رواية آمارة بالسوء الفصل الأول 1 بقلم محمود الأمين
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية آمارة بالسوء الفصل الأول 1 بقلم محمود الأمين
البارت الأول
كنت واقف بشرح للطلبة أهمية علم النفس في حياتنا، وازاي الحالة النفسية ممكن تأثر على الشخص بالسلب أو بالإيجاب، لحد ما طالب عندي رفع إيده وطلب يسأل سؤال.
_ اتفضل يا سامي.
= هل الحالة النفسية للشخص ممكن توصله للانتحار؟
_ أكيد طبعًا، بس لازم الشخص يحاول يتعايش مع الحالة دي ويهزمها، بالإرادة والعزيمة والقرب من ربنا.. لحظة الانتحار هي لحظة غفلة بتكون من الشيطان، بيصوّرك فيها إن حياتك انتهت، وإنك مش هتقدر تتعامل تاني مع الدنيا، بيبدأ يصوّرك إن ربنا حاسس بيك وهيسامحك وهيكون رحيم بيك، ولكن في الحقيقة كل ده أوهام، والشخص اللي بيعمل كده في نفسه بيندم أشد الندم.
_ بشكرك يا دكتور حسن.
…
وبعد ما خلصت محاضرة، لقيت سامي جاي ناحيتي وطالب يتكلم معايا.
_ أهلاً يا سامي، إيه؟ ما فهمتش الإجابة؟
= بالعكس، الإجابة واضحة جدًا.. بس أنا عايز حضرتك تقرا المذكرات دي، أنا مش عارف ليه خايف أقراها.
_ هي دي مذكرات مين؟
= دي مذكرات أخويا هشام، ربنا يرحمه، مات من حوالي 3 شهور.. ولما فتحت المذكرات لقيت الكلمة دي في أول صفحة بالخط العريض “كوابيس”.
_ طيب يا سامي، سيبلي المذكرات وأنا هقراها وهشوف إيه اللي فيها.
= بشكرك جدًا يا دكتور.
…
مشيت، وركبت عربيتي واتحركت على شقتي. دي أول مرة هقرا مذكرات لشخص، وكان عندي فضول كبير أعرف هشام ده كاتب إيه في مذكراته.
أنا أصلًا عايش لوحدي، ما اتجوزتش، وبصراحة مش عايز أتجوز، حابب عيشة العازب. المهم عشان ما أدخلش في تفاصيل خاصة، رجعت البيت، عملت أكلة خفيفة وأكلت، وعملت كباية شاي وقعدت على المكتب وفتحت المذكرات.
وأول كلمة زي ما قال سامي كانت “كوابيس”.
قلبت الصفحة وابتديت أقرا:
(اسمي هشام، من وأنا صغير متعود أكتب مذكراتي، بحب الوحدة والعزلة. عمري ما فكرت إن مذكراتي هتبقى بالحزن ده. أنا مش بكتب المذكرات دي بإيدي، أنا بكتبها بدموعي. أنا خسرت كل حاجة.. قصتي بتبدأ من يوم عادي في شغلي. أنا أصلًا شغال في شركة للبرمجة، ودي كانت أول مرة أشوف فيها زينب. بنت جميلة جدًا كانت جاية تتعيّن معانا في الشركة. تقدروا تقولوا ده الحب اللي من أول نظرة. فرحت جدًا لما اتقبلت في الشركة، وبقيت حابب أروح الشغل على غير العادة عشان بس أشوفها.
وفي نفس الوقت أهلي كانوا بيضغطوا عليا إني أتجوز بنت خالي سمر، عمري ما حسّيت ناحيتها مشاعر، دايمًا كنت شايفها أختي رغم إني عارف إنها بتحبني. وفي يوم قررت أخد الخطوة الإيجابية، وروحت لزينب في الشركة وطلبت منها إني عايز أقابل والدها وأتقدملها. اتكسفت في الأول زي أي بنت، وبعدها وافقت. كنت طاير من الفرحة رغم اعتراض أهلي، وبالتحديد أمي، لكن في النهاية أقنعتهم، وفعلاً اتقدمت لزينب وخطبتها.
كانت أجمل أيام في حياتي، أول مرة أحس إني مبسوط وسعيد بجد. كل يوم كان حبي بيزيد لزينب أكتر، وكنت بتعلق بيها أكتر، لحد ما في يوم كنت راجع من الشغل مرهق وتعبان، رميت جسمي على السرير ونمت، ووقتها شوفت حلم غريب.
شوفت نفسي واقف في دايرة، وحواليّا شموع، وكان قدام الشموع دي ستات لابسين أسود ومغطيين وشهم، وبيقولوا كلام مش مفهوم. وسمعت صرختها، كانت صرخة زينب. شوفتها قدامي متعلقة من رقبتها ولسانها بيتقطع، والدم مغرق الدنيا. المنظر كان صعب، بس لما جيت أتكلم ما عرفتش.
حطيت إيدي على بُوقي واتصدمت عشان كان متخيط، ولقيت إيد بتتحط عليا وأنا نايم. فتحت عينيا وأنا مفزوع، لقيت أمي بتقولي:
_ مالك يا ابني؟ جسمك سخن كده ليه؟ شكلك أخدت دور برد.
كنت لسه مش مستوعب اللي شوفتُه، أنا كنت مبرّق وباصص لأمي بس. لكن في الوقت ده تليفوني رن، واللي كانت بتتصل هي زينب، وأول ما فتحت الخط، لقيتها بتعيط، فسألتها:
_ في إيه يا زينب؟ بتعيطي ليه؟
= في حد معايا في البيت.. في حد مش من أهلي.
_ أنا مش فاهم حاجة، احكيلي إيه اللي بيحصل؟
= كنت نايمة شوية، وقومت عشان أشرب شوية ميه، روحت ناحية المطبخ، وأول ما دخلت لقيت أمي واقفة جوه. كنت لسه هتكلم معاها، بس لاحظت إن دي مش أمي، دي كانت أطول بكتير. هي آه لابسة لبس أمي، بس مش هي. فضلت واقفة مش عارفة أتصرف إزاي، بس هي اتلفتت وبصّتلي، شكلها كان يخوف، بُوقها غرقان دم، وسنانها عاملة زي الدبابيس. ما حسّيتش بنفسي غير وأنا بجري ورايحة ناحيّة أوضتي، ده أنا حتى ما عرفتش أصرخ.
…
ما كنتش عارف أرد عليها أقولها إيه؟ أحكيلها على الكابوس وأقلقها أكتر ولا أسكت وما أتكلمش؟ سكت، وفضلت أقولها أكيد ده كابوس أو تهيؤات.
بس أنا نفسي ما كنتش متطمن… بصيت في الساعة لقيتها 7 الصبح. قومت، أخدت دُش ولبست، ونزلت ركبت عربيتي عشان أتحرك على شغلي. بس وأنا سايق اضطريت أقف في إشارة مرور، وكالعادة لقيت واحدة من بتوع المناديل بتخبط على الشباك عشان أشتري منها. كنت باصص قدامي وقافل الإزاز، لكن لاحظت إن الخبط زاد على الإزاز، فبصيت ناحيتها عشان أزعق وأقولها كفاية، لكن وقتها صرخت! عشان دي مش بياعة المناديل، دي واحدة عينيها سودا، بشرتها أشبه بقشر السمك، لسانها مشقوق!
وفي الوقت اللي أنا مرعوب فيه وخايف، لقيت حد بيخبط تاني، كان عسكري المرور بيطلب مني أتحرك عشان قافل على اللي ورايا. اتحركت بسرعة وأنا باخد نفسي بالعافية.
وأول ما وصلت الشركة، دخلت لمديري وطلبت منه أجازة، ولما سأل عن السبب كان ردي:
_ أنا أعصابي تعبانة يا فندم، عاوز أرتاح شوية.
= أعصابك تعبانة من إيه؟ معاك مشاكل مع زينب؟
_ لا، الموضوع مش كده يا فندم، وزينب بره الموضوع أصلًا، حاجة تخصني.
= طيب، تقدر ترتاح أربع أيام من النهارده، وبعدها ترجع لأننا محتاجينك في الشغل.
_ بشكرك جدًا يا فندم.
…
ركبت عربيتي واتحركت تاني على البيت، وبلغت زينب على الواتساب إني أخدت أجازة ومحتاج أرتاح.
بس وأنا في الطريق، لقيت رقم بيرن عليا، رديت.
_ ألو، مين معايا؟
= حضرتك الأستاذ هشام صح؟
_ أيوه أنا، خير؟
= أنا مسعد التُرَبي اللي ماسك التُرَب بتاعتكم.
_ خير يا مسعد؟
= ممكن حضرتك تيجي عندي دلوقتي؟ في حاجة مهمة لازم تشوفها بنفسك.
_ حاجة إيه؟ اتكلم على طول، أنا مش فاضي.
= مش هينفع في التليفون، لازم تيجي عندي.
_ طيب، نص ساعة وأجيلك.
…
ما كنتش عارف مسعد التُرَبي عاوز مني إيه، اتحركت على التُرَب اللي كانت بعيدة عني، وفعلاً بعد نص ساعة كنت هناك. وأول ما دخلت عنده، لقيته ماسك صورتي في إيده، واتكلم وقال:
_ لقيت دي مدفونة جنب قبر، وده معناه إن في حد عاملك سِحر.
= مين اللي ممكن يكون عامل الحاجة دي؟ طيب ليه؟ أنا ما أذيتش حد قبل كده، ليه ممكن حد يحاول يأذيني؟
_ الصورة دي معناها إن السحر اللي معمولك سحر مدفون، ولازم نعمل حملة تطهير للمقابر عشان نخرج العمل.
= أنا فعلاً بعاني الأيام اللي فاتت، من كوابيس وبشوف حاجات غريبة حتى وأنا صاحي.
_ اتحصن وقرب من ربنا، وإن شاء الله ربنا هينجيك.
= طيب ما نفتح القبر اللي انت لقيت جنبه الصورة، جايز نلاقي العمل مدفون جواه.
_ والله مش بعيدة، تعالى معايا.
…
اتحركنا أنا ومسعد ناحية القبر، ولقيته طلع المفاتيح، فتح باب القبر ونزلنا. الريحة جوه كانت صعبة، حطيت منديل على مناخيري وبُوقي ودخلت. كنت بترعش من الخوف، دي أول مرة أدخل فيها قبر. وقتها شوفت جثة كان وشها مكشوف، لما بصيت عليها اتصدمت عشان دي تبقى جثتي أنا! كنت فاكر إني لوحدي اللي شايفها، لكن لقيت مسعد بيقول:
_ جثة الأستاذ هشام؟ أومال انت مين؟
وقبل ما أرد عليه، لقينا باب القبر بيتقفل لوحده، لكن… يتبع الجزء الثاني.
- لقراءة باقي الفصول أضغط على (رواية آمارة بالسوء)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)