روايات

رواية أنا لها شمس الجزء الثاني (اذناب الماضي) الفصل السادس عشر 16 بقلم روز امين

رواية أنا لها شمس الجزء الثاني (اذناب الماضي) الفصل السادس عشر 16 بقلم روز امين

البارت السادس عشر

 

“أتدرين،أكثرَ ما أوجعني مِنَ الرحيلِ ذاتهِ،هو وقوعُهُ مِنْ دونِ وداعٍ،رَحَلْتي دونَ إبداءِ حُجَّةٍ لاتخاذكِ منفردةً هذا القرارُ المصيريّ ، لتتركيني في حيرةٍ من أمري واقفًا على رفاتِ أحلامي، أتأملُ بعمقٍ وحالُ عقلي هو الذهولِ محاولاً استيعابِ حجمِ الدمارِ، وأتساءلُ، ما الذي حدث؟ ومتى؟ وكيف؟
بالله، أخبريني ماذا سأفعل بقلبٍ مازال بلهفةِ حَبِكِ نابضًا؟ كيف سأُسْكِتُ صدى صوتِكِ المرافقِ لي بصحوتي ومنامي؟ ذكرياتُنا والضحكاتَُ التي يصدحُ صوتُها في ثنايا مسامعى، أمنياتُنا أَفَكرتي بها؟ أتذكرينَ أسماءَ أطفالِنا التي اخترناها معًا بعد عناءٍ من التفكيرِ؟ ماذا سنفعلُ بها؟ هل سنتقاسمُها بيننا؟
بالله لا تتركيني لِحيرتي بلا إجاباتِ.
أليس من العدلِ أن تُخبريني ما وراء تبديد آمالنا وضياعَ الأحلامِ؟أواعيةً أنتِ لما فعلتي؟، لقد حولتي رَوْنقَ أحلامي إلى كوابيسٍ مفزعةٍ،لا عليكِ عزيزتي، دعكِ من كل مهاتراتي، ولتُلقي بكل ما هزيتُ به الآنَ في جُب النسيانِ،ولتستمعي جيدًا إلى حزمة قراراتي، سأنتصرُ على هزيمتي الساحقةِ في معركةِ غرامكِ، سأجاهدُ لِسحقِ آلامي وآهاتي وإخراجِ عِشقَكِ من الوجدانِ ، وسأستطيعُ هزيمةَ طغيانَكِ بقوةِ الإيمانِ، سأتابعُ طريقي كفارسٍ ٱمطتىَ جوادَ الرحيلِ بصمتٍ دونَ الالتفاتِ لما فات، وداعًا أبديًا يا من احتلتنى عشقًا وشيدتُ معها قصورًا لأكتشفَ بنهايةِ المطافِ، كم كانت واهيةً هي ومصنوعةً من الرمالِ.”
«يوسف عمرو البنهاوي»
بقلمي «روز أمين»
3

_________________

لم تشعر بحالها سوى وهي تهرول إلى والدها وتُلقي بحالها داخل أحضانه طالبة منه العون وهي تقول بصوتٍ يرتجفُ من شدة هلع ما رأت:
-إلحقني يا بابا، أنا في مصيبة.
استمع ذاك القريب من وقوفهما حديثها ليتعجب من والدها الذي يراه للمرة الأولى وبصحبته إسطولاً من السيارات ورجال الحراسة.
برغم غصته المُرة وعدم سكونه النفسي بكل مرةٍ يرى بها تلك الخطيئة، إلا أن قلبهُ للحظة ارتجف خشيةً من أن يكون أصابها مكروهًا، فبنهاية المطاف هي ابنته شاء أم أبى، من الظاهر أن مازال جزءًا منه إنسانًا يشعر بألام الآخرين، نطق مستفسرًا باستغراب:
-مالك يا زينة، إيه اللي حصل؟!
ابتعدت عن أحضانه ومازالت تتشبثُ بساعديه كالغريق الذي يتعلقُ بقشة، تلفتت حولها بهلعٍ لتتفاجأ بذاك الـ”رامي”يقف خلفها مباشرةً ولم يتردد بسؤالها النابع من خوفهِ عليها:
-مالك، فيه حد بعت لك حاجة خوفتك؟

قد يعجبك أيضاً
عروسة جدى بقلم user07883351
عروسة جدى
46K
2K
دائماً ما تحركنا اطماعنا دون النظر لأى شئ اَخر ، حتى اُتنزعت الرحمه من قلوبنا ولم نعُد ننظر لقرابه أو صلة رحم . ولكن من المخطئ ، العجوز الذى تزوج الفتاه الصغيره ام ان ا…
♕عزف السواقي ♕ بقلم shmsmh
♕عزف السواقي ♕
186K
7.8K
رومانسية اجتماعية صعيدي
بحر ثائر بقلم آية العربي بقلم ayaalarabe
بحر ثائر بقلم آية العربي
430K
21.4K
يبدو أنه كلما تألم الإنسان أكثر كلما امتلك براعة الوصف في روايته ، فالمحن لم تخلق عبثًا بل خلقت لتصنع العظماء . بقلم آية العربي #بحر_ثائر ❤
رحلة عسل بقلم user07883351
رحلة عسل
69.1K
2.2K
جرحها حينما ظنت انها ملكت العالم بحبه وكان اولي خيباتها حينما حينما واجهت الغدر من اقرب،اصداقائها .. فكان البعد هو الحل الوحيد حتى تحتفظ بالباقي من كرامتها..ولكنها الا…
غابة الذئاب& غرام الذئاب «الجزء الثالث و الرابع من سلسلة صراع الذئاب» بقلم WalaaRefat
غابة الذئاب& غرام الذئاب «الجزء الثالث و ال…
1.4M
36.3K
من المُتعارف عليه في قانون الغابة البقاء للأقوي،بينما هنا القوانين تختلف،البقاء للعقل و الذكاء و الحب،و لكل ذئب حكاية منها تعود إلي جذور الماضي و أخري ينتظرها المستقبل،…
????قلوب حائرة2 الجزء الثاني ???? بقلم RoseAmin
????قلوب حائرة2 الجزء الثاني ????
415K
7.6K
عجيبٌ حقاً أمرُ البداياتِ والنهاياتِ ، فكِلتاهُما في كثيرٍ من الأحيانِ قَد تبدو لنا متشابهاتٍ ، أحياناً عندما نتعرضُ لِإنتكاسةٍ رَوْحِيَةٍ نَعْتقدُ أنَ تِلْكَ هيَ النها…
شظايا قلوب محترقة بقلم Sela987654321
شظايا قلوب محترقة
2.2M
66.8K
هو المغرور نصف وزنه كبرياء والنصف الآخر قصة لايفهمها العقول الصغيره،بحر متلاطم من الأفكار لا يبحر فيه السطحيون ، متمرد ولا يعجبه شى ،.بل متفرد مختلف لايرضيه اى ذوووق هي…
وضعت كفها على فمها وباتت تتمعن النظر إليه بحيرةٍ قاتلة، أتخبرهُ بما حدث بحكم سابق معرفته بذاك الندل”مازن”، أم تنتهج الكتمان للحفاظ على الشكل العام لها أمامه، بلحظة حسمت أمرها وقررت مشاركته للفاجعة علهُ يستطيع الوقوف بجانبها بحكم شهامته التي تعلمها جيدًا من مواقفه السابقة، نطقت بنبرة مرتجفة من شدة هلعها:
-الحيوان اللي إسمه “مازن”، باعت لي رسايل بيهددني بيها

سألها” رامي” مستفسرًا:
-عبارة عن إيه الرسايل دي؟

ضيق” عمرو” عينية ليسألها متعجبًا بعدما وجدها تحادث ذاك الشاب بأريحية:
-مين ده يا زينة؟!

إلتفتت من جديد لأبيها لتنطق والهلعُ مازال يتملكُ من جسدها المرتعش:
-ده الأستاذ”رامي كمال”، طالب في الفرقة الرابعة كلية تجارة
ابتسم الفتى على روتينية حديثها وعفويتها ،فأراد التدخل حتى يرفع عنها الحرج امام أبيها:
-أنا زميل زينة هنا في الجامعة،وعارف الولد اللي بيضايقها
1

-بيضايقك إزاي؟… سؤالاً طرحهُ “عمرو” بقلبٍ مرتجفُ صدقًا على تلك المسكينة تعيسة الحظ،وقبل أن يُكمل حديثهُ أشار الشاب بكفه جانبًا:
-فيه كافية قريب جدًا من هنا، تعالى حضرتك نقعد فيه ونفهم من “زينة” إيه اللي حصل، وبالمرة أحكي لك على اللي حصل قبل كده من الولد اللي إسمه”مازن”وصاحبه إياد، ونرتب مع بعض تحركاتنا

أومأ له وتحرك الجميع وجلسوا،چن جنون “عمرو”فور مشاهدته لبعض الصور التي أرسلها ذاك الحقير عديم الأخلاق للفتاة، وكانت عبارة عن صور مُركبة بوجه” زينة” على جسد أخرى عارية تمامًا سوى من قطعتين ملابس فاضحتين،ويبدوا من هيئة الصور الخلاعة، وما ثار من غضبه هي تلك الرسائل التهديدية المرفقة للصور،حيث طلب منها الإتصال به كي يساومها أو بمعنى أوضح يتم إبتزازها بتلك الصور المُفبركة
لم تتجرأ على إعطاء الهاتف إلى “رامي” لرؤية الصور لسببين،أولهما لقبح وبشاعة المنظر،والسبب الآخر والأهم هو وجود وجهها على ذاك الجسد، حتى ولو كانت الصور مُركبة والكل يعلم هذا، لكن يبقى الخجل والحياء هما أهم ما يميزا الفتاة، كور عمرو كفه حتى ابيضت عروقه وبرزت ليهتف بسبابٍ حاد أخجل الفتاة امام زميل دراستها:
-يا إبن الـ…..، وحياة أمي لعلقه على باب الجامعة، وخلي دكر من أهله ييجوا يخلصوه من إيدي
نطق الشاب بمنتهى الذكاء:
-إهدى يا “عمرو” بيه وحاول تتمالك أعصابك، الموضوع محتاج يتحل بمنتهى الهدوء علشان سُمعة “زينة”
وتابع بحرصٍ وخوف عليها:
– الموضوع حساس ومحتاج تعامل من نوع خاص
1

لم يقفا سوء حالتها النفسية وعدم تركيزها حائلاً بأن تستمع لكلماته مستشعرة من بين حروفه حنانه والخوف عليها، مما جعلها تشعر ببعض السكينة رغم ما تعيشهُ من حدثٍ مرعب من الممكن أن ينهي على مستقبلها بالكامل، هتف عمرو بطريقة متهورة كعادته:
-أنا الكلام ده مينفعنيش، الواد ده لازم يتعمل معاه الصح علشان يبقى عبرة لأي كلب يتجرأ على بنت عمرو البنهاوي

وتابع بزهوٍ وغرور:
-ده مجنون ولعب في عداد عمره، ميعرفش هو وقع نفسه مع مين
نطقت ومازال صوتها مُرتجفًا بتأثر:
-من فضلك إسمع كلام “رامي”
حركت رأسها لتتابع بترجي أظهر كم ارتعابها :
-أنا مش عاوزة شوشرة
وتابعت بلهفة حين تذكرت:
-خلينا نكلم يوسف وهو هيتصرف

صمت يتمعن بكلاهما ليتحدث لغرضٍ في نفس يعقوب:
-خليني أنا أحل المشكلة الاول وبعدين نبقى نبلغه
ليتمعن بعيني الفتاة مسترسلاً بإقناع:
-مش عاوزين نشغله عن دراسته
أومأت بطاعة حرصًا على مستقبل شقيقها الغالي، ليتابع هو حديثه بسؤاله إلى الشاب:
-قولي يا “رامي”،إنتَ تعرف عنوان بيت الواد ده؟

تمعن الشاب قليلاً لينطق بهدوء:
-الحقيقة معرفش، بس بسيطة، ممكن أسأل واحد صاحبي في إتحاد الطلبة

قام بإجراء اتصالاته لمعرفة عنوان المدعو مازن وبالفعل حصل عليه واتجه عمرو إلى العنوان بإسطول سياراته ورجاله مصطحبًا معهُ زينة ورامي الذي أصر على مرافقتهم للمساعدة، ولسوء الحظ أو لحسنه لم يعثروا على الشاب بسبب هروبه، حيث أبلغهُ أحد أعضاء اتحاد الطلبة بالجامعة بعدما شعر بريبة من سؤال” رامي” لأحدهم عن عنوان الآخر، وكان الشاب على صلة قرابة من المدعو مازن فعلى الفور أبلغهُ عبر الهاتف ليسارع الآخر بالإختباء فور تيقنهُ السبب
أجرى “عمرو”بعض الإتصالات ببعض معارفه وفعل كل ما بوسعه للعثور على الفتى دون فائدة، وكأن الأرض إنشقت وابتلعت الشاب، صدح صوت هاتف الفتاة وكان المتصل”يوسف”الذي سألها بجدية:
-إنتِ فين يا”زينة”،وإيه اللي أخرك لحد الوقت؟!

إزدرأت ريقها لتجيبه بصوتٍ مختنق بالدموع:
-أنا شوية وهاجي
سألها متوجسًا بعدما شعر بخنقتها:
-مالك يا زينة، إنتِ فيه حاجة مزعلاكى؟
إنفجرت بالبكاء لتنتحب مستنجدة بشقيقها:
-يوسف،أنا في مصيبة

انتفض من مقعده ليهرول باتجاه الشرفة لا يدرى لما وهو يسألها بلهفة:
-فيه إيه، إنطقي، طب إنتِ فين

وأثناء ما كان عمرو يجري إتصالاً أخر محاولاً إيجاد حلٍ للمشكلة التي قرر استغلالها للتقرب من نجله والفتاة وتقديم نفسهُ إليهما بشكلٍ جديد، والظهور بصورة الأب حامي الحمى لأولاده، لاحظ بكاء الفتاة وانتحابها أثناء محادثتها لأحدهم، على الفور تيقن من أنه نجله الحبيب، انهى المكالمة سريعًا ليقترب منها متسائلاً:
-ده يوسف؟
1

أومأت بدموعها ليزفر بحدة لاعنًا غبائها بسريرته ثم انتزع الهاتف منها لينطق بصوتٍ حنون محاولاً طمأنة عزيز الفؤاد:
-متقلقش يا يوسف، دي مشكلة بسيطة وأنا هحلها من غير شوشرة

-مشكلة إيه؟…قالها بحدة ليتابع بغضبٍ متعجبًا تواجده بصحبة شقيقته:
-ثم أنتَ مين أصلاً علشان تكون موجود مع أختي، لا وبتحل لها مشاكلها كمان!

-أنا أبوها يا يوسف لو نسيت… قالها بجدية مصحوبة بلومٍ ليصيح الآخر متهكمًا بغضب:
-سلامات يا أبوها، ده من آمتى يا بيه؟!
وتابع ساخرًا:
-ومشاكل إيه دي اللي جاي تحلها لاختي، إذا كنت إنتَ أصلاً أكبر مشكلة في حياتها
1

اغمض عينيه ليزفر محاولاً السيطرة على غضبه كي لا ينفجر بوجه نجله، فهو في حاجة إلى قربهُ ورضاه لا غضبه وابتعاده، تحدث بهدوءٍ عكس ما يدور داخلهُ من براكين خامدة:
-إهدى يا يوسف وخليني أشرح لك الموضوع

-مش عاوزك تشرح لي حاجة، إديني زينة علشان أعرف مكانها وأجي اخدها

-طب ممكن تهدى وتسمعني… قالها بصوتٍ جاهد ليخرج هادئًا وتابع متسائلاً:
-إنتَ في البيت؟
بنفاذ صبر أجابهُ بنعم ليخبره:
-طب خليك مكانك، وأنا ربع ساعة بالكتير هبقى عندك أنا وزينة
أغلق معهُ ليقف منتظرًا، بات يجوب المكان بغضبٍ حاد، مجبرًا هو على تحمل ذاك الدخيل على حياتهما والذي ما بغض بكامل حياته مثله.

༺༻༺༻٭༺༻༺༻
كان يجلس بحجرة المكتب المتواجدة بالمنزل، منشغلاً بتخليص بعض الأوراق الموضوعة فوق سطح المكتب الخشبي، وأثناء إندماجه استمع لبعض الطرقات الخفيفة فوق الباب ليصدح صوتهُ الحاد أمرًا الطارق بالدخول، فُتح الباب لتطل تلك الفتاة اللعوب”هند”تتحركُ بغنچٍ نحوه في تمايلٍ بجسدها وهي تحمل بين كفيها قهوته، إقتربت من المكتب لتضع الصينية وتقول بصوتٍ ناعم وحروفًا مثيرة مقصودة:
-القهوة يا باشا
وتابعت وضع كأس المياه الباردة لتميل بجسدها متعمدة إغرائه، لينطق وهو يتمعن النظر بملامحها كصقرٍ يراقب فريسته بدهاء ما قبل الإنقضاض:
-إنتِ مين سمح لك تدخلي عليا وأنا بشتغل؟!
وتابع بحدة:
-ثم أنا مبلغهم في التليفون إن وداد تحديدًا هي اللي تجيب لي القهوة؟
ارتبكت بوقفتها وتحدثت:
-وداد مش موجودة يا باشا
وتابعت بدلالٍ رغم سوء موقفها:
– راحت تودي بنتها لدكتورة أمراض النسا

رفع حاجبه قبل أن ينطق بحزمٍ مخيف:
-طب إسمعيني وإفهمي كلامي كويس لأني مبعيدش الكلمة مرتين، أي حاجة خاصة بيا متجيش ناحيتها نهائي،وطول ما أنا موجود في البيت،مشوفش خلقتك دي قدامي،مفهوم ؟

انتفض قلبها رُعبًا من إسلوب التهديد الذي اتبعهُ معها وقبل أن يقوم بطردها من المكتب دخلت تلك التي حضرت للتو من الشركة حيث تأخرت عن موعد العودة بفضل إجتماعًا هامًا، ومن سوء حظه أرادت رؤيتهُ أولاً قبل الصعود للطابق العلوى،اتسعت عينيها ذهولاً لتنطلق عليهما بخطواتٍ واسعة وأعين تشع نارًا موقدة،من يرى تجهم وجهها يُجزم أنها على مشارف ارتكاب جريمة قتل أحدهم،واجهت وقوف الفتاة لتنهرها قائلة:
-إنتِ إيه اللي مدخلك هنا؟
-أنا مش قولت لك…اقتطم جملتها وهو يقول بإشارة من يده تابعتها نظرة أجبرتها على الصمت:
-خلاص يا بابا إهدي، الموضوع ميستاهلش
حول بصره إلى العاملة وتابع بنظرة شرسة:
-إطلعي برة، وزي ما قولت لك، طول ما أنا موجود في القصر مش عاوز أشوف خلقتك قدامي

إزدردت ريقها وتحركت للخارج مهرولة بساقين تتخبط ببعضيهما من شدة التوتر والهلع، أغلقت الباب خلفها وهرولت إلى حجرة تحضير الطعام لتصيح تلك الحانقة بحدة بعدما فقدت السيطرة على نفسها من شدة الغيرة على رجلها:
-البت دي لازم تمشي من البيت حالاً

وقف يستدير حول المكتب لحتى وصل امامها واحتوى وجنتيها قائلاً بذات مغزي:
-إهدي،وكل اللي إنتِ عوزاه هيحصل

ارتجف جسدها من شدة الاشتعال ونطقت بإصرارٍ متجاهلة طمأنته:
-مشيها حالاً يا فؤاد
أومأ بعينيه ليجيبها بهدوءٍ عجيب:
-هتمشي صدقيني،بس إصبري
طالعته بنظرة مستفهمة ليكمل مستطردًا بإبهام:
-همشيها بكرة
صاحت بصراخٍ وقلبٍ مشتعل:
-وليه مش النهارده، وليه مش حالاً؟!
إقترب من وجهها ليميل مستندًا بجبينهُ على خاصتها:
-بتثقي في حبيبك ولا لاء؟
ابتلعت ريقها متأثرة بهالة حضورهُ واقترابه الطاغي لتهز رأسها بنعم فمال على كريزتيها مقتطفًا قُبلة سريعة ليبتعد مسترسلاً بذات مغزي:
-بكرة هعمل لك اللي إنتِ عوزاه كله، وبالمناسبة، العيلة كلها متجمعة هنا بعد بكرة
قطبت جبينها تسألهُ:
-تقصد مين بالعيلة؟
أخذ نفسًا مطولاً ليجيب:
-إحنا، وعيلة عمي أحمد بالكامل، وعيلة فريال

-ليه،فيه إيه يا فؤاد؟!… قالتها باستغراب وريبة ليجيبها بغمزة:
-هتعرفي بعدين
بنفاذ صبر تحدثت ببعضًا من الحدة تعود لريبتها:
-فؤاد، أنا مبحبش جو المفاجأت وإنتَ عارف كده كويس
وتابعت بإسلوبٍ جاد:
-فياريت تقول لي فيه إيه؟
إضطر تغيير استراتيچيته معها لعدم افساد ليلة الفتى وتضييع عنصر المفاجأة عليها:
-مفيش يا حبيبي
وتابع بمراوغة:
-من زمان ما اتجمعناش، قولت نعمل عشا لطيف ونتجمع كلنا في سهرة حلوة
واسترسل ليقطع عنها حبل الأفكار قبل أن تداهمه بأسألةً أخرى:
-يلا علشان نتغدا، أنا جوعت

سألته باهتمام:
-إنتَ مأكلتش معاهم؟

-تؤ… قالها متابعًا مع غمزة:
-ما أنتِ عارفة، فؤاد مبيعرفش يستطعم الأكل غير في حضرة حبيبة حبيبها

ألصقت حالها به أكثر لتنطق بهمسٍ وأنوثة بعدما احتل غرامهُ كيانها:
– يخلي لي فؤاد، وعيون فؤاد، وقلب فؤاد، وكل فؤاد
1

داعب أنفها بخاصته لينطق هامسًا بنعومة:
-طب يلا يا نور عين فؤاد غيري هدومك بسرعة، علشان فؤاد، ميت من الجوع
هرولت للخارج ولكن قبل صعودها للدرج ولچت للمطبخ تستدعي عزة قائلة بنبرة جادة:
-حصليني على فوق

وتحركت دون النظر للفتاة التي ابتلعت ريقها لتهرول لداخل الحمام تحدث إحداهُن عبر الجوال:
-ايوه يا مدام، الوضع هنا بقى صعب ، فؤاد باشا ده طلع شراني قوي، ونظراته ليا مش مريحاني
وتابعت تبتلع لعابها وهي تتذكر نظراته المخيفة:
-ده زي ما يكون فاهم الليلة كلها، نظراته ليا النهاردة كانت مرعبة

على الطرف الآخر نطقت بنفاذ صبر:
-متتعبنيش معاكِ بقي،ده أنتِ طلعتي زنانة قوي
وتابعت ناهرة:
-امال لو كنتي عملتي حاجة من اللي اتفقنا عليها،ده أنتِ حتى معرفتيش تشديه ناحيتك وتزرعي الفتنة والشك بينهم
لوت هند فاهها وتحدث ساخرة:
-أشد مين يا هانم، ده مش شايف ست غيرها في الدنيا كلها،ده مبيطقش تبات ليلة واحدة وهي زعلانة منه
هتفت المرأة بتهكمٍ:
-ده من خيبتك التقيلة ولأنك فاشلة ومعرفتيش تجذبيه
دافعت هند عن حالها:
-والله العظيم حاولت كتير، بس اعمل ايه،ده زي ما تكون ساحرة له ومخلياه مش شايفة غيرها، عامية عنيه عن جنس الستات كلها

إشتعل قلب الأخرى لتهتف بحنقٍ:
-اوف، كفاية بقى صدعتيني، خليكِ ماشية زي ما أنتِ، وأهم حاجة تنقلي لي كل حاجة بتحصل جوة القصر بالتفصيل، وخصوصًا بين فؤاد والزفتة مراته
___________
2

بالأعلى، ولچت لغرفتها، فكت حجابها بحدة وألقت به فوق المقعد، خلعت عنها البليزر لتنطق تلك التي ولچت لتتحرك إليها متسائلة بارتياب:
-مالك مش على بعضك كده ليه؟!
بدون سابق إنذر انفجرت بها:
-قاعدة لي إنتِ مرتاحة في المطبخ ، وسايبة البت الحقيرة دايرة تحوم ورا جوزي
وتابعت بوجهٍ مشتعل:
-البنت بتستغل غيابي وتخلق أي فرصة تقرب فيها من فؤاد يا عزة

اقتربت منها في محاولة لكظم غيظها:
-طب اهدي متعمليش في نفسك كده،كل مشكلة وليها حل

وتابعت بما اعتقدتهُ نُصحًا ولم يكن سوى قنبلة موقوتة انفجرت بقلب الأخرى:
-هو أنتِ فاكرة نفسك لسة عيلة صغيرة للعصبية دي يا إيثار، إهدي لتجي لك جلطة بعد الشر

فغر فاهها واتسعت عينيها على مصراعيهما بصدمة من حديث تلك البلهاء حيث أشعل النار بداخلها وجعلها تقارن بين عمرها الذي تعدى الأربعون، وعمر تلك العاملة التي بريعان شبابها،لتهتف بأعين مشتعلة:
-إطلعي برة يا عزة، ولو خايفة على نفسك، متخلنيش ألمح طيفك النهارده
2

تراجعت للخلف خشيةً غضبها لتنطق بحروفٍ متقطعة:
-الله أكبر، بسم الله الرحمن الرحيم، مالك إتحولتي كده ليه، هو أنا قولت لك حاجة غلط لا سمح الله، ده انا خايفة عليكِ
-إمشي يا عزة من قدامي… صرخت بها لتهرول الآخرى صوب الباب وفتحته ليباغتها دخول ذاك المشاغب حيث صاح بمشاغبة:
-يلا يا مامي علشان تتغدي
تحرك مهرولاً إليها لتجذبه عزة من رسغه وهي تهمس بترقبٍ لملامح تلك الشرسة:
-تعالى هنا رايح فين
وهمست له:
-إبعد عنها الساعة دي، حكم دي مش طايقة نفسها واللي هيقرب منها هتاكله بسنانها زي أمنا الغولة

أفلت ذراعه لينطق وهو يتأملُ وجه غاليته:
– إوعي، هحضن مامي، مش شوفتها لما جت

رمقتها بحدة:
-سبيه وانزلي جهزي الغدا وباشري عليه بنفسك
وتابعت متوعدة بكفها:
-وإياك أنزل ألاقيكي هربانة ومستخبية في المطبخ يا عزة

أسرعت هاربة من أمام تلك الغاضبة ليهرول الصغير على والدته التي احتضنته وقبلت كل إنشٍ بوجههِ.

بعد قليل كانت تجاور زوجها والصغير حول طاولة الطعام استعدادًا لتناوله، اقبلت عليهم عزة تحمل دورق المشروب،تهربت بنظراتها بعيدًا ثم نطقت بصوتٍ يكاد يُسمع:
-العصير يا باشا

رفع عينيه لأعلى يتأملها مبتسمًا فحقًا اشتاق لرؤياها،نطق في محاولة لملاطفة تلك العزيزة التي استطاعت بعفويتها أن تحصل على مكانة داخل قلبه:
-كفارة يا عزة
ابتسمت خجلاً ليتابع مداعبًا تحت نظرات إيثار القاتلة لها:
-أخيرًا حنيتي علينا وقررتي تتعطفي وتورينا طلعتك البهية

بادلتهُ المداعبة قائلة:
-انا قولت أريحك شوية من خلقتي وأشوف هوحشك ولا لاء

ابتسم وقرر بث الرعب بأوصالها قليلاً لمعاقبتها:
-إوعى تكوني فاكرة إني نسيت عملتك السودة إياها، ولا هفوتها لك كده بسهولة

بعفوية تحدثت لإلهائه:
-أنهي عملة فيهم بالظبط يا باشا؟
1

قام بحمل بعضًا من الأرز المطهي ورفعهُ باتجاه فمه وقبل أدخاله تحدث بمشاكسة:
-ليكِ حق تتوهي، ما أنتِ بلاويكي كتير وسجلك مليان
وتابع بمراوغة:
-بس ما ابقاش فؤاد علام إن ما توبتك يا عزة

تحمحمت وتحدثت إلى إيثار لمراضاتها:
-أصب لك عصير يا ست الستات

ردت باقتضاب متجاهلة نظراتها:
-مش عاوزة منك حاجة

-طب بالإذن أنا بقى…قالتها وهي تضع الدورق استعدادًا للهروب ليقطع لحظتها ذاك الذي صدح مشاغبًا:
-هو إنتِ مش شيفاني يا زوزة؟
طالعتهُ بغلٍ وهي تساله:
-يا غلبك يا عزة،عاوز إيه إنتَ كمان؟

رمقها فؤاد بنصف عين اعتراضًا على اسلوبها الغير لائق مع الفتى، لكن ماذا بيده ليفعله مع تلك التي عاش يوجهها مرارًا لسنواتٍ ولم تستجب، وأخيرًا استسلم بالأمر الواقع وتقبلها كما هي إكرامًا لما عانته مع زوجته وحمايتها لها ولصغيرها طيلة سنوات ومازالت،أما الصغير فاستند للخلف ليقول بكبرياءٍ:
-صبي لي كاس عصير زي بابي

-حاضر يا أخرة صبري…نطقتها من بين أسنانها لتطلق بعدها العنان لساقيها هاربة، تطلع فؤاد لحبيبة الروح سائلاً ليطمئن:
-مالك يا حبيبي؟
-سلامتك يا فؤاد
-مالك بجد، فيه حاجة حصلت بينك وبين عزة؟!
وتابع متعجبًا:
-حاسك مش طيقاها
تدخل ذاك المشاكس بالحديث:
-لما طلعت أنده لمامي، عزة شدتني ومش كانت عوزاني اقرب
ونطق واشيًا:
-وقالت لي، متقربش من أمك، دي عاملة زي أمنا الغولة وهتاكلك
احتدت ملامحها وتحولت لتهب واقفة وهي تصرخ بعلو صوتها في طريقها للمطبخ:
-عـــزة، تعالي لي هنا حالاً
1

نطق فؤاد لنجله بعدما شعر باقتراب العاصفة:
-شديت الفتيل يا ملوك، برافوا عليك يا حبيب بابا
رفع كتفيه للأعلى ناطقًا بعدم استيعاب الجملة:
-فطير إيه يا بابي اللي شديته؟!

-فطير إيه يا عم الحلواني إنتَ كمان… وتابع مداعبًا:
-قوم ناخد لنا ساتر تحت السُفرة قبل ما حرب الحلل والطاسات تبدأ.

༺༻༺༻٭༺༻༺༻
بنفس التوقيت تقريبًا
داخل مسكن يوسف البنهاوي، حضر هو وزينة وأيضًا “رامي” حيث طلب منه عمرو الذهاب معهما للاستعانة بالمعلومات التي بحوزته عن ذاك الحقير، چن جنون يوسف بعدما استمع من جميع الأطراف، ليصرخ في وجه شقيقته بحدة بالغة:
-إنتِ إزاي تخبي عني حاجة زي دي؟!
ارتعبت من هيأته الغاضبة، فتلك هي المرة الاولى التي تراه فيها بهذا الشكل الجنوني، نطقت وهي تنكمشُ أكثر:
-خوفت،خوفت يا يوسف

هتف متغاضيًا عن نظراتها المرتعبة:
-من إيه،خوفتي من إيه يا زينة؟!

تابعت بنفس الرجفة وأعين زائغة تحت غضب رامي من إسلوب الشاب الخالي من الرحمة مع شقيقته:
-خوفت أقول لك تعمل معاهم مشكلة، ويتكاتروا عليك ويضربوك

زفر حانقًا ومرر أصابع يده بخصلات شعره الفحمي يشدد عليه بقوة زائدة قبل أن يصيح من جديد متجاهلاً ولأول مرة حالتها النفسية:
-تمام قوي يا زينة، إتفضلي بقى شوفي نتيجة خوفك وصلتنا لإيه

قرر رامي التدخل بعدما اشتعل داخله من غضب الشاب وعدم مراعاته لهلع الفتاة،فتحدث بجدية وخشونة:
-أستاذ يوسف حاول تهدى، صراخك على أختك مش هيحل المشكلة

تطلع إليه بحدة لكنه استطاع السيطرة على حالة الغضب التي تملكته نتيجة هلعه على شقيقته وشعوره بالإخفاق في حمايتها، وأيضًا تعرضها لتلك المشكلة الكبيرة التي ستؤثر حتمًا في حياتها وتعيدها لنقطة الصفر، نطق بهدوءٍ استدعاهُ بصعوبة:
-أنا متشكر جدًا يا أستاذ رامي على مواقفك النبيلة مع أختي
وأشار بكفه باتجاه الباب:
-وإتفضل حضرتك ومتعطلش نفسك أكتر من كده
واسترسل متذكرًا:
-ياريت بس قبل ما تمشي تسيب لي إسم الواد الحقير وصاحبه وعناوين بيوتهم وأرقام تليفوناتهم
اجاب الشاب برجولة:
-انا تحت أمرك في كل المعلومات اللي إنتَ محتاجها
وتابع برجاءٍ:
-بس ياريت بعد إذنك تخليني معاكم لحد الموضوع ما يتحل، أنا عندي معلومات كتير وأكيد هفيدك
وقبل أن يرد عليه انطلق صوت عمرو الذي مازال يتابع اتصالاته:
-إقعد واهدى يا يوسف وأنا هحل الموضوع بعلاقاتي

لم يتحمل كلماته وانفجر صارخًا به:
-متشكرين لأفضال جنابك، إتفضل حضرتك روح لمراتك وولادك وسبنا في حالنا
وتابع ببسالةٍ:
-أنا كفيل بمشكلة أختي ومحدش هيحلها غيري

امتلئت ملامح عمرو غضبًا ليصيح بقلبٍ مشتعل:
-طبعاً هتجري على اللي اسمه فؤاد وتستنجد بيه؟
وتابع مسترسلاً بتحذير شديد اللهجة نابعًا من غيرته:
– بس انا مش هسمح لك تقلل مني قدامه وتحسسه إنكم ملكوش أب يا يوسف

برغم ما يشعر به الشاب من ألامٍ شديدة تنخر بعمق قلبه، إلا أن ما قاله ذاك الرجل ادخله في نوبة من الضحكات الساخرة لينطق وهو يتحركُ بدائرية داخل فناء المسكن بجنون:
-أب، وإنتَ إمتى كنت أب ولا اتحملت مسؤليتك ناحيتنا؟!
توقف فجأةً ليرمقه بنظرات غاضبة متسائلاً بلوم:
– إنتَ مصدق نفسك فعلاً؟!

نطق الرجل بنبرة انهزامية وكأنهُ يترجاه:
-جربني المرة دي يا يوسف وسبني اقف جنبكم، المشكلة بسيطة، ولو هتوصل لأني أراقب أهله وأخلي رجالتي تخطف حد منهم علشان الواد يظهر هعمل كده

دقق النظر نحوه لتحتد ملامحه بغضبٍ عارم تجلى على محياه ليصيح محذرًا بصرامة:
-انا بحذرك، إوعى تتدخل بأي شكل من الأشكال، وإلا قسمًا بالله هزعلك
جحظت عيني الرجل ليتابع الأخر تهديده المباشر:
-إوعى يغرك صُغر سِني وتستقل بيا، أنا عامل زي موج البحر، قلبتي غداره وممكن تندمك وتخطف عمرك كله في لحظة

وتابع بحصافة ورثها من خلال عشرته بالراقي “علام”:
-حق أختي هييجي بالقانون، أمور البلطجة وشغل عصابات حواري شيكاغوا ده ميمشيش معايا

تألم قلب” عمرو” من عدم لين قلب نجله الغالي له، بينما نزف قلب”رامي” على تلك المنكمشة تشاهد بنظراتٍ صارخة ودموعٍ منهمرة ما يحدث بين أبيها وشقيقها وعلاقتهما المشوهة،لم يستطع فهم ما يدور من حوله لكنه استنبط من الحديث أن الوالد والأبناء ليسوا على وفاقٍ، وبأن تلك العائلة منفرط عقدها،تحرك إلى المنضدة وافرغ من الدورق كأسًا من المياة وتقدم به نحو تلك المسكينة التي لا يشعر بمعاناتها أحدًا،حيث الجميع منشغلاً بخوض معاركه الخاصة:
-إشربي يا زينة
تمسكت بالكأس بكلتا يديها ليرتجف من شدة انتفاضة جسدها وتناثرت منه بعض القطرات وهي ترتشف ليقع البعض على ملابسها، احترق فؤاده عليها ليهمس قائلاً بحميمية ممتزجة بنظراتٍ حنونة إشفاقًا على حالتها:
-متخافيش، كل حاجة هتبقى كويسة

نطقت بشفاهٍ مرتجفة وأعين نادمة:
-أنا آسفة، تعبتك معايا ودخلت بسببي في حوار ملكش علاقة بيه

همس بنفس الهدوء لبث الطمأنينة بداخلها:
-إوعي تقولي كده، أنا مش هسيبك غير لما نلاقي الحيوان ده والبوليس يقبض عليه، ونحذف كل صورك اللي عنده

حركت رأسها مرارًا لتنطق متنصلة بدموعٍ حارة:
-والله العظيم ما هي صوري يا “رامي”،وحياة ربنا مش صوري

أجابها بيقين ونظراتٍ هادئة:
-أنا متأكد من ده.
غاصت عينيها بخاصتيه وشعورًا غريبًا اقتحم قلبها ليهزهُ بعنفٍ، هدأت دقات القلب قليلاً لتصمت ويتحرك هو باتجاه يوسف بعدما اطمئن عليها نسبيًا، أمسك يوسف هاتفه الجوال وقرر يهاتف اللواء التابع لجهاز المخابرات يستعين به، استبعد اللجوء إلى فؤاد كي لا يتسبب لحاله الحرج امامهُ أكثر، يكفيه ما يشعر به دومًا بالتقزم تجاه تلك العائلة العريقة،كان داخل عمرو مشتعلاً وخصوصًا أنهُ لم يتوصل إلى حلٍ،فكل الشخصيات التي لجأ لها تهربوا لعدم صلتهم بشخوصٍ ذو مناصب مهمة في الدولة يستطيعون التدخل، استمع إلى يوسف وهو يقول بكل جدية:
-السلام عليكم، إزي حضرتك يا سيادة اللواء، كنت محتاج تدخل حضرتك في حل مشكلة حصلت لأختى
هدأت نار قلب عمرو وتابع يوسف حديثه مع الرجل وقام بإمدادهُ بكل المعلومات اللازمة التي حصل عليها من خلال ذاك الشاب الخلوق “رامي”، وعده اللواء أنه سيعمل بجدية والعثور على هذا الحقير في خلال ساعات، اتجه يجلس بجوار شقيقته، حاوط كفيها المرتجفتين وضغط عليهما باحتواءٍ وهو يعتذر:
-أنا آسف، اتنرفزت عليكِ غصب عني
وتابع بتبكيتًا:
-بس إنتِ السبب يا زينة، لو من الأول خالص صارحتيني، كنا قدرنا نحل الموضوع ومكناش وصلنا للي وصلنا له ده

-أنا أسفة يا يوسف،أنا سكت من خوفي عليك… وتابعت بقلبٍ يتمزقُ ونظراتٍ صادقة:
-مكنتش عاوزة أخسرك بعد ما لقيتك
رفع كفه يجفف دموعها ثم نطق بكلماتٍ شملت روحها لتمدها على الفور بالسكينة:
-من أول يوم شوفتك فيه وجبتك هنا، قولت لك أنا مش بس أخوكِ، أنا أبوكِ وسندك وكل عيلتك
وبات يذكرها بحديثهما الفائت تحت رجفة قلب رامي واستحسانهُ لتلك العلاقة الصحية:
-قولت لك أي حاجة تحتاجيها أطلبيها مني من غير ما تترددي، وأي مشكلة تواجهك أنا في ظهرك
مال برأسه ليسألها بأعين عاتبة:
-مش أنا قولت لك كده يا حبيبتي؟
اومات بدموعها لترتمي داخل أحضانه وتبكي متمسكة بتلابيب قميصه تحت صرخات قلبه النازف لأجل ضعفها، استغل عمرو الوضع واقترب يجاور الفتاة متحدثًا:
-اهدي يا حبيبتي، كل حاجة هتبقى زي الفل.
+

أغمض يوسف عينيه زافرًا لتخرج الفتاة من أحضان يوسف منساقةً إلى ذاك الأب الذي نجح بجذب تلك المسكينة، مستغلاً حالتها للحنان ووجود العائلة والاهتمام التي حُرمت منه طيلة حياتها

 

 

لا تنسى كتابة تعليق لتشجيع الكاتبة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى