رواية نوح الباشا الفصل الخامس 5 بقلم ندى الشرقاوي
رواية نوح الباشا الفصل الخامس 5 بقلم ندى الشرقاوي
البارت الخامس
#الفصل_الخامس
#نوح_الباشا
همست بدهشة
-بص يابابا ،شوف نوح بقا عامل ازاي؟
نظر الاب الهاتف ،يقارن ملامحه منذ اثناعشر عامًا والان ،ذالك الطفل الذي كان يسير معه يصل إلى كتفيه ،الان اصبح رجلا طويل القمه عريض المنكبين ،انفه الحاد ،عيناه التي تنظر نظرة قوية هتف بهمس طفيف
-نوح
وقف عبدالعظيم عن مقعده وترك المجلس ودلف إلى غرفة نوح
جلست الام بحسرة على ما حدث لهم ،جلس بجانبها سامح زوج سما ،صديق نوح منذ الطفولة ،إلى الان لم يعرف نوح من هو زوج اخته!!.
…………………….
دلف نوح إلى جناحه في الفندق، وخلع قميصه وهو يشعر بحرارة تتصاعد من جسده. اتجه إلى الحمام بخطوات مرهقة، خلع ملابسه وصعد إلى كابينة الاستحمام. ملأها بالماء الدافئ، وأضف بعض المنتجات العطرية التي تنبعث منها رائحة جميلة تُشعره بالاسترخاء.
غمر جسده في الماء، وغطس بوجهه للحظات، ثم رفعه وهو يتنهد بتعب واضح.
أسند ظهره إلى الجدار، مدّ يده إلى جانب المغسلة، تناول لفافته، وأشعلها. أخذ نفسًا عميقًا، ثم أطلق الدخان بقوة وكأنه يطرد شيئًا عالقًا في صدره
شرد قليله في هذه البحرية الجميله التي خطفت انظاره واعجب بها ،سرح قليلًا بتفكيره حتى شرد في افكاره الوقحه
فاق على صوت الباب ،خرج من المرحاض وأخذ منشفته يضعها حول خصره ومنشفه اخرى صغيره يجفف بها شعره .
فتح الباب وهو منشغل بتجفيف شعره ،سمع حديث معتصم يقول
-ياشيخ طب استر نفسك افرض معايا حد غريب
رد ببرود
-والغريب يطلع لحد اوضة نومي ليه ،مش ناقص هوسه
دلف معتصم وهو يغلق الباب بقدمه
-طب ايه بقا مش هنفوق ،تروح للحج وتفتحوا صفحه جديده ،ونفتح هنا مقر جديد للشركة
دلف نوح إلى الداخل وخرج بعد دقائق يرتدي بنطال اسود ومازال عاري الصدر
-معتقدش إني افضل في مصر يا معتصم ،شكلي هرجع على سويسرا
اقترب معتصم هاتفًا بغضب
-تاني ترجع تاني كفايه ٨ سنين في سويسرا ،طب أنا يا اخي ومعنديش حد اعيش معاه ولا يخاف عليا ،بس حق اهلك عليك فين هااا ،حقهم وأنت اتناشر سنة بعيد عنهم .
نظر إليه نوح ولم يتحدث
…………
كانت موج تجلس على حافة البحر على الرمال،ياتي الموج تستنشق رائحته ،تنظر إلى الماء تتمنى أن تدفع نفسها إلى الماء ،لكن ماذا ؟هل تنتهي حياتها بكُفر ؟لا لا .
اقترب منها سيدة عجوزه بشرتها تحكي ما فعل بها الزمن ،كل تجاعيد تكون بسبب شئ ،مدت يدها تعطيها البطاطا المهروسة
-شكرًا يا خالة متحرمش منك
ابتسمت السيدة بحب
-العفو يابنتي ،ربنا يسعدك دنيا واخرى يارب ويرزقك بابن الحلال
ابتسمت موج ابتسامة باهتة وهي تأخذ البطاطا من يد العجوز، ثم نظرت إليها نظرة امتنانٍ صامتة، وكأن الكلمات لا تكفي.
جلست السيدة بجانبها بصمت، تنظر هي الأخرى إلى البحر، كأنهما تشتركان في حزنٍ قديم لا يُقال
قالت العجوز بنبرة هادئة، فيها دفء الأمهات
-البحر واسع يا بنتي، بس ما فيش وسع ولا حضن أحن من ربك.
نظرت إليها موج، وعيناها تلمعان بشيءٍ يشبه الدموع
-أنا تعبت يا خالة… تعبت من الانتظار، ومن الوحدة، ومن وجع ملوش صوت.
وضعت العجوز يدها على يدها، وربتت عليها برفق
-عارفة يا بنتي، كل وجع له وقت، وكل هم له آخر. ماتخليش الشيطان يضحك عليكي، ويخليكي تفكري تسيبي الدنيا وإنتي زعلانة،يمكن الفرج قريب، أقرب مما تتخيلي
صمتت موج، ونظرت للبحر مجددًا، لكن هذه المرة لم يكن نداءه قويًا كما قبل، بل صار صوته أخف، وكأنه تراجع خطوة للخلف.
أخذت لقمة من البطاطا، وابتسمت في صمت، لأول مرة منذ أيام
……………..
بعد مرور أسبوع
كانت الأجواء مستقرة إلى حد ما ،موج تحاول تجنب الراجل الغليظ ،تحاول كسب الاموال حتى تبدا ما كانت تتمناه
وقف امامها نوح بهيئته الجباره وهتف بصوت اجش
-ممكن سمك يا انسه
رفعت موج نظرها إلى مصدر الصوت ،عقدت حاجبها بغرابه من هذا الرجل الثري الذي يريد أن يقوم بالشراء منها
يالله كم وسيم
فاقت على صوته مره اخره وهو ينظر بخبث
-السمك يا انسه
ردت بتوتر
-اه يا باشا اومر ،اوزن كام كيلو
كاد نوح أن ينطق ويقول أنه يريده باكمله لكن ستفهم خطًا وأنه يريد اعطائها حسنه
-عاوز خمسه كيلو
ابتسمت موج بفرحه وبدات تضع السمك في الاناء والفرحة تغمرها
انتهت موج من الميزان واعتطهم لنوح الذي اخرج المال واعطى لها الثمن
هتفت بهدوء
-دقيقة تاخد الباقي
هتف نوح بهدوء
-لا لا خليه وغادر نوح وهى تنادي عليه بصوت عالي …ياباشا …الباقي….
ايه الراجل الغريب دا
……………..
وصل نوح إلى الفيلا الذي اشتراها له معتصم ويقيموا سويًا
فتح نوح باب الفيلا بخطوات بطيئة دلف ، خلع سترته وضع المفاتيح على الطاولة، ونظر إلى كيس السمك الذي لا يزال في يده.
مرر أصابعه على البلاستيك، كأنها تمس أثر صوتها المرتبك حين نادت عليه
-الباقي يا باشا
اتجه إلى المطبخ، غسَل يديه جيدا ، وبدأ في تجهيز السمك كأنه يطهو لأول مرة بشغف نادر،قطع الليمون، نثر التوابل، وضع شرائح الفلفل والثوم، وكأن في كل خطوة يحاول نسيان شئ من حياته أو يتذكر
وقف لحظة يتأمل السمك وهو يتحمر في الزيت، تفوح الرائحة في المكان، تعيد له ذكرى قديمة – أمي كانت تحب السمك بنفس الطريقة ،تعلمتها منها
اخرج السمك وضعه في اناء كبير ورضع عليه شرائح من الطماطم والبصل ووضعه في الفرن لدقائق
جلس عند الطاولة، أخرج طبقًا بسيطًا، وقام بالاتصال على معتصم حتى يهبط
هبط معتصم وهو يستنشق رائحة السمك ويقول
-ايوه ايوه ياسيف ايه الروايح دي
ابتسم نوح له وهتف
-ادخل هات الصنية من الفرن وجبت عيش من الفرن ايه حكايه
ابتسم معتصم وقهقة عليه
-الله الله نوح الباشا بنفسه ،نزل جاب سمك وعيش من الفرن
بعد دقائق كانوا يستمتعوا بالطعام ، لكن عينه تسرح نحو النافذة، وكأن البحر بينادي عليه… أو صوت موج لم يعرف
ثم ابتسم، لأول مرة من أيام، ابتسامة حقيقية… فيها شيء من الراحة… وشيء من الفضول
………………
في منزل موج كانت تجلس على الفراش تقوم بعد المال والفرحة تغمرها
-الله الله ٧٠٠٠ جنيه يا حبيبي يا الله اخيرا
اخذت المال وهى تقبله وتشكر ربها عليه وتهلهل
-الحمد لله يا رب الحمد لله
وقفت وقامت بتغير ملابسها إلى بنطال اسود وقميص جينز يتوسط البنطال حزام لونه كحلي ،عقدت خصلاتها على هيئه زيل حصان
تهبط الدرج مسرعة، لا تنتظر المصعد، لا تنظر خلفها،حقيبتها على كتفها، والمال بداخلها… وقلبها يركض قبل قدميها.
تخرج إلى الشارع بخطى متحمّسة، تعبر الرصيف دون أن تتوقف، لا تنظر يمينًا ولا يسارًا
لقطة من زاوية منخفضة، عجلات سيارة تندفع بسرعة
-ااااه ……..
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية نوح الباشا)