رواية روح الفصل العاشر 10 بقلم نور الشامي
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية روح الفصل العاشر 10 بقلم نور الشامي
البارت العاشر
الفصل الأخير
روح
في غرفة هادئة يغمرها ضوء الصباح، كانت ميرا تجلس على طرف السرير، يداها تتحركان بسرعة وهي ترتب الملابس داخل حقيبة كبيرة مفتوحة. كل قطعة كانت تضعها بعناية، وكأنها تضع جزءًا من قلبها داخل الحقيبة. وإلى جوارها على السرير كانت تذكرة سفر بارزة، تحمل بين طياتها قرارا قد غير مجرى حياتها. فـتوقفت لحظة و تنفست بعمق وهي تحدق في التذكرة، ثم مدت يدها تطوي الحقيبة ببطء. وفجأة، انفتح الباب بعنف، ودخل أمجد، وملامحه تصرخ بالصدمة واقترب بخطوات متسارعة وصوته ارتفع متوترا:
إي دا؟! انتي بتعملي إي عاد
رفعت ميرا رأسها نحوه، عيناها تمتلئان بالحزن والعزم في آن واحد، ثم أجابت بصوت متردد لكنه ثابت:
أنا مسافرة… هسافر مع عمتي. ده أحسن حل للكل
أغلقت الحقيبة بسرعة، لكنها ما إن همت برفعها حتى امتدت يد قوية تمسك بمعصمها، يد أمجد، وصوته يخرج عميقا مرتبكا:
تسافري فين؟! مستحيل… مستحيل أسيبك تسافري.. انتي اي ال بتجوليه دا
نظرت إليه ميرا بدهشة، وعيناها تهتفان بأسئلة لم تجرؤ أن تنطق بها، ثم قالت ببطء:
ليه؟!
ارتبك وجه أمجد وعيناه تهربان بعيدا كأنهما يفضحان صراعا داخليا، ثم تمتم بصوت مضطرب:
علشان… علشان… اها علشان ركان ميعرفش ومش هيوافج
رفعت ميرل حاجبيها بحدة وصوتها جاء حاسما:
له… يعرف أنا استأذنته، وهو وافج خلاص يا أمجد… الموضوع انتهى
سحبت ميرا يدها بقوة، وحملت حقيبتها متجهة نحو الباب، لكن قبل أن تخطو، اندفعت الطفلة جنة إلى الداخل وعيناها مغرورقتان بالدموع، وركضت نحو أمجد تمسك بطرف قميصه، وصوتها يتقطع بين شهقات البكاء:
عمو… متخليش عمتو تسافر! بالله عليك متخليهاش تسيبنا.. انا بحبها جوي ومجدش اعيش من غيرها.. خليها معانا اهنيه
تجمدت خطوات ميرا للحظة وارتعش قلبها، لكنها تماسكت وفتحت الباب بهدوء لتغادر فـ لحق بها أمجد سريعا ، بينما كان الجميع في القاعة الكبيرة قد اجتمعوا بالفعل، وكأنهم ينتظرون لحظة الوداع وميرا تقف عند المدخل، حقيبتها بجانبها، ووجهها متماسك رغم ارتجاف عينيها. مدت يدها لتسلم على أمجد، وصوتها خرج هادئا:
سلام يا أمجد.
لكن عينيها خانتها، فانتقلت بنظرة سريعة إلى روح، التي كانت تراقبها طوال الوقت. وفجأة تقدمت روح نحوها، ودموعها تنهمر بحرقة، واحتضنتها بقوة وهي تقول بصوت مخنوق:
سامحيني يا ميرا… أنا آسفة على كل ال عملته فيكي قبل اكده. والله ندمانه … سامحيني
تجمدت ميرا للحظة، ثم ردت بعناق خافت، قبل أن تبتعد وتستعد للخروج. وقبل أن تخطو خارج الباب، جاء صوت أمجد مرددا بحده :
ميراا.. مش هتسافري
التفتت بدهشة والكل تجمد في مكانه، حتى عمته توقفت عن السير. أما هو، فاقترب بخطوات سريعة، وعينيه تلمعان، وصوته يهتز من الانفعال:
ميرا… تتجوزيني؟!
ارتفعت شهقات الدهشة من الجميع، حتى ميرا نفسها وضعت يدها على صدرها غير مصدقة ما تسمع، وصوتها خرج متلعثما:
إنت بتجول إي؟! الكلام دا ليا أنا
اقترب أكثر، حتى صار أمامها مباشرة وهتف :
ايوه ليكي علشان مش هجدر أعيش من غيرك! أنا… أنا بحبك يا ميرا. وعمر ما عدي يوم عليا من غير ما أبطل احبك ولا نسيتك والله العظيم
عم الصمت المكان، حتى كسره صوت ركان وهو يبتسم ابتسامة خفيفة، وعيناه تتأملان أمجد بحنو الأخ:
ـ مش جولتلكم… إن الحاجة الوحيدة ال هتخليه يتكلم هي لما يحس إنها هتبعد عنه نهائي؟ أهو… اتكلم.
انهمرت دموع ميرا بغزارة، لكنها هذه المرة دموع فرحة، وارتعش صوتها وهي تهمس:
وانا كمان بحبك جوب والله و
لم تقدر أن تكمل، فقد احتواها بين ذراعيه بقوة، وهمس في أذنها بصوت مبحوح من فرط الانفعال:
ـ متعيطيش… ومن النهارده، مش هسيبك لحظة واحدة.
وفي غرفة ركان انفتح الباب ببطء، ودخلت روح بخطوات مترددة. وهتفت :
ركان… ايلين هتخرج من المستشفى كمان يومين.
لم يلتفت إليها، وكأنه كان يتوقع ما ستقوله، ثم أجاب ببرود ثابت:
عارف… الحكيم كلمني.
صمت لحظة، ثم أدار وجهه نحوها، ونبرته جاءت حادة كالسيف:
اختاري البيت ال انتي عايزاه… والوجت ال نطلج فيه.
تجمدت في مكانها، وانفجرت دموعها رغم محاولتها المقاومة. وخطت نحوه خطوة صغيرة، وصوتها اهتز:
لع… بالله عليك متجولش اكده انا… أنا بحبك يا ركان، والله بحبك. ونفسي تجدر تسامحني.
رفع ركان حاجبيه بمرارة، واقترب منها ببطء، وصوته خرج غاضبا متحشرجا:
اسامحك؟! أنا أكتر واحد في الدنيا نفسي أسامحك يا روح… بس جوليلي، أسامحك على إي بالظبط؟
شهقت وهي تحاول أن ترد، لكن كلماته سبقتها، تنفجر في وجهها كرصاص لا يرحم:
على إن أبوكي مات بسبب ال عملتيه؟! ولا على إننا اتصلنا بيكي وجتها وجولنالك إنه في المستشفى وحالته خطيرة… ومجتيش تشوفيه؟!ولا على إنك بعد أول مشكلة بينا، سيبتي البيت وروحتي لواحد حقير زي سالم؟!ولا على خطتك الحقيرة علشان تهربي من البيت… وجولتي إن أمجد مع بنت في شجة تانية، ووقعتي بينه وبين ميرا، وخلتيهم بعاد عن بعض السنين دي كلها… ولا على إنك جيتي في أول جوازك واتصلتي بأمك من ورايا علشان تشوفيها… وطلعتي عايزة تاخدي منها فلوس؟ وبعدها كل ما تتصل بيكي تلاجي تليفونك مقفول… لحد ما ماتت هي كمان؟!
كل كلمة كانت تنهش قلبها كخنجر مسموم، فانهارت باكية، وانحنت برأسها وهي تصرخ بصوت مبحوح:
بس ربنا بيسامح! بيسامح يا ركان… سامحني
اقترب منها أكثر، وصوته انفجر غاضبا كالرعد:
انا بشر… بزعل، وبفرح وبكره، وبحب. أنا مش ملاك نازل من السما!
ارتجفت روح، وانهارت تمامًا وهي تغطي وجهها بيديها، بينما عيناه تتأججان بنيران لا تهدأ. وفي لحظة صمت خانقة، قطع التوتر رنين الهاتف فـ أمسك ركان بالهاتف بسرعة، رد بصوت حاد، تبادل بعض الكلمات القصيرة، ثم أغلق الخط. التفت نحوها، وصوته خرج هذه المرة صارما لكنه مملوء بالارتياح:
سالم ورانيا اتقبض عليهم.
شهقت روح بدهشة، رفعت عينيها الغارقتين بالدموع نحوه، لكنه أكمل بصرامة:
خدوا أقوال إيلين… وجالتلهم كل ال حوصل. وهما اعترفوا… وهيتحبسوا.
لم يعطها فرصة للرد، وأدار وجهه بعيدًا. ثم بخطوات ثقيلة، فتح الباب وخرج من الغرفة وبعد مرور عامين كان البيت الكبير يضج بالبهجة والضحكات في حفلة استقبال المولود الجديد، ابن ميرا وأمجد. الزينة تملأ القاعة، والأنوار تتلألأ كأنها تشاركهم الفرح. وبينما كان الجميع يتبادل التهاني، اندفعت فتاة صغيرة بخطوات مسرعة، شعرها يتطاير وعيناها تلمعان ببراءة الطفولة. وفتحت الباب باندفاع، ثم ركضت نحو رجل يقف إلى جانب النافذة، لتلقي بنفسها بين ذراعيه وهي تهتف بلهفة:
باباا
احتضنها ركان بقوة وهمس:
واحشتيني جوي يا إيلين… واحشتيني جوي.
ضحكت الصغيرة وهي تقبل وجهه، وقبل أن تلتفت لتجلس في حضنه. وفي تلك اللحظة، دخلت روح بخطوات هادئة، ملامحها أكثر نضجا، وعينيها تتلألآن بسلام داخلي لم يكن موجودا من قبل. واقتربت بابتسامة رقيقة، ثم مدت يدها لميرا وأمجد قائلة:
مبروك يا ميرا… مبروك يا أمجد. ربنا يخليهولكم ويجعل أيامكم كلها فرح
بادلتها ميرا العناق بحنان، فيما اكتفى ركان بابتسامة صامتة، ثم قال وهو يتأملها:
أخبار شغلك إي يا روح؟”
أجابت بثقة هادئة:
الحمد لله… كويس.
تدخل أمجد بابتسامة ماكرة:
عقبالك يا روح… وصحيح، وافجتي على العريس ولا لسه؟
اتسعت عينا ركان بدهشة، والتفت نحوه بسرعة:
عريس إي
ابتسمت ميرا محاولة تلطيف الجو، وقالت بخفة:
روح جايلها عريس من ال بيشتغلوا معاها
توترت روح فجأة، وكأن الأرض اهتزت تحت قدميها، فأسرعت قائلة بصوت متحشرج:
لع… مش هوافج. وبكره إن شاء الله هعرفه.
ضحك أمجد بخبث وهو يغمز:
ليه اكده بس؟! أنتي لازم تشوفي حياتك.
لكن ملامح ركان تحولت إلى صرامة، وانسحب بصمت بعد قليل، متجها نحو حديقة البيت فـ اقتربت روح بخطوات مترددة، حتى وقفت أمامه، وصوتها خرج مرتجفا:
أنا مستحيل أتجوز واحد غيرك يا ركان. ولو متجوزتكش إنت… مش هبص لغيرك. أنا مستنيه اليوم ال تسامحني فيه
رفع ركان بصره إليها، وعلى شفتيه ارتسمت ابتسامة صغيرة أخفت خلفها سنوات من الألم، ثم قال بهدوء:
انا مسامحك من زمان… من يوم ما حسيت إنك فعلا اتغيرتي
انفجرت دموع غزيرة، وهمست بحرقة:
كفاية يا ركان… بالله عليك كفاية. خلينا نرجع لبعض بجا
اقترب منها ببطء، ثم أخرج من جيبه علبة صغيرة مخملية، فتحها ليظهر بداخلها خاتم يلمع تحت ضوء القمر. ومد يده نحوها قائلا:
تتجوزيني يا روح
وضعت يديها المرتجفتين على فمها، وبكت من شدة الفرح، ثم هتفت:
موافجة… والله العظيم موافجه
اندفعت بين ذراعيه تحتضنه بقوة، بينما ابتسامته غمرت قلبها بالأمان. وفي تلك اللحظة، اقترب ميرا وأمجد، يرافقهما جنة الصغيرة وإيلين وعانق أمجد أخاه بحرارة وهو يقول مبتسما:
ياااه… أخيرا
أما ميرا فاحتضنت روح بحنان، وعيناها تدمعان من الفرح:
الحمد لله… أخيرا هنتجمع تاني
مد ركان يده ليمسك بيد روح أمام الجميع، وصوته خرج واثقا مليئا بالعزم والحب:
مستحيل أبعد عنها تاني… أبدا و
رايكم وتفاعل ومين مستني القصه الجديده
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية روح)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)