روايات

رواية أرشد فؤادي الفصل السابع 7 بقلم سارة فتحي

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية أرشد فؤادي الفصل السابع 7 بقلم سارة فتحي

 

البارت السابع

 

 

الفصل السابع ساره فتحي

أرشد فؤادى

انتفض جسدها بفزع من طريقته.. كان يصرخ بها بصوت
قاسى أول مرة تسمعه هكذا كان كإعصار مزلزل ألقى
جواز السفر المحترق فى وجهها هاتفًا:

-ليه عملتى كدا ليه؟!
ردى عليا أنا عملتلك أيه عشان تعملى فيا كل دا.. بلاش انا
خالك هناك فى الغربة لوحده محجوز فى المستشفى
وبنت خالك اللى سافرت لوحدها.. قوليلى سبب واحد يخليكِ تعملى كدا.. ردى عليا مفيش مبرر صح ؟!
أنا لو سامحتك يا نادين على أى حاجة
أى حاجة الموقف دا بالذات مش مسامحك.. انتِ متعرفيش
عمى بالنسبة لي إيه؟! ولا هتعرفى إزاى انتِ وحدة أنانية مش بيهمك غير نادين وبس

صمت فقط إلا من صوت بكاؤها تبكى بإنهيار.. همس
بقهر يطغى على قلبه وحلقه:

-أنا عارف أنك بتكرهينى والكل عارف كدا.. كنت سيبتينى
امشى كنتِ هتستريحى منى ومن شوفتى

أغمضت عيناها بوجع داخلها مشاعر متناقضة.. ترغب أن
تصرخ.. ترغب أن تموت.. ترغب أن تنتقم من الجميع
ولا تعلم السبب.. مشاعر عدائية تمتلكها.. أنكمشت على نفسها بجوار الجدار تنحب بصمت.. ركل المقعد بحدة وهو يراها هكذا ثم غادر الغرفة
صافعًا الباب خلفه.. وسمعت صوت إغلاق المفاتيح.. تمددت
على الأرض فى صمت تنظر لسقف الغرفة والدموع تنهمر
فى صمت..

عاد إلى منزل والدته قبل طلوع الفجر بقليل.. يشعر
كما أن لو جسده مليئ بالكثير من الكدمات حتى قلبه
يشعر كأنه مذبوح وينزف بقوة.. رمق والدته التى تجلس
على سجادة الصلاة فتمتم وهو يسير نحو غرفته:

-السلام عليكم يا أمى؟!

-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. على فين كدا؟!

ردت عليه السلام وهى ترمقه من الخلف فأستدار لها بإستنكار:

-هادخل أنام ماهو سنا مش هنا؟!

عقدت حاجبيها بغضب وأظلمت ملامحها هاتفة:

-سنا هنا أو مش هنا أنت مش ليك شقة فوق ومراتك فوق
تنام هنا ليه؟!

-هو دا مش بردوا بيتى ولا ممنوع آجى هو فى إيه؟!

تنهدت والدته بثقل هاتفة:

-أسمع يامدين يا أبنى هأقولك كلمتين عشان أريح ضميرى وعشان خاطر ربنا.. الجوازة دي أنا كنت رفضاها من الأول
من قبل اللى حصل.. عشان عمرى ما شفت فى عينين
نادين نظرة حبك ليك أو حتى إعجاب عشان كدا كنت
رافضة.. بالك انت ساعات كنت بحس ان سنا بتحبك وأشوف
نظرات الإعجاب فى عينيها.. بس القلب مافيش عليه سلطان.. أبوك رمانى زمان بأربع عيال

عمره ما كان قد المسؤلية ليالى كتير نمت ودمعتى على خدى وهو ولا فى دماغه شئ غير نفسه.. أنا كرهته حتى من
قبل ما يسيبنى لأنه كان جامد ومش بيحس بيا من جوه
نهاية الكلام اللى مرت بيه نادين مش سهل خالص
فى يوم وليلة حياتها أتقلبت وخسرت اعز صاحبة ليها
والتانية طلعت غدارة ياابنى اللى بيربى قطة وتموت بيحزن عليها مابالك هى ماحدش احترم حزنها وجوزوها
طبيعى تتعامل مع الكل بحدة هى مقهورة أوى ومافيش
مكان تخرج فيه إلا جوها وطالما أتجوزتها تبقى تتحمل
لآخر نفس فيك.. يعنى لما تيجى تنام هنا تبقى خلاص
كدا نويت الرحيل.. أطلع بيتك خلينى ألحق ركعتين قبل
الفجر

رمقها بصدمة هاتفًا:

-هو أنا زى ابويا يا ياما

-بعد الشر يا ضنايا بس أنا عند بنات بقول كلمة حق اللى
نادين فيه مش شوية حتى لو كان سبب اختيارها وتصرفاتها

صعد للأعلى بخطوات مثقلة.. وعينين تفتح وتغلق
لوحدهم من التعب.. يشعر وكأن روحه أنعزلت عن جسده
فتح باب غرفتها.. لمح جسدها النائم على الفراش هى
بالحقيقة لم تكن نائمة؛ فجسدها يهتز من أثر البكاء
الصامت الذى حاولت كتمه.. لكنه وصل إليه.. أغمض
عيناه لذلك السبب أراد أن ينام بالأسفل.. قلبه لم يفرط
بها.. ولم يطاوعه أن يتركها تنحب وينام.. ولج ليجلس
على حافة السرير هاتفًا:

-نادين

لم تجيبه فمد يده يدفعها بلطف.. أبعدت يده بشراسة
ثم استقامت ووجهها ملطخ بالدموع تهتف بعدائية

-أبعد إيدك دي عنى.. وياريت كفاية تمثيل الحب بقى
عشان كل حاجة باينة أوى وأنا فاهمة حرقتك ليه؟!

أبتسم بسخرية.. ليته يمثل الحب.. لكنه مقدر عليه أن يعيش هذا الحب وهذا الألم فهمس

-تمثيل الحب ياريت كان تمثيل.. الغريبة إنك مش مقدرة
اللى عملتيه.. وأنا كمان مش لاقى ليه مبرر.. أنا بجد حسيت
أنى متكتف وأنا هنا ومش عارف أشوف عمى.. أنا بحب
عمى جدًا هو بالنسبة لي أبويا.. ابويا زمان لما سابنا كنت صغير
وفتحت عينى علي أمى كانت شيقانة علينا.. ولما قررت أساعد أمى وأسيب التعليم كنت رايح تالتة إعدادى ساعتها
عمى لما عرف نزل مخصوص ورفض وقالى انا متكفل
بكل شئ صحيح كنت عيل بس رفضت رفض نهائى
وساعتها مسكت فى ايده وقولتلُه شغلنى معاك.. كان
بين نارين يسيبنى هنا أضيع ولا يحاول يظبط ورقى
وياخدنى معاه.. وفعلا أخدنى معاه وبقى ينزلنى على الإمتحان
كان عايزينى أدخل ثانوية بس كان صعب وأنا فى بيته
حسيته أب ليا.. كنت بشتغل وأديلوا فلوس يبعتها لأمى
كان يتحايل عليا اخليها ليا وهو هيبعت كان بيقول دا
انت ابنى الكبير وأول فرحتى.. عمى بالنسبة ليا حياة.. أتحرمت حتى أرد ليه جزء بسيط
من ديونه عليا

كلماته أندفعت من فمه كالرصاص.. حديثه وصل لقلبها.. كسيوف مدببة حامية.. أجهشت فى البكاء أكثر ولم تجيبه فرك وجهه وقد ثقلت جفونه تحرك نحو الأريكة ومدد جسده هاتفًا:

-أنا تعبان بقالى يومين منمتش نامى انتِ كمان

نظرت نحوه بحزن ثوان وكان قد راح فى النوم.. أما هى أراحت جسدها على الفراش ولأول مرة تشعر نحوه بالذنب

بعد مرور أسبوع

فتح هارون ذراعيه على إتساعهما حتى برزت عضلات
يده القوية هاتفًا:

-يا اهلا واهلا واهلا بالليدى نهى

تصلبت الدماء فى عروقها هاتفة:

-اهلًا حضرتك

-آآه يا نونا إنهارده اليوم كان صعب أوى.. وفى عز الضغط إللى أنا فيه والدتى أصرت انى اتغدا معاهم وعشان العيلة
والجو دا.. كانت عاملة لينا بط وممبار وطاجن بامية بلحمة مش قادر أقولك جمدان.. واختى اصرت اعمل معاها سيشن آه يا نهى اصلها دلوعة وأنا مش بقدر ارفض ليها طلب المهم بعد كدا خرجت مأمورية وأهو يا ستى لسه داخل القسم على حطة إيدك هلكان

رمقته بصدمة حتى حدثها وعينيه بعيناها هاتفًا:

-أنا حكتلك كل تفاصيل يومي.. أنا أعتبرتك البيست فريند بتاعتى وكدا.. يلا بقى إحكيلى مين اللى وراكِ وخليكِ تعملى كدا وفُكِك من كلامك بتاع النيابة والمحامى وكل دا

-أنا معنديش غير اللى قولته

صك على اسنانه يخرج كل الحروف بوضوح:

-إسمعى منى لو ضميرك صحى ومش عارفة تتصرفى
أنا أساعدك ولو حسيتِ بالندم باللى عملتيه فى ولاد
الناس ربك بيبقل التوبة وأولها إنك تعترفى على الناس
دي ومتقلقيش انتِ فى حماية هارون النويرى.. أقسملك
ما حد يقدر يقربلك وهاخرجك من القضية بس أنا عايز
أوصل لأولاد الكل ب دول

-أنا بعمل فيديوهات زى أى حد تيك توك ودا تطبيق بعتلى
أن أنزل ليه إعلان على صفحتى بمقابل مادى.. أنا معرفش
حد ودا شغلكم أنتم.. لكن أنا معرفش

أجابها بصبر يغلى على حفر النيران:

-ما قولتلك والدتى أصرت إنى أتغدا وكلت وتقلت فقولت
إيه أسألك قبل المحكمة أهو تريحينى وأريحك بدل ما ادور وأنا لو شفت شغلى هخليكم تلعنوا اليوم اللى اتولدته
فيه

همست مدعية البراءة:

-أنا معرفش حاجة بس أكيد اللى فبرك الفيديو لأصحابى هو السبب وقاصد يأذنى انا كمان

أبتسم بهدوء ثم تحاولت لضحكات عالية.. أنتفضت نهى
على صراخه هذه المرة ثم همس بنبرة إجرامية شراسة:

-إبقى قولى هارون دا مر.ة لو خرجتى منها زى ما هما
مفهمينك أنا أقدر أحرك المية من تحتهم ولا يحسوا
أنا جيتلك بالحسني وبكرة فى المحكمة هتعرفى هارون
يعرف يعمل أيه لما ألبسك ١٥ سنة ياست الحسن

-أنا والله

هتف هارون بقسوة:

-هشش أنا جتلك بالحسنى والله لو هتعترفى دلوقتى أنا
مش هسمعك.. يا عسكرى خدها للحجز

كان صوته مثل الرعد فى ليلة حالكة مخيفة فجأة لانت
ملامحه ثم تناول هاتفه بإبتسامة واسعة وقلبه يدق
بقوة وضغط على زر الاتصال وما ان جاءه صوتها
هتف:

-الظابط قلبه بيوجعه وعايز حد يدلعه

-بكرة المحكمة وأنا لازم أروح

قالت هذه الكلمات نادين.. بينما نظر لها مدين بنظرات خاوية باردة وقلبه لم يستطع الصفوة لها بعد فعلتها
الأخيرة.. ظل كما هو صمت لوهلة شعرت أنها وحيدة
فى هذه الدنيا.. فهمست بنبرة خالية من الحياة قبل
أن تتحرك نحو غرفتها:

-على العموم أنا كلمت ناهد تيجى معايا بكرة

زفر مدين بغضب ظاهر وهو يجيبها:

-مافيش ناهد أنا بكره رايح معاكِ

إستدارت له تحدثه بسخط بكل ما يجيش صدرها ويحرق
قلبها هاتفة

-ياااه واخيرًا أتكرمت وبتكلمنى وترد عليا اخيرًا هتتعامل
معايا.. أقولك مفيش داعى تتعب نفسك أصلًا تكلمنى
زى ما جيبت وكلفت وعملت شقة.. جيبت واحدة حطتها
فيها.. يعنى أنا هنا زى الكرسى.. هو انت ممكن تتعامل
مع الكرسى طبعًا لا

جز على أسنانه بملامح غاضبة وعينين حمراء أقترب منها
صدره يعلو ويهبط بقوة.. يده تطحن لحم عظم عضدها
بقوة هاتفًا بقسوة:

-صوتك دا ميعلاش فاهمة ولا لأ آخر مرة صوتك يعلى هنا.. وبعدين انتِ ليكِ عين تعترضى بعد عملتك دي
انتِ شايفة نفسك نازلة من السما مش بتغلطى

نزعت يده ثم همست وهى تنظر للأرض بصوت منخفض:

-معرفش عملت كدا ازاى؟! أنا حتى مش عارفة ليه؟!

تناول قميصه متجهًا للخارج وهو يهمس بضيق:

-هاروح معاكِ بكرة قولى لناهد متجيش

فى اليوم التالى

فى المحكمة

الحياة أصبحت كالقبر بالنسبة لها.. الحياة ليست عادلة ظالمة قاتلة.. إرتعشت أقدامها.. وقدرتها على الثبات وهى
ترى نهى داخل القفص.. إرتخى جسدها.. شعرت ببرودة
تجتاح صدرها.. عم الصمت اثناء النطق بالحكم هتف
القاضى:

– نظرًا لما تم الترويج له من افكار
تخالف قيمنا الدينية والأعراف والقانون فى مجتمعنا وبناءًا عليه حكمت المحكمة ب١٥سنة

نهضت من مكانها ونظرتها تغلفها القسوة.. وجسدها يتخلى
عن ضعفه.. لتتحرك وتقف أمام القفص الحديدى تصرخ بها
بقهر:

-عملتى فينا كدا ليه دا انتِ كنت صاحبتنا بنأكل مع بعض
ونشرب مع بعض هان عليكِ تموتى فاتن يا سفا.حة
يا سفاحة موتيها إنت دمها على إيدك يا رخي.صة
ربنا ينتقم منك يا قات.لة انتِ اللى موتيها

ثم اخذت تصرخ وهى تنظر نحو منصة القاضى هاتفة:

-موتت صاحبتى هى اللى موتها ودمرتنى إزاى تأخد
١٥ سنة بس دي سفا.حة.. فين العدل فى كدا
منك لله يا نهى زى ماكسرتينى
إنتوا المفروض تعدموها فين العدل دا حرام

أقترب منها مدين حاول تهدأتها حاول أن يخفف عنها
لكن هيهات كانت كالطير المذبوح تصرخ بقلب يقطر
دمًا.. جذبها معه للخارج وهى فى حالة إنهيار حتى
أوقفهم جمع من الصحفيين وسألهم أحدهم:

-أيه شعورك بعد البراءة.. وعايزة تقولى أيه للبنات

كانت تطالعهم بوجوم.. وصفحات وجهها يمتلأ الألم ثم همست:

-قبل البنات أهلهم صدقوا بناتكم أوعوا تخذلوهم.. وأى
بنت حد معاه فيديوهات أو صور ليها وهى متأكدة انها
متفبركة متسكتش ولازم تاخد حقها وهى اللى تروح تبلغ

سأل احد الصحفيين مدين عن قرابته لنادين هاتفًا:

-أنت تقرب ليها أيه؟!

-جوزها لسه متجوزين

توسعت عين الصحفى بذهول وهو يسأله:

-معقولة الكلام دا أنت قبلت تتجوزها بعد اللى حصل

أخفضت رأسها بخزى بعد جملة الصحفى.. فل.كمه مدين فى صدغة بقسوة هاتفًا:

-كانت خطيبتى من قبل الفيديوهات وبعد الفيديوهات
إتجوزنا لأنى واثق فيها وفى أخلاقها.. لكن أظن أنت محتاج إعادة تربية

نهض الصحفى وأنفه ينزف هاتفًا:

-انا هوديك فى داهية أنت بتتهجم على صحفى كل دا اتصور

-ولا يهمنى وأكس.ر دماغك طالما بتتعدي حدودك

نهض الصحفى محاولا التهجم على مدين لكن وقف بينهم هارون هاتفًا:

-هاسحبلك الكارنية.. وهخلى الجريدة ترفدك دا غير
أن مافيش مكان هيشغلك لأن دي مش اسئلة عيل فى
إعدادى يلا أمسح الدم وأمشى واللى صور وعايز ينزل
أوكيه يا شباب ويتحمل المسؤولية القانونية

-هى البلد مفيهاش حكومة

قال هذه الجملة الصحفى فمال هارون برأسه ثم همس
له:

-معاك الداخلية كلها اؤمر

قطب الصحفى حاجبيه فهتف هارون بصوت قوى:

-تقدر تمشى يا مدين وتأخد مراتك وأنا والأستاذ
هندور على الحكومة مع بعض

حاوطها مدين من كتفها يخرج بها للخارج كان يشعر
بانتفاضتها تحت يده.. حتى توقفت هى تهمس له
بتوسل:

-عايزة أروح قبر فاتن لو سمحت.. محتاجة أروح هناك هرتاح

هز رأسه فى صمت بعد مرور ساعة كانت تقف أمام قبر
صديقتها تائهة وجسدها يرتعش بقوة جلست امام
القبر.. مررت اناملها على حروف اسم صديقتها المنقوشة
على الحجر والدموع تملأ عيناها.. قلبها يتمزق من الداخل
فقدت رفيقة عمرها كانت تمنحها حب لم تمنحها أياه
والدتها واختها.. أغمضت عيناها تهمس بحرقة:

-كدا بردوا يا فاتن هانت عليكِ نفسك وأنا كمان كدا
بردوا يا فاتن تسيبينى لوحدى.. انتِ كنتِ عارفة أنا
بحبك قد أيه.. والله بحبك زى اختى.. أنا بقرأ قران
كتير عشانك.. شوفتى نهى عملت فينا إيه؟! أنا كان نفسى
أموتها بإيدى.. فاتن أنا بقيت بكره الناس كلها بكرههم
مش أنا أتجوزت مدين مش كانت دعوتك ليا على
طول اتجوزه كنت بقعد أتخيل فرح كل واحدة فينا وإحنا
بنتصور مع بعض.. مش كنتِ وعدانى بهدية فى عيد
ميلادى.. أنا عيد ميلادى بعد يومين وأنا لوحدى أنا
محدش كان بيحبنى غيرك وبيشوفنى حلوة غيرك

لم تشعر به ولم تلاحظ خياله المتلصص عليها.. لم
ترى ملامحه المتأثرة ودمعته الحزينة.. أقترب منها
بتردد يعاونها على النهوض.. همس بخفوت بجوار
أذنيها هاتفًا:

-كفاية اقرأى ليها الفاتحة يانادين

نظرت لعينيه تهمس بتألم:

-وحشتنى أوى عايزة أقعد معاها هنا

تأمل وجهها الغارق بالبكاء هاتفاً بصدق:

-هاجيبك تانى هنا على طول

-كانت طيبة اوى

-عارف

مد يده بتردد يزيل دموعها هاتفًا:

-كفاية عياط عينيك تعبت

زادت درجة حرارة جسدها من لمساته الناعمة فابتعدت بإرتباك
بينما هو قبض أنامله بقوة فتحركت هى أمامه بضعف

ما أن ولجت شعرت بتعب شديد واعصاب مرتخية
إستدارت تنظر نحو مدين تستنجد به.. لكنها لم
تستطع الصمود اكثر وسقطت مغشيًا عليها فصرخ
مدين وهو يجثو على ركبته بجوارها يزيح حجابها
محاولًا إفاقتها.. إبتلع لعابة برعب وهو يحملها قلبه
يصرخ بقوة.. كان ينقصه وجع.. وضعها على الفراش
وأسرع يحضر قنينة العطر ويمررها على انفها حتى
رمشت بعيناها كان يريد البكاء علي ما مرت به اليوم
صعب عليه.. حين سقطت ارضًا سقط قلبه صريعًا عليها
دنا منها يقبل جبهتها بحنو لم يقدر على مداراته هاتفًا

-خضتينى عليكِ؟!

أنكمشت على نفسها لكنها لم تبعده عنها.. أغمض عيناه
بعذاب جرحته.. وآلمته لكنه لم يستطع رؤيتها بهذا
الضعف قلبه ينشطر نصفين من هذا العشق.. تركها فى الغرفة وأنصرف نظرت فى إثره ولا زالت تشعر بالندم
قد غاب أكثر من ساعة ثم عاد وهو يحمل طاولة
عليها طعام هاتفًا:

-يلا عشان تاكلى

-ماليش نفس

ألتو ثغره هاتفًا:

-الساعة ٦ إحنا ماكلناش من الصبح شايفة شكلك وأنا
كمان جعان أوى

همست بضعف وهي تتحاشى النظر إليه:

-لأ لأ كل لازم تاكل أنت تعبت

-يبقى تأكلى معايا وتدوقى أكلى

توسعت عيناها وهى تسأله:

-هو انت اللى عامل كل دا؟!

هز رأسه بالإيجاب هاتقًا:

-طبعا أنا أومال مين هيطبخ ليا فى الغربة

-ومرات خالى مش كانت بتبطخ ليكم هناك

ناولها الخبز فأستقامت تاكل معه ولا تعلم السبب انها تنتظر إجابته بتلهف فاجابها:

-أول سنة كنت بقعد معاها وبعد كدا أصريت أخد الاوضة اللى على سطح البيت محبتش أتقل عليهم
وكمان هما حقهم ياخدوا راحتهم

هزت رأسها بإبتسامة هادئة وأكملت طعامها بينما هو كان
يشعر بالسعادة تملأ قلبه

فى اليوم التالى

دلف من باب الشقة وجدها تجلس على الأريكة أمام
التلفاز شاردة تأمل وجهها المرهق عن كثب.. تنهد بوجع
ومرارة ثم نادها بإسمها عدة مرات ولم تنتبه حتى فاقت
من شرودها تسأله:

-بتكلمنى؟!

-إجهزى نازلين

عقدت حاجبيها بعدم فهم ثم نهضت تسأله:

-أمى فيها حاجة؟!

-لأ غيرى ويلا عقبال ما أغير هدومى فى مشوار مهم

جلست ثانية هاتفة:

-أنا مش قادرة أروح فى حتة

اجابها بحزم هاتفًا:

-أتعودى لما أقولك على حاجة تقولى حاضر.. خمس دقائق
وتكونى جاهزة

ولجت معه لإحدى الكافيهات المشهورة بوسط البلد
فقد قام بحجز طاولة مزينة بالبالونات الملونة فقطبت
حاجبيها تساله:

-أيه دا؟!

لم يجيبها واشاح وجهه الناحية الأخرى فجاء أحد العاملين يحمل كعكة بيده ثم وضعها أمامهم وقام
بإشعال الشمعة ثم أنصرف سألته والدموع تملأ عيناها

-مش بكرة عيد ميلادك حبيت أكون أول واحد

أبتسم ثم غمز لها هاتفًا:

-إطفى الشمع وإتمنى امنية

أغمضت عيناها لتنهمر دمعاتها ثم فتحتها تنفخ فى الشمعة
فجاء العامل بالمكان مرة أخرى يعطيه صندوق هدايا أخذه
ثم قدمه لها هاتفًا:

-دي هديتك أو بمعنى أصح شبكتك بس متأخرة أنا حابب
تلبسى الدبلة ودا فون جديد

أطرقت رأسها تشعر بالألم والندم على كل يوم كسرت خاطره همست:

-كدا كتير

أبتسم وهو يهز رأسه بيأس متى ستعلم قاسية القلب مقدار حبه لها تناول السكين ليقطع الكعكة فهمست هى
بخفوت:

-شكرًا يا مدين

رفرف قلبه من نطق إسمه كالطير الحر فى السماء الواسعة
رفع بصره ينظر فى عينيها السوداء هاتفًا

-انتِ مراتى ومفيش بينا شكر

طالعت عيناه العسليه الصافيه وخصلات شعره الشقراء أول مرة تتأمل ملامحها وعندما تلاقت عيناهما اشاحت بوجهها بإرتباك ثم قطبت حاجبيها وهى تنظر داخل الصندوق ثم نظرت إليه

-ايه دا؟!

-دي الملازم عشان تلحقى الترم وتنزلى الإمتحانات

هزت رأسها بالنفى سريعًا هاتفة:

-إستحالة أنزل بعد كل دا أنا خلاص كدا مش هاكمل أنا حاسة كل الناس بتبص عليا

-ماحدش بيبص ولا حد عارفك.. عارفة ليه عشان كل يوم
فضيحة جديدة ومصييبة جديدة بسبب التيك توك
التطبيق دا خرب بيوت كتير وفضح معادن ناس كتير
الرجالة للأسف بقت من غير نخوة.. صحيح فى ناس بتستفيد منه ومحتاجة بس اللى ضاعوا أكتر،
وموضوع التعليم دا منتهى ومن بكرة تبدأى المذاكرة

-مدين هو أنت عايزينى فعلا أكمل تعليم وعادى

إبتسم بسخرية هاتفًا:

-يعنى قصدك عشان أنا معايا دبلوم أنا عمرى ما شوفتها كدا وتعليمك أنا مُصِر عليه جدًا

فى اليوم التالى

فتحت العلبة ثم تناولت المحبس ووضعته فى يدها بتردد
ثم نظرت لنفسها فى المرآة وقد احمرت وجنتيها بإستيحاء وهى تتذكر وهو يحاوطها طيلة الليل يتلو ايات القرآن لها.. وتوجهت للأسفل تلحقه عند
والدته لكنها صُدِمت بعودة سنا التى ولجت من باب
الشقة تزامنًا مع هبوطها احتضنتها والدة مدين بحب
بالغ تسألها عن حال والدها فهمست سنا

-الحمدلله يا مرات عمى بس لازم أنزل الكلية
ضرورى سلمى على مدين أصله وحشنى أنا مش
هتأخر هاروح وهاجى بسرعة

نزعت نادين الخاتم من اصبعها مسرعة ودسته فى جيب عباءتها دون أن يراها أحد.. أصطدمت بها سنا وهى تهرول هتفت

-عاملة ايه يا نادين معلش مستعجلة هاروح وهاجلكم
سلام

فى الحرم الجامعي

تهرول فى الردهة كى لاتتأخر أكثر على محاضرته فهى
إشتاقت له حد الحجيم رفعت معصمها تنظر فى ساعتها
وجدت نفسها تأخرت خمس دقائق لا يهم.. أخذت نفس
عميق وطرقت الباب ثم ولجت تنظر نحوه بلهفة لكنه
صدمها بجمود وهتف بقسوة:

-رايحة فين يا أنسة؟!

إبتلعت بإحراج تنظر للمدرج والعيون التى تراقبها وهمست
بتحشرج:

-أنا أتأخرت عشان

-مش عايز أسمع أى مبررات إطلعى برا ومتدخليش محاضرتى تانى من بعدى

 

 

 

 

0 0 votes
Article Rating
____

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x