روايات

رواية ليتني اعفو الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم لمسة جمال

رواية ليتني اعفو الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم لمسة جمال

 

البارت الحادي والعشرون

 

الفصل الواحد والعشرون

يا امرأة غير كل النساء
أشتقت إليك ولعمر جديد بين ذراعيك
يا عشقا صهر عشقي
أشتقت إليك ولحب فاض من قلبك
وسال على قلبي
يرويه أجمل احساس
ليجري في الوريد كما دمي
أشتقت لروحك لابتسامتك لعطرك لخطواتك

منذ بضعة ايام بالتحديد ليلة عقد قران يوسف وسهر
اصطف عمر سيارته واطفأها وهم بالخروج منها لتلتفت له نور بعد ان توقف امام عمارة راقية تحفها الاشجار المثمرة من كل جانب : عمر ايه المكان ده احنا جينا هنا ليه
هقولك كل حاجة ياحبيبتى بس تعالى نطلع الاول
انصاعت له نور وهى لاتفهم الى اين يأخذها صعدا معا فى المصعد لتتفاجئ به يخرج مفتاح الشقة من جيبه ويديره فى قفل الباب لفة واخرى وفتح الباب على مصراعيه ليدخل وينتظر دخولها خلفه الا انها
تسمرت مكانها امام الباب ليلتفت لها بهدوء :نور حبيبتى واقفة ليه تعالى ادخلى ومد يديه لها ليجذبها للدخول ثم اغلق الباب بهدوء
عارف يانورى انك مستغربة المكان بس حبيتك تيجي هنا تتعرفى على بيتنا ..انتظرت كتير انك تساليني كنا عايشين فين بس لحد دلوقت ماطلبتيش تعرفى ..فقلت الافضل انك تيجي تشوفيها بنفسك
ابتلعت ريقها من قربه الخطير منها وضربات قلبها المتسارعة دون ان تعى السبب لتبتعد عنه فجأة مديرة عينيها هاربة منه فى جميع الاتجاهات لترى عالمها الذى حجبته ذاكرتها وهى لا تتذكر منه شئ اقترب منها مرة اخرى جاذبا يديها الباردة المرتعشة هامسا لها :مالك ياحبيبتى انتى خايفة كدة ليه انتى هنا فى بيتك ومع جوزك حبيبك حتى لو مش قادرة تفتكريني ..بس قلبك لازم يدلك عليه تعالى
اخذها الى اريكتها المفضلة حيث كانت تجلس بقربه دوما وهو يتكأ على ارجلها بين احضانها ليشاهدا التلفاز معا
فاكرة الكنبة ديه يانورى ديه كان اكتر مكان مفضل بنحب نقعد فيه دايما مع بعض ماتتصوريش حتى الاماكن اشتاقت لك اد ايه اشتاقت لوجودك وضحكتك ومرحك ..وحشتينى قوى يانور حياتى
مازالت تهرب من حصاره هاتفة بتلعثم : تعالى نشوف بقية الشقة يمكن اقدر افتكر حاجة
طيب تحبى تشربى ايه الاول
ابتلعت ريقها مردفة اى حاجة
احضر كوبان من العصير وعاد مسرعا اليها ثم اشار لها على غرفة مكتبه ليتجولا فيها معا ثم غرفة المعيشة وختمها بغرفة النوم زاغت عينيها بحثا وهى تحاول تذكر اى شئ غرفة واسعة باثاث راقى يجمع بين العراقة والمودرن يبدو انها كانت ذات ذوق رفيع حتى انه اخبرها ان هذه الغرفة كانت من اختيارها واصرت عليها كان منتبه لكل حركاتها وهمساتها وانفاسها المتسارعة وتلاقت العينان فى حوار طويل وارتعشت الشفاه وفقد السيطرة على حاله ليندفع اليها يضمها لصدره يكاد يسحقها بين ضلوعه ويديه تخلل خصلات شعرها اراد ان يحقق ماتمناه منذ ان عثر عليها بعد طول غياب لقد اشتاق لقربها لحبها ونظراتها العاشقة التى استبدلتها بنظرات النفور والاستياء اراد ان يقبل كل انش من وجهها :ياااا يانور مش قادر اقولك اشتاقت لحضنك ده اد ايه ..ماتعرفيش ايامى فى بعدك كانت عاملة ازاى كنت حاسس كأننى طفل تايه ضاع من حضن امه .. دورت عليكي فى كل مكان ماكنتش بقدر احط راسى على المخدة واغمض عيني الا ساعات قليلة جدا اكون فيها مجهد ومقتول من التعب .. ارجوكى ماتبعدنيش عنك يانورى انتى ماتعرفيش هروبك منى وبعدك ده ونفورك منى بيعذبنى وبيقتلنى ازاداد اشتعال جسده لمقاومتها له :ابعد عنى ياعمر ..ولكنه لم يعد يحتمل بعدها عنه اكثر من ذلك
ارجوكى يانور انا مشتاق لك ارحميني حبينى زى زمان احنا كنا اسعد زوجين اقترب لينهل من شفتيها ليروى عطشه وجوعه اليها وهى مازالت تقاومه ….

استيقظ عمر فى الصباح املا ان تكون بقربه مد يديه ليجذبها الى حضنه ولكن الفراش كان فارغ فتح عينيه على اتساعهما منتفضا من الفراش لتطوف عينيه فى المكان بحثها عنها فى انحاء الغرفة ولكنها لم تكن موجودة خرج مسرعا الى الخارج يبحث عنها ولكنه لم يجد لها اى اثر ليسرع الى حمامه يغتسل ويبدل ملابسه خارجا من شقته مندفعا فى اتجاه منزل والدها ليستقل سيارته وهو يضرب المقود بقوة هاتفا :غبى غبى
كيف يؤذيها بهذه الصوره لقد تصرف بحقاره معها ولن يسامح نفسه ابدا هو فقط لايتعلم من أخطاءه لقد اراد قربها بكل كيانه اندفع خلف مشاعره الهوجاء بدون ان يعلم عاقبة مافعله ولكنه مازال خائف من فقدانها يريد ان يخبرها كل شئ حتى يستريح لكنه مرعوب ان تطلب الانفصال عنه ..ماذا عساه ان فعل يعلم انه بات فى مأزق كبير وعليه الخروج منه لكن كيف

كانت تجلس على الفراش رافعة ارجلها مستندة براسها على ذراعيها ودموعها تنهمر على وجنتيها: ابكى يانور ابكى حزينة دلوقت لانه غدر بيكي واستغل ضعفك طيب ماانتى استسلمتى له اتاثرتى بيه قدر يلعب على مشاعرك واحتياجك له رغم انك مش فاكرة اى حاجة بس قلبك حس بيه وبقربه نبض علشانه واتحرك ليه
طرق الباب وسط شرودها :ادخلى يادادا
اندفع اليها بقلق:نور انتى مشيتى ليه
انتفضت من مكانها وبنظرات قاتلة هاجمته :ايه اللى جابك ياعمر عاوز منى ايه تانى مش كفاية اللى عملته
نور اللى حصل بينا مش عيب ولا حرام انتى مراتى وحبيبتى انا معترف اننى اتسرعت فى التعبير عن مشاعرى بس انا بشر ضعفت ومااقدرتش اتحمل بعدك عنى ولولا اننى حسيت بتجاوب منك انا ماكنتش اتماديت ارجوكى سامحيني لكن انا مش آسف ابدا على اللى حصل بيننا اقسم لك يانور انا ماخططتش ان ده يحصل بالعكس انا كنت جايبك الشقة علشان نتكلم وعاوزك تحاولى تفتكرى اى حاجة ..صمت بعدها وهو يذرف انفاسه المتسارعة كأنه يجرى فى سباق الماراثون لترد بعدها نور بصوت مجروح متالم : اخرج ياعمر ارجوك مش عاوزة اتكلم فى حاجة دلوقت
نظر لها قليلا يريد ان يحفر ملامحها داخل قلبه :انا خارج يانور علشان شايف ان اعصابك تعبانة وهسيبك ترتاحى بس هرجع لك تانى مش بعد مالقيتك يانور تبعدى عنى تانى ..قبلها بهدوء على وجنتيها ثم خرج وهو يشعر بالالم من نفورها
مازالت تبكى بانهيار وتؤنب نفسها هو لم يخطأ هى من استسلمت له وهو لبى رغبتها اى حقيرة هى لتقع تحت تاثير سحره بهذه السهولة
وقعت عينيها فجأة على كتبه التى قرأت منها كثيرا ولم يتبقى سوى كتاب اخير شعرت انها بحاجة لقراءته فجأة تذكرت مااخبرتها به اميرة من قبل”بيني وبينك انا حاسة انها قصة حياة الكاتب نفسه”
امسكت به وبدأت فى التهام كلماته بكل اوجاعه والامه واحزانه كل كلمة قرأتها وكل حرف كانت كفيلة ان تستعيد معها ذاكرتها الى ان وصلت للنهاية ….

وبدأ فارس فى اجراء عملية حبيبة بقلب مضطرب وخوف على الصغيرة الا تنجو ودعاء مكبوت ان يوفقه الله ويتم عمليتها بنجاح ومع اول امساكه للمشرط اندمج فى عمله بكل اتقان
كانت تجلس بالخارج بين عائلتها تضمها والدتها بخوف وهى ممسكة بكتاب الله تقرأ ماتيسر من القرآن وتدعو الله بقلب وجل ان تخرج ابنتها بسلام يجلس بقربها والدها ممسكا بسبحته يردد الاذكار داعيا الله لحفيدته ان تخرج لهم بالسلامة ولا يصيبها اى مكروه وقربهم كانت جدتها تزيد من دعواتها حتى لاتفقد ماتبقى من ريحة ولدها وقلبها يعتصر الما وحزنا على الصغيرة ومن بعيد اتى بوجه مضطرب ليقترب منها :مساء الخير مدام حور
رفعت عينيها الحمراء المنتفختين من كثرة بكائها هاتفة:استاذ احمد خير فى حاجة
اسف اننى جيت فجأة كدة بس عرفت انك اخدتى اجازة علشان عملية حبيبة طمنيني هى خرجت من اوضة العمليات ولا لسة
لا لسة قلبى واكلنى عليها وخايفة قوى
ان شاء الله هتبقى بخير خلى املك فى ربنا كبير وادعى لها

الاستاذ احمد المدير المباشر لحور اعجب باخلاقها وتقدم لها ولكنها رفضت واصرت على الرفض معللة انها تريد تربية ابنتها ولا تفكر فى الزواج ولكنه لم يمل ابدا من محاولة التقرب منها ومساعدتها فى اى شئ رغما عنها

كانت تنظر لهم من بعيد بحزن فالفتاة مازالت صغيرة وجميلة هى لن تستمر هكذا وحيدة فسيأتى اليوم التى تحتاج فيه لرجل بقربها حتى لو رفضت الان ولكن هذا الوقت ات لا محالة ولكن حفيدتها كيف ستفرط فيها هل عليها ان تعيش الفقد مرتين مرة مع ابنها ومرة مع زواج والدتها ودخول غريب ليربى ابنتها .. زاد بكائها على كل شئ تمر به لتقترب منها حور:اهدى ياامى ارجوكى انتى تعبانة مش حمل اى زعل ان شاء الله حبيبة هتقوم لنا بالسلامة وهتجرى وتلعب زى كل الاطفال
ثم حضنتها وقبلت راسها فهى تطمئنها مع انها خائفة وقلقة ولكن ما باليد حيلة

دكتور فارس توقف البنت مش بتتنفس قلبها وقف
انتفض فارس فورا ليلتفت لجهاز دقات القلب ويجده توقف عن الحركة ليترك مافى يديه ويقترب من قلبها ويضغط عليه بكل قوته ضغطات متتالية يكاد يكسر ضلوعها ويصيح :لا مش هتموتى مش ممكن انا وعدتها انى ارجعك ليها سالمة اصحى فوقى ردى عليا مش ممكن اخسرك مستحيل
اهدا يافارس مش كدة البنت هتموت فى ايدك لو ماكنتش عارف ان ماعندكش ولاد كنت قلت انها بنتك
بالم :هى بالنسبة لى اكتر من بنتى
ابعد ارجوك ابعده زميله بصعوبة وهو يجده وصل لحالة من الانهيار واصبحت يديه ترتعشان :هاتولى جهاز الصدمات بسرعة وبدا يضعه على صدرها لاعلى واسفل عدة مرات وسط رؤية فارس المتالم الحزين وهو يفكر :هخرج لوالدتك اقولها ايه قتلت طفلتك ماقدرتش اوفى بوعدى ليكي ثم وضع يديه على جبينه يفركه واغلق عينيه هاتفا :يارب عفوك ياكريم ساعدها خد بايدها وابعد عنها كل مكروه
بعد لحظات عاد قلبها يخفق من جديد ليستمر الاطباء فى اكمال الجراحة الا ان فارس حاول ان يكمل ولكن منعه زميله:بلاش يافارس انت منهار دلوقت مش هينفع الوضع بقى حساس جدا واى غلطة هتنهى عمر البنت
ارجوك يا حسين انا بقيت كويس وعاوز اكمل ماحدش هيعملها غيرى وتحت اصراره تركه زميله ليدير عمليته بنجاح منقطع النظير

عدة ساعات مرت ليخرج فارس مكفهر الوجه وعندها اندفعت العائلة نحوه للاطمئنان على الصغيرة ولكن عيناه كانت مركزة على شخص واحد وهو يكاد يلتصق فى حور ليزداد غضبه وهو لايعرف ماالسبب
اقتربت منه اخيرا هاتفة :طمنى يادكتور فارس
اطمنى يامدام حور العملية نجحت الحمد لله بس هى محتاجة تدخل فى العناية المركزة لمدة 48ساعة علشان نطمن عليها ونتابع حالتها واعضاءها الحيوية لحد ماتفوق وبعدها هننقلها لغرفة عادية ادعو لها
حور برجاء :ارجوك يادكتور فارس عاوزة اشوفها
شعر بالمها وخوفها ولكن ماباليد حيلة:ماينفعش يامدام حور للاسف
رد احمد بصوت اجش :خلاص ياحور اديكى اطمنتى عليها من الدكتوروكلها يومين وهتملى عينك منها
ضغط فارس على يديه بقوة من هذا الكائن ومادخله بين ام وابنتها لما حشر نفسه هل عليه ان يلكمه الان كى يعرفه حدوده وماصلته بها ولما يتحدث معها بهذه الاريحية وكأنه قريبها ويعرفها منذ زمن بعيد
ليهتف اخيرا وهو يرى دموعها:تعالى
نظرت له بامتنان :على فين
مش عاوزة تشوفى بنتك هخليكي تشوفيها
شكرا يادكتور فارس مش عارفة اشكرك ازاى على كل اللى عملته علشان بنتى
ماتشكرنيش ارجوكى ده واجبى
ادخلها الغرفة بعد ان ارتدت ملابس التعقيم :بس خمس دقائق علشان ماتعبيهاش وهى مش هتحس بيكي عموما
اندفعت تجاهها وهى تبكى وتقبل وجهها وجبهتها ياحبيبتى يابنتى ربنا مايحرمنى من ابتسامتك اللى نورت لى حياتى وسط كل الضلمة اللى انا عايشة فيها
خلاص يامدام حور كفاية كدة ارجوكى قلت لك بلاش بكا جنب البنت
وبدون ان تشعر اردفت :مش قادرة يافارس ديه بنتى حتة منى الامانة اللى تركها لى خالد بعد وفاته
لما تأثر قلبه حزنا عندما نطقت اسم زوجها ولما اهتز قلبه وطرب عشقا لنداءها باسمه بدون القاب هل حقا اصبحت حور قريبة من قلبه لهذه الدرجة جذبها من مرفقها بهدوء ليخرج بها الى الخارج قائلا :اديكي اطمنتى عليها ممكن بقى تهدى ومااشوفش دموعك ديه تانى
مش هقدر يادكتور فارس ومش هرتاح الا لما تفوق واشوفها بعيني بتتكلم وبتضحك وبتلعب زى الاول واحسن
ان شاء الله هتعمل كل ده بس انتى اهدى كدة ايه رايك اعزمك على فنجان قهوة وفطاير شكلك مااكلتيش حاجة من الصبح
شكرا يادكتور ماليش نفس بجد ولازم اروح للجماعة اللى برة اطمنهم
تركها على مضض وقبل ان تخرج ناداها:حور التفتت له بدهشة
اسف مدام حور هو مين اللى معاكم برة ده قريبكم
مازالت مندهشة من سؤاله ولكنها اجابته ده مديرى فى البنك جا يطمن على حبيبة
غضب اكتر وبانفعال : وهو من عادة مديرينك فى البنك انهم يسالوا عنك دايما كدة وعن بنتك
نظرت له شذرا قائلة :نعم
ليجد نفسه انه انفعل اكثر من اللازم وسينفضح امره:انا اسف
عن اذنك خرجت حور غاضبة من كلماته الاخيرة
ليضرب بقبضة يديه على المكتب هاتفا:غبى غبى ماكانش لازم تنفعل بالشكل ده ….

حاولت ام سعيد الاتصال بفارس ولكن هاتفه مغلق مازالت قلقة على سيدتها ولا تعرف ماذا عليها ان تفعل حاولت ان تفيقها بعطرها ولكنها لاتستجيب اتصلت بااميرة هاتفة:ست اميرة الحقيني الست فريدة واقعة على الارض فى اوضتها مغمى عليها وحاولت اتصل بالدكتور فارس تليفونه مش بيرد
بتقولى ايه ياام سعيد ماما مالها طيب اقفلى وانا هطلب الاسعاف وجاية حالا
حاولت اميرة الاتصال بمروان ولكن هاتفه يدق ولا يرد
خرجت مسرعة فى اتجاه منزل والدها القريب من منزلها لعلها تستطيع انقاذ والدتها والاطمئنان عليها
اتت الاسعاف مسرعة لتحملها وتصعد معها وهى لا تعلم ماذا اصابها ….

نزلت على الدرج مسرعة وهى تصيح :بابى
التفت لها بعيون متسعة فهى لم تناديه هكذا من فترة
نور حبيبتى مالك ايه اللى حصل بتبكى ليه كدة ومقطعة نفسك من العياط
مش عاوزاه يابابى ارجوك طلقنى منه الخاين الغشاش
رفع وجهها باطراف اصابعه يتمعن فيه ليهتف بفرحة :نور انتى ..
ايوة يابابى افتكرت كل حاجة وعرفت ليه عقلى وقلبى كانوا رافضين عمر
يابنتى لازم تعرفى الحقيقة قبل ماتاخدى اى قرار
مش عاوزة اعرف اى حاجة كفاية اللى شوفته بعيني وعرفته وماتقوليش انه مظلوم وبرئ
دخل فى هذه اللحظة عمر لتصرخ فيه هاتفة:طلقنى ياعمر انا مش ممكن اعيش مع واحد خاين باعنى مع اول مشكلة مرت فى حياتنا
نظر لها بياس ممزوج بالالم
رباه لقد خسرها حقا هذه المرة لقد رأى الأمر واضحا في عينيها وهي تقذف اتهاماتها له في وجهه قهرها كان حقيقيا كان نابعا من جرح عميق احدثه بفعل يديه و من الصعب أن يندمل بسهولة لكنه لن يستسلم لن يبتعد عنها عليه ان يواجه الامر حتى لو ضحى بحياته من اجل لحظة تكون بقربه
نور حبيبتى انا عارف انك كارهة تسمعى صوتى دلوقت وكارهة قربى بس عذرى الوحيد اننى بحبك وبموت فى التراب اللى بتمشى عليه صدقيني انا مش هقدر افرط فيكي ولا انفصل عنك لان حبك بيجرى فى دمى وان سيبتك هموت هضيع انا عارف اننى غلطت فى حقك بس انا انسان معرض للخطأ صدقيني انا كنت زى المغيب فاقد الحياة كاره الدنيا وكاره كل شئ انا كنت بموت كل يوم وانا بشوف نظرة الشفقة فى عيونك وانا عاجز مش قادر اعمل حاجة هربت منك ومن نفسى وللاسف وقعت تحت مؤامرة دنيئة استغلها واحد حاقد واحكم اللعبة على علشان تشوفيني فى الوضع المخزى ده لكن انا عمرى ماكنت هفكر اخونك او اذى مشاعرك عاقبينى باى شئ غير انك تبعدى عنى .. اغفرى لى يانور وخلينا نبدا صفحة جديدة وننسى كل اللى فات وكل اللى حطم حياتنا
نظرت له بشراسة نظرة نارية :خلصت كلامك .. للاسف ياعمر انا ثقتى فيك اتهزت اللى حصل بيننا سبب شرخ كبير قوى ومش ممكن هيرجع ابدا ارجوك طلقنى فى هدوء لو كنت لسة بتحبنى زى مابتقول وكان ليا معزة عندك حررنى منك ومن سطوتك على لاننى ماعدش فيه حاجة هتربطنا ببعض تانى غير الالم والخوف من المستقبل ماتخلنيش اكره نفسى اكتر من كدة واكره كل لحظة حب حسيت بيها ناحيتك
نور انتى بتطلبى منى المستحيل
المستحيل اننى اكمل معاك حياتى وانا عارفة اننى مفيش حاجة هقدر اديها لك غير التعاسة والكراهية
خرج عمر غاضبا ثائرا على كل شئ يراه امامه وكأن شياطين الارض تتعقبه
شعرت ان ارجلها ماعادت تحملها لترتمى على الكرسى المقابل لها لتجد احضان ابيها مفتوحة لها وترتمى بين يديه باكية وتنهمر دموعها انهار هاتفة :عمرى ماهسامحه على اللى عمله فيا يابابى ابدا
اهدى يابنتى ارجوكى كفاية دموعك بتقتلنى حاولى ماتاخديش اى قرارات متسرعة وانتى زعلانة
لا يابابى عمر انتهى من حياتى الى الابد ومش ممكن ارجع له تانى ابدا
نهضت من مكانها ليهتف بلهفة:على فين
هروح اوضتى ارتاح فيها
طيب يابنتى ربنا يهدى بالك

فى اليوم التالى اتت الدادة تصيح :يادكتور ماهر الست نور تعبانة قوى وسخنة مولعة وبتخطرف ومش عارفة اعملها ايه
ايه بتقولى ايه يادادا هاتى لى شنطة العلاج فورا وحصليني على اوضتها
استمرت الحمة اسبوعا كاملا ونور مغيبة عن الوعى ولا تعى اى شئ حولها ومازالت تتمتم بكلمات غير مفهومة استطاع والدها ان يستمع للقليل منها :ابعد عنى .. ماتلمسنيش .. مش هسامحك تانى ابدا على اللى عملته ..بكرهك ..بكرهك ..كاد والدها ان يفقد عقله فحالتها كانت فى تأخر مستمر وعمر يأتى كل يوم ليطمئن عليها ولكنها لم تشعر به وهو يتألم على حالها الى ان التقى به ماهر وطلب منه انيتحدث معه على انفراد
خير يادكتور ماهر فيه حاجة
ارجوك يابنى اعتبره رجاء او طلب من اب مالوش فى الدنيا غير بنته وبس ..طلقها اديها فرصة تفكر بهدوء بدون اى ضغط نفسى عليها اديك شايفها لسة فايقة من حالة فقدان للذاكرة ودخلت فى انهيار عصبى ومين عارف هتشفى منه امتى ولو لك نصيب فيها لو اتهدت الدنيا واجتمعوا الانس والجن علشان يفرقوكوا برضه هترجعوا لبعض
ازاى ياعمى تطلب منى طلب زى ده مستحيل افرط فيها بسهولة كدة انا مااقدرش استغنى عنها
ارجوك يابنى ديه بنتى اللى ماحلتيش غيرها ومسيرك تكون اب فى يوم من الايام وتحس باللى انا فيه مستحيل اشوفها بتموت قصاد عينيا وانا واقف عاجز مش قادر اعمل حاجة ان كان ليا معزة عندك وبتعتبرنى والدك حقق لى اخر رغبة يمكن اطلبها منك قبل مااموت
بعد الشر عنك ياعمى
خرج عمر من منزله ودمعة يتيمة حارقة سالت من عينيه لينزع روحه من جسده ويلبى طلب اب همه الوحيد ان يحافظ على حياة ابنته حتى لو كان تنفيذه سيقضى على حياته واى امل يعيش من اجله
وبالفعل اتجه الى الماذون وتمت اجراءات الطلاق وبعدها ذهب الى والدها واعطاه ورقة الطلاق قائلا :انا نفذت لك رغبتك ياعمى غصب عنى بس ارجوك لى طلب اخير
نظر له الاب بحزن :خير يابنى
اشوفها لو للمرة الاخيرة
اتفضل يابنى
دخل معه ماهر لينظر لها وهى مازالت مغيبة عن العالم ليقترب منفراشها وينزل على ركبتيه عندها خرج الاب متألم لحال الاثنان داعيا الله ان يلهمه الصبر
عمر ممسكا يديها ضاغطا عليها برفق :حبيبتى انا عارف انك مش سامعانى لكن اتمنى ان قلبك يحس بيا ويعرف اننى لو عيشت عمرى كله مش هنسى الايام الحلوة اللى قضيناها مع بعض ديه كانت اسعد ايام حياتى وجودك جنبى كان الدافع الوحيد للنجاح ودلوقت كل شئ ضاع بمجرد ان نور شمسك غابت عن سمايا انا اسف واتمنى انك تسامحيني
قبل يديها وجبينها وخرج مسرعا ولم يلتفت لمن حست به وبكلماته الاخيرة وارتعش قلبها حزنا وسالت دمعة جريحة على صفحة وجهها على ماوصلت اليه حياتهما معا ولسان حالها يقول ليتنى اعفو
ارجوك ياعمى خليني اطمن عليها دايما ولو من بعيد
اومأ له ماهر ليخرج بعدها مندفعا ليستقل سيارته ويقودها بجنون

فى الصباح دخل الى الغرفة مثل كل يوم داعيا من الله ان يراها بافضل حال ليتفاجئ برؤية عينيها الجميلة وهى تفتحها بهدوء هاتفا :حمدالله على السلامة ياست البنات عاملة ايه دلوقت
الحمد لله يابابى
بعد ان تفحصها واحس انها تحسنت قليلا قال لها :تقدرى تقومى بقى تفرفشى كدة وتخرجى من السرير علشان الراجل العجوز ده نفسه ياكل بصحبة القمر ديه ممكن ولا هتكسفيه
معلش يابابى بجد مش قادرة حاسة ان جسمى مكسر ومش قادرة اتحرك
نظر لها مصطنعا الضيق :خلاص طالما هتكسفى ابوكى يبقى مفيش حل غير انه يفطر معاكى فى السرير بس من بكرة توعديني انك هتخرجى من الاوضة الكئيبة ديه
حاضر يابابى اوعدك
وبعد الافطار ترددت اخيرا ولكنها عزمت امرها قائلة :بابى كنت عاوزة اسالك سؤال
خير يابنتى
عمر ده اللى كان فى اوضتى امبارح
انتى حسيتى بيه
اه بس ماقدرتش اركز هو كان بيقول ايه
انسى يابنتى اللى فات وبصى لحياتك عمر كان مرحلة وانتهت خلاص
يعنى ايه يابابى
عمر طلقك خلاص يابنتى
صدمة زلزلت كيانها لهذه الدرجة فرط فيها بسهولة بدون حتى ان يتمسك بها ولو قليلا
شعر والدها بحزنها ليجيب تساؤلها الغير معلن: عمر كان رافض يطلقك يابنتى لكن انا اترجيته وطلبت منه خفت اخسرك وتضيعى منى من تانى قلت يمكن بكدة اقدر افرحك واشيل همومك
اه فعلا انا سعيدة جدا اننى خلصت منه ومش عاوزاه فى حياتى وماعدتش هفكر فيه تانى
كانت تتحدث بلسانها وقلبها يبكى على حب عمرها الذى فقدته فى لمح البصر فماعاد لها حق الان للتفكير فيه مرة اخرى

وعدة ايام مرت لتفاجئ نور بوالدها يخبرها :نور ياحبيبتى انا مش عاجبنى حالتك ديه قافلة على نفسك دايما وحزينة على طول ومابتخرجيش من اوضتك .. انا حجزت لك تذكرة لفرنسا كام يوم تغيرى جو وتستعيدى نشاطك وترجعى لى نور القوية اللى غابت عنى ليها فترة طويلة ..كان نفسى اسافر معاكى بس انتى شايفة حالتى عاملة ازاى ها ايه رايك
نظرت له بامتنان قائلة : انا فعلا يابابى محتاجة ابعد شوية عن كل الجو المحيط بي ده يمكن اقدر الاقى نفسى اللى ضايعة

سافرت نور الى بلاد اخرى بعيدة عن موطنها ولا تعلم ماذا يحمل المستقبل بين طياته …… !!

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى