رواية استثنائية في دائرة الرفض الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم بتول عبدالرحمن
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)
رواية استثنائية في دائرة الرفض الفصل الثاني والثلاثون 32 بقلم بتول عبدالرحمن
البارت الثاني والثلاثون
صابرين دخلت الأوضه وخطواتها كانت سريعه، ملامحها كلها غضب، عينيها بتلمع بحده وهي بتبص لسالي، صوتها كان حاد وقاطع
“إنتي بتعملي ايه يا سالي؟!”
سالي اتجمدت مكانها، دقات قلبها بقت عاليه، بلعت ريقها وبصت لمامتها بخوف ممزوج بدهشه وهيا بتحاول تخبي ارتباكها
“ماما… كنت بس… بتطمن على بابا.”
صابرين قربت منها بخطوات تقيله، صوتها واطي بس فيه تهديد واضح
“بتطمني؟ ولا بتحاولي تعرفي حاجات مش من حقك تعرفيها؟”
سالي حاولت تمسك أعصابها، وقفت قدامها وقالت
“أنا بس كنت بسأله شوية أسئله عشان أفهم.”
صابرين ضحكت ضحكه قصيره ساخره وقالت وهي بتقرب أكتر
“تفهمي إيه يا سالي؟! في حاجات لو عرفتيها مش هتعيشي مرتاحه بعدها ولا حتى هتعرفي تنامي.”
سالي حسّت برعشه في جسمها بس تجاهلتها وقالت بصوت ضعيف لكن مُصِر
“بس أنا ليا حق أعرف لو الموضوع فيه أرواح ناس راحت!”
صابرين سكتت لحظه، عينيها بقت أعمق وأبرد وبعدها قالت ببرود مخيف
“إنتي ملكيش دعوه أصلاً، وأنا حذرتك كتير متتدخليش في اللي ميخصكيش، كده ارتاحتي يعني؟ مفكراني هسكت؟”
سالي ردّت وهي بتحاول تسيطر على صوتها
“كان لازم أفهم، بس ياريتني ما حاولت.”
صابرين رفعت حاجبها وقالت بحده
“مكنتش عايزة أوريكي وشي التاني، بس إنتي مصممه يبقى استحملي، لأني مش هستحمل اي حاجه تحصل بعد كل ده بسببك”
سالي قلبها دق اسرع، اتأكدت من شكوكها دلوقتي، صابرين مدّت إيديها بسرعه وشالت الجهاز من على إيد باباها وبصتلها بنظره باردة كأنها بتقطع بيها الأمل الأخير وقالت بنبره تقيله
“كل حاجة ليها تمن ولازم يتدفع.”
سالي فضلت واقفة مكانها، مش فاهمه قصدها ايه وايه التمن اللي بتتكلم عنه ده بملامحها الجامده.
صابرين اتحركت بخطوات هاديه وهيا بتزق كرسي جوزها، وقفت عند الباب، قفلته بالمفتاح وهي بتقول
“واضح إني لازم أراقبك شويه، لحد ما عقلك يهدى.”
سالي اتجمدت مكانها وقالت بخوف
“إنتي، إنتي بتعملي إيه؟”
صابرين قالت ببرود من ورا الباب
“مش هطلعك من هنا غير لما أتأكد إنك فهمتي حدودك، وإنك مش هتحاولي تلعبي بالنار تاني.”
سالي خبطت على الباب جامد وهيا بتقول
“ماما، ده حبس! إنتي فاهمه إنك كده بتثبتّي كل اللي كنت شاكّه فيه؟”
صابرين ابتسمت ابتسامه صغيرة فيها غموض
” انتي اللي اختارتي تشوفي وشي التاني، حذرتك اكتر من مره”
سكتت لحظه وبعدين قالت بتحذير
“اعتبريها فرصة تفكري، إنتي عايزه تكمّلي ولا تنسي اللي سمعتيه.”
مشيت وسابت سالي واقفه بتلف حوالين نفسها، قعدت على السرير وهيا بتفكر، اللي جاي صعب.
عند حسام
كان قاعد قدام اللابتوب، بيكتب شوية ملاحظات في ملفات الشغل، وتيم واقف جنبه بيشرحله حاجه، تيم وهو بيتكلم لاحظ أن حسام مش بيرد ولا حتى بيبصله، نبهه وهو بيقول باستغراب
“بكلمك بقالى ساعه، فينك؟”
حسام رفع عينه بعد ما فاق من شروده وقال
“ها؟ نعم؟ في حاجه؟”
تيم عقد حواجبه وقال
“أيوه، بكلمك في شغل، وانت ولا هنا، إيه الحكايه؟”
حسام حاول يتصنع اللامبالاه
“مفيش، فكك، متشغلش بالك.”
تيم فضل ساكت ثواني وهو مركز في ملامحه وبعدين قال
“بص، لو مش قادر تركز النهارده نأجل عادي، مفيش مشكله.”
حسام هز راسه
“مش كده، أنا بس متوتر شويه.”
تيم قال وهو بيحاول يفهم
“ومتوتر ليه بقى؟ ايه اللي يوتر؟”
حسام اخد نفس عميق وقال
“فريده راجعه بكره، واليوم اللي بعده هنروح نطلبها رسمي.”
الكلام نزل على تيم زي الصاعقه، وملامحه اتجمدت كأن الوقت وقف عند الجمله دي، هو كان متوقع إن ده هيحصل عاجلا أو آجلا، لكن سماعها كحقيقه مؤكده، حس بيها وكأنها طعنه هاديه في مكان حساس، حاول يسيطر على تعابيره بسرعه ويرجع هدوءه، بس أثر الصدمه كان واضح، حتى في طريقة تنفسه البطيئه ونظراته اللي سرحت للحظه قبل ما يرد
“اممم، ي…يعني…مش هتيجي يعني بكره؟!”
حسام ابتسم بخفه وقال
“بكره هشوفها فمحتاج أخرج بدري شويه، مش جاي بعد بكره، بقالي ٨ أيام اصلا مشوفتهاش، ومش بعرف أكلمها كتير لأن فونها مقفول دايمًا”
تيم أومأ بهدوء وكأنه بيحاول يقفل أي مدخل للكلام أكتر
“عموماً مبروك.”
وبسرعه قال قبل ما حسام يرد
“خلينا نأجل الشغل دلوقتي لبعدين.”
ومن غير ما يدي فرصه لحسام يرد، لف وخد ملف من على المكتب وخرج من عنده بخطوات ثابته، وقف لحظه في الكوريدور، مسك الملف بإيده جامد وعينيه شاخصه في الأرض، اخد نفس طويل ومشي لحد ما وصل لمكتبه، قعد على الكرسي ورمى الملف قدامه، مد إيده لازازة المايه وصب شويه على رقبته يمكن تهدي من السخونه اللي حس بيها، شد نفسه وقام وقف فجأه، فتح الشباك يتنفس هوا نضيف، بس حس ان الهوا سخن وتقيل، رجع يقفل الشباك بهدوء، قعد على الكرسي واخد اللابتوب وحطه قدامه، فتح أي ملف عشوائي يمكن يشغل نفسه بس برضه حس أنه مش قادر يركز.
عند محمد
كان واقف قدام مامته في الصاله، صوته هادي لكن باين فيه القهر
“ماما، عشان خاطري، لو تقدري تطلعي فوق، الموضوع هيكون أسهل علينا كلنا.”
بصتله بحده وقالت بلهجة رفض قاطعه
“مستحيل، قولتلك متفتحش الموضوع ده تاني، خليها كده بعيد عننا احسن، ياخي انا معرفش مين اللي قدر يستحملها عنده اصلا، عايز ترجعها كمان على قفانا”
محمد حاول يهديها
“يا ماما بالله عليكي، انا مش هقدر اسيبها، انا بحبها عشان خاطري متحاوليش تبعدي بينا، فيها ايه لو طلعتي فوق، فوق احلى اصلا”
رفعت صوتها
“ده بيتي، ومش هسيبه عشانها.”
قرب منها وقال برجاء
“أنا بتحايل عليكي بقالي كتير، بلاش تخربي حياتنا.”
امه قطعت كلامه بعصبيه
“اطلعوا إنتوا فوق، ولا الهانم مش عاجبها الشقه اللي أختها كانت هتعيش فيها؟”
محمد اتنفس بعمق وحاول يسيطر على أعصابه
“اللي حصل حصل، المهم دلوقتي تطلعوا فوق.”
هزت راسها بإصرار
“انسى الموضوع، مش هيحصل، ولو عايز هجوزك أحلى منها 100 مره.”
رد بحسم
“مش عايز حد غيرها، عايزها هيا بس”
بصتله ببرود وقالت
“كلامي خلص، بلاش تفتح الموضوع تاني.”
محمد بص بعيد وقال
“أنا كده هضطر أمشي من هنا انا كمان ونعيش بعيد زي ما كنا، ده هيرضيكي؟؟”
قالت بسخريه
“وهتعيش منين يا حسر؟”
قال بثقه
“هبيع أرض بابا وأجيب بيها شقه وافرشها.”
شهقت بصدمه
“إنت بتقول إيه؟ إنت عندك شقه أصلاً فوق، كل ده عشان المعدّله؟”
رد
“وفيها إيه لو طلعتي إنتي فوق؟ هتفرق معاكي يعني؟”
قالت بحده قاطعه
“أنا مسيبش شقتي أبداً، أنهي الحوار، عشان مش هينفع أبداً، أنا بقولك اهو”
قامت وقفت وقالت وهيا بتعدي جنبه
” وسعلي كده كتك نيله”
عند يسر
كانت قاعده في اوضتها وسرحانه، بتفكر اخر مره شافت فيها يونس، كانت امبارح، كانت خارجه من باب المستشفى بعد شيفت الطويل، التعب باين على ملامحها، وفجأه لقته قدامها زي كل يوم وكأنه بقا مزاج عنده ييجي يوميا، سألت نفسها هو عايز منها ايه وليه مش راضي يسيبها في حالها، امبارح حاول يتكلم معاها بجديه على غير العاده بس هيا سابته ومشيت، بالرغم من أنه طلب منها يتكلم معاها بس دقيقه بس هيا صدته وركبت اول اوبر قابلها ومشيت.
فتحت فونها وبصت على الساعه، انهارده حست اليوم غريب، لأن على غير العاده هو مظهرش خالص انهارده، مفيش اي حاجه ظهرت منه ولا حتى رساله، ورغم إنها دايمًا كانت بتشوف إصراره إزعاج، إلا إن الغياب المفاجئ عمل فراغ غريب، كأنها فقدت صوت كانت متعوده ترفضه، لكنه حاضر طول الوقت.
سندت ضهرها على السرير وغمضت عينيها بس صورته ظهرت قدامها، مش قادره تمنع نفسها من السؤال عنه، وليه مجاش انهارده، وليه كان جدي اوي امبارح على غير العاده، يمكن زهق انها مش متقبلاه ومش هيظهر تاني، حاولت تخرجه من دماغها بس غصب عنها حاسه بقلق، فتحت فونها وكانت عايزه تبعتله تتطمن عليه بس اتراجعت في آخر لحظه وحدفت فونها بعيد، نامت وشدت الغطا عليها جامد وهيا بتحاول تخرجه من دماغها.
تاني يوم
حسام كان واقف قدام المرايه في أوضته، بيريط كرافتته وبيظبط شعره بعنايه، باب الأوضة اتفتح بهدوء ودخلت والدته، عينيها بتلمع بفضول وهي بتسأله
“رايح فين؟”
قال بابتسامه خفيفه
“عند فريده.”
بان على ملامحها لمحة ضيق خفيفه وقالت
“برضو مقتنع بيها؟”
حسام بصلها وصوته مليان حسم
“أول مرة أكون بتمنى حد كده، أنا مش بس مقتنع بيها، أنا مش عايز غيرها حتى لو هي مش موجوده غير في خيالي بس، ده مكفيني”
والدته رفعت حواجبها بدهشه وقالت
“أول مرة بنت تدخل دماغك كده.”
ابتسم وعدّل كلامها
“أول مرة بنت تدخل دماغي أصلًا.”
حاولت تغيّر الموضوع وقالت بنبره خفيفه
“بس ريم مالها؟ على الأقل مننا”
بان على وشه الضيق وقال بسرعه
“بلاش بقى السيره دي، هيا فريده وبس، سرقت قلبي من أول مرة شوفتها فيها ومش متخيل حياتي من غيرها، ومتنسيش بكرة هنروح نطلبها.”
ابتسمت ابتسامه دافيه وقالت وهيا بتحاول متبينش قلقها الداخلي
“ربنا يوفقك يا حبيبي.”
في نفس الوقت، كانت فريده في أوضتها، بتجهز نفسها بعد ما فضت شنطتها، لما خلصت نزلت بهدوء تحت في الصالون، كان إسلام واقف بيتكلم في الفون، اول ما خلص قربت منه وقالت بابتسامه خفيفه
“حسام جاي بعد شويه.”
إسلام بصلها وسألها بنبره هاديه
“لوحده، صح؟”
هزّت راسها وهي بتقول
“آه، قال هييجي شويه ويمشي علطول، مش هيطوّل، وبكره هييجي مع أهله”
اسلام رد بسرعه
“طيب، عرفي ماما.”
ابتسمت وقالت
“عديت عليها قبل ما أنزل وقولتلها.”
إسلام أومأ برأسه
“طيب، تمام.”
عند سالي
الباب اتفتح ببطء وظهر سليمان وهو داخل شايل صنيه فيها اكل، حطّه على ترابيزه صغيره قدام سالي، سالي قالت بصوت متوتر مليان انفعال
“فين ماما؟ قولها تخرجني من هنا، مينفعش اللي هي بتعمله ده.”
سليمان هز راسه بهدوء وقال
“مش هتخرجك من هنا غير على الطياره على طول.”
سالي علت صوتها شويه وهيا بتقول باحباط
“بس اللي هي بتعمله ده مينفعش، هي كده فاكره إنها بتسكتني.”
سليمان بصلها بنظره جديه، وكأنه بيحاول يقنعها بالعقل
“لازم تسكتي، إنتي لو اتكلمتي هتكوني بتأذيها وبتأذي نفسك، فكري في ابنك.”
سالي قالت بغضب
“ابني اللي لحد دلوقتي مشفتوش من امبارح؟! وفوني اللي خدته مني؟!!دي أم دي؟”
قبل ما يرد، الباب اتفتح فجأه وظهرت صابرين، بصت لسليمان وقالت بحزم
“اطلع إنت، وسيبني مع بنتي شويه.”
سليمان سكت وخرج من غير ولا كلمه وقفل الباب وراه
صابرين اتقدمت خطوتين وقالت بحده
“عاجبك كده؟”
سالي رفعت راسها، عينها مليانه تحدي
“إنتي اللي عاجبك اللي بتعمليه، أنا بجد شاكه إنك ممكن تكوني أمي أصلاً.”
صابرين ظهر على وشها خليط من الغضب والأسف
“ياما حذرتك، ياريتني مكنتش دخلتك البيت إنتي كمان وكنت منعت دخولك، كنتي عايشة زيك زي يونس، ليه اخترتي تكوني زي تيم؟ بس تيم ضمنت إنه ممكن يضحي بنفسه عشاني، عشان أمه، لكن إنتي يا سالي، هتكشفي كل حاجة خبيتها السنين اللي فاتت، وهتفتحي حاجات ما صدقت إنها اتقفلت.”
سالي متهزتش، ردت بسرعه
“أنا لا تيم ولا حتى يونس، وهعمل اللي شايفاه مناسب، إنتي واحدة مجرمة وبتداري على إجرامك، بس أنا مش هقدر أشاركك في جريمتك دي.”
صابرين لفت تخرج من الأوضه وهيا بتقول
“خلاص، يبقى هتفضلي هنا كمان شويه لحد ما تعقلي.”
سالي قالت بصوت مليان مراره
“وهتفضلي حابسان؟ ولا هتقتليني؟ هييجي يوم وكل حاجه هتتكشف؟ حتى لو مش مني.”
صابرين معلقتش، اكتفت انها تفتح الباب وتخرج.
عند يسر
كانت واقفه في آخر ساعه من شيفت شغلها، بتراجع ملفات المرضى وهيا كل شويه تبص على الموبايل، يمكن تلاقي رساله زي ما بيبعت يوميا وهيا بتطنشها، قربت تخلص شغلها وهو لسه مظهرش، قالت في نفسها ممكن يظهر لما تخلص، يمكن تقابله بره.
خلصت الشغل وخرجت من المستشفى، يمكن تشوفه دلوقتي، خطواتها بقت أبطأ، وعينيها بتدور يمين وشمال، بس النتيجه واحده مش موجود، حست بإحساس غريب، مزيج من القلق والاستغراب، وكأن غيابه النهارده كمان مش مجرد صدفه، بل حاجه أكبر، وكأنه من الأساس مكانش موجود في حياتها.
يتبع…….
- لقراءة باقي فصول الرواية أضغط على (رواية استثنائية في دائرة الرفض)
لو عاوز تقرأ الفصول الجديدة من الرواية دي بشكل حصري قبل صدورها
أنضم لقناتنا على تليجرام (من هنا)