رواية آمارة بالسوء الفصل الثالث 3 بقلم محمود الأمين - The Last Line
روايات

رواية آمارة بالسوء الفصل الثالث 3 بقلم محمود الأمين

رواية آمارة بالسوء الفصل الثالث 3 بقلم محمود الأمين

 

 

البارت الثالث

 

الجزء 3
لقيت زينب على الأرض متغطية بملاية بيضة، كشفت الملاية وأنا مش مصدق نفسي.. كان شعرها مبلول وفي جزء منه محروق، بصيت لاختها وأنا عيوني مليانة بالدموع وسألتها بصوت مخنوق بيطلع الكلمة بالعافية:
_ حصل إزاي؟.. ماتت إزاي؟
= كانت بتتفرج على الشقة وهي مبسوطة، وأول ما دخلت الحمّام وشافت البانيو قالت إنها هتستحمى فيه دلوقتي، بسبب إن الجو كان حر.. ويا دوب دخلت ونزلت في البانيو وسمعت صرختها.. اتكهربت! إزاي حصل؟ ما أعرفش، حاولت أفتح الباب عليها مرة واتنين، ولما ما عرفتش روّحت جبت واحدة في الشقة اللي قصادنا وقدرت تكسّر الباب.
بس خلاص كانت ماتت.
= لا إله إلا الله، إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

 

 

الإسعاف جت وأخدت زينب على المستشفى عشان اعتبروها حادثة، وعلى ما نخلّص إجراءات الدفنة والعزا كنت حاسس إني تايه ومش عارف إيه اللي بيحصل في حياتي بالظبط، الحكاية ابتدت بكوابيس وقفلت بأسوأ كابوس، لكن المرة دي أنا بعيشه على أرض الواقع.. وعلى بالليل خلّصنا الإجراءات وروّحنا عشان ندفنها.
نفس المشهد بيتكرر: النعش متشال على الأكتاف، أهلي وأهلها ماشيين بيعيطوا، وأنا ساكت مش قادر أتكلم.. لحد ما نزلنا الجثة للقبر أنا وأبوها، وبعد ما أبوها خرج كنت مستني اللي حصل في الكابوس يحصل في الحقيقة، كنت مستني إيدها تقطع الكفن وتمسكني، لكن ده ما حصلش.
العقل والقلب رافضين يصدقوا إنها خلاص راحت ومش راجعة.
خرجت من القبر وأنا منهار من العياط.. والكل مشي إلا أنا، واقف قدام قبرها وبودعها.
ومشيت، رجعت على بيتي، ما كنتش قادر أقف في عزا ولا أسلّم على حد، قررت إني أنام، من زمان هو ده الحل، بهرب من الحزن بالنوم.
وحلمت بيها، حلمت إني اتجوزتها، كنت واقف في الفرح معاها والكل فرحان وبيرقص، ابتسامتها ما كانتش بتفارق خيالي، لكن فجأة ظهر شخص شدها من إيدها، وهي مشيت معاه مستسلمة. عاوز أتقدّم عشان ألحقها، لكن أنا كنت مربوط، مش عارف أتحرك ومش عارف حتى أنادي عليها.

حالتي النفسية ساءت، ما بقتش بكلم حد ولا بروح الشغل، بحبس نفسي بالساعات وباكل بالعافية، جسمي بدأ يِخسّ ودقني بقت مغطيه وشي، وحالي بقى يصعب على الكافر.
أهلي كانوا بيحاولوا يهونوا عليّا، وبالذات أمي اللي كانت بتحاول تأكلني بإيديها كل يوم.
النسيان حاجة مش سهلة، خصوصًا لما تكون بتحب الشخص ده. المهم، فاتت 6 شهور وأنا على نفس الحال.. لحد ما في يوم أمي طلبت تتكلم معايا.
_ مالك يا ابني؟… أنا مش هضغط عليك، وعارفة إنت حاسس بإيه، بس الإنسان لازم يتخطى عشان يعرف يعيش. نفسك ليها حق عليك، وما ينفعش اللي إنت بتعمله في نفسك ده.
= أنا مش بعمل حاجة، إيه المطلوب مني؟ عاوزاني أقوم أغني وأتبسط؟ ولا عاوزاني أعمل فرح؟
_ أنا ما قلتش كده، أنا عاوزاك ترجع شغلك، تشوف حياتك، تتجوز وتخلّف. بس بالطريقة دي إنت بتموّت نفسك بالبطئ، وأنا مش هديك فرصة تعمل كده في نفسك.
= سبيني في حالي يا أمي، أنا مبسوط كده، أنا مش هعمل الكلام اللي إنتِ بتقولي عليه ده.
_ يا ابني حرام عليك نفسك، أنا بتقطّع لما بشوفك عامل كده. إرضي أمك أرجوك، وتعالى اتجوز سمر بنت خالك، وإنت هتنسى وهترجع تاني تعيش حياتك. وصدقني، هي عمرها ما هتزعلك، دي بتحبك.
= سيبيني لوحدي بعد إذنك.

 

 

الوضع استمر لمدة سنة، ومع الضغوطات وافقت أتجوز سمر. بس ما قدرتش أنسى زينب، أنا كنت فاكر لما تبقى في حياتي واحدة تانية هقدر أنساها وأتعايش، بس كنت غلطان.
لكن بعد ما اتجوزتها لقيت نفسي بتشد ليها، كان في حاجة مش طبيعية بتحصل.
وفي يوم كنت نايم، وكانت نايمة جنبي سمر، لكن صحيت على صوت بينده عليا باسمي:
_ هشام… هشام…
الصوت كان مبحوح بطريقة صعبة. فتحت عينيا ولقيتها في وشي زينب، بس ما كانتش زينب اللي أعرفها، دي واحدة تانية… جنية أو عفريته. وشها كان مليان عروق سودا نافرة، عينيها كانت بيضا تمامًا، وكانت بتمشي على إيديها ورجليها زي الحيوانات، وكانت بتقولي:
_ اتجوزت عليّا يا هشام؟ نسيت زينب؟
كنت عاوز أتكلم وأقولها إني عمري ما نسيتها، بس أنا مرعوب من المنظر اللي شايفه قدامي.
وفجأة لقيت في إيد بتهزني، فتحت عينيا، لقيت سمر بتحاول تفوقني.
فسألتها:
_ في إيه؟
= إنت اللي في إيه! إنت عمال تزعّق وتصرّخ وإنت نايم، أنا خوفت منك والله. وبعدين هو إنت لسه بتفكر فيها؟ على فكرة المفروض تحترمني وتحترم مشاعري، ما ينفعش تبقى متجوزني وتفكر في واحدة تانية.
_ واحدة تانية؟! أنا مش بفكر في حد يا سمر، وأنا اتجوزتك بكامل إرادتي، لو مش عاوزك ما كنتش اتجوزتك.
= آه! بأمارة إنك شغال تقول اسمها وإنت نايم! معنى كده إنك بتفكر فيها.
_ هي مين دي اللي بفكر فيها؟
= زينب يا هشام.

أول ما قالت اسمها، الأنوار بدأت تِرعِش.
ولقيت سمر بتقول: هو في إيه؟… إيه اللي بيحصل بالظبط؟
كان لازم أروح للشيخ عبد الغفار، لازم أعرف ليه زينب موجودة لحد دلوقتي بالرغم من إنها ماتت.
قُمت جهزت نفسي وروحت له. هو أول ما شافني اتكلم وقال:
_ والله إنت ابن حلال، أنا كنت لسه هكلمك.
= خير بإذن الله يا شيخ؟
_ خير إن شاء الله. هو إنت اتجوزت بعد مراتك ما ماتت؟
= أيوه، اتجوزت بنت خالي، بس ليه السؤال ده؟
_ وعلاقتك بيها عاملة إزاي؟
= عادي، زي أي اتنين متجوزين.
_ أصل في حاجة إحنا لقيناها.. ولازم تشوفها.
= حاجة إيه؟
_ ده سحر معمول ليك، اسمه سحر المحبة. اللي بيعمل السحر ده بيكون بيحب شخص، لكن الشخص ده مش حاسس بيه. ولما بيتعمل، بيبدأ الشخص ده يحس ويقرب، وبيستغرب نفسه هو ليه مشدود للشخص ده؟ بس السحر ده وقتي، يعني بيقعد 6 شهور وبعدين لازم يتجدد. ولو ما اتجددش، الشخص اللي اتعمل له بيرجع يشوف اللي عمل السحر شخص عادي ومش بيتشدله زي الأول. وكمان ممكن الأسوأ… الشخص ده يشوف اللي عمل السحر في صورة قرد.
= قصد حضرتك إن مراتي عملتلي عمل بالمحبة؟
_ والله أنا ما أعرفش، علاقتك بيها قبل الجواز كانت عاملة إزاي؟ وهل إنت كنت متقبلها أصلًا كزوجة ولا لأ؟ وهل هي كانت بتحبك قبل الجواز ولا لأ؟ كل دي أسئلة هتخلي في شك أو هتنهي الشك.

مشيت من عند الشيخ عبد الغفار بعد ما حصّني وقدر يبطل السحر، ورجعت على البيت.
أول ما دخلت الأوضة، شوفت الأسوأ فعلًا… لقيت في قرد قاعد على السرير!
وفهمت… سمر عملتلي سحر المحبة. بس بدأت سيناريوهات تاني تيجي في دماغي، الكوابيس اللي كنت بشوفها، والحاجات الغريبة اللي كانت بتحصل لزينب، كل حاجة كانت بتوضح قدام عيني. واللي لجأ للسحر مرة، هيلجأ له ألف مرة.
ولقيتها بتقرب مني، شكلها كان مقرف، وجسمها كان مليان شعر.
بصيت ورايا، ما لقيتش غير الأباجورة، مسكتها وبدون وعي خبطتها على دماغها.
هو مش مرة… اتنين… وتلاتة… وفجأة لقيت سمر سايحة في دمها قدامي.
قرّبت منها عشان أجس النبض… بس كانت ماتت.
أنا بكتب آخر كلمة في المذكرات بعد ما بلّغت عن نفسي، وكلها دقايق والشرطة هتدخل الشقة عشان تقبض عليا.
…………….
قفلت المذكرات واتصلت بسامي، أخو هشام، وسألته:
_ هو أخوك اتحكم عليه بكم سنة في السجن؟
= سجن؟! أنا أخويا ما دخلش السجن.
_ إزاي يعني؟… مش هو اللي قتل مراته سمر؟
= قتل سمر؟! أنا كل اللي أعرفه إن أخويا كان بيتعالج في مستشفى الأمراض العقلية قبل ما ينتحر، والدكتور بتاعه اسمه الدكتور عزت منصور.
_ طيب يا سامي، هكلمك بعدين.

قفلت السكة مع سامي، عشان أنا أعرف الدكتور ده عز المعرفة، رنيت عليه، وبعد السلامات سألته عن هشام، وهل هو كان بيعالج الحالة دي ولا لأ؟
فرد عليا وقال:
= آه طبعًا، أنا فاكر الحالة دي كويس.
_ طيب هو دخل المستشفى ليه أصلًا؟
….
وكان رد الدكتور عزت صادم لما عرفت هشام قتل مين؟!!!

 

 

 

____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *