روايات

رواية شقة المصيف الفصل الثاني 2 بقلم هالة صلاح

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

رواية شقة المصيف الفصل الثاني 2 بقلم هالة صلاح

 

 

البارت الثاني

 

قمت مفزوعة، قلبي بيدق بسرعة، وعرق بيسيل من جبهتي.
بصيت على الساعة: 2:30…
بس مش المنبّه اللي صحاني، المنبّه لسه ساكت.
الصوت اللي صحاني كان إسماعيل وهو بيقول: — “يلا يا مريم قومي، اتأخرنا. الشمس قربت تطلع.”
بصيتله باستغراب،
= “إزاي؟! أنا ظبطت المنبّه! كنت نايمة جنب الولاد، إنت صحيت إمتى؟”
إسماعيل لابس وواقف عند الباب، بيبصلي بنظرة مش مريحة… كأنه مش هو.
— “قومي، ما تتأخريش… الناس مستنيانا.”
“الناس؟!”
مين الناس؟!
حاولت أستوعب، بس مخي مش قادر يركب الأحداث.
لبست هدومي بسرعة وأنا حاسة بجسمي تقيل، كأني لسه
في الحلم.
خرجنا من البيت، الشارع فاضي…
فاضي زيادة عن اللزوم.
ركبنا العربية، وإسماعيل سايق من غير ما يقول كلمة.
الولاد نايمين ..
وأنا بدأت أحس بالبرد، رغم إن الجو المفروض حر.
إسماعيل ساكت.
الطريق فاضي.
حتى الراديو، مفيهوش حاجة… بس بيطلع همسات.
حاولت أرفع الصوت…
📻 “…اللي بيتأخر… ما بيرجعش…”
= “إسماعيل؟! فيه إيه؟”
“انت سامع؟ الراديو بيقول حاجات غريبة.”
— “إنتِي تعبانة ولا إيه فوقي مش نفسك تشوفي البحر ”
=” مش بهزر يا اسماعيل في حاجة غريبة ”
الدنيا كانت سُكون… مش هدوء، لأ، السُكون ده له طعم تاني، طعم مر ”
أنا قاعدة جمب إسماعيل، والولاد في الكنبة اللي ورا، نايمين…
كل ما أبص على وشوشهم، أحس إن في حاجة مش تمام… ملامحهم مش واضحة.
حاولت أفتح موضوع مع إسماعيل، أكسر الصمت:
= “هو الطريق فاضي كده ليه؟
ما ردش.
= “إسماعيل؟!”
بص لي بسرعة… بس مش بصته العادية، عينه كانت سايبة شوية، زي اللي بيصحى من نوم تقيل.
— “ماهو الناس نايمة… انتي شايفة الساعة كام؟”
بصيت على التليفون اشوف الساعة ، لقيته مطفي.
= “ده كنت شاحناه، والله…” انا متأكدة”
الراديو شغال، بس مفيش مزيكا، ولا حتى أخبار.
كل شوية صوت ناعم، عامل زي النَّفَس… أو الهَمْس… يقول جملة ويختفي.
📻 “…اللي بيدوّر على الراحة، ساعات بيتوه في التعب…”
📻 “…قبل الشمس ما تطلع، كل باب بيتفتح…”
📻 “…بس مش كل حد يعرف يقفله تاني.”
= “إسماعييييل؟! والله العظيم أنا مش مرتاحة.”
“مابيردش عليا”
الطريق مريب فعلا..
مفيش إشارات…
مفيش عربيات…
مفيش بني آدمين.
بس فيه بحر…
من أول ما دخلنا الطريق ده، وأنا شايفة البحر على شمالي…
طول ما إحنا ماشيين، هو ماشي معانا.
المية صافية، صافية أوي…
صوت البحر ، ريحته ، إحساسه ،
بصيت للبحر…
وانا بجاهد عشان ماعيّطش.
“مش ده المصيف اللي كنتي بتحلمي بيه يا مريم؟؟.”
افتكرت ايام زمان مع مصيف العيلة
مصيف ماما وبابا
والقصور اللي كنت ببنيها علي الرمل …
كنا بنمشي على الكورنيش وناكل فشار من الراجل العجوز أبو عمة كبيرة،
وتيته تمشي ورايا تقولّي “امشي جنب الحيطة”،
والبياع بتاع الفريسكا يقول بصوته العالي:
“فرررريسكااااا!”
والموج،
الله على صوت الموج وهو بيغسل الهم…
أنا عايزة نضحك،
عايزة إسماعيل يبص لي كأنها أول مرة يشوفني،
والولاد يجروا على البحر،
وإحنا نضحك ونصوّرهم،
ونقول لبعض “ربنا يديمها نعمة”.
فجأة!!!
بصيت قدامي، لقيت عمارة…
واحدة بس.
عمارة واقفة في آخر الطريق، زي جزيرة في بحر .
مافيش حواليها ولا مباني…
ولا حتى عواميد نور…
بس هي منورة… مش نور طبيعي، لأ، زي نور أبيض مائل للأزرق…
=”دي هي؟”
“عمارة 13”
سألت نفسي؟
وأنا حاسة قلبي بيضرب في صدري زي الطبول.
الولاد ورايا سكوتهم غريب…
حسيت إنهم نايمين بزيادة، زي اللي مش نايمين…
= “إسماعيل… هنوقف هنا؟”
سحب فرامل اليد، وبص لي:
— “احنا وصلنا.”
نزل من العربية وفتح لي الباب…
أنا لسه قاعدة، متسمّرة، جسمي مش راضي يتحرك.
بصيت على العمارة…
3 أدوار، شبابيكهم كلهم مقفولة بمسامير خشب قديمة…
ماعدا شباك واحد، في الدور التالت…
كان مفتوح، وفيه ست واقفة.
واقفة… مش بتتحرك.
فضلت أبص لها، وهي بصالي، بعينها بس.
مافيش تفاصيل، بس حسيت إنها هي… نفس الصوت اللي كلّمني في التليفون.
= “إسماعيل، دي هي الست؟”
ما ردش.
لقيته بيشاورلي، بهدوء، كأنه مش شايف اللي أنا شايفاه.
— “يلا، الدور التالت.”
الولاد نزلوا، ماشيين لوحدهم.
= “استنواااااااااااااااا!!”
ما بيردوش… ما بيبصوش وراهم…
طلعت وراهم وأنا حاسة إن السلم بيتني تحت رجلي، كأنه مش مبني كويس…
ولا كأن العمارة متزبطة على أساس.
كل صوت بخطوة بيكوّن صدى…
كل نَفَس بيتردّد جوه دماغي.
فيه ريحة…
ريحة قديمة… زي ريحة ورق محروق ممزوج بماء مركونة.
وصلنا عند باب الشقة…
كان مفتوح.
= “مش المفروض نقابل الست؟ مش المفروض نسلم أو ندي فلوس أو حتى نسأل؟!”
مافيش إجابة.
إسماعيل دخل…
الولاد دخلوا…
وأنا واقفة عند العتبة.
إسماعيل دخل الأول، ووراه الولاد، وأنا آخرهم…
بمجرد ما دخلت، حسّيت إن الهوا اتغيّر.
فيه ريحة…
ريحة تراب قديم، ممزوج بحاجة شبه عفن، بس كأنها جايه من جوا الحيطان مش من المكان نفسه.
= “إسماعيل، فين النور؟”
— “مش عارف… مفتاح الكهرباء مش شغال.”
= “إزاي يعني؟!”
إسماعيل ولع كشاف الموبايل…
الضوء خفيف، بس كافي يبيّن قد إيه الشقة قديمة…صدي صوت في الأرضية مع كل خطوة، الحيطان فيها شقوق طويلة، والستاير مرمية ومغبرة…
بس الأغرب من كل ده: كل الشبابيك متسَمّرة بخشب من برّه…
حتى الهوا مش داخل.
الولاد سكتوا مرة واحدة.
سيف مسك إيدي وقال لي: — “ماما مشمشة القطة بتاعتي دخلت تحت الكنبة.”
= “إيه مشمشة؟!”
بصيت علشان احاول اجيبها…
لقيت ورقة قديمة، متنيّة، باين إنها كانت هناك من زمان.
فتحتها…
مكتوب بخط باهت:
> “وصلت قبل شروق الشمس…
بس لو فضلت، مش هتعرف تطلع.”

= “إسماعيل!! تعال شوف الورقة دي!!”
لقيت اسماعيل جاي عليا من أوضة النوم، صوته واطي:
— “في سريرين هنا… بس السرير اللي في الآخر كأنه مستخدَم… ولسه دافي.”
= “إيه؟ يعني حد كان هنا قبلنا؟”
ما ردش.
أنا في الصالة … فيه مراية كبيرة، مش بتعكس صورتي بالكامل…
نص وشي ظاهر… النص التاني مش موجود.

فجأة، النور جه لحظات… وطفى تاني.
في اللحظة دي، سمعت حاجة…
كأن في حد بينادي عليّا من جوه الحيطة:
> “مرييييييم…”
اتجمدت في مكاني.
الولاد جروا عليّا، سيف بيعيّط، وسليم ماسك رجلي:
“ماما في واحدة بتبص علينا من تحت الباب…”
= “كفاية! ده مش وقت هزار! تعالوا معايا.”

كل ده بيحصل، وأنا حاسة إن الأرض نفسها بتتنفّس…
خطواتنا بتعمل صدى، كأننا جوه صندوق مش شقة.
انا واقفة في نص الصالة، ضهري للحِيطة، قلبي بيدق في وداني، وإيديا بتترعش…
الموبايل كان فاصل شحن…
📱 موبايلي بيرن فجأة.
“إيه ده؟!!!
إزاي؟!
ده كان فاصل شحن…!”
ببص على الشاشة، لقيت الاسم بيظهر:
📞 ليلى
“ليلى؟! دلوقتي؟!! الساعة كام دي؟!”
ببص على الموبايل… الساعة 5:30 الصبح.
رديت بصوت واطي وأنا لسه مش مستوعبة:
= “ألو؟”
📞 ليلى (بصوتها العادي، وكأنها بتكلمني في عز الضهر):
> “صباح الفل يا مريومة…
الجو هناك عامل إيه؟ البحر شكله حلو؟”
“صباح إيه؟!
أنا فين وإنتي فين؟!
وبعدين انتي عرفتي منين إن إحنا وصلنا؟
أنا اتخضيت والله… إنتي فيكي حاجة؟!”
📞 ليلى (بضحكة خفيفة كده، بريئة زي ما تكون مش شايفة اللي بيحصل):
> “إنتي اللي قلتيلي يا مريومة.”
= “أنا؟!
أنا قلتلك إمتى ولا قلتلك فين؟!
يا ليلى، أنا كل اللي قولته إني رايحة مصيف، وطلبت منك أسبوع أجازة… مش أكتر!”
📞 (ليلى سكتت ثانية… وبعدين بصوتها، بس فيه نغمة غريبة):
> “لأ… إنتي كنتي فرحانة، وقلتيلي إنك هتسافري بدري، قبل الشمس ما تطلع… وقلتلي على العنوان كمان.”
= “كذب!
ده محصلش يا ليلى!
والله العظيم محصل…
أنا ما قلتش لحد العنوان غير إسماعيل، حتى الولاد مش عارفين المكان!”
📞 (نبرة ليلى بدأت تتغيّر… بقت باردة، كأنها بتتكلم من عالم تاني):
> “يمكن كنتي نايمة…
بس قلتيلي.”
سكت…
نفسي بقى سريع، حسيت إني بمشي في دايرة، ومفيش مخرج…
= “هو… هو إسماعيل قالك؟!”
📞 (ردت بسرعة، بهمس شبه الهمس):
> “هو اللي كلّم…
قبل ما تنامي.
هو دايمًا بيرتب كل حاجة قبل أي حد.”
= “هو؟!
إنتي بتتكلمي عن مين؟!”
📞 (صوتها بقى أخف، بس كلمتها كانت زي سكينة):
> “اللي جابك هنا.”
📞 (وصوتها يهمس فجأة…)
> “إنتي اخترتي تيجي، يا مريومة…
وهو مستنيكي.”
📞 (وبدون صوت وداع… المكالمة اتقفلت.)
“إيه اللي بيحصل؟!!
أنا… أنا في كابوس؟!
إزاي الموبايل اشتغل؟
وإزاي ليلى عرفت إننا وصلنا؟!
وإزاي… تعرف العنوان؟!”
ببص حواليا، لقيت إن إسماعيل مش موجود.
= “إسماعيييييل؟!”
بلفّ، بدور عليه، مفيش صوت، مفيش نفس،
البيت كأنه بقى مقبرة…
كله سكون…
مش سكون عادي، لا… السكون اللي بتحس فيه إن في حد شايفك، بس إنت مش شايفه.
مشيت لحد أوضة النوم…
فتحت الباب بإيدي اللي بتترعش…
جوه الأوضة…
حيطة مليانة صور.
صور قديمة… باهتة.
واحدة منهم شدتني…
صورة إسماعيل واقف على البحر، وإيده في إيد واحدة…
صور قديمة، باهتة، كأنها من عالم تاني.
وفي النص…
صورة إسماعيل.
واقف على البحر، بيضحك، وإيده في إيد ست…
مين دي ..وايه اللي جاب صورة إسماعيل هنا
دققت في الصورة اوي بحاول اعرف مين اللي في الصورة !!
مستحيل
مستحيل
ليلى .
يتبع….

 

 

لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها

أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى