رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل السادس 6 – قصة رومانسية عربية
رواية ليلى منصور وكمال الرشيد الفصل السادس 6 – قصة رومانسية عربية
البارت السادس
غص بدر غسان بدهشة: “ستة عشر عاما؟”
في هذا الوسط الذي ينتمي إليه بدر، كان الجميع يعترف بجميلة، ليس فقط لجمالها الفاتن، بل لأنها متفوقة في دراستها منذ الصغر، حاصلة على شهادات عليا من أرقى الجامعات، ولا توجد فتاة في مدينة البحر تضاهيها من حيث المؤهلات.
هي وحدها التي تستحق أن تكون بجانب كمال.
الجمال وحده لا يكفي، بل هو فخ إذا لم يصاحبه علم. الجمال مع الشهادة الجامعية هو الورقة الرابحة، وكلما ارتفعت الطبقة الاجتماعية، زاد تقديرهم لتحصيل الفتاة العلمي.
كل إعجاب بسيط كان في قلب بدر تجاه ليلى قد تبدد، وقال بنبرة احتقار: “ليلى، هل حقا تركت الدراسة في السادسة عشر؟”
نظرت ليلى إلى جميلة المغرورة بابتسامة هادئة وقالت: “نعم، لقد توقفت عن الدراسة في السادسة عشر.”
ضحك بدر ساخرا: “يا للصدفة! أخي كمال أيضا توقف عن الدراسة في السادسة عشر، لكنه كان معجزة، نال درجتي ماجستير من هارفارد في ذلك السن. أما أنت، فلا تملكين حتى شهادة ثانوية، أليس كذلك؟ هاهاها!”
انفجر بدر ضاحكا بسخرية.
وكانت جميلة تتصرف بتعال واضح.
جميعهم كانوا يحتقرون ليلى.
وقف كمال شامخا بساقيه الطويلتين، وأضواء الممر تنعكس على وجهه الوسيم المتجمد، ثم نظر إلى ليلى.
خلال هذه السنوات الثلاث، كانت ليلى مجرد ربة منزل تدور في فلكه، ومن الطبيعي أن لا تكون حاصلة على شهادة.
لكن ليلى لم تبد محرجة أو خائفة، بل نظرت إليه بعينيها الصافيتين وابتسمت ابتسامة رشيقة وقالت: “نعم، يا لها من صدفة فعلا.”
نعم، صدفة فعلا.
لسبب ما، شعر كمال بوخزة في قلبه.
لاحظ أن عيني ليلى جميلتان حقا، فيهما ذكاء وروح، وكأنهما تتكلمان.
“ليلى!” جاءت سعاد مسرعة، وما إن رأت جميلة حتى غضبت: “جميلة، هل تتنمرين على ليلى مرة أخرى؟”
قالت جميلة بتفاخر: “نحن لم نضايق ليلى، بل أردنا مساعدتها في إيجاد وظيفة.”
اندهشت سعاد: “أنتم تبحثون لليلى عن وظيفة؟”
تابعت جميلة بنبرة سخية وكأنها تمن عليها: “نعم، رغم أنها لا تملك أي شهادة، سنحاول مساعدتها في إيجاد عمل جيد.”
سعاد: “…”
ضحكت سعاد من شدة الغضب: “هل تعرفون من هي ليلى أصلا؟ إنها…”
لكن ليلى أمسكت بسعاد سريعا ومنعتها قائلة: “سعاد، دعينا نذهب.”
سعاد لم تكمل، لكنها رمت جميلة بنظرة احتقار كأنها تقول: “سيأتي يوم تصفعين فيه بالحقيقة.”
وغادرت سعاد مع ليلى.
غضب بدر وقال: “ما بها ليلى هذه؟ تركت الدراسة في السادسة عشر ومع ذلك تتصرف بتكبر؟ لو كنت مكانها، لما رفعت رأسي أمام أحد!”
جميلة لم تغضب، فهي لم تعتبر ليلى ندا لها من الأساس، ولا تراه مؤهلة لأن تكون خصما لها.
الغضب من ليلى يعني الانحدار إلى مستواها.
قالت جميلة بابتسامة: “بدر، دعه، فالجاهل لا يخاف.”
بدر: “أخي، عليك أن تسرع في تطليق ليلى، فهي لا تليق بك.”
لم يظهر على وجه كمال الوسيم أي تعبير، فقط نظر إلى جميلة وقال: “لنذهب.”
جميلة أومأت: “حسنا.”
وغادرت جميلة وبدر مع كمال.
…
عند خروجهم من البار، سمعت فجأة صوت ينادي: “السيد كمال؟!”
رفع كمال رأسه، ليتفاجأ برؤية شخص مألوف، كان مدير جامعة هارفارد، السيد سعيد.
تقدم نحوه وقال: “السيد سعيد، ما الذي جاء بك إلى مدينة البحر؟”
كانت جميلة تحترم السيد سعيد بشدة، فرغم تفوقها الدراسي منذ الصغر، إلا أنها لم تتمكن من بلوغ مستوى يؤهلها لدخول جامعة هارفارد المرموقة.
ابتسم سعيد وقال: “السيد كمال، جئت إلى مدينة البحر لحضور ندوة، ويا للمصادفة، زميلتك الصغيرة في الجامعة أيضا هنا.”
توقف كمال لبرهة وقال: “أختي الصغرى في الجامعة؟”
قال سعيد: “نعم، لدى جامعة هارفارد أسطورتان، الأولى هي كمال، والثانية هي هذه الفتاة النابغة التي حصلت مثلك على درجتين علميتين في سن السادسة عشر. لكنها من دفعة مختلفة، لذا لم تتعرف عليها.”
امتلأ بدر بالفضول وقال: “واو، زميلة أخي كمال في الجامعة بهذه العبقرية؟ من منهما أذكى؟”
ابتسم سعيد وهو ينظر إلى كمال قائلا: “كلاكما على نفس المستوى.”
رفع كمال حاجبيه بانتباه، فهو لم يقابل فتاة تضاهيه من قبل.
كانت هذه المرة الأولى التي تسمع فيها جميلة عن وجود فتاة ند لكمال، لم تكن تغار من ليلى، لكنها شعرت بالتهديد فور سماعها عن هذه النابغة.
من تكون هذه الفتاة؟!
امتلأ قلب جميلة بالحسد والغيرة.
أخرج سعيد هاتفه وقال: “السيد كمال، لقد أرسلت لك حسابها على واتساب، أضفها إن سنحت لك الفرصة، فهي أيضا في مدينة البحر. بصفتك أقدم منها، من الجيد أن تهتم بها.”
أومأ كمال برأسه وقال: “حسنا.”
غادر الدكتور سعيد، وسارع بدر قائلا: “أخي، أسرع وأضفها، أريد أن أرى كيف تبدو!”
أخرج كمال هاتفه وفتح حساب واتساب الخاص بالفتاة.
وكان اسم الحساب بحرف إنجليزي واحد:L.
وصورة الخلفية كانت بيضاء تماما.
بدر: “ماذا يعني هذا الحرف L؟”
كمال لم يعرف أيضا، فقام بإرسال طلب الإضافة، مع كتابة اسمه: كمال الرشيد.”
كان الحساب لا يزال في مرحلة التحقق، ولم يتم القبول بعد.
بدر بحماسة: “أخي، حين تقبل إضافتك، أرسل لي حسابها فورا، أنا معجب بها جدا!”
رأت جميلة أن اهتمامهما قد تحول بالكامل إلى هذه الفتاة، مما جعلها تشعر بالضيق. وفي تلك اللحظة، توقفت سيارة رولز رويس الفاخرة، وكان سائقها هو سكرتير كمال الخاص، يوسف.
سارعت جميلة بإنهاء الحديث قائلة: “كمال، السيارة وصلت، دعنا نركب.”
بدر: “أخي، جميلة، إلى اللقاء.”
…
كانت سيارة الرولز رويس الفاخرة تنطلق بسلاسة على الطريق، وفي أجواء هادئة وراقية داخل المقصورة، سأل السكرتير يوسف من مقعد السائق عبر المرآة الخلفية باحترام: “سيدي، إلى أين نتجه؟”
كمال: “إلى الشركة.”
نظرت جميلة إلى كمال، حيث كانت أضواء المدينة الليلية تنعكس عبر النوافذ اللامعة على ملامحه الوسيمة، كأنها مشهد من فيلم قديم بالأبيض والأسود، مفعم بالهيبة والغموض.
نظرت إليه بحب وقالت: “كمال، ما الذي كان بينك وبين ليلى قبل قليل؟ هل أعجبتك الآن بعد أن أصبحت جميلة؟”
نظر كمال إليها بنظرة عابرة، وقال بصوت هادئ متكاسل: “هي زوجتي، فلو حدث شيء بيننا، فذلك طبيعي. ألست أنت من دفعتها إلي أصلا؟”
جميلة كانت تعلم أنه لا يزال يلومها.
يلومها لأنها تركته عندما كان في غيبوبة وسافرت إلى الخارج، تاركة ليلى لتحل محلها في الزواج.
حاولت الدفاع عن نفسها: “كمال، كانت ليلى هي من أصرت على الزواج بك، لم يكن بيدي شيء…”
كمال: “هل تصدقين هذا الكلام بنفسك؟”
جميلة: “…”
عضت شفتها الحمراء بغيظ وقالت: “صحيح، لقد تخليت عنك قبل ثلاث سنوات، وإن كان ذلك يزعجك، فلننفصل إذا. إن لم تعد تريدني، لا بأس.”
ثم التفتت نحو السكرتير وقالت: “يوسف، أوقف السيارة!”
كانت جميلة تنوي مغادرة السيارة.
لكن يد كمال القوية امتدت فجأة، وأمسكت بمعصمها الرفيع، وجذبها نحوه بقوة، لترتطم بجسده الرياضي الصلب.
ثم جاء صوته من فوقها، بنبرة تجمع بين التذمر والدلال: “جميلة، أنت فقط تتمادين لأنك تعرفين كم أدللك.”
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية ليلى منصور وكمال الرشيد)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)