🔷
1.2M
26K
دوائر مُفرغة،بتُ أشعرُ أني تائهة داخل دوائر مُغلقة الإحْكَام حيثُ لا مَفَرّ ولا إِدْبَار،كلما سعيتُ وحاولت البُزُغُ منها والنأيُ بحالي،إِسْتَنْبَطتُ أني عُدتُ لنقطة البد…
«قلوب حائرة» الجزء الأول بقلمي روز أمين بقلم RoseAmin
«قلوب حائرة» الجزء الأول بقلمي روز أمين
943K
15K
داخل أعماقِ قصص الهويْ،دائمآ ما تكون البداياتِ أفضل وألطف،بعدها يبدأ الشغف بالتلاشي رويدآ رويداْ،حتي يصبح الأمر عادي وبقصتي مع زوجي وحبيبي لم يكن الأمر يومآ عادي،فكل يوم…
(كلهم مصطفى أبو حجر؟) النسخة الورقية بقلم WriterAlaaHassan
(كلهم مصطفى أبو حجر؟) النسخة الورقية
385K
20.2K
تدور أحداث الرواية حول فتاة في الثلاثين من عمرها تقع في حُب كاتبها المُفضل وتلتقيه للمرة الأولى خلال فعاليات معرض الكتاب عن طريق الصدفة لتتوطد العلاقة بينهما فيما بعد وت…
نوفيلا وارتوى الفؤاد بقلم SehamSadek3
نوفيلا وارتوى الفؤاد
104K
2.9K
الملخص. لم تهوىٰ يومًا حضور حفلات الزفاف لكن هذا الحفل كان مختلفًا بالنسبة لها، حفل حضرته من أجل هدف واحد.. هو لفت انتباه ذلك الذي صار يحتل عقلها ويخفق قلبها عند رؤيته…
خرجت الفتاة تحت استغراب بيسان فتابع يوسف وهو يُشير إلى حبيبته:
-باركي لـ بوسي،هتتحجب خلاص
ابتسمت الفتاة وتحدثت بسعادة ظهرت فوق ملامحها:
– مبروك يا بوسي
اجابتها بسعادة نابعة من قلبها العاشق وهو يرى سعادة حبيبها لذاك القرار:
-الله يبارك فيكِ يا قلبي
تابع يوسف وهو يُشير لشقيقته:
-خدي بوسي جوه في أوضتك وخليها تختار حجاب من عندك علشان تلبسه وهي مروحة
طالعته بدهشة فتحدث هو بملاطفة:
-مش اتفقنا ولا إيه؟
راوغتهُ بالاجابة باعتراضٍ لطيف:
-اوكِ بس مش لازم يكون النهارده
-حبيبي…قالها بهدوءٍ وتابع مشيرًا إلى باب المسكن:
-إدخلي اختاري الحجاب علشان مش هتخرجي من الباب ده النهارده غير وانتِ لبساه،ومن تدابير ربنا إنك لابسة بدلة محتشمة تنفع مع الحجاب
ضيقت ما بين عينيها فاقترب عليها ومال بطوله ليتابع بهمسٍ أربك كيانها:
-مش إنتِ قولتي من شوية مبحبش حد يُسكن حضن حبيبي غيري، أنا كمان بغير على حبيبي ومش عاوز حد يستمتع بشعره غيري
دارت فراشات الغرام من حولها لتشعر وكأن قلبها يرفرفُ من شدة سعادته،هرولت نحو الفتاة وتحدثت بنبرة حماسية:
-يلا يا زينة
استمع إلى رنين جرس الباب فتحدث:
-ده أكيد الدليفري جاب الاكل، يلا بسرعة علشان نتغدا وألحق أروحك بدري يا بوسي
بعد قليل خرجت من الغرفة مرتدية الحجاب ولأول مرة يراها به،يا الله كم زادها نورًا وحشمة واظهر استدارة وجهها ، تسمرت عيناه على وجهها وجمال ملامحها التي برزت مع تحديد الحجاب لها،أما هي فكانت تتطلع على نظراته المنبهرة ببالغٍ من السعادة، تاه كلاهما في أعين الآخر حتى أخرجهما صوت زينة التي تحدثت بفخرٍ وهي تشير إلى زوجة شقيقها الجميلة:
-إيه رأيك في بوسي بالحجاب يا يوسف؟
-هايلة…قالها بانبهارٍ وتابع وهو يقترب عليها:
-زي القمر يا حبيبي، مبروك
ابتسمت وأجابته:
-الله يبارك فيك يا چو
كان صوتها رائعًا جذبهُ للحد الذي جعلهُ يغرقُ ببحر عيناها، تحمحم منتبهًا لحالته ووجود زينة فتحدث مشيرًا نحو الطاولة:
-يلا يا زينة افتحي الأكل ورصيه
هرولت بيسان مع زينة وقاموا برص الأطعمة وبعد عدة دقائق كانوا يلتفون حول الطاولة يتناولون الطعام بهدوءٍ، ترأس يوسف الطاولة ليجاوراه عزيزتاي عينيه، سرح فيما حدث وكأنه عاد من عالم الأحلام مع حبيبته ليصتدم بأرض الواقع اللعين، تنهد بضيقٍ ظهر بينًا فوق ملامحه وبدأ مضغه للطعام يبطأ نظرًا لتشتته،تطلعت زينة إلى تلك التي تقابلها الجلوس واستفسرت بعينيها عما يحدث لشقيقها، طالعتها الأخرى بنظراتٍ عابسة، فقررت أن تسأله مباشرةً:
-مالك يا يوسف؟!
تنفس بعمقٍ حاول به ضبط النفس ثم أجابها بصوتٍ طغى عليه الحزن:
-مفيش حاجة يا حبيبتي
نظرت إلى بوسي وجدتها تطالعهُ والألم يسكن عينيها لأجله فنطقت بإصرارٍ:
-هو أنا مش عارفاك يا يوسف، إنتَ وبوسي شكلكم مش طبيعي
ثم ضيقت عينيها وتابعت بتفكر:
-وبعدين هو انت جيت بدري ازاي، مش قولت انك هتبات مع خالتي إيثار في البلد؟!
أغمض عينيه فى ألمٍ ثم فتحهما من جديد وأجابها بأسى:
-البركة في جدتك
طالعته بدهشة لتتطوع بيسان بقص ما حدث رأفةً بحبيبها وكي تعفيه الحرج،انفطر قلب زينة حزنًا على شقيقها وما عاناهُ مع تلك العائلة الملعونة، أمسكت كف شقيقها بمؤازرة ليبتسم لها للتخفيف عنها، بعد انتهائهم من الطعام بدل ثيابهُ سريعًا وتحدث لشقيقته:
-أنا هنزل أوصل بوسي وهرجع على طول، ساعة بالظبط وهرجع لك
وتابع بسؤالها:
-مش عاوزة حاجة أجيبها لك معايا وأنا جاي؟
-عاوزة سلامتك يا يوسف.. وتابعت من باب الحرص على راحة شقيقها:
-متتأخرش علشان تيجي تنام، شكلك مرهق قوي
___________________
بعد قليل كانت تجاورهُ الجلوس بالسيارة، تنظر عليه بهيامٍ وهو يقود متطلعًا أمامه بتركيزٍ لتنطق بإعجاب:
-تعرف إني حابة علاقتك مع زينة قوي
مطت شفتيها ثم تدللت متابعة:
-بس في نفس الوقت بغير منها
ابتسم بخفة فتابعت بصوتٍ ونظراتٍ تقطران أنوثة:
-بيبي
-قلبه…قالها وهو يطالعها بلهفة واشتياق لتتابع بجرعة أكثر من الدلال بعدما نجحت بسحبه من تلك الحالة المؤلمة:
-مش هتحضن حد تاني غيري، إنتَ وعدتني؟
بالفعل استطاعت سحبه من عالم الأحزان وتلك الأفكار الضبابية التي سيطرت عليه بفضل ما حدث،لم يعتني ولم يشغل باله بجل ما حدث بقدر ما أوجعهُ تصرف والدته،تبسم لها وتحدث مراوغًا:
-خلينا نتفق الاول
-نتفق، بس على إيه؟!
رفع يده وقرص أنفها بخفة قائلاً بغمزة من عينيه:
-طول ما حبيبي بيسمع كلام حبيبه ويريحه،أنا هنفذ له كل اللي هو عاوزه
فراشات الغرام تراقصت من حولها تأثرًا بجاذبية حبيبها الفريدة وعشقه الظاهر بعيناه،نطقت هامسة بسحرٍ والهيام يكاد يقفزُ من عينيها:
-أنا كلي ملكك، وأي حاجة هتقولي عليها هعملها لك على طول، بس إنتَ حبني يا يوسف
1
-هو أنا مش بحبك يا حبيبي؟!…قالها مندهشًا لتجيبهُ بدلالٍ:
-حبني أكتر،نفسي أحس معاك شعور إني المميزة عندك
-طب ما أنتِ فعلاً مميزة قلبي… قالها بصدقٍ وتابع بجدية وهو يتنقل ببصره بينها وبين متابعة الطريق:
-بصي يا حبيبي، أنا عاوزك تكبري عقلك وتبصي لأحداث الفترة اللي فاتت بموضوعية علشان تقدري تتخطيها
وتابع بإبانة:
-أنا عارف إنك بتحبي زينة جداً،بس مش عاجبني إنك رابطة طلوعي من قصر الباشا وسكني مع زينة بإني فضلتها عليكِ واختارتها قصاد التخلي عنك،الموضوع مبيتحسبش كده يا بوسي
واسترسل بمسؤلية:
-زينة أختي اللي ملهاش غيري وكانت محتاجة لي،ولو مكنتش أخدت الخطوة دي كانت هتضيع حرفيًا
كانت تطالعهُ بحزنٍ لمهاجمة أحداث تلك الفترة لعقلها، فتابع هو ناصحًا:
-لو حابة ترتاحي معايا ونعيش مبسوطين لازم تفرقي بين علاقتي بيكي كحبيبة وزوجة بلاقي معاها سكني وراحة قلبي، وما بين علاقتي بأمي واختي اللي أنا مسؤل عنهم وعمري ما هتخلى في يوم من الأيام عن المسؤلية دي، حتى لو زينة اتجوزت، بردوا هتفضل مسؤلة مني وهفضل اراعيها لأخر يوم في عمري
1
بسط كفه يحتوي خاصتها وتابع باسترسالٍ:
-لو فهمتي كده هترتاحي وتريحيني
أخذت نفسًا عميقًا دل عن قمة راحتها وبكامل سعادتها رفعت كفه إلى موضع شفتيها ومالت تضع قُبلة عميقة داخله عبرت بها عن كامل الرضى عن حديثه إليها،رفعت عينيها تطالعهُ وهي تقول بنظراتٍ بالغرام ناطقة:
-أنا بحبك قوي يا يوسف، وعلشان خاطر عيونك أنا هعمل كل حاجة تريحك وترضيك، أهم حاجة انك متبعدش عني تاني
قالت جملتها الآخيرة بنظراتٍ توسلية شقت بها قلبه لنصفين ليُسرع بالرد متلهفًا:
-أنا عمري ما بعدت أولاني علشان أبعد تاني
أشار لها وعلى الفور فكت حزام الأمان وهرولت ترتمي بأحضانه للتنعم بدفئه ورائحته المُسكرة لعقلها،بات يمسح على ظهرها بحنانٍ كي تصل لمرحلة السلام النفسي تحت راحة قلبه عليها
وصل بها أمام المنزل وترجل ليفتح لها الباب، تشابكت يداهما ليدخل مجاورًا لها، وجد ماجد و والديه يجلسان في حديقة المنزل بانتظار وصول إيثار والجميع، ألقى عليهم تحية السلام وبعد المصافحة تحدث ماجد مستفسرًا:
-انتم كنتوا فين كل ده،أنا كلمت ماما وقالت لي إنها بعتتك مع يوسف من بدري؟!
نطق سريعًا قبل تهور تلك الحبيبة وإبلاغه بالحقيقة:
-أنا وبوسي دخلنا مطعم اتغدينا فيه
نطقت نوال بعتابٍ للشاب:
-مش عيب يا حضرة الظابط تتغدوا برة وانتَ جاي على بيت خطيبتك؟!
-معلش يا تيتا، أصلي تعبان من السفر واليوم كان طويل، قولت نتغدا واوصلها وارجع البيت على طول علشان ألحق أنام
نطق ماجد بجدية:
-على فكره يا يوسف، انا كنت جاهز أنا وبابا وماما ورايحين العزا
وتابع بإبانة:
-اتصلت بعمتك فريال علشان تبعت لي اللوكيشن قالت لي إنهم شوية وهيتحركوا علشان مامتك تعبت
تحدث عليوة معتذرًا عن عدم حضورهما باكرًا:
-والله يا ابني ما أخرنا على الواجب غير سفر جدتك نوال عند اختها الفيوم ، أختها كانت تعبانة وهي سافرت تشوفها وليها يومين عندها
أضافت على حديثهُ نوال مبررة:
-أنا اول ما عمك ماجد كلمني وقال لي الخبر، أخدت أول قطر مكيف ونزلت على القاهرة على طول،وسيبت أختي وهي لسة تعبانة علشان أجي اقف مع مامتك في حزنها
نطق يوسف برسمية:
-تسلمي يا تيتا، كلك واجب
-واجب ايه بس يا حبيبي، إحنا خلاص بقينا أهل وخزنكم حزننا… وتابعت بنفاقٍ وزيف:
-ربنا وحده اللي يعلم غلاوة امك في قلبي عاملة ازاي، ومش علشان بقينا نسايب، أنا طول عمري اقول عليها ست محترمة وبنت أصول
وأشارت إلى زوجها المصدوم:
-حتى اسأل جدك عليوة كنت بقول له إيه عليها
1
-طبعاً طبعاً… قالها عليوة وهو يحرك رأسهُ متعجبًا حال زوجته، بينما رد يوسف بهدوءٍ يعود لطبيعته:
-تسلمي يا تيتا، ربنا يبارك في حضرتك
استرسل مستأذنًا:
-استأذن حضراتكم
سألهُ ماجد بجدية:
-طب استنى لما مامتك تيجي وروح معانا عند الباشا؟
خشي من تجاهل تلك الغاضبة له والتقليل من شأنه أمام أهل زوجته فنطق متعللاً :
-مش هينفع يا دكتور، أنا حرفيًا فاصل ومحتاج انام
تفهم الوضع فتمسكت تلك الصغيرة بكفه وتحدثت وهي تميل برأسها:
-طب اشرب فنجان قهوة الأول
-القهوة هتفوقني وانا عاوز أنام
وتابع بارهاقٍ بدى عليه:
-عاوزة حاجة؟
-سلامتك،لما توصل البيت إبقى طمني عليك…قالتها بأعين تقطر حنانًا واهتمام فابتسم لها وانسحب بعد الاستئذان من الجميع، وما ان اختفى طيفه خارج البوابة حتى نطقت نوال باستجوابٍ للفتاة:
-إلا قولي لي يا بيسان، هو فيه حاجة حصلت في العزا ؟!
مطت شفتيها وسألتها باستغرابٍ:
-حاجة زي إيه يا نانا؟!
نطقت وهي ترفع حاجبيها بتفكرٍ:
-أي حاجة غريبة، مهو مش معقول واحدة تسيب عزا امها اللي مكملتش فيه كام ساعة، وترجع على بيتها كده من غير سبب؟
هتف عليوة مأنبًا زوجته على فضولها القاتل:
-ملناش دعوة يا نوال، سيبي الناس في حالها
-هو أنا قولت حاجة… قالتها بسخطٍ وتابعت بحدة وهي تتطلع على الفتاة:
-ما تنطقي يا بيسان، هو أنا هشحت منك الكلام؟!
-هقول لك ايه يا تيتا اذا كان مفيش اي حاجة حصلت أصلاً… وتابعت مستأذنة:
-بعد اذنكم، أنا طالعة أخد شاور وأنام، تصبحوا على خير
-اطلعي يا حبيبتي ارتاحي…قالها ماجد لتهتف نوال بحنقٍ وهي تتابع انصراف الفتاة:
-طول عمرك لئيمة وولائك لأهل أمك مش لينا
دافع ماجد عن ابنته:
-هي مين دي اللي لئيمة يا ماما، وبعدين حضرتك شاغلة دماغك ليه قوي كده بالموضوع، احنا مالنا باللي يرجع واللي يقعد، إحنا لينا واجب نعمله سواء هناك أو هنا وخِلصنا
نطق عليوة منضمًا لرأي نجله:
-قولها يا ابني، حكم أنا تعبت من كتر القواله
هتفت باحتدامٍ:
-خلاص، اتفقت عليا مع ابوك، هخرص خالص علشان اريحكم
وتابعت وهي تتطلع بساعة يدها بحدة وغضب:
-هي اتأخرت كده ليه البرنسيسة دي كمان
دق عليوة على كفيه بيأسٍ من تصرفات تلك المرأة ذات الطباع السيئة
___________________
اما بالخارج فور خروج يوسف من البوابة الحديدية وجد شقيقاه التوأم يهرولان عليه تحت التفات الحراسة المشددة من حولهما، لتسأله تاج بنبرة لاهثة :
-فين مامي يا چو؟
أجابها بهدوء:
-جاية في الطريق مع بابي
هتفت من جديد بانزعاجٍ:
-طب هي كويسة؟
ملس فوق شعرها بحنوٍ واجابها:
-الحمدلله يا حبيبتي
سأله الفتى متعجبًا:
-إنتَ سبت مامي وجيت لوحدك ليه يا يوسف؟!
اجابهُ متنهدًا:
-عمتك اللي طلبت مني أجيب بوسي بدري علشان بباها ميزعلش يا زين
أومأ له بتفهمٍ فاحتواهما بأحضانه وسأل الفتى:
-فين اخوكم؟
نطق زين:
-قاعد مع جدو في الجنينة، جدو مسبهوش لحظة من ساعة ما مامي مشيت، لأنه كان منهار ومش مبطل عياط من وقت ما شاف مامي بتعيط
تنهد بأسى لحال شقيقه فسألته تاج:
-مش هتيجي تشوفه وتسلم على جدو؟!
نطق متحججًا:
-مش هينفع يا حبيبتي انا تعبان وفاصل، هروح انام وهاجي بكرة اقضيه معاكم ان شاء الله
-بجد يا چو؟… قالها الفتى بسعادة ليأكد عليه الشاب وتابع متحدثًا:
-يلا روحوا وخليكم جنب مالك لحد بابا ما ييجي
وافقاه وتحركا بجوار رجال الحراسة تحت نظراته المشيعة لهما حتى ولجا لباب القصر واطمئن عليهما وبعدها استقل سيارته وانطلق بقلبٍ ينشطر حسرةً جراء ما حدث.
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
داخل منزل علام زين الدين
وصل فؤاد وتحرك ساندًا زوجته المنهارة، وما أن ولچت داخل المنزل حتى هرولت عليها عزة تحتضنها وهي تقول بألمٍ يشطر قلبها لاجل تلك الإبنة الغالية:
-قلبي عندك يا بنتي، شدي حيلك وادعي لها بالرحمة
ارتمت داخل أحضان عزة وانسابت دموعها بغزارةٍ لتربت الأخرى عليها بحنوٍ،وتحدثت بحدة بعدما علمت ما حدث في العزاء من “نوارة”التي أخبرتها بجميع التفاصيل وأصغرها كما المعتاد:
-كان نفسي اكون معاكِ علشان أعرف الحرباية اللي اسمها اجلال دي مقامها واوقفها عند حدها
وتابعت مبررة بصدقٍ:
-بس انتِ عارفة،انا مبأمنش على عيالك مع حد وخصوصًا إن الدكتورة هي كمان مش موجودة
حركت رأسها بأسى، هرول عليها أطفالها الثلاث لينطق مالك متأثرًا وهو يقف عند قدميها:
-إتأخرتي ليه يا مامي، أنا كنت خايف عليكِ قوي
حملهُ فؤاد وتأثر بهيأة الصغير وحزنه البادي عليه، قبل وجنته وتحدث وهو يملس على شعره بحنانٍ:
-مامي كويسة يا مالك، متخافش يا حبيبي
بسط الصغير كفه ليحتوي وجنة والدته المحتضنة شقيقاه حيث ارتمى كلاهما داخل أحضانها كي يؤازراها ويطمئنا خوفهما عليها، تبسمت لصغيرها واقتربت عليه تحتضنهُ ومازال فؤاد يحملهُ بعناية، ابتسم لها وهو يقول:
-انتِ وحشتيني قوي يا مامي
قابلت حديث أطفالها بصمتٍ وحدها الدموع هي من تعبر عن حالها
احتضنت عصمت تاج التي كانت تبكي تأثرًا بحال والدتها ثم سألت عزة:
-الباشا فين يا عزة؟
اجابتها بحماسٍ بعدما تذكرت:
-قاعد في الليفنج ومعاه دكتور ماجد والاستاذ عليوة ومدام نوال ، قاعدين مع الباشا جوة مستنيينكم
تحدثت فريال وهي تحتوي كتف زوجة شقيقها:
-تعالي سلمي عليهم واقعدي خمس دقايق بس وبعدها اطلعي ارتاحي
حركت رأسها وتحدث فؤاد وهو يحتويها بين أحضانه:
-تعالي يا حبيبي
ولچت بجوار زوجها ليقف ماجد و والديه حيث أقبلت عليها نوال تحتضنها وتربت على ظهرها وهي تقول:
-البقاء لله يا حبيبتي
-لا إله إلاّ الله
وقف امامها عليوة وتحدث واضعًا كفاه بجواره باحترام:
-البقاء لله يا بنتي، الله يرحم والدتك ويغفر لها ويسكنها الفردوس الأعلى اللهم أمين
نطقت بصوتٍ واهن وهي تستند بكف زوجها:
-الدوام لله، متشكرة يا أستاذ عليوة
نطق أيضًا ماجد بنبرة جادة من باب تأدية الواجب لا غير:
– البقاء لله يا مدام إيثار
-لا إله إلاّ الله
استند ذاك الحنون على عصاه ليفتح ذراعيه لاستقبال تلك الإبنة الغالية التي تحركت إليه وارتمت داخل أحضانه لتشرع في بكاءٍ مرير تأثرًا بحنان ذاك الأب الروحي الذي نطق متأثرًا:
-الله يرحم ماما ويبارك في عمرك يا بنتي
خرجت من بين أحضانه لتميل على كفه تضع قُبلة احترام وتقدير وامتنان لذاك الحنون، أسندها فؤاد لتجلس وجلس الجميع فتحدثت نوال باعتذارٍ:
-إحنا والله كنا جايين لك حتى اسألي فريال
نطقت عصمت بتفهم:
-فريال قالت لنا على اللي حصل يا مدام نوال، انتوا أولاد اصول وطول عمركم معانا
أومأت لها بينما نطق فؤاد بحرصٍ على صحة حبيبته وراحتها الجسدية والنفسية معًا:
-بعد إذنكم يا جماعة،إيثار تعبانة جداً والدكتور قال إنها لازم ترتاح
وتابع معتذرًا وهو يُساعدها على الوقوف:
-انتوا مش أغراب طبعاً
نطق عليوة متفهمًا للأمر:
-اتصرف براحتك واعتبرنا مش موجودين يا سيادة المستشار،احنا أهل ومفيش بينا أعذار
شكره فؤاد وتحرك بجوار زوجته ضاربًا بالتقاليد عرض الحائط مقابل صحة خليلة الروح،قابلته عزة التي اسندتها بجواره الى أن وصلت لغرفتها،نطق فؤاد بهدوء:
-جهزي الحمام لإيثار علشان تاخد شاور يا عزة
تحدثت وهي تخرج لها ثيابًا من الخزانة:
-إنزل انتَ يا باشا للضيوف وأنا هخليني معاها
نطق بنبرة حاسمة لا تقبل النقاش:
-جهزي الحمام وانزلي عشي الولاد، وبعدها جهزي عشا خفيف لايثار وهاتيه هنا
اشارت بكفها ثم همست بنبرة واهنة:
-مش هقدر أكل حاجة
-اعملي اللي قولت لك عليه يا عزة…قالها بتصميمٍ وتابع وهو يشمل تلك الجميلة بنظرة عشق:
-وإعملي حسابي في الأكل علشان هاكل هنا مع حبيبي.
احتوت عزة كفًا بالأخر ثم هتفت بابتسامة سعيدة:
-تصدقي بالله، إنتِ الحاجة منيرة ماتت وهي بتدعي لك
خرجت عزة بعدما ملئت حوض الاستحمام بالماء الدافيء والصابون ذو الرائحة العطرة، ساعدها بخلع ثيابها وانزلها بالحوض ثم غمر جسدها تحت الماء،بدأ يغسل لها شعرها وجسدها بعناية وحنانٍ جعلها تدخل في حالة عالية من الاسترخاء والراحة النفسية،غسل جسدها بالماء النظيف وساعدها بارتداء الملابس ثم دثرها تحت الغطاء بعدما مشط لها شعر رأسها،دللها للحد الذي جعلها تشعر بإنها ابنته وليست زوجته،احضرت عزة الطعام وجلس يطعمها بيديه،نطقت بصوتٍ متأثر وهي تبتعد بفمها:
-كفاية يا فؤاد، مش قادرة أكل تاني
1
-إنتِ مأكلتيش حاجة أصلاً، ومتنسيش إنك بتاخدي أدوية يعني لازم تاكلي كويس
استمعا لخبطات فوق الباب وما أن سمح فؤاد للطارق بالدخول فُتح الباب وولج اطفالهم الثلاث، هرول الصغير وبلمح البصر كان يقطن أحضان والدته التي احتوته وشددت من احتضانها،أغمضت عينيها لتشتم رائحة عنقه مما حسن من حالتها المزاجية،جاورتها تاج التي رمت رأسها فوق كتفها وتحدثت باشتياقٍ وحنين:
-وحشتينا قوي يا مامي، البيت كان وحش قوي من غيرك
-هي لحقت تبعد يا أوفر… قالها فؤاد ليدخل الصغير في حالة من الضحك تحت ابتسامة الفتاة من مداعبة والدها، وقف فؤاد وتحدث لذاك المحترم الواقف بعيدًا:
-تعالى يا حبيبي اقعد جنب ماما
شكره زين وجاور والدته التي احتوته وقبلت رأسه فتحدث الفتى كرجلٍ كبير:
-البقاء لله يا مامي، حاولي تتجاوزي اللي حصل وبلاش دايرة الحزن تسحبك جواها، إدعي لتيتا كتير وفكري تعملي لها صدقة جارية تفيدها
تنفست بفخرٍ وهي تستمع لصغيرها العاقل، لطالما شعرت برجاحة عقله وتفكيره السابق لسنوات عمره وهي تتحدث معه، ملست فوق شعره وهي تقول:
-حاضر يا زين
نطق فؤاد وهو ينظر إلى شاشة الهاتف على اسم ذاك الذي يهاتفه للمرة العاشرة على التوالي:
-خليكوا جنب مامي وأنا هرد على التليفون ده وراجع على طول
نطق الصغير بعبوسٍ وأسى وهو يملس على خد والدته:
-مامي، هي نانا منيرة راحت عند ربنا ومش هترجع تاني زي القط مشموش؟!
وتابع بحزنٍ بدى على ملامحه البريئة:
-مشموش بيوحشني قوي وكتير ببقى نفسي أشوفه وألعب معاه،وكنت فاكر إنه هيظهر بعد وقت،بس مش ظهر، و زوزة قالت لي إن اللي بيروح عند ربنا كده خلاص
وتابع بألمٍ:
– هي نانا كمان مش هتظهر تاني خلاص؟
تألمت لحديث الصغير لتنهرهُ تاج بنظراتٍ تحذيرية:
-مالك، مامي تعبانة ومش هتقدر تتحمل كلامك السخيف ده
نطق بحدة وهو يرمقها بغضبٍ حاد على اخراجهِ من تلك الحالة وعدم احترامها لمشاعره:
-بس يا نجرسية
برغم ما بها من حزنٍ عميق واقتحام مشاعر الفقد والألم لقلبها إلا أن ذاك المشاغب نجح بدخولها في نوبة من الضحك مع زين بينما سألته تاج وهي تشملهُ بازدراءٍ:
-نجرسية؟! إنتَ بتقول إيه يا سخيف إنتَ؟!
حاولت إيثار إخفاء ضحكتها بينما هتف الصغير ومازال الغضب يعتريه من تلك التي لم تحترم تعبيره عن مشاعره تجاه فقدان قطته وجدته أيضاً:
-بقول إنك نجرسية زي ما قال زين عنك، يعني مش بتحسي بالناس والمشاعر اللي عندهم ومش بتحبي غير نفسك وبس
تطلع على شقيقه وتابع مستشهدًا به:
-صح يا زين، مش إنتَ قولت لي كده عنها لما كنت بقول لك، انها مش زعلت على مشموش، صح؟
عدل الفتى من وضعية نظارته الطبية وشعر بالحرج وهو يصحح لشقيقه:
-إسمها نرجسية يا مالك، مش نجرسية، وبعدين أنا قولت لك إن فيها صفات تندرج تحت صفات الشخصية النرجسية،لكن مش معنى كلامي إن “تاج” شخصية نرجسية، هي يمكن تكون شخصية أنوية
هتفت بانزعاجٍ بدى واضحًا فوق ملامحها وقد اغرورقت عينيها بالدموع:
-والله يا زين لاقول لبابي إنك بتقعد مع مالك تتنمروا عليا وتشركوا في شخصيتي
خرجت والدتهم عن صمتها حين انفلت زمام الامور بين أبنائها وتحدثت وهي تحتوي وجنة الفتاة:
-أخوكِ أكيد ميقصدش المعنى اللي وصل لك يا حبيبتي
وتابعت وهي تتطلعُ على الفتى:
-اعتذر لاختك حالاً يا زين، وتاني مرة متتكلمش عنها مع أي حد،وخصوصًا مالك
شعر الفتى بالاحراج وتحدث وهو يحتوي كف شقيقته التوأم:
-سوري يا تاج، صدقيني مكنتش أقصد أي إهانة، ده كان مجرد تحليل لموقف معين
وتابع متوعدًا:
-آخر مرة
تفهمت الموقف فهمست ايثار بأذن صغيرها القاطن بأحضانها فتحدث معتذرًا هو الآخر:
-أنا كمان سوري يا “تاج”
وتابع مشترطًا بإشارة من سبابته بما جعل ابتسامة ايثار ترتسمُ فوق ثغرها من جديد:
– بس مش وعد اني هبطل اضايقك، الاول إنتِ تبطلي ترخمي عليا وأنا بعدها أبطل
فتحت ذراعيها لتحتوي ثلاثتهم وتضمهم تحت ارتياح قلبها وسعادة الصغار
______________
أما فؤاد فكان يتحرك داخل الممر المؤدي للغرف وهو يتحدث لذاك القلق على والدته:
-والله يا ابني كويسة، ارتاح انتَ بس ونام
سأله يوسف باستماتة:
-طب حضرتك هتوضح لها اللي حصل النهارده، صح؟
نطق يجيبه باعتراضٍ:
-يا حبيبي توضيح ايه اللي هوضحه النهارده، امك مش قادرة تقتح عنيها من التعب يا يوسف
تحدث بإصرارٍ:
-خلاص هاجي بكرة ونتكلم معاها أنا وانت
تنفس يستدعي هدوئه ثم أجاب شارحًا الوضع:
-طب اسمعني وفكر في كلامي بالعقل، إيثار مش هتعدي الموضوع بسهولة وانتَ عارف كده كويس،المشكلة ان الموضوع جاي مع وفاة جدتك، وامك نفسيتها وحشة جداً ومحتاجة تحس بالاحتواء من الكل
وتابع بعقلانية:
-تخيل بقى في عز حزنها ده وتعرف كمان إني كنت عارف ومخبي عليها، ساعتها مش هتفسر موقفي على إنه خوف واحترام لمشاعرها، بالعكس ده شيطانها هيصور لها اني تعاملت بلامبالاة وان مش فارق معايا اذا كنت تتعامل مع الناس اللي أذوها بشكل طبيعي ولا لا، وده هيعمل فجوة بينا وهيخليها تبعد وتتجنب وجودي
وتابع بحزمٍ واصرار:
-وده اللي مستحيل اسمح بإنه يحصل، على الأقل في الوقت الحالي وفي عز حاجتها لوجودي جنبها
أخذ نفسًا عميقًا وتفهم موقف فؤاد لكن بالوقت ذاته لا يستطيع تجاهل حزن والدته منه وتحمل تلك المشاعر، يريد الاعتذار منها والرجوع للوقوف معها ومؤازرتها في ذاك الوقت الحرج من حياتها، نطق متسائلاً باستسلام:
-طب حضرتك شايف الوقت المناسب امتى؟
احتد عليه فؤاد في الحديث:
-مالك يَلا فيه إيه، إنتَ عمرك ما كنت زنان بالطريقة دي؟!
نطق بنبرة حادة متأثرة:
-فيه إن أمي مجروحة وحزينة على فراق جدتي وبدل ما اخفف عنها واواسيها بقيت سبب إضافي لوجع قلبها
وتابع بلومٍ:
-و حضرتك لا حاسس بيا ولا بالوجع اللي أنا فيه
زفر بقوة لطرد تلك المشاعر السلبية واجابه بصدقٍ:
-والله يا ابني حاسس ومقدر اللي انتَ فيه كويس، بس فيه الأهم فالمهم يا يوسف، والأهم حاليًا هي مشاعر إيثار واننا نحاول نسيطر على تعبها النفسي ونخفف عنها مصيبة موت أمها، والمهم إننا نبرأك قدامها وده لو اتأجل يومين تلاتة الدنيا مش هتخرب يعني
تفهم الفتى الوضع وأغلق الهاتف ليعود فؤاد إلى زوجته وأنجاله يجلس معهم لعدة دقائق معدودة ثم طلب أن ينسحب كلاً منهم إلى غرفته ليأخذ هو حبيبته ويتسطحا لتغفو سريعًا داخل أحضانه في نومٍ مليئًا بالكوابيس التي باتت تهاجمها طيلة الليل جراء فقدانها لوالدتها العزيزة
༺༻༺༻٭༺༻༺༻
بعد يومين داخل قرية آل “ناصف”
بالتحديد داخل منزل نصر البنهاوي، تتوسط إجلال الجلوس بأريكتها يجاوراها شيطانا الإنس التي انجبتهما ليعيثا في الأرض فسادًا وما تركا ذنبًا صغيرًا كان أو كبيرًا إلا وفعلاه دون الشعور بالذنب، كانوا يتناولون مشروب الشاي الساخن فسألهما طلعت بريبةً:
-إنتَ متأكد من نتيجة التحاليل بتاعت أزهار يا عمرو ولا هتكسفنا مع أهل البلد وتخلي خالك محمد يقلب علينا ويخربها فوق دماغنا
ارتشف بعض الشاي ثم تحدث بثقةٍ عمياء:
-متأكد زي ما أنا متأكد إني شايفك قدامي الوقت
سأله من جديد:
-طب الصيدلي أكد لك إن حُقن الفيتامين الملوثة بالإيدز دي هتشتغل معاها على طول ولا يكونش لسه مظهرش في دمها
هتفت إجلال بتقريعٍ لنجلها البكري:
-متوجعش دماغنا بقى بأسألتك الهبلة دي يا سي طلعت
وتابعت ساخرة:
-شكل قاعدتك الكتيرة في حضن بنت التمنتاشر سنة نضحت عليك وخلت عقلك صغر زي عقلها
عبست ملامحه فتحدث عمرو منتشلاً شقيقه من دوامة ذاك الشعور بالحنق من والدته بسبب إسلوبها الساخر منه:
-طلعت من حقه يطمن بردوا يا ماما
وتابع بزهوٍ لطمأنة شقيقه:
-إطمن يا طلعت، أخوك مسابش ثغرة واحدة تعدي من تحت ايده، بعد ما الدكتور حقن أزهار بتلات حُقن ملوثين بدم من مريض إيدز، روحت لدكتور المعمل بتاع التحاليل، وزي ما اشتريت الصيدلي اشتريت الدكتور وقولت له اني شاكك في واحدة قريبتنا عندها الايدز بسبب مشيها البطال، وهي زبونة عندك هنا، اترعب وسألني على اسمها فقولت له عليه وأكد لي انها فعلاً بتيجي تحلل عنده باستمرار، فطلبت منه يعمل لها تحليل للايدز ولو اتأكد يقول ان هو اللي قالنا أنا وأمك ويحكي القصة اللي بلغت بيها خالك وباقي أهل البلد
سألهُ طلعت مستفسرًا:
-طب هو وافق على كده؟
-الفلوس بتلين الحديد يا طلعت…قالها بابتسامة شر وتابع بملامح وجه حادة:
-بس طلع حقير وطمع لما شك إن الموضوع ممكن يبقى وراه مصلحة كبيرة ليا، طلب نص مليون جنية بحاله
اتسعت أعين طلعت ونطق بذهولٍ:
-يا نهار أبوه إسود، نص مليون جنيه؟!
هتفت إجلال بحنقٍ وشر:
-مش خسارة في فضيحة الملعونة اللي غدرت بابوكم
وتابعت بارتياحٍ:
-أخيرًا روح الحاج نصر هترتاح في تربتها
واسترسلت وهي تربت على فخد نجلها بفخرٍ وزهو:
-تسلم دماغك اللي خططت ولا الشياطين يا عمرو، أنا كنت عارفه إن نُصرتي هتكون على اديك
طالعها طلعت باستياءٍ ليقطع حديثهم دخول زوجة طلعت وهي تقول بتلبكٍ خشيةً من بطش تلك المتجبرة “إجلال”:
-حفيد الحاج محمد جه وبيبلغك يا ستهم إنه مستنيكي إنتِ وسي عمرو وسي طلعت في بيته بعد صلاة العصر
ابتسامة نصر ظهرت على ثغر عمرو الذي تحدث بنبرة جادة:
-يبقى كده نتيجة التحاليل وصلت لهم
هتفت إجلال موبخة الفتاة:
-واقفة بتعملي إيه عندك يلي تنشكي، غوري يلا على المطبخ كملي الغدا
نظرت إلى زوجها تستعين به فسحب عنها عينيه فتنهدت بيأسٍ وانسحبت تجر أذيال خيبتها بزوجها،اقتحم حسين الغرفة وهو يقول بلا مقدمات:
-لسه قدامكم فرصة تراجعوا نفسكم وتنأوا بروحكم من نار جهنم
اتسعت أعين الجميع في حين هتفت إجلال بحدة وسخطٍ بالغين:
-أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، هما بيطلعوا إمتى دول
بينما نطق طلعت متهكمًا:
-يخي طب ارمي السلام الأول بدل ما انتَ داخل هجم علينا كده
ظهرت شياطين الإنس والجن على ملامحهُ مما حدث وافترائهم على السيدة أزهار في يوم عزاء منيرة،فقد حضر تلك الفضيحة وعاد مع والدته وشقيقاه وبات ينصحهما في الله بلا فائدة،فعاد مع زوجته إلى القاهرة وحضر اليوم في محاولة أخيرة بالنصح وحثهم على التراجع قبل فوات الأوان،تحدث وهو ينظر بأعين عمرو:
-قول الحقيقة ونجي نفسك يا عمرو،إنتَ مش واعي إنتَ بتعمل في روحك ايه؟،قذف المحصنات من أعظم الكبائر وعقابه عند الله بيكون دنيا وآخرة
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يلتفت مواجهًا عيناي شقيقهُ بافتراءٍ وقلبٍ كالحجارة وأشد قسوة:
-الكلام ده للي بيفتري يا شيخ حسين، لكن أنا الحمدلله مفتريتش على حد، بالعكس أنا بنور أهل البلد وبجنبهم مصيبة كانت هتودي البلد كلها في داهية
هتف حسين في محاولة لايقاظ ضمائرهم:
-يا اخي اتقي الله، خالتك أزهار دي نعرفها من لما كنا عيال، وياما دخلنا عندها وكلنا عيش وملح في بيتها
وصرخ بجنونٍ:
-دي ولية عدت الخمسة وستين سنة يا ناس،قولوا كلام يتعقل
نطقت اجلال بتجبرٍ وعدم خوفٍ من الله:
-هو حد قالك إنها ماشية في البطال الوقت، الكلام ده من أيام المرحوم أبوك
وأشاحت بكفها وهي تتهرب بعينيها:
– يعني عدى عليه ييجي خمستاشر سنه، ويا عالم يمكن لسه مكملة
وتابعت بسخطٍ ظهر بحدة عينيها وصوتها الغاضب:
-اللي ماشوفتك محموق الحمقة دي لما المدعوقة أزهار قتلت أبوك وخلت سيرتنا على كل لسان، جاي تتحمق وإحنا بناخد بتاره؟!
أجابها بألمٍ:
-أنا محموق من خوفي عليكم يا اما، حرام تظلموا انسانة بالزور، طب فكروا في عيالها الرجالة، هيمشوا في البلد ازاي وبأي عين هيبصوا في وش الناس؟
-تتحرق هي وعيالها… قالتها إجلال ليكمل طلعت على حديث والدته بحقدٍ وضغينة:
-واحنا كان ذنبا ايه لما اطردنا طردة الكلاب من بلدنا واتحرمنا من خيرنا وعيشنا في الغربة شحاتين مش لاقيين حتى اللقمة؟!
اتسعت عينيه باندهاش وتحدث:
-يعني هترد الظلم بظلم أكبر يا طلعت؟!
نطق عمرو بنبرة مليئة بالقسوة:
-خرج نفسك من الموضوع ده يا حسين وخليك بعيد زي ما انت، ولعلمك، كل واحد ظلمنا وجه على امك وعلينا دوره جاي في الحساب، واللي حصل ده مش بس فضيحة لازهار وعيالها
ليتابع والشر تملك من عيناه:
-ده فضيحة لكل عيلة ناصف قدام البلد كلها، ولسه، التقيل جاي ورى
اتسعت عينيه وهو يتطلع على ملامح والدته السعيدة وهي تناظر نجلها بزهوٍ وفخر وسألها بذهولٍ:
-ازاي رضيتي الفضيحة على عيلتك يا اما؟!
ردت بجحودٍ دب الرعب في قلب حسين:
-عيلتي أول ناس جم عليا أنا وعيالي، وانا قلبي اسود ومينساش القسية أبدًا
طالع جميعهم بنظراتٍ مذهولة غير مستوعبة لما يراه ويستمع إليه، وكأن الشيطان تلبس عقولهم ووضع الله على قلوبهم غشاوة، تركهم وذهب إلى منزل خاله بعدما وجد الجدال غير مجديًا لتلك القلوب المليئة بالحقد والضغينة
___________________
عصرًا بمنزل الحاج محمد
ظهرت نتيجة التحاليل وأظهرت صحة حديث إجلال لتصرخ أزهار بصوتٍ اهتزت لهُ أركان الحجرة بأكملها:
-أنا بريئة يا ناس، والله العظيم ما فيه ظفر راجل لمس طرف جلبيتي
التفتت إلى تلك الحقيرة وتابعت:
-ردي وبرأيني يا إجلال، خافي ربنا انتِ وعيالك
نطقت بطغيٍ واستخفافٍ من عقاب الله:
-أبرأك ازاي واذا كان ربنا اللي كشف سترك وفضح مشيك البطال بالمرض، بذنب اللي عملتيه في الحاج نصر،الراجل الشريف العفيف اللي سترك وغطى عليكِ وانتِ نكرتي معروفه وقتلتيه لجل ما تخبي على مشيك العوج
جميع من بالغرفة يطأطأون رؤسهم أرضًا خزيًا وعارًا بعدما قرأ عليهم أخصائي التحاليل نتيجة التأكيد وسرد عليهم ما حدث، وعندما سأله الحاج محمد مشككًا في روايته عن عدم إخبار نجلها أجاب أنه كان محرجًا وتحدث إلى عمرو والسيدة إجلال لمعرفته صلة القرابة ولرفع الحرج عنه في إخبار نجلها بحقيقة مرض والدته المخزي
صرخت أزهار وهي تتطلع إلى شريفة زوجة السيد محمد:
-دافعي عني يا شريفة، ده احنا كنا أكتر من الاخوات
نزلت دموع السيدة ونظرت أرضًا، فتابعت صراخها وعقلها يكاد أن يذهب ويتركها:
-ساكت ليه يا حاج محمد، إوعاك تكون صدقت ظلم أختك وولادها ليا؟!
هرولت على كتاب الله الموضوع فوق طاولة جانبية وأمسكته ثم وضعته فوق جبينها وصرخت بقلبٍ تكاد دقاتهُ أن تتوقف من هول ما وقع عليها من ظلمٍ:
-وكتاب الله أنا بريئة، وما في راجل لمسني غير الحاج هارون جوزي الله يرحمه
قُبل حديثها بصمتٍ مخزي ورؤسًا محنية سوى من تلك الشامتة ونجلاها طلعت وعمرو الذي نطق بتشفي:
-صدقتني يا خال، صدقت ان أبويا كان راجل شريف ومات ظُلم منها ومنكم
طالعهُ الرجل بحدة وتحدث:
-خد امك واخوك وغور من بيتي، وبيتي محرم عليكم ليوم الدين
وتايع بذات مغزى:
-واوعي تفتكر الموضوع انتهى لحد كده
ثم تطلع إلى إجلال وتحدث أمرًا بسخطٍ:
-وإنتِ،من النهارده ملكيش طلوع من بيتك عقابًا على الفضيحة اللي لطختي بيها العيلة كلها
كادت أن تعترض فهتف الرجل بصوتٍ غاضب كالإعصار رعب الجميع:
-ورب الكعبة لو رجلك خطت برة بيتك لاكون قاتلك بايدي يا إجلال
+
احترق قلبها وانسحبت مع نجلاها بينما هدر نجل أزهار وهو يجذبها من سغرها بقوة متغاضيًا عن اعيائها وكبر سنها:
-يلا قدامي، منك لله، فضحتينا ومرمطي اسمنا على آخر الزمن.
تحركت بجواره بتيهةٍ وشرود وباتت تتلفتُ وسط الوجوه علها تحصل على من يصدق على قصتها فلم تجد سوى نظرات الاحتقار والخزي والعار.
إنتهى الفصل
«أذنابُ الماضي»
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية أنا لها شمس الجزء الثاني)